النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم ( لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله )!

  1. #1

    تخريج حديث مايجتنبه من أراد الأضحية وبيان فقهه

    تخريج حديث مايجتنبه من أراد الأضحية وبيان فقهه

    الحمد لله وحده ،والصلاة والسلام على من لانبي بعده ..وبعد:
    فهذا بحث في تخريج حديث أم المؤمنين أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ في بيان مايجتنبه من أراد أن يضحي رواية ودراية ،والله أسأل أن ينفع به وهو الموفق والمعين.


    متن الحديث وألفاظه:

    عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا)).
    وفي لفظ عند مسلم وغيره:((من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي)).
    وفي لفظ عند مسلم وغيره:((فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفراً )).


    تخريج الحديث:

    أخرجه الشافعي في "المسند"(1/160ـ ترتيب السندي)،والحميدي (293)،وأحمد(6/289،301،311)،والدارمي(1953)،ومسلم (1977)وأبوداود(2791)،والترمذي(1523)،والنسائي في "الكبرى"(3/52)و"المجتبى"(7/211،212)،وابن ماجه(3149)و(3150)،وأبويعلى(6910)،والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/181)،وفي"شرح مشكل الآثار"(5506)و(5510)و(5512)و(5513)،وابن حبان(5897)و(5916)،والطبراني في "الكبير"(23/رقم:563و565)،والدارقطني(4/278)،وأبوعوانة(5/59)،والحاكم(4/220)،والبيهقي في "الكبرى"(9/266)و"فضائل الأوقات"(214)و"الشعب"(479-480)،والبغوي في"شرح السنة"(1127) جميعهم من طرق عن سعيد بن المسيب ،عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ به.

    فقه الحديث :

    ظاهر الحديث يفيد النهي عن أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو البشرة ممن أراد أن يضحي من دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي ،فإن دخل العشر وهولايريد الأضحية ثم أرادها في أثناء العشر أمسك عن أخذ ذلك منذإرادته ولايضره ماأخذ قبل إرادته.
    وقد اختلف العلماء في هذا النهي على ثلاثة أقوال :

    الأول : انه يحرم عليه ذلك ، حكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي وأحمد ونصره ابن قدامة ،واستدلوا بهذا الحديث ،وقالوا : إن مقتضى هذا النهي هو التحريم(1).
    قال البهوتي ـ رحمه الله ـ في "كشاف القناع":
    "(ومن أراد التضحية) أي: ذبح الأضحية (فدخل العشر، حرم عليه وعلى من يضحى عنه أخذ شيء من شعره وظفره وبشرته إلى الذبح. لحديث أم سلمة مرفوعاً: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي" رواه مسلم.
    وفي رواية له: "ولا من بشره".. " .
    إلى أن قال: "(فإن فعل) أي: أخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته (تاب) إلى الله تعالى، لوجوب التوبة من كل ذنب. قلت: وهذا إذا كان لغير ضرورة، وإلا فلا إثم " اهـ(2).

    القول الثاني : انه مكروه كراهة تنزيه ، وهو قول الشافعي وهو المذهب عند الشافعية كما حكاه النووي ، ومالك في رواية ، وهو قول بعض أصحاب أحمد

    وقد استدلوا على ذلك بحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت :
    ((كنت افتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده ، ثم يبعث بها ، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي)) أخرجه البخاري(1703)،ومسلم(1321).

    قال الإمام الشافعي: "البعث بالهدي اكثر من إرادة التضحية فدل أنه لا يحرم ذلك وحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه"(3).


    القول الثالث : انه لا يكره ، وهو قول أبي حنيفة ومالك في رواية

    قال الإمام أبو حنيفة :" لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي" (4).


    المناقشة والترجيح:

    وقد أجاب أصحاب القول الأول عن الاستلال بحديث أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قائلين :
    إن حديث أم سلمة في الأضحية ، وحديث عائشة في الهدي فلا تعارض بينهما ولاحتمال خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، لان عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة تخبر عن قوله والقول مقدم على الفعل.
    ويمكن أن يقال :إن حديث عائشة عام ، وحديث أم سلمة خاص ، والخاص مقدم على العام(5).

    وأما القول الثالث فظاهر الضعف ، إذ هو مبني على قياس في مقابلة النص ، وهذا القياس فاسد الاعتبار .
    قال ابن قدامة في "المغني":
    "ولنا الحديث المذكور وظاهره التحريم وهذا يرد القياس وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص، ولأنه يجب حمل حديثهم على غير ما تناوله له محل النزاع لوجوه منها:
    أن أقل أحوال النهي الكراهة ،والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروها قال الله تعالى: اخباراً عن شعيب عليه السلام: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.
    ومنها أن عائشة إنما تعلم ظاهراً ما يباشرها، به من المباشرة أو ما يفعله دائماً كاللباس والطيب، أما قص الشعر وتقليم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لا ترده بخبرها، فإن احتمل إرادته فهو احتمال بعيد وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل وخبرنا دليل قوي فكان أولى بالتخصيص .
    ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة تخبر عن قوله والقول يقدم على الفعل لاحتمال أن يكون فعله خاصاً له .
    إذا ثبت هذا فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار، فإن فعل استغفر الله ولا فدية عليه إجماعاً سواء فعله عمداً أو ناسياً " اهـ .

    قلت: وبذلك يكون القول الأول – وهو التحريم – هو القول الراجح لا سيما وصيغة النهي مؤكدة بالنون في رواية مسلم وغيرها كما تقدم بيانه.


    وهاهنا تتمات يجدر بيانها ،وهي كما يلي:

    1) في بيان الحكمة من النهي المذكور في الحديث:
    قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
    "والحكمة في هذا النهي ـ والله أعلم ـ أنه لما كان المضحي مشاركا للمحرم في بعض أعمال النسك ،وهوالتقرب إلى الله بذبح القربان كان من الحكمة أن يعطى بعض أحكامه ،وقد قال الله في المحرمين :{ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله}.
    وقيل:الحكمة أن يبقى المضحي كامل الأجزاء للعتق من النار،ولعل قائل ذلك استند إلى ماورد :"أن الله يعتق من النار بكل عضو من الأضحية عضواً من المضحي "،لكن هذا الحديث قال ابن الصلاح: غيرمعروف ولم نجد له سندا يثبت به(6)،ثم هو منقوض بما في الصحيحين وغيرهما(7)من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل مسلم أعتق امرءاً مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار " ولم ينه من أراد العتق عن أخذ شيء من شعره وظفره وبشرته حتى يعتق.
    وقيل:الحكمة التشبه بالمحرم .وفيه نظر،فإن المضحي لايحرم عليه الطيب والنكاح والصيد واللباس المحرم على المحرم فهو مخالف للمحرم في أكثر الأحكام .
    ثم رأيت ابن القيم أشار إلى أن الحكمة: توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية فيكون ذلك من تمام الأضحية عند الله وكمال التعبد بها. والله تعالى أعلم " اهـ (8).

    2) ظاهر الحديث وكلام أهل العلم أن نهي المضحي عن أخذ الشعر والظفر والبشرة يشمل ما إذا نوى الأضحية عن نفسه أو تبرع بها عن غيره وهو كذلك ،وأما من ضحى عن غيره بوكالة أو وصية فلا يشمله النهي بلا ريب (9).

    3) من يضحى عنه ؛ظاهر الحديث وكلام كثير من أهل العلم أن النهي لايشمله ،فيجوز له الأخذ من شعره وظفره وبشرته ،ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن آل محمد ولم ينقل أنه كان ينهاهم عن ذلك ،والله أعلم(10).

    4) يتوهم بعض العامة أن من أراد الأضحية ثم أخذ من شعره أو أظفره أوبشرته شيئاً في أيام العشر لم تقبل أضحيته ،وهذا خطأ بيّن فلا علاقة بين قبول الأضحية والأخذ مما ذكر، لكن من أخذ بدون عذر فقد خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإمساك ووقع فيما نهى عنه من الأخذ فعليه أن يستغفر الله ويتوب ولايعود وأما أضحيته فلايمنع قبولها أخذه من ذلك.

    5) من احتاج إلى أخذالشعر والظفر والبشرة فأخذها فلا حرج عليه ،مثل أن يكون به جرح فيحتاج إلى قص الشعر عنه ،أو ينكسر ظفره فتؤذيه فيقص ما يتأذى به ،أو يتدلى قشرة من جلده فتؤذيه فيقصها فلا حرج عليه في ذلك كله(11).

    وفي الختام أسأل الله التوفيق والسداد ،وهو حسبنا ونعم الوكيل .


    وكتبه:
    راجي عفو ربه العلـــي
    أبو ياسرخالدالــــردادي
    المدرس في الجامعة الإسلامية
    بالمدينة النبوية




    .................................................. ..........

    (1)"المغني مع الشرح الكبير"( 7/96 )،" شرح الزركشي على مختصر الخرقي"( 7/8-9 )،"شرح منتهى الإرادات"(2/623)،"كشاف القناع"(3/23).

    (2)"كشاف القناع"(3/23).

    (3)"المجموع شرح المهذب" للنووي( 8/399 )،"المغني مع الشرح الكبير"( 7/96 ).


    (4)"المجموع شرح المهذب" للنووي( 8/399 )،"المغني مع الشرح الكبير"( 7/96 ).

    (5)"المغني مع الشرح الكبير"( 7/96 )،"شرح منتهى الإرادات"(2/623).

    (6)انظر:"التلخيص الحبير"لابن حجر(4/138).

    (7)أخرجه البخاري (2517)،ومسلم (1509).

    (8)"رسالة في أحكام الأضحية" لابن عثيمين(ص77)،وانظر "فيض القدير"للمناوي(1/339).

    (9) "رسالة في أحكام الأضحية"(ص78).

    (10) المصدر السابق (ص78).

    (11)السابق (ص79).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
    "فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الأخرى؛وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة مانحمد معه ذلك التخشين "
    [مجموع الفتاوى28/53ـ54 ]

  2. #2

    أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج

    أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أمر الله تعالى عباده باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا {الحشر: 7}، وجعله سبحانه قدوة حسنة لهم فقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا {الأحزاب: 21}.
    والحج من أوضح عبادات الإسلام التي يتجلى فيها اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به، والملحوظ في واقع الناس اليوم سيطرة الحديث عن الأحكام وانشغالهم بتعداد الأخطاء التي تقع فيه، وما يصح به النسك أو يبطل، ومع أهمية هذا الجانب وضرورته نتيجة تفشي الجهل ودوران صحة العمل أو بطلانه على ذلك، إلا أنه أدى إلى نسيان الكثير من جوانب التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وإغفال أعداد غفيرة من الحجيج لمعان كثيرة راعاها النبي صلى الله عليه وسلم أثناء أدائه لنسكه، وفي ظل هذا الغياب أصبح المرء يرى في الحج العديد من المظاهر التي يقع فيها كثير من طلبة العلم الحريصين على تطبيق السنَّة فضلاً عن غيرهم، وهي غير متفقة مع هديه صلى الله عليه وسلم ، ولذا جاءت هذه المقالة لتحاول إعطاء توصيف أشمل وصورة أدق عن أحواله صلى الله عليه وسلم في الحج لعل في ذلك مزيد عون للمتأسين به صلى الله عليه وسلم ، والسائرين على نهجه. ونظراً لكثرة الحديث عن صفة نسكه صلى الله عليه وسلم فلن تتعرض المقالة لذلك، وستكتفي بإبراز نماذج وإشارات عامة في الجوانب الأخرى نظراً لكون الموضوع أوسع من أن تحيط به مقالة أو تكفي في عرضه الموارد المعتمدة.
    ورغبة في تقريب الموضوع ولمِّ شتاته للقارئ فسيكون في ثلاثة محاور رئيسة:

