صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 34

الموضوع: أرشيف سلطان بن عبدالرحمن العيد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475

    أرشيف سلطان بن عبدالرحمن العيد

    إستجابة لرغبة أحد الطيبين من القائمين على هذه الشبكة السلفية
    فسيتم في هذه الصفحة وضع جميع مايتعلق بأشرطة وتفريغات للأشرطة ومقالات
    الشيخ سلطان العيد - حفظه الله -



    { للأهمية أرجو التعاون
    وعدم وضع أي رابط لموقع سحاب }




    وأشرطة الشيخ - حفظه الله - هي بضاعتنا وردت إلينا
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوحذيفة المدني ; 05-15-2006 الساعة 01:50 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    ترجمة مختصرة للشيخ - حفظه الله -





    بسم الله الرحمن الرحيم


    سيرة الشيخ

    الاسم : سلطان بن عبد الرحمن بن محمد العيد كنيته : أبو عبد الرحمن إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد رضي الله عنه بالرياض طلبه للعلم ومشايخه:


    بسم الله الرحمن الرحيم نظراً لكثرة الأسئلة عن الشيخ سلطان العيد حفظه الله من طلاب العلم وغيرهم سواء داخل المملكة وخارجها نقدم لهم سيرة الشيخ والتي كتبها أحد المحبين له
    الاسم : سلطان بن عبد الرحمن بن محمد العيد

    كنيته : أبو عبد الرحمن

    إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد رضي الله عنه بالرياض

    طلبه للعلم ومشايخه:

    درس وتلقى العلم على عدد من المشايخ منهم:

    سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز :

    حضر دروس سماحته بالجامع الكبير و مسجد سارة

    سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي الديار السعودية :

    قرأ عليه بكلية الشريعة

    3- الشيخ عبد الله بن عقيل وهو من أكابر طلاب الشيخ بن سعدي

    رحمه الله:

    يقرأ عليه في كتاب دليل الطالب

    الشيخ عبد المحسن العبيكان:

    وقد حضر دروسه ولمدة عشرين عاماً تقريباً ومما قرأ على يديه

    الروض المربع مرتين والرحبية وبلوغ المرام وصحيح البخاري.

    5- الشيخ صالح الأطرم عضو هيئة كبار العلماء :

    قرأ عليه بكلية الشريعة .

    6- الشيخ عبد العزيز الداوود عضوا الإفتاء:

    قرأ عليه بكلية الشريعة

    7- حضر دروس الشيخ بن عثيمين في الحرم المكي وعلى الأخص

    عام 1411هـ وحضر بعض دروسه في عنيزة بجامعه ومنزله .

    8- الشيخ له لقاءات علمية مع الشيخ ربيع بن هادي المدخلي

    والشيخ فالح بن نافع الحربي والشيخ عبيد الجابري وانتفع

    بتوجيهاتهم حفظهم الله .

    ومن أعماله :

    1- ترتيب كتاب دليل الطالب (لمرعي الكرمي) مع التعليق عليه، وله

    كتب أخرى تحت الطبع .

    2- له دروس بجامعه الذي يخطب فيه في العقيدة والحديث والفقه .

    3- واشتهر الشيخ بخطبه التي انتشرت في العالم الإسلامي

    واعتنى بها بنصرة العقيدة السلفية وربط الشباب بالعلماء السلفيين

    وتحذيرهم من الجماعات الحزبية ورموزها.

    4- وله محاضرات عدة ومشاركات في الدورات العلمية نفع الله بها .

    أقوال العلماء فيه:

    سمعت الشيخ عبد الله بن عقيل يثني عليه ويقول له : أنت الدليل

    على الدليل (يعني حفظه الله كتاب دليل الطالب الذي حققه

    الشيخ سلطان) .

    سمعت الشيخ عبد المحسن العبيكان يثني على بعض خطبه

    ويقول إنها عظيمة نفع الله بها.

    الشيخ فالح الحربي قال في رد لفضيلته: " وأخونا الشيخ سلطان العيد من طلبة العلم الذين نعرفهم بنصرة المنهج السلفي والدعوة إليه في منطقة الرياض هو وأخونا الفاضل الشيخ محمد الفيفي فأنصح الشباب بالإستفاده منهما والأخذ عنهما ، لأنهما ممن عرفناهم بالأخذ عن أهل العلم وبسلامة المنهج وصفاء العقيدة وصحة الولاء ونصرة السنة وأهلها ،وربط الشباب بالعلماء السلفيين ولنا بهما صلة وثيقة ولقاءات علمية نافعة عديدة .نسأل الله لهما السداد والرشاد و التوفيق " انتهى . ولما سأل عنه في احد المجالس قال : "هذا حتى الآن و الحمد لله نسأل الله لنا و له الثبات،نحسبه من أهل السنة،طالب علم جيد،سلفي و الحمد لله،له غيرة و له جهود موفقة و نفع الله به الكثير و نسأل الله لنا و له الفقه في الدين".انتهى

    كلمة الشكر التي وجهها الشيخ ربيع بن هادي المدخلي للشيخ سلطان العيد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد: فقد اطلعت على ما كتبه الأخ الشيخ سلطان العيد توضيحاً على بعض العبارات التي وردت في خطبته التي أسماها بـ(المخالفات في زمن الفتن), والتي سجلت في شريط ونشرت, وقصد بها فعلاً أهل الفتن, ففهم بعض الناس أنه يطعن بتلك العبارات في بعض إخوانه السلفيين من أهل المدينة النبوية. وهذا الفهم خطأ,لأن سباق الكلامه وسياقه يبطل هذا الفهم الخاطئ . وزاده بعداً توضيح الشيخ سلطان الواضح الذي يثلج الصدر , ويقطع دابر استغلال المتصيدين ,ووهم الواهمين. فشكر الله للأخ سلطان على هذا البيان الشافي ,كما شكر الله له مقاومة الباطل والفتن.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475

    ما موقف السلف من كتب أهل الأهواء!؟





    للسلف نصرة للسنة بالليل والنهار حتى كتب أهل الأهواء كانوا يفرحون إذا أحرقت ومُزقت ويحذرون من النظر فيها هذه الكتب . الإمام أحمد سُئل عن رجل أتلف كتاب من كتب أهل البدع هل يأثم أو عليه شيء


    السلف نصرة للسنة بالليل والنهار حتى كتب أهل الأهواء كانوا يفرحون إذا أحرقت ومُزقت ويحذرون من النظر فيها هذه الكتب . الإمام أحمد سُئل عن رجل أتلف كتاب من كتب أهل البدع هل يأثم أو عليه شيء ؟ قال : لا ، بل يؤجر إذا فعل ذلك (1) يقول الإمام أبي نص السجسي : وليحذر ( يعني السني ) من تصانيف من تغير حالهم فإن فيها العقارب وربما تعذر الترياق (2) فيها عقارب أنت ما تعرفها بما تلدغك هذه العقارب ويصعب عليك الترياق ، ما ترى بعض الشباب وقعت في نفسه الشبه بعد ذلك تنصحه وتبين له سبحان الله رجوعه صعب ، فهم الشبه ولم يفهم الرد . سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن قول سيد قطب في كتابه كتب وشخصيات ص242 في عمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما الذي تقدم . فقال الشيخ ابن باز : عن هذه الكتب : ( ينبغي أن تمزق ) (3) هذه عبارة الشيخ ابن باز... السلف كان يجعلون للناس علامات يعرفون بها أهل الأهواء : منها : الطعن في أهل السنة ، وأن علامة أهل الأهواء الطعن في أهل الأثر ، إذا طعن فيهم ، حتى ولو سألته يقول لك يا أخي : هؤلاء لا تسمع كلامهم هؤلاء مدخليه ، جامية تقول له : أنت : تعالى ، مثل ما يقول الشيخ الفوزان . سأله أحد الشباب بعد الدرس قبل يومين أو ثلاثة أيام يقول : يا شيخ يحذروني من الجامية لا تذهب معهم . قال له الشيخ : أيش الكلام الباطل أسألهم أيش أصول الجامية حتى نعرفهم هل لها أصول ، عندهم شيء مخالف لمنهج السلف هذا كلام فارغ . ونحو هذا الكلام قال الشيخ . تسألهم يقولون : هم يسبحون بحمد الحاكم تعرف أي هذا ؟ يعني معناه في الحقيقة أنهم لا يخالفون السلف رضي الله عنهم فيما يتعلق في معاملة ولاة الأمر من السمع والطاعة والنصيحة وعدم الخروج عليهم ، هم يسمونه في اصطلاح الإخوان المسلمين " تسبيحاً بحمد الحاكم " مثل ما يقولون : هذا المذهب تكون وهابياً إذا كان هذا هو الوهابية فأنا أكبر وهابي على وجه الأرض فالعبرة ليست بالألفاظ العبرة بالمعاني والحقائق فمن صفاتهم الطعن في أهل السنة . يقول الإمام أحمد : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام فإن حماداً كان شديداً على المبتدعة . (1) كذلك من علامات أهل الأهواء : الطعن في الصحابة يقول الإمام أبي حاتم الرازي وهو من أجل مشايخ الإمام مسلم : ( إذا رأيت رجلاً يطعن في امريء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ) (2) وخاصة الطعن في معاوية رضي الله عنه . يقول الإمام أحمد : ( من طعن في معاوية أو رأيناه ينظر إلى معاوية شزراً اتهمناه على بقية القوم ) (3) سُئل عبد الله بن المبارك عن معاوية ؟ فقال : ما أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سمع الله لمن حمده . فقال هو : ربنا ولك الحمد (1) قيل له : عمر بن عبد العزيز ومعاوية رضي الله عنه أيهما أفضل ؟؟ فقال : لغبارٌ في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز وأيامه أو خير من أيام عمر بن عبد العزيز (2) ثم نسع الطعون الكبيرة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول عقبة بن علقمة كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس : ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم فإذا ذكر أهل البدع قال : دعونا ذكرهم ولا تذكروهم فقال . أرطأة بن المنذر : هو منهم ( يعني من أهل الأهواء والبدع ) هو منهم لا يلبّس عليكم أمره ، قال عقبة : فأنكرت ذلك من قول أرطأة فقدمت على الأوزاعي وكان كشافاً لهذه الأمور إذا بلغته فقال الإمام الأوزاعي صدق أرطأة والقول ما قال هذا ينهي عن ذكرهم وينهي بطريقة بشيء فيها من الورع ، حينما يتكلم في أهل الأهواء والبدع يقول : دعونا منهم وإلا ننشغل بالعلم اطلبوا لعلم أحسن كما يقوله بعض الناس أو يقول نحن على منهج الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين لا يتكلمون في الناس . نقول : أنتم كذبتم على الإمامين الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين . أما الشيخ ابن عثيمين يكفي تزكيته لكتاب براءة الذمة وتكلم بكلام شديد جداً وعلى غيره من الأشخاص وأما الشيخ ابن باز فلو نظرت إلى رؤوس الضلالة والبدعة وأهل الأهواء في زماننا ما تجد واحد منهم إلا وتكلم فيه الشيخ ابن باز . ابن لادن الذي يتكلمون فيه الناس الآن الشيخ ابن باز تكلم فيه في عام 1417هـ في مجلة البحوث الإسلامية العدد رقم (50) قال فيه وفي المسعري والفقيه إنهم دعاة شر وفتنة وينبغي أن يحذروا وأن لا يعانوا على باطلهم ودعاهم إلى التوبة إلى الله عز وجل . وقال في المسعري : إنه قد تشبه بابن سبأ(1) اليهودي في الدعوة إلى الفتنة وتكلم في أناس كثيرين مثل ما تقدم في كلامه في كتاب وشخصيات ورد على حسن البنا في قاعدته ( نتعاون فيما اتفقنا عليه . ) ورد على غيره كثيرين .. وأوقف من أوقف من الدعاة في بيان له مصور والبعض لم يصور ، والشيخ كان من أشد الناس على أهل الأهواء . فالذي يتخذ له منهجاً فيه تضييع للعقيدة السلفية ويتمسح بالشيخ ابن باز نقول له : كذبت الشيخ ابن باز بريء منك .
    فأسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً من أنصار السنة وأن يفقهنا جميعاً في دنيه وأن يعظم الأجر لمن كان من المصلحين إنه ولي ذلك والقادر عليه . وأشكركم وأشكر الإخوان على استضافتهم وكرمهم وحسن ضيافتهم . ولا أنسى أن أوصيكم بوصية من رأى وذاق هو وقومه ويلات هذه الفتن فأنتم ترون آثارها الكثيرة العديدة ومفاسدها فلا تعجبوا إذا رأيتم العلماء والناصحون يحذرون منها الليل والنهار فيا أخي : إذا رأيتم يتكلمون لا يقصدون الطعن في فلان بل والله من تاب منهم ورجع إلى السنة ودخل في هذه الأهواء ، هذه مصيبة وبلية تظن أن الإنسان يفرح بوجود هذه الأهواء وأن فلان صار رأساً في الضلالة لا يفرح بهذا ونسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، ولكن يا إخوان لا بد من التناصح فيما بيننا فإذا سكتنا ضاعت دعوتنا ، انظروا إلى حال السلف كان يحذرون أشد التحذير يعلمون إذا سكتوا تسلط عليهم أهل الأهواء فأنتم ولله الحمد البلاد أهلها على فطرة ما تلوثت بهذه الحزبيات والأهواء والضلالات فسابقوا واسبقوا أهل الأهواء إلى عامة المسلمين وخاصتهم هذه الدعوة أوصلوها إلى الناس كلهم دعوتنا ليست خاصة بطلاب الجامعات والكليات ( لا لا ) كل الناس بحاجة إلى هذه الدعوة السلفية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحذر العامي قبل خواص المسلمين من هؤلاء لأن العوام هم وقود هذه النار الحزبية ، فأنت يدفع الله بك إذا كنت سلفياً داعياً إلى هذا المنهج محذراً من أهل الأهواء يدفع بك الضرر عن أهل الإسلام وينعم المسلمون ويحصل لهم العز والنصر والتمكين . يا إخوان لا يمكن أن يتحقق النصر للأمة وعقيدتها فاسدة ، ترون الآن المسلمين في صراع مع اليهود والنصارى هل انتصروا ؟ لا والله بل حتى لو تجمعوا على جهاد وهم أحزاب وجماعات أيش النتيجة والنهاية ؟ حتى ولو انتصروا نصراً مؤقتاً يعود بعضهم على البعض بالمدفع والرشاش ويقتله إذاً الحل في نصرة السنة في نصرة هذا المنهج السلفي ، ندعو الناس إلى هذه العقيدة ندعو الناس إلى التوحيد كلنا بحاجة إلى التوحيد أما من يأتي ويقول : التوحيد يفهمه في عشر دقائق الناس في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينطلقون أيش الكلام هذا ؟؟ النبي صلى الله عليه وسلم مكث عشر دقائق في مكة وإلا أكثر من عشر سنين مكث في مكة يدعو إلى التوحيد . عشر دقائق يقوله من توزع أشرطته الآن بين الشباب ويقال له : هذا الداعية المظلوم الذي أوقف وفعل به وفعل إلخ كل هذا المقصود منه تزهيد في الناس في التوحيد لماذا ؟؟ حتى تنشغل في الكتب والأشرطة والمحاضرات السياسية فتكون معهم من أول ما تصبح وأنت في برنامج الصباح إلى أن تنام وأنت في قلق واضطراب فلا هناء ولا سعادة ولا طمأنينة ولا عز ولا نصر إلا بالتوحيد ونصر السنة قال الله تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) (1) ما المطلوب ( يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبيا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،


    سلطان العيد

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    عقيدة أهل السنة تجاه الصحابة




    بسم الله الرحمن الرحيم :

    الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :


    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد : فنحمد الله الذي هدانا للإسلام وماكنّا لنهتدي لولا أن هدنا الله ,ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنّة وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن يتوفانا وهو راضٍ عنّا غير غضبان . رضا الله سبحانه وتعالى عن العبد يكون إذا تمسك العبد بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ما جاء به عليه الصلاة والسلام هو التوحيد , وإذا ترك العبد أيضاً ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ما نهى عنه الشرك الذي وصفه الله جل وعلا بقوله :{ إن الشرك لظلم عظيم } , فإذا كان العبد كذلك رضي الله عنه ونال شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما قال جلّ وعلا { ولا يشفعون إلا من ارتضى } , نال شفاعته صلى الله عليه وسلم وشفاعة غيره ممن يؤذن لهم في الشفاعة . أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم لهم أصول يعتقدونها ويؤمنون بها ويدعون إليها , ومن هذه الأصول التي يحرص عليها أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم محبةَ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنهم واعتقاد فضائلهم ومراتبهم التي وردت في الأحاديث والإمساك عمّا شجر بينهم . أما محبة الصحابة فإنها دين وإيمان وبغض الصحابة نفاق وعدوان , يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار : ( لايحبهم إلّا مؤمن ولايبغضهم إلّا منافق) وكذلك المهاجرين لأنهم أفضل من الأنصار فإنهم قد جمعوا بين النصرة والهجرة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر فضائل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : ( ما رآك الشيطان سالكاً فجّاً إلا سلك فجّاً غير فجّك ) , وخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبابكر خليلاً ) رضي الله عنه الله وأرضاه , يقول ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيح : ( كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نخيّر بين الناس) يعني يعتقدون أن خير الناس أبوبكر ثم عمر ثم عثمان . فمعرفة مراتب الصحابة رضي الله عنهم من الدين , ومما يعتقده أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم ويذكرونه في كتب العقيدة كالعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية , ويؤمن أهل السنة أن أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم , وتريبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن طعن في خلافة أحد منهم فهو أضل من حمار أهل . ازهـ وأما بغض الصحابة فإنه كما تقدم نفاق وعدوان وهو دلالة على فساد معتقد صاحبه وأنّ له خبيئةَ سؤ كما يقول الإمام أحمد رحمه الله وغفر له . وكان كلام السلف رضي الله عنهم شديدا فيمن يطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سواء طعن في أبى بكر أو عمر أو علي أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص أو بقية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الإمام أبو حاتم الرازي وهو من اجل شيوخ الإمام مسلم(من طعن في امرءٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو زنديق) . والسلف رضي الله عنهم كانوا يغلقون الأبواب التي تؤدي الى بغض الصحابة وتفتح الباب لاهل البدع للطعن فيهم ،ومن ذالك انهم يمسكون عما شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرن هذا في كتب العقيدة كالعقيدة الواسطيه فيمسكون عما جرى بينهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه حيث ثارت الفتنه وجرى ما جرى ولم يكن ذلك رضا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه أمر الله عز وجل وقدره(وكان أمر الله قدرا ًمقدورا ً) والصحابة في ذالك مجتهدون ،من أصاب الحق منهم فله أجران ومن أخطا فله أجر واحد، يقول السلف كالإمام أحمد وغيره في تلك الفتنة( تلك دماء سلم الله منها أيدينا فنسأله أن يسلم منها ألسنتنا). فالكلام في هذه الفتن والكلام فيما جرى بين الصحابة ونشره على عوام المسلمين الاشرطه وغيرها قد يؤدي إلى إيغار الصدور على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فهدي السلف رضي الله عنهم الإمساك عن ذالك وعدم الكلام فيه. وكان السلف رضي الله عنهم أيضا يغلقون باباً آخر يدخل منه أهل البدع على عوام أهل السنة ألا وهو الكلام في معاوية رضي الله عنه صحابي له من الفضل ما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الآخرين وداخل في قوله عليه الصلاة والسلام (لاتسبوا أصحابي فوا الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباًَ ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)،وأهل السنة يقرون بفضائله رضي الله عنه منها:انه كاتب الوحي وخال المومنين وصهر النبي صلى الله عليه وسلم ،فان رسول الله عليه الصلاة والسلام تزوج أم حبيبه رمله بنت أبي سفيان .يقول أبو توبة الحلبي في كلمه جميلة احفظوها يا أهل السنة وعلموها عوامكم يقول :(معاوية سترٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن هتك الستر اجترأ على ما وراءه) وصدق رضي الله عنه فان أهل البدع يطعنون اليوم في معاوية فإذا سكت عنهم طعنوا بعد ذالك في غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ,وكذالك الرجل إذا تجرّأ على الطعن في معاوية طعن في غيره من أصحابي النبي صلى الله عليه وسلم . ومما ينبغي أن يُحذر ما يوجد في كتابات المفكرين الإسلاميين في هذه الأيام , الإسلاميين الذين بنوا فكرهم على الثورة والتهييج وفكر الخوارج , وللأسف أن هذا كثير فيهم , يُوصَفُ بأنه مفكّر إسلامي لكنه يدعو إلى مذهب الخوارج . وقد قرأت في كتاب بعضهم ممن يسمى مفكراً إسلامياً ومربياً أنه يبيح لعوام الناس وأفراد المسلمين قتل المرأة المتبرجة بعد نصيحتها لأن الخلافة غير موجودة في زعمه , فيبيح لكل أحد أن يسفك الدم وأن يقتل . وقتلُ المرأة المتبرجة العاصية لايتجرأ عليه إلا الخوارج الذين يكفرون بالذنوب . وهؤلاء المفكرين منهم ممن تجرأ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ يسمونه بالشهيد ومن يثنون عليه ويجلونه ويجعلونه إماماً لهم , وأذكر لكم بعض ما قاله هذا الذي يزعمون أنه شهيد ويشهدون له بأمر غيبي , الله أعلم بحاله , يقول هذا الرجل في معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما : إنهما يتعاملان بالغش والخداع والكذب والتزوير والنفاق وشراء الذمم( ) . ويقول في الصحابي الجليل أبي سفيان : إنه أسلم نفاقاً ومازال يتمنى عزيمة الإسلام حتى مات فإسلامه إسلام الشفة واللسان لا إسلام القلب والوجدان . ويقول في هند رضي الله عنها وهي من الصحابيات يقول : إنها آكلة الأكباد , يقول هذا تعييراً لها . ويقول في عثمان : من سؤ المصادفات أن يتولى الخلافة عثمان رضي الله عنه . ويقول : إن خلافته فجوة في التاريخ الإسلامي(( . فالحكم الإسلامي الحقيقي في زعمه كما يقول , أبوبكر ثم عمر ثم علي رضي الله عنهم , وينسف خلافة عثمان رضي الله عنه . ويقول إن الثورة التي قامت على عثمان وقادها ابن سبأ نابعة من روح الإسلام( ) . نعوذ بالله , هذه الثورة الظالمة الجائرة التي انتهت بمقتل عثمان المبشر بالجنة وكان عند قتله أفضل أهل الأرض بعد أبي بكر وعمر , ويثني على أولئك الثوّار الذين أحاطوا ببيته ثم تسوروا الجدار وقتلوه رضي الله عنه . فما رأيكم في هذا الكلام يامعاشر الموحدين , ماتقولون فيمن يتكلم بهذا الكلام هل يستحق أن يوصف بأنه قائد الجيل وبأنه الشهيد وبأنه الإمام وبأنه وبأنه ... هل يستحق أن يقدّم للشباب على أنه المثال والقدوة للصحوة الإسلامية , لا والله , إن لم تكن تكونوا تعلمون مَنْ تكلم بهذه الكلمات فإنه قائد الثورة ومفسد الشباب في كثير من البلاد بفكره : سيد قطب الذي يعظمه هؤلاء الشباب , تجرّأ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخالف عقيدة أهل السنة السلفية . وللأسف أن عوام هؤلاء وجهّال هؤلاء الذين يتابعونه ينتصرونله ولاينتصرون لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولايدافعون عنهم ولا يذبون عنهم . نصيحتي للجميع أن يحرصوا على هذا الأمر على محبة الصحابة ونشر فضائلهم وبيان مراتبهم للعامة والخاصة , والثمرة من ذلك عظيمة بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لذلك الرجل الذي قال : يارسول الله المرء أحب القوم ولمّا يلحق بهم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( المرء مع من أحب يوم القيامة )) قال أنس رضي الله عنه : فما فرحنا بعد الإسلام بشيء فرحنا بهذا الحديث . يقول أنس : فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وأرجو أن أكون معهم وأن لم أعمل بمثل عملهم . ونحن نشهد الله عز وجل على محبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم ونسأل الله أن نكون معهم وإن لم نعمل بمثل عملهم . والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .


    سلطان العيد

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    المنهج الخفي وأثره في صناعة الإرهاب




    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..أما بعد: فيقول الله عز وجل في محكم التنزيل (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين). [الأنعام:55].

    المنهج الخفي وأثره في صناعة الإرهاب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..أما بعد: فيقول الله عز وجل في محكم التنزيل (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين). [الأنعام:55]. قال الشيخ العلاَّمة عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (وكذلك نفصل الآيات)أي: نوضحها ونبينها، ونميز بين طريق الهدى والضلال، والغيِّ والرشاد، ليهتدي بذلك المهتدون، ويتبين الحق الذي ينبغي سلوكه. (ولتستبين سبيل المجرمين) الموصلة إلى سخط الله وعذابه، فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت أمكن اجتنابها والبعد منها، بخلاف ما لو كانت مشتبهة ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل). وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية:( فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريقُ الموصل إلى مقصوده، والطريقُ الموصل إلى الهلكة، فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة..). ثم قسَّم الإمام ابن القيم الناس في معرفة الحق وأهله والباطل وأهله إلى أربعة أقسام فقال - رحمه الله-:" والناس في هذا الموضع أربع فرق: الفرقة الأولى: من استبان له سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين على التفصيل علماً وعملاً، وهؤلاء أعلم الخلق. الفرقة الثانية: من عميت عنه السبيلان من أشباه الأنعام، وهؤلاء بسبيل المجرمين أحضر ولها أسلك. الفرقة الثالثة: من صرف عنايته إلى معرفة سبيل المؤمنين دون معرفة ضدها، فهو يعرف ضدها من حيث الجملة والمخالفة، وأن كل ما خالف سبيل المؤمنين فهو باطل، وإن لم يتصوره على التفصيل، بل إذا سمع شيئاً مما خالف سبيل المؤمنين صرف سمعه عنه، ولم يشغل نفسه بفهمه ومعرفة وجه بطلانه وهو بمنـزلة من سلمت نفسه من إرادة الشهوات فلم تخطر بقلبه ولم تدعه إليها نفسه، بخلاف الفرقة الأولى فإنهم يعرفونها وتميل إليها نفوسهم ويجاهدونها على تركها لله. وقد كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن هذه المسالة أيهما أفضل: رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله، أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟ فكتب عمر: أن الذي تشتهى نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم. وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه فأبغضها لله وحذرها، وحذَّر منها، ودفعها عن نفسه، ولم يَدَعْها تخدش وجه إيمانه، ولا تُوْرثه شبهة ولا شكًّا، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق، ومحبة له، وكراهة لها، ونفرة عنها، أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه... الفرقة الرابعة: فرقة عرفت سبيل الشر والبدع والكفر مفصلة، وسبيلَ المؤمنين مجملة، وهذا حال كثير ممن اعتنى بمقالات الأمم ومقالات أهل البدع، فعرفها على التفصيل ولم يعرف ما جاء به الرسول كذلك، بل عرفه معرفة مجملة وإن تفصَّلت له في بعض الأشياء، ومن تأمل كتبهم رأى ذلك عياناً. وكذلك من كان عارفاً بطرق الشر والظلم والفساد على التفصيل سالكاً لها، إذا تاب ورجع عنها إلى سبيل الأبرار يكون علمه بها مجملا غير عارف بها على التفصيل معرفة من أفنى عمره في تصرفها وسلوكها. والمقصود أن الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض كما يجب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك، وفى هذه المعرفة من الفوائد والأسرار مالا يعلمه إلا الله؛ من معرفة عموم ربوبيته سبحانه وحكمته وكمال أسمائه وصفاته وتعلقها بمتعلقاتها واقتضائها لآثارها وموجباتها، وذلك من أعظم الدلالة على ربوبيته وملكه وإلهيته وحبه وبغضه وثوابه وعقابه والله أعلم". وبعد يا معاشر المؤمنين..لقد أخذ أهل الفتنة بمنهج خفي، ظاهره: الجهاد والإصلاح وإنكار المنكر والمطالبة بحقوق الشعوب.. وباطنه: التحزب والجرأة على سفك دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتفريق الجماعة، وشق عصا الطاعة، وتسليط الأشرار، وذل الأخيار، واضطراب الأمن، وتعطيل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإضعاف الدعوة إلى الله، فبهذا المنهج تقتل الأنفس المعصومة، وتحل الفوضى، وتضطرب الأمور في دولة الإسلام..ولكل قوم وارث. وهذا المنهج الخفي يعمل به الآن دعاة الفتنة، فأفسدوا من أفسدوا من الشباب والعوام، وهذه الأحداث الأخيرة شاهد على ذلك، وهذا المنهج وهو قائم على أصول سبعة، فاحفظوها واحذروها، فإن معرفة أوصاف أهل الباطل تُسلِّمك من شرورهم بإذن الله، وبهذا جاءت السنة..ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله تعالى عنه دعاة الفتنة، وأن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم، فقال حذيفة: صفهم لنا يا رسول الله!، فطلب حذيفة معرفة أوصاف دعاة الفتنة ليحذرهم، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا". وقال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.. الحديث متفق عليه .

    فما أوصاف دعاة الفتنة وما أصول منهجهم الخفي؟!

    هذا المنهج يقوم على سبعة أصول وهي كالآتي: أولا: إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها، فلا يُنسب إليهم خير مما يكون في البلد، من إقامة الصلوات، وحماية الثغور، والقيام على خدمة الحرمين وحجاج بيت الله الحرام، والسعي في استتباب الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم الشريعة، والإنفاق على الدعوة والدعاة إلى غير ذلك من الأمور المحمودة.. فأهل الفتنة لا يحفظون لأحد فضلاً، قد خالفوا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (من لا يشكر الناس لا يشكر الله). فهم يكتمون المحاسن لئلا يكون في النفوس محبة لولاة الأمر، واجتماع والتفاف حولهم. ثانيا: إظهار عيوب ولاة الأمر والتشهير بهم على المنابر وفي المجالس، بل ونسبة كل شر إليهم، وإيهام عوام المسلمين بأن سبب مآسي المسلمين ومصائبهم هم الولاة، وأن كل مصيبة تقع فهم أصلها، وأن الفجور قد عمّ، حتى يشعر الشاب بأن كل ما حوله منكرات ومعاصي، وأنه يعيش في جاهلية سببها ولاة الأمر، بل قد يصل الأمر إلى التكفير المبطن، فتوصف بعض قرارات البلاد بأنها قرارات علمانية!، والعلمانية ردة وكفر بالله، ويوهمون الناس بأن ولاة أمرهم ضد الدعوة والإصلاح، ولو كانوا يقيمون الصلاة ويحكمون شرع الله، ثم يوهمون الشباب والعوام بأنهم مظلمون مضطهدون قد سُلبت حقوقهم، وأن الظلم قد عمَّ ولابد من إنكار هذا المنكر، وأنه قد آن أن يضحي المسلم بنفسه لنصرة الحق والصدع به وإبراء الذمة والمطالبة بالحقوق، فعند ذلك يتهيأ هؤلاء الجهال للخروج وحمل السلاح، فيفسدون ولا يصلحون، ويهلكون الحرث والنسل، ويخالفون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الآمرة بالصبر ولزوم الجماعة والسمع والطاعة، وإن حصل ضيم وظلم؛ خوفاً من وقوع الفتنة وسفك الدماء، كما قال الإمام مالك رحمه الله: حاكم غشوم ظلوم ولا فتنة تدوم. وكان عبد الله بن سبأ رأس الفتنة يقول لأتباعه: انهضوا في هذا الأمر بالطعن في أمرائكم. ثالثا: تبني مآسي وجراحات المسلمين، وإظهار المناصرة لهم، فيوهمون الناس بأنهم القائمون على ذلك، ويصدرون البيانات والتوقيعات الجماعية في النقير والقطمير، والصغير والكبير، قد جعلوا أنفسهم أوصياء على أمة الإسلام، وما علموا أنهم قد افتاتوا على ولاة أمرنا وعلمائنا الكبار، لأن هذه القضايا الكبرى لا يقدر على معرفة حقيقتها وعلاجها إلا أولو الأمر، قال تعالى في ذم المفتاتين على ولاة الأمر (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا).[النساء : 83]. وهؤلاء إنما يتبنون جراحات المسلمين ويظهرون مناصرتهم؛ ليجمعوا الناس حولهم وليتشبعوا بما لم يعطوا، ويهمشون في الوقت ذاته نصرة ولاة الأمر لقضايا المسلمين، بل قد يزعمون خلاف ذلك، فيشعرون الجهال بأن ولاة الولاة قد خذلوا قضايا الأمة ولم ينصروا إخواننا المسلمين، ويصل الأمر بهم إلى اتهام حكامنا بمولاة الكفار ومناصرتهم على إخواننا المسلمين، وهذا من الكذب الذي سيسألهم الله عنه يوم القيامة. ومن جهلهم أنهم يلزمون الولاة بنصرة المستضعفين مطلقاً، ويحتجون بقوله تعالى(وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)[الأنفال:72]، ولو أنهم أتموا الآية لعلموا أن المناصرة مقيدة بشرط ذكره الله عز وجل في تمام الآية بقوله (إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق)، ولأجل ذلك لا تجب نصرتهم وفاء بالعهد، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية ، حيث إنه لم ينصر أبا جندل وأبا بصير ومن معهما من المستضعفين لما كانوا على سيف البحر يقاتلون قريشاً؛ وفاء بالعهد الذي بينه وبين كفار قريش . ثم يقال لهؤلاء المفتونين: ما بالكم تتباكون على جراحات المسلمين وتناصرونها، وأما قضايانا ومآسينا فلا بكاء ولا دموع ولا استنكار؟! لماذا تتباكون على قتلى المسلمين في أقصى الدنيا ثم لا تتباكون على قتلانا من الأطفال والشباب والعجائز ورجال الأمن الموحدين؟! عُنيتم بقضايا الأمة شرقاً وغرباً، وملأتم الدنيا بكاء وتوجعاً وتفجعاً، فلما أصبنا واستهدفنا في أمننا وأعراضنا وعقيدتنا سكتم كأن لم يكن شيء؟!، بل صرتم تبررون وتخذلون الناصحين!! أين الصدع بكلمة الحق أيها الفدائيون ؟! لماذا لا تبينون للناس حال هؤلاء الخوارج وتحذرون من أفعالهم ومناهجهم ؟! ألسنا مسلمين ؟! ألسنا إخوانكم ؟! ما هذه الانتقائية في التعاطف والتباكي على جراحات المسلمين ؟! حتى القنوت صار فيه انتقائية عندكم!! إن تباكيكم على مآسي المسلمين وجراحاتهم إنما هو تحايل منكم من أجل تحقيق كسب سياسي يسوق الجماهير الجاهلة إليكم !! وبعد..فالحق أنكم أنتم من أهم أسباب جراحات ومآسي المسلمين، لنشركم هذا المنهج الثوري الخارجي في بلاد الإسلام باسم الجهاد والإصلاح و الدعوة إلى الحاكمية! وإعادة الخلافة!، فأشعلتم الفتن في أماكن شتى، وأوردتم المسلمين المهالك، وضربتم الرعية بالراعي، فثارت الفتن وسفكت الدماء، الله أكبر..في بلد مسلم واحد قتل أكثر من مائة ألف مسلم خلال عشر سنوات تقريباً، قتلوا بهذا المنهج الخفي الذي يطبقه دعاة الفتنة اليوم، وما زالت جراحات المسلمين تنزف، وأرواحهم تزهق بأيدي خوارج العصر، فإنا لله وإنا إليه راجعون. رابعاً: إسقاط كبار العلماء الناصحين واللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء، بدعوى عدم فقههم للواقع! وأنهم مغيبون منذ ثلاثين سنة! وأنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب! وأنهم لم ينزلوا للساحة والميدان - كما يقولون - وأنهم في أبراج عاجية! وأنهم علماء سلطان فلا ينطقون بالحق! وأنهم لجنة رسمية حكومية! وأنه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقة!، إلى آخر ما جاء في قاموس الجماعات الحركية الحزبية السياسية في باب سبِّ علماء السنة والتوحيد. يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلوا الجو لهم!، وانظروا كيف أن أولئك المفتونين أطاعوا رؤؤس الفتنة وعصوا العلماء الربانيين حتى حصلت المجازر في البلاد الإسلامية.. وما من فتوى في قضايا الأمة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح إلا ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز، والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة!. ثم يفاجأ الناس بعد هذا التشكيك ومحاولة التهميش لفتاوى علمائنا الأكابر؛ يفاجئون ببيانات أخرى يصدرها أصحاب التوقيعات الجماعية ورموز الثورة الحركية، بيانات فيها افتيات على العلماء الذي أوْكَل إليهم وليُّ الأمر النظر في أمور الدولة العظمى، وإصدار الفتاوى ليعمل بها فتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النزاع والخلاف، فلهؤلاء العلماء - كما ترى- سلطان لا يتُعدى عليه، كما أن القاضي له سلطان لا يتعدى ولا يفتات عليه ، وإلا فسيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع والخلاف. خامساً: التلميع، نعم.. من منهجهم تلميع من يجيد الطرق الأربع المتقدمة، وهي: كتمان المحاسن، وإظهار المعائب، وتبني جراحات المسلمين، والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم. فإذا كان كذلك فإنه يصبح عندهم شيخ الإسلام! وقائد الجيل! وربان الصحوة! والمفكر الإسلامي! وابن تيمية الصغير! وبقدرة قادر يصبح هذا الرجل قد حفظ الصحيحين بل الكتب الستة في ليلة!!، فهو عندهم الناصح، الناطق بالحق، المنكر للمنكر، الذي لا يخاف في الله لومة لائم، وهو عندهم رجل ميدان قد نزل إلى الساحة، ويلقبونه بالمربي، ومفتي الشباب - أي: شبابهم الذين تربوا على المنهج الخفي- ويقولون: هذا أقرب إليك أيها الشاب من العالم . فتراهم ينفرون من مجالس العلماء الكبار إلى هؤلاء الملمَّعين، فيستفتونهم في الأحداث الكبار دون العلماء، ويربطون الشاب بهم. وإذا نظرت في حال هؤلاء الملمَّعين فإنك تراهم لا يخرجون عن طريقتين: إما التهييج، أو التهريج. ولو أن هذا الملمَّع خالفهم فأثنى على ولاة الأمر وبيّن حقوقهم الشرعية من السمع والطاعة وعدم الافتيات عليهم في قضايا الجهاد، والحرص على جمع القلوب عليهم، وذكر ما في العلماء من خير أجراه الله على أيديهم، وقدمهم في نصرة قضايا المسلمين، ورجع إليهم في ذلك، وأعاد أمر الفتيا في قضايا الواقع للعلماء الكبار.. لو فعل ذلك لنبذوه نبذ النواة! ولا كرامة له عندهم! ويبعدون الشباب والعوام عنه قائلين: الله المستعان..الشيخ فلان تغير!! فيظن العوام أنه تغير إلى الأسوأ، وهو والله إنما تغير وانتقل من الباطل إلى الحق والسنة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. سادساً: ليُّ أعناق النصوص؛ لتوافق أهواءهم، فهم يعتقدون أولاً ثم يستدلون!. وعلى سبيل المثال: يربون الشاب على أن ولاة الأمر موالون للكفار! طواغيت! قد غيّروا دين الله!، وبعد أن يتشرب بهذا الفكر التكفيري الخارجي، تراه يبحث عن أي دليل يسعفه ويلبِّس به، فإذا أتيتهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة للأمراء، وأن الجهاد يكون خلفهم وبإذنهم، وأنه يحرم التحريض عليهم والسعي في شق العصا، عند ذلك ترى التفلت والتملص المخزي من هذه النصوص، وتأويلها، أو يقرون بها ويقولون: هي للخلفاء الراشدين الأربعة، أو للقرشي، أو لمن لا معصية عنده، بل قد يتجرؤون ويقولون: هي للحاكم المسلم، وليست لولاة أمرنا!!، نعوذ بالله من هؤلاء المفتونين. سابعاً: التقية، فقد كان مثيرو الفتنة في زمن عثمان إذا أحضروا عند الأمير أظهروا التوبة والندم والإقلاع، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن!. وقد قال سعيد بن العاص لعثمان رضي الله عنهما: إن هذا أمر مصنوع يلقى في السر فيتحدث به الناس. فتنظيمهم حزبي سري سياسي لا يرتقي فيه إلا ذو الوجهين، فيظهرون الولاء للأمراء والمحبة للعلماء تقية، لكن كلامهم في المجالس الخاصة يخالف ما يظهرون، ومن تاب منهم يشهد عليهم بذلك. والله عز وجل فاضحهم ومخزيهم، كما أخزى من أثاروا الفتنة قبلهم، قال بعض السلف: ما أسر أحد سريرة إلا وأظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه. وبعد فأن أصحاب هذا المنهج الخفي ورموزهم التي يلمعونها؛ أقل الناس نفعاً للمسلمين، مع ما لهم من تسلط وكثرة وأموال واتباع؛ لأنهم قدموا آرائهم ومناهجهم المحدثة على النصوص، والله لا يصلح عمل المفسدين. وأما أهل السنة المتمسكون بهدي السلف الصالح؛ فإن الله تعالى يبارك في علمهم ودعوتهم، ويفتح لها القلوب، وينفع بها من شاء من عباده، مع قلتهم وقلة ما بأيديهم من الدنيا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-:" أهل النصوص دائماً أقدر على الإفتاء، وأنفع للمسلمين من أهل الرأي المحدث" لأن أهل الرأي المحدث "من أقل الناس علماً بالفتيا، وأقلهم منفعة للمسلمين، مع كثرة عددهم، وما لهم من سلطان وكثرة بما يتناولونه من الأموال الوقفية والسلطانية وغير ذلك، ثم إنهم في الفتوى من أقل الناس منفعة، قلّ أن يجيبوا فيها، وإن أجابوا فقلَّ أن يجيبوا بجواب شافٍ، وأما كونهم يجيبون بحجة فهم من أبعد الناس عن ذلك". فإذا عرفت أيها الموفق منهجهم الخفي القائم على الأمور السبعة: كتمان المحاسن، وإظهار العيوب ولاة الأمر، وتبني جراحات المسلمين، والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم، والتلميع لرموزهم، وليّ أعناق النصوص، والتقية في دينهم، فإنك ستعرف إن شاء الله أهله وتحذرهم، وليس الواجب ذلك فحسب، بل عليك أن تُحذِّر منهم وتبين للناس شرهم، لئلا يغتر بهم الجهال الأغرار، لقوله صلى الله عليه وسلم:(الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). وبعد أن تبين لك المنهج الخفي الذي يسلكه هؤلاء لإثارة الفتن والتحريض على الخروج على ولاة الأمر؛ فإنك ستدرك أن هذه الأحداث الأخيرة وما صاحبها من تكفير وتفجير وإرهاب وتدمير وعداء لأهل السنة حُكَّاماً ومحكومين..هي إحدى ثمرات هذا المنهج الخفي، وما يدفع الله أعظم! فاللهم سلِّم سلِّم، قال الله عز وجل (واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)وقال تعالى(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيدهم فكفّ أيدهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون). وأُذكِّر بأن بعض إخواننا الفضلاء قد نبهوا قبلنا إلى أصول هذا المنهج فلهم الشكر الجزيل. هذا وأسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر ومكر، وأن يدم علينا نعمة التوحيد والسنة والأمن والأمان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




    سلطـان بن عبد الرحمـن العيـد

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    قيام الليل ...


    الحمد لله الموصوف بصفات الجلال و الكبرياء والعظمة...على كل نفس بما كسبت ، جعل الليل ونهار خلف لمن أراد أن يذكر وأراد شكورا ، انقادت له القلوب وهي في انقياد تخاف ؛ (( .يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم )) ، أقام عباد له فسهروا وتهجدوا..وأراهم عيب الدنيا فرفضوها وزهدوا : (( كانوا قليل من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ..))

    وأصلى وأسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين،:


    معاشر المؤمنين إن التوفيق لقيام الليل.هبة .ربانية وعطية رحمانية يمن الله بها على من يشاء من عباده ؛ وينعم بها على من كان أهل لخلوة ومناجاته فألجء إلى ربك ومولاك ونطلق بين يديه وتوجه بقلبك إليه، أسأله وهو العزيز الغفار، المهيمن القهار، اسأله بلسان الذل والإفتقار أن يوفقك الأسحار وأن يمن بخشوع والبكاء حتى تلحق بركب الصالحين الأبرار، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليم.

    البس ثوب الرجاء والناس قد رقدوا...### .أشكو إلى مولاي ما أجد.
    وقلت يا عدتي في كل نائبة.....###....ومن عليه لكشف الضر عليه اعتمد
    أشكو إليك أمور أنت تعلمها ...###...مالي على حملها صبرا ولا جلد
    وقد مددت يدي بذل معترفا ....###.......إليك يا خير يا من مدت إليه يد
    فلا تردنها يا رب خائبة ......###.....فبكرم جودك يروي كل من يرد



    لقد بشّرنا النبي صلى الله عليه وأله وسلم أن ربنا جلا جلاله ينادي في كل ليلة وهو الغني سبحانه يدعوا إلى منجاته والقيام بين يديه وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنا رسوا صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( ينزل ربنا تبارك وتعال كل ليلة إلى سماء الدنيا حين ثلث الليل الأخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من سألوني فأعطيه، من يستغفروني فأغفر له ))

    إن مما يزيد المؤمن رغبة في قيام الليل وحرص على منجاة ربه الله والوقوف بين يديه في تلك الأوقات أن يعلو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد ولد آدم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، وكان يحث على الذكر وقيام والمنجاة الملك العلام، قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه لما قدم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المدينة أنجفل الناس إليه فلما إستبنته عرفت أنه ليس بوجه كاذب فكان أول ما سمعت من كلامه أنه قال:

    (( أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بليل وناس نيام تدخل جنت ربكم بسلام )) .أخرجه الترمذي.

    إن قيام لله ومناجاته الله و انطراح بين يديه في تلك السعات إن ذلك لذة لا يعرفها إلى من ذاقها.

    قال العبد الزاهد محمد المكدر رحمه الله م" ا بقى من اللذات الدنيا إلى ثلاث **قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة"

    ، وقال اليزيد بن أبا النقدادشي رحمه الله " لا أعلم شئ أقر لعيون العابدين في الدنيا من التهجد في ظلمة الليل وما أعلم شيئا من نعيم الجنة وسرورها ألذ عند العابدين ولا أقر لعيونهم من النظر إلى ذي الكبرياء العظيم" ، إذا رفعت تلك الحجب وتجلى لهم الكريم جلا جلاله وتقدست أسمائه.

    قيام الليل يطرد الغفلة عن القلب، لقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ** من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمئة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين **رواه ابن داوود وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب.

    بل أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم** أن النوم عن قيام الليل غفلة من المؤمن يقتنصها الشيطان ليستخف بهذا النائم الغافل ويستحوذ عليه ** في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم **رجل نام الليلة حتى أصبح فقال النبي صلى الله علليه وآله وسلم ذلك الرجل بال الشيطان في أذنيه أو أدنيه **قال يحي بن معاذ رحمه الله دواد القلب في خمسة أشياء قراءة القرآن بالتذكر وعدم الإكثار من الطعام، وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين.

    أيها العبد الدليل، إن مما يسهل عليك قيام الصلاة الليل أن تستحضر بقلبك حين تقوم في تلك اللحظات أن ربك الجليل ينظر إليك ويسمع صلاتك ومناجاتك واجتهادك في طاعته، بذلك يهون عليك اليسير، يقول ربنا جلا وجلاله {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يرك حين تقوم وتقلبك في الساجدين }ويقول ربنا تبارك وتعالى {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك }.

    يا أخا الإسلام، لقد أيقن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بفضل قيام الليل وثوابه العظيم فكان يجتهد اجتهادا شديدا ولا ينام من الليل إلى قليلا قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه فقالت، قلت يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم **يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا**.

    أيها الموفق المسدد، تعلق بقيام الليل فهو شافع مشفع وعليك بالبكاء فهو رفيق صالح، ادخل في زمرة المتهجدين و انطرح في خلوة على بساط التذلل وانكسار عسى أن تكون من المقبولين.

    وأنت يا ثقيل النوم أما تنهك المزعجات، الجنة فوقك تزخرف والنار تحتك تتوقد، والقبر إلى جنبك يحفر، ربما يكون كفنك قد نسج فإلى متى الغفلة إلى متى ؟؟تأمل أخي في وصف المتهجدين في الليل، وتفكر في مالهم إذا قاموا لمناجاة ربهم وأنت محروم من ذلك النعيم.

    يقول ربنا جلا وعلى في وصفهم {أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون }قال عمر بن ذر رحمه الله لما رأى العابدون الليل قد هجم فنظروا إلى أهل الغفلة قد سكنوا إلى فروشهم ورجعوا إلى ملاذهم من النوم، قامو هم إلى الله فرحين مستبشرين، مستبشرين بما قد وهب لهم من لذة القيام وطول التهجد فاستقبلوا الليل بأبدانهم وباشروا الأرض بجبابهم فانقضى الليل وما نقضت لذتهم من التلاوة ولا ملت أبدانهم من طول العبادة هذا وصف القوم فهل أنت منهم يا عبد الله ؟؟؟؟؟.

    ألا تود أن تكون مع أناس يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم لقد ثبت عندا الطبراني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (( .ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم فذكرهم ومنهم الذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فبقول الله جلا جلاله يذر شهوته ويذركني ولو شاء لرقد.))

    ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، كان سلفنا الصالح على جانب عظيم من الاجتهاد في قيام الليل ومعرفة السبل الموصلة إليه، كان محمد بن واسع إذا جن عليه الليل قام يصلي ويبكي ويقول في بكائه: ويلي من ذنوب قد أحصيت ومن صحيفة قد ملئت ورب قد علم ذلك ولم يخف عليه شيء، قال رجل لإبراهيم بن لأدهم - رحمه الله:- (( ..إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء، لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك إليه في الليل من أعظم الشرف والعاصي لا يستحق الشرف )) .

    قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - :(( إذا لم تقدر على قيا م الليل والصيام النهار فاعلم أنك محروم مقيد كبلتك بذنبك وخطاياك.))

    وقال أبو سليمان الداراني : (( لا تفوت أحد صلاة الجماعة إلا بذنب أحدثه،.))

    عن الحسن بن صالح -رحمه الله - أنه باع جارية له فلما صارت عند القوم الذي اشتراها قامت في جوف الليل وقالت : " لهم الصلاة،! الصلاة ! " .
    فقالوا لها " أوقد طلع الفجر !؟ "

    قالت: " لا ! أوليس تصلون إلى المكتوبة، !؟ ""
    قالوا : " نعم ؛ ليس نصلي إلا المكتوبة،"

    فرجعت إلى الحسن وقالت له :" يا سيدي لقد بعتني إلى قوم سوء ليسوا يصلون بالليل فردني إليك رحمك الله رحمك الله "
    . فرَّ دها رضي الله عنها وأرضاها.

    كان السلف يدركون أثر قيام الليل على العبد، قال عطاء الخرساني، إن الرجل إذا قام من الليل متهجدا أصبح فرحا يجد بذلك فرحا في قلبه وإذا غلبته عينه فنام عن قيام الليل أصبح حزين منكسر القلب.

    دخل معاوية بن ضريج على عمر بن الخطاب وقت الظهيرة فظن عمر نائما قال له عمر: بئسما ضننت لئن نمت بالنهار لأضيعن الرعية ولئن نمت بالليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية، كان في وجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء، كان يمر بالآية من ورده في الليل فيبكي حتى يسقط ويبقي في البيت حتى يعاد للمرض.

    إن كنت غافلا عن القيام فاعلم، اعلم أن للذي بين يدي ربهم دموعا وعبرات وابتهالات وتضرعات وندماً على التفريط والزلات واستغفار من التقصير و الخطيئات لهم ذلك كله وأنت غافل لاهٍ ، رضيت بالدنيا والنوم والكسل واللهو والطرب فشتان مابين الفرقين...

    يصُّفون بالليل أقدامهم وعين المهيمن ترعاهم
    وطورًا يناجونه سجداً ويبكون.طورا ًخطاياهم.
    ##
    إ ذا فكروا في الذي أسلفوا أذاب القلوب وأبكاهم
    وإن سكن الخوف نادوا به وباحوا إليه بشكواهم
    ##
    فنالوا المراد وفازوا به ## فطوبى لهم ثم طوبهُم ُ





    أيها الغافل المقصر قد حرمك العصيان والنوم لذة المناجاة و الإنطراح بين يد الله جل وعلا، فنصت الحال أولئك الأبرار، قال منصور بن عمان رحمه الله: كنت بالكوفة فخرجت ذات ليلة أسير في الطرقات فمررت بمنزل فسمعت منه صوت شاب يصلي لربه ويناجيه ويقول: ألاهي وعزتك وجلالك، ما أردت بمعصيتي مخافتك، وقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بعقابك أجهل، ولا لوعيدك أعترض، ولا لنظرك أستخف ولكن سولت لي نفسي فأعانتني عليه شكوتي وغرني سترك المرضى علي، فقد عصيتك وخالفتك بجهلي، فإلى من أحتمي ومن، من عذابك سينقضني ومن ايدى.........يخلصني، وبحبل من اتصل إذا ما أنت قطعت حبلك عني.

    وقام احد الصالحين في ظلام الليل لصلاة ثم أخذ يناجي ربه قائلا: يا سيدي وأهلي ومن به تم عملي، أعوذ بك من بدن لا ينتصب بين يديك، وأعوذ بك من قلب لا يشتاق إليك، وأعوذ بك من دعاء لا يصل إليك.

    قال المعلى بن زيات" كان هرم بن حيان - رحمه الله - كان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف ينام طالبها وعجبت من النار كيف ينام هارب ها ثم قرأ {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون } ثم يقرأ قول ربنا جل جلاله {إلهاكم التكاثر*حتى زرتم المقابر*كلا ستعلمون ثم كلا ستعلمون } ثم رجع إلى بيته رحمه الله وغفر له.

    وقيل عن الفضيل بن عياض أنه قال: (( كذب من ادعى محبة الله فإذا جنه الليل نام عن مناجاته.))

    قال أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه- " أيها الناس إني لكم ناصح وإني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور وصوموا في الدنيا لحر يوم النشور وتصدقوا مخافة يوم عسير "

    {يأيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وسنة خير المرسلين أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    الحمد لله ربي العالمين ولا عدوان إلى على الظالمين وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه ومن اقتفى آثره وسن بسنته إلى يوم الدين أما بعد:

    فحاسب نفسك أخي على تقصيرها في قيام الليل، أترضى أن يختص أقوام....بالأنس بالله ومناجاته، هم في نعيم الطاعة وأنت في شتات المعصية، تقضي الليل في لهو وطرب غير خائف ولا وجل ولا وجل من نظر الجبار جل جلاله إليك، أما تخشى أن يعجل لك العقوبة أو أن يطبع على قلبك، أين المنافسة في الخيرات والقربات ؟؟؟.

    قال بعض السلف لو أن رجلا سمع برجل أطلع الله منه فاتصدع قلبه فمات فلم يكن ذلك بعجب، قال مخلد بن الحسين ما انتبهت من الليل إلا رأيت إبراهيم بن الادهم يذكر الله فيصلي، فاتحسر على ضعف إماني وتقصيري في قيام الليل ثم أتعزى بهذه الاية{ذالك فضل الله يؤتيه من يشاء } فجاهدوا في الله حق جهاده واستعينوا بالله على قيام شيء من الليل وإن قل.

    قال ثابت البناني رحمه الله: " جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة ثم تلذذت به عشرين سنة،"

    تذكر أجر القائمين المنيبين ولا تحرم نفسك لذيذ المناجاة ؛ قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله - : " من أطال الصلاة في قيام الليل هول الله عليه طول القيام يوم القيامة، كان السلف يتواصون فيما بينهم بقيام الليل."

    قال أبو إسحاق السبيعي: " يا معشر الشباب جدوا واجتهدوا وبادروا قوتكم و اغتنموا شبيبتكم قبل أن تعجزوا فإنه قلما مر علي ليلة إلا قرأت بها بألف آية."
    كان.........الصالح بن زيد رحمه الله يقول لأهله كل ليلة:" يا أهل الدار انتبهوا، انتبهوا فما هذه الدنيا دار نوم قريب يأكلكم الدود " .

    عن سهل قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس )) رواه البهيقي.

    يقول فالله جل وعلا {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }.

    هذه الدنيا ليست أكل وشرب وجماع وإنما هي دار تنافس في الخيرات وتسابق إلى الباقيات الصالحات، عن الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال(( إفعلو الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحماته1 فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ))

    قال الحسن البصرى رحمه الله: (( من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.))

    قال أهيب بن الوردي رحمه الله: (( إن استطعت أن لا يسبقك احد إلى الله فافعل.))

    حقيق بمن علم أن الموت مصرعه والتراب مضجعه والدود أنسيه والقبر موعده، حقيق أن يعد زادا لداره الأخرى، مما يعني على القيام بالليل التدرج فيه حتى تعتاده النفس ويسهل، فبدأ أولا بصلاة قيام بعد صلاة العشاء قبل النوم ثم حاول القيام آخر الليل، وبدأ بركعات تطيقها ثم ازدد من الخيرات، وفي القراءة عليك بآيات يسيرات في البداية والخير أمامك، ونوجه إلى الله جل وعلا وإسالة أن يجعلك من عباده القائمين المخبتين الراكعين الساجدين.

    اللهم ياحي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا غله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أن أحد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم، اللهم انصرهم على القوم الكافرين، اللهم عليك بالفرس الغاصبين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم وخالف بين أيديهم واجعل الدائرة عليهم إنك سميع الدعاء، اللهم أخرجهم من بلادنا أذلة صاغرين اللهم أخرجهم من بلادنا أذلة صاغرين إنك على كل شيء قدير، حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل.

    اللهم صلى وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين...
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوحذيفة المدني ; 05-15-2006 الساعة 01:41 PM

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    629
    جزاك الله خيرا

    اخي حبذ لو تضع الموضوع في ملف وورد ليسهل تحميله وأيضا وضعه في المكتبة
    قال ابن عباس رضي الله عنه :"يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال ابو بكر وعمر"
    تعقيب الشيخ بن باز رحمه الله :" اذا كان من خالف السنة لقول ابو بكر وعمر- رضي الله عنهما - تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده
    "



  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    فتوى الشيخ سلطان في مختار بدري السوداني




    الحمد لله رب العالمين ،ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد. فلقد كان سلفنا يوصون أهل الإيمان قائلين :"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم".


    الحمد لله رب العالمين ،ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد. فلقد كان سلفنا يوصون أهل الإيمان قائلين :"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم". ولقد اطلعت على بعض مجازفات "مختار بدري "، فتبين أن الرجل لا علم عنده بمنهج السلف ، وإنما يقعد ويؤصل من عنده ، ولهذا ترى في كلامه اضطراباً وتناقضاً عجيباً يدل على جهله .ولهذا فإني أوصي طلاب العلم بأن يتقوا الله في أنفسهم ،وأن يأخذوا العلم من أهله خاصة علم العقيدة ، وليحذروا هذا الجاهل وأمثاله . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .


    وكتبه / سلطان بن عبد الرحمن العيد

    ـ إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد بالرياض 12/4/1423هـ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    أحكام الزكاة


    إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

    يقول الله سبحانه وتعالى:(( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه )),,, ويقول الله عزوجل:(( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )),,,, وقال ربنا جل وعلا:(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )),,,, وقال ربنا عزوجل مادحآ بعض عباده:(( ويطعمون الطعام على حبه مسكينآ ويتيمآ وأسيرا إنما نطعمكم لوجه لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )),,,, ويقول الله عزوجل:(( وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهوخير الرازقين )),,,, ويقول ربنا سبحانه وتعالى:(( وما تقدموا لإنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا )),,,, ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة..... الحديث))

    معاشر المؤمنين الزكاة ركن من أركان الإسلام, فهي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وهي قرينة الصلاة في مواضع عديدة من كتاب الله عزوجل وقد أجمع المسلمون على فرضيتها فمن أنكر وجوبها مع علمها بها فهو كافر خارج من ملة الإسلام ومن بخل بها أو إنتقص منها شيئآ فهو من الظالمين المتعرضين للعقوبة والنكال,,,,, الزكاة في الشرع: هي التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعآ في حال معين لطائفة أو لجهة مخصوصة,,,,,, الزكاة لها آثار كثيرة على أمة الإسلام منها مواساة الفقراء والإحسان إليهم والقيام بمصالح العامة وذلك أن الذين تدفع إليهم الزكاة أصناف ثمانية, منهم من يأخذها لدفع حاجته كالفقراء والمساكين,,,, ومنهم من يأخذها لحاجة المسلمين إليه كالعاملين عليها والمجاهدين في سبيل الله,,,,, ومن آثارها صلاح الأمة وإتلاف قلوبها وزوال الشحناء والبغضاء فإن الفقراء إذا رأوا الأغنياء يحسنون إليهم بهذه الزكاة دون منة أحبوهم وزال فيما في نفوسهم,,,,, ومن آثارها زيادة المال بركة وكمية فإن الله قد يفتح للمزكي أبواب من الرزق ماخطرت بباله, قال ربنا جل جلاله:(( وماأنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين )),,,,,,, ومن آثارها زيادة الإيمان في قلب صاحبها, فإن الزكاة من أعظم الأعمال الصالحة, الأعمال الصالحة تزيد الإيمان,,,, ومن آثارها تعويد النفس على تقديم محبة الله على محبة المال, قال ربنا عزوجل:(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )),,,,, ومن آثارها الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى:(( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )),,,,, فإذا كانت الزكاة ركن من أركان الإسلام, وإذا كان كثير من الناس يخرجون زكاة أموالهم في شهر رمضان فليكن الكلام عن الزكاة شروطها,,,, وآدابها,,,, ومالذي تجب فيه,,,,, ومن هم الذين يستحقون الزكاة حتى يؤدي المسلم هذه العبادة على بصيرة من أمره.

    فاما شروطها وجوب الزكاة فهي خمسة أولآ: الإسلام فإن الكافر لو دفعها بأسم الزكاة لم تقبل منه, قال ربنا عزوجل:(( ومامنعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله )),,, ولكن الكافر يعاقب في الآخرة على الزكاة لأن الكفار يعذبون على إخلالهم بالواجبات (( قالوا لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين )),,,,,, الشرط الثاني: الحرية لأن المملوك لا مال له إذ أن ماله لسيده,,,,,, الشرط الثالث: ملك النصاب ومعناه أن يكون عند الإنسان مالآ يبلغ النصاب الذي قدره الشرع وهو يختلف بختلاف الأموال فإن لم يكن عند المسلم نصاب فلا زكاة عليه لأن ماله قليل لا يحتمل المواساة وليتنبه بعض صغار الموظفين وبعض العمال فإنهم يظنون أنه لا زكاة عليهم, هذا من الخطأ فإنه وإن كان موظف قليل الراتب وإن كان عاملآ لكن إذا وجد عنده نصاب زكاة فيجب عليه أن يخرج زكاة ماله,,,,,, رابعآ: مضي الحول فلا تجب الزكاة قبل مضي هذه المدة شرعآ لأن ايجابها فيما دون الحول يستلزم الإجحاف بالأغنياء وعلى هذا فلو مات الإنسان أو تلف المال قبل تمام الحول لم تجب الزكاة,,,, ولكن هناك ثلاثة أشياء ولو لم تمضي عليها الحول, وهي ربح التجارة فإن حوله حول أصله, إنتاج السائمة فإن حوله حول أماته, والحبوب والثمار فحولها وقت تحصيلها لا يشترط مضي حول لقول ربنا عزوجل:(( وآتوا حقه يوم حصاده ))

    وتجب الزكاة في أربعة أشياء,,, الأول: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار لقول ربنا سبحانه وتعالى: ياأيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ماكسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض )),,, وقوله عزوجل:(( وآتوا حقه يوم حصاده )),,,, وأعظم حقوق المال الزكاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( فيما سقت السماء أو كان عثريآ العشر وفيما سقيا بالنضح نصف العشر )) أخرجه الأمام البخاري في صحيحه,,,, ولا تجب الزكاة في الخارج من الأرض حتى تبلغ النصاب وقدره خمسة أوسق, لقوله صلى الله عليه وسلم:(( ليس في حبآ ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق )) خرجه الإمام مسلم في صحيحه,,, وزنته ستمائة وأثنى عشر كيلو, ولازكاة فيما دونها, ومقدار الزكاة فيها العشر كاملآ فيما سقيآ بدون كلفة ومؤونة, ونصف العشر فيما سقيآ بكلفة,,,, ولاتجب الزكاة في الفواكه والخضروات والبطيخ ونحوها لأنها ليست بحب ولا ثمر,,,,, ويجب عليه إخراج زكاة ثمر النخل الذي يكون في بيته إذا بلغ النصاب فإن بعض الناس يجهل ذلك يظن أن الزكاة على أهل المزارع والبساتين فقط,,,, قال الشيخ ابن عثيمين غفر الله له:( أن الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة بشرط أن تكون مكيلة مدخرة وإن لم تكن كذلك فلا زكاة فيها هذا أقرب الأقوال وعليه الإعتماد إن شاء الله

    الثاني: بهيمة الأنعام وهي الأبل والبقر والغنم ضأن كان أو معز إذا كانت سائمة وأعدت لدر والنسل وبلغت نصابآ, وأقل النصاب في الأبل خمس ولازكاة فيما دونها,,,, وأقل نصاب البقر ثلاثون,,,,, وأقل نصاب الغنم أربعون فلا زكاة فيما دون النصاب فالله الحمد والمنة,,,,, وإنما تجب فيها الزكاة إذا كانت سائمة, والسائمة: هي التي ترعى الكلأ والعشب النابت بدون بذر آدمي كل السنة أو أكثرها, فإن لم تكن سائمة وكان صاحبها هو الذي يعلفها فلا زكاة فيها إلا أن تكون لتجارة, فإن عدة للتكسب بالبيع والشراء والناقلة فيها فهي عروض تجارة, تزكى زكاة تجارة سواء كانت سائمة أو معلفة إذا بلغت نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته,,,,,,, الثالث: مما تجب فيها الزكاة الذهب والفضة على أي حال كانت لقول ربنا عزوجل:(( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم وتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم وفذوقوا ماكنتم تكنزون )), والمراد بكنزها عدم إنفاقها في سبيل الله عزوجل, وأعظم الأنفاق في سبيله إنفاقها في الزكاة, وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كانت يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحميا عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد )) والمراد بحقها زكاتها كما تفسره الرواية الثانية مامن صاحب كنز لايؤدي زكاته )),,,,,, وتجب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانت نقودآ أو تبرا لعموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة فيها ولاتجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ نصابا, حتى يبلغ نصابه قدره عشرون دينارآ فيكون نصاب الذهب بالجرامات خمسة وثمانين جرامآ ولاتجب الزكاة فيما دون ذلك, أما الفضة فتجب الزكاة فيها إذا بلغت نصابآ وهو خمس أواق وقدره بالجرامات خمسمائه وخمسة وتسعون جرامآ, فلاتجب الزكاة فيما دون ذلك, والواجب عليه في زكاة الذهب والفضة إخراج ربع العشر فقط وهو مايعادل إثنين ونصف بالمائة, وتجب الزكاة في الأوراق النقدية كالريالات والليرات والدولارات لإنها بدل عن الفضة فتقوم مقامها, فإذا بلغت نصاب الفضة وجبت فيها الزكاة,,, وتجب الزكاة في الذهب والفضة والأوراق النقدية كالريالات سواء كانت حاضرة عنده أو في ذمم الناس سواء كان قرضآ أم ثمن مبيعآ أم أجره أم غير ذلك, فإذا كان هذا الدَين على مليكآ باذل فتزكيه مع مالك كل سنة ولك أن تؤخر زكاته حتى تقبضه ثم تزكيه في كل مامضى من السنين, هذا إن كان الدَين على مليكآ باذل,,, أما إذا كان ديَنك على رجل معسر أو غني مماطل يصعب استخراج الدَين منه فلا زكاة فيه حتى تقبضه فتزكيه عن سنة واحدة فقط, سنة قبضه ولا زكاة عليك فيما دون قبلها من السنين قاله العلامة ابن العثيمين غفر الله له,,, ولا تجب الزكاة فيما سوى الذهب والفضة من المعادن والجواهر كالحديد والنحاس والألماس, وإن كانت أغلى من الذهب والفضة إلا أن تكون تلك المعادن أعدت للتجارة فيزكيها زكاة تجارة.

    الرابع: مما تجب الزكاة فيها الزكاة عروض التجارة وهي كل ماأعده للتكسب من التجارة من عقار وحيوان وطعام وشراب وسيارات وغيرها من أصناف الحال فيقومها كل سنة بما تساوي عند رأس الحول و’يخرج ربع ’عشر قيمتها, يعني اثنين ونصف بالمائة سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر,,,, ويجب على أهل البقالات والآلات وقطع الغيار وغيرها أن يحصوها إحصاء دقيقآ شاملآ للصغير والكبير و’يخرج زكاتها تقرب لله سبحانه وتعالى فإن شق عليهم أحصاؤها بدقة, إحطاطوا وأخرجوا مايكون به براءة ذممهم,,,, ولازكاة فيما أعده الإنسان لحاجته من طعام وفرش ومسكن وحيوانات وسيارة واللباس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ليس على المسلم في عبده ولافرسه صدقة )) متفق عليه,,,, ولا تجب الزكاة فيما عد للأجرة من عقارات وسيارات ونحوها وإنما تجب في أجرتها إذا كانت نقودآ وحال عليه الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بضمها ماعنده من جنسها.

    أما أهل الزكاة: فالواجب عليك أن تعرفهم حتى تدفع الزكاة إليهم ولا تتعدى إلى غيرهم وقوفآ عند شرع الله سبحانه تعالى, قال الله سبحانه وتعالى:(( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )) بين الله عزوجل في هذه الآية مصاريف الزكاة وأهلها المستحقين لها بمقتضى علمه وحكمته وعدله ورحمته وحصرها في هؤلاء الأصناف الثمانية وبين أن صرفها فيهم فريضة لازمة وإنها هذه القسمة صادرة عن علم الله وحكمته فلا يجوز تعديها وصرف الزكاة في غيرها لأن الله عزوجل أعلم بمصالح خلقه وأرحم بهم من أنفسهم (( ومن أحسن من الله حكمآ لقوم يوقنون )),,,,, أما الصنف الأول والثاني: وهم الفقراء والمساكين وهم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عائلتهم لا من نقود حاضرة ولا من رواتب ثابته ولا من صناعة قائمة ولا من غلة كافية ولا من نفقات على غيرهم واجبة فهم في حاجتآ إلى مواساة ومعونة قال العلماء:( فيعطون من الزكاة مايكفيهم وعائلتهم لمدة سنة كاملة حتى يأتي حول الزكاة مرة ثانية ), ويعطى الفقير من الزكاة لزواج يحتاج إليه مايكفيه لزواجه, ويعطى طالب العلم الفقير من الزكاة مايكفي لشراء كتب يحتاجها, ويعطى من له راتب لا يكفيه هو وعائلته يعطى من الزكاة مايكمل كفايتهم لأنه ذو حاجة, وأما من كان ذو كفاية فلا يجوز أعطاه من الزكاة وإن سألها بل الواجب نصحه وتحذيره من سؤاله مالا يحل له, عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله عزوجل وليس في وجهه مزعة لحم )) متفق عليه, قال أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( من سأل أموال الناس تكثرآ فإنما يسأل جمرآ فليستقل أو ليستكثر )) خرجه الإمام مسلم في صحيحه وأن سأل الزكاة شخص وعليه علامة الغنا وهو مجهول الحال جاز إعطاؤه منها بعد إعلامه أنه لاحظ فيها لغني ولا قوي مكتسب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان يسألونه فقلب فيهما النظر فرءاهم جلدين فقال:(( إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيهما لغني ولا قوي مكتسب )) رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره,,,,, الصنف الثالث من أهل الزكاة: العاملون عليها وهم الذين ينصبهم ولاة الأمور لجبايت الزكاة من أهلها وحفظها وتصريفها فيعطون منها بقدر عملهم وأن كانوا أغنياء, وأما الوكلاء لفرد من الناس في توزيع زكاته فليسوا من العاملين عليها فلا يستحقون منها شيئآ من أجل وكالتهم,,,,, الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم وهم ضعفاء الإيمان أو من ’يخشى شرهم فيعطون من الزكاة ما يكون في تقوية ايمانهم أو دفع شرهم إذا لم يندفع إلا بإعطائهم,,,,, الصنف الخامس الرقاب: وهم الأرقاء المكاتبون الذين اشتروا انفسهم من أسيادهم فيعطون من الزكاة مايفون به اسيادهم ليحرروا انفسهم ويجوز أن يشترى عبد فيعتق, وأن يفك بها مسلم من الأسر لأن هذا داخل في عموم الرقاب,,,, الصنف السادس: الغارمون الذين يتحملون غرامه وهم على نوعان,,,, أحدهما : الذي تحمل حمالة لإصلاح ذات البين وإطفاء الفتنة بين قبيلتين أو نحوهما فيعطى من الزكاة بقدر حمالته تشجيع له على هذا العمل النبيل الذي يحصل به تأليف المسلمين وإصلاح ذات بينهم وإطفاء الفتنة وإزالة الأحقاد والشحناء,,,,, عن قميصة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلة له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك )) الحديث رواه مسلم,,,,,, أما النوع الثاني من الغارمين: وهو من تحمل حمالة لنفسه, أي تحمل ديَن من أجل نفسه وليس عنده وفاء فيعطى من الزكاة مايوفى به ديَنه وإن كثر, ولا يشترط أن يسلم مال الزكاة للمدين بل يجوز أن تدفع زكاتك لطالب الديَن مباشرة, لأن ذلك يحصل به المقصود من تبرأة ذمة المطلوب,,,,,, الصنف السابع: في سبيل الله: وهو الجهاد في سبيل الله الذي يقصد به أن تكون كلمة الله هي العليا لا لحمية ولا لعصبية ولا من أجل جماعة ضالة, فيعطى به المجاهد بهذه النية مايكفيه لجهاده من الزكاة أو يشتري بها السلاح أو العتاد للمجاهدين في سبيل الله لحماية الإسلام والذود عنه وإعلاء كلمة الله مع الإنتباه أن الجهاد موكولآ للسلطان,,,,,, الصنف الثامن: ابن السبيل: وهو المسافر الذي إنقطع به السفر ونفد فيما في يده فيعطى من الزكاة مايصله إلى بلده وإن كان غنيآ فيها ووجد فيها من يقرضه ولكن لا يجوز أن يستطحب معه نفقة قليلة لا تكفيه.

    ومن المسائل المتعلقة بالزكاة: الزكاة باب عظيم من أبواب الفقه ينبغي للمسلم أن يتعلمه حتى يعبد الله عزوجل على بصيرة, لا يجوز أن تدفع الزكاة لكافر يهودي أو نصراني أو لغيرهما إلا أن يكون هذا الكافر من المؤلفة قلوبهم فيجوز أن يعطى من الزكاة وليس هذا من موالاتهم ولا يجوز لأحد أن يقدح لولي أمر المسلمين أن فعل ذلك, إن فعل ذلك دفعآ لشر عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم, ولا تدفع الزكاة لغني عنها بما يكفيه من تجارة أو صناعة أو حرفة أو راتب أو نفقة واجبة له إلا أن يكون ذلك الغني من العاملين عليها أو المجاهدين في سبيل الله أو الغارمين لإصلاح ذات البين, ولا تدفع الزكاة لمن تجب نفقته من زوجة أو قريب بدلآ عن نفقتهما, ويجوز دفع الزكاة للزوجة والقريب فيما سوى النفقة الواجبة, فيجوز أن يقضي من مال زكاته ديَنآ عن زوجته لا تستطيع وفائه, ويجوز أن يقضي عن والديه أو أحد من أقاربه ديَن لا يستطيع وفائه, ويجوز أن تدفع الزكاة لأقاربه الذين لا تجب عليه نفقتهم إذا كانوا مستحقين للزكاة, ويجوز للزوجة أن تدفع زكاتها لزوجها في قضاء ديَن عليه ونحوه, وذلك لأن الله علق استحقاق الزكاة بأوصاف تشمل هؤلاء وغيرهم, فلا ’يخرج أحد منهم إلا بنص أو إجماع, وإذا كان له ديَن على فقير فلا يجوز أن يسقط هذا الديَن عن الفقير وينويه عن الزكاة, لأن الزكاة أخذ وإعطاء قال الله سبحانه وتعالى:(( خذ من أموالهم صدقة )), وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(( إن الله إفترض عليهم صدقة ’تأخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم )) وإسقاط الديَن عن الفقير ليس أخذآ ولا ردآ, ولأن ديَنك في ذمة الفقير مال غائب لا تتصرف فيه فلا يجزئ عن مال حاضر تتصرف فيه,,,,,,,,, ومما يغلط فيه بعض الناس أنه يدفع زكاته كل سنة لشخص معين أو عائلة معينة, ولكن لعل ذلك الشخص في هذه السنة قد صار غنيآ وزال عنه الفقر فتأكد من حاله وأحطط لدينك بارك الله فيك,,,,,, وإذا دفع صاحب الزكاة زكاته لمن يظن أنه من أهلها فتبين بخلافه فإنها تجزئه لأنه إجتهد واتقى الله ما استطاع (( ولا يكلف الله نفسآ إلا وسعها )) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( قال رجل والله لأتصدقن وذكر الحديث وفيه وضع صدقته في يد غني فأصبح الناس يتحدثون ’تصدق على غني فقال الحمدلله على غني...... فأما الغني لعله يعتبر لينفق مما أعطاه الله )) وفي رواية لمسلم (( أما صدقتك فقد ’تقبلت )),,,,,,, أما الراتب الشهري الذي يدخر منه المسلم شهريآ ما يزيد من حاجته فيقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله في كيفية إخراج زكاته:( إن أحسن طريق وأسهله وأقربه إلى براءة الذمة أن تجعل لك شهر معين وليكن الشهر الذي يتم به الحول على أول راتب ادخرته تحصي به جميع ماعندك من الدراهم و’تخرج زكاته فتكون الزكاة بالنسبة لأول شهر في وقت الوجوب وبالنسبة لما بعده معجلتآ أي مقدمتآ قبل تمام الحول, وتقديم الزكاة على تمام الحول جائز كما نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله...إنتهى كلامه),,,,,, ومما ينبه عليه أن الإنسان لو كان عنده مال يجمعه ليتزوج أو يشتري به بيتآ أو نحو ذلك فيجب عليه أن يؤدي زكاته إذا بلغ نصابآ وتم عليه الحول, لأن النقود تجب فيها الزكاة ولو لم تكن للتجارة,,,,, ومما ينبه عليه أيضآ أن أجرة الدار والدكان ونحوهما تجب فيها الزكاة ويبتدأ حول الزكاة من حين عقد الإيجار لأن الأجرة تثبت بالعقد وإن كانت لا تستقر إلا بستيفاء المنفعة, فإذا قبض الأجرة وقد مضى على عقد الإيجار سنة وجب عليه إخراج زكاتها , وأما إذا قبض الأجرة بعد مضي ستة أشهر وأنفقتها قبل أن تتم السنة فليس عليه زكاة فيها.

    اللهم ياحي ياقيوم ياذي الجلال والإكرام, اللهم إنا نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوآ أحد,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار,,,, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنآ مطمنآ وسائر بلاد المسلمين,,,, اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولا يتنا فيما خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين,,,, ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب,,, ربنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا,,,, ربنا إنك رؤوف رحيم,,,, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الحج موسـم لتصحيح العقيدة




    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد: فلقد دأب أهل البدع على نشر بدعهم واستغلال المواسم واجتماع الناس لنشر ضلالهم، ومنها: موسم الحج ، ومن هؤلاء المفسدين في الحج: الخوارج الضُّلاّل، فوقائعهم التاريخية شاهدة على استغلالهم موسم الحج واجتماع الناس لنشر ذلك المنهج الخبيث، فكان اجتماع قادة الخوارج ورؤسهم في موسم الحج، وهكذا سار أحفادهم وأتباعهم إلى وقتنا الحاضر، وما حادثة الحرم في مطلع القرن، والحوادث التي كانت بعده من اتباع ابن سبأ إلا شاهد على ذلك، ومن تلك الشواهد قصة يزيد الفقير حينما خرج في عصابة يريدون الحج ثم الخروج على الناس، فمروا بجابر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ;، وحصل بينهم وبينه مجادلة أعادت أكثرهم إلى عقيدة أهل السنة وتركوا مذهب الخوارج.. فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن يزيد الفقير أنه قال:" كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- يُحدِّث القوم، جالس إلى سارية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ;. قال يزيد: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون به ؟! والله يقول(إنك من تدخل النار فقد أخزيته); ويقول( كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها); فما هذا الذي تقولون ؟! فقال جابر: أتقرأ القرآن ؟! قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم; (يعني الذي يبعثه الله فيه؟) قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم; المحمود، الذي يُخرج الله به من يخرج. قال يزيد: ثم نعت وضع الصراط ومرَّ الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك. قال: غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس. قال يزيد: فرجعنا فقلنا: ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!. قال: فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد". [كتاب الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها برقم (191)] وفي هذه الحادثة التي خرّجها الإمام مسلم فوائد منها:

    • أولاً: أن أهل البدع يستغلون موسم الحج للدعوة إلى باطلهم، كما قال يزيد:(فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس). أي: نظهر مذهبنا في ذلك الموسم وندعوا الناس إلى هذه البدعة وهي بدعة الخوارج. والخوارج هم الذين يكفرون أهل الإسلام بالكبائر، ويردون السنة بظاهر القرآن، ويستحلون دماء المسلمين. •

    ثانياً: على أهل السنة أن يستغلوا موسم الحج لتفقيه الناس ونشر العقيدة الصحيحة والتحذير من البدع، كما فعل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، فإن هؤلاء الحجاج الذين يحملون فكر الخوارج الضُلاَّل مرّوا على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فرأوا تلك الحلقة حلقة علم يُحدث فيها جابر - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم;، فذكر فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم; عن أناس من أهل التوحيد يدخلون جهنم بسبب ذنوبٍ كبائر اقترفوها، ثم بعد أن يعذبوا على قدر ذنوبهم يخرجون من النار إلى الجنة بفضل الله ورحمته ومنِّه. والخوارج يرون أن من دخل النار من الموحدين لا يخرج منها، فلما سمعوا ذلك من جابر - رضي الله عنه- كان سبباً في تصحيح عقيدتهم ورجوعهم عن مذهبهم الباطل وتكفيرهم لأهل الإسلام. •

    ثالثاً: في هذا الحديث بيان فضل مجالس العلم والعلماء، وأن تصحيح العقيدة يكون فيها، فعلى المربين للشباب أن يقودوهم ويرشدوهم إلى مجالس العلم، ويربطوهم بالعلماء الربانيين، وأما تلك الألفاظ المنفرة من العلماء ومجالسهم كقول بعضهم: إن العلماء يشتغلون بالجزئيات! ولا ينزلون إلى الشباب! ولا يفقهون الواقع! ونحو ذلك من الألفاظ المنفرة، فينبغي أن تجتنب فإنها من ألفاظ الخوارج الضُلاَّل الذين اشتهر عداؤهم لعلماء أهل السنة السلفيين. •

    رابعاً: ومما يستفاد من هذه القصة أيضاً: خطورة منهج الخوارج لقول يزيد:(كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج) وشغفني أي: لصق بشغاف قلبي وهو غلافه. •

    خامساً: أن إحسان الظن بالعلماء سبيل للانتفاع بعلمهم كما قال هؤلاء الذين كانوا يحملون مذهب الخوارج لما سمعوا قول جابر بن عبد الله:(ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم; ؟!). فلم يصدقوا ذلك بل نزَّهوا جابراً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم; وتابعوه. •

    سادساً: ويستفاد منها: أن شباب الخوارج وشيبهم قد يرجعون إلى السنة بعد المحاورة والمجادلة بالحق، لأن الجهل غالبٌ عليهم، فإذا سمعوا كلام العلماء برغبة وإقبال وطلب للحق انتفعوا بإذن الله سبحانه وتعالى. •

    سابعاً: ويستفاد من هذه القصة: أن أصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم; كالزناة وشُرَّاب الخمر والمرابين وغيرهم إذا دخلوا النار لا يخلدون فيها. ومذهب أهل السنة في أصحاب الكبائر يتلخص في أمور:
    1- أنهم لا يكفرون صاحب الكبيرة بل يرون أنه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته. 2
    - ومنها: أنهم يرون أنه تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، كما قال ربنا جلّ وعلا (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). 3
    - ومن مذهب أهل السنة في أصحاب الكبائر: أنهم يرون أن من دخل النار من أهل الكبائر من الموحدين فإنه لا يُخلد فيها بل يخرج منها كما دلّ عليه هذا الحديث وغيره. •

    ثامناً: ويستفاد من هذه الحادثة التي وقعت لهؤلاء الحجاج ومنهم يزيد الفقير: أن كلام العلماء والدعاة في الحج لا يقتصر على مسائل الحج فقط، بل تذكر معها مسائل العقيدة والتحذير من البدع المنتشرة كما فعل جابر رضي الله عنه، فليحرص أهل العلم على التحذير من فتنة العصر فتنة الخوارج. •
    تاسعاً: ويستفاد من هذه القصة: أن هؤلاء الذين خرجوا في هذه الأيام يكفرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويضربون برّها وفاجرها ولا يتحاشون من مؤمنها ويستحلون دماء رجال الأمن وغيرهم، أقول: يستفاد منها أن لهم أصلاً وجذوراً في تاريخ هذه الأمة، وأن من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم; أنه أخبر عن خروجهم فقال: "ينشأ نشؤ يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع كلما خرج قرن قطع - حتى عدّ النبي صلى الله عليه وسلم; أكثر من عشرين مرة- حتى يخرج في أعراضهم الدجال" السلسلة الصحيحة (2455) . وفي هذا الحديث بشارة لأهل السنة بأنهم منصورون غالبون للخوارج وأن هؤلاء الضلال يصاحبهم الذل بإذن الله تعالى. •
    عاشراً: ويستفاد من هذه الحادثة: أن الخوارج لا يعظمون حرمات الله، بل يجتهدون في باطلهم في الشهر الحرام و البلد الحرام، قال يزيد:(كنا نريد الحج ثم نخرج على الناس بعد ذلك). وكانوا عصابة ذو عدد كلهم قد شغفوا برأي الخوارج، فأرادوا أن يظهروا مذهبهم، و ومن يخالفهم ويرد عليهم في ذلك فإنهم يعادونه بل يكفرونه ويستحلون دمه! وهذا هو طبع الخوارج وهذا خلقهم، لا يعظمون حرمات الله وحدوده، وقد بعث الله تعالى نبينا الخاتم صلى الله عليه وسلم; بتعظيم حرمات الله وحفظ الحقوق فقال النبي صلى الله عليه وسلم; يوم عرفة:(إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).

    ومما جاء به دين الإسلام: تعظيم الأشهر الحرم وهي أربعة: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، كما قال ربنا سبحانه في محكم التنـزيل (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم).
    وكان الناس في الجاهلية يعظمون هذا الأشهر الأربعة المحرمة، فإذا دخلت هذه الأشهر الحرم وضعوا السلاح، ولم يتعرض أحد منهم لعدوه، أما هؤلاء فإنهم قد سفكوا الدم الحرام! في الشهر الحرام! كما في هذا التفجير الأخير في ذي القعدة، فلا إله إلا الله ما أجرأهم على ارتكاب حرمات الله وحدوده.

    ومما جاءت به هذه الشريعة بتحريمه البلد الحرام فإن النبي صلى الله عليه وسلم; خطب الناس بعد فتح مكة فقال:(إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات ولأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكة ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا تحل لقطته إلا لمنشد). فإذا كان الصيد لا ينفر في البلد الحرام فكيف بإخافة أهل الإسلام، فكيف بترويع أهل التوحيد والسنة، وسفك الدم الحرام في البلد الحرام؟؟!!
    وكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه في الجاهلية في المسجد الحرام فلا يهيجه ولا يعرض له بسؤ، أما هؤلاء فقد انتهكوا البلد الحرام. ومما جاءت به الشريعة من تعظيم الحرمات، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم; في خطبته بعرفات: وهي حرمة الدماء، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم; أنه قال:"لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"(صحيح الجامع (7691).
    ويروى عنه صلى الله عليه وسلم; أنه قال:"لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"(صحيح الجامع (5078) أو كما قال صلى الله عليه وسلم
    ;. وأنتم ترون ما يفعله هؤلاء الضُلاّل، فإن لله وإنا إليه راجعون. فاحرصوا معاشر الأخيار على الدعوة إلى توحيد رب العالمين، وتحذير الناس من هذه البدع والشركيات في هذا الموسم المبارك، فإن الناس يفدون إليكم من كل فج عميق، فعلِّموهم السنة وحذروهم من الشرك والبدع المضلة فإنها قد فشت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم; ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، واجعلوا هذا الموسم موسم تصحيح للعقيدة، وإبطال للبدع وأمور الجاهلية، ونشر للسنة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    سلطان بن عبدالرحمن العيد

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الحج توبة وإنابة





    الحمد الله الذي وفق ما شاء من عبادة إلى حج بيته الحرام واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتطفا أثره واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد


    الحمد الله الذي وفق ما شاء من عبادة إلى حج بيته الحرام واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتطفا أثره واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد: فيقول الله جل وعلا: (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركآ وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )),,,,,

    روى ابن خزيمة في صحيحه عن ابن شماسه قال: ( حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سياق الموت فبكى طويلآ وقال: لما جعل الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ابسط يمينك لأبايعك, فبسط يده فقبضة يدي, فقال: مالك يا عمرو, قال: أردت أن اشترط, قالـ تشترط ماذا؟, قال: أن يغفر لي, فقال صلى الله عليه وسلم: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله )) الله أكبر,,,, (( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالآ وعلى كل ضامر يأتينا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم )),,,,, قال ابن اسحاق: ( لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا حج هذا البيت ) وقال غيره ( ما من نبي إلا حج ),,,,, رفع إبراهيم القواعد من البيت فلما فرغ أمره الله أن ينادي بالناس إن لله بيت فحجوا فسار ركب المؤمنين إلى تلك العرصات وعلت بهم هممهم ففارقوا الأهل والأوطان إلى بيت الله الحرام مجيبين داعي الله يملأون الآفاق تهليلآ وتكبيرا وتوحيدا نداؤهم لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك,,,,, وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة, فمررنا بوادي, فقال: أي وادي هذا؟ فقلنا: هذا وادي الأزرق, فقال صلى الله عليه وسلم: كأني انظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم واضعآ إصبعه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبيه مارآ بهذا الوادي , قال ثم سرنا حتى أتينا على ثنية فقال: كأني انظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبت من صوف, خطام ناقته ليف, مارآ بهذا الوادي ملبيا ),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( لقد مر بالروحاء"وهو موضعآ بين مكة والمدينة" لقد مر بالروحاء سبعون نبيآ فيهم نبي الله موسى حفاة عليهم العباءة يأمون بيت الله العتيق ))رواه أبويعلي والطبراني وحسنه العلامة الألباني,,,,,

    ثم حج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فاظهر فيها تمام الحب والذل والإفتقار إلى ربه جل وعلا يقول أنس رضي الله عنه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث قطيفة خلقه تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي ثم قال صلى الله عليه وسلم: (( اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة ))رواه الترمذي في الشمائل وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب ثم اقتدا سادة الأمة,,,,, فها هو الحسن بن علي رضي الله عنه يحج خمسة وعشرين حجة ماشيا,, وأبو عثمان النهدي رحمه الله وغفر له حج لله ستين مره يقطعون الفيافي والغفار رغبة في رحمة العزيز الغفار واستجابة لربهم القائل: (( وأذن في الناس يأتوك )),,, ساق الشوق تلك القلوب إلى حرمه رجاء جوده وكرمه وه القائل جل وعلا في محكم التنزيل عن إبراهيم عليه السلام لما دعا ربه فستجاب له: (( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم )),, أولئك قوما أختصهم الله بالقرب منه وأسعدهم بطاعته والتذلل له فقوى عزائمهم وثبت قلوبهم ففارقوا الأهل والأحباب والأصحاب (( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم )),,,,, ندائهم لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك بهذا النداء الحبيب إلى النفوس المؤمنة وبهذه الكلمات المشرقة التي هي رمز التوحيد والإيمان وعنوان الخضوع والإذعان واعتراف بالجميل والإنعام, يرفع حجاج بيت الله الحرام أصواتهم مسلمين لله وجوههم يحدوهم الرجاء بعفوه ومغفرته ويحثهم الشوق إلى زيارة تلك البقاع المقدسة التي فيها الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس وزمزم العين الثرة المباركة ومقام إبراهيم عليه السلام الذي يشهد له بالإخلاص والإمتثال فيها منى ومزدلفة وعرفات حيث تقال العثرات وتغفر الزلات,,,,, لقد شاء الحكيم جل جلاله أن تكون التلبية بالحج والعمرة بهذه الكلمات المباركات ليكون إذانآ من قاصد بيت الحرام بنبذ الشرك وعبادة كل ما سوى الله جل جلاله من حجر أو شجر أو قبر ولي أو نبي وأن العبادة كلها للواحد القهار (( قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له )) أمة الإسلام أمة القرآن حجاج بيت الله الحرام كان من هدي سلفنا الصالح تشويق العباد إلى حج البيت الله الحرام وبيان ما في الحج والعمرة من الفضل والإنعام نصحآ لأهل الإيمان فإليكم هذه الأحاديث والمواعظ والمواقف والفضائل ما جمعت والله إلا إنها تذكرة لمن صدق عزمه على حج البيت الحرام بما له عند الله وه المليك العلام وبشارة له في خير الدنيا والآخرة والظن بالله جل وعلا وأنه ما ساق تلك القلوب إلى أداء فريضة الحج إلا تشريفآ لأهلها ورحمة وإيفام ذلك فضل من الله وكفى بالله عليما, هنيئآ للمستجيبين الذين لم تحجزهم عن القيام بهذا الفضل نفقاته ولم تثني عزائمه متاعب الطريق ومشقاته ولم تزعزع نواياهم وساوس الشيطان الرجيم ونزعاته بل غلبهم الشوق فطارت قلوبهم قبل أجسادهم إلى تلك المشاعر العظام, هنيئآ لهم حيث رفعوا أصواتهم بالتلبية والثناء على ربه جل وعلا فأحسنوا الظن به فأنالهم عفوه وأفاض عليهم من جوده وكرمه وإنها أيضآ تذكرة للقادرين القاعدين عن حج بيت الله الحرام فما العذر أيها القادر على الحج إذا أوقفك ربك يوم القيامة موقف الذل والصغار وعدد عليك ما خولك إياه في الدنيا من الأموال والعقار وذكرك بما حباك به من قوة واقتدار ثم سئلت فما بلغ النداء أما قادر على تحمل المشقة والعناء فما تستجيب أيها المسكين في هذا الموقف العظيم,,,,, قال عمر رضي الله عنه: ( لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظر إلى كل من كان عنده جزة ولم يحج فيضرب عليه الجزية ما هم بمسلمين مل هم بمسلمين ),,,,, الحج ركن من أركان الإسلام لا يجوز للمستطيع تأخيره إلى السنة المقبلة فإن فعل أثم, فعسى الله أن ينفع بهذه المواعظ والزواجر فيكون ممن أسعده الله في طاعته فستعد لما أمامه وغفر له زلة وإجرامه إن الله ولي ذلك والقادر عليه الله أكبر إذا أذن مؤذن الحج رأيت صدى دعوته تتجلجل في جنبات العالم الإسلامي ويهز المشاعر هزآ إلى أرض الحجاز وإلى الكعبة قبلة المسلمين يقول ابن القيم رحمه الله في شأن بيت الله الحرام وشوقهم إلى تلك الأماكن العظام:

    أما والذي حج المحجون بيته ,,,##,, ولبّوا له عند المُهَّل ِ وأَحرمُ
    وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعآ ,,##,,, بعزة من تعلوا الوجوه وتسلموا
    يهلون بالبيداء لبيك ربنا ,,##,,, لك الملك والحمد الذي أنت تعلموا
    دعاهم فلبوه رضاء ومحبة ً ,,##,,, فلما دعوه فكان أقرب منهموا
    تراهم على الأنظار شعثا ً رؤوسهم ,,,##,, غبرآ وهم فيها أسروا وأنعموا
    وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة ً ,,,##,, ولم يثنهم لذاتهم والتنعم ُ
    يسيرون من أقطارها وفجاجها ,,,##,, رجالآ وركب ولله اسلموا
    ولما رأت أبصارهم البيت الذي ,,,##,, قلوب الورى شوقآ إليه تضرموا
    كأنهم لم يصبوا قط قبلوه ,,,##,, لأن شقاهم قد ترحل عنهموا
    فالله كم من عبرة مهراقة ,,##,,, وأخرى على آثارها لا تقدموا
    إذا عاينته العين زالت ظلامها ,,##,,, وزال عن القلب الكئيب التألم ُ


    الله أكبر إنها رحلة مباركة إلى بيت الله الحرام, رحلة إلى بيت الله الحرام خضوعآ وتذللآ لرب العالمين وطاعة له إذ قال:
    (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) فيا راحلين بيت الله الحرام فهنيئآ لكم وابشروا بفضل الله وكرمه فإن الله جل وعلا أختصكم من بين خلقه لعمارة بيته الحرام والتلذذ بمناجاته في تلك المواقف العظام, هنيئآ لكم فقصدتم بلاد فضلها الله وشرفها وجعل عرصاتها مناسك لعباده تحفوا إليها قلوب المحبين وتحن إليها أفئدة المخبتين يحن إلى أرض الحجاز فؤادي ,,,,, وتحذوا اشتياقي نحو مكة هادي ولي أمل ما زال يسموا بهمتي ,,,,, إلى البلدة الغراء خير بلادي فيها الكعبة التي طاف حولها ,,,,, عباد لله خير عبادي ليقضي فرض الله في حج بيته ,,,,, بأصدق إيمان وأطيب زادي أطوف كما طاف النبيون حوله ,,,,, طواف قياد لا طواف عنادي مكة خير أرض الله وأحب البلاد إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم ولقد حرمها الله يوم خلق السموات والأرض,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار لا ينفر صيدها ولا يعضد شوكها ولا يختني خناها ولا تحل سقطتها إلا لمنشر ولا تحل لقتطها إلا لمنشد فمن هم بسيئة فويل له إذ الله جل وعلا يقول: (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )),,,,, فالله كم انفق من حبها من أموال ورضي المحبون بمفارقة فلذات الأكباد والأهل والأوطان لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها حتى يعود إليه الطرف مشتاقا سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنا يردون إليه ويرجعون عنه ولا يرون أنهم قضوا منه وطرا, ولما أضاف الجبار ذلك البيت إلى نفسه يقول جل وعلا لخليله إبراهيم: (( وطهر بيتي )) تعلقت قلوب المؤمنين به وكاما ذكر لهم بيت الله الحرام تحنوا وكلما تذكروا بعدهم عنه تأوهوا وأنُّوا, جعل البيت مثابة لهموا ليس منه الدهر يقضون الوطر,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ))خرجه أبو داود في سننه,,,,, وقال موسى نبي الله صلوات الله وسلامه عليه (( وعجلت إليك ربي لترضى )),,,,, ويقول الله مادحآ بعض عباده المؤمنين (( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبآ ورهبآ )),,,,, وفي الحديث عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم )),,,,, وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ( إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك )),,,,,

    ومن أجل ذلك قال أهل العلم يجب الحج على الفور فليس للمؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤخره,,,,,

    يقول عمر رضي الله عنه: ( ليمت يهوديآ أو نصرانيآ رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله ) ,,,,,
    وقال علي رضي الله عنه: ( استكثر من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه ),,,,,
    يقول الله جل جلاله: (( جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامآ للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك لتعلموا إن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وإن الله بكل شئ عليم )),,,,,
    روى ابن أبي حاتم عن الحسن البصري: ( أنه تلى هذه الآية فقال: لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة ) معاشر المؤمنين كثرة النصوص المرغبة في الحج بيت الله الحرام وهذا من رحمته ورأفته بأمته صلوات ربي وسلامه عليه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (( من حج لله ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )),,,,,
    من أدى هذا وأحسن فيه فليبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )),,,,,,

    الحج والعمرة من أسباب مغفرة الذنوب وسعة الأرزاق لقول الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: (( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي كير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة )),,,,, نعوذ بالله أن نكون من قوم حرموا طاعة الله والتقرب إليه,,,,, ففي صحيح ابن حبان من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أن الله عز وجل يقول: أن عبدآ صححت له جسمه وأوسعة عليه في المعيشة يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد لي إلا محروم )),,,,,
    وكيف لا يكون محروم لن يكن مع قوم يباهي الله بهم ملائكته وينصرفون من تلك المواقف العظيمة وقد غفر الله لهم ما سلف من الذنوب والعصيان (( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات واكبر تفضيلا )) معاشر المؤمنين إن حجاج بيت الله الحرام قريبون من ربهم جل وعلا إن سألوه فهم أهل أن يستجيب دعائهم, في سند ابن ماجة وصحيح ابن حبان من حديث عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الغازي في سبيل الله عز وجل والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم )),,,,, وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما ترفع أبل الحاج رجلآ ولا تضع يدآ إلا كتب الله بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفع بها درجة )) رواه ابن حبان,,,,,

    ومن البشائر ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما أهل مهل قط إلا بشر "أهل: أي رفع صوته بالتلبية" ولا كبر مكبرآ قط إلا بشر, قيل يا رسول الله: بالجنة, قال: نعم )) رواه الطبراني في الأوسط وهو في صحيح الجامع,,,,,
    وفيه أيضآ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في استلام الحجر والركن اليماني: (( فإن استلامهما يحط الخطايا حطا )),,,,,, وقال في الطائف بالبيت العتيق: (( ما رفع قدما ولا وضعها إلا كتب الله له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات )) اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم نسألك الهدى والعفاف والغنى, اللهم يسر لنا الخير حيث ما كنا, اللهم تقبل من حجاج بيتك الحرام, اللهم احفظهم يا أرحم الراحمين, اللهم أعنهم على العمل بسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية:


    الحمد الله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آل وصحبه معاشر المؤمنين الحج استجابة لأمر الله تعالى وتقديم لمحبته على محبة الأهل والوطن والمال,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أتاني جبريل فقال لي: أن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج )) رواه أحمد وصححه ابن حبان,,,,, فالحج إظهار الرضا والتسليم والانقياد لله سبحانه وتعالى, ومن أجل ذلك بادر الصحابة رضي الله عنهم واستجابوا لأمر الله جل وعلا,,,,, فقد روى بن أبي شيبة أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم )),,,,, ومن كرم الله وجوده ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (( ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا )) رواه الترمذي ومن الأحاديث الجامعة في فضائل الحج ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أنك إذا خرجت من بيتك تهم البيت الحرام لا تضع ناقتك خف ولا ترفعه إلا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك خطيئة وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني اسماعيل وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة وأما وقوفك عشية عرفة أن الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: عبادي جاءوني شعثآ من كل فج عميق يرجون رحمتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها أفيظوا عبادي مغفور لكم ولمن شفعتم له وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات وأما نحرك فمذخور عند ربك وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة وتمحى عنك بها خطيئة وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفك فيقول: اعمل ما تستقبل فقد غفر الله لك ما مضى ))رواه الطبراني في الكبير والبزار وهو في صحيح الترغيب اعلم بارك الله فيك إن الحج الذي تغفر فيه السيئات وتقال فيه العثرات وينال صاحبها الجنة ونعيمها هو الحج المبرور فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إطعام الطعام وطيب الكلام )),,,,, وقال بعض السلف: ( لا يعبأ بمن يؤم البيت إذا لم يأتي بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يضبط به غضبه وحسن الصحبة لرفقائه ),,,,, فعليك بارك الله لك بإعمال الخير والبر في حجك, فكانوا السلف يواضبون على نوافل الصلاة, وكان المغيرة الصنعاني يحج من اليمن ماشيا وكان له ورد بالليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن. ومما يتم بر الحج اجتناب ما حرم الله جل وعلا لقوله سبحانه: (( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )),,,,, قال بعض السلف لأخ له أراد الحج: ( أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذ رضي الله عنه أتقي الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن ) ومن أعظم ما يتقى أكل الحرام والحج بمال من كسب خبيث (( فإن كل لحم نبت من سحت النار أولى به )) أما يوم عرفة فهو يوم قد عظم الله أمره ورفع قدره,,,, ومن فضائله أن الله عزوجل أنزل فيه قوله: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )),,,,, عن طالب بن شهاب أن اليهود قالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لتخذناها عيدا, فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت وأين نزلت وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت, يوم عرفة وإنا والله بعرفة يوم جمعة ),,,,, الوقوف بعرفة الركن الأعظم للحج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الحج عرفة )),,,,, ومن فضائله أن الله عز وجل يغفر لأهل ذلك الموقف ويباهي بهم الملائكة فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من يوم أكثر أن يعتق به عبدا من النار من يوم عرفة وأنه ليدني فيباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء ))خرجه مسلم,,,,, ما أعظم ذلك الموقف وما أجمله, ذل وتضرع وتوبة وإنابة إلى الله جل وعلا, أنه موسم الغفران والعتق من النيران ذلك أن ربنا جواد كريم رءوف رحيم, ألا تراهم وقد جاءوا من كل فج عميق بذلوا أموالهم واتعبوا أبدانهم وإغبرة ثيابهم وخلفوا الدنيا ولذاتها ورائهم يحذوهم الشوق إلى عرفات وطاعة رب العالمين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( وأفضل الدعاء دعاء يوم عرفة )) الله أكبر ابشروا عباد الله بروح وريحان ورب غير غضبان قد وسعت رحمته كل شئ, ابشروا بغفران الذنوب والعفو من الزلات فعن أنس رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال يا بلال: أنصت الناس, فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: (( معاشر الناس أتاني جبريل آنفآ فأقرأني من ربي السلام وقال: أن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات, فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله: هذا لنا خاصة؟, فقال صلى الله عليه وسلم: هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة, فقال عمر: كثر خير الله وطاب ))رواه ابن المبارك وصححه العلامة الألباني,,,,, يقول بلال رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له غداة جمع " أي مزدلفة ": يا بلال اسكت الناس ثم قال صلى الله عليه وسلم: (( أن الله تتطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطا محسنكم ما سأل أدفعوا بسم الله )) رواه ابن ماجه,,,,, كان الحكيم بن حزام رحمه الله ورضي عنه كريم منفق ماله في سبيل الله كان يأتي يوم عرفة ومعه مئة رقبة من رقيقه ثم يعتقهم تقربآ لربه جل وعلا في ذلك الموقف, فعند ذلك يضج الناس بالبكاء والدعاء يقولون: ربنا هذا عبدك قد اعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتق رقابنا من النار وأنته أكرم الأكرمين,,,,, وقال ابن المبارك جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثي على ركبتيه وعيناه تهملان, فقلت: من أسوء بهذا الجمع حالآ؟ فقال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم,,,,, هنيئآ لمن رزقه الله بالوقوف يوم عرفة مع قوم يجأرون إلى الله جل وعلا بقلوب وجلة وأعين دامعة فكم فيهم من خائف أزعجهم الخوف وأقلقه ومحب ألهفه الشوق وأحرقه وراجي أحسن الظن بوعد الله وأصدقه وتائب لربه فقر به, كم هناك مستوجبا للنار أنقذه الله وأعتقه, ومن أسير للأوزار فكه وأطلقه, وقفوا هناك كما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتفين لبيك اللهم لبيك قد حسروا الرؤوس واطرحوا زينة الدنيا ولجأوا لربهم جل وعلا فلا ترى إلا خاشعآ يتبتل, وباكيآ يتوسل ومذنب يتوب ونفس تذوب, اللهم تقبل منهم يا أرحم الراحمين ها هم حجاج بيت الله الحرام وقد دفعوا من مزدلفة إلى منى في يوم عيدهم في يوم الحج الأكبر وهم في فرح وسرور ونعمة لا يعاد لها ملك الدنيا بأسرها, ذكر لله وتكبير وتهليل ورمي ونحر وحلق وطواف لربهم جل وعلا كما قال بن القيم رحمه الله واصف حالهم: ( وراحوا إلى الجمع فباتوا بمشعل الحرام,,,,,وصلوا الفجر ثم تقدموا إلى الجمرة يريدون رميها في وقت صلاة العيد ثم تيمموا,,,, منازلهم للنحر يبغون فضله وإحياء من نسك أبيهم يعظم,,,, فلو كان يرضى الله نحر نفوسهم لدانوا به طوعآ وللأمر سلموا,,,, كما بذلوا عند الجهاد نحورهم بأعدائه حتى جرى منهم الدم ),,,,, يروى أن سليمان بن عبد الملك خليفة المسلمين حج, فبين هو يطوف رأى في الطواف العالم العابد سالم بن عبد الله بن عمر ومعه حذاء مقطع وعليه ثياب لا تساوي ثلاثة دراهم, فقترب الخليفة منه وقال: يا سالم ألك إلي حاجة فنظر إليه سالم نظرة تعجب ثم قال بغضب يا سليمان: أنا في بيت الله وتريد مني أن أرفع حاجتي لغير الله جل وعلا ),,,,, قال محمد بن عبد الله الثقفي شهدت خطبة ابن الزبير في الحج خرج علينا فحمد الله واثنا عليه ثم قال: أما بعد فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودا إلى الله جل وعلا فحق على الله أن يكرم وفده فمن كان منكم يطلب ما عند الله فإن طالب ما عند الله لا يخيب فصدقوا قولكم بالعمل والنية النية والقلوب القلوب الله الله في أيامك هذه فإنها أيام تغفر فيها الذنوب, جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها ها هنا ثم لبى ولبى الناس, فما رأيت باكيآ أكثر من يومئذ,,,,, قال سفيان بن عيينه: حج علي بن الحسن رضي الله عنه فلما أحرم واستوت به ناقته اصفر وجهه وانتفض, فقيل له: ألا تلبي؟ فقال: أخشى أن يقال لي لا لبيك ولا سعديك,,,,, الله أكبر أنه الخوف من الله جل وعلا وإن كان محسنا (( والذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) وأختم بتذكير الدعاة إلى الله جل وعلا بواجبهم, فالحج موسم عظيم للدعوة لتوحيد رب العالمين ونشر مذهب السلف والتحذير من الشرك والبدع والتحزبات الجاهلية والتجمعات المخالفة لما عليه سلف هذه الأمة الصالح وأن هذا والله لمن أعظم منافع الحج اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام, اللهم أجعلنا من الأوابين المخبتين, اللهم يسر لنا الخير حيث ما كنا, اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام وألف بين قلوبهم ووفقهم بالعمل بسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم من سعى في خدمة حجاج بيتك الحرام ورعايتهم وتسهيل أمورهم اللهم اجعل ذلك رفعت في درجاته ومغفرة لسيئاته واجزه عنا خير الجزاء, اللهم اعنهم وتقبل منهم يا أرحم الراحمين, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, , ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم إنا نسألك الهدى والعفاف والغنا, ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الشمائل المحمدية



    إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

    فإن الله سبحانه وتعالى امتن علينا ببعثت نبيه الكريم محمدآ صلى الله عليه وسلم, قال الله جل وعلا : (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولآ من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالا مبين )),,,,, بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل فهدى الله به من شاء إلى صراط المستقيم,,,,, أمر الله جل وعلا بطاعته فقال: (( وإن تطيعوه تهتدوا )),,,,,, وأمر ربنا سبحانه وتعالى بتباعه فقال جل جلاله: ((قل إن كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )),,,,, وأوصى ربنا بالتأسي بهذا النبي الكريم فقال: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر )) وهذه الآية أصل عظيم في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله,,,, فلنقف مع صفاته وشمائله صلى الله عليه وسلم

    من شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام التقشف في الطعام قالت عائشة رضي الله عنها: ( ما شبع آل محمد من خبز شعير يومئذ متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية عنها أنها قالت: ( ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر من ثلاثة ليالي تباعآ حتى قبض ),,,,, قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويآ هو وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزه, خبز الشعير ),,,,, وذكرت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقول: (( أعندك غداء, فتقول: لا, فيقول: ((إني صائم )),,,,, ومنها التقشف في الفراش, قالت عائشة رضي الله عنها: ( إنما كان فراش الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه أدم حشوه ليف )

    ومن شمائله وصفاته التواضع, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )),,,, وعن أنس رضي الله عنه قال: ( أن امرأة كان في عقلها شئ, فقالت يا رسول الله إني لي إليك حاجة, فقال صلى الله عليه وسلم: (( يا أم فلان أنظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك )), فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها,,,,, وكانت الأمة من إيماء أهل المدينة تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت,,,,,,, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعا إلى خبز شعير والإهالة, والإهالة السنخة "أي الدهن متغير الرائحة من طول المكث" فيجيب, وقال: (( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو قراع لقبلت )),,,,,, ولم يكن أحد أحب إلى الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم كانوا إذا رأوه لا يقوموا له بما يعلمون من كراهته لذلك,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )),,,, وكان صلى الله عليه وسلم لا يستكبر عن خدمة أهله بل يكون في مهنة أهله كما قالت عائشة رضي الله عنها

    أما خلقه عليه الصلاة والسلام فقد كان يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفه بذلك,,,, وخدمه أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين فما قال له أف قط وما قال لشئ صنعه لما صنعته ولا لشئ تركه لما تركته,,,,, ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشآ ولا متفحشا ولا صخاب في الأسواق ولا يجزئ بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويقول: (( خياركم أحسنكم أخلاقا )),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (( أن شر الناس من تركه الناس إتقاء فحشه )),,,, ونهى عن اللعن وقال: ((لا ينبغي لصديق أن يكون لعانآ )),,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( لا يكونوا اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة )),,, ولما قيل له ادعوا على المشركين قال: (( إني لم ابعث لعانآ وإنما بعثت رحمه )),,,, وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا إختار أيسرهما ما لم يكن إثما, ولم ينتقم لنفسه شيئآ حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله تعالى, وما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئآ قط بيده لا امرأة ولا خادمة إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى, وما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال : لا

    أما شجاعته صلى الله عليه وسلم, فقد قال أنس رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشجع الناس, ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فنطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعآ وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: (( لم تراعوا لم تراعوا )),,,, قال علي رضي الله عنه: ( لما حضر البأس يوم بدر إتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس ولم يكن أحد أقرب من المشركين منه )

    أما حياؤه صلى الله عليه وسلم, فقد قال أبو سعيد رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئآ يكرهه عرفناه في وجهه ),,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( الحياء لا يأتي إلا بخير )),,,, وروى ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول : إنك لتستحي حتى كأنه يقول قد أضر بك فقال صلى الله عليه وسلم: (( دعه فإن الحياء من الإيمان )),,,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فصنع ما شئت )),,,,, ولم يكن صلى الله عليه وسلم يستحي من الحق فقد روت أم سلمة أن أم سليم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت قال: (( نعم إذا رأت الماء ))

    ومن شمائله وصفاته صلى الله عليه وسلم التيسير والرفق وهو القائل: (( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )),,,, قال أبو هريرة رضي الله عنه: ( أن اعرابي بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا فيه, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( دعوه وأهريقوا على بوله ذنوب من الماء أو سجل من الماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين )),,,, وقال عليه الصلاة والسلام في الرفق: (( من‘ يحرم الرفق يحرم الخير )),,,,, وقال أيضآ: (( أن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه )),,,,, وبين صلى الله عليه وسلم: (( أن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ولا ينزع في شئ إلا شانه )),,,,, ومن ذلك الحذر من الغضب قال جل وعلا في بيان بعض أوصاف المؤمنين: (( وإذا ما غضبوا هم يغفرون )),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )),,,, ولما قال له رجل أوصني قال: (( لا تغضب فرددها مرارآ قال لا تغضب )) صلوات ربي وسلامه عليه,,, ومنه الحلم والأناء فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هاتين الصفتين, قال لأشج عبد قيس: (( أن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناء )),,,,, ومن ذلك الوصية بالجار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )),,,,, قال لأبي ذر يا أبا ذر: (( إذا طبخت مرقتآ فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك )) وفي رواية: (( ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصب منها بمعروف )),,,,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره )) وفي رواية: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فاليحسن إلى جاره )),,,, ومن ذلك رحمته بالأطفال قال أنس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه )),,,, وبشر بالجنة من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ), بفضل رحمته إياهم وكانت تفيض عيناه لموتهم, وقد سأله مرة سعد بن عبادة فقال يا رسول الله ما هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم من عباده الرحماء )),,,,, ولما ذرفت عيناه لوفاة ابنه إبراهيم قال له ابن عوف وأنته يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: (( يا ابن عوف انها رحمه )) ثم اتبعها يأخرى وقال: (( أن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) ,,,,, وخرج النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة وأمامة بنت ابنته على عاتقه فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع حملها )),,,, وقبل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس, فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد, فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (( ما لا يرحم لا يرحم )),,,,,, وجاء اعرابي فقال تقبلون صبيانكم فما نقبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة )) اللهم ياحي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنآ وسائر بلاد المسلمين اقول هذا واستغفر الله

    الخطبة الثانية:

    الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا, واشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له إقرار به وتوحيدا, واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

    فمن شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام بكائه عند المريض, لما اشتكى سعد بن عبادة, عاده صلى الله عليه وسلم فقال: (( قد قضى )) قالوا:لا يا رسول الله فبكى عليه الصلاة والسلام فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا, فقال عليه الصلاة والسلام: (( أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا أشار إلى لسانه أو يرحم )),,,, ومن ذلك رحمته بالنساء أو البنات فقد شبه النساء بالقوارير إشارة إلى ما فيهن من الصفاء والنعومة والرقة, وإشارة إلى ضعفهن وقلة تحملهن ولذا فإنهن يحتجن إلى الرفق والصبر, قال عليه الصلاة والسلام : (( من ابتلي بالبنات بشئ فأحسن إليهن كن له ستر من النار )),,,, وكان صلى الله عليه وسلم يحب فاطمة رضي الله عنها حبآ جما, فقد روي إنها كانت تأتيه فيقوم لها ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها في مكانه الذي كان يجلس فيه, قال الله جل جلاله: (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم نارآ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ))

    اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد مطمئن وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في دورنا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين, اللهم من أرادنا وبعلمائنا وولاة أمورنا وجنودنا بسوء اللهم رد كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميرآ عليه يا سميع الدعاء, اللهم سلط عليه عبادك المؤمنين,اللهم سلط عليه عبادك المؤمنين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بهذه الفئة الضالة التي أفسدت في بلاد الحرمين اللهم إنهم قد سفكوا الدم الحرام وأخافوا أهل الإسلام اللهم فنتقم منهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بهم اللهم عليك بهم اللهم عليك بهم اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم وخالف بين قلوبهم وأجعل الدائرة عليهم إنك سميع الدعاء, اللهم من مات أو قتل من جنودنا اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم أخلفهم في عقبهم اللهم أصلح ذرياتهم من بعدهم , يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اللهم عليك بمن أعان هؤلاء الظلمة أو تعاطف معهم أو أيدهم أو رضي بفعلهم فنتقم لنا منه اللهم انتقم لنا منه اللهم عجل عقوبته اللهم عجل عقوبته وانتقم لأهل الإسلام منه اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بمن أفسد شباب المسلمين اللهم عليك بمن أدخل عليهم هذه الأفكار المنحرفة اللهم عليك به اللهم عليك به اللهم عليك به اللهم أكفنا بما تشاء إنك أنته السميع العليم اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماما ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى أله وصحبه أجمعين.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الطريق إلى السلفية



    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد, فإن ما يجعل الكثير من الشباب يُحجم عن العودة إلى المنهج السلفي الصافي أمور كثيرة, ولذلك يتساءل الكثير عن كيفية التخلص من الحزبية المذمومة, فنقول وبالله التوفيق: 1- استعن بالله وتضرع إليه وادعُ الله بافتقار وتذلل بالأدعية المأثورة أن يدلك صراطه المستقيم, وأن يثبتك عليه ومن ذلك الدعاء المأثور في استفتاح صلاة الليل (اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدني لما أُختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) أخرجه مسلم. ثم عليك بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم حفظاً وعناية وتدبراً.
    2- اتصل بالعلماء المعروفين بسلامة المنهج وصحة المعتقد, ممن يقولون بالحق وبه يعدلون, والذين يعرف القاصي والداني أنهم على المنهج السلفي. اقتنِ كتبهم وأشرطتهم واحرص على حضور مجالسهم ومحاضراتهم وعلى الاتصال بهم كلما لاح لك شبهة أو سؤال.

    3- دعك من أنصاف العلماء والمتعالمين ممن يسمون (مشائخ الصحوة) ممن خالفوا المنهج السلفي وهو برئ منهم ومن دعوتهم, فهؤلاء معروفون بإثارة الفتن و التهييج وحب الظهور وتقريب أهل البدع والمنافحة عنهم.

    4- احرص على طلب العلم, وبالأخص تعلم العقيدة الصحيحة والتضلع فيها, وعليك بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب, رحمة الله على الجميع, واحرص على قراءة هذه الكتب على شيخ سلفي متقن. وكذلك احرص على كتب السلف الصالح التي تبين عقيدتهم ومنهجهم مع المخالفين لمنهج السلف, ككتاب السُنة لابن أبي عاصم, وكتاب السُنة للخلال, وكتاب السُنة لعبدالله بن احمد, وكتاب شرح السُنة للبربهاري, وكتاب الاعتصام للشاطبي, وكتاب الإبانة لابن بطة العُكبري, وكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السُنة و الجماعة للالكائي, وكتاب الأصول الستة, وكتاب فضل الإسلام للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعاً.

    5- تخلص من كل ما يمت للحزبية والحزبيين بصلة, ككتبهم وأشرطتهم وأناشيدهم ومسرحياتهم, التي ما أنزل الله بها من سُلطان.

    6- لا تجعل قلبك كالاسفنجة تمتص الشبهات وتتقبلها. 7- يكفيك من هذه الحياة ملازمة العلماء السلفيين و بِر الوالدين و خدمة الأهل, و يكفيك مجموعة من الأصحاب الطيبين السلفيين, وإن أردتَ أن تدعو إلى الله فبكتب وأشرطة العلماء المعروفين, وإياك والتصدر قبل النضج, ونضجك من عدمه يعرفه العلماء, وكوِّن مكتبة سلفية من التفاسير السلفية وكتب الحديث و العقائد, وابتعد عن الكتب الفكرية, ككتب سيد قطب, و أخيه محمد, و غيرهما, وعليك بالعتيق.

    8- ابتعد عن الأشخاص المشبوهين والمعروفين بالكلام على ولاة الأمور, وإن أظهروا لك أنهم يُنكرون المنكر, أو ينصرون الجهاد, فغالب هؤلاء إنكارهم حِزبيٌ لا شرعي, و جهادهم حَروريٌ لا سُني, واضرب لذلك أمثلة:

    فمن رأيته منهم يكفِّر الرافضة ويقول يجب أن يقوم وليُ الأمر بإخراجهم من البلاد أو إبادتهم, فقل له: فما رأيك بمن يطعن في الصحابةِ كسيد قطب, فإن رأيته تلكك وتأخر وتلعثم فاعلم أن إنكاره لم يكن إلا من باب السياسة !! وإن قال لك أنا أنكر التمثيليات والمسرحيات والتلفاز, فقل له: فما رأيك بهؤلاء الذين يُظهرون الاستقامة وهم يمثلون (الجوالة) وغيرها ويستهزئون فيها بالمسلمين من السودانيين واليمنيين وغيرهم, ويُربون شبابنا على التهريج والسخرية !! فإن بدأ يسرد لك الخلافات ويقول مصلحة الدعوة و..و..و..من الأعذار الباردة فاغسل يدك منه!! وهكذا كثيرٌ من الأمثلة. 9- اخلع بيعة أمير الجلسة والاستراحة والشباب (البيعة البدعية الحزبية ) من عنقك, وقل: في عنقي بيعةٌ واحدةٌ لحكام هذه البلاد حفظهم الله لا أرتضي غيرها.

    10- تجنب الدخول في نقاشات مع الحزبيين وادعُ الله لهم بالهداية, وإياك ثم إياك أن تغشى مجالسهم وقد عرفتَ ما عندهم من الباطل. قال النبي  في الحديث الذي رواه أبو هريرة: ( سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم ) رواه مسلم. و أمر النبي  مَن سمع بالدجال أن ينأى عنه. وقال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: ( لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضةٌ للقلوب ).

    11- هناك كتب وأشرطة مهمة يخفيها الحزبيون, لأن فيها فضح لرموزهم, حاول الحصول عليها عن طريق أحد الأخوة السلفيين, أو عن طريق التسجيلات السلفية, مثل: - تسجيلات منهاج السُنة السمعية بحي السويدي بالرياض. - تسجيلات دار ابن رجب في المدينة النبوية. - مكتبة وتسجيلات الأصالة السلفية بجدة.

    12- ابتعد عن السياسة واشتغل بطلب العلم وهناك كتاب نافع جداً في بابه, وهو كتاب مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية للشيخ/ عبد المالك رمضاني أثابه الله. تقديم فضيلة الشيخ العلاَّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله, وفضيلة الشيخ العلاَّمة عبدالمحسن العباد حفظه الله. و كذلك كتاب القُطبية هي الفتنة فاعرفوها للعدناني أثابه الله.

    13- اجهر بانتسابك إلى مذهب السلف, ولا تخجل من تسمية نفسك بالسلفي وإذا قال لك أحدٌ أنت تزكي نفسك, فقل له: هذا من باب الإخبار وليس من باب التزكية, وإلا فكل من قال أنا مسلمٌ أو أنا سُني فهو مزكٍ لنفسه !! واحفظ قول شيخ الإسلام ابن تيمية ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فان مذهب السلف لا يكون إلا حقا) . انظر مجموع الفتاوى (4/149).

    14- إياك ثم إياك من النظر في كتب أهل البدع, ومن يدافعون وينافحون عن أهل البدع, أو سماع أشرطتهم فإن فيها السُم الزعاف, قال ابن قُـدامة رحمه الله: (ومِـن السُنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم وكل محدثة في الدين بدعة) . ويقول ابن القيم رحمه الله محذراً من كتب المبتدعة: يامن يظن بأننا حِفنا علـــيـ ـهم كُتْبهم تُنبيك عن ذا الشانِ فانظر ترى لكن نرى لك تركهـا حذراً عليك مصائد الشــيطانِ وإذا أردتَ التتلمذ على أحدٍ فتأكد من منهجه, وارجع في ذلك إلى علماء الجرح والتعديل من مشايخنا السلفيين، فإن حذَّروك منه ففر من المجذوم فرارك من الأسد. و اسمع إلى الإمام أحمد –رحمه الله- وهو يقول: ( إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً، عليكم بأصحاب الآثار والسنن ).

    15- ادعُ عوام المسلمين إلى المنهج السلفي بالحكمة والموعظة الحسنة. وعليك بالرفق والحكمة معهم لقوله  : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنـزع من شي إلا شانه ). رواه مسلم.

    صفات الحزبيين:

    للحزبيين علامات واضحة تستطيع كشفهم بواسطتها، ومن هذه العلامات:

    1- الفُرقة في الدين، والدعوة إليها تحت ستار تعدد الجماعات الإسلامية، وأنها يكمِّل بعضُها بعضاً !!! واذكر هنا لأبي المظفر السمعاني قولَه: ( ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق, أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم, وتباعد ما بينهم من الديار وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار, وجدَتهم في بيان الاعتقاد على وتيرةٍ واحدة, ونمطٍ واحد يجرُون فيه على طريقٍ لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها. وأما إذا نظرتَ إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين شيعاً وأحزاباً لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقةٍ واحدةٍ في الاعتقاد, يبدّع بعضهم بعضا بل يرتقون إلى التكفير, يكفّر الابن أباه, والرجل أخاه, والجار جاره, تراهم أبدا في تنازع وتباغض واختلاف, تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم: (تَحسبهم جميعاً وقلوبُهم شتى ذلك بأنهم قومٌ لا يعقِلون ). قلتُ: وهذا هو حال الحزبيين فلا تكاد تراهم متفقين أبدا فهذا تبليغي وآخر أخواني قطبي وآخر بناوي ورابع ينتمي إلى جماعة التكفير والهجرة … الخ وهكذا ينطبق عليهم قوله تعالى: ( إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيعاً لستَ منهم في شيء ).

    2- رد الحق و اتباع الهوى.

    3- التقديس للأشخاص والغلو فيهم والتحزب لآرائهم.

    4- اتِّباع المتشابه وترك المحكم وهذه علامة أهل الأهواء والبدع, فعن عائشة رضي الله عنها قالت (تلا رسول الله  هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنَّ أم الكتابِ وأُخَرُ متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منهُ ابتغاء الفتنةِ وابتغاء تأويلِهِ وما يعلمُ تأويلَهُ إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عندِ ربنا وما يذَّكَّر إلا أُولوا الألباب) قالت: فقال رسول الله صلى الله (فإذا رأيتَ الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم ). متفق عليه.

    5- الاستدلال بالمنسوخ وترك الناسخ من كلام الله سبحانه وتعالى, أو كلام رسوله  , أو كلام علماء السنة, فيستدلون - مثلاً- بثناء العلاَّمة ابن باز على سلمان العودة قبل أن يتبين له حاله, و يتركون تحذير ابن باز منه, و إيقافه في آخر الأمر بعد أن ظهر للشيخ انحراف الرجل عن منهج السلف.

    6- معارضةُ السنة بمتشابه القران. قال عمر بن الخطاب  : (إن ناساً يجادلونكم بشبه القران فخذوهم بالسنن فان أصحاب السنن أعلمُ بكتاب الله عز وجل )

    7- بُغضُ أهل الأثر السلفيين, وإن لم يبوحوا بذلك.

    8- الإعراض عن كتبِ السلف ودعوة الناس والشباب إلى كتب الحركيين التي ليس فيها علم كما لا تخلو من البدع والضلالات.

    9- لا يعملون بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح- إلا فيما وافق أهوائهم- بل يحاولون أن يُنشئوا فهماً جديداً يناسب العصر- زعموا- بإسم الوسطية و فقه التيسير و فقه الواقع, ونسوا أو تناسوا قولَ الإمامِ مالك رحمه الله: ( لا يُصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلحَ أوله ).

    10- إطلاق الألقاب على أهل السنة, كقولهم (جامية, مدخلية, مباحث, عملاء......الخ) وسلفهم في ذلك هم أهل البدع الذين كانوا يصِمُون أهل السنة بأنهم حشوية و مجسِّمة وغيرها من الألقاب. 11- المسارعة في التكفير, قال أبو العالية رحمه الله (قد أنعم الله علي بنعمتين لا أدري أيهما أفضل أن هداني للإسلام ولم يجعلني حرورياً ).

    12- الطعنُ في علماء السنة والكذب عليهم, وتشويه سمعتهم, ووصمهم بالتشدد و التسرع و المداهنة و عدم الفهم بالواقع !!.. إلى غيرها من الكلمات.

    13- قلبُ الحقائق.

    14- الأُلفـة: هذه القاعدة الذهبية التي استخدمها السلفُ لكشف أهل البدع, ويستخدمها أهل السُنة في كل زمان لكشف الحزبيين الذين يُخفون تحزبهم, فإذا شككت في منهج شخصٍ وتوجهه وخفي عليك أمره فما عليك إلا أن ترى جلساءه لتعرف حقيقة أمره, فإن كان جلساؤه أهل سُنةٍ سلفيين فهو على منهجهم, وإن كانوا غير ذلك فأَلحقه بهم. يقول الأوزاعي رحمه الله: (من سَـتر عنا بدعته لم تخفَ علينا ألفته) ويقول معاذ بن معاذ رحمه الله: (الرجل وان كتم رأيه لم يخفَ ذاك في ابنه ولا صديقه ولا في جليسه).

    15- التهييجُ والإثارة و التشغيب على ولاة الأمور, ويستغلون في ذلك أوقات الفتن والاضطرابات, فيخرجون باسم الأمر المعروف والنهي عن المنكر, كما كان عادة أسلافهم الخوارج.

    16- الدعايةُ لكتب المبتدعة وأشرطتهم ونشرها. وقد سُئل العلاَّمةُ عبدالعزيز بن باز رحمه الله- في شريط شرح كتاب فضل الإسلام - سؤالاً هذا نصه: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يأخذ حكمهم؟ فأجاب (نعم ما فيه شك, من أثنى عليهم ومدحهم هو داعٍ لهم, يدعو لهم, هذا من دعاتهم نسأل الله العافية ).

    17- التجميع: والمقصود بالتجميع تجميع أكبر عددٍ من الناس حولهم دونما أدنى اهتمام بإصلاح عقائدهم أو بواطنهم وهذا المنهج تنتهجه كل من جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ. ويجمعهم في هذا قاعدة:(نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) وقاعدة (وحدة الصف لا وحدة الرأي ). فالعبرة عندهم بالكم لا بالكيف.

    18- الحرصُ على المناصب والوصول إليها.

    19- التلبيس على الناس بإسم الدين والسُنة, وعند أدنى عرض لنشاطات هؤلاء على الكتاب والسُنة تجد الطَّوام والمخالفات, وكأن هذه المظاهر لم تكن إلا لتمرير تنظيراتهم الحزبية وخططهم الحركية, بإسم الدين والسلفية. يقول أحد منظِّري جماعة الأخوان المسلمين: (المنهج العقدي والفقهي عند الأخوان هو منهج سلفي صرف لا غُبار عليه ) !!!

    20- الكذب: وهم يجيزون ذلك من باب (مصلحة الدعوة !!) و ( الحرب خدعة!!) ووالله لقد جُرب كثيرٌ منهم فوُجدوا على هذه الحال فنسأل الله العافية.

    21- النظام العسكري المُبطن: من خلال المراكز الصيفية والرحلات الجماعية و المخيمات المشتملة على التدريبات العسكرية وسلفهم في هذا هو إمامهم حسن البنا, الذي كان ( يهتم بتنظيم المصايف و توحيد الزي) . انظر مجموع رسائل حسن البنا.

    22- التَّوسُع في وسائل الدعوة غير الشرعية: كالأناشيد، الكرة، المسرحيات، الرحلات … الخ ) و قد سُئل الإمام أحمد رحمه الله: ما تقول في أهل القصائد ؟ فقال: بدعة لا يُجالسون. و سُئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل يجوز للرجال الإنشاد الإسلامي؟ فأجاب بقوله (الإنشاد الإسلامي إنشاد مُبتدَع مما أبتدعه الصوفية ولهذا ينبغي العدولُ عنه إلى مواعظ القران والسُنة). من كتاب القول المفيد في حكم الأناشيد.

    23- القَصص: فتُلاحظ محاضراتهم وخطبهم يغلبُ عليها جانب القَصص الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فلا يستفيد منه المرء, لا في عقيدة ولا في عبادة, وقد حذَّر السلف أيما تحذير من القصاصين ومن الجلوس إليهم. قال مالكٌ رحمه الله (واني لأكره القصصَ في المسجد ) وقال (ولا أرى أن يُجلس إليهم وان القصص لبدعة ) وقال سالم: كان ابن عمر يُـلقى خارجا من المسجد فيقول: ما أخرجني إلا صوتُ قاصكم هذا.

    24- السِّرية والتكتم: قال عمرُ بن عبدالعزيز رحمه الله: ( إذا رأيتَ قوماً يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيسِ ضَلالة ).

    هذا بعض ما تيسر جمعه من صفات القوم وعلاماتهم, نسأل الله بمنه وفضله أن يرزقنا التمسك بالسُنة, والعمل بها, والسير على منهج السلف حتى الممات, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الخُلق الحسن




    أما بعد :

    فإن شأن الأخلاق عظيم ، وإن منـزلتها لعالية في شرع رب العالمين، فالخلق من الدين، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وأحسنهم أخلاقاً : أقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً . ولقد تظاهرت نصوص الشرع في الحديث عن الأخلاق فحثت وحضت ورغبت في محاسنها ، وحذرت ونفرت ورهبت من سيئها ، بل إن الرسول b بيّن أن الغاية من بعثته: إنما هي إتمام صالح الأخلاق، فقال : «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»أخرجه أحمد والحاكم وصحة ووافقه الذهبي . والناس على اختلاف مشاربهم يحبون محاسن الأخلاق ويألفون أهلها ويبغضون مساوئ الأخلاق وينفرون من أهلها. وحسن الخلق له فضائل عظيمة في الدنيا والآخرة، فمن ذلك:
    1- أنه امتثال لأمر الله عز وجل ، قال تعالى [خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ] ، وهو طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: «وخالق الناس بخلق حسن»
    2- وهو رفعة في الدرجات ، قال صلى الله عليه وسلم:«إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم». رواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقال صلى الله عليه وسلم :«أعظم ما يُدخل الناس الجنة : تقوى الله وحسن الخلق» أخرجه الترمذي وصححه. . وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم :«ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق» أخرجه الترمذي وصححه.
    3- ومن فوائد حسن الخلق : كسب القلوب: فهو يحبب صاحبه للبعيد والقريب ، وبه ينقلب العدو صديقاً، ويصبح البغيض حبيباً، ويصير البعيد قريباً ، وبحسن الخلق يتقرب المرء للناس، وبه يتمكن من إرضائهم على اختلاف مشاربهم وطبقاتهم. وحسن الخلق مدعاة للذكر الحسن، فإن الألسنة تلهج بذكر أهل الخلق الحسن، والتاريخ يسطر مآثرهم ، والركبان تسير بأخبارهم.
    4- السلامة من شر الخلق: لأن صاحب الخلق الحسن لا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يعفو يصفح ويعرض، بل ربما قابل الإساءة بالإحسان، ولو جارى الناس في سفههم لما كان له فضل عليهم، ولما سلم من أذاهم فلو لم يأت من حسن الخلق إلا هذه الفائدة لكان حرياً بالعاقل أن يتحلى به.
    5- صاحب الخلق الحسن في راحة بال، وطيب عيش، ونعيم عاجل، فإن قلبه مطمئن ونفسه زاكية، كما أن صاحب الخلق السيء في شقاء حاضر وعذاب مستمر ونزاع ظاهري وباطني مع نفسه وأولاده ومخالطيه، مما يشوش عليه حياته ويكدر أوقاته، مع ما يترتب على ذلك من فوات الآثار الطيبة والتعرض لضدها. وإليك شيئاً من كلام الحكماء في فضل الأدب وحسن الخلق: يقولون : من قعد به حسبه نهض به أدبه. ويقولون: من كثر أدبه شرف وإن كان وضيعاً، وساد وإن كان غريباً ، وكثرت الحاجة إليه وإن كان فقيراً . ومن أقوالهم : من لم يعرف الخير من الشر فالحقه بالبهائم. وقال بعضهم : ما ورثت الآباء الأبناء شيئاً أفضل من الأدب، إنها إذا ورثتها الآداب: كسبت بالآداب الأموال والجاه والإخوان، والدين والدنيا والآخرة، وإذا ورثتها الأموال: تلفت الأموال، وقعدت عدماً من الأموال والأدب. أما سوء الخلق فهو عمل مرذول ، ومسلك دنيء يمقته الله عز وجل، ويبغضه الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث :«وإن أبغضكم إليّ، وأبعدكم مني في الآخرة أسؤوكم أخلاقا» أخرجه أحمد وابن حبان. وسوء الخلق يأخذ مظاهر عديدة، ويبرز في صور شتى ، اكتفي بذكر عشر منها:
    1- الغلظة والفظاظة: فنجد من الناس من هو فظ غليظ ، لا يتراخى ولا يتألف لا يتكلم إلا بالعبارات النابية القاسية التي تحمل في طياتها الخشونة والشدة، والغلظة والقسوة، وصدق الله إذ يقول: [ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك]. وقد يصاحب ذلك عبوس الوجه وتقطيب الجبين، فبعضهم لا تراه إلا عابس الوجه مقطب الجبين ، لا يعرف التبسم واللباقة، ولا يوفق للبشر والطلاقة، بل إنه ينظر الى الناس شزراً ، ويرمقهم غيظاً وحنقاً، لا لذنب ارتكبوه ، ولا لخطأ فعلوه، وإنما هكذا يوحي إليه طبعه ، وتدعوه إليه نفسه ، يظن أنه بذلك يحترم وهذا الخلق مركب من الكبر وغلظ الطبع ، فإن قلة البشاشة استهانة بالناس، وذلك إنما ينشأ من الإعجاب والكبر.
    2- مقابلة الناس بوجهين: فتجد من الناس من يظهر لجليسه الموافقة والمودة، ويلقاه بالبشر والترحاب، فإذا ما توارى عنه سلقه بلسان حاد، وشتمه وأقذع في سبه،.......، هذه الصفة من أخس الصفات ، وصاحبها من شر الناس و أوضعهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«تجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» متفق عليه.
    3- التهاجر والتدابر بين المسلمين، فبمجرد اختلاف يسير حول عرض من الدنيا لا يترتب عليه فساد في الدين عند ذلك تجد من يعطي ظهره لأخيه، ويهجره ويقطع أواصر المحبة والأخوة والقرابة قال النبي صلى الله عليه وسلم :«لا تباغضوا ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» متفق عليه. وإذا كان هذا الأمر مرفوضاً وقوعه بين عامة الناس ، فإن المصيبة تعظم ، والخطب يجل إذا وقع ذلك بين أهل العقل (والعبادة) ، فما يدمي الفؤاد ، ويدل على استحكام الغفلة وتمكن الشيطان أن تجد اثنين من أهل الفضل ، وممن يتسابق للمجيء الى المسجد، وقد يكونان ممن بلغ من الكبر عتياً ، ومع ذلك كله: تجدهما متهاجرين متقاطعين، لا يكلم أحدهما الآخر، ولا يسلم عليه بلا سبب يذكر، أو بسبب يسير جداً .
    4- المن بالعطيه ونحوها: فمن الناس من إذا أعطى عطاء أو شفع في أمر ما ، أو بذل نصيحة أو أسدى معروفاً : أتبعه بالمن والأذى ، والإذلال على من أحسن إليه وذلك الصنيع خلق ساقط، لا يليق بأولي الفضل، قال تعالى :[ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى] قال رجل لبنيه: إذا اتخذتم عن درجل يداً فانسوها. وقال ابن عباس : لا يتم المعروف إلا بثلاث : بتعجيله ، وتصغيره، وستره ، فإنه : إذا أعجله هنّأه، وإذا صغره عظمه، وإذا ستره تممه. ومع أن المن وتعداد الأيادي ليس من صفات الكرام، إلا أن ذلك يحسن ويسوغ في حال المعاتبة والاعتذار.
    5- سوء العشرة مع الزوجة: فهناك من يتعامل مع سائر الناس بأدب ورقة وأريحية، فتراه في المجالس بشوشاً، حسن الخلق ، ينتقي من الكلام أطايبه ، ومن الحديث أعذبه ، فإذا ما دخل المنزل تبدلت الحال، وذهبت وداعته، وتولت سماحاته، وحلت غلظته وبذاءته وفظاظته، فانقلب أسداً هصوراً على زوجه الضعيفة المسكينة فتراه يسيء الأدب معها ، وتصدر منه العبارات القاسية المؤلمة يحملها مسؤولية كل شيء، ويغلظ في عتابها عند أدنى خطأ، يهددها بالطلاق عند كل صغيرة وكبيرة، وربما قصر عليها في النفقة. ولا ريب أن هذا الصنيع دليل على ضعة النفس وحقارة الشأن وضعف الإيمان، وإلا فإن الحازم العاقل ذا الدين والمروءة يتودد لأهله، ويرحمهم، ويحسن معاشرتهم ، قال عليه الصلاة والسلام (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وصححه. وفي المقابل : تجد أن بعض الزوجات لا تحسن التودد لزوجها، ولا تقوم بحقوقه كما أراد الله منها، بل تراها تسيء الأدب معه ، وترفع صوتها عليه، وتثقل كاهله بكثرة الطلبات، وتستنزف ماله بالإغراق في الكماليات، تراها كثيرة الشكوى والتأفف، تنسي معروفه وتذكر إساءته، لا يروق لها ما يفعله زوجها، وأما ما عند الناس فقد بلغ الغاية في الحسن، بل ربما عوقته وخذلته عن بره بوالديه، وأعانته على قطيعة الرحم، تفرق الأسر ولا تجمع ، فاللهم إنا نسألك العافية والسلامة. (فالحمد لله على كل حال ، وإنا لله وإنا إليه راجعون).
    6- التقصير في حقوق الإخوان: فإن لهم حقوقاً كثيرة يحسن بالمرء مراعاتها والقيام بها، ويقبح به التفريط فيها والتهاون في أدائها، فمن مظاهر التقصير في حقوق الإخوان: - قلة تعاهدهم : فترى بعضهم لا يسأل عن إخوانه ورفقائه، ولا يحرص على زيارتهم وصلتهم ، ولا يسعى في تجديد المودة، قال ابن حبان رحمه الله : (الواجب على العاقل إذا رزقه الله ود امرئ مسلم صحيح الوداد، فحافظ عليه، أن يتمسك به، ثم يوطن نفسه على صلته إن حرمه ، وعلى الإقبال عليه إن صد عنه، وعلى البذل له إن حرمه ، وعلى الدنو منه إن باعده . - ومن التقصير في حق الأخوان التنكر وقلة الوفاء فمن الناس من لا يعرف إخوانه إلا في الرخاء ، فإذا ما وقع أخ له في شدة وضائقة، واحتاج لمعروفه ومساعدته: تنكر له وخذله ، ونسي ما كان بينهما من مودة ومن التنكر وقلة الوفاء ما تجده عند بعض الناس، فما أن ينال عرضاً من أعراض الدنيا: كمال أو جاه أو منصب : إلا ويتنكر لأصحابه القدامى ، وينساهم أو يتناسهم ، وما هذا من أخلاق الكرام، قال بعضهم : (إن الكرام إذا ما ايسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن - ومن ذلك إيذائهم في السفر: فالسفر يسفر عن أخلاق الرجال فبعض الناس إذا سافر مع أصحابه آذاهم، وأكثر الخلاف معهم، وسعى فيما يكدر عليهم ويعكر صفوهم، ومن الناس من لا يتكلم ولا يقترح وربما إذا استشير لم يشر، بل يترك الأمر لصحبه، فإذا أصابوا سكت ولم يثن عليهم ، وإذا اجتهدوا في أمر فأخطئوا، كأن يضلوا الطريق مثلاً أمطر عليهم وابلاً من اللوم والتقريع، وأصبح يكرر من أمثال قوله: لو فعلتم كذا وكذا لكان أنفع وأجدى ، ولو أنكم سلكتم الطريق الفلاني لما حصل ما حصل ، وهكذا.
    7- إساءة الظن: وهي من الأخلاق الذميمة، التي تجلب الضغائن ، وتفسد المودة وتورث الهم والحزن، ولهذا نهى الله عنها فقال : [يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعد الظن إثم ] وفي الحديث المتفق عليه : «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث». فتجد من الناس من هو سيء الظن، يحسب كل صيحة عليه ، وكل مكروه قاصداً إليه، وأن الناس لا هم لهم إلا هو، وأنهم يكيدون له كيداً ويتربصون به الدوائر ومن صور سوء الظن عند بعضهم: - إذا رأى اثنين يتناجيان ظن أنه هو المقصود بالنجوى، وأنه لمتحدث عنه . - إذا سمع ذماً عاماً لخصلة من الخصال ظن أنه هو المقصود بالذم. - إذا كان هناك وليمة عند أحد أقاربه أو أصدقائه، فنسي صاحب الوليمة أن يدعوه: أساء به الظن، واتهمه باحتقاره وعدم المبالاة به، - إذا نصحه أحد ظن إن الناصح متعرض له، متعال عليه، متتبع لهفواته، يقصد تنقصه، ولذلك لا يقبل منه نصحاً ، فيستمر على عيوبه، ويبتعد عن كل من أراد نصحه. -إذا رأى أحداً يمشي حوله ظن أنه يراقبه ويترصد له. أيها الأخوة : حري بالمسلم أن يستعيذ بالله من وساوس الشيطان هذه ، وأن يمضي في سبيله ويحسن الظن بإخوانه المسلمين، وأن يحملهم على أحسن المحامل ولا يدخل في سوء الظن المذموم: الظن بمن أورد نفسه موارد الريب، أو الظن بعدو يخاف منه، فهذا من تمام الإحترار والأخذ بالحيطة . كما أنه ليس من الحزم ولا الكياسة في شيء : أن يحسن المرء ظنه بكل أحد، ويثق به ثقة مطلقة، فيبيح له مكنونه، ويطلعه على كل صغيرة وكبيرة من أمره، بل هذا سذاجة وجهل وغفلة.
    8- المبالغة في اللوم والتوبيخ: وهذا يقع خاصة ممن لهم سلطة وتمكن، كالرئيس والمدير والمعلم والكفيل والوالد والزوج. فتجد الواحد منهم : يزبد ويرعد، ويطلق العبارات البذئية، ويبالغ في اللوم والتوبيخ، بمجرد خطأ يسير وقع من شخص تحت سلطته. وهذا الصنيع مما تكرهه النفوس، وتنفر منه القلوب، فالناس يبغضون من يؤنب في غير مواطن التأنيب ، وينفرون ممن يبالغ فيه دون ترو أو تؤدة ، فلربما استبان له فيما بعد أنه ليس على حق، أو أن هناك اجتهاداً صحيحاً من الطرف الآخر. ومن الأمثلة على ذلك : ما يقع من بعض المعلمين مع طلابهم ، حيث يبالغ في تقريع الطالب عند أدنى خطأ، بل وربما كان ذلك الخطأ غير مقصوداً أصلاً ، مما يسبب النفرة من المعلم والحرج للطالب، وقد يصيبه ذلك بخيبة أمل فيزهد في التعلم ودور العلم. وقل مثل ذلك فيما يقع بين الأصحاب والأقارب، فقد يمضي على أحدهم زمن طويل لم ير صاحبه أو قريبه فإذا ما رآه ابتدره باللوم، وأنبه على غيابه وقلة اتصاله وهذا الأمر . وإن كان دليلاً على المحبة إلا أنه سبب للقطيعة والفرقة لأن الناس لا يحبون أن يحملوا كل شيء ، وأكثرهم لا يتحمل أدنى عتب أو لوم، ثم إن هذا الذي يلوم غيره ينسى أنه يمكن أن يوجه نفس اللوم إليه.
    9- الفخر بالنسب : فهو خلق جاهلي، ذمه الإسلامي ومقت أهله، وحذر من صنيعهم . فالفخر بالنسب والترفع على الناس لأجله : عنوان سفه العقل ، وآية دنو الهمة، إنما الفخر كل الفخر بتقوى الله عز وجل ، وبالترقي في مراتب الكمال ومدارج الفضيلة:
    لقد رفع الإسلام سلمان فارس كما وضع الكفر الشريف أبا لهب.
    فكم من الناس من يفاخر بنسبه، ويترفع على من سواه، ويعقد الولاء والبراء للنسب ، مع أن الله عز وجل يقول في محكم التنزيل [ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ] ، فبين الله الحكمة من جعلهم شعوباً وقبائل ألا وهي التعارف لا التفاخر، ثم بين معيار التفاضل بين الناس [إن أكرمكم عند الله أتقاكم ]، فليس التفاضل بالجنس أوا للون أو العرق أو البلد: إنما هو بالتقوى. قال ابن حزم بعد أن تحدث عن الإعجاب بالنفس ، وذكر شيئاً من أنواعه: (وإن أعجبت بنسبك فهذه أسوأ من كل ما ذكرنا ، لأن هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلاً في دنيا ولا آخرة، وانظر : هل يدفع عنك جوعه، وأو يستر لك عورة، أو ينفعك في آخرتك
    . وقال بعضهم
    أيها الطالب فخراً بالنسب إنما الناس لأم ولأب
    هل تراهم خلقوا من فضة أو حديد أو نحاس أو ذهب
    أو ترى فضلهم في خلقهم هل سوى لحم وعظم وعصب
    إنما الفضل بحلم راجح وبأخلاق كرام وأدب
    ذاك من فاخر في الناس به فاق من فاخر منهم وغلب
    10- الغيبة : تلك الخصلة الذميمة، التي لا تصدر إلا من نفس ضعيفة دنيئة والغيبة هي كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : «ذكرك أخاك بما يكره » والمغتاب يريد التسلق على أكتاف الآخرين، وذلك بالحط من أقدارهم ، وتزهيد الناس بهم، وما علم هذا المغتاب أن الرافع الخافض هو الله عز وجل ، وأنه بصنيعه هذا يهدي حسناته لمن يقع في أعراضهم. أين هذا المغتاب من قول الله جل جلاله: [ولا يغتب بعضكم بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ] ، بل أين هو من أهل الجاهلية التي كان أشرافها يتمدحون بترك الغيبة. قال أحدهم: لا تراني راتعاً في مجلس في لحوم الناس كالسبع الضرم واعلم أن الغيبة لا تقتصر على اللسان فحسب ، بل قد تكون ا لإشارة بالعين أو اليد أو اللسان. أما أسبابها فكثيرة، منها : التشفي من الآخرين، ومجاملة الأقران والرفقاء ، والحسد ، وكثرة الفراغ، والتقرب من أصحاب الأعمال والمسؤولين عن طريق ذم العاملين، ومن أسبابها: الإعجاب بالنفس ، والغفلة عن التفكر في عيوبها، وأعظم أسبابها: قلة الخوف من رب العالمين. وإن مما يزيد الأمر سوءاً : أن تجد الغيبة آذاناً مصيخة، وأفئدة مصغية، فمن كان كذلك، فليعلم أنه مشارك للمغتاب في فعله المشين هذا، ومن اغتاب الناس عندك اغتابك عند الناس. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم













    سلطان العيد

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    مزايا دعوة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب




    بسم الله الرحمن الرحيم
    (مقدمة)


    الحمد لله ربِّ العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, ولا إله إلا الله, إلهُ الأولين والآخرين, وقيومُ السماوات والأرضين, ومالكُ يوم الدين, الذي لا فوزَ إلا في طاعته, ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا حياةَ إلا في رضاه, ولا نعيمَ إلا في قربه, ولا صلاحَ للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيده وحبه, الذي إذا أُطيعَ شكر, وإذا عُصيَ تابَ وغفر, وإذا دُعِيَ أجاب, الحمد لله الذي شهدتْ له بالربوبية جميعُ مخلوقاته, وأقرتْ له بالإلهية جميعُ مصنوعاته, فلا إله إلا الله, لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته, ولا سَمِيَّ له ولا كفوَ له ولا نِدَّ, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ قامت بها السماوات والأرضين, وبها أرسل اللهُ رسلَه, وأنزلَ كتبَه, وشرعَ شرائعَه, ولأجلها نُصِبَتْ الموازين, ووُضِعَتْ الدواوين, وقامَ سوقُ الجنة والنار, وبها انقسمَتْ الخليقة إلى مسلمين وكفار, وأبرار وفجار, وعليها نُصِبَتْ القبلةُ وأُسِسَتْ الملةُ, ولأجلها جُهِّزَتْ سيوفُ الجهاد, وهي حقُّ الله على جميع العباد, فهي كلمةُ الإسلام, ومفتاحُ دار السلام, فلا إله إلا اللهُ عددَ خلقه, ورضى نفسه, وزِنةَ عرشه, ومِدادَ كلماته, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه, وأمينُه على وحيه, وخيرتُه من خلقه, أرسله اللهُ رحمةً للعالمين, وإماماً للمتقين, وحجةً على الخلائقِ أجمعين, أرسله على حين فترةٍ من الرسل, فهدى به إلى أقومِ الطرقِ وأوضحِ السُّبل, وافترضَ الله على العبادِ طاعتَه ومحبتَه وتوقيرَه, وسدَّ دون جنته الطرق, فلم يفتح لأحد إلا من طريقه, وشرحَ له صدرَه, ورفعَ له ذكرَه, ووضعَ عنه وزرَه, وجعلَ الذِّلةَ والصَغارَ على من خالفَ أمرَه, فتحَ اللهُ برسالته أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباًَ غلفاً, فبلَّغَ الرسالةَ, وأدَّى الأمانةَ, ونصحَ الأمةَ, وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه, فأشرقَتْ برسالته الأرضُ بعدَ ظلماتِها, وتألفَتْ به القلوبُ بعدَ شتاتِها, فصلواتُ الله وسلامُه عليه ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.

    (تمهيد/ العلماء هم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة)

    معاشرَ المؤمنين: لقد بعثَ اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله عيه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَه على الدينِ كلِّه, فأكملَ اللهُ به الدينَ, وأتمَ به النعمة, ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً, وأشرقَتْ الأرضُ بنورِ النبوة, وارتفعَتْ رايةُ التوحيدِ والسنة, وانطمسَتْ معالمُ الشرك والوثنية, وعُبِدَ الله وحدَه, فما تُوفِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد بيَّنَ للأمةِ معالمَ دينها, وتركها على المحجةِ البيضاءِ ليلُها كنهارِها, ودرجَ على هذا المنهجِ القويم خلفاؤه الراشدون وصحبُه المهديون, فبيَّنوا للناس الملةَ الحنيفيةَ ودَعَوهم إليها, وحذروا من سُبُلِ أهلِ الشركِ والبدعة, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ثمَّ إنَّهم خلفَتْ من بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يُؤمرون, وهذا مصداقُ ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ولكن اللهَ ضمنَ لهذه الأمة بقاءَ دينِها وحفظَه عليها, وهذا إنَّما يحصلُ بإقامةِ من يقيمُه الله من أفاضيلِ خليقتِه وخواصِ بريَّتِه, وهم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة, الذّابّون عن حياضِ السنةِ والتوحيد, المجاهدون مرات خلالَ عرى كلمةِ التقوى, فأظهر اللهُ بكلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بهم, ويُنتهى إلى رأيهم, فنصروا السنةَ وحاربوا البدعة, ودَعَوا إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وحذّروا من سبلِ المشركين. وكان من أجلِّهم إمام أهل السنة والصِّدِّيقُ الثاني: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ حنبلَ رضي اللهُ عنه وأرضاه, فكان له مواقفُ ومقاماتٌ عظيمةٌ في نصرةِ مذهبِ السلف, ومن أشهرِها صدعُه بالحقّ لمّا ظهرَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآن ونفي صفاتِ اللهِ جلَّ وعلا, وصبرَ على الأذى في سبيلِ نشرِ السنةِ والتوحيد, حتى أظهرَه الله على خصومِه.

    ثمَّ أقامَ اللهُ العالِمَ الربَّانيَّ بحرَ العلومِ شيخَ الإسلام: أحمدَ بنَ تيمية, الذي جددَ اللهُ به الدين بعد دروسِه, وأخزى به المرتدعين, فنشرَ مذهبَ السلفَ وألَّف في ذلك, وردَّ على أهلِ البدعِ وكشفَ عوارهم, وقامَ من بعده بهذا الأمرِ تلامذتُه المحققون, وأتباعُه ممن لا يُحصَون, كالعلامةِ ابنِ القيمِ وابنِ رجبٍ والذهبيِّ وابنِ كثيرٍ وابنِ عبدِ الهادي وغيرهم ممن سارَ على نهجِ السلفِ الصالح, علماً وعملاً ودعوةً وجهاداً.

    (أولاً/ الحالة الدينية والمخالفات العقدية في نجدٍ في فترة الإمام محمد بن عبد الوهاب)

    وبعدهم انتقضتْ عُرى الإسلام, وعُبِدَتْ النجومُ والكواكب, وعُظِّمَتْ القبورُ وبُنِيَتْ عليها المساجد, وعُبِدَتْ تلكَ الأضرحةُ والمشاهد, واعْتُمِدَ عليها عند المصائبِ دون الصمدِ الواحد, ونأتي بحديثِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يبعثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ قرنٍ من يجددُ لها أمرَ الدين, فبعثَ في القرنِ الثاني عشر شيخَ الإسلامِ الإمامَ المجددَ لِمَا اندرسَ من معالمِ الدين: محمدَ بنَ عبدِ الوهابِ رحمَهُ اللهُ وغفرَ له, فشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ والاجتهاد, وأعلنَ بالنصح للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولسائرِ العباد, ودعا إلى ما دعتْ إليه الرسلُ من توحيدِ اللهِ وعبادَتِه, ونهى عن الشركِ ووسائلِه وذرائعِه.

    * من أبرز المخالفات العقدية المنتشرة في ذلك الوقت:

    وكان أهلِ عصرِه ومِصرِه في تلك الأزمان قد اشتدَّتْ غربةُ الإسلامِ بينهم, وعفَتْ آثارُ الدينِ لديهم, وانهدمَتْ قواعدُ الملةِ الحنيفية, وغلبَ على الأكثرين ما كانَ عليه أهلُ الجاهلية, وغلبَ الجهلُ والتقليدُ والإعراضُ عن السنةِ والقرآن, وجَدُّوا واجتهدوا في الاستغاثةِ والتعلقِ بغيرِ اللهِ من الأولياءِ والصالحين, والآثارِ والقبورِ والشياطين, وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وبه راضون, فكانوا يُعَظِّمون قبرَ زيدِ بنِ الخطاب ويدعونه رغباً ورهباً, ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج.

    وكذلك كان عندهم فُحَّالٌ ينتابُه النساءُ والرجال, ويفعلون عنده أقبحَ الفِعال, والمرأةُ إذا تأخرَ عنها الزواجُ تذهبُ إليه وتضُمُه بيديها وتدعوه برجاءٍ واجتهادٍ وتقول: "يا فحلَ الفحولِ أريدُ زوجاً قبلَ الحول", وشجرةٌ عندهم تُسمى "الطُريفية" أغراهم الشيطانُ بها, فكانوا يُعلقون عليها الخِرَقَ لعلَّ الولدَ يسلمُ من السوء ويرجون بركتَها.

    ومثل هذا وأكثر يُفعَلُ بقبرِ أبي طالب وقبرِ ميمونةَ وخديجةَ زوجتي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وكذا يلجئون عند الملماتِ والشدائدِ لقبرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما, وقبرِ الحسينِ وعبدِ القادر الجيلاني والعيدروس والبدوي وغيرهم, فعدلوا عن عبادةِ الرحمنِ إلى عبادةِ القبورِ والشيطان, وعَظُمَ الكهَّانُ والسحرةُ والمشعوذون, عَظُمَ أمرُهم, وصارَ كثيرٌ من الناس لا يعرفُ من الدينِ إلا الدروشةَ والترانيم, وأما صفاتُ اللهِ فأكثرُهم لا يُقِرُّ بها تقريباً للفلاسفةِ والملحدين, فما تفاقمَ هذا الخَطْبُ وعَظُم, وتلاطم موجُ الكفرِ والشركِ وجَشُم, وطُمِسَتْ الآثارُ السلفية, وظهرَتْ البدعُ والأمورُ الشركية.

    (ثانياً/ دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد ونبذ الشرك) عند ذلك تجردَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ للدعوة إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وردِّ الناسِ إلى ما كانَ عليه سلفُهم الصالح, في بابِ العلمِ والتوحيدِ والإيمان, وبابِ العملِ الصالحِ والإحسان, وحذَّرَ من التعلقِ والتوكلِ على غيرِ اللهِ من الأنبياءِ والصالحين, والاعتقادِ في الأحجارِ والأشجارِ والعيونِ والآبار, ورغَّبَهم في متابعةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الأقوالِ والأفعال, وهَجْرِ والبدعِ والمحدثات, وأنكرَ على الخارجين عمَّا جاءَتْ به الرسل, وصنَّفَ في الردِّ على من عاندَ وجادل, حتى أظهرَ اللهُ التوحيدَ في الأرض, وعَلَتْ كلمةُ الله, وذَلَّ أهل الشركِ والفساد, وعُبِدَ اللهُ وحدَه دون ما سواه, واجتمعَتْ الكلمةُ على التوحيدِ والسنة, فالحمدُ للهِ أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

    (ثالثاً/ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يبيِّن أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة)

    معاشرَ المؤمنين: لقد بيَّن العلامةُ الشيخُ عبدُ العزيزُ بنُ بازٍ رحمَه اللهُ على أثرِ دعوةِ الإمامِ المجدد, فقال ما مختصرُه: "من أبرزِ الدعاةِ المصلحين الإمامُ الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهابِ مجددُ القرنِ الثاني عشرَ الهجري, الذي وفقَه اللهُ للقيامِ بدعوةٍ إصلاحيةٍ عظيمة, أعادَتْ للإسلامِ في الجزيرةِ العربية قوتَه وصفاءَه ونفوذَه, وطهَّرَ اللهُ به الجزيرةَ من الشركِ والبدع, وهداهم به إلى صراطٍ مستقيم, وامتدَّتْ آثارُ هذه الدعوةِ المباركةِ إلى أجزاءٍ كثيرةٍ من العالمِ الإسلامي, وتأثرَ بها عددٌ من العلماءِ والمصلحين, وكان من أقوى أسبابِ نجاح هذه الدعوة أنْ هيأَ اللهُ لها حكاماً آمنوا بها ونصرُوها, وآزروا دعاتَها".

    وقال: "إنَّ دعوةَ الإمامِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ رحمه الله هي الدعوةُ الإسلامية التي دعا إليها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, وصحابتُه الكرامُ, وسلفُ هذهِ الأمةِ الصالح, ولهذا نجحَتْ وحققَتْ آثاراً عظيمة رغمَ كثرةِ أعدائها ومعارضيها أثناءِ قيامِها, وذلك مصداقاً لقولِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [لا تَزَالُ طَائفَةٌ مِنْ أُمَتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ].

    ثم قالَ سماحتُه رحمَه الله: "وهذه الدعوةُ مرتبطةٌ بمذهبِ السلفِ الصالحِ ولم تخرجْ عنه, وأثمرَتْ ثمراتٍ عظيمة لم تحصلْ على يدِ مصلحٍ قبلَه بعدَ القرونِ المفضلة, وذلك لما ترتبَ عليها من قيامِ مجتمعٍ يحكمُه الإسلام, ووجودِ دولةٍ تؤمنُ بهذه الدعوةِ وتطبقُ أحكامَها تطبيقاً صافياً نقياً في جميعِ أحوالِ الناس, في العقائدِ والأحكامِ والعاداتِ والحدودِ والاقتصادِ وغيرِ ذلك, ممّا جعلَ بعضَ المؤرخين لهذه الدعوةِ يقول:

    [إنَّ التاريخَ الإسلامي بعدَ عهدِ الرسالةِ والراشدين لم يشهدْ التزاماً تاماً بأحكامِ الإسلام, كما شهدَتْه الجزيرةُ العربيةُ في ظلِّ الدولةِ التي أيّدَتْ هذه الدعوةَ ودافعَتْ عنها].

    قال: ولا تزالُ هذه البلادُ والحمدُ لله تنعمُ بثمراتِ هذه الدعوة, أمناً واستقراراً ورغداً في العيش, وبُعداً عن البدعِ والخرافاتِ التي أضرَتْ بكثيرٍ من البلاد الإسلامية, حيث انتشرَتْ فيها".

    انتهى كلامُ سماحةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ بن بازٍ رحمَه اللهُ وأسكنَه فسيحَ جناتِه.


    (رابعاً/ دعوةُ الإمام محمد بن عبد الوهاب هي دعوةُ الرسل والأنبياء والصحابة والأئمة المصلحين)

    معاشرَ المؤمنين: يقولُ اللهُ جلَّ وعلا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). هذه دعوةُ الرسلِ والأنبياءِ ومن سلكَ سبيلهم, إنها دعوةٌ واضحةٌ لا غموضَ فيها ولا لَبْس, دعوةٌ لإصلاحِ الخلقِ وتعظيمِ الخالقِ جلَّ وعلا, ولذا كان أولُها وآخرُها وأساسها: الدعوةُ إلى أعظمِ الواجباتِ وهو التوحيد, والتحذيرُ من أعظمِ الذنوبِ وهو الشركُ باللهِ جلَّ وعلا: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). وقد امتثلَ الرسلُ والأنبياءَ أمرَ ربِّهم, فدَعَوا أقوامَهم إلى التوحيدِ قبلَ كلِ شيء, بلا جُرِّدَتْ السيوف, وأُزْهِقَتْ الأرواح, وقامَ سوقُ الجنةِ والنارِ من أجلِ التوحيدِ ودحرِ الشركِ وأهلِه, قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ].

    وها هو نبيُّ اللهِ نوحٌ عليهِ السلام يدعو قومَه إلى التوحيدِ ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً, قال لهم: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) (نوح:3,2), فأبى ذلك عُبَّادُ الأصنامِ والأوثانِ والقبور, وسَعَوا في صدِّ الخلقِ عن توحيدِ ربِّ العالمين, حتى اشتكى منهم نبيُّ اللهِ نوحٌ قائلاً: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23,22,21), فالذي بين نوحٍ وقومِه أعظمُ من أن يكونَ نزاعاً حولَ مواقفَ سياسيةٍ أو اقتصادية, إنَّه الصراعُ بين التوحيدِ والشرك, بين الحقِّ والباطل.

    ثمَّ سار الرسلُ والأنبياءُ من بعدِ نوحٍ على هذا الطريق, دعوةٌ إلى التوحيدِ وتعظيمِ ربِّ العالمين, وتحذيرٌ من الشركياتِ بأنواعها.

    وآخرُهم النبيُّ المصطفى والرسولُ المجتبى الخليلُ محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم, لقد دعا إلى اللهِ جلَّ وعلا, وكان مبدأُ دعوتهِ ومنتهاها, ومجراها ومرساها, أنْ تكونَ العبادةُ خالصةً للهِ جلَّ وعلا, وأنْ لا يكونُ له نِدٌّ يُدعى أو يُرجى أو يُستغاثُ به, فها هو صلى الله عليه وسلَّم يُلقى القرآن من لدنْ حكيمٍ عليم, وفيه الآياتُ الآمرةُ بالإنذارِ والدعوةِ إلى التوحيد: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5,4,3,2,1).

    لمَّا حضرَه الموتُ كان يُوصي أمتَه ويُحذرُها من وسائلِ الشرك, فكان صلى اللهً عليه وسلم يقول: [لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَخَذُوا قُبَورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ, يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا].

    ولمَّا قال له رجلٌ: [ما شاءَ اللهُ وشئت], غضبَ الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم وقال: [أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدَّاً, بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ].

    ولمَّا طلب منه بعضُ الناسِ أن يجعلَ لهم ذاتَ أنواطٍ ? شجرةً يتبركون بها ? أنكرَ ذلك وقال: [اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ, قُلْتُمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهاَ كَمَا لَهُمْ آلِهَة].

    وكان صلى اللهُ عليه وسلم يُحَذِّرُ من الشركِ في القولِ والعمل, ومن ذلك قولُه صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ], وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا], بل أمرَه ربُّه جلَّ وعلا أنْ يُعلنَ للناسِ أنَّ الأمرَ للهِ من قبلُ ومن بعدُ, وأنَّ تدبيرَ هذا الكون من خصائصِه جلَّ وعلا, قال اللهُ سبحانه وتعالى مخاطباً (*) نبيَّه محمداً صلى اللهُ عليه وسلم: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه) (الأعراف: من الآية188), وأوحى إليه ربُّه جلَّ وعلا قولَه: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الجـن:22,21), فالأمرُ للهِ من قبلُ ومن بعدُ.

    ثم سارَ الخلفاءُ الراشدون والعلماءُ المصلحون والأئمةُ المهديون على ذلك فكانت العقيدة عندهم أهمَّ المهمات, ومواقفُهم في نصرةِ مذهبِ السلفِ والتحذيرِ من البدعِ وأهلها كثيرة, فهذا يدلُ على عظيمِ فهمِهم لدعوةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, إنها الدعوةُ إلى توحيدِ ربِّ العالمين.

    فاللهم اسلكْ بنا سبيلَ نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم, يا أكرمَ الأكرمين, ويا أرحمَ الراحمين, أقولُ هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم لسائرِ المؤمنين من كلِّ ذنبٍ فاستغفرُوه إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

    ــــــــــــــ

    (خامساً/ مميزات دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله)

    الحمدُ للهِ ربِّ العالمين, ولا عدوانَ إلا على الظالمين, وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومن اقتفى أثرَه واستنَ بسنتِه إلى يومِ الدينِ, أما بعد:

    ومن الدعواتِ السنيةِ السلفيةِ الإصلاحيةِ دعوةُ الإمامِ المجددِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ ومن معه من العلماء والأمراءِ والمصلحين, فقد نفعَ اللهُ الخلقَ بهذه الدعوة, لأنها بُنِيَتْ وسارَتْ على طريقِ الأنبياء, دعوةٌ إلى توحيدِ اللهِ وتوقيرِه وتعظيمِه وعبادتِه, وتحذيرٌ من الشركِ والبدعةِ وأهلِهما, فآتَتْ هذه الدعوةُ أُكُلَها, وحفظَها اللهُ ورعاها, لأنها إنما قامَتْ لبيانِ مذهبِ السلف, وتصفيةِ الإسلامِ مما عَلِقَ به من البدعِ والخرافاتِ والشركيات.

    وقد تميزَتْ هذه الدعوةُ عن غيرِها من الدعواتِ بمزايا منها:

    أولاً/ تعظيمُ أمرِ التوحيدِ في نفوسِ العامة.

    لأنَّ الشركَ أعظمُ الذنوب, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), وهذا خلافاً لما عليه بعض الناس, فتراهم يُهَوِّنوا من أمرِ الدعوة إلى التوحيد, ويُشغلوا العامةَ والبسطاءَ بقضايا سياسيةٍ واقتصاديةٍِ لا ناقةَ لهم فيها ولا جمل, إنما هي من شئونِ أهلِ الحَلِّ والعقدِ, فيا سبحانَ الله! يفعلُ هذا وهو يرى هؤلاءِ البسطاء يتبركون بالقبورِ ويتمسحون بها, ويطلبون المددَ والغوثَ من غيرِ الله, وينذرون ويحلفون بغيره, ويوالون أعداءَه, وعندهم من البدعِ والمحدثاتِ الشيءُ الكثير, ثمَّ لا يُحركُ ساكناً, ولا يجهرُ بالحقِّ والتوحيدِ, ولا ينصحُ للخلق, فأيُّ دعوةٍ هذه؟؟ وأيُّ إصلاحٍ ستجنيه الأمةُ من قومٍ لا يوقرون أمرَ التوحيد, ولا يجعلونه أساسّ دعوتِهم, كما كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يفعل, وبعضهم يعتني بترقيقِ القلوبِ والزهديات, ولكنه يتحاشى الكلامَ في التوحيدِ والتحذيرَ من الشركِ لئلا يُفرقَ الصفَ بزعمِه, قالَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ في أهلِ الضلالِ وصدِّهم عن تعلمِ التوحيد, قال: "إذا رَأَوا من يُعلمُ الشيوخَ وصبيانَهم أو البدوَ شهادةَ أنْ لا إلهَ إلا الله, قالوا: {لو قالوا لهم يتركون الحرام, يجعلون الحرامَ دونَ الشرك كغصبِ الأموال}, قال الشيخ: وهذا من أعظمِ جهلِهم فإنهم لا يعرفون إلا ظلمَ الأموال, وأما ظلمُ الشركِ فلا يعرفونه, قال الله جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), أين الظلمُ الذي إذا تكلمَ الإنسانُ بكلمةٍ منه أو مدحَ الطواغيتَ أو جادلَ عنهم خرجَ عن الإسلام, ولو كانَ صائماً قائماً من الظلمِ الذي لا يُخرجُ من الإسلام, بل إما أنْ يُؤديَ بصاحبِه إلى القصاص, وإما أنْ يغفرَه اللهُ له, فبين الموضعين فرقٌ عظيم". انتهى كلامُه رحمَه اللهُ وغفرَ له. وهذا من فقهِه فإنَّ تلك المنكرات من أهمِ أسبابِها ضعفُ الإيمانِ والجهلُ بالتوحيدِ الذي هو أصلُ الأصول, ولهذا إذا فَسدَتْ العقيدةُ أُوجِدَتْ المنكرات, فالحروريةُ لفسادِ عقيدتِهم استباحوا قتلَ النفسَ التي حرَّمَ اللهُ جلَّ وعلا, بل قتلوا خيارَ الصحابةِ كعليٍّ أميرِ المؤمنين رضي اللهُ عنه, فزوالُ تلك المنكرات لا بدَّ أنْ يسبقَه تصحيحُ العقيدة.

    ثانياً/ مما تميزَتْ به تلك الدعوةُ المباركة: التحذيرُ من البدع.

    لأنَّ هذا الدينُ مبنيٌ على الاتباع, والرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم أُتِيَ جوامعَ الكَلِم, وهو الذي قال: [مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ], فالخيرُ كلُّه في التمسكِ بما كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عيه وسلم وصحابتُه الأبرار, ووالله إنه لا يُفرقُ بين البدعةِ والسنة إلا من فَقِهَ مذهبَ السلفِ وتمسكَ به, لأنهم يوقنون أنَّ الدينَ الذي جاءَ به النبيُّ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم كاملٌ تامٌّ لا نقصَ فيه بوجهٍ من الوجوه, ومنه يُعْلَم أنَّ الإسلامَ ليس فيه بدعةٌ حسنةٌ وسيئةٌ, فكلُّ البدعِ قبيحةٌ مردودة, قال اللهُ جلَّ وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3)

    ثالثاً/ ممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ: تحذيرُ الناسِ من المبتدعة.

    فقد كان السلفُ ينهَون العامةَ عن الجلوسِ أو الإصغاءِ إلى المبتدعة, لئلا يعلقَ كلامُهم بالقلوبِ فيصعبَ التخلصُ منه, قالَ الإمامُ أحمد: "ليسَتْ السنةُ عندنا أنْ تجادلَ أهلَ البدع, بل السنةُ ألا تكلمَهم". وممّا لا يخفى أنَّ الاختلافَ والابتداعَ موجودٌ, نعم. أخبرَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّ هذه الأمةُ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعين فرقة, كلها في النارِ إلا واحدة, وهي الجماعةُ المتمسكةُ كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابُه.

    وكانَ خصومُ الإمامِ المجددِ يسعَون في إيقافِ الشيخِ عن التحذيرِ من رءوسِ المبتدعة, ولم يكنْ يعبأُ بهم, قال رحمه الله: "قاموا يجادلون ويُلبِّسون على الناسِ ويقولون تُكَفِّرون المسلمين, كيف تسبّون الأموات؟؟ أهلُ فلانٍ أهلُ ضيف, أهلُ فلانٍ كذا وكذا, قالَ الإمامُ: ومرادُهم بذلك بألا يتبيّن معنى لا إلهَ إلا الله". انتهى كلامُهم رحمَه اللهُ.

    ألا فليأخذَ أهلُ السنةِ حِذرَهم لأنَّ بعضَ ما يَفِدُ إلينا من برامجَ قنواتية وكتاباتٍ فكريةٍ ودعويةٍ وثقافيةٍ ومنهجيةٍ تتأثرُ ولا شك بما عليه أصحابُها من مذاهبَ عقديةٍ رديئة, فاحذروا عبادَ الله, فاحذروا من الكتبِ والأفكارِ الوافدة, واعلموا أنَّ هذا الأمرَ دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.

    وأما إفسادُ الإنترنتِ للعقيدةِ فممّا لا يخفى, وإنْ أردْت برهاناً على ذلك, فتأمّلْ حالَ المفتونين به, فإنَّك سترى عجباً, لقد صارَتْ أخبارُ وآراءُ المجهولين والمشبوهين عندهم مصدراً من مصادرِ تلقي العقيدة, لا لشيءٍ إلا لأنها عُرِضَتْ في شبكةِ الإنترنت, بِغَضِّ النظرِ عن كاتِبها وعقيدَتِه, ولهذا تسلطَ عليهم أهلُ النفاقِ والبدع, ولبَّسوا عليهم دينَهم.

    فيا معاشرَ المفتونين بالإنترنت: إنَّ هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينَكم, وأمّا أثرُ هذه الشبكةِ العنكبوتيةِ في التفريقِ بين أهلِ التوحيد والطعنِ في أئمةِ أهل السنةِ في زمانِنا فهو ممّا يندى له الجبين, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:من الآية36).

    رابعاً/ وممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ المباركة: الحرصُ على جمعِ الكلمة, والتحذيرُ من التفرقِ والاختلافاتِ والفتن.

    فيرَون وجوبَ إنكارِ المنكرِ بالحسنى, ويرَون أيضاً وجوبَ طاعةِ وليِّ الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

    خامسا/ وممّا تميزَتْ به على غيرِها: أنَّها تُربي الناسَ على مسائلِ التوحيدِ مسألةً مسألة, وتحذِّرُهم من الشركياتِ بأفرادِها.

    وفيها النصُّ على مسائلِ التوحيدِ بأنواعِها, كالخوفِ والرجاءِ, والتوكلِ والاستعانةِ, والذبحِ والنذرِ لله جلَّ وعلا.

    وفيها النصُّ على أنواعِ الشركياتِ والبدع, كالذبحِ لغيرِ اللهِ والنذرِ لغيرِه, ودعاءِ الصالحين وطلبِ المددِ منهم, وموالاةِ الكفار, والتوكلِ على غيرِ اللهِ جلَّ وعلا, والحلفِ بالمخلوقين, وتعليقِ التمائمِ والحروز.

    وفيها التحذيرُ من السحرةِ والمشعوذين والكُهَّانِ والمنَجمين, وقارئ الكفِّ والفنجان.

    وبهذه الدعوة إنكارٌ للمنكرات, فلا يجوزُ إبقاءُ الأشجارِ التي يُتبركُ بها, ولا قِبابُ قبورِ الأولياء.

    ويرَون أنَّ على وليِّ الأمر منعَ المخربين والمشعوذين من إفسادِ عقائدِ المسلمين.

    فهذا هو طريقُ السلفِ في تربيةِ الناسِ على التوحيد, خلافاً لِمَا يسلُكُه بعضهم, فتراه يتكلمُ عن التوحيد بعمومياتٍ لا تحصلُ منها الفائدة, ويتقصدون الإجمالَ دونَ التفصيل, فيأمرون بالتوحيدِ لكنهم لا يُبَيِّنون أنواعَه, ويُحذِّرون من الشركِ لكنهم لا ينصّون على أفرادِه, ولهذا تنتشر البدعُ والشركياتُ في أتباعِهم, وتراهم لا يُفرقون بين أهلِ السنةِ وأهلِ البدعة, فيقتدون بهؤلاءِ تارةً وبأولئك تارةً أخرى, فلا تمييزَ عندهم بين دعاةِ السنةِ ودعاةِ البدعة.

    سادساً/ ومما تميزَتْ به هذه الدعوة: توقيرُ السلفِ والعلماءِ ومحبتُهم.

    سابعاً/ ومما تميزَتْ به: الترغيبُ في تعلمِ الكتابِ والسنةِ بفهمِ السلفِ الصالح.

    ونشَّئوا الشبابَ والعامةَ على هذا, لأنَّ العزَّ والنصرَ والسيادةَ وسلامةَ الدعوةِ لا تكونُ إلا بالفقهِ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم, ولهذا قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [تَرَكْتُ فِيْكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدَاً كِتَابَ اللهِ وسُنَّتِي] رواه الإمامُ مالك والحاكم وحسَّنه العلامةُ الألبانيُ غفرَ اللهُ للجميعِ وأسكنَهم فسيحَ جناتِه.

    اللهم يا حيُّ يا قيومُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ, اللهم إنَّا نسألُك الهدى والتقى والعفافَ والغِنى, ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النار.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •