قال أبو العتاهية رحمه الله :
خيرُ أيَّامِ الفتَى يومٌ نَفَعْ *** وَاصطِناعُ الخَيرِ أبْقَى ما صَنَعْ
وَنَظِيرُ المَرْءِ، في مَعرُوفِهِ *** شَافِعٌ بَتَّ إليْهِ فشَفَعْ
مَا ينالُ الخَيْرُ بالشَّرِّ ولاَ *** يَحْصِدُ الزَّارِعُ إلاَّ مَا زَرَعْ
ليْسَ كلُّ الدَّهْرِ يوماً واحداً *** رُبّما ضَاقَ الفَتى ثمّ اتّسَعْ
خُذْ مِنَ الدّنْيا الذي دَرّتْ بهِ *** وَاسْلُ عَمّا بانَ منْها، وَانقَطَعْ
إنّمَا الدّنْيا مَتَاعٌ زائِلٌ *** فاقْتَصِدْ فيهِ وخُذْ مِنْهُ وَدَعْ
وَارْضَ للنّاسِ بمَا تَرْضَى بهِ*** واتبعِ الحقَّ فنِعْمَ المُتَّبَعْ
وَابغِ ما اسطعتَ عنِ النّاسِ الغِنى *** فمَنِ احتاجَ إلى النّاسِ ضَرَعْ
اشهدِ الجامعَ لو أنْ قد أتى *** يومُهُ لم يُغنِ عنهُ ما جمعْ
إنْ للخَيرِ لَرَسْماً بَيْنَنَا *** طبعَ اللهُ عليهِ ما طبعْ
قد بلونَا الناسَ في أخلاقهمْ *** فرأيناهُمْ لذي المال تَبَعْ
وحَبيبُ النّاسِ مَنْ أطْمَعَهُمْ *** إنما الناسُ جميعاً بالطمعْ
احمدِ اللهَ على تدبيرهِ *** قدَّرَ الرِّزقَ فعطى ومنَعْ
سُمْتُ نَفْسِي وَرَعاً تَصْدُقُهُ *** فنهاها النقصُ عن ذاكَ الورعْ
وَلنَفسي حِينَ تُعطَى فَرَحٌ *** واضطرابٌ عندَ منعٍ وجزعْ
ولنَفْسِي غَفَلاتٌ لمْ تَزَلْ *** وَلَها بالشّيْءِ، أحْياناً، وَلَعْ
عجباً من مطمئنٍ آمنٍ *** إنَّما يُغذَى بألوانِ الفزعْ
عَجَباً للنّاسِ ما أغْفَلَهُمْ *** لوقوعِ الموتِ عمَّا سيقعْ
عجباً إنَّا لنلقَى مَرتعاً *** كُلّنا قَدْ عاثَ فيهِ وَرَتَعْ
يا أخِي الميتَ الذي شيعتُهُ *** فحُثِي التربُ عليهِ ورجعْ
لَيتَ شِعري ما تَزَوّدْتَ مِنَ الـ *** ـزّادِ، يا هَذا، لِهَوْلِ المُطّلَعْ
يومَ يهدوكَ محبوكَ إلى *** ظُلمة ِ القبرِ وضيق المُضطجعْ