ص 24


فباجتماع هذه الأقوال يحصل لنا المعنى الصحيح لـ ( أهل السنة والجماعة ) .
فغلط من غلط في معنى ( أهل السنة والجماعة ) فأدخل في ( أهل السنة والجماعة ) الفرق الضالة كالأشاعرة والماتريدية .
ومن أمثال من غلط من المتقدمين :
السفاريني في شرحه ( لوامع الأنوار البهية ) .
قال : أهل السنة والجماعة ثلاث فرق :
الأولى : الأثرية ، أتباع الأثر .
والثانية : الأشعرية ، أتباع أبي الحسن الأشعري .
والثالثة : الماتريدية ، أتباع أبي منصور الماتريدي .
وإذا كان كذلك فإنه على هذا الكلام إن الأشعرية والماتريدية وأهل الأثر هم جميعاُ من ( الجماعة ) .
وهذا باطل .
لأن أهل الأثر : هم الذين تمسكوا بما كانت عليه الجماعة .
وأما الأشاعرة والماتريدية فإنهم يقولون قولتهم المشهورة يقولون :
كلام السلف أسلم ولكن كلام الخلف أعلم وأحكم .
وهذا لا شك أنه فيه افتراق وفرقة وخلافٌ واختلاف عما كانت عليه الجماعة قبل أن يذر نجم الابتداع في هذه الأمة .



ص26 -27


أما معناه في الشرع فإن الإيمان : قول وعمل : قول القلب وعمل القلب وكذلك قول اللسان وقول القلب وعمل الجوارح والأركان ، فإذن الإيمان في اللغة له معنى أما في الشرع فزيادة على معناه اللغوي أنه له موارد : القلب والجوارح قول وعمل ، حصّل هذا أهل العلم بقولهم إن الإيمان في الشرع : هو القول باللسان ـ يعني بشهادة التوحيد ـ والاعتقاد بالجنان ـ الاعتقاد المفصل الذي سيأتي هنا ـ والعمل بالجوارح والأركان . فهذا هو معنى الإيمان في النصوص وهو المراد بالايمان عند أهل السنة والجماعة .
قول القلب هو اعتقاد القلب ، الإيمان قول وعمل ، قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح والأركان ، هذه أربعة أشياء تحتاج إلى تفصيلها .
قول القلب هو اعتقاده ، لا بد من أن يكون ثم قول وهو اعتقاد القلب ، اعتقادات القلب هي أقواله لأنه يحدث بها نفسه قلبا فهو يقولها بقلبه ، فأقوال القلب هي الاعتقادات وهي التي ستأتي مفصلة في هذا الكتاب .
قول اللسان بالشهادة لله بالتوحيد ، بقوله لا إله إلا الله محمد رسول الله .
ثم عمل القلب ، عمل القلب أوله نيته وإخلاصه ، أنواع أعمال القلوب من التوكل والرجاء والرغب والرهبة والخوف والمحبة والإنابة والخشية ونحو ذلك من أنواع أعمال القلوب .
عمل الجوارح بأنواع الأعمال مثل : الصلاة والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك من الأعمال .
هذا هو الإيمان . بعضه ـ بعض هذا الإيمان ـ هو قول القلب الذي هو اعتقاداته وهذا هو الذي سيأتي تفصيله في هذه الأركان ، فإذن هذه الأركان هي أركان الإيمان وهي بعض الإيمان ، هي الأركان التي يقوم عليها الإيمان ، إذا تحققها المعتقد لها فإنه سيتبعه قول اللسان ، سيتبع بعد ذلك عمل القلب ، سيتبع بعد ذلك عمل الجوارح والأركان ، وكلها من حقيقة الإيمان .