الحمد لله وبعد ....

لا يفتأ هذا ـ ألاّ شيء ـ ربيع المدخلي عن محاربته لعقيدة أهل السنّة والجماعة في الإيمان ومنزلة العمل منه بكل ما أوتي من سفسطةٍ وجدلٍ بيزنطي ، وبث لسمومه الإرجائيّة بين صفوف الشّباب السّلفي ، وتلوّنه وبهلوانيّاته في المسألة ـ ليجعل قول أهل السنة قولاً بدعيّاً وقوله البدعيّ سنيّاً ـ وحتى لا يقع في صدامٍ مباشر مع كبار علماء السنة وجهاً لوجه بكل وضوح ـ جبناً منه ـ سلك السبيل البهلواني ، فهو يعرف نتيجة ومغبّة هذا الأمر وعواقبه الوخيمة عليه وعلى أتباعه .

ومن بهلوانياته وثعلبيّاته ما سطّرته يداه في مقالته الأخيرة والتي نشرها في شبكته ( سحاب ) تحت عنوان [ هل يجوز أن يُرمَى بالإرجاء من يقول :" إنَّ الإيمانَ أصلٌ والعملَ كمالٌ ( فرعٌ )" ؟ ] جاء فيها ـ كما عوّدنا في كتاباته ـ بالعجائب والغرائب ، ولم تختلف هذه المقالة الربيعية عن أخواتها من المقالات الأخر من حيث التلبيس والكذب والجهل والهروب عن محل النزاع والفجور في الخصومة ، ومؤكدةً أن ربيعاً المدخلي هو [ الناصح الصادق ] صاحب المقال الإرجائي الذي ردّ عليه بعض علماء اللجنة الدائمة للإفتاء والذي أثبت الشيخ فالح الحربي في ( تنبيه الألباء ) أنّه ربيع المدخلي وحتى أنّ الأخ فكاري طلب ربيعاً للمباهلة على أنّه هو المرجيء [ الناصح الصادق ] ولكن ربيعا كالعادة ـ وبئست العادة ـ فرّ بالصمت ؟! .

ويحسن قبل الشروع في الرد على هذا ـ ألاّ شيء ـ ربيع أن أبيّن ـ لمن لا يعلم ـ محلّ الخلاف في المسألة بين أهل السنة ومرجئة العصر لكثرة تدليس هذا الرجل وبهلوانياته و تنطّطه في المسائل .

فالمسألة ـ بكل إختصار ـ هي : أنّ أهل السنّة مجمعون على أن الإيمان يمتنع بغير عمل لمن لا عذر له ، وهذا ما أجمع عليه أهل السنة ( سلفاً وخلفاً ) وخالف فيه المرجئة وأثبتوا الإيمان بغير عمل ، ومن هؤلاء المرجئة حلبي مكّة لكنّه أمكرهم وأدهاهم وأكثرهم تلونناً و تنطّطاً في المسائل وتملصاً منها بطرقٍ زئبقيّة وحرباً لأهل السنّة ، ومما يدل على هذا هي مقالته الأخيره التي يحاول من خلالها جاهداً أن يجعل الخلاف فيها خلافاً لفظيّاً لا معنويّاً وبيان ذلك في الآتي :

1ـ عنوان المقالة يفوح بالتلبيس والكذب ـ وهذا ليس بالمستغرب من ربيع ـ فخلاف أهل السنة مع ربيع وفرقته الإرجائيّة ليس في [ العبارات والألفاظ ] إنّما في [ المدلولات والمعاني ] لهذه الألفاظ والعبارات ، فأهل السنّة يبدعون ويرمون بالإرجاء من يثبت الإيمان لمن لم يعمل بجوارحه مهما تلاعب بعباراته وألفاظه ، لأنّهم مجمعون على أنّ الإيمان لا يكون إلاّ بعمل خلافاً للمرجئة وربيع يريد أن يوهم أنّ 99% من العلماء يقولون بحصول الإيمان بلا عمل !! .

