صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 34

الموضوع: أرشيف سلطان بن عبدالرحمن العيد

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    رسالة إلى عسكر الإسلام







    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة


    أما بعد : فاللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين سفكت دماءهم وأزهقت أرواحهم ورملت نسائهم ويتم أطفالهم.. اللهم انتقم لهؤلاء المظلومين ، اللهم خذ بثأرهم ممن ظلمهم.. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يا أهل الحرمين الشريفين ، يا أهل التوحيد والسنة ، أبشروا وأملوا خيراً ؛ فإن ربكم سبحانه وتعالى هو الرؤوف الرحيم وهو الحكيم العليم له الأمر من قبل ومن بعد وله الحكمة البالغة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. كم هو مؤلم ومحزن ما نراه من سفك للدماء وانتهاك للحرمات وتعدٍ على عباد الله وظلم عظيم فظيع،ولكن الأمر كما قال أحكم الحاكمين :" لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " .

    إن هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا،رسالة إلى من بذلوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام فهم والله المجاهدون حقاً: جهاد على التوحيد والسنة،جهاد على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غدر فيه ولاظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر،إنه والله من أعظم العبادات وأجل القربات : رباط على حدود بلاد الحرمين أعزها الله وحفظ للأنفس والأموال والأعراض وانتصار للمظلومين ورد لكيد المفسدين " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" قال مجاهد في رواية : ومن أحياها : أي أنجاها من غرق أو من حرق أو هلكة . وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعا . ومن حرّم دم مسلم فكأنما حرّم دماء الناس جميعا ، واستظهره الحافظ ابن كثير. وهي أيضاً رسالة إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعا جنود لنصرة الدين، وكلنا رجال لحفظ أمن هذه البلاد فإن أمنها أمن للمسلمين كلهم، إذ كيف يقام الدين ويفد الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فقد الأمن ؟.

    معاشر المؤمنين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " ،إن العاملين لنصرة هذا الدين كُثر ولله الحمد والمنة منهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين، الساهرون على أمنها في القرى والبوادي، الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة للدين وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والصعاب! فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين .

    يا عسكر الإيمان والقرآن ، إن أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا؛ فإنكم على عمل صالح يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في "صحيح الجامع" لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان :

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" عينان لا تمسهما النار أبداً:عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله "،وفي حديث آخر :" وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر ". وقال صلى الله عليه وسلم :" قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة ( أي : شُمم رائحتها ) ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار ". وقال صلى الله عليه وسلم :" موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم . فاحمدوا الله على نعمه الظاهرة والباطنة، واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم ، فاللهم اجزهم خير الجزاء وأعظم أجورهم يا أرحم الراحمين.

    يا جنود الإسلام وعسكر القران ، أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين ، أنتم حراس البيت العتيق، والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام كم يدفع بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد . يا عسكر الإسلام أنتم حراس العقيدة في بلاد قال فيها الشيخ ابن باز غفر الله له :" هذه الدولة السعودية دولة إسلامية ولله الحمد ، تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر ، وتأمر بتحكيم الشرع ، وتحكمه بين المسلمين ".وقال غفر الله له :" العداء لهذه الدولة عداء للحق ، عداء للتوحيد ، فأي دولة تقوم بالتوحيد الآن" . انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" البلاد كما تعلمون بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية ". وقال الشيخ الفوزان عن هذه الدولة ودعوتها السلفية :" لها أكثر من مئتي سنة وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد ، وتسير على الطريق الصحيح ، دولة قائمة على الكتاب والسنة ، ودعوة ناجحة لاشك في ذلك ". ا.هـ .

    وقال الشيخ الألباني رحمه الله :" أسال الله أن يديم النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين ، وأن يحفظ دولة التوحيد برعاية خادم الحرمين الملك فهد وأن يطيل عمره في طاعة وسداد أمر وتوفيق موصول" .

    وقال محدث اليمن العلامة مقبل بن هادي الوداعي رحمه الله :" يجب على كل مسلم في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومة ولو بالكلمة الطيبة ، فإن أعداءها كثير من الداخل والخارج … وعلماء السوء يتكلمون في الحكومة السعودية وربما يكفرونها … وهؤلاء الحزبيون شر ، هم يهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا ، فينبغي ألا يمكنوا من شئ وألا يساعدوا على باطلهم ". وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :" من أواخر الدولة العباسية إلى زمن قريب والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة ، ولهذا نعتقد أن هذه الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدة السلف الصالح بعد مدة من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلة من الناس ".اهـ.

    يا عسكر الإسلام : إن رباطكم وجهادكم وصدكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في الحرمين، إن ذلك والله عبادة وقربة إلى الله سبحانه ، وأنتم يا عسكر القرآن على الحق والسنة وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرؤن على سفك الدم الحرام في البلد الحرام وغيره انهم والله على الباطل ،أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد لما اجتمع المحمدان: ابن عبد الوهاب وابن سعود وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة فهدى الله من شاء من عباده وعاد لجزيرة العرب عزها بهذه الدعوة السلفية المباركة ، وسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذب عنها بالنفس والمال – سلفكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد ابن عبد الوهاب ومحمد ابن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد . فهنيئاً لكم عسكر القرآن فإن الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمن اشتدت فيه غربة السنة وأهلها "فطوبى للغرباء" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والغرباء هم الذين يَصلُحون إذا فسد الناس ويُصلِحون ما أفسد الناس من السنة ، فأنتم والله مُصلِحون ، ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودمائهم وأعراضهم . بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء، وأما هؤلاء الذين يكفروننا ويستبيحون دمائنا ، ويفجرون في بلاد الإسلام ، ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين ، ويكفرون الحاكم والمحكوم ، ويخيفون الآمنيين البرآء ، فلم يسلم من شرهم أحد وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنا ببعيد ، وأما تفخيخ المصاحف فأمر عجيب .أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثام وضلالات و حزبيات الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية ، نشأتم بحمد الله على الدعوة الإصلاحية التي قام بها المجدد محمد ابن عبد الوهاب، دعوة على منهاج النبوة وعلى ما كان عليه السلف الصالح ، وهؤلاء ضلاّل سلكوا سبيل أهل البدع ، كما صرح علمائنا الأعلام ، فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أصحاب تفجير العليا والخبر :" الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث ، منهج الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين ".

    ولما سُئل الشيخ الفوزان عمن يجيزون قتل رجال الأمن وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتاوى منسوبة لأحد طلاب العلم ويحكمون على رجال الأمن بالردة ، أجاب حفظه الله بقوله :" هذا مذهب الخوارج ، فالخوارج قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر وعمر وعثمان فالذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا يقتل رجال الأمن هذا هو مذهب الخوارج والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم ". اهـ. ولما سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز ابن باز غفر الله له: عمن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية أجاب رحمه الله بقوله :" هذا دين الخوارج والمعتزلة ، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية، … ولا يجوز لأحد أن يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك لأن هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء ، والذي يدعو إلى ذلك – هذا هو دين الخوارج – يستحق أن يقتل ؛ لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا والواجب الحذر من هذا غاية الحذر ، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة بين المسلمين ".اهـ .

    ولما قيل للشيخ صالح الفوزان : هل في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج ؟ أجاب أعزه الله ورفع قدره فقال :" يا سبحان الله ، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج ، وهو تكفير المسلمين ، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم ، هذا مذهب الخوارج وهو يتكون من ثلاثة أشياء : أولاً : تكفير المسلمين . ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر . ثالثاً : استباحة دماء المسلمين ، هذه من مذهب الخوارج حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً ، صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه ".اهـ. وسُئل حفظه الله أيضاً عمن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد ويقول : لا يشترط للجهاد إمام ولا راية ؟ فأجاب أحسن الله إليه بقوله :" هذا رأي الخوارج ، أما أهل السنة فيقولون : لا بد من راية ولا بد من إمام ، هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي يفتي بأنه لا إمام ولا راية وكل يتبع هواه ، هذا رأي الخوارج ".اهـ.

    ولما عرض على فضيلته قول بعضهم : إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفر بالله . رد حفظه الله ورعاه بقوله :" هذا كلام جاهل يدل على أنه ليس عنده بصيرة ولا علم وأنه يكفر الناس ، وهذا رأي الخوارج وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة ، نسأل الله العافية ". اهـ.

    وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ ابن باز حول حادث تفجير العليا :" إن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام وتحذر من نزعات السوء ومسالك الجنوح الفكري والفساد العقدي ".اهـ. وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخبر : "هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة" . الخوارج يكفرون المسلمين بالكبائر ثم يستبيحون دمائهم وأمولهم ونساءهم ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه زعموا وهم يردون السنة بظاهر القرآن وهم شر الخلق والخليقة، وفتنتهم من أعظم الفتن لأنهم يُلبسونها لباس الدين والجهاد وإنكار المنكر والغيرة على المحارم، فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام فيوردونهم المهالك ، وكم جروا على أمة الإسلام من المصائب والبلايا ، دماء تسفك ، وأشلاء تتناثر ، وتفريق للجماعة ، وشق لعصا الطاعة ، وإثارة للفتن بل وتعطيل للجهاد لاشتغال الأمة بهم! فأفسدوا الدين والدنيا وخربوا البلاد وروعوا العباد وخالفوا عقيدة أهل السنة السلفيين، فاللهم اكفناهم بما تشاء إنك أنت السميع العليم .

    يا عسكر القرآن والإيمان ، ويا أهل التوحيد والسنة دعونا من أباطيل المخذلين الذين يهونون من شأن هذه الأفعال الشنيعة ويعتذرون لأهلها بأعذار تنبئك عما في قلوبهم ، ويل لهم من قوله تعالى : " ولا تكن للخائنين خصيماً " وقوله عز وجل : " هأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً " .

    دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين ويزنون بميزانين ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة لتبقى منساقة تابعة لهم بدعوى أنهم:هم الذين يغارون على الدين،ويفقهون الواقع، وينطقون بالحق ولا يخافون لومة لائم، وأنهم مظلومون مضطهدون، وأنهم مفكرون إسلاميون ومشايخ صحوة ودعاة إصلاح وحوار ومطالبة بالحقوق، فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات ليصرفوهم عن علمائهم الربانيين وولاة أمرهم،وذلك أنهم يربون الأمةعلى أن الحكام طغاةأوعلمانيون أو كفار ولوكانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ثم يفرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر! فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع وفي أبراج عاجية ولا يلتفون حول الشباب ولاينطقون بالحق وأسكتتهم الفلا والسيارة ، وهيئة كبار العلماء مغيبة منذ ثلاثين سنة ، أوأن بياناتها تصدر متأخرة مع الإحترام ـ كما يقولون – لهيئة كبار العلماء!؟ .

    دعونا من هؤلاء فإنهم والله خراب السفينة ، ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه ، وأذكرك قبلها بأن الخوارج يردون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل إمامهم ذو الخويصرة ، حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالاً ، فقال يا رسول الله اعدل فإنك لم تعدل ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " فقال عمر : يارسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال : " دعه ، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية " . خرجاه في الصحيحين . ( أخرجه البخاري3610،ومسلم1064) . فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج ، وبماذا وصفهم ، وبماذا حكم عليهم ، وبماذا بشّر من يكف شّرهم عن أهل الإسلام ؟، إن للخوارج صفات ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن صفات الخوارج:

    1_ الجرأة على العلماء بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذلك الرجل : يامحمد اعدل ، وقال : يارسول الله اتق الله ، فعندهم جرأة على من خالفهم ولو كان من أهل الفضل والعلم ،بل ولو كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده ( 4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان ، قال كنا مع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يُقاتل الخوارج ، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج ، فناديناه : يافيروز ، هذا ابن أبي أوفى . قال الغلام الخارجي : نعم الرجل ـ يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه ـ لو هاجر ! ـ يعني إلى الخوارج ـ قال ابن أبي أوفى : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر . فقال : هجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طوبى لمن قتلهم وقتلوه " . حديث حسن . فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا ، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة ويهاجر إليهم وينضم إلى حزبهم ولو كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    2_ ومن صفاتهم : صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن : تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وقراءتكم مع قراءتهم وصيامكم مع صيامهم لكنهم والعياذ بالله يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فلا تغتروا بزهدهم المزعوم وتشددهم في أمور ، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة وتمسكه بالمنهج السلفي ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكاءهم : " هم شر الخلق والخليقة " خرجه مسلم (1067) .وفي صحيح مسلم أيضاً (1066): أنهم من أبغض خلق الله إليه.

    3- ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة . في صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية ـ يعني الخوارج ـ لما خرجت وهو مع على ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل !وصدق رضي الله عنه ، فكم من كلمة حق أريد بها باطل ، فلا تغتروا بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين . الخوارج كفّروا علياً رضي الله عنه ومن معه بعد قضية التحكيم واستباحوا دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأموالهم ؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين ويلبّسون على الناس بذلك .

    4_ ومن صفاتهم : الجهل بالكتاب والسنة ، وسوء الفهم لمعانيهما ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم "(رواه مسلم1066) . وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء وترفعهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حلقهم ؛ لأنهم كما يظنون : أوصياء على العلماء !.. هكذا يفعل الجهل بصاحبه .

    5_ ومن صفاتهم : استباحة دماء المسلمين والمعاهدين واستحلال أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم : ففي صحيح مسلم أن علياً حرض المسلمين على قتال الخوارج لما نزعوا البيعة وأفسدوا في الأرض ، فقال بعد أن ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الإسلام : أيها الناس ، تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم ، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح المسلمين فسيروا على اسم الله " ( مسلم 1066) . وفي مسند الإمام أحمد(1/86) : أن عائشة رضي الله عنها ، قالت لعبد الله بن شداد : وهل قتلهم علي رضي الله عنه تعني الخوارج ، قال : والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم ، واستحلوا أهل الذمة " والحديث يدل على خصلة من خصال الخوارج : وهي استحلال دماء أهل الذمة ؛ لأنهم يرون أن الذي أعطاهم العهد والأمان ولي الأمر وهو عند الخوارج كافر . وكان علي رضي الله عنه قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهد وأمان . ففي الحديث المتقدم : أن علياً بعث إلى الخوارج قبل أن يقاتلهم فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراما أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا ذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين " .

    6_ ومن صفاتهم : أنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ". خرجه البخاري (3611،ومسلم1066). ومن فضل الله أنه لا يكون معهم أحد من أهل العلم والفضل والسنة ، وأما الذي يدافع عنهم فهو منهم ولا كرامة : فقد أورد العلامة الوادعي أثراً عن ابن عباس وحسن إسناده، أنه رضي الله عنه لما جادل الخوارج قال لهم : ما تنقمون على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن ، وليس فيكم منهم أحد ، وهم أعلم بتأويله " . ( صعقة الزلزال 2/ 392) .

