قال أبو العتاهية رحمه الله :
مَا للْفَتَى مانِعٌ منَ القَدَرِ *** والمَوْتُ حَوْلَ الفَتَى وبِالأثَرِ
سائِلْ عنِ الأمرِ لستَ تعرِفُهُ *** فَكُلُّ رشدٍ يأتِيكَ بالخبرِ
كمْ فِي ليالٍ وفي تقلبِهَا *** مِنْ عِبَرٍ للفَتى ، ومِنْ فِكَرِ
ما أمكَنَ القَوْلُ بالصّوابِ فقُلْ *** واحذَرْ إذا قُلْتَ موضِعَ الضَّررِ
ما طَيّبُ القَوْلَ عندَ سامِعِهِ الـ *** ـمُنْصِتِ، إلاّ كطيْبِ الثّمَرِ
للشَّيْبُ فِي عارضَيكَ بارقَة ٌ *** تَنهاكَ عَمّا أرَى منَ الأشَرِ
ما لكَ مُذْ كُنتَ لاعِباً مرِحاً *** تسحَبُ ذيلَ السَّفاهِ والبطَرِ
تَلعَبُ لَعْبَ الصّغيرِ وقَد *** عمّمَك الدَّهرُ عمة َ الكِبَرِ
لوْ كنتَ للموْتِ خائفاً وجِلاً *** أقرَحْتَ منكَ الجُفُونَ بالعِبَرِ
طَوّلْتَ مِنكَ المُنى وأنتَ من الـ *** الأيَّامِ فِي قِلَّة ٍ وفِي قِصَرِ
لله عَيْنَانِ تَكْذِبانِكَ في *** ما رَأتَا مِنْ تَصرّفِ العِبَرِ
يا عَجَباً لي، أقَمتُ في وَطَنٍ *** ساكِنُهُ كُلّهُمْ على السّفَرِ
ذكَرْتُ أهْلَ القُبورِ من ثقتي *** فانهلَّ دمعي كوابلِ المطرِ
فقل لأهلِ القبورِ يا ثقتي ٍ *** لَسْتُ بِناسيكُمُ مَدَى عُمُرِي
يا ساكِناً باطِنَ القُبُورِ: أمَا *** للوارِدينَ القُبُورَ مِنْ صَدَرِ
ما فَعَلَ التّارِكُونَ مُلكَهُمُ *** أهلُ القِبابِ العِظامِ، والحجَرِ
هَلْ يَبْتَنُونَ القُصورَ بَينَكُمُ *** أمْ هلْ لهمْ منَ عُلًى ومن خَطَرِ
ما فَعَلَتْ منهُمُ الوُجُوهُ: أقَدْ *** بدّدَ عَنْهَا محاسِنُ الصُّورِ
اللهُ فِي كلِّ حادثٍ ثقَتِي *** واللهُ عزّي واللهُ مفتخرِي
لَستُ مَعَ الله خائِفاً أحَداً *** حسبِي بهِ عاصماً منَ البشرِ