    الأول: أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج مع ربه:

    لم يشغل النبي صلى الله عليه وسلم تعليم الحجيج وقيادتهم والعناية بأهل بيته ورعاية زوجاته عن الصلة بربه والانكسار بين يديه، وقد أخذ ذلك صوراً وأشكالاً شتى من أبرزها:
    1 - تحقيق التوحيد والعناية به:
    يعد التوحيد أحد القضايا الرئيسة التي عمل النبي صلى الله عليه وسلم في الحج على تحقيقها والعناية بها، وهذا جلي من خلال التأمل في أعماله صلى الله عليه وسلم في الحج، ومن ذلك: التلبية وهي شعار الحج التي تتضمن إفراد الله وحده لا شريك له بالعمل، واستمر صلى الله عليه وسلم يلهج بها منذ دخوله في النسك إلى حين رميه لجمرة العقبة يوم النحر.
    ومنها: عنايته صلى الله عليه وسلم بإخلاص العمل وسؤاله ربه أن يجنبه الرياء والسمعة كما في حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً قال: "اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة"(1).
    ومنها: دعاؤه صلى الله عليه وسلم على الصفا والمروة بالتوحيد كما في حديث جابر رضي الله عنه قال: "فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبَّره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده... قال مثل هذا ثلاث مرات ... حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا.."(1).
    2 - إظهار البراءة من المشركين وتعمد مخالفتهم:
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة المشركين والسير على سنة أبينا إبراهيم عليه السلام في كثير من شعائر الحج وأحكامه، ووصل الأمر غايته حين تبرأ صلى الله عليه وسلم من أعمال المشركين في خطبته يوم عرفة، وأخبر أن كل شيء من أمر الجاهلية فهو موضوع تحت قدميه(2). والشعائر التي بان فيها تعمده المخالفة كثيرة، من أهمها: التلبية، وقد كان المشركون يضمنونها الشرك بالله ويقولون فيها: (إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك)؛ فأخلص النبي صلى الله عليه وسلم فيها التوحيد، ونبذ الشرك وتبرأ منه(3).
    ومنها: وقوفه مع الناس بعرفة ومخالفته لكفار قريش الذين كانوا يقفون في مزدلفة ويقولون: لا نفيض إلا من الحرم(4).
    ومنها: إفاضته من مزدلفة قبل طلوع الشمس مخالفاً المشركين الذين كانوا لا يفيضون منها حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير(5).
    3 - كثرة التضرع والمناجاة والدعاء:
    للدعاء منزلة رفيعة؛ إذ هو "إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله والاستكانة له"(6)، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الدعاء هو العبادة"(7)، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم في الحج منه أوفر الحظ والنصيب؛ فقد دعا ربه في الطواف(8)، وعند الوقوف على الصفا والمروة، وأطال في الدعاء يوم عرفة وهو على ناقته رافعاً يديه إلى صدره كاستطعام المسكين منذ أن استقر في مقامه الذي وقف فيه بعد الصلاة إلى أن غربت الشمس، وفي مزدلفة في المشعر الحرام منذ أن صلى الفجر إلى أن أسفر جداً قبل أن تطلع الشمس(9)، وفي أيام التشريق بعد رمي الجمرتين الأُوليين كان يستقبل القبلة ويقوم طويلاً يدعو ويرفع يديه(10).
    هذا شيء مما نقل عنه في دعاء المسألة. أما دعاء الثناء والذكر فلم يفارقه صلى الله عليه وسلم منذ أن دخل في النسك إلى أن عاد إلى المدينة؛ إذ لم يزل صلى الله عليه وسلم رطب اللسان بذكر الله مكثراً من الثناء على الله بما هو أهله من تلبية وتكبير وتهليل وتسبيح وتحميد راكباً وماشياً وفي جميع أحواله صلى الله عليه وسلم كما هو جلي لمن قرأ صفة حجه صلى الله عليه وسلم وتتبع أحواله فيه(11).
    ومن الأهمية بمكان التنبيه على أن المنقول من دعائه صلى الله عليه وسلم وتضرعه وثنائه على ربه في الحج قليل جداً بالنسبة لما لم ينقل؛ إذ الأصل أن ذلك سر بين العبد وربه، وإنما جهر صلى الله عليه وسلم بما جهر به حين كان يريد تأسي أمته به، وإلا فإن ذكر الله من غايات الحج ومقاصده العظام كما يُلْمح ذلك من قوله عز وجل : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين 198 ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم 199 فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا {البقرة: 198 - 200}، بل إن أعمال الحج وشعائره إنما شرعت لذكر الله تعالى كما يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله"(1)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله"(2).
    4 - التوقف عند حدود الله عز وجل:
    الوقوف عند حدود الله تعالى غاية التقوى ودليل صدق الإيمان وعلامة كمال العبودية، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بحدود ربه، وأتقاهم له، وأكثرهم تعظيماً لحرماته، وقد لاح ذلك في الحج في مواقف شتى، منها: عندما لم يُحِلَّ من إحرامه مراعاة لأصحابه؛ لأنه ساق الهدي؛ وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر من لم يسق الهدي من أصحابه بأن يحلوا إحرامهم ويجعلوا حجهم عمرة؛ فتأخروا في ذلك ظناً منهم أنه لم يعزم عليهم في ذلك وإنما أبان لهم الجواز، وقال بعضهم معبراً عن عدم رغبته في الحل من الإحرام: "نأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني"! فقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم حين بلغه ذلك فقال: "قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون فحلوا"(3).
    ومنها قوله صلى الله عليه وسلم عن زوجه صفية رضي الله عنها حين حاضت ليلة النفر وقبل أن يعلم أنها طافت طواف الإفاضة يوم النحر: "ما أراها إلا حابستكم"(4) مع ما في ذلك من الحرج الشديد له أمام الخلق؛ إذ كيف يُحبَس الناس عن النفير بسببها؟!
    5 - الخشوع والسكينة:
    يُدرَك حضور القلب وخشوعه بسكون الجوارح ووقارها؛ إذ الظاهر عنوان الباطن(5)، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجه بين الأمرين؛ فكان حاضر القلب غير متشاغل بشيء عن نسكه، خاضعاً لربه فيه، ذليلاً منكسراً بين يدي مولاه، مكثراً من التضرع والمناجاة مع إطالة للقيام ورفع لليدين أثناء ذلك(6).
    كما كان النبي صلى الله عليه وسلم خاشع الجوارح يسير سيراً ليناً بسكينة ووقار، ويؤدي مناسكه بتؤدة واطمئنان، يدل على ذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: "أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه السكينة"(7)، وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع"(8).
    6 - الاستكثار من الخير ومباشرته:
    حث الله عباده على التزود من التقوى والتسابق في الخيرات، فقال عز وجل : وتزودوا فإن خير الزاد التقوى" واتقون يا أولي الألباب {البقرة: 197}، وقد كان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحج وديدنه فيه، ومن المظاهر الدالة على ذلك: حرصه صلى الله عليه وسلم على المجيء بمستحبات النسك كالاغتسال للإحرام(9)، والتطيب عند الإهلال به وعند الخروج منه(10)، وإشعار الهدي وتقليده(11)، والإكثار من التلبية والجهر بها حتى رمي جمرة العقبة(12)، وبدء البيت بالطواف(13)، والرَّمَل فيه(14)، والاستلام للركنين(1)، وصلاة ركعتي الطواف خلف المقام(2)، والدعاء على الصفا والمروة، والسرعة الشديدة في بطن الوادي(3)، والذكر عند استلام الركنين ورمي الجمار(4)، وغيرها من السنن كثير.
    7 - التوازن والاعتدال:
    خير الأمور الوسط، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، وقد كان من أبرز أحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم وما تجلى من خلقه في الحج التوازن والاعتدال، وكراهية الإفراط والتفريط، ولعل الذي يعنينا من ذلك في حاله مع ربه عز وجل أمران:
    الأول: اعتداله صلى الله عليه وسلم وموازنته بين العناية بنفسه من خلال قوة صلته بربه من جهة(5)، وبين التعليم لأمته وقيادتها، والرعاية لزوجاته والحنو على أهل بيته من جهة أخرى(6).
    الثاني: اعتداله صلى الله عليه وسلم وموازنته بين كل من حقوق روحه وجسده؛ إذ في ذلك الجو الإيماني المهيب الذي قد يدفع الكثيرين إلى التفريط في حق الجسد والإفراط في حق الروح نجده صلى الله عليه وسلم معتنياً بجسده غاية العناية؛ إذ صعد يوم التروية إلى منى ليقرب من عرفة(7)، ونام ليلة عرفة ومزدلفة(8)، وأفطر يوم عرفة(9)، وترك ليلةَ جَمْع صلاة النافلة(10)، واستظل فيه بقبة من شعر ضُرِبت له قبلُ(11)، وركب في تنقلاته بين المشاعر(12) وأثناء قيامه ببعض أعمال الحج(13)، واتخذ صلى الله عليه وسلم من يخدمه ويقوم بأمره(14)... ونحو ذلك من الأمور التي ترفق بالجسد، وتمكنه من التقوِّي على العبادة وأداء النسك بحضور قلب وتدبر وخشوع وطمأنينة.
    8 - الزهد في الدنيا:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم زاهداً في الدنيا، معرضاً عما لا ينفع في الآخرة منها، ومظاهر زهده صلى الله عليه وسلم في الحج بالدنيا وتعلق قلبه بالآخرة كثيرة لا تكاد تحصى، ومن أبرزها: أنه حج على رَحْل رثٍّ وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي(15).
    ومنها: إردافه صلى الله عليه وسلم على راحلته أمام الحجيج أسامة بن زيد رضي الله عنهما من عرفة إلى مزدلفة، والفضل بن العباس رضي الله عنهما من مزدلفة إلى منى(16).
    ومنها: عدم تميُّزه في الموسم عن الناس بشيء، وأعظم ما تجلى فيه ذلك أنه صلى الله عليه وسلم "جاء إلى السقاية فاستسقى فقال العباس: يا فضل! اذهب إلى أمك فائت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها، فقال: اسقني، قال: يا رسول الله! إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني، فشرب منه"(17)، وفي رواية أنهم حين قالوا: نأتيك به من البيت قال: "لا حاجة لي فيه، اسقوني مما يشرب منه الناس"(18).
    ومنها: عظم هديه؛ إذ قرَّب مائة بدنة(19)، ومن تعلق قلبه بالدنيا فإنه لا يُخرِج شيئاً فوق الحد الواجب.
    ومنها: جمعه بين الهدي والأضحية(1) مع أن الهدي يجزئ الحاج عنها.

    الثاني: أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج مع أمته:
    عَجَبٌ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج؛ إذ قام بتعليم الناس وقيادتهم في آن واحد؛ ومع ذلك فما أنت مريد أن ترى شيئاً فعله صلى الله عليه وسلم معهم على خلاف الأوْلى إلا وأنت عاجز عن ذلك.
    وكل أحواله صلى الله عليه وسلم والوظائف التي قام بها مع أمته دالة على عظمته وعلو مرتبته، ولعل من أبرز ذلك:
    1 - التعليم:
    بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم "معلماً ميسراً"(2)، وقد بلغ الغاية في ذلك، فشهد له الناس بأنه ما رأى الخلقُ "معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه"(3)، ومن تأمل حَجَّه صلى الله عليه وسلم وجد أنه هو ذلك المعلم الموصوف بعينه؛ إذ أمر صلى الله عليه وسلم بأن يؤذن قبل الحج في الناس بأنه صلى الله عليه وسلم يريد الحج ليسهل على من يريد مرافقته السفر معه، فقدم المدينةَ بشرٌ كثير كلهم يلتمس أن يأتم به ويأخذ عنه(4)، فاختلط بالناس وأشرف لهم، وبرز طوال الموسم (5)، وكان أحد لا يُصرف عنه ولا يُدفع(6)، ولم يكن حوله ضرب ولا طرد ولا قول: إليك إليك(7).
    وحرص صلى الله عليه وسلم على البلاغ وإقامة الحُجَّة على الخلق فحفزهم على التعلم، وشحذ هممهم، وشد انتباههم إلى ما يقول ويفعل بتنويع أساليب الخطاب وطرق التعليم، وأمره لهم بأخذ المناسك عنه لاحتمال أن تكون حَجَّته الأخيرة(8)، ومطالبته إياهم بالشهادة له بالبلاغ؛ إذ مراراً ما خاطبهم بعد أن يتم تعليمهم قائلاً: "ألا هل بَلَّغت؟"(9)، فيشهد الناس له بذلك قائلين: "نشهد أنك قد بلَّغت وأديت ونصحت"(10).
    ولم يقتصر صلى الله عليه وسلم على البلاغ والتعليم بنفسه، بل اتخذ من يُبلِّغ عنه(11)، وأرسل الرسل لذلك(12).
    وأبرز الأمور التي اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الناس إياها هي أحكام المناسك التي جمع فيها النبي بين البيان والتطبيق العملي(13).
    ومن ذلك: بيان منزلة أركان الإسلام ومبانيه العظام؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه في الموسم: "اتقوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم"(14).
    ومن ذلك: بيان خطورة الشرك وبعض المحرمات العظام؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "إنما هن أربع: لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا"(15).

    2 - الإفتاء:
    من أهم أحوال النبي صلى الله عليه وسلم والأعمال التي تقلب فيها مع الناس في الحج تبيين المشكل عليهم من الأحكام والجواب عن استفساراتهم، ومن أشهر فتاويه صلى الله عليه وسلم في الحج "أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فحُجي عنه"(1)، وقوله صلى الله عليه وسلم لكل من سأله عن التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر: "افعل ولا حرج"(2).
    والملحوظ: في إفتائه صلى الله عليه وسلم في الموسم أمور من أوضحها: وقوفه صلى الله عليه وسلم للناس وبروزه لهم ليروه ويسألوه(3).
    ومنها: جنوحه إلى التيسير في فتاويه(4) والتخفيف على ذوي الحاجات(5).
    ومنها: حرصه صلى الله عليه وسلم على الإقناع لمن يستفتيه كقوله صلى الله عليه وسلم لرجل قال له: "يا رسول الله! إن أبي أدركه الإسلام، وهو شيخ كبير لا يثبت على راحلته، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته عنه أكان يجزيه؟ قال: نعم. قال: فاحجج عن أبيك"(6).
    ومنها: صبره صلى الله عليه وسلم على السائلين واحتماله لأذاهم مع الرفق والرحمة بهم(7).
    3 - الوعظ:
    كان للنبي صلى الله عليه وسلم في الوعظ اليد الطولى والقدح المعلى؛ إذ بعثه الله مبشراً ونذيراً، فأرشد أمته إلى الخير ورغبها فيه، ونهاها عن الشر ورهَّبها منه.
    وفي الحج كان للوعظ والتوجيه ميدان فسيح ووجود ظاهر، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أعاد التذكير ببعض القواعد والأمور الهامة(8) من غير ما تكلُّف أكثر من مرة، وقد تناول وعظه صلى الله عليه وسلم موضوعات عدة كان من أهمها:
    التزهيد في الدنيا؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم قبل الغروب بعرفات: "أيها الناس! إنه لم يبق من دنياكم فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه"(9).
    ومنها: الأمر بالتقوى والدلالة على ما يُدخِلُ المرءَ الجنةَ؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "اتقوا ربكم، وصلوا خمسكم؛ وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم"(10).
    ومنها: بيان أن لا أحد يحمل جريرة أحد، وأن المسؤولية أمام المولى عز وجل فردية؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده"(11).
    ومنها: الترغيب في ترك الفسوق والعصيان أثناء النسك والاشتغال بما ينفع؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"(12)، وقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس البر بإيضاع الخيل ولا الرِّكاب"(13).
    ومنها: التحذير من الغلو؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "يا أيها الناس! إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"(14).
    ومنها: الوصاية بالضعفاء من النساء والأرقَّاء والأمر بالإحسان إليهم؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله"(1)، وجاء في حديث مرفوع: "أرقَّاءَكم أرقاءَكم أرقاءَكم أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون؛ فإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم"(2).
    4 - توحيد الأمة، وتحذيرها من الفتن ودواعي الافتراق:
    كان الحج بما يحمل في طياته من وحدة بين أفراد الأمة في الشعور والمشاعر فرصة سانحة لتوحيد الأمة وتحذيرها من الفتنة ودواعي الفرقة، وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وأولاه عنايته، وقد أخذ ذلك الاهتمام مظاهر شتى من أبرزها:
    تسويته صلى الله عليه وسلم بين أفراد الأمة، وعدم تمييزه بينهم إلا بالتقوى؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم : "إن ربكم واحد، وأباكم واحد؛ ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى"(3).
    ومنها: أمره صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لمن يقيم كتاب الله عز وجل ، ولزوم الجماعة والنصح للأئمة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم : "إن أُمِّر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا"(4)، وقال صلى الله عليه وسلم بالخيف من منى: "ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"(5).
    ومنها: تحذيره صلى الله عليه وسلم من الاستجابة لتحريش الشيطان؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"(6).
    ومنها: نهيه صلى الله عليه وسلم عن الابتداع في الدين؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم محذراً أمته: "ألا وإني مستنقِذٌ أناساً، ومستنقَذٌ مني أناس فأقول: يا رب أصيحابي! فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(7).
    ومنها: نهيه صلى الله عليه وسلم عما يسبب الفرقة ويؤدي إلى الفتنة في المجتمع المسلم كالاقتتال؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم بعد أن استنصت الناس : "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"(8).
    وكالاستهانة بدماء الآخرين وأموالهم وأعراضهم؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم في خطبه الثلاث في عرفة ويوم النحر وأوسط أيام التشريق: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"(9).
    وكالظلم وأخذ أموال الناس بغير طيب نفس منهم؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم : "اسمعوا مني تعيشوا: ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"(10).
    5 - التربية على الاتباع وتوحيد مصدر التلقي:
    الإسلام هو الخضوع والذل لله وحده والإذعان لما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا تثبت قدم أحد فيه ما لم يسلِّم لنصوص الوحي، وينقاد إليها ولا يعترض على شيء منها(11)، والحج آية في الانقياد ومدرسة في التسليم والاستسلام، ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم فيه أصحابه رضي الله عنهم على توحيد متابعته، وغرس في نفوسهم ضرورة التأسي به. يقول جابر رضي الله عنه واصفاً الحال: "ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه القرآن ينزل، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به"(12)، فأنتجت تلك التربية العظيمة ثمرات يانعة مباركة.
    ومظاهر تربيته صلى الله عليه وسلم في الحج لأصحابه رضي الله عنهم على المتابعة والاقتصار في الأخذ والتلقي على نصوص الوحي كثيرة، من أبرزها:
    مطالبته صلى الله عليه وسلم الحجيج في مواطن عدة خلال الموسم بالتأسي به وتحفيزه إياهم على ذلك بذكر احتمال أن تكون حجته تلك آخر حجة له؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم مراراً : "لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه"(1).
    ومنها: حثه صلى الله عليه وسلم الناس في خطبته يوم عرفة على الاعتصام بالتنزيل والتمسك به؛ لأن ذلك طريق الوقاية من الزيغ والضلال؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم : "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله"(2).
    ومنها: تحذيره صلى الله عليه وسلم أمته من اتباع الأهواء والابتداع في الدين؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم وهو واقف على ناقته بعرفات: "ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم؛ فلا تُسوِّدوا وجهي، ألا وإني مستنقِذ أناساً ومستنقَذ مني أناس، فأقول: يا رب أصيحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(3).
    6- القيادة الناجحة والمعاملة الحسنة:
    جمَّل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بكمالات الأخلاق، وزيَّنه بأجل الآداب، فامتلك لذلك مقومات القيادة الناجحة والأساليب المثلى للمعاملة الحسنة، فهوت لذلك إليه الأفئدة، وتدافع عليه الناس حين بلغهم عزمه على الحج كل يريد السير في رعايته وتحت لوائه، فحج معه أكثر من مائة ألف إنسان(4) كل يريد أن يأتم به ويعمل مثل عمله(5) فأثر صلى الله عليه وسلم في نفوسهم أعمق تأثير، ووجههم أحسن توجيه، وقادهم أعظم قيادة عرفتها البشرية.
    ولن تستطيع هذه الكلمات القليلات الإتيان على كافة جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم في قيادة تلك الأفواج الضخمة من الحجيج وإبراز تعامله الفذ معها؛ ولذا فستقتصر على ذكر إشارات وتجلية جوانب مختصرة لتكون أنموذجاً لما خلفها ودليلاً على ما وراءها، وذلك فيما يلي:
    أ - جعله صلى الله عليه وسلم من نفسه قدوة حسنة:
    عاب الله عز وجل على بعض عباده قول الخير والأمر به دون فعله، فقال سبحانه : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون {البقرة: 44}، ولأن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن(6)؛ فما كان عليه الصلاة والسلام ليأمر أمته بأمر إلا وكان أسبقهم إليه، وما كان لينهاهم عن شيء إلا وكان أبعدهم منه، وفي الحج تجلى لديه صلى الله عليه وسلم هذا الخلق السامي في مواقف عدة، من أبرزها:
    ما جاء في خطبة الوداع حين قال صلى الله عليه وسلم : "ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع"(7).
    ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان يحث أصحابه على بر الحج والاشتغال بالطاعة والخضوع لله عز وجل والانكسار بين يديه سبحانه (8) كان أكثرهم تقرباً وخشية، وأعظمهم ذلاً لله تعالى وضراعة بين يديه(9).
    ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان يحث أصحابه على الزهد في الدنيا والتعلق بالآخرة(10) كان يحج على رحل رث وقطيفة لا تكاد تساوي أربعة دراهم(11).
    ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بترك المزاحمة وأداء النسك بتؤدة وطمأنينة، وأفاض هو صلى الله عليه وسلم بسكينة وكان يسير على مهله(12).
    ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الغلو في الدين وأمرهم بأن يرموا الجمرة بمثل حصى الخذف(1)، ورماها هو صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمرهم به(2).
    وهذا الأمر من أعظم ما دعا الناس إلى حبِّه صلى الله عليه وسلم ، وحملهم على التأثر به؛ إذ هو عنوان استقامة القيادة وإخلاصها ودليل إيمانها فيما تأمر به وجديتها في تنفيذه.
    ب - تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الناس:
    التواضع سيد الأخلاق ومصيدة الشرف، ومن أسباب رفعة الله تعالى للعبد كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"(3)، وقد أمر الله سبحانه به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل : واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين {الشعراء: 215} فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فبلغ في التواضع منزلة لا يطاوله فيها أحد من الخلق.
    وفي الحج تجلى تواضعه صلى الله عليه وسلم في قيادته للناس من خلال مواقف وصور شتى كان من أبرزها:
    ما تقدَّم من أن حَجَّه صلى الله عليه وسلم كان على رحل رث، وقطيفة لا تكاد تساوي أربعة دراهم(4).
    ومنها: إباؤه صلى الله عليه وسلم التميز عن الناس بشيء، ومن أجلى ما ظهر فيه ذلك: رفضه صلى الله عليه وسلم أن يُخَصَّ بماء لم تُجعل فيه الأيدي دون الناس، وقوله صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه ذلك: "لا حاجة لي فيه، اسقوني مما يشرب منه الناس"(5).
    ومنها: إردافه صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنهما من عرفة إلى مزدلفة أمام الخلق وهو من الموالي(6).
    ومنها: وقوفه صلى الله عليه وسلم لامرأة من آحاد الناس يستمع إليها ويجيب عن سؤالها(7).
    ومنها: تمكن كل أحد من الوصول إليه وقضاء بغيته منه بيسر إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يتخذ حُجَّاباً يصرفون الناس عنه ويمنعونهم من مقابلته والتحدث معه(8).
    فكسب صلى الله عليه وسلم بتواضعه الجم قلوب الناس وثقتهم، ونال محبتهم.
    ج - رحمته صلى الله عليه وسلم بالناس:
    الإسلام دين الرحمة، وشريعته مبنية على العطف والشفقة في أصولها وفروعها(9)؛ ولذا فمن البدهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا رحمة كما قال تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين {الأنبياء: 107} وكما أخبر صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك فقال: "إنما بعثت رحمة"(10).
    وفي الحج نرى رحمته صلى الله عليه وسلم في قيادة الناس متجلية في مواقف كثيرة وصور متنوعة، كان من أبرزها:
    إلزامه صلى الله عليه وسلم لمن لم يَسُقِ الهدي من أصحابه بالحل الكامل من الإحرام، والذي يتضمن إتيان النساء ولبس الثياب ومس الطيب رحمة بالأمة وتخفيفاً عنها(11).
    ومنها: جمعه صلى الله عليه وسلم لصلاتي الظهر والعصر في عرفات(12)، وتأخيره للصلاة حين أفاض إلى مزدلفة(13) حتى لا يشق على الناس بتعدد النزول، ويتمكن الحاج من إناخة بعيره ووضع متاعه في الموضع الذي سيبيت فيه.
    ومنها: إذنه صلى الله عليه وسلم للضعفة في الإفاضة من مزدلفة قبل الناس ليلاً حين يغيب القمر حتى يتمكنوا من أداء أعمال يوم النحر قبل الناس تخفيفاً عنهم ووقاية لهم من الزحام(14).
    ومنها: تيسيره صلى الله عليه وسلم على الناس في التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر، وقوله لمن سأله عن ذلك: "افعل ولا حرج"(15).
    ومنها: تخفيفه صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الحاجات كإذنه لعمه العباس رضي الله عنه بأن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته الحاج(16)، وإذنه لرعاة الإبل بأن يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما(1).
    ومنها: تركه صلى الله عليه وسلم لفعل الأفضل في أحيان رحمة بالناس ورفقاً بهم كركوبه في الطواف والسعي واستلامه الحجر بمحجن، وتركه تقبيله واستلامه باليد، والمشي في الطواف والسعي وهو أفضل لكي لا يصرف الناس عنه ويضربوا بين يديه(2).
    د - إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى الناس:
    وفي الحج نجد أن إحسانه صلى الله عليه وسلم أثناء قيادته للناس لا يحد؛ إذ ما أنت متأمل في جانب إلا وترى إحسانه فيه بارزاً، وبما أن حصر دلائل إحسانه صلى الله عليه وسلم في كافة الجوانب أمر يطول وليس بغاية، فسيُقتصر فيما يلي على أمثلة من ذلك:
    إكثاره صلى الله عليه وسلم في الموسم من البذل والعطاء؛ إذ قسم في المساكين بُدْنَه المائة كلها: لحومها وجلودها وجلالها(3)، وقسم الصدقة على الناس في أكثر من موضع(4).
    ومنها: إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى أسامة بن زيد والفضل بن العباس رضي الله عنهم بإردافهما خلفه على راحلته خلال التنقل بين عرفة ومزدلفة ومنى(5).
    ومنها: إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى الضعفاء من خلال الوصاية بهم في خطبه(6).
    ومنها: حرصه صلى الله عليه وسلم على نجاة أمته وقبول الله لها؛ إذ ألح على الله بالدعاء لها بالمغفرة عشية عرفة وفي مزدلفة(7)، وحين طلب أحدهم الدعاء منه عمم دعاءه فقال: "غفر الله لكم"(8).
    ومنها: حرصه صلى الله عليه وسلم على البلاغ من خلال وضوح البيان والتكرار لما يحتاج إلى ذلك، وتركه تشقيق الأمور؛ إذ اقتصر صلى الله عليه وسلم في خطبه على بيان أصول الإسلام والمحرمات العظام وبعض القواعد التي تحتاج إلى مزيد بيان حتى يوعى عنه ويفهم(9).
    ومنها: استجابته صلى الله عليه وسلم لرغبات الناس وتحقيقه لمطالبهم تطييباً لنفوسهم ومراعاة لخواطرهم(10).
    ه - صبره صلى الله عليه وسلم على الناس:
    جُمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج أنواع الصبر الثلاثة في آن واحد؛ إذ كان أبر أصحابه رضي الله عنهم بالله، وأعظمهم صبراً في امتثال الأوامر وفعل القربات حتى يؤديها بطمأنينة وإخبات وخشوع بين يدي مولاه سبحانه(11).
    كما كان صلى الله عليه وسلم أتقاهم لله تعالى ، وأعلمهم به، وأغضبهم له، وأحفظهم لحدوده، وأبعدهم عن انتهاك حرماته(12).
    أما صبره صلى الله عليه وسلم على الناس وتحمله لمشقة قيادتهم دون ملل أو سخط أو تضجر فأمر يبهر العقل، ويكفي للتدليل عليه تصور وظائفه صلى الله عليه وسلم وإدراك حاله في الموسم وواقع من حج بهم.
    فأما وظائفه: فقد كان صلى الله عليه وسلم عبداً لله حريصاً على تحقيق الكمال البشري في التذلل لله والانكسار بين يديه سبحانه ، وأداء النسك على وجهه.
    وكان صلى الله عليه وسلم قائداً للناس وراعياً لهم ومسؤولاً عن أحوالهم واجتماع كلمتهم.
    وكان صلى الله عليه وسلم معلماً مرشداً لتلك الأفواج الضخمة من البشر ومربياً لها على الخير، يختلج في صدره حرص شديد على تحقيق الكمال في تبليغ الرسالة وبيان الأحكام.
    و - رفقه صلى الله عليه وسلم بالناس:
    وفي الحج بان رفقه صلى الله عليه وسلم بالناس أثناء قيادته لهم في مواقف عدة:
    منها: استظلاله صلى الله عليه وسلم وركوبه في التنقل بين المشاعر، وغير ذلك من جوانب اليسر التي لو فعل صلى الله عليه وسلم خلافها لكان على العباد في التأسي به مشقة عظيمة(13).
    ومنها: ركوبه صلى الله عليه وسلم أثناء أداء بعض المناسك كالطواف والسعي خشية أن يُدفع عنه الناس ويُضربوا بين يديه(1).
    ومنها: بروزه صلى الله عليه وسلم للناس طوال الموسم لكي لا يشق على الناس تأسيهم به أو سؤاله عما يشكل عليهم(2).
    ومنها: تخفيفه صلى الله عليه وسلم على الناس وعدم تكليفهم من الأمر فوق ما يطيقون، سواء من جهة أعمال النسك أو من جهة قيادته الحجيج وتوليه أمرهم، وهذا جلي لمن تأمل سيرته صلى الله عليه وسلم في الحج(3).
    ومنها: عدم قربه صلى الله عليه وسلم الكعبة بعد طوافه بها طواف القدوم حتى رجع من عرفة(4)، واستقراره صلى الله عليه وسلم على الصحيح بمنى في أيام التشريق، وعدم خروجه منها إلى الحرم إلا حين أراد الوداع، وفي ذلك من الرفق ما هو ظاهر(5).
    ومنها: اختياره صلى الله عليه وسلم للأيسر دوماً؛ كما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم من لم يَسُقِ الهدي من أصحابه رضي الله عنهم بالحل، وجمعه صلى الله عليه وسلم للصلوات في عرفة ومزدلفة، وقصره للصلاة بمنى(6) .
    ومنها: أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بالرفق بأنفسهم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين رأى رجلاً يسوق بدنة وهو يمشي: "اركبها، فقال: إنها بدنة، فقال: اركبها، قال: إنها بدنة، قال: اركبها ويلك في الثالثة أو في الثانية "(7).
    الثالث: أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج مع أهله:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم أرعى الخلق لقريب، وأحناهم على رحم، وأكثرهم إحساناً إلى أهل، شهد المخالطون له صلى الله عليه وسلم بذلك، فوصفه واصفهم بأنه صلى الله عليه وسلم كان "أبر الناس وأوصل الناس"(8).
    وفي الحج تجلى بره بأهله، وصلته صلى الله عليه وسلم لرحمه، وإحسانه إلى أقاربه في صور شتى ومشاهد مختلفة، ومن الأهمية بمكان الإشارة قبل تعداد شيء من ذلك إلى أن أهل بيت النبوة رضي الله عنهم قد شاركوا الناس فيما أفادهم به صلى الله عليه وسلم ، ومن دلائل ذلك قول عائشة رضي الله عنها مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سمعتك تقول لأصحابك ما قلت؛ فمنعت العمرة"، بل إن المتأمل في أمر النسك يجد أن كثيراً من أحكامه منقول عنهم، وذلك لما كان لهم رضي الله عنهم من مزيد لصوق به صلى الله عليه وسلم واختصاص دون الناس، ولعل من أبرز أحواله صلى الله عليه وسلم معهم ما يلي:
    1 - تعليمهم أحكام النسك:
    اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم أهل بيته أحكام النسك ليصفو لهم تقربهم، وتصح منهم عبادتهم، ومن دلائل ذلك:
    ما جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أهلُّوا يا آل محمد بعمرة في حج"(9)، وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت قبل أن تطوف بالبيت: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"(10)، وقوله صلى الله عليه وسلم لأغيلمة بني عبد المطلب ليلة مزدلفة: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"(11)، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم حين قالت له عائشة رضي الله عنها : ألا نبني لك بيتاً يظلك بمنى؟ فقال: "إنما منى مناخ من سبق"(12).
    2 - مواساتهم ومراعاة خواطرهم:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يواسي أهل بيته حين كان الأمر يقع على خلاف ما يشتهون، ويراعي خواطرهم؛ فيفعل ما يريدون إذا كان الأمر لا يعارض مراد الله تعالى ، وأبرز ما كان هذا الأمر مع زوجه عائشة رضي الله عنها وذلك حين دخل عليها وهي تبكي؛ لأنها مُنِعَتِ العمرة المفردة بسبب الحيض، فواساها صلى الله عليه وسلم قائلاً: "فلا يضركِ، أنت من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن، فكوني في حجتك عسى الله أن يرزقكها"(13)، وحين قالت رضي الله عنها : "يا رسول الله! أترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر، فذهب بها إلى التنعيم، فلبَّت بالعمرة"(1).
    3 - الرفق بهم والتيسير على ضعيفهم وصاحب الحاجة منهم:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم في الحج رفيقاً بآل بيته، رحيماً بهم، يحن على ضعيفهم ويختار الأيسر لهم، ويعطف على صاحب الحاجة منهم ويخفف عنه، والشواهد الدالة على ذلك عديدة، منها:
    اختياره صلى الله عليه وسلم الأيسر لزوجاته وأمرهن به، كما في حديث حفصة رضي الله عنها : "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع"(2).
    ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لما دخل على ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها وهي وجعة: "حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني"(3).
    4 - إزالة ما لديهم من منكر:
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تنقية آل بيته رضي الله عنهم من المعاصي، وتصفيتهم من المنكرات؛ فكان إذا وقع أحدهم في منكر أنكر عليه، وصرفه عنه، ومن ذلك إنكاره صلى الله عليه وسلم العملي على الفضل بن العباس رضي الله عنهما النظر إلى المرأة الخثعمية التي جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ومنعه له من الاستمرار في ذلك(4)، بل إنه صلى الله عليه وسلم جعل من آل بيته في هذا الجانب قدوة للناس، ومن ذلك حين قام صلى الله عليه وسلم خطيباً في وسط الناس بعرفة فقال: "ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا: دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب؛ فإنه موضوع كله".
    5 - تشجيعهم على الخير وحثهم عليه:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث آل بيته رضي الله عنهم على فعل الطاعات، ويشجعهم على التزود من الخيرات، ومن ذلك: أنه حين مر على بني عمومته، وهم ينزعون الماء من بئر زمزم ويسقون الناس خاطبهم قائلاً: "انزعوا بني عبد المطلب؛ فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم"(5)، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان ييسر لهم ذلك، ومنه: إذنه لعمه العباس رضي الله عنه بالبيتوتة بمكة ليالي أيام التشريق من أجل سقايته الحجيج(6).
    6 - وقايتهم من الفتن:
    الفتن مفسدات للقلوب، مزيغات للألباب، وحين تجتمع الأعداد الغفيرة من الذكور والإناث تكون الفرصة مهيأة لحصولها، وبخاصة فتنة النساء، ولذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يخاف على آل بيته رضي الله عنهم في الحج منها؛ ويحرص صلى الله عليه وسلم على حمايتهم عند تعرضهم لها، ومن الشواهد الدالة على ذلك:
    إسدال نسائه صلى الله عليه وسلم بحضرته للجلابيب على وجوههن وهنَّ محرمات عند محاذاة الرجال لهن، فإذا جاوزوهن كشفن(7).
    ومنها: توجيهه صلى الله عليه وسلم لنسائه بعدم مخالطة الرجال في الطواف مع أنهن رضي الله عنهن كن يطفن معهم، كما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها : " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة"(8)، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ولم تصلِّ حتى خرجت "(9)، وكما يفهم ذلك من حديث ابن جريج قال: "أخبرني عطاء إذْ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري! لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرَة من الرجال لا تخالطهم، فقالت: امرأة انطلقي نستلم يا أم المؤمنين! قالت: عنك. وأبت، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قُمْن حتى يدخلن، وأخرج الرجال"(1).
    7 - الإحسان إليهم:
    تعددت وجوه إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى آل بيته وتنوعت بصورة جعلت المتأمل يجزم بأن كل أحواله صلى الله عليه وسلم معهم إحسان؛ إذ ما من جانب إلا وأنت راءٍ أن فضله صلى الله عليه وسلم عليهم ظاهر، وجوده عليهم بيِّن، ودلائل ذلك فوق الحصر، ومن أوضح ذلك:
    حرصه صلى الله عليه وسلم على أدائهم للنسك معه، وإقناعه لمن لم يكن ينوي منهم الخروج بالمبادرة إلى ذلك، كما في قصة ضباعة رضي الله عنها حين دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "أردت الحج؟ قالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني"(2).
    ومنها: خروجه صلى الله عليه وسلم بجميع نسائه رضي الله عنهن (3)، وهو أمر يفوق العدل كما هو جلي لمن تدبر ؛ إذ كان بوسعه صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج بواحدة منهن، أو أن يقرع بينهن ويخرج بإحداهن.
    8 - الاستعانة بهم واستعمالهم:
    استعان النبي صلى الله عليه وسلم بآل بيته رضي الله عنهم ، واستنابهم واستعملهم في بعض أمره، ومن شواهد ذلك:
    جعله صلى الله عليه وسلم زوجه عائشة رضي الله عنها تفتل له قلائد بُدْنِه من صوف كان عندها بالمدينة قبل أن يحرم(4).
    ومنها: ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته : القطْ لي حصى، فلقطت له سبع حصيات"(5).
    ومنها: إعطاؤه صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه ما بقي من بُدْنِه لينحرها(6)، وأمره صلى الله عليه وسلم له بأن يقوم على بُدْنِه، وبأن يتصدق على الناس بلحومها وجلودها وأجلتها(7).
    ومنها: استسقاؤه صلى الله عليه وسلم من بني عمه حين جاء إليهم وهم يسقون الناس من زمزم، فقال لعمه العباس رضي الله عنه : "اسقني، فشرب منه"(8)، ويدل عليه أيضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم"(9).
    وبعد:
    فإن ما سبق من سطور لا يعدو أن يكون ومضات مشرقة من أحواله صلى الله عليه وسلم في الحج، كتبت من مقل على عجل، راجياً من ربي قبولها والنفع بها، لتكون عوناً للسائرين إليه عز وجل على حج مبرور وذنب مغفور، والموضوع أكبر من أن يحيط به مثلي، وهو بحاجة إلى مزيد بحث، وإمعان فكر، وتدقيق نظر، أسأل الله أن يهيئ له من يقوم به على وجهه من أهل العلم، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين

    كتبه/فيصل بن علي البعداني

    ===========================
    الهوامش :

    1) سنن ابن ماجه: رقم: 2890، وضعف إسناده الحافظ في الفتح: 3-446، وصححه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة: 2617.
    (1، 2) صحيح مسلم: رقم: 1218. (3) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1185.
    (4) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1665، وصحيح مسلم: رقم: 1219.
    (5) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1684، سنن ابن ماجه: رقم: 3022.
    (6) فتح الباري لابن حجر: 11-98.
    (7) جامع الترمذي: رقم: 2969، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 2590.
    (8) انظر: سنن أبي داود: رقم: 1892. (9) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (10) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1751.
    (11) انظر في ذلك على سبيل المثال الأحاديث الآتية: صحيح البخاري: رقم: 1544، 1550، 1750، 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (1) الترمذي: رقم: 902، وقال: حسن صحيح، المستدرك للحاكم: 1-459، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير، بالصحة، وحسنه الأرناؤوط في جامع الأصول رقم: 1505، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع: رقم: 2056.
    (2) صحيح مسلم: رقم: 1141.
    (3) صحيح البخاري: رقم: 7367، صحيح مسلم: رقم: 1216.
    (4) صحيح البخاري: رقم: 1772. (5) انظر: فتح الباري لابن حجر: 2-264.
    (6) النصوص الدالة على ذلك كثيرة، انظر على سبيل المثال: صحيح البخاري: رقم: 1751، صحيح مسلم: رقم 1218.
    (7) سنن النسائي: رقم: 3024، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي: رقم: 2827.
    (8) صحيح البخاري، رقم: 1671.
    (9) انظر: جامع الترمذي: رقم: 830 وقال عن الحديث: حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 664.
    (10) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1539. (11) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1545، 1697.
    (12) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544، 1573، صحيح مسلم: رقم: 1184.
    (13) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1615. (14) انظر: صحيح البخاري: رقم: 616.
    (1) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1609، صحيح مسلم: رقم: 1218، المسند لأحمد: رقم: 4686 وإسناده صحيح.
    (2) انظر: جامع الترمذي: رقم: 856 وقال: ( حسن صحيح )، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 679.
    (3) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218، 1261. (4) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (5) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (6) انظر: صحيح البخاري: رقم: 305، 1556، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (7) انظر: سنن أبي داود : رقم: 1911 وصحح الحديث الألباني في صحيح أبي داود: رقم: 1682.
    (8) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218. (9) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1658.
    (10) انظر: صحيح البخاري، رقم: 1673. (11) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (12) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1666، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (13) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1608.
    (14) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1313، المسند لأحمد: رقم: 27290.
    (15) سنن ابن ماجه: رقم: 2337. (16) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544.
    (17) صحيح البخاري: رقم: 1636. (18) المسند لأحمد: رقم: 1814 وهو حديث صحيح.
    (19) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1718.
    (1) انظر: صحيح مسلم: رقم: 3180.
    (2) صحيح مسلم: رقم: 1478. (3) صحيح مسلم: رقم: 537.
    (4) انظر: سنن أبي داود: رقم: 1905، وصحح الحديث الألباني في صحيح أبي داود: رقم: 1676.
    (5) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1187، 1218، 1273.
    (6) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1274، المسند لأحمد: رقم: 2842، وإسناده حسن.
    (7) انظر: سنن ابن ماجه: رقم: 3035، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2461.
    (8) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1297.
    (9) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1741، المسند لأحمد: رقم: 20695 وهو صحيح لغيره. (10) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (11) انظر: سنن أبي داود: رقم: 1949، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: رقم: 1717.
    (12) انظر: جامع الترمذي: رقم: 890 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: 700، المسند لأحمد: رقم: 10664 وهو حديث صحيح.
    (13) انظر: صحيح مسلم: رقم 1218، الترمذي: رقم 885، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 702.
    (14) جامع الترمذي: رقم: 616، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 512.
    (15) المسند لأحمد: رقم: 18989 وسنده صحيح.
    (1) صحيح مسلم: رقم: 1335. (2) صحيح البخاري: رقم: 83.
    (3) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1736، صحيح مسلم: رقم: 1218، 1273، 1306.
    (4) انظر: صحيح البخاري: رقم:83، 1207، 4853.
    (5) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1634، جامع الترمذي: رقم: 954 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 762.
    (6) المسند لأحمد: رقم: 1812 وهو حديث صحيح.
    (7) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1273، المسند لأحمد: رقم: 2842 وهو حديث حسن.
    (8) انظر: صحيح البخاري: رقم: 67، صحيح مسلم: رقم: 1218، المسند لأحمد: رقم: 20695 والحديث صحيح لغيره.
    (9) المسند لأحمد: رقم: 6173 والحديث صحيح لغيره.
    (10) جامع الترمذي: رقم: 616، وقال حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: 502.
    (11) سنن ابن ماجه: رقم: 2669 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2160.
    (12) صحيح البخاري: رقم: 1819. (13) صحيح البخاري: رقم: 1671، المسند لأحمد: رقم: 2264، واللفظ له.
    (14) سنن ابن ماجه: رقم: 3029 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم 2455.
    (1) صحيح مسلم: رقم 1218.
    (2) المسند لأحمد: رقم: 16409وإسناده ضعيف وله أصل من حديث أبي ذر، انظر صحيح البخاري: رقم: 30، صحيح مسلم: رقم: 1661.
    (3) المسند لأحمد: رقم: 23536، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 3-266 رجاله رجال الصحيح.
    (4) صحيح مسلم: رقم: 1298.
    (5) سنن ابن ماجه: رقم: 3056 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2480.
    (6) صحيح مسلم: رقم: 2812، وانظر: المسند لأحمد: رقم: 20695 وهو صحيح لغيره.
    (7) سنن ابن ماجه: رقم: 3057 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2481.
    (8) صحيح البخاري: رقم: 121. (9) صحيح البخاري: رقم: 67، وانظر: صحيح مسلم: رقم: 1218، والمسند لأحمد: 20695.
    (10) المسند لأحمد: رقم: 20695 وهو صحيح لغيره. (11) انظر: شرح العقيدة الطحاوية: 201.
    (12) صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (1) صحيح مسلم: رقم: 1297، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: رقم: 2449، المسند لأحمد: رقم: 14943 وهو حديث صحيح.
    (2) صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (3) سنن ابن ماجه: رقم: 3057، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2481، وانظر فتح الباري لابن حجر: 11-393.
    (4) انظر: مختصر السيرة لابن عبد الوهاب: 572. (5) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (6) انظر: صحيح مسلم: رقم: 746. (7) صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (8) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1671، 1718، 1819. (9) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (10) انظر: المسند لأحمد: رقم: 6173، والحديث صحيح لغيره.
    (11) انظر: صحيح ابن ماجه: رقم: 2890 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: رقم : 2337.
    (12) انظر: جامع الترمذي: رقم: 886، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 703.
    (1) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1282، سنن ابن ماجه: رقم: 3029 .
    (2) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1299. (3) صحيح مسلم رقم: 2588.
    (4) انظر: سنن ابن ماجه رقم: 28990، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 237.
    (5) المسند لأحمد: رقم: 1814، وهو حديث صحيح، وانظر: صحيح البخاري: رقم: 1636.
    (6) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544. (7) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1335.
    (8) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1274، سنن ابن ماجه: رقم: 3035، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2461.
    (9) انظر: الرياض الناضرة، للسعدي: 61 وما بعدها. (10) انظر: صحيح مسلم: رقم: 2599.
    (11) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1213، 2131. (12) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (13) انظر: صحيح البخاري: رقم: 136. (14) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1567.
    (15) انظر: صحيح البخاري: رقم: 83. (16) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1745.
    (1) انظر: جامع الترمذي: رقم: 968، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 763.
    (2) انظر: صحيح مسلم: رقم: 2217. (3) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1317.
    (4) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1679، سنن أبي داود: رقم: 1633، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود: رقم: 1438.
    (5) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544. (6) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (7) انظر: المسند لأحمد: رقم: 16207، وإسناده ضعيف، وقواه ابن حجر بمجموع طرقه في القول المسدد في الذب عن المسند: 35 38.
    (8) المسند لأحمد: رقم: 15972، وهو حديث حسن.
    (9) انظر: جامع الترمذي: رقم: 616، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن الترمذي، رقم: 512، المسند لأحمد، رقم: 18989، وسنده صحيح.
    (10) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1518، 1680، المسند لأحمد: رقم: 15972.
    (11) انظر : صحيح البخاري: رقم: 1544، 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218. (12) انظر : صحيح البخاري: رقم: 1772، 6367.
    (13) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1666، صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (1) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1274. (2) انظر: صحيح مسلم: رقم: 1187، 1218، 1273.
    (3) انظر: سنن أبي داود: رقم، 1905، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود: رقم: 1676.
    (4) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1545. (5) انظر: زاد المعاد لابن القيم: 2-310 311 السيرة النبوية لابن كثير: 4- 404.
    (6) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1656، صحيح مسلم: رقم: 1218. (7) صحيح البخاري: رقم: 1689.
    (8) صحيح مسلم: رقم: 1072، وانظر: صحيح البخاري: رقم: 3818، 4954، 5990.
    (9) المسند لأحمد: رقم: 26590، صحيح ابن حبان: رقم: 3922، وإسنادهما صحيح. (10) صحيح مسلم: رقم: 1211.
    (11) جامع الترمذي: رقم: 893، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 709.
    (12) جامع الترمذي: رقم: 881، وقال حسن صحيح المستدرك للحاكم: 1-638، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وضعفه بعضهم - وهو الظاهر - لأن مدار الحديث على مسيكة، وهي كما قال ابن خزيمة في صحيحه: 4-284: لا تعرف بعدالة ولا جرح.
    (13) صحيح البخاري: رقم: 1788، وانظر صحيح مسلم: رقم: 1211.
    (1) صحيح البخاري: رقم: 1561، صحيح مسلم، رقم: 1211، سنن أبي داود: رقم: 1782، وسنده صحيح، واللفظ له.
    (2) صحيح البخاري: رقم: 4398. (3) صحيح البخاري: رقم: 5089.
    (4) صحيح البخاري: رقم: 1513. (5) صحيح مسلم: رقم: 1218.
    (6) انظر: صحيح البخاري، رقم: 1745.
    (7) سنن أبي داود: رقم: 1833، وفي سنده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، ولكن للحديث شواهد يقوى بها.
    (8) صحيح البخاري: رقم: 1619. (9) صحيح البخاري: رقم: 1626.
    (1) صحيح البخاري: رقم: 1618.
    (2) صحيح البخاري: رقم: 5089، صحيح مسلم: رقم: 1207، واللفظ له.
    (3) انظر: السيرة النبوية لابن كثير:4-222.
    (4) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1696، 1704، 1705.
    (5) سنن ابن ماجه: رقم: 3029، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2455.
    (6) انظر: سنن ابن ماجه رقم: 3074، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2494.
    (7) انظر: صحيح البخاري: رقم: 1718، 2299، صحيح مسلم: رقم: 1317.
    (8) صحيح البخاري: رقم: 1635.
    (9) صحيح البخاري: رقم: 1637.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
    "فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الأخرى؛وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة مانحمد معه ذلك التخشين "
    [مجموع الفتاوى28/53ـ54 ]

  3. #3

    هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم ( لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله )!

    هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم ( لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله )! بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين .
    أيها المسلمون من حجاج بيت الله الحرام : فأسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يرضيه والعافية من مضلات الفتن كما أسأله سبحانه أن يوفقكم جميعا لأداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه وأن يتقبل منكم وأن يردكم إلى بلادكم سالمين موفقين إنه خير مسؤول .

    أيها المسلمون : إن وصيتي للجميع هي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال والاستقامة على دينه والحذر من أسباب غضبه . وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو توحيد الله والإخلاص له في جميع العبادات مع العناية باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأعمال وأن تؤدى مناسك الحج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وإن أعظم المنكرات وأخطر الجرائم هو الشرك بالله سبحانه وهو صرف العبادة أو بعضها لغيره سبحانه لقول الله عز وجل : (( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) وقوله سبحانه يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : (( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) .

    حجاج بيت الله الحرام : إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم وقد علم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله وقال لهم صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) فالواجب على المسلمين جميعا أن يتأسوا به في ذلك وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم لأنه صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد وقد بعثه الله رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فأمر الله عباده بأن يطيعوه وبين أن اتباعه هو سبب دخول الجنة والنجاة من النار وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب الله للعبد كما قال الله تعالى : (( وما تاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
    فانتهوا )) وقال سبحانه : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون )) وقال عز وجل : (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) وقال سبحانه :
    (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) .
    وقال سبحانه : (( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم () ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )) .
    قال عز وجل : (( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لاإله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )) .
    وقال تعالى : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )) . والآيات في هذا المعنى كثيرة . فوصيتي لكم جميعا ولنفسي تقوى الله في جميع الأحوال والصدق في متابعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة .
    حجاج بيت الله الحرام : إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجه من مكة المكرمة إلى منى ملبيا وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى ولم يأمر بطواف الوداع فدل ذلك على أن السنة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرها من المقيمين فيها ومن المحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبين بالحج وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع .
    ويستحب للمسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام من الغسل والطيب والتنظيف . كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض عند دخول مكة وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى فأمرها صلى الل عليه وسلم أن تغتسل وتهل بالحج ففعلت ذلك فصارت قارنة بين الحج والعمرة .
    وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا دون جمع وهذا هو السنة تأسيا به صلى الله عليه وسلم ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر الله عز وجل وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الفقراء فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر . فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة واستظل بها عليه الصلاة والسلام فدل ذلك على جواز أن يستظل الحجاج بالخيام والشجر ونحوها .
    فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك حجهم وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنهم لن يضلوا ماداموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
    فالواجب على جميع المسلمين وغيرهم أن يلتزموا بهذه الوصية وأن يستقيموا عليها أينما كانوا ويجب على حكام المسلمين جميعا أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يحكموها في جميع ىشؤونهم وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكم إليها وذلك هو طريق العزة والكرامة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة . وفق الله الجميع لذلك .
    ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصرا وجمعا جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ثم توجه إلى الموقف واستقبل القبلة ووقف على دابته يذكر الله ويدعوه ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس وكان فاطرا ذلك اليوم فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء وأن يكونوا مفطرين لا صائمين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ما من يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم ملائكته )) . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته : (( انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا يرجون رحمتي أشدكم أني قد غفرت لهم )) . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف )) .
    ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبيا إلى مزدلفة وصلى بها المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه وقال: (( وقفت هاهنا وجمع كلها موقف )) فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه ويذكر الله ويستغفره في مكانه ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة لينصرفوا إلى منى بليل فدل ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملا بالرخصة وحذرا من مشقة الزحمة ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلا كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم .
    وذكرت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بذلك ثم أنه صلى الله عليه وسلم بعدما أسفر جدا دفع إلى منى ملبيا فقصد جمرة العقبة فرماها بعد طلوع الشمس بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة رضي الله عنها ثم توجه إلى البيت فطاف به وسئل صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي ومن حلق قبل أن يذبح ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فقال : (( لاحرج )) .
    قال الراوي : ( فما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج ) . وسأله رجل فقال يا رسول الله : سعيت قبل أن أطوف فقال : (( لا حرج )) . فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدءوا برمي الجمرة يوم العيد ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا والحلق أفضل من التقصير فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين ومرة واحدة للمقصرين وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط ويتطيب ويباح له كل شئ حرم عليه بالإحرام إلأ النساء ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده . ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا وبذلك يحل له كل شئ حرم عليه بالإحرام حتى النساء .
    أما إن كان الحاج مفردا أو قارنا فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم . فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة .
    ثم رجع إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال يرمي كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية ويجعل الأولى عن يساره حين الدعاء والثانية عن يمينه ولا يقف عند الثالثة .. ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات فنزل بالأبطح وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء .
    ثم نزل إلى مكة في آخر الليل من الليلة الرابعة عشرة وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام وطاف للوداع قبل صلاة الفجر ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم .
    فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم في أيام منى فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم كل واحدة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويجعلها عن يساره ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه وهذا مستحب وليس بواجب ولا يقف بعد رمي الثالثة فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى من الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله بعباده وتوسعة عليهم .
    ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار فلا بأس ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل لكونه موافقا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .. والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه .
    أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب .. أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار الثلاث في اليوم الثالث عشر بعد الزوال كما رمى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر ثم ينفر وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى .
    ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لاينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت )) . إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) .
    ومن أخر طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الحديثين المذكورين .
    أسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه وأن يتقبل منا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

    مفتي عام المملكة العربية السعودية
    عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
    "فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الأخرى؛وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة مانحمد معه ذلك التخشين "
    [مجموع الفتاوى28/53ـ54 ]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    338
    صفة الحج للشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله أصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
    أما بعد:
    أيها الناس: إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله الحرام راجين من الله تكفير ذنوبكم والآثام والفوز بدار السلام والخلف العاجل عما أنفقتموه في هذا السبيل من الأموال.

    فيا أيها المسلمون إنكم تتوجهون إلى بيت ربكم وحرماته إلى أمكنة فاضلة تؤدون فيها عبادة من أفضل العبادات لستم تريدون بذلك نزهة ولا فخرا ولا رياء، بل تريدون عبادة تتقربون بها إلى الله وتخضعون فيها لعظمة ربكم، فأدوها أيها المسلمون كما أمرتم من غير غلو ولا تقصير ولا إهمال ولا تفريط.

    وقوموا فيها بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرها من شرائع الدين إذا خرجتم مسافرين إليها فاستحضروا أنكم خارجون لعبادة من أجل الطاعات وفي سفركم التزموا القيام بالواجبات من الطهارة والجماعة للصلاة، فإن كثيرا من الناس يفرطون في الطهارة فيتيممون مع إمكان الحصول على الماء.

    وإن من وجد الماء فلا يجوز له أن يتيمم، وبعض الناس يتهاون بالصلاة مع الجماعة فتجده يتشاغل عنها بأشياء يدركها بعد الصلاة، وإذا صليتم فصلوا قصرا تجعلون الصلاة الرباعية ركعتين من خروجكم من بلدكم حتى ترجعوا إليه إلا أن تصلوا خلف إمام يتم فأتموها أربعا تبعا للإمام سواء أدركتم الصلاة أو فاتكم شيء منها.

    وأما الجمع فإن السنة للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير، وأما النازل في مكان فالسنة ألا يجمع.

    وأما الرواتب التابعة للمكتوبات فالأولى تركها إلا سنة الفجر، وأما الوتر وبقية النوافل فإنهما يفعلان في الحضر والسفر.

    وتحلوُّا بالأخلاق الفاضلة من السخاء والكرم وطلاقة الوجه والصبر على الآلام والتحمل من الناس، فإن الأمر لا يدوم، وللصبر عاقبة محمودة وحلاوة لذيذة.

    وإذا وصلتم الميقات فاغتسلوا وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية ثم أحرموا بالعمرة متمتعين وسيروا إلى مكة ملبين فإذا بلغتم البيت الحرام فطوفوا سبعة أشواط طواف العمرة، واعلموا أن جميع المسجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد، لكن القرب منها أفضل إذا لم تتأذ بالزحام، فإذا كان زحام فابعد عنه، والأمر واسع ولله الحمد.

    فإذا فرغتم من الطواف فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إما قريبا منها إن تيسر وإلا فصلوا بعيداً.

    المهم أن يكون المقام بينك ويبن الكعبة ثم أخرجوا لسعي العمرة وابدؤوا بالصفا فإذا أكملتم الأشواط فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس، ولا يجزئ التقصير من جانب واحد لا تغتروا بفعل الكثير من الناس.

    فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فاغتسلوا وتطيبوا واحرموا بالحج من مكان نزولكم واخرجوا إلى منى وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر قصرا من غر جمع لأن نبيكم كان يقصر بمنى وفي مكة ولا يجمع.

    فإذا طلعت الشمس يوم عرفة فسيروا ملبين خاشعين لله إلى عرفة واجمعوا فهيا بين الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ثم تفرغوا للدعاء والابتهال إلى الله واحرصوا أن تكونوا على طهارة واستقبلوا القبلة ولو كان الجبل خلفكم لأن المشروع استقبال القبلة وانتبهوا جيدا لحدود عرفة وعلاماتها، فإن كثيرا من الحجاج يقفون دونها.

    ومن لم يقف بعرفة فلا حج له لقول النبي : ((الحج عرفة)) وكل عرفة موقف شرقيها وغربيها وجنوبيها وشماليها إلا بطن الوادي وادي عرنة لقول النبي : ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف)) فإذا غربت الشمس وتحققتم غروبها فادفعوا إلى مزدلفة ملبين خاشعين والزموا السكينة ما أمكنكم كما أمركم بذلك نبيكم فلقد دفع من عرفة وقد شنق لناقته الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده الكريمة: ((أيها الناس: السكينة السكينة)).

    فإذا وصلتم مزدلفة فصلوا بها المغرب والعشاء ثم بيتوا بها إلى الفجر ولم يرخص النبي لأحد في الدفع من مزدلفة قبل الفجر إلا الضعفة، رخص لهم أن يدفعوا في آخر الليل فإذا صليتم فاتجهوا إلى القبلة وكبروا الله واحمدوه وادعوه حتى تسفروا جدا ثم سيروا قبل طلوع الشمس إلى منى ثم القطوا سبع حصيات واذهبوا إلى جمرة العقبة وهي الأخيرة التي تلي مكة وارموها بعد طلوع الشمس بسبع تكبرون الله مع كل حصاة خاضعين له معظمين.

    واعلموا أن المقصود من الرمي تعظيم الله وإقامة ذكره ويجب أن تقع الحصاة في الحوض وليس بشرط أن يضرب العمود.

    فإذا فرغتم من رمي الجمرة فاذبحوا الهدي ولا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية، ولا بأس أن توكل شخصا يذبح لك ثم احلقوا بعد الذبح رؤوسكم ويجب حلق جميع الرأس ولا يجوز حلق بعضه دون بعض، والمرأة تقتصر من أطراف رأسها بقدر أنملة.

    وبعد ذلك حللتم التحلل الأول فالبسوا وقصوا أظفاركم وتطيبوا ولا تأتوا النساء ثم انزلوا قبل صلاة الظهر إلى مكة، وطوفوا للحج واسعوا ثم ارجعوا إلى منى.

    وبالطواف والسعي مع الرمي والحلق حللتم التحلل الثاني وجاز لكم كل شيء حتى النساء. أيها الناس: إن الحاج يفعل يوم العيد أربعة أنساك: رمي الجمرة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف والسعي.

    وهذا هو الترتيب الأكمل ولكن لو قدمتم بعضها على بعض فحلقتم قبل الذبح مثلا فلا حرج، ولو أخرتم الطواف والسعي حتى تنزلوا من منى فلا حرج، ولو أخرتم الذبح وذبحتم في مكة في اليوم الثالث عشر فلا حرج، لا سيما مع الحاجة والمصلحة.

    وبيتوا ليلة الحادي عشر بمنى، فإذا زالت الشمس فارموا الجمرات الثلاث مبتدئين بالأولى ثم الوسطى ثم العقبة كل واحدة بسبع حصيات تكبرون مع كل حصاة ووقت الرمي في يوم العيد للقادر من طلوع الشمس وللضعيف من آخر الليل وآخره إلى غروب الشمس، ووقته فيما بعد العيد من الزوال إلى غروب الشمس ولا يجوز قبل الزوال ويجوز الرمي في الليل إذا كان الزحام شديدا في النهار.

    ومن كان لا يستطيع الرمي بنفسه لصغر أو كبر أو مرض فله أن يوكل من يرمي عنه ولا بأس أن يرمي الوكيل عن نفسه وعمن وكله في مقام واحد لكن يبدأ بالرمي لنفسه فإذا رميتم اليوم الثاني عشر فقد انتهى الحج، وأنتم بالخيار إن شئتم تعجلتم ونزلتم وإن شئتم فبيتوا ليلة الثالث عشر.

    وارموا الجمار الثلاث بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي فإذا أردتم الخروج من مكة فطوفوا للوداع.

    والحائض والنفساء لا وداع عليهما ولا يشرع لهما المجيء إلى باب المسجد والوقوف عنده. أيها المسلمون: هذه صفة الحج فاتقوا الله فيه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق [سورة الحج:27-29].

    أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله بحكمته ورحمته، فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها فرض عليكم تعظيم شعائره وحرماته: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه [الحج:30]. ألا وإن من شعائر الله مناسك الحج والعمرة: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158]. فعظموا هذه المناسك فإنها عبادة عظيمة ونوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله هل على النساء جهاد قال عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة، عظموا هذه المناسك بالقيام بما أوجب الله عليكم: فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب [البقرة:197]. عظموا هذه المناسك بالإخلاص فيها لله تعالى والاتباع لنبيكم محمد . قوموا بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة جماعة في أوقاتها والنصح للمسلمين، واجتنبوا ما حرم الله عليكم من المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه اجتنبوا الكذب الغش والخيانة والغيبة والنميمة والاستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم، واجتنبوا الاستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، اجتنبوا كل ما يلهيكم عن إكمال مناسككم وإتمامها، واجتنبوا ما حرمه الله عليكم تحريما خاصا بسبب الإحرام وهي محظورات الإحرام.

    فاجتنبوا الَرَفَثْ وهو الجماع ومقدماته من اللمس والتقبيل والنظر بشهوة وتلذذ، فالجماع أعظم محظورات الإحرام، وأشدها تأثيرا. من جامع قبل التحلل الأول فسد حجه ولزمه إنهاؤه وقضاؤه من العام المقبل وفدية بدنة ينحرها ويتصدق بها على الفقراء في مكة أو منى.

    واجتنبوا الأخذ من شعر الرأس فإن الله يقول: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله [البقرة:196]. وألحق جمهور العلماء شعر بقية البدن بشعر الرأس وقاسوا عليه إزالة الأظفار وقالوا لا يجوز للمحرم أن يأخذ شيئا من شعره أو أظافره إلا أن ينكسر ظفره فيؤذيه فله أخذ ما يؤذيه فقط. فمن حلق رأسه أو شيئا منه فعليه فدية يفدي بها نفسه من العقوبة وهي إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو شاة يذبحها ويتصدق بها على المساكين ويكون الإطعام والذبح في مكة أو في مكان فعل المحظور.

    واجتنبوا قتل الصيد فإن الله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم [المائدة:95]. سواء كان الصيد طائرا كالحمام أم سائرا كالظباء والأرانب فمن قتل صيدا متعمدا فعليه الجزاء وهو إما ذبح ما يماثله من الإبل أو البقر أو الغنم فيتصدق به على المساكين في مكة أو منى وإما تقويمه بدراهم ليتصدق بما يساويها من الطعام على المساكين في مكة أو منى لكل مسكين ربع صاع من البر أو نصفه من غيره وإما أن يصوم عن كل طعام مسكين يوما.

    وأما قطع الشجر فلا تعلق له بالإحرام فيجوز للمحرم وغير المحرم قطع الشجر إذا كان خارج أميال الحرم مثل عرفة ولا يجوز إذا كان داخل أميال الحرم مثل مزدلفة ومنى ومكة إلا ما غرسه الآدمي بنفسه فله قطعه ويجوز للإنسان أن يضع البساط على الأرض في منى أو مزدلفة أو غيرهما من أرض الحرم ولو كان فيها حشيش أخضر إذا لم يقصد بذلك إتلافه.

    واجتنبوا عقد النكاح وخطبة النساء فإنه قد صح عن النبي أنه قال: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب))، فلا يجوز للمحرم أن يتزوج سواء كان رجلا أم امرأة ولا أن يزوج غيره ولا أن يخطب امرأة.

    واجتنبوا الطيب بجميع أنواعه دهنا كان أم بخورا فقد قال النبي : ((لا تلبسوا ثوبا مسه الزعفران))، وقال في الرجل الذي مات بعرفة وهو محرم ((اغسلوه بماء وسدر ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا))، والحنوط هو الطيب الذي يجعل في قطن على منافذ الميت ومواضع سجوده فلا يجوز للمحرم أن يدهن بالطيب أو يتبخر به أو يضعه في أكله أو شرابه، أو يتنظف بصابون مطيب ويجوز له أن يغتسل ويزيل ما لوثه من وسخ، وأما التطيب عند عقد الإحرام فهو سنة ولا يضر بقاؤه بعد عقد الإحرام، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: ((كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم وقالت كأني أنظر إلى وبيص المسك أي بريقه في مفارق رسول الله وهو محرم)).

    واجتنبوا تغطية الرأس بما يغطى به عادة ويلاصقه كالعمامة والغترة والطاقية فقد قال النبي في المحرم الذي مات: ((لا تخمروا رأسه أي لا تغطوه)) فأما ما لم تجر العادة بكونه غطاء كالعفش يحمله المحرم إلى رأسه فلا بأس به إذا لم يقصد به الستر وكذلك ما لا يلاصق الرأس كالشمسية ونحوها لا بأس به لأن المنهى عنه تغطية الرأس لا تظليله. وعن أم الحصين رضي الله عنها: ((حجت مع النبي حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة))، وتحريم تغطية الرأس خاص بالذكور دون الإناث.

    واجتنبوا من اللباس ما منع منه رسول الله حيث سئل عما يلبس المحرم فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا الخفاف وقال من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل القميص مثل ثيابنا هذه ولا ما كان في معناه كالفنيلة والصدرية والكوت ولا يلبس العمامة ولا ما في معناها كالغترة والطاقية ولا يلبس البرنس ولا ما في معناه كالمشلح ولا يلبس السراويل سواء كان من ذوات الأكمام الطويلة أم القصيرة ولا يلبس الخفاف ولا ما بمعناها كالشراب ونحوها، فأما لبس الساعة في اليد أو تقلدها في العنق أو لبس النظارة في العين أو السماعة في الأذن أو الخاتم في الإصبع أو الحزام للفلوس أو لربط الإزار أو التلفف بالبطانية ونحوها عن الرد فلا بأس بذلك كله لأنه ليس داخلا فيما نهى عنه لفظا ولا معنى فيكون مباحا، فأما ربط الرداء بالمشبك فإن ربطه بمشابك متواصلة حتى صار كالقميص فالأقرب أنه ممنوع لأنه يشبه أو يقارب القميص الذي نهى عنه رسول الله وإن ربطه بمشبك واحد فقط فلا بأس به إذا كان يؤذيه بانخلاعه إذا لم يربطه وإلا فالأولى تركه، أما الأنثى فتلبس ما شاءت من الثياب المباحة قبل الإحرام غير متبرجة بزينة.

    ولا يجوز للذكر ولا للإناث لبس القفازين وهما شراب اليدين ولا يجوز للمرأة لبس النقاب وهو ما يغطى به الوجه ويفتح للعينين والأفضل لها كشف وجهها إلا أن يراها أحد من الرجال غير المحارم فيجب عليها تغطيته. ويجوز للرجل وللمرأة تغيير ثياب الإحرام إلى ثياب أخرى سواء غيرها لوسخ أو نجاسة أو غير ذلك.

    فاتقوا الله عباد اله واحفظوا نسككم من نواقصه ونواقضه: وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [آل عمران:132].

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
    "فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الأخرى؛وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة مانحمد معه ذلك التخشين "
    [مجموع الفتاوى28/53ـ54 ]


    موضوع للشيخ خالد الردادي حفظه الله

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    545
    جزاك الله ياشيخ خالد على هذه المواضيع والمشاركات الطيبه
    مَنْ تعرض للمصاعب ثبت للمصائب. ‏

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    545
    جزاك الله ياشيخ خالد على هذه المواضيع والمشاركات الطيبه
    مَنْ تعرض للمصاعب ثبت للمصائب. ‏

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    545
    جزاك الله ياشيخ خالد على هذه المواضيع والمشاركات الطيبه
    مَنْ تعرض للمصاعب ثبت للمصائب. ‏

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2003
    الدولة
    العراق
    المشاركات
    12

    أحسن الله إليكم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والله لقد زدتنا فقهاً وعلماً أيها الشيخ الفاضل بارك الله قيكم وأجزل مثوبتكم.
    جاسم بن محمد الكلاري الكردي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    338
    هذه أحكام الأضحية *


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
    فإن الأضحية من شعائر الله الظاهرة التي أجمع المسلمون على مشروعيتها(1)، وداوم النبي - صلى الله عليه وسلم- على فعلـها، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين، فذبحهما بيده). (2)
    وإليك أيها القارئ الكريم مسائل في الأضحية وأحكامها تحت العناوين الآتية:
    أولاً: حكمها:
    الأظهر من قولي العلماء أنها سنة مؤكدة للقادر عليها،وهو قول الجمهور، وليست بواجبة؛ لجملة من الأدلة منها:
    1) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى عمن لم يضحّ من أمته، كما في حديث جابر -رضي الله عنه(3).
    2) حـديــث أم سـلـمـــة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسّ من شعره وبشره شيئاً)(4)، فقوله: (وأراد) ظاهر الدلالة في عدم الوجوب(5).
    3) أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما(6).
    4) قول أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- (إني لأدع الأضحى وإني لموسر، مخافة أن يرى جيراني أنه حتم عليّ).(6)

    ثانياً: وقتها:
    يبدأ وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد؛ لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) (7)، ويمتد وقت الذبح إلى آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح أربعة، لحديث جبير بن مطعم مرفوعاً: (... وفي كل أيام التشريق ذبح)(8). والأفضل ذبحها في اليوم الأول بعد الصلاة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن أوّل ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر)(7).

    ثالثاً: صفة ذبحها:
    يسن أن يذبحها بيده، فإن كانت من البقر أو الغنم أضجعها على جنبها الأيسر، موجهة إلى القبلة، ويضع رجله على صفحة العنق، ويقول عند الذبح : بسم الله والله اكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني (أو اللهم تقبل مني) وعن أهل بيتي، أو عن فلان -إذا كانت أضحية موصي -، ويدل على هذه الصفة الأحاديث الآتية:
    1- حديث أنس -رضي الله عنه- قال: (ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صفاحهما)(9).
    2- حديث جابر السابق.
    3- حديث عائشة -رضي الله عنها- (أن رسول الله أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد(10)، فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشمذيها بحجر، ففعلتُ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمّة محمد، ثم ضحى به)(11).
    4- أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يكره أن يأكل ذبيحة ذبحت لغير القبلة.(12)
    - أما جملة: (اللهم هذا منك ولك) فقد جاءت في حديث جابر -رضي الله عنه- وإسناده صحيح لولا عنعنة أبي إسحاق، إلا أن لها شاهداً يتقوى به(13).
    - و إن كانت الأضحية من الإبل نحرها معقولة يدُها اليُسرى؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، فقال: (ابعثها قياماً مقيّدة، سنّة محمد)(14).
    وعن عبدالرحمن بن سابط -رحمه الله- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليُسرى، قائمة على ما بقي من قوائهما).(15)

    رابعاً: ويحرم بيع شيء منها حتى من شعرها وجلدها، ولا يعطى الجزّار بأجرته منها شيئاً؛ لقول علي -رضي الله عنه- (أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بُدْنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها) (16) (قال: نحن نعطيه من عندنا).(17)

    خامساً: ما يجزئ في الأضحية:
    أ- لا تجزئ إلا من الإبل والبقر والغنم؛ لقوله تعالى ((لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)) [الحج:34] وبهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم(18).
    ب- تجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته، لقول أبي أيوب -رضي الله عنه- لما سئل: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله؟ فقال: (كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته)(19).
    وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة وأهل بيوتهم؛ لحديث جابر -رضي الله عنه-، قال: (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهلين بالحج، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة).(20)
    ج- أقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة، وهو الجذع؛ لقول عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال:(ضحينا مع رسول الله بجذع من الضأن)(21).
    وأقل ما يجزئ من الإبل والبقر والمعز سنّة؛ وهي من المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنين(22)؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(لا تذبحوا إلا سنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن). (23)
    د- أربع لا تجوز في الأضاحي، كما في حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ظلعها(24)، والكسير(25)، وفي لفظ: والعجفاء(26) التي لا تنقي(27))(28).

    سادساً: ما يجتنبه المضحي:
    إذا دخلت العشر حرم على من أراد أن يضحي أخذ شيء من شعره أو ظفره أو جلده حتى يذبح أضحيته؛ لحـديـــث أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فـلا يمس من شعره وبشره شيئاً)، وفي رواية (ولا من أظافره شيئاً حتى يضحي).(29)، وهذا النهي خاص بصاحـب الأضـحـيـة، أمـــا المضحى عنهم من الزوجة والأولاد فلا يعمهم النهي؛ لأن النبي ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم. ومن أخذ شيئاً من شعره أو ظفره في العشر متعمداً فلا يمنعه ذلك من الأضـحـيــة، ولا كـفـارة عليه، ولكن عليه أن يتوب إلى الله (تعالى).

    سابعاً: الأضحية عن الميت:
    أ- تصح الأضحية عن الميت إذا كانت إنفاذاً للوصية.
    ب- أمـا أن يـفــرد الميت بأضحية تبرعاً، فهذا ليس من السنة، وقد مات عم النبي حمزة وزوجته خديجــة، وثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولم يرد عنه أنه أفردهم أو أحداً منهم بأضحية.
    جـ-إن ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات شملهم جميعاً(30).

    كتبه/عبد الله الإسماعيل.

    ===============
    *منقول .
    الهوامش :
    1) انظر: المغني، جـ13 ص360.
    2) البخاري: كتاب الأضاحي، جـ6 ص234.
    3) أخرجه أحمد، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي...
    4) مسلم: ح/1977.
    5) انظر: المغني، جـ13ص361، المجموع، جـ8ص356.
    6) أخرجه البيهقي، وصححه الألباني في الإرواء.0
    7) البخاري: كتاب الاضاحي، جـ6ص234.
    8) قال ابن حجر: (أخرجه أحمد، ولكن في سنده انقطاع ووصله الدار قطني ورجاله ثقات) (الفتح، جـ10ص10).
    9) البخاري: كتاب الاضاحي، جـ6ص237.
    10) أي: إن أظلافه، ومواضع البروك منه، وما أحاط بعينيه: أسود.
    11) مسلم: ح/1967.
    12) أخرجه عبدالرزاق بإسناد صحيح.
    13) أورده الهيثمي في المجمع (جـ4 ص350)..
    14) أخرجه البخاري ومسلم.
    15) صحيح سنن أبي داود للألباني، ح/1553.
    16) متفق عليه.
    17) أخرجه مسلم.
    18) المغني: جـ13 ص368، ابن كثير، جـ5 ص412.
    19) أخرجه الترمذي، جـ2 ص90.
    20) أخرجه مسلم.
    21) أخرجه النسائي، جـ3 ص915.
    22) المغني، جـ13 ص369.
    23) أخرجه مسلم.
    24) أي: عرجها.
    25) أي: المنكسرة.
    26) أي: المهزولة.
    27) أي: لا مخ لها لضعفها وهزالها.
    28) صححه الألباني، انظر: الإرواء، جـ4 ص361.
    29) أخرجه مسلم.
    30) انظر: أحكام الأضحية للشيخ ابن عثيمين.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
    "فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الأخرى؛وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة مانحمد معه ذلك التخشين "
    [مجموع الفتاوى28/53ـ54 ]


    موضوع للشيخ خالد الردادي حفظه الله

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    1,036

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    278
    جزاك الله ياشيخ خالد على هذا الموضوع الماتع جعله الله في ميزان حسناتك و رحمه الله الشيخ بن العثيمين.
    قال عتبة الغلام : (( من لم يكن معنا فهو علينا ))
    [ الإبانة 2/427 - رقم 487 ]...



    قال شيخ الإسلام " فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح إلي قول أخر قاله عالم قد يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن كان أعلم إذ تطرق الحطأ إلي آراء العلماء أكثر من تطرقه إلي الأدلة الشرعية فالأدلة الشرعية حجة الله علي جميع عباده بخلاف رأي العالم" رفع الملام




    شعيب بن نور الدين الدكالي

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    545
    للرفع
    مَنْ تعرض للمصاعب ثبت للمصائب. ‏

  13. #13
    جزاك الله خير
    {فَأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} سورة الرعد الآية17.

المواضيع المتشابهه

  1. مقالات وفتاوى فى حج للامام ابن باز
    بواسطة ابواسحاق حمزه الليبى في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-29-2010, 02:05 PM
  2. المناهي اللفظية للإمام بن عثيمين رحمه الله
    بواسطة بن حمد الأثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-22-2007, 02:08 AM
  3. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 09-15-2007, 12:39 PM
  4. الولاء و البراء لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2006, 07:19 PM
  5. هنا تنزيل مذكرة البينات النجدية من الوورد
    بواسطة محمد آدم في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-07-2005, 11:22 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •