الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد :

فهذه رسالة موجزة، دفعني لكتابتها واجب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم، وما رأيته من تلبيس بعض الكتَّاب وكلام بعض من تكلم حول معنى السلفية ومفهومها ، وقد أسميتها {تبصير الخلف بشرعية الانتساب إلى السلف} . فأقول مستعيناً بالله :

إنه قد يُظن أن السلفية جماعة حزبية كالإخوان ، والإخوان القطبية ، والقطبية السرورية والتبليغ ، سواء بسواء ، فالسلفي يعادل الإخواني والإخواني القطبي ، والقطبي السروري ، والتبليغي في الحكم والمفهوم، وأن هذا المصطلح {السلفية} لم يمض عليه إلا عقود معدودة من الزمن فهي عندهم في سن التبليغ تقريباً، وبعضهم يعطيها عمراً أطول فيزعم أن مؤسس هذه الدعوة هو شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ وكأنها لم تعرف قبله!!

كما جاء في كتاب الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ص {273} ، وكل هذا يقصد من ورائه الطعن في السلفية والتهويش عليها ، حتى يسكت السلفيون عن الكلام في الجماعات الحزبية ، وكما يقال: {رمتني بدائها وانسلت} ولكن شتان، شتان بين السلفية وهذه الجماعات.

إن الســلفية رسم شرعي أصيل يرادف {أهل السـنة والجمــاعة} و {أهل السنة } و{أهل الجماعة} ، و{أهل الأثر} و {أهل الحديث} و {الفرقة الناجية} و {الطائفة المنصورة} و {أهل الاتباع} والسلف الصالح الذي تنسب إليه السلفية هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، وأئمة الدين والهدى، والسلفي هو من رضي بهذا الميراث واكتفى به ولزم الكتاب والسنة على فهم علماء الأمة من الصحابة فمن بعدهم من الأئمة ، هذا هو السلفي .

إن الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح، والدعوة السلفية دعوة عريقة أصيلة ، واسم شرعي لا غبار عليه ، فالشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ إنما هو داعية من دعاتها ومجدد من مجدديها ، أحيا معالمها بعد دروسها ، وأعادها نقية صافية في هذه الجزيرة بعد ما تكدر صفوها وطغت عليها البدع والخرافات ـ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ـ؛ بل إن هذه الدولة السعودية حرسها الله دولة سلفية ودعوتها سلفية كما نص على ذلك مؤسس دورها الثالث ـ على أساسها الأصل ـ الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ حين قال في الخطاب الذي ألقاه في منى خلال موسم الحج للعام 1365هـ وذلك في اليوم العاشر من ذي الحجة :

". . .إنني رجلٌ سلفي ، وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة "

وقال في الخطاب نفسه : "يقولون إننا {وهابية} والحقيقة أننا سلفيون محافظون على ديننا ، ونتبع كتاب الله وسنة رسوله ، وليس بيننا وبين المسلمين إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولقد صدق القائل :
فليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب"
[المصحف والسيف ص 135ـ136}

وقال في الخطاب الذي ألقاه في العام نفسه في حفل تكريم الحجاج :

". . .وأنا لست بعالم ، ولكن الحق برهان ، والذي نمشي عليه هو طريق السلف الصالح ، ونحن لا نكفر أحداً إلا من كفره الله ورسوله ، وليس من مذهب سوى مذهب السلف الصالح ، ولا نؤيد بعض المذاهب على بعضها ، فأبو حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل أئمتنا ". [المصحف والسيف ص 117]

وقال في نصيحة له :". . . وإني على ثقة تامة بأن يرى كل صاحب إنصاف أن واجبي يدعوني لأن أوجه هذه النصائح لشعبي المحبوب ، ولكل مسلم ، لأني مسلم محافظ على إسلاميته ، عربي غيور على عربيته ، متبع لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مقتد بمذهب السلف الصالح " . [المصحف والسيف ص287]

وقال في خطاب أرسله إلى أبي يسار الدمشقي وناصر الدين الحجازي :

". . . وهذه هدية نهديها إليكم من كلام علماء المسلمين وبيان مانحن ومشايخنا عليه من الطريقة المحمدية والعقيدة السلفية ليتبين لكم حقيقة مانحن عليه وما ندعو إليه ، نحن وسلفنا الماضون . نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية ، لأقوم منهج وطريق، والسلام . " . [الدرر السنية 1/303ـ305]

وقال : " أنا داعية لعقيدة السلف الصالح . وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وما جاء عن الخلفاء الراشدين ، أما ما كان غير موجود فيها ، فأرجع بشأنه إلى أقوال الأئمة الأربعة فأخذ منها ما فيه صلاح للمسلمين " .

"أنا مسلم ، وأحب جمع كلمة المسلمين ، وليس أحب عندي من أن تجتمع عندي كلمة المسلمين ولو على يد عبد حبشي ، وإني لا أتأخر عن تقديم نفسي وأسرتي ضحية في سبيل ذلك ".

وقال رحمه الله في خطبة له بمكة :

"يسموننا بالوهابيين ، ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص ، وهذا خطأ فاحش ، نشأ عن الدعاية الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض .

نحن لسنا أصحاب مذهب جديد ، أو عقيدة جديدة ، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح . . .

نحن نحترم الأئمة الأربعة ، ولا فرق بين الأئمة مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة ، كلهم محترمون في نظرنا" [ الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز للزركلي ص {214} ]