قال أبو العتاهية رحمه الله :
ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا *** دُعُوا للموتِ واختُطفُوا
فَوَافَوْا حِينَ لا تُحَفٌ *** ولا طُرفٌ ولا لُطفُ
تُرصُّ عليهمِ حُفرٌ *** وتُبنَى ثمَّ تنخسفُ
لهُمْ مِنْ تُربِهَا فُرُشٌ *** وَمِنْ رَضراضِها لُحُفُ
تَقَطّعَ مِنْهُمُ سَبَبُ الـ *** الرجاءِ فضيعوا وجُفُوا
تَمُرّ بعَسكَرِ المَوْتَى *** وَقَلْبُكَ مِنْهُ لا يَجِفُ
كأنّ مُشَيّعيكَ، وقَدْ *** رَمَوْابكَ، ثَمّ، وَانصرَفوا
فُنُونُ رَداكِ، يا دُنْيا *** لعمرِي فوقَ ما أصفُ
فأنتِ الدارُ فيكِ الظلمُ *** ـمُ، والعُدوانُ، والسّرَفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الهمُّ *** والأحزانُ والأسفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الغدْ رُ، والتّنغيصُ، والكُلَفُ
وَفيكِ الحَبْلُ مُضطَرِبٌ *** وَفيكِ البالُ مُنكَسِفُ
وفيكِ لساكنيكِ الغبنُ *** والآفاتُ والتلفُ
وَمُلْكُكِ فيهِه دُوَلٌ *** بهَا الأقدارُ تختلفُ
كأنَّكِ بينهمْ كُرة ٌ *** تُرامَى ثم تُلتَقَفُ
ترى الأيامَ لا يُنظِرْ *** نَ والساعاتِ لا تقِفُ
ولَنْ يَبقَى لأهْلِ الأرْ *** ضِ لا عزٌّ، وَلا شَرَفُ
وكُلٌ دائمُ الغفلا *** تِ والأنفاسُ تختطفُ
وأيُّ الناسِ إلا مُوْ *** قِنٌ بالموتِ مُعتَرِفُ
وَخَلْقُ اللّهِ مُشْتَبِهٌ *** وسعْيُ الناسِ مُختلِفُ
وما الدنيَا بباقية ٍ *** ستُنْزَحُ ثمَّ تُنتسَفُ
وقولُ اللهِ ذاكَ لنَا *** وليسَ لقولهِ خُلُفُ