والقول أنّ التّصديق ومعرفة القلب أصل والظاهر وهو ـ عمل الجوارح ـ فرع أو ( كمال ) قال به بعض العلماء وليس هذا محلّ إشكال مع هؤلاء العلماء لأنّهم قد بيّنوا مرادهم من هذا وهو أنّ الظاهر ـ عمل الجوارح ـ هو ثمرة ودليل على صلاح الباطن ، فالمسلم يعرف ويصدّق بقلبه ثم تعمل جوارحه وهذا الكلام مستقيم ولا غبار فيه كالصّلاة مثلاً فالمسلم يعرف ويصدّق بوجوبها بقلبه ثمّ يأتي بها بجوارحه وهكذا في كل عمل ، وقالوا بفساد الباطن وإنعدام الإيمان إذا إنعدم الظاهر الذي يعبّرون عنه بالفرع والكمال ، لأنّ الإيمان لا يكون لديهم إلا بعمل ـ كما سيأتي ـ بعكس مرجئة العصر حينما يجعلون العمل [ شرط كمال ] فهم يقولون بحصول الإيمان مع إنعدام الظاهر ويكتفون بالتّصديق والمعرفة وهذا هو [ مربط الفرس ] ومحل النّزاع الذي يحاول ربيع المدخلي جاهداً إخفاءه حتى لا يتبيّن إرجائه ، وكم هو البون شاسع بين هؤلاء العلماء ومرادهم من هذه العبارات وبين حلبي مكّة.

2ـ قال ربيع المدخلي في مقالته معدداً أصول من يسمّيهم بالحداديّة : ( 1- جنس العمل ؛ وهو لفظ لا وجود له في الكتاب والسنة ولا خاصم به السلف ولا أدخلوه في قضايا الإيمان ,اتخذوه بديلاً لما قرره السلف من أن العمل من الإيمان وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد ,يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي . ) .

أولاً : لفظ [ جنس العمل ] لفظ إصطلاحيّ ، والإصطلاحات غير توقيفيّة فما الذي يضايق شيخ إسلام سحاب من هذا ؟ .
ثانياً : لو فترضنا ـ جدلاً و تنزلاً ـ أنّ هذا اللفظ [ جنس العمل ] لم يقل به أحد من علماء السّلف ألا يكون الواجب الإستفصال من صاحبه وفهم مراده وماذا يعني به ؟ .
ثالثاً : نسأل حلبي مكّة سؤالاً فنقول : هل خلافنا معك في هذا اللّفظ ـ من حيث وروده في الكتاب والسنة من عدمه ـ أم في حكم تارك [ مدلوله ] ؟ وهل قلنا أو إدّعينا أنّه ورد في الكتاب والسنّة حتّى تسوّد الأوراق ـ سوّد الله وجهك ـ بنفي وروده فيها ؟ إنّ خلافنا معك في المدلول لا في اللّفظ فلماذا هذه الثّعلبيّات ؟ .
رابعاً : رغم أنف حلبي مكّة قد قال بهذا اللفظ جمع من علماء أهل السنة ممن يعدلون بعلمهم مئاتٍ من أمثاله ، ومنهم ( شيخ الإسلام إبن تيميّة ـ إبن رجب الحنبلي ـ حسين إبن غنّام ـ سليمان إبن عبدالله إبن محمد إبن عبدالوهاب ـ عبدالعزيز إبن باز ـ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمهم الله جميعاً ـ عبدالعزيز آل الشيخ ـ صالح الفوزان ـ صالح ابن عبدالعزيز آل الشيخ ـ وغيرهم ) فهؤلاء العلماء بحسب القواعد الربيعيّة حدّاديون !! .
خامساً : أهل السنّة مجمعون على تكفير تارك [ مدلول ] لفظة [ جنس العمل ] وأنّ الإيمان لا يتم إلاّ به ـ وهذا هو محلّ محنة ربيع ـ وممن نقل الإجماع على هذا ( الإمام الشافعي ـ الإمام أبو طالب المّكي ـ الحافظ إبن أبي زيد القيرواني ـ الإمام المفسّر أبو جعفر الطبري ـ الإمام الآجري ـ شيخ الإسلام إبن تيمية ـ الإمام ابن بطّة العكبري ـ الإمام المفسر أبو الفداء بن كثيرالدمشقي ـ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ـ العلامة سليمان ابن سحمان ـ العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ عبد العزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمهم الله جميعاً ـ الشيخ العلامة عبدالله بن صالح الغديان ـ العلامة صالح بن عبدالله الفوزان ـ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي ـ فضيلة الشيخ الوزير صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ) فهل التّديّن لله ـ تبارك وتعالى ـ بما أجمع عليه علماء السلف يعد حداديةً ؟ ـ اللّهم إنا نعوذ بك من الظلال وأهله ـ .
سادساً : متى إتّخذ أهل السنة الذين تسميهم بالحداديين لفظة [ جنس العمل ] بديلاًُ عن تعريف الإيمان بأنّه ( قول وعمل وإعتقاد ) ؟ وعلى فريّتك هذه يكون تعريف الإيمان عندهم هو : ( جنس العمل ) !! وهذا كذب بائن من حلبي مكّة ـ لكننا إعتدناه منه كما إعتاده غيرنا ـ إنّما نحن نعبّر عن عمل الجوارح بجنس العمل كما عبّر بها الكثير من علمائنا فما الذي يعاب علينا في هذا ؟ .
سابعاً : إن علماء السّلف الذين لم يقولوا بهذا اللّفظ [ جنس العمل ] قد والوا وعادوا المرجئة على [ مدلوله ومعناه ] وأجمعوا على ذلك ولا ينكر هذا إلاّ من تمرّغ بوحول الإرجاء وهذا هو مربط الفرس ومحل الخلاف فيما بين أهل السنة مرجئة العصر الذي يحاول المدخلي إخفاءه بإستماته .

3ـ وقال حلبي مكّة : ( وإذا أخذوا بهذا الكلام على مضض فلا يكفي عندهم أن يقول السلفي : الإيمان قول وعمل واعتقاد ويزيد وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة وأدنى أدنى من مثقال ذرة كما نطقت به الأحاديث النبوية الصحيحة . ) .

أولاً : يقصد حلبي مكّة بالّذي نأخذه على [ مضض] تعريف الإيمان بـ ( القول والعمل والإعتقاد ) وهو بهذا كاذب ـ ورب الكعبة ـ فنحن نعرّف الإيمان بما عرّفه به سلفنا الصالح ( قول وعمل وإعتقاد ) ولا نخرج عنه ، إنّما الذي لا نقبل به لا على [ مضض ] ولا على ـ غير ـ مضض هو القول بصحّة الإيمان من غير عمل كما تقول المرجئة .
ثانياً : نحن نقبل ـ رغم أنوفنا ـ أن يقول السلفي أن الإيمان ( قول وعمل وإعتقاد يزيد وينقص حتى يبقى منه مثقال ذرّة وأدنى أدنى من مثقال ذرة ) كما في الحديث ، لكن ما لا نقبله ولا يقبله أهل السنّة هو بقاء هذه [ الذّرة ] من الإيمان بغير عمل ، ونرفض الفهم الإرجائي للحديث ، فمحنة حلبي مكّة في هذه الذّرة !! .
ثالثاً : ما قول المستر ربيع بعلماء اللجنة الدّائمة للإفتاء الذين حكموا بالإرجاء على من يقول بهذا القول الذي ينافح عنه ؟ هل سيصفهم بما وصف به كتّاب الأثري والشيخ فالح ؟ هل سيكون رجلاً ويفعلها ؟

4ـ وقال حلبي مكّة : ( بل أوجبوا على الناس أن يقولوا : (حتى لا يبقى منه شيء) والذي لا يقول بهذه الزيادة فهو عندهم مرجئ غال وحتى ولو قالها بعض أهل السنة فهم عندهم مرجئة رغم أنوفهم !! )

أولاً ـ هذه كذبة صلعاء من ربيع كالعادة ـ وبئست العادة ـ إنّما نوجب القول ( حتى لا يبقى منه شيء ) إذا إنعدم عمل الجوارح مع التّمكن منه كما أجمع على هذا سلفنا ، لكنّ حلبي مكّة ومن معه من مرجئة العصر يقولون ببقاء هذه الذّرة من الإيمان مع إنعدام عمل الجوارح وهذا ما لم يقل به أحد من أهل السنة .
ثانياً : مشكلة حلبي مكّة ومن معه أنّ لديهم عسر مزمن في فهم مراد السلف من تعريفهم للإيمان بــ ( القول والعمل والإعتقاد ) فمراد السلف أنّ الإيمان مركب من هذه الثلاثة مجتمعة ويلزم من إنعدام إحداها إنعدامه كما أجمعوا ، لكن حلبي مكّة ومن حذى حذو المرجئة يقول بحصوله مع إنعدام إحداها وهو العمل .
ثالثاً : ومن علماء السّلف الذين قالوا بنقصان الإيمان حتى لا يبقى منه شيء ( الإمام إسحاق بن راهويه ـ الإمام إسحاق بن منصور الكوسج ـ الإمام سفيان بن عيينة ـ إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ـ إبن المبارك ـ الإمام البربهاري ـ الإمام الأوزاعي ـ العباس بن الوليد البيروتي ـ المحدث الكبير أبو عثمان بشار بن موسى الخفاف ـ الإمام علي بن عبد الله المديني ـ عثمان بن سعيد الدارمي ـ عمر بن عون الواسطي ـ الإمام ابن منده ـ رحمهم الله جميعاً )
رابعاً : إن مراد مرجئة العصر ومنهم المستر ربيع من بقاء مثقال أدنى ذره من الإيمان هو في حق من لم يعمل بجوارحه وهذا مالم يقل به أحد غير المرجئة ومرادهم من هذه الطّنطنة على [ الذّرة ] إثبات الإيمان بلا عمل .


5ـ وقال حلبي مكّة : ( فعلى عقيدتهم هذه يكون حوالي تسعة وتسعون بالمائة من أهل السنة وأئمتهم مرجئة وإذا بين لهم خطورة تأصيلهم وفساده ازدادوا عناداً وحرباً على أهل السنة . )
أولاً : هل عمل المستر ربيع إحصائيّة لأهل السنة حتى علم أنّ 99% يقولون بهذا القول ؟
ثانياً : هذه كذبة ـ صلعاء ـ من حلبي مكّة يستحي منها حتى [ حلبي الشّام ] !! ، لأنّ أهل السنة مجمعون على تكفير تارك عمل الجوارح مع تمكنّه فكيف يكذب هذا المسخ ويجعل 99% من علماء الأمة يقولون بقوله ؟

6ـ وقال حلبي مكّة : ( 2- الذي لا يبدع من لا يكفر تارك جنس العمل فهو عندهم مرجئ غال رمزاً إلى تكفيره .وحتى وإن كفر تارك جنس العمل فهو مرجئ عندهم لماذا ؟ . )

أولاً : من لا يكفّر تارك [ جنس العمل ] فلا شكّ أنّه مرجيء وهذا بإجماع علماء السنة ـ سلفاً وخلفاً ـ .
ثانياً : بما أن المرجئة فرقة مبتدعة بإجماع السّلف فلا شكّ أن من لا يبدّع الفرق التي أجمع السّلف على تبديعها فهو مبتدع ولا شكّ أنّ من يقولون بنجاة تارك جنس العمل هم مرجئة مبتدعه بإجماع السلف فمن توقف عن تبديعهم فهو مبتدع ، فكيف بأمثال حلبي مكّة ممن يدين بمعتقدهم ويناصرهم وينافح عنهم بالكذب والغش والبتر ويطعن بمن رد عليهم ؟ .
ثالثاً : ثمّ هل نسي المستر ربيع أنّه يبدّع ويهجر ويأمر بهجر من لا يبدّع ويهجر من قام بتبديعه وأمر بهجره ؟ ولا يرى التفصيل في الهجر ؟
رابعاً : مسألة أننا نرمي من لا يبدّع المرجئة ويناصرهم بالإرجاء فنعم نرميه أمّا أن نجعله [ غالٍ في الإرجاء ] فهذه من كيس ربيع ـ وما أوسع كيسه ـ .

7ـ وقال حلبي مكّة : ( لأنهم قد فصلوا ثوب الإرجاء ليقمصوا به أهل السنة شاءوا أم أبوْا !! ) .
نقول للمستر ربيع إن الذي فصّل هذا الثوب ـ ثوب الإرجاء ـ وقمّصه لمن يثبت الإيمان بلا عمل هم علماء الأمة ، فهل علماء الأمة اللذين حكموا بإبتداع المرجئة الذين يثبتون الإيمان بلا عمل حداديون ؟ وهل اللّجنة الدائمة للإفتاء [ حدّاديّة ] لأنّها أصدرت عدّة فتاوى ترمي بها من لا يكفّر تارك [ جنس العمل ] من أمثالك بالإرجاء ؟
أم أنّك تسير على المثل العامّي الذي يقول : [ أبوي ما يقدر إلاّ على أمّي ] ؟ أي أنّك لا تستطيع مواجهة كبار العلماء فتصب جام غضبك الإرجائي علينا وكأننا نحن من إبتدع هذا القول ؟
وإليك هذه الهديّة من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميّة 7/ 621 :
( فلا يكون الرجل مؤمنًا بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد‏-صلى الله عليه وسلم-.‏ ومن قال بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات، سواء جعل فعل تلك الواجبات لازمًا له، أو جزءًا منه، فهذا نزاع لفظي، كان مخطئًا خطأ بينًا، وهذه بدعة الإرجاء، التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها، وقالوا فيها من المقالات الغليظة ما هو معروف، والصلاة هي أعظمها وأعمها وأولها وأجلها‏.)
فهل شيخ الإسلام حدّادي ؟


8ـ وقال حلبي مكّة : ( 3- أئمة الجرح والتعديل والحديث عندهم ليسوا أهلاً للحكم على أهل البدع وقواعدهم لا تنطبق على أهل البدع ؛ لأن هذه المرتبة إنما هي للعلماء ؛ أي علماء الحدادية الجهلة المجهولين ,فإن هؤلاء لهم الحق أن يبدعوا وأن يكفروا بالجهل والظلم . )
متى قال من يسمّيهم بالحدّادين هذا الكلام ؟ ألا لعنة الله على الكاذبين !! .
كل ما قاله من تسميهم بالحدادين أن ظوابط علم جرح وتعديل الرواة في مصطلح الحديث لا تنطبق على أهل البدع ، وأنّ التبديع والتكفير إنّما هي من باب الفتوى يفتيها العالم فيمن يراه مستحقاً لها ، وأقاموا أدلتهم على ذلك ونقلوا أقوال العلماء التي دمغت أعجوبة الزمان ربيع والتي لم يستطع الرد عليها حتّى الساعه سوى بالصّياح والعويل والكتابات الجوفاء وتحميل الكلام مالا يحتمل والإستنباطات المريضة كما هي عادته .


9ـ وقال حلبي مكّة : ( 4- بعض أصولهم ضللت الأئمة وبعضها من صنع الشيطان . )
سم لنا هذه الأصول وأقم الأدلة من كتاباتنا عليها وإلا عليك من الله ما تستحق يامن تدعوا للتنازل عن أصول الدين وواجباته لمراعات المصالح والمفاسد !! .


10 ـ وقال حلبي مكّة : ( 5- أحكام في التكفير تفوق أحكام الخوارج . )
كفّرنا من يا ربيع ؟ هات لنا مسلماً كفرناه بلا بيّنة ؟ وهل نسيت أحكامك على كثير من المسلمين وتكفيرك لهم ومراوغتك في هذا ؟ هل تعلم أنّي لو أردت أن أجمع عبارات التكفير التي صدرت منك في حق جماعات وأفراد لحتجت إلى موضوع مستقل ؟

11ـ وقال حلبي مكّة : ( فمن لم يقلد فالحاً وأمثاله فقد نسف رسالات الرسل والكتب التي نزلت عليهم .والذي يرضى غيره من العلماء حكماً فقد كذًّب القرآن والسنة وكذَّب الإسلام . )
متى قال كتّاب الأثري أنّ من لا يقلّد الشيخ فالح الحربي قد نسف رسالات الرسل ؟ إنّما نقول هذا فيمن لا يرى التّقليد على الإطلاق ، وأمّا مسألة التّحاكم فهذه لا يفوق أحد فيها ـ فيما أعلم ـ أتباعك فقد جعلوك حكما على إجماعات المسلمين وعقائدهم ومن أمثلة ذلك :
1ـ طعنك في إجماع الصحابة على دفن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجرة عائشة رضي الله عنها .
2ـ ردّك للنصوص ودعواك بجواز التنازل عن أصول الدين وواجباته لمراعات المصالح والمفاسد .
3ـ خرقك لإجماع الأمة على عدم حصول الإيمان بلاعمل للمتمكّن منه .
4ـ خرقك للإجماع على جواز التّرحم على فسّاق المسلمين .
5ـ دعواك لتفويض بعض نصوص الصّفات والأمة مجمعة على ذم التفويض وأهله .
كل هذه البلايا يعتقد بها الكثير من أتباعك وينافحون عنها ويوالون ويعادون عليها وستحمل وزرك وأوزارهم إن لم تتدارك نفسك بالتوبة .

12 ـ وقال حلبي مكّة : ( - إلى افتراءات واتهامات بالكفر لمن ينصحهم أو يخالفهم في تلك الأمور التي انفردت بها هذه الطائفة )
من الذي ناصحنا واتهمناه بالكفر أيّها [ الصّدوق ] ؟، هل إذا دعانا أحد إلى القول بجواز التّنازل عن أصول الدين وواجباته وإلى الإرجاء وقمنا بالرد عليه نكون رادين للنصيحه ؟ وهل كل ناصح محق وكل منصوح مخطيء ؟

13ـ وقال حلبي مكة : ( لا يجوز أن يُرمى بالإرجاء من يقول : " إنَّ الإيمان أصل وفرع " لأنَّ هذا يقتضي تضليل علماء الأمة ومنهم الأئمة الآتي ذكرهم ) .
أولاً : هذا من تلبيس ربيع وتلاعبه بعبارات أهل العلم ، فالفرق شاسع وواضح بين قول هؤلاء العلماء ومرادهم وبين قول مرجئة العصر ومرادهم :
1ـ أهل العلم الذين قالوا ( الأصل والفرع والكمال ) بيّنوا مرادهم من هذه العبارات والألفاظ ، فهم يعنون بالأصل مافي القلب من معرفة وتصديق والظاهر وهو عمل الجوارح هو الفرع أو الكمال واللاّزم ، حيث أن المسلم يعرف ويصدّق بقلبه ثم تثمر هذه المعرفة والتصديق القلبي على جوارحه من إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة والصيام والحج والبعد عن المحرّمات فبعد أن يعرفها المسلم ويصّق بها بقلبه يعمل بها بجوارحه وإن إنعدم الظاهر ( الفراع أو الكمال أو اللاّزم ) إنعدم الباطن ( الأصل ) ، وهذا لا إشكال مع من يقول به .
2ـ مرجئة العصر حينما يقولون بأنّ العمل [ شرط كمال ] فهم يعنون أن الأصل ( تصديق ومعرفة القلب ) كافيه للإيمان ، وأنّ الإيمان باقي مع زوال ( الفرع أو الكمال ) الذي يعنيه من ينقلون عنه من أهل العلم وهذا ما لم يقل به من نقلوا عنه ، وبالمثال يتّضح المقال :

مما نقله حلبي مكّة عن شيخ الإسلام ابن تيمية الأتي وهو حجة عليه لا له :
( وذلك لأن أصل الإيمان هو ما في القلب .والأعمال الظاهرة لازمة لذلك . لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح ,بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب ؛فصار الإيمان متناولاً للملزوم واللازم وإن كان أصله ما في القلب ؛ وحيث عطفت عليه الأعمال ,فإنه أريد أنه لا يكتفي بإيمان القلب بل لا بد معه من الأعمال الصالحة )

أولاً : شيخ الإسلام جعل الأعمال الظاهره من لوازم إيمان القلب الواجب وقال بإنعدام إيمان القلب إذا إنعدمت جميع الأعمال ( جنس العمل ) فهل قول شيخ الإسلام هذا هو قول حلبي مكّة ومن معه من مرجئة العصر ؟
ثانياّ : مرجئة العصر لا يقولون بإنعدام إيمان القلب عند إنعدام لازمها من الأعمال الظاهره ( جنس العمل ) وهذا هو عين الإرجاء وهو إثبات الإيمان بلا عمل .
ثالثاً : قال شيخ الإسلام إبن تيمية في مجموع الفتاوى 7/128 : ( بل القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق ، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة ، فإن تلك إنما فسرتها السنة ، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف )
رابعاً : وبهذا يتبيّن تلبيس ربيع على أتباعه وأن مراد أهل العلم من عباراتهم مخالف لمراده ومراد مرجئة العصر !! .

بل العجيب والغريب ـ وليس بالعجيب من ربيع ـ أنّه سعى حثيثاً لنقل عبارات بعض أهل العلم التى قالوا فيها بودود كمالٍ للتوحيد والإيمان !! ، وكأنّ من يرد عليهم لا يقولون بوجود كمال في االتوحيد والإيمان وتفاضل فيه ؟
فمن يقرأ كلامه يعتقد بأنّ الخلاف فيما بين ربيع وأهل السنّة يدور حول وجود كمالٍ للتوحيد والإيمان ومثال ذلك نقله عن الشيخ عبدالرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ في فتح المجيد : ( قوله ( وتلا قوله " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ) استدل حذيفة -رضي الله عنه- بالآية على أن هذا شرك ، ففيه صحة الاستدلال على الشرك الأصغر بما أنزله الله في الشرك الأكبر لشمول الآية ودخوله في مسمى الشرك ، وتقدم معنى هذه الآية عن ابن عباس وغيره في كلام شيخ الإسلام وغيره ، والله أعلم ، وفي هذه الآثار عن الصحابة ما يبين كمال علمهم بالتوحيد وما ينافيه أو ينافي كماله )
ثمّ علّق أعجوبة سحاب بعدها قائلاً :
( فهنا يثني الإمام عبد الرحمن على الصحابة بكمال علمهم بالتوحيد وما ينافيه وينافي كماله وهذا حق فمن أعلم بالله وبدينه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم )
فلا أعلم كيف يفكّر هذا الخرف ، هل خلافنا معه يدور حول وجود كمال للتوحيد والإيمان ؟ هل نازعه أحد حول وجود كمال للإيمان والتوحيد ؟

وتبقى لمقالة ربيعٍ هذه حسنة واحدة وهي كشف معتقده في الإيمان بعد أن كان يماطل ويراوغ ويتلاعب في العبارات والألفاظ ، وتثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه هو المرجيء [ الناصح الصادق ] صحاب المقال الذي يدعوا إلى معتقد المرجئة .
وإن شاء الله سترفع هذه المقالة إلى هئية الإفتاء كما رفعت كتب صاحبك [ حلبي الشام ] لينتهي شرّك ويتنبه من بقي مخدوعاً بك

والحمد لله أولاً وآخراً

كتبه / السّلفي الكويتي