    7_ ومن صفات الخوارج : الطعن في العلماء وصرف الشباب عن مجالسهم ؛ لأن الشباب إذا أخذوا عن العلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبة في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم ، وبغضهم للخوارج ؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال؛ في مسند الإمام أحمد ( 1/86) : أن علياً رضي الله عنه بعث عبد الله بن عباس إلى الخوارج ، فلما توسط عسكرهم ، قام ابن الكواء وكان آنذاك خارجياً ، قام يخطب الناس ويحذرهم من ابن عباس ، فقال : يا حملة القرآن ، إن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه ، هذا ممن نزل فيه وفي قومه : ( بل هم قوم خصِمون ) ، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله ) . وفي زمننا تحجب فتاوى العلماء عن الشاب المسلم والفتاة المسلمة ، تحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة وكتبها، وتحجب فتاواهم في أئمة الضلالة في زماننا ورموز الحزبية ، وكثير من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي تدعي بعضُها أنها كبرى الجماعات أو الجماعة الأم، وما علم بتحذير العلماء منها إلا بعد أن وقعت المصيبة ، وحلت البلية ، فحسبنا الله على من يغيب فتاوى العلماء عن الشباب ويربيهم على الحزبية والعنف والتطرف .

    8_ ومن صفاتهم : خذلان الله لهم وأنه يبطل كيدهم ويقطع دابرهم ، فلا يقوم لهم عز ولا سلطان لأنهم مفسدون مخالفون للسنة ، ومن خالف السنة فهو في وحشة وغربة ، ومآله أن يتخلى عنه أحبابه وأصحابه ، ولله الأمر من قبل ومن بعد : فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينشأ نشأ يقرؤون القرآن لايجاوز تراقيهم ، كلما خرج قرن قطع".قال ابن عمر رضي الله عنه:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلما خرج قرن قطع ، أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال" رواه ابن ماجه(1/61). ومن لطف الله بأهل السنة :أن الذل مصاحب للخوارج لأنهم أعرضوا عن السنة ورضوابالبدعة،فأهل السنة ظاهرون عليهم منصرون بإذن الله: في صحيح مسلم (1066)من حديث زيد بن وهب الجهني قال :لما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي ،فقال لهم :ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم ، وسلوا السيوف ، وشجرهم الناس برماحهم، قال:وقتل بعض الخوارج على بعض ، وما أصيب من الناس _يعني أهل السنة_ يومئذ إلا رجلان".

    وأما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج فقد أفصح عنه بقوله : " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود " خرجاه في الصحيحين .(البخاري 4351، مسلم 1064) وخرجا أيضاً من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " .وقال علي رضي الله عنه : لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل ". رواه مسلم (1066).

    و روى أيضاً عنه(1066) رضي الله عنه أنه قال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج : " طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه " رواه الإمام أحمد . قال أبو غالب : لما أتي برؤوس الأزارقة _ وهم فرقة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق_ فنصبت على درج دمشق ، جاء أبو أمامة رضي الله عنه فلم رآهم قال : كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار ، هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء ، وخير قتلى قُتِلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء ، فقيل له : أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار ، أو شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث ، قال : فعد مراراً . رواه الإمام أحمد .

    وأما الحوار مع الخوارج ومجادلتهم ، فمرد ذلك إلى السلطان ، إن رأى المصلحة في مجادلتهم فإنه يرسل إليهم أهل العلم ، إذا كانوا بمكان معروف ، فأما من كان مختفياً فكيف نحاوره بالله عليكم ؟ . فقد ثبت عن ابن عباس أنه قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، لعلّي أدخل على هؤلاء القوم ـ يعني الخوارج ـ فأكلمهم . فقال علي : إني أخافهم عليك . فقال ابن عباس : كلا ، وكنت رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً فأذن له علي في مجادلتهم .رواه الفسوي1/522بسندحسن،قاله العلامة مقبل الوادعي في كتابه " الصعقة" وعند الإمام أحمد ( 1/86): أن علياً بعث إليهم ابن عباس ليجادلهم .

    فانظروا كيف أن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما رد الأمر إلى السلطان فلم يحاورهم إلا بإذن منه ، فرجع منهم من رجع . وعلي رضي الله عنه إنما جادل الخوارج قبل أن يسفكوا الدم الحرام ويستحلوا محارم الله ، فإنهم لما فعلوا ذلك لم يحاورهم بل استعان بالله وقاتلهم .ففي المسند ( 1/86): أن علياً رضي الله عنه بعث إلى الخوارج فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .

    ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن إذا كانوا في مكان ظاهر تحدثهم ويحدثونك كما حصل لابن عباس رضي الله عنهما لما ذهب إليهم وهم ستة آلاف قد اجتمعوا في مكان واحد فجادلهم ، وأما إن كانوا مختفين يعملون في سرية فكيف نحاورهم !

    ثم إن الخوارج زمن علي كانوا يظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون ، أما في زماننا فكيف تحاور من إذا جدّت الأمور تدثر بالتقية ، وقال : أنا أدين بالولاء وأحب العلماء ووالله وتالله وبالله ما قلت وما فعلت وأبرأ إلى الله من فلان وفلان . كيف تحاور من يُوَجّهون عبر خطابات القنوات الفضائية فيقال لهم : استعينوا على حوائجكم بالكتمان . كيف تحاور من أضجعك لينحرك والسكين في يده وهو يقول بسم الله وفي سبيل الله اللهم تقبل قرباني ؟! . إن الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوة مشبوهة . ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن قبل سفك الدماء واستحلال المحارم ، فإن فعلوا ذلك فسنة علي ولي الأمر زمن ابن عباس واضحة جلية : فقد بعث إليهم فقال: بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .

    ولهذا قالت هيئة كبار العلماء في آخر بياناتها حول الأحداث : إن مجلس هيئة كبار العلماء يؤيد ما تقوم به الدولة أعزها الله من تتبع لتلك الفئة الضالة والكشف عنهم ؛ لوقاية البلاد والعباد شرهم ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين وحماية بيضتهم ، ويجب على الجميع أن يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير ؛ لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) ، ويحذر المجلس من التستر على هؤلاء أو إيوائهم ، فإن هذا من كبائر الذنوب ، وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :" لعن الله من آوى محدثاً " وقد فسر العلماء ( المحدث ) في هذا الحديث بأنه من يأتي بفساد في الأرض ، فإذا كان هذا الوعيد الشديد فيمن آواهم فكيف بمن أعانهم أو أيد فعلهم . انتهى . ثم صدر تصريح من ولاة الأمر بأن ما ادُّعي من حوار مع هؤلاء الإرهابيين لا صحة له جملة وتفصيلاً وأنه لا توجد نية لفتح حوار مع أي نوع من الإرهابيين . وإن مما يُعجب منه أن بعض الناس ما صدرت منه كلمة في تأييد عسكر الإسلام في مقاومتهم للباطل .. قُتل منهم من قُتل ، وفُجِّر من فُجِّر فرُمِّلت نسائهم ويتّم أطفالهم وفقدهم آباءهم وأمهاتهم ، ومع كل هذه المآسي كأن شيئاً لم يكن عند بعض الناس ، بل قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم في الدفاع عن أولئك القتلة الضلال ، وما من عذر إلا أتوا به ولا تبرير إلا طرحوه زوراً وبهتاناً فمرة يقولون السبب الحكومة ومرة يقولون السبب علمائنا الأخيار ومرة يقولون سبب هذه الجرائم ضياع الحقوق ، ومرة يقولون سببها عدم تحكيم الشريعة ، ومرة يقولون سببها البطالة ومرة يقولون كبت الحريات ومرة يقولون سببها القوات التي استعنا بها على رد عدوان من أرادنا بسوء ـ وقد رحلت ولله الحمد ـ ومرة يقولون إنكم موالون للكفار ، ومرة يقولون إنكم تحاربون الدعاة ، ومرة يقولون فكر مستورد ومرة يقولون شباب مغرر بهم ، ومرة يقولون لا تطاردوهم ولا تُلاحقوهم ولا تقبضوا عليهم بل حاوروهم، ومرة يقولون إنهم يريدون التعبير عن إنكار المنكرات ، ومرة يقولون اجلسوا أنتم وهم على مائدة المفاوضات ، ومرة يقولون إخواننا وفيهم خير كثير وحصل منهم مجرد خطأ!!؟ . إلى غير ذلك من التبريرات الباطلة التي لا تُستباح بها دماء المسلمين والمعصومين ، قال تعالى : ( ولا تكن للخائنين خصيماً) .

