** فتاوى العلماء حول موضوع الردة **


أولاً: فضيلة الشيخ ابن باز – رحمه الله - :
1.السؤال: ما الحكم الشرعي للشخص الذي يرتكب جريمة سب الدين وهو متزوج، فإن كنت حوله أو قريبا منه، فما الواجب الذي أقوم به نحو هذا الشخص؟
الجواب: سب الدين من أعظم الجرائم في الإسلام، وهو من الجرائم الكفرية، وهو من نواقض الإسلام، ومن أنواع الردة عن الإسلام، فالذي يسب الدين أو يسب الله أو يسب الرسول -عليه الصلاة والسلام- هذا قد أتى كفراً عظيمة وردةً عن الإسلام، والواجب على من سمعه وكان يعلم ذلك منه أن ينكر عليه، وأن يعلمه أن هذا ناقض من نواقض الإسلام وكفرٌ بواح، فعليه أن يبادر بالتوبة، لعل الله يتوب عليه. وأما حكمه في الدنيا بالنسبة إلى ولاة الأمور، فالواجب عليهم استتابته، فإن تاب فالحمد لله، وإلا وجب أن يقتل، وقال جمع من أهل العلم: لا يستتاب بل يقتل حداً كافراً، فإن تاب فيما بينه وبين الله تاب الله عليه، ولكن يجب أن يقتل ردعاً له ولأمثاله عن سب الله ورسوله وعن سب دين الله، وقولان معروفان لأهل العلم، وبالنظر إلى حالة الناس اليوم وكثرة الجهل واختلاطهم بالمشركين والكفار وضعفاء البصيرة، يتضح له أن هذا الشيء قد يكثر في هذا الزمان من كثرة المخالطة للكفرة، ولكثرة الجهل وغلبته على الناس، ولضعف الدين والإيمان في قلوب الكثير من الناس، فلهذا قد يقع منه هذا الشيء كثيراً، فالواجب أن يردع عن هذا الشيء بغاية من التأديب الذي يردع الناس عن هذا، ثم يستتاب لعله يندم على ما فعل، ولكن لا بد من التعزير لا بد من الأدب عما أقدم عليه، ثم استتابته بعد ذلك، فيستتاب فإن تاب فالحمد لله مع التعزير والتأديب حتى لا يعود لمثل هذا، وإن لم يتب قتل كفراً وردةٌ عن الإسلام، والقول الثاني: لا يستتاب بل يقتل فوراً ولا يستتاب؛ لأن هذه جريمة عظيمة فلا يستتاب أهلها كما لا يستتاب الساحر على الصحيح، فهكذا من سب الله ورسوله أو سب دينه من باب أولى لظهور كفره، ولأنه هتك أمراً عظيماً، وأتى جريمة عظمى في سب الدين أو سب الله ورسوله، وبكل حال الواجب أن يستتاب فإن تاب وندم وأقلع وأظهر الخير وأظهر العمل الصالح فالحمد لله، وإلا قتل ولكن التعزير لا بد منه، لا بد أن يعزر ويؤدب حتى لا يعود إلى مثل هذا ولو تاب، وإن قتل كفراً ولم يستتاب فهو قول جيد وقول قوي ولا غبار عليه، ولكن الاستتابة لها وجهها والله -جل وعلا- أمر باستتابة الكفار ودعوتهم إلى ذلك، فإن استتيب لأن الجهل يغلب على الناس، ويغلب عليهم التساهل في هذه الأمور بسبب الجلساء الضالين، وبسبب غلبة الجهل، وبسبب المخالطة الخبيثة للكفرة والمجرمين، فإذا استتيب وتاب توبة صادقة وأظهر الخير فالحمد لله، وإلا أمكن قتله إذا عاد إلى مثل هذا، ولم يتأثر بالاستتابة ولا بالتعزير الذي فعل معه من ولاة الأمور. والله المستعان.

2. السؤال: ما هي، وإذا وقع أحدٌ في أحد هذه المبطلات فكيف يرجع إلى الإسلام مرةً أخرى؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فهذا سؤال عظيم يجب على كل مؤمن أن يفهمه وأن يعتني به؛ لأن نواقض الإسلام اليوم كثيرة وخطرها عظيم, وهذا السؤال فيه فائدة كبيرة لكل مسلم, وقد ألف العلماء في نواقض الإسلام مؤلفات وذكروا في كتب الفقه باباً مستقلاً في هذه المسألة، سموه باب حكم المرتد، سموا هذا المقام في سائر هذا الباب، جعلوها تحت الباب باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، ثم ذكروا النواقض التي يحصل بها الردة يقال لها نواقض الإسلام، مبطلات الإسلام، أسباب الردة، وهي كثيرة ذكرها العلماء في هذا الباب، في مذهب الحنابلة, والشافعية, والمالكية, والحنبلية, وغيرهم، وذكرها غير جماعة في مؤلفات خاصة مستقلة, فيجب على المؤمن والمؤمنة الحذر في ذلك والتفقه في ذلك حتى لا يقع فيه، ومنها الشرك بالله-عز وجل-، منها الشرك وهو أعظمها كدعاء أصحاب القبور، كالبدوي, أو الحسين, أو غيرهم, والاستغاثة بهم, والنذر لهم, والذبح وكسؤال الأصنام, أو الضراعة إلى الجن والاستغاثة إلى الجن, أو الملائكة, أو بالنجوم كل هذا من الشرك بالله ناقض من نواقض الإسلام ومن أسباب بطلان الإسلام؛ لذلك سب الله, أو سب الرسول- عليه الصلاة والسلام-, أو الاستهزاء بدين الله، أو الاستهزاء بالقرآن, أو بالرسول- صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى:( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) ، " التوبة: من الآية66"، ومن ذلك ترك الصلاة؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين, وإذا جحد وجوبها كفر إجماعاً إذا قال ما هي بواجبة كفر إجماعاً، وإن تركها تساهلاً وتكاسلاً كفر في الصحيح من قولي العلماء، وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، وقال ما هي بواجبة الزكاة على الناس, أو قال صيام رمضان ليس بواجب على الناس كفر، عند الجميع، أو قال أن الحج مع الاستطاعة لا يجب على المكلفين كفر إجماعاً؛ لأن الواجب الحج مع الاستطاعة أو قال إن الزنا حلال، استحل ما حرم الله، قال الزنا حلال، كفر عند الجميع، ردة تعتبر من نواقض الإسلام، أو قال إن الخمر والمسكرات حلال كفر عند الجميع، أو قال إن الربا حلال ما فيه ربا كله عنده حلال، هذا كفر عند الجميع، أو قال اللواط حلال إتيان الذكور هذا ردة عند الجميع والعياذ بالله، أو قال إن الحكم بغير الشريعة جائز لا بأس بتحكيم بالقوانين الوضعية, وترك الكتاب والسنة من أجاز هذا وأباحه كفر إجماعاً وهي قد وردت كثيرة حتى ذكرها البعض أربع مائة ناقض إذا تدبرها الإنسان وتقصاها فهي كثيرة, فالواجب على المؤمن الحذر، وأن يتفقه في دين الله ويتبصر, وكذلك يراجع هذا الباب، باب حكم المرتد، مراجعة علمية يراجع هذا الباب ويتأمل حتى يستفيد ويفيد نسأل الله للجميع العافية والسلامة، لا حول ولا قوة إلا بالله.

( موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله - )


ثانياً: فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - :
1.السؤال: سؤاله الثالث يقول ما حكم من يسب الدين أي يشتم الإنسان بلعن دينه وماذا عليه إن كان متزوجاً وإذا سألته عن ذلك يقول هذا لغو ولم أقصد سب الدين؟
الجواب: نعم سب الدين كفر ولعن الدين كفرٌ أيضاً لأن سب الشيء ولعنه يدل على بغضه وكراهته وقد قال الله تعالى (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) وإحباط الأعمال لا يكون إلا بالردة لقوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) فالمهم أن هذا الذي يسب الدين لا شك في كفره وكونه يدعي أنه مستهزئ وأنه لاعب وأنه ما قصد هذا لا ينفي كفره كما قال الله تعالى عن المنافقين (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) ثم نقول له إذا كنت صادقاً في أنك تمزح أو أنت هازل لست بجاد فارجع الآن وتب إلى الله فإذا تبت قبلنا توبتك تب إلى الله وقل استغفر الله مما جرى وارجع إلى ربك وإذا تبت ولو من الردة فإنك مقبول التوبة.

2. السؤال: سؤاله الأخير يقول هل الكافر تنطبق عليه نفس أحكام التشريع الإسلامي من حيث المعاملات وأقصد المرتد بنفس الحالة التي تحدثت عنها سابقا ترك الصلاة وسب الدين أم أنه يعاد أولا إلى الطريق المستقيم حتى يخضع كيانه لتشريعه السامي؟
الجواب: المرتد ليس كالكافر الأصلي ولا يعامل معاملة الكافر الأصلي بل هو أشد منه لقول النبي عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه فالمرتد بأي نوع من أنواع الردة لا يعامل كما يعامل الكافر الأصلي بل أنه يلزم بالرجوع إلى الإسلام فإن أسلم فذاك وإن لم يسلم فإنه يقتل كفرا ولا يدفن مع المسلمين ولا يصلى عليه وعلى هذا فنقول إن هذا المرتد لا يمكن أن يعيش بل أنه إما أن يعيش مسلما وإما أن يقتل.

3.السؤال: بارك الله فيكم هذا عبد الرؤوف عبد الله من المدينة المنورة يقول ما هي الأشياء التي تحبط العمل وهل تحبط جميع الأعمال منذ التكليف نرجو بهذا إفادة جزاكم الله خيرا؟
الجواب: محبطات الأعمال تنقسم إلى قسمين قسمٌ عام وقسمٌ خاص يبطل كل عملٍ بعينه فمن القسم العام المبطل لجميع الأعمال فهو الردة فإذا ارتد الإنسان والعياذ بالله عن دين الله ومات على الكفر يحبط جميع عمله لقوله تعالى (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) أما إذا ارتد ثم منَّ الله عليه فرجع إلى الإسلام فإن عمله لا يحبط ولهذا يسأل كثيرٌ من الناس يقول عن نفسه إنه حج الفريضة وهو يصلي كما يصلي الناس وقائمٌ بشعائر الإسلام ثم أتاه وقت ارتد فيه عن الإسلام فترك الصلاة ثم منَّ الله عليه برجوعه إلى الإسلام فأقام الصلاة وقام بشعائر الإسلام فيسأل هل بطل حجه الذي كان قبل ردته فوجب عليه أن يعيده أم لا فنقول لا لم يبطل حجك وليس عليك إعادته لأن الله تعالى اشترط لحبوط العمل بالردة أن يموت الإنسان على الردة هذا المبطل العام الذي يبطل جميع العبادات أما المبطلات الخاصة فهي تختص في كل عملٍ بحسبه فالوضوء مثلاً يبطله الحدث والصلاة يبطلها ما تبطل به كالضحك والكلام وشبهه والصدقة يبطلها المن والأذى والصوم يبطله الأكل والشرب والحج يفسده الجماع قبل التحلل الأول فالمهم أن محبط الأعمال الخاص كثيرٌ لا حصر له ويختلف باختلاف العبادات التي أبطلها.

4. السؤال: المستمع حسن سعيد سوداني ومقيم بالعراق يقول في رسالته ما حكم الشرع في نظركم في رجل سب الدين بحالة غضب هل عليه كفارة وما شرط التوبة من هذا العمل حيث أنني سمعت من أهل العلم يقولون بأنك خرجت عن الإسلام بقولك هذا وأيضاً يقولون بأن زوجتك حرمت عليك أفيدونا بهذا الموضوع؟
الجواب : الجواب الحكم فيمن سب الدين الدين الإسلامي أنه يكفر فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه وقد حكى الله تعالى عن قوم استهزئوا بدين الإسلام حكى الله الله عنهم أنهم كانوا يقولون إنما كنا نخوض ونلعب فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فالاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه لقول الله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة فإن الله تعالى يقبل توبته وشروط التوبة الخمسة هي الإخلاص لله بتوبته بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة أو خوفاً من المخلوق أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها والشرط الثاني أن يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ويراه أمراً كبيراً يستوجب أو يوجب عليه أن يتخلص منه والأمر الثالث أو الشرط الثالث أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه فإن كان في ترك واجب أو فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن وإن كان ذنبه بفعل محرم أقلع عنه وابتعد عنه ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بمخلوقين فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها الشرط الرابع العزم على أن لا يعود في المستقبل بأن يكون في قلبه عزم مؤكد أن لا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها والشرط الخامس أن تكون التوبة في وقت القبول فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل وفوات وقت القبول عام وخاص أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعده أي بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) أقول إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب ولو كان ذلك سب الدين فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب نقول له إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ما تقول ولا تدري حينئذ أنت في سماء أم في أرض وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له ولا يحكم عليك بالردة لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به يقول الله تعــالى في الأيمان (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) ويقول تعالى في آية أخرى (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ولا يعلم ماذا خرج منه فإنه لا حكم لكلامه ولا يحكم بردته حينئذ وإذا لم يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه بل هي باقية في عصمته ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل فقال يا رسول الله أوصني فقال لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب فليحكم الضبط على نفسه وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا كان قائماً فليجلس وإذا كان جالساً فليضطجع وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ فإن هذه الأمور تذهب عنه غضبه وما أكثر الذين ندموا ندماً عظمياً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ولكن بعد فوات الأوان.

5. السؤال: في سؤال الأخير المستمعة من العراق تقول يا فضيلة الشيخ ما حكم من يصوم شهر رمضان وهو لا يصلي وكذلك سمعت من الناس أن صوم الأول من شهر محرم سنة فهل هذا صحيح؟
الجواب: صوم رمضان لمن لا يصلي مردود عليه وذلك لأن الذي لا يصلي كافر مرتد خارج عن الإسلام ومن شرط صحة العبادة أن يكون الفاعل مسلماً فما فعله تارك الصلاة من صيام أو صدقة أو غيرهما من العبادات فهو باطل مردود عليه ولكن إذا منّ الله عليه بالإسلام ورجع فصلى فإن الله يثيبه على ما عمل من عمل الخير في حال كفره لأن الله تعالى اشترط لحبوط العمل بالردة أن يموت الإنسان على ذلك فقال تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (أسلمت على ما أسلفت من خير).

6. السؤال: تقول في رسالتها لنا جار رجل مسن وعاجز لا يصوم ولا يصلي قبل العجز وحتى الآن وهو رجل شرير يتعدى على الناس ويتكلم عليهم بكلمات سيئة علماً بأن عقله سليم ويطلب منا ومن الآخرين أن يساعدوه ويطلب منهم الطعام هل علينا أن نعطيه أم ماذا علماً بأنه لا يقبل النصيحة أفيدونا بارك الله فيكم؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل كما وصفته السائلة لا يصلي ولا يصوم فإنه لا حرمة له ولا ينبغي أن نعينه بشيء يطلبه من أكل أو شرب أو لباس أو غير ذلك لأن المرتد عن الإسلام حكمه أن يدعى إلى الإسلام فإن أجاب وتاب إلى الله عز وجل من ردته قبل منه وصار له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين وإن امتنع واستمر على ردته فإنه يجب أن يقتل وفي حال قتله على الردة لا يجوز أن يغسل ولا أن يكفن ولا أن يصلى عليه ولا أن يقبر مع المسلمين ولا أن يدعى له بالرحمة والمغفرة لأنه ليس من أهل الرحمة والمغفرة لأن الله تعالى يقول ومن (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أما إذا كان هذا الرجل شريراً وذا عدوان على الناس لكنه لم يحصل منه ما يوجب الردة فإنه ينظر للمصلحة فإن اقتضت المصلحة أن يعان بشيء من الأمور أعين وإن لم تقتضِ المصلحة ذلك فإنه لا يعان ويجب على ولاة الأمور أن يردعوا أهل الشر و الفساد عن شرهم وفسادهم حتى تستقيم أمور الناس ولا تحصل الفوضى في مجتمعهم.

7. السؤال: السؤال الثاني بقول لو افترضنا أن هذه السيدة كانت لا تعرف الحكم وعاشرت هذا المحكوم علية بالردة وهو رجل حاد الطبع سريع الغضب كثير المشاكل لدرجة أنه يفقد شعوره أثناء غضبه فيسب الله ويكفر بكل شيء والعياذ بالله ويحلف عليها إيمانا بالطلاق وبلا شعور فهل تقع عليه إيمان الطلاق علما بأننا لو حصرناها لوجدنها تزيد عن العشر مرات في فترات متباعدة؟
الجواب : متى قلنا بكفره أي بكفر تارك الصلاة فإن الواجب على المرأة أن تذهب عنه وألا تبقى معه لأن النكاح قد أنفسخ وإذا كان قد انفسخ فكيف يخل لها أن تبقى مع زوج انفسخ نكاحها منه ولا حاجة إلى أن نفرض أنه يطلق وأنه يفعل ويفعل ما دمنا حكمنا بكفره فالأمر فيه واضح وهذا موضع ليس فيه التباس ولا اشتباه فإذا تبين للإنسان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله وسلم وقول الصحابة أن تارك الصلاة كافرا كفرا مخرجا عن الملة فلا وجه للتوقف في فسخ النكاح لنكاحه زوجته.

8. السؤال: السؤال أيضا يقوا إذا تاب المرتد ورجع إلى الإسلام خالص النية لله وشرح الله صدره بالإسلام فهل يحق له أن يعيد زوجته إلى بيته وهو ملتزم بكل أركان الإسلام وعن إخلاص وإيمان وصدق توحيد وما الكفارة التي يمكن أن يؤديها خالصة لوجه الله بعد أن تاب وهل أولاده قبل التوبة شرعيون؟
الجواب : هذا السؤال يشتمل على ثلاث نقاط النقطة الأولى إذا أسلم وتاب وأخلص لله عز وجل فهل توبته فهل تعود زوجته إليه سبق أن قلنا إنه إذا كانت إذا كان إذا كان الموجب الردة قبل الدخول و الخلوة الموجبة للعدة فإن النكاح ينفسخ وحينئذ لا تحل له إلا بعقد جديد وإذا كان حدوث ذلك بعد الدخول أو الخلوة الموجبة للعدة فإن الأمر يقف على انقضاء العدة إن حصلت له التوبة قبل انقضاء العدة فهي زوجته وإن حصلت بعد انقضاء العدة فأكثر أهل العلم يرون أنها لا تحل له إلا بعقد جديد وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تحل له إذا رجع إليها وأن انقضاء العدة يسقط سلطانه عليها ولا يحرمها عليه لو عاد إلى الإسلام وبناء على هذين الحالين يتبين حكم هذا الرجل بالنسبة إلى رجوعه إلى زوجته وأما بالنسبة ما يجب عليه لما مضى فإن التوبة الخالصة تجب ما قبلها لقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) وقال النبي عليه الصلاة و السلام لعمر بن العاص إن الإسلام يهدم ما قبله؛ وأما بالنسبة لأولاده فإن كان يعتقد أن النكاح باقٍ لكونه مقلدا لمن لا يرى الكفر بترك الصلاة أو كان لا يعلم أن تارك الصلاة يكفر فإن أولاده يكونون له ويلحقون به وأما إذا كان يعلم أن ترك الصلاة كفر وأن الزوجة لا تحل له مع ترك الصلاة وأن وطأه لها وطأ محرم فإن أولاده لا يلحقون به في هذه الحال وبعد فإن المسألة من المسائل العظيمة الكبيرة التي أبتلي بها بعض الناس اليوم نسأل الله لنا ولكم السلامة العاقبة الحميدة.

( موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - )


ثالثاً: فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان:
1. السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، وهذا سائل يقول: ما الفرق بين الردة بالشك، والردة بالاعتقاد، وما مثالهما ؟
الجواب: الردة بالشك، والردة بالإعتقاد؛ الشك يكون متردد، هل هذا صحيح، هل ما جاء به رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، صحيح، أو ما هو بصحيح، هذه ردة، وكذا الإعتقاد، أن يعتقد، ويجزم أن ما جاء به غير صحيح، فهي أشد من الشرك.

2. السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة؛ هذا سائل يقول: ما هي الردة ؟ ومتى تكون الردة في الاعتقاد، وهل تثبت ردة المميز ؟
الجواب: الردة: هي الرجوع عن الإسلام. الردة: هي الرجوع عن الإسلام. من أرتد إلى رجع، والرجوع عن الإسلام يكون بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام، كالشرك بالله عز وجل يكون بالقول، وتكون بالفعل، وتكون بالاعتقاد، وتكون بالشك. هذه الأمور الأربعة؛ فإذا تكلم كلام الكفر، وهو غير مكره، فإنه يكفر بذلك، وإذا فعل، فعل الكفر ، كأن سجد لغير الله، أو ذبح لغير الله، أو ترك الصلاة، فهذا كفر يخرج من الملة، وإذا أعتقد بقلبه عدم صحة ما جاء به الرسول "صلى الله عليه وسلم"، أو أعتقد عدم رسالة النبي "صلى الله عليه وسلم"، كحال المنافقين؛ المنافقون يشهدون أنه رسول الله، لكن يكذبونه في قلوبهم، هذه ردة، هذه ردة، أو شك؛ قال ما ادري، هل هو صحيح، ولا ما هو بصحيح، هل هو رسول، ولا ما هو برسول، هل ما قاله صحيح، هل ما ذكره عن الجنة، والنار صحيح، ولا ما هو بصحيح؛ إذا شك هذا كفر. كفر، وردة. فالردة: تكون بالقول، وبالفعل، وبالإعتقاد، وبالشك. والنواقض كثيرة جداً؛ ذكر منها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- عشرة نواقض في رسالة مستقلة؛ والفقهاء ذكروا نواقض كثيرة في كتب الفقه.

3. السؤال يقول: فضيلة الشيخ - وفقكم الله -: من ارتد ثم عاد عن ردته، فهل عبادته قبل الردة تبطل أم لا ؟
الجواب: في خلاف، في خلاف بين العلماء، منهم من يقول تبطل أعماله التي أداها قبل الردة، فلا بد من إعادة الحج، مثلاً لابد من إعادة الحج، لأن الحج الأول بطل، وبعض العلماء يقول: لا تبطل إذا تاب عادت إليه أعماله، لأن الله جل وعلا يقول: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)، فرتب حبوط الأعمال على أمرين. الأمر الأول: الردة. والثاني: الموت على الردة. فدل على أنه لو تاب قبل الموت أنه تقبل أعماله، تبقى أعماله، ولا تبطل ، ولعل هذا هو الصحيح.

4. السؤال يقول: - فضيلة الشيخ وفقكم الله -: من تكررت ردته، فإنه لا تقبل توبته؛ تكرار الردة، هل هو مرتين، أو ثلاث، أو ما هو العدد ؟
الجواب: تكرار الي يطلق عليه التكرار.

5. السؤال يقول: فضيلة الشيخ -وفقكم الله- من فعل أمراً من الأمور الكفرية، فهل يحكم عليه بالردة، والكفر مباشرة، أم لا بد من ضوابط، ومن هو الذي يحكم على الشخص بأنه مرتد، أو كافر ؟
الجواب: يا إخوان هذه أمور تحتاج إلى علم، وتحتاج إلى فقه، فنو اقض الإسلام محررة، ومبينة، ما هو كل من أراد ان يكفر من خالفه، يقوله أنت كفرت، ما يجوز هذا، ما يجوز إلا لأهل العلم، وأهل البصيرة، وأهل المعرفة، ولا بد من إجراء الإستفصال مع الشخص، لعله جاهل، لعله مكره، لعله متأول؛ هذا ما يعرفه إلا أهل العلم، ما يعرفه أنصاف المتعلمين، والطلبة المبتدئين، والمتحمسين، ما يعرفون الأمور هذه، ما يعرفون نواقض الإسلام، ولا يعرفون يعني متى يحكم على الشخص حتى لو ارتكب شيئاً مما هو من نواقض الإسلام، ما يحكم عليه على طول، ربما أنه مكره، ربما انه جاهل، ربما أنه متأول، ربما أنه مقلد، لابد تزول الأعذار هذه، وهذا ما يمكن إلا للعلماء؛ العلماء الراسخين في العلم.

6. السؤال: -أحسن الله إليك- يقول السائل: هل الردة - عياذا بالله - تفسخ العقد ويجب تجديده ؟
الجواب: إيه نعم؛ إلا إذا تاب، وهي بالعدة إذا تاب، وهي لم تخرج من العدة، فإنها ترجع إليه، أما لو إرتد -والعياذ بالله-، وخرجت المرأة من العدة وهو ما تاب، فإنها لا ترجع إليه، ولو تاب بعد ذلك، لكن له أن يعقد عليها عقداً جديداً.

7. السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، هذا سائل يقول: هل نواقض الإسلام حكمها سواء من حيث الردة والكفر، أم أنها متفاوتة في عظم ذلك ؟
الجواب: بلا شك أنها كلها سواء بأنها كفر، وخروج من الدين، ولذلك سميت نواقض الإسلام، وهي سواء في الردة، والخروج من الدين، وإن كان بعضها أشد من بعض، لكن هي كلها تخرج من الإسلام.

8. السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، وهذا سائل يقول: هل من زنا، وأعلن ذلك أمام الناس بحيث يجعل ذلك في شريط له يصف كيف الزنا، هل يعتبر ذلك مرتدا خالدا مخلدا في النار، لأنني سمعت من يقول ذلك ؟
الجواب: إذا استحل، إذا استحل ذلك، فهو مرتد، أما إذا لم يستحله، فهو فاسق.

9. السؤال: فضيلة الشيخ، بعض عوام المسلمين يمارسون بعضاً من نواقض الإسلام، مثل الذبح لغير الله، فهل يعتبر من حصل منه هذا مرتداً تطبق عليه أحكام الردة ؟
الجواب: بلا شك هذا أعظم أنواع الردة، الشرك بالله: وهو أعظم أنواع الردة، كالذبح لغير الله، والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات، هذا أعظم أنواع الردة، لأنه شرك أكبر، يخرج من الملة، والعلماء ذكروا أول ما ذكروا منه، نواقض الإسلام، أول ما ذكروا الشرك، الشرك بالله عز وجل .

10. السؤال: فضيلة الشيخ، لماذا لم يدخل المصنف – رحمه الله – حد الردة في كتاب الحدود، وجعله في كتاب الجنايات ؟
الجواب: هذا لأنه تابع للجنايات، تابع للجنايات، مثل ذبح الصايل، هذا للجنايات، لأن هذا جنا على الدين، جنا على العقيدة، وكل الكتاب واحد، من باب الجنايات إلى آخر الحدود، كله باب واحد، لحفظ الضروريات الخمس، القصاص حماية للنفس؛ وحد الردة حماية للدين، وبقية الحدود حماية للعرض، وحماية للنسب.

( موقع فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان )