بسم الله الرحمن الرحيم

عن سهِل بنِ سَعْدٍ رضي الله عنْهُما أَنْ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا يزالُ الناسُ بخير ما عجّلوا الْفِطْر" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وعن سهل بن سعد رضي الله عنه) هو أن العباس سهل بن سعد بن مالك أنصاري خزرجي يقال كان اسمه حزناً فسماه رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم سهلا مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وله خمس عشرة سنة ومات سهل بالمدينة سنة إحدى وتسعين وقيل ثمان وثمانين وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة (أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" متفق عليه) زاد أحمد "وأخروا السحور" زاد أبو داود "لأن اليهود والنصارى يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم" قال في شرح المصابيح: ثم صار في ملتنا شعاراً لأهل البدعة وسمة لهم.
والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بأخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى، قال المهلب: والحكمة في ذلك أنه لا يزاد في النهار من الليل ولأنه أرفق بالصائم وأقوى له على العبادة.
قال الشافعي: تعجيل الإفطار مستحب ولا يكره تأخيره إلا لمن تعمده ورأى الفضل فيه.
قلت: في إباحته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم المواصلة إلى السحر كما في حديث أبي سعيد ما يدل على أنه لا كراهة إذا كان ذلك سياسة للنفس ودفعاً لشهوتها إلا أن قوله:
وللتِّرْمذي مِنْ حديث أَبي هُريْرة رضي الله عنه عن النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "قالَ الله عَزَّ وجلَّ: أَحبُّ عبادي إليَّ أَعْجَلُهُمْ فطْراً".
دال على أن تعجيل الإفطار أحب إلى الله تعالى من تأخيره، وأن إباحة المواصلة إلى السحر لا تكون أفضل من تعجيل الإفطار، أو يراد بعبادي الذي يفطرون ولا يواصلون إلى السحر وأما رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فإنه خارج عن عموم الحديث لتصريحه صلى الله عليه وآله وسلم بأنه ليس مثلهم كما يأتي فهو أحب الصائمين إلى الله تعالى وإن لم يكن أعجلهم فطراً لأنه قد أذن له في الوصال ولو أياماً متصلة كما يأتي:
منقول من كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام
للإمام الأمير الصنعاني رحمه الله