    ونحن سنتكلم هذه المرة ونقول: إن سبب هذا الفكر المنحرف وهذا التطرف والتكفير والتفجير ، ومعاداةٍ هذه الفئة لرجال الأمن الموحدين ، السبب في سفك هذه الدماء باسم الدين هم أولئك الذين شحنوا الشباب وهيجوهم عبر محاضراتهم الصاخبة وأشرطتهم الملهبة وإليكم بعض مقولات من يدّعون الإصلاح والحوار والدعوة والجهاد وقيادة الصحوة ، هذه مقولات من يبررون الإرهاب ويضللون الرأي العام لتعلموا أنهم يبررون لمآرب أخرى : هاهو أحدهم يقول مهيجاً شبابنا على بلادنا يقول : " لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا، وفشا المنكر في نوادينا ، ودُعي إلى الزنا في إذاعاتنا وتلفزيوننا ، واستبحنا الربا " إلى آخر كلامه . فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا ، أما أكلة الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرة وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنظّر، وأما قوله ( لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا ) فأترك التعليق عليه لكم . وقال غيره في شريط له وهو يتحدث عن مجتمعنا : " إن كثيراً من مجتمعنا استحلوا الربا …" ثم حذر من انتشار المعاصي وقال :" إن الكثير قد استحلوا هذه الكبائر " . فيا عقلاء الأمة ، إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر فهو مجتمع كافر ، كما فهم أولئك الشباب وعليه حملوا السلاح ضد من اعتقدوا كفرهم .

    وهذا ثالث يحرض على المظاهرات الغوغائية فيقول :" والذي نفسي بيده لقد خرج في الجزائر في يوم واحد سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجبة يطالبن بتحكيم شرع الله " . فيالها من مصيبة ، شيخ الصحوة يطالب النساء بالخروج في المظاهرات ومواجهة رجال الأمن بصدورهن . فرفقاً رفقاً بالقوارير . ولك أن تتصور أثر هذا التهيج على شبابنا وبناتنا .

    واستمع لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم دون استثناء ، يقول :" إن الرقعة الإسلامية أصبحت نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغير سلاح … ولابكاء ولا دموع على هذه الأرض الإسلامية التي أصبحت تحكم بالمنافقين " .ثم قال :" وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طول بلاد الإسلام وعرضها طالما رفع هؤلاء شعار الدين والحكم بالإسلام وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عليها قدر أنملة ، فإذا بهم يحكمون الضربة (أو القبضة) من خلال هذا الكلام " .الله أكبر ! هذا كلام بعض من يدعون الإصلاح والدعوة وإنكار المنكر لكنهم شذّوا عن دعوتنا السلفية المباركة . قولوا بربكم ما أثر هذا الكلام على شبابنا ؟

    وهاهو أحدهم يقول بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء بجواز الإستعانة بالقوات الأجنبية لحماية بلاد الحرمين ، هذا الذي هو من جلدتنا ويتكلم بلساننا كان يقول عن قضية الخليج :"لقد كشفت عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة وموثوقة للمسلمين". فإذا كان ابن باز وابن عثيمين غير موثوق بهما فمن يوثق به ، وهل سيقبل الشباب بمحاورة هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم .

    إن هذه الأحداث تستدعي منا النظر في واقع ما يسمى بالصحوة_مع التحفظ على هذا المصطلح_،وتستدعي النظر في بعض الرموز التي تغذي هذا الفكر لعلاجها وفق الشريعة الإسلامية؛نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم . وأما من تورط في هذه التفجيرات وسفك الدماء ، وأعان عليها فيقال لهم:"واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون". يا معاشر الشباب ، ها قد فجرتم في بلاد الحرمين ، وسفكتم الدم الحرام ، فأزهقت أرواح الأطفال والنساء والعجائز من المسلمين والمعصومين ، فما النتيجة ؟ هل نُصر الدين وأهله بهذا التفجير ؟ هل حسنت صورة المسلمين ؟ من المتضرر دول الكفر أو نحن ؟ من الذي أخيف وأفزع وروّع نحن أم هم ؟

    يا معاشر الشباب توبوا إلى الله قبل الممات ، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب إليه وأناب ، أتظنون أن هؤلاء القتلى لن يطالبوا بحقهم بين يدي الله يوم القيامة ؟ حين تنصب وتوضع الموازين ويقال : لا ظلم اليوم ، فيقتص للمظلوم من ظالمه ، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء فيأخذ المقتول حقه وما ربك بظلام للعبيد .

    يا معاشر الشباب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وهذه الأمة أمة مرحومة،قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فأين الشفقة والرحمة؟ ، ألا ترحمون آباءكم وأمهاتكم، فهم والله منذ فراقكم ما بين خوف عليكم وخوف منكم ، فَتُشقِي والديك حياً وميتاً. يا معاشر الشباب توبوا إلى الله واستغفروه وألقوا السلاح ، وكفوا عن الدماء وتذكروا قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عابداً هل له من توبة فقال لا ، فقتله وكمل به المائة ، ثم سأل عالماً _ وهذا هو الواجب أن تسأل العالم لا العابد الجاهل بدينه_: سأل عالماً هل له من توبة قال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ، ثم أمره أن يرحل إلى بلد يعبد الله فيه فهاجر إليه فحضره الأجل في الطريق فقبضته ملائكة الرحمة لما جاء تائباً مقبلاً إلى الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " .

    ألا ترون إلى من غركم كيف تبرأ منكم ؟ فقدتم صالح الإخوان ووالله لن تجدوا من أمرائكم بدلاً! .

    يا معاشر الشباب إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، ومن تاب تاب الله عليه ، فلا يغرنكم من يريد أن يطيل مدة شقاءكم مطالباً بالحوار ومبرراً لتزيدوا من الإثم والعدوان وهو المستفيد لا أنتم .

    وأنتم معاشر الآباء والأمهات انتبهوا لأبناءكم وانظروا من يصاحبون وماذا يملى عليهم في الاستراحات والمخيمات البعيدة عن الأنظار ، وكتبَ مَنْ يقرءون وأشرطة مَنْ يسمعون.

    ·وأما واجب المعلمين والمعلمات فعظيم عظيم ، اتقوا وأحسنوا إلى أبناء المسلمين وبناتهم ، علموهم السنة وحذروهم من الجماعات الدعوية الحزبية المضلة ، رغبوهم في لزوم الجماعة وحذروهم من البدعة والمنازعة ، واربطوهم بالعلماء الربانيين أهل الفقه والأثر والفتيا والعقل الراجح والدعوة إلى منهج السلف .

    ·وأنتم يا حملة الأقلام ورجال الإعلام : اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، لا تفتحوا الباب لدعاة الفتنة ، ولا تضخموا من كان سبباً في هذا الداء ، واعلموا أن وقع الكلمة في هذا الوقت أعظم من وقع السيف . فتأملوا فيمن تحاورونه وتقدمونه إلى الجماهير عسى الله أن يبارك في الجهود وينصر دينه ويعظم الأجر لمن كان من المصلحين.


    الشيخ سلطان بن عبدالرحمن العيد

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    يا أهل الحرمين وعسكر الإسلام



    تمهيد// حرمة دم المسلم)
    الحمد لله القائل في محكم التنزيل: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32), وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

    فاللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, اللّهم اغفر لإخواننا الذين سُفِكَتْ دماؤهم, وأُزْهِقَتْ أرواحُهم, ورُمِّلتْ نساؤهم, ويُتِّمَ أطفالُهم, اللّهم انتقم لهؤلاء المظلومين, وخذ بثأرهم ممن ظلمهم.

    يا أمة محمدٍ , يا أهل الحرمين الشريفين, يا أهل التوحيد والسنة: أبشروا وأمِّلوا خيراً, فإنَّ ربَّكم هو الرؤوف الرحيم, وهم الحكيم العليم, له الأمر من قبلُ ومن بعدُ, وله الحكمة البالغة, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له , إنْ أصابتْه سراءُ شكر فكان خيراً له, وإنْ أصابتْه ضراءُ صبر فكان خيراً له.

    كم هو والله مؤلمٌ ومحزنٌ ما نراه من سفكٍ للدماء, وانتهاكٍ للحرمات, وتعدٍ على عباد الله وظلمٍ عظيمٍ فظيعٍ, ولكنَّ الأمر كما قال ربُّنا وهو أحكم الحاكمين: {لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور: من الآية11).

    إنَّ هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا, رسالة إلى من بذلوا أنفسهم في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام, فهم والله المجاهدون حقاً, جهادٌ على التوحيد والسنة, جهادٌ على هدي رسول الله , لا غدر فيه ولا ظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر, إنَّه والله لمن أعظم الطاعات وأجَّل القربات, رباطٌ على حدود بلاد الحرمين الذي أعزَّها الله, وحفظٌ للأنفس والأموال والأعراض, وانتصارٌ للمظلومين, وردٌّ لكيد المفسدين: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32). قال مجاهدٌ ــ غفر الله له ــ في رواية: (ومن أحياها, أي: نجاها من غرق أو حريق أو هلكة), قال سعيد بن جُبير: (من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً, ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً), واستظهره الحافظ ابن كثير ــ غفر الله له ــ وهي أيضاً رسالةٌ إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعاً جنودٌ لنصرة الدين, وكلنا رجالٌ لحفظ أمن هذه البلاد,وذلك أنَّ أمنها أمنٌ للمسلمين كلهم, إذ كيف يُقام الدين, ويَفِدُ الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فُقِدَ الأمن, يقول رسول الله : "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (1) , أنَّ العاملين لنصرة هذا الدين كُثرٌ ولله الحمد والمنة, ومنهم جنود الإيمان المرابطون على ثغور بلاد الحرمين, الساهرون على أمنها في القرى والبوادي, هجروا أهلهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبةً لله ولرسوله ونصرةً للدين وطاعة لأولي الأمر, كم ينالهم من نصب وتعب؟؟ فاللّهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين.

    (فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان)

    يا عسكر القرآن والإيمان: إنْ أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا, فإنَّكم على عمل صالح, وهاكم بعض أحاديث الحبيب المصطفى والخليل المجتبى محمد في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في صحيح الجامع, لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان, يقول رسول الله : "تكفل اللهُ لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا لجهاد في سبيله وتصديقُ كلماتِه بأنْ يدخله الجنة, أو يُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ وغنيمة" (2) , وقال رسول الله : "عينان لا تمسهما النار أبداً, عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله" (3) , وفي حديث آخر: "وعينٌ باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر" (4) , وقال رسول الله : "قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خيرٌ من قيام ستين سنة" (5) , وقال رسولُ الله محمدٌ : "رباطُ شهرٍ خيرٌ من صيام دهر, ومَنْ ماتَ مرابطاً في سبيل اللهِ أَمِنَ من الفزع الأكبر, وغُدي عليه برزقه, وريحاً من الجنة ــ أي: شم رائحتها ــ ويجري عليه أجرُ المرابطِ حتى يبعثه الله " (6) , وقال الحبيب المصطفى محمدٌ: "ما اغْبَرت قدما عبدٍ في سبيل الله إلا حَرَّم اللهُ عليه النار" (7) , وقال أيضاً مُبشراً أهل الجهاد والرباط: "مَوقفُ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلةِ القدر عند الحجر الأسود" (8). إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة عنه .

    فاحمدوا اللهَ على نعمه الظاهرة والباطنة, واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم, فاللّهم اجْزِهم خيرَ الجزاء, وأَعْظِمْ أُجورَهم يا أرحم الراحمين.


    (فضل الدولة السعودية حرسها الله وثناء العلماء عليها)

    يا جنود الإسلام وعسكر القرآن: أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين, أنتم حُراس البيت العتيق, والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام, كم يدفعُ اللهُ بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد.

    يا عسكر الإسلام والقرآن: أنت حُراس العقيدة في بلادٍ

    قال فيها العلامة ابنُ بازٍ ــ غفر الله لـه ــ: (هذه الدولة السعودية دولةٌ إسلاميةٌ والحمدُ لله, تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, وتأمرُ بتحكيم الشرع وتُحكمه بين المسلمين). وقال ــ غفر الله لـه ــ: (العداءُ لهذه الدولةِ عداءٌ للحقِّ, عداءٌ للتوحيد, وأيُّ دولةٍ تقومُ بالتوحيد الآن).

    وقال العلامة ابن عثيمين ــ غفر الله لـه ــ: (البلادُ كما تعلمون بلادٌ تحكمُ بالشريعة الإسلاميةِ ولله الحمد والمنة).

    وقال فيها الشيخ الفوزان ــ غفر الله لـه وأصلح عمله ورفع قدره ــ قال عن الدولة ودعوتها السلفية: (لها أكثر من مائتي سنة, وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد وتسير على الطريق الصحيح, دولةٌ قائمةٌ على الكتاب والسنة, ودعوةٌ ناجحةٌ لا شك في ذلك).

    وقال العلامة الألباني ــ غفر الله لـه ــ: (أسألُ اللهَ أن يُديمَ النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين, وأن يحفظَ دولةَ التوحيدِ برعايةِ خادمِ الحرمين الشريفين).

    وقال محدث اليمن العلامة مقبلٌ الوادعي: (يجبُ على كل مسلمٍ في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومةِ ولو بالكلمةِ الطيبة, فإنَّ أعدائها كثيرٌ من الداخلِ والخارجِ, وعلماء السوء يتكلمون بالحكومة السعودية وربما يُكفرونها, وهؤلاء الحزبيون سرّ, هم يُهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا, فينبغي أن لا يُمكنوا من شيءٍ وألا يُساعَدوا على باطلهم).

    وقال العلامة حمادٌ الأنصاريُ ــ غفر الله لـه ــ: (من أواخر الدولة العباسية إلى زمنٍ قريب, والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة, ولهذا نعتقد أن الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدةَ السلف الصالح, بعد مدةٍ من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلةٍ من الناس).

    (جهاد الخوارج عبادةٌ وقربةٌ إلى الله )

    يا عسكر الإسلام والقرآن: إنَّ رباطكم وجهادكم وصدَّكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في بلاد الحرمين, إنَّ ذلك والله عبادةٌ وقربةُ إلى الله , فأنتم يا عسكر القرآن على الحقِّ والسنة, وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرئون على سفك الدم الحرام في بلاد الحرام وغيره, إنَّهم والله على الباطل, أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله, تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد, لمَّا اجتمع المحمدان ابنُ عبد الوهاب وابن سعود, وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة, فهدى الله من شاء من عباده, وعاد لجزيرة العرب عِزُّها بهذه الدعوة السلفية المباركة, فسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذبّ عنها بالنفس والمال, سلفكم محمدٌ رسول الله وصحابتُه الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد وغيرها, فهنيئاً لكم عسكر القرآن, فإنَّ الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمنٍ اشتدَّت فيه غربة السنة وأهلها, ?"طوبى للغرباء" كما قال رسولُ الله محمدٌ , والغرباءُ هم الذين يصلحون إذا فسد الناس, ويصلحون ما أفسد الناس من السنة فأنتم والله مصلحون, ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودماءهم وأعراضهم, بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء.

    وأما هؤلاء الذين يُكفروننا, ويستبيحون دماءنا, ويُفجرون في بلاد الإسلام, ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين, ويُخيفون الآمنين البُرءاء, فلم يَسْلَمْ من شرهم أحد, وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنَّا ببعيد, وأما تفخيخ المصاحف فأمرٌ عجيب, إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

    أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون, وهؤلاء ضُلال, أنتم سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثامِ وضلالاتِ وحزبياتِ الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية, نشأتم بحمد الله على الدعوةِ الإصلاحية التي قام بها الإمامان المجددان, دعوةٌ على منهاجِ النبوة وما كان عليه السلف الصالح, هؤلاء ضلالٌ سلكوا سبيلَ أهل البدع, كما صرحَ علماؤنا الأعلام فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.


    (كلام العلماء الأعلام في الخوارج وأصحاب التفجيرات)

    قال الشيخ ابن عثيمين ــ رحمه الله ــ في أصحاب تفجير العُلَيَّا والخُبَر: (الواجبُ على طلاب ? العلمِ أنْ يُبَيِّنوا أنَّ هذا المنهجَ منهجٌ خبيث, منهجُ الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفُّوا عن دماء المشركين).

    ولمَّا سُئل الشيخ الفوزان ــ حفظه الله ــ عمَّن يُجيزون قتل رجال الأمن, وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتوى منسوبة لأحدِ طلاب العلم, ويحكمون على رجالِ الأمن بالردة, أجاب ــ حفظه الله ــ بقوله: (هذا مذهب الخوارج, فالخوارج قتلوا عليَّ ابنَ أبي طالب أفضل الصحابة بعد أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان, فالذي قتل عليَّ بنَ أبي طالبٍ ألا يقتل رجال الأمن, هذا مذهب الخوارج, والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم).

    ولمَّا سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز ــ غفر الله له ــ عمَّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية, أجاب ــ غفر الله له ــ بقوله: (هذا دين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور, وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدت معصية, ولا يجوز لأحدْ أنْ يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور, أو يدعو إلى ذلك, لأنَّ هذا من أعظم المنكرات, ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء, والذي يدعو إلى ذلك هذا هو دين الخوارج, يستحق أنْ يُقتل, لأنَّه يُفرق الجماعة فيسُقَ العصا, والواجب الحذر من هذا غاية الحذر, والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مَنْ يدعو إلى هذا أنْ يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنةٌ بين المسلمين).

    ولمَّا قيل للشيخ الفوزان: وهل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج, أجاب ــ أعزه الله ــ بقوله: (يا سبحان الله!!! وهذا الموجود أليس هو فعلَ الخوارج؟؟؟ وتكفير المسلمين؟؟؟ وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم, هذا مذهب الخوارج, وهو يتكون من ثلاثة أشياء: أولاً// تكفير المسلمين. ثانياً// الخروج عن طاعة وليِّ الأمر. ثالثاً// استباحة دماء المسلمين. هذه من مذهب الخوارج, حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً, صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه).

    وسُئل ــ حفظه الله ــ أيضاً عمَّن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد, ويقول: لا يُشترط للجهاد إمامٌ ولا راية, فأجاب ــ أحسن الله إليه ــ بقوله: (هذا رأي الخوارج, أما أهل السنة فيقولون: لا بُدَّ من رايةٍ, ولا بُدَّ من إمام, هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله , فالذي يُفتي بأنَّه لا إمام ولا راية وكلٌ يتبع هواه, هذا رأي الخوارج).

    ولمَّا عُرِضَ على فضيلته قول بعضهم: إنَّ ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفرٌ بالله , ردَّ ــ حفظه الله ورعاه ــ بقوله: (هذا كلام جاهل, يدل على أنَّه ليس عنده بصيرة ولا علم, أنَّه يُكَفِّر الناس, وهذا رأي الخوارج, وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة, نسأل الله العافية والسلامة).

    وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برياسة الشيخ ابن باز ــ غفر الله له ــ حول حادث وتفجير العُلَيَّا: (إنَّ الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام, وتُحذر من نزعات السوء, ومالك الجنوح الفكري, والفساد العقدي).

    وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخُبر: (هو تصرفٌ من صاحبِ فكرٍ منحرف, عقيدة ضالة, الخوارج يُكفِّرون المسلمين بالكبائر, ثم يستبيحون دماءهم وأموالهم ونساءهم, ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه ــ زعموا ــ وهم يَرُدُّون السنة بظاهر القرآن, وهم كما ورد شرُّ الخلق والخليقة, وفتنتهم من أعظم الفتن, لأنَّهم يُلبِسونها لباس الدين والعقيدة وإنكار المنكر والغيرة إلى المحارم, فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, فيريدونهم المهالك, الله أكبر!!! كم جرُّوا على أمةِ الإسلام من المصائب والبلايا, دماءٌ تُسفك, وأشلاءٌ تتناثر, وتفريقٌ للجماعة, وشقٌّ لعصا الطاعة, وإيثارةٌ للفتن, بل وتعطيل الجهاد لانشغال الأمة بهم, فأفسدوا الدين والدنيا, وخربوا البلاد, وروّعوا السلفيين, فاللّهم اكفناهم بما تشاء, إنَّك أنت السميع العليم.

    (صفات الخوارج كما وصفتهم السنة النبوية)

    يا عسكر القرآن والإيمان, يا أهل التوحيد والسنة: دعونا من أباطيل المخذولين الذين يُهَوِّنون من شأن هذه الأفعال الشنيعة, ويعتذرون لأهلها بأعذارٍ تُنبأك عمَّا في قلوبهم, ويلٌ لهم من قول الله : {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} (النساء: من الآية105), وقال : {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (النساء:109). دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين, ويَزِنون بميزانين, ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة, لتبقى منساقةً تابعةً لهم, بدعوى أنَّهم هم الذين يغارون على الدين, ويفقهون الواقع, وينطقون بالحقِّ, ولا يخافون لومة لائم, وأنَّهم مظلومون مضطهدون, وأنَّهم مُفكرون إسلاميون, ومشايخ صحوة, ودعاةُ إصلاح وحوارٍ ومطالبةٍ بالحقوق,فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات, ليصرفوهم عن علماءهم الربانيين وولاة أمورهم, وذلك أنَّهم يُرَبُّون الأمة على أنَّ الحكام طغاةٌ أو علمانيون أو كفار, ولو كانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ثمَّ يُفَرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر, فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع, وفي أبراجٍ عاجيةٍ, ولا يلتفون حول الشباب, ولا ينطقون بالحقِّ, وأسكتتهم القلةُ والسيارة, وهيئةُ كبار العلماء مغيبةٌ منذ ثلاثين سنة, أو أنَّ بياناتها تصدر متأخرة مع الاحترام لهيئة كبار العلماء كما يقولون.

    دعونا من هؤلاء فإنَّهم واللهِ خراب السفينة, ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه, وأُذكرُك قبلها بأنَّ الخوارج يردُّون سنةَ رسول الله , كما فعل إمامهم ذو الخويصرة حين رأى رسول الله يقسم مالاً, فقال: يا رسول الله اعْدِلْ فإنَّك لم تَعْدِل, فقال رسول الله : "وَيْلَك, ومن يعدل إذا لم أعدِل, قد خِبْتَ وخَسِرْتَ إنْ لم أكنْ أعدل, فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقَه, فقال : دَعْهُ, فإنَّ له أصحاباً يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم, وصيامُه مع صيامِهم, يقرأون القرآن لا يُجاوزُ تراقيهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَمِيَّة" (*) [خرجاه في الصحيحين].

    فماذا قال رسول الله عن الخوارج الذين حذَّر منهم العلماء؟؟؟ وبماذا وصفهم؟؟؟ وبماذا حكم عليهم؟؟؟ وبماذا بَشَّر من يَكُف شرَّهم عن أهل الإسلام؟؟؟

    للخوارج صفاتٍ ذكرها الحبيبُ المصطفى محمدٌ نصحاً لأمةِ الإسلام, فمن صفاتهم:

    الجرأة على العلماء, بل على رسول الله : كما قال ذلك الرجل: (يا محمدُ اعْدِلْ), وقال: (يا رسول الله اتقِ الله), فعندهم جرأةٌ على مَنْ خالفهم, ولو كان من أهل الفضل والعلم, بل ولو كان من أصحاب رسول الله , فقد خَرَّج الإمامُ أحمدُ في مسنده من طريق سعيدٍ قال: (كنَّا مع عبد الله بن أبي أوفى يقاتل الخوارج, وقد لحق غلاماً لابن أبي أوفى بالخوارج, فناديناه: يا فيروز هذا ابن أبي أوفى, فقال فيروز ــ الذي أصبح خارجياً ــ: نِعْمَ الرجل ــ يعني الصحابيَ ابن أبي أوفى ــ لو هاجرَ إلينا ــ يعني: الخوارج ــ قال ابن أبي أوفى: "ما يقولُ عدوُ الله", فقيل: يقول: نِعْمَ الرجلُ لو هاجر , فقال: "هجرةٌ بعد هجرتي مع رسول الله ", سمعتُه يقول: "طوبى لمن قتلهم") (9) [حديث حسن].

    فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا, فإنَّهم لا يرضون عن أحدٍ حتى ينزعَ البيعة, ويُهاجر إليهم, وينضم إلى حزبهم, ولو كان صاحبَ رسول الله .

    ومن صفاتهم: صلاحُ الظاهر وفسادُ المعتقد والباطن: "تُحقرون صلاتهم مع صلاتهم, وقراءتكم مع قراءتهم, وصيامَكم مع صيامهم", لكنهم والعياذ بالله: "يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الدِّين كما يَمْرُقُ السهم من الرَّمِيَّة" (10) , فلا تغتروا بزهدهم المزعوم, وتشددهم في أمور, ودعواهم نصرةَ الدَّين والدعوة والجهاد, فإنَّ العبرةَ بموافقةِ الرجلِ للسنَّة وتمسكِه بالمنهج السلفي, ولهذا قال رسول الله في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكائهم: "هم شَرُّ الخلقِ والخليقةِ" (11) [خرَّجه مسلم], وفي صحيح مسلمٍ أيضاً: "أنَّهم مِنْ أبغضِ خلق الله إليه" (12).

    ومن صفاتهم: إظهار شيءٍ من الحق للتوصل إلى باطل: يُظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة, مع أنَّها مُحَكَّمة, ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة, في صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن أبي رافعٍ مولى رسول الله : "أنَّ الحرورية ــ يعني: الخوارج ــ لمَّا خرجت وهو مع عليّ بن أبي طالبٍ, قالوا: لا حكمَ إلا لله, لا حكمَ إلا لله, فقال عليٌّ : "كلمةُ حقٍّ, أُرِيدَ بها باطل"(13). وصدق رضي الله عنه, وكم من كلمةِ حقٍّ أُرِيدَ بها باطل, فلا تغتروا بمن يزعم أنَّه ينطق بكلمة الحقّ, لكنَّه هواهُ ووجهه ونصرته لغيرِ أهل السنِّة السلفيين حكاماً ومحكومين, الخوارجُ كَفَّروا عليَّاً ومَنْ معه بعد قضية التحكيم, واستباحوا دماءَ أصحابَ رسول الله محمد وأموالهم, وهم في ذلك يحسبون أنَّهم يُنكرون المنكر وينصرون الدِّين, ثم يُلَبِّسون على الناس بذلك, كلمةُ حقٍّ أُرِيْدَ بها باطل.

    ومن صفاتهم: الجهلُ بالكتابِ والسنةِ وسوء الفهمِ لمعانيهما: كما قال رسول الله : "يقرأون القرآن يحسبون أنَّه لهم وهو عليهم" (14), وسبب هذا الجهل زهدُهم في العلماء, وتَرَفُعُهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حِلَقِهم, لأنَّهم كما يظنون أوصياءُ على العلماء, هكذا يفعل الجهلُ بصاحبه.

    ومن صفاتهم: استباحةُ دماءِ المسلمين والمُعَاهَدين واستحلالُ أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم: وفي صحيح مسلمٍ أنَّ عليَّاً حَرَّضَ المسلمين على قتال الخوارج لمَّا نزعوا البيعة, وأفسدوا في الأرض, فقال ــ بعد أنْ ذكر حديث الخوارج ووقوفهم من الإسلام ــ: "أيُّها الناس, تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذرَارِيكم وأموالكم, واللهِ إنِّي لأرجو أنْ يكونوا هؤلاء القوم, فإنَّهم قد سفكوا الدَّم الحرام, وأغاروا في سرح المسلمين, فسيروا على اسم الله" (15).

    وفي مسند الإمام أحمد أنَّ عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت لعبد الله بن شدّاد: "هل قتلهم عليٌّ " ــ تعني الخوارج ــ قال: "والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل, وسفكوا الدَّم, واستحلوا أهل الذمة" (16)[حديث حسن], وهو يدل على خصلةٍ من خصالِ الخوارج وهي استحلال دماء أهل الذمة, لأنَّهم يَرَوْن أنَّ الذي أعطاهم العهد والأمان وليُّ الأمر وهو عند الخوارج كافر, وكان عليُّ قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهدٍ وأمان, ففي الحديث المتقدم أنَّ عليَّاً بعث إلى الخوارج قبل أنْ يُقاتلهم, فقال: "بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا ذِمَّة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواء, إنَّ الله لا يحبُّ الخائنين" (17).

    ومن صفاتهم: أنَّهم كما قال رسول الله : "حدثاءُ الأسنان سفهاءُ الأحلام" [خَرَّجه البخاري]: ومن فضل الله أنَّه لا يكون معهم أحدٌ من أهل العلم والفضل والسنة, أما الذي يُدافعُ عنهم فهو واللهِ منهم ولا كرامة, فقد أورد العلامةُ الوادعيُّ أثراً عن ابن عباسٍ وحسَّن إسناده أنَّه لمَّا جادلَ الخوارج قال لهم: "ما تنقمون على عليٍّ صِهْرِ رسول الله والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن, وليس فيكم منهم أحد وهم أعلم بتأويله".

    ومن صفاتِ الخوارج: الطعنُ في العلماء, وصرفُ الشباب عن مجالستهم: لأنَّ الشباب إذا اتصلوا بالعلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبةً في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم وبغضهم للخوارج, لأنَّ العلماء يُحذرون من فكرِ هؤلاء الضُّلال, في مسند الإمام أحمد أنَّ عليَّاً بعثَ عبد الله بن عباس إلى الخوارج, فلمَّا توسطَ عسكرهم قام ابنُ الكواءِ ــ وكان آنذاك خارجياً ولمَّا يرجعْ إلى السنةِ بعد ــ قام ابنُ الكواءِ يخطبُ الناس, ويُحذرهم من ابن عباس فقال: "يا حملة القرآن, إنَّ هذا عبدُ الله بنُ عباس فمن لم يكن يعرفُه فأنا أعرفُه, هذا ما نزل فيه وفي قومه {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} فردُّوه إلى صاحبه, فردُّوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله" (18), و[الحديث حسن].

    وفي زماننا تُحجب فتاوى العلماء عن الشباب المسلم وعن الفتاة المسلمة, تُحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة, وكتبها وتفسيرها للقرآن, يحجبُها من يربونهم ممن فسدتْ عقائدُهم ومناهجُهم, وتُحجب فتاواهم في أئمةِ الضلالة في زمانِنا ورؤوسِ الحزبية, وكثيرٌ من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي يدعي بعضُها أنَّها كُبرى الجماعات, ما عَلِمَ بتحذير العلماء منها إلا بعد أنْ وقعت المصيبة وحَلَّتْ البلية, فحسبنا الله على مَنْ يُغَيِّبُ فتاويَ العلماءِ عن الشباب ويُربيهم على الحزبية والعنف والتطرف.

    ومن صفاتهم: خِذلانُ الله لهم, وأنَّه يُبطل كيدهم ويقطع دابرهم: فلا يقوم لهم عِزٌّ ولا سلطان لأنَّهم مفسدون مخالفون للسنَّة, ومنْ خالف السنَّة فهو في وحشةٍ وغربةٍ ومآله أنْ يتخلى عنه أحبابُه وأصحابُه, ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ, قال ابن عمر رضي الله عنهما: إنَّ رسول الله قال: "ينشأ نشْئ يقرأون القرآن لا يُجاوز تراقيهم, كلما خرج قرنٌ قُطع" , قال ابن عمر: سمعتُ رسول الله يقول: "كلما خرج قرنٌ قُطع" أكثر من عشرين مرة "حتى يخرج في عِراضِهم الدجال"(19) [خَرَّجه الإمام ابن ماجه].

    ومن لطف الله بأهل السنَّة, أنَّ الذل مصاحبٌ للخوارج, لأنَّهم أعرضوا عن السنَّة ورضوا بالبدعة, فأهل السنَّة ظاهرون عليهم منصورون بإذن الله, في صحيح مسلم من حديث زيدِ بنِ وهبٍ الجُهني قال: "لمَّا التقينا وعلى الخوارج يومئذٍ عبدُ الله بنُ وهبٍ الراسبيّ, فقال لهم: ألقوا الرماح وسُلُّوا سيوفكم من جُفُونها, فإنِّي أخاف أنْ يُناشدوكم كما ناشدوكم يومَ حروراء, فرجعوا فوَحَّشوا برماحِهم وسَلُّوا السيوف, قال: وشجرهُمُ الناسُ برماحِهم ــ يعني عليَّاً وأصحابَه برماحهم ــ قال وقُتِلَ بعض الخوارج على بعض(20), وما أصيبَ من الناسَ ــ أهل السنَّة ــ إلا رجلان", ولله الحمد والمِنَّة.

    (حكم رسول الله بالخوارج)

    وأمَّا حكم رسول الله محمدٍ بالخوارج فقد أفصح عنه بقوله: "لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل ثمود" (21) [خرَّجاه في الصحيحين].

    وخرَّجا أيضاً من حديث عليٍّ أنَّ رسول الله قال: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجراً لمن قتلهم يومَ القيامة"(22).

    قال عليٌّ بعد أنْ قتل الخوارج هو وأصحابه: لو لا أنْ تَبْطَروا لَحَدّثتُكم بما وَعَدَ اللهُ الذين يقتلونهم على لسان محمدٍ , ثبت عنه أنه قال في الخوارج: "طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه" (23) [رواه الإمام أحمد].

    وقال أبو غالبٍ: "لمّا أوتيَ برؤوس الأزارقة ــ وهم فرقة من الخوارج أتباعُ نافعِ بن الأزرق ــ لمّا أوتيَ برؤوس الأزارقة ونُصبَتْ على درج دمشق, جاء أبو أمامة فمّا رآهم قال: "كلاب النار, كلاب النار, كلاب النار, هؤلاء شَرُّ قتلى تحت أديم السماء, وخير قتلى قُتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء, فقيل له: أبرأيك قلتَ هؤلاء كلاب النار أو شيءٌ سمعتَه من رسول الله , قال بل سمعتُه من رسول الله غير مرةٍ ولا ثنتين ولا ثلاث, قال: فعدّد مراراً"(24) [رواه الإمام أحمد وقال العلامة الوادعي: حديث حسن].

    (حكم حوار الخوارج ومجادلتهم)

    وأمّا الحوار مع الخوارج ومجادلتهم: فَمَرَّدُ ذلك إلى السلطان, إنْ رأى المصلحة في مجادلتهم فإنَّه يُرسل إليهم أهل العلم إذا كانوا بمكان معروفين, فأمّا مَنْ كان مختفياً فكيف نحاوره بالله عليكم؟! ثبت عن ابن عباس أنَّه قال: "يا أمير المؤمنين ــ قاله لعليٍّ ــ يا أمير المؤمنين: لَعَلِّي أدخلُ على هؤلاء ــ يعني الخوارج ــ فأُكلمهم, فقال عليٌّ: إنِّي أخافهم عليك, فقال ابن عباس: كلا, وكنتُ رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً, فأذن له عليٌّ في مجادلتهم". وعند الإمامِ أحمدَ: "أنَّ عليَّاً بعث إليهم ابن عباس ليُجادلهم".

    فانظروا كيف أنَّ تُرجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ردَّ الأمرإلى السلطