قال أبو العتاهية رحمه الله :
مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ *** للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ
للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ *** فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ
مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ *** في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ
مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ ولاَ *** فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ
البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ *** لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ
ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ *** إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ
مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعا *** لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ
مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ *** لَمْ يَزَلِ الرأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ
مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً *** تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ
المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ *** تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ
والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ *** والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ
يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِباً *** والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ
دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا *** قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ
يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً *** يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ
إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ *** إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ
بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَحلَّتِهِمْ *** إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا
إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً *** مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ
وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ *** عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ
احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ *** لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا
فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا *** ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ
فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ *** تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