قال الدكتور سعد بن ناصر بن عبد الله الشثري في بحثه الذي بـعنوان: (حقيقة الإيمان وبدع الإرجاء في القديم والحديث) و الذي أيده المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - وأثنى عليه بقوله (ص66): " والشيخ في هذه المحاضرة قد بين أصول وقواعد من أهم ما يكون رغم أن الموضع معترك عظيم كم زلت فيه أفهام وحار فيه من حار، لكن الشيخ وفقه الله بما أعطي من هذا الفهم الدقيق وقوة العلم والبيان أخرج هذا المقام في هذه العجالة مخرجاً جيداً أزال فيه اللبس وكشف فيه الغطاء وبين الحق وأوضحه .."
قال الشثري بعد كلامه عن هؤلاء المرجئة الجدد:" فإن قيل: هل من قال بهذه المقالة لا ينسب لمذهب السلف لمخالفته لطريقتهم؟ فالجواب عن ذلك أن يقال:
هم متبعون للسلف في المسائل التي وافقوا فيها السلف، أما هذه المسألة فهم ليسوا على مذهب السلف فيها، وخطأ الإنسان في مسألة أو مسألتين لا يجعلنا نطلق اسم الذم عليه مطلقاً ؛ حتى في التأثيم، فإن المخطئ الذي لم تصله الأدلة الشرعية لا يستحق الإثم على الصحيح ما دام قد بذل وسعه في الوصول إلى الحق ولم يتمكن، كما هو مذهب السلف حتى لو كان في مسائل الاعتقاد؛ لقوله تعالىفاتقوا الله ما استطعتم [التغابن: 16]، وقوله سبحانه: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم [الأحزاب 5 ]، حيث نفى الله الجناح والإثم عن الخطأ من المسلمين والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقرر أهل الأصول، فيشمل الخطأ في الاعتقاد.
قال تعالىوَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء 115].
فيستفاد من الآية بطريق دليل الخطاب أن الله لا يؤاخذ أحداً إلا بعد أن يتبين له الحق وتقام عليه الحجة.
فأما إذا وصلت هذه الأدلة القاطعة للمكلف بحيث أمكنه إتباعها ثم خالفها تفريطاً في جنب الله وتعدياً لحدوده فلاشك أنه مخطئ آثم، وأن هذا الفعل سبب لعقوبة الله في الدنيا والآخرة(•)..."






ــــــــــــــــــ
(•) روضة الناظر لابن قدامة 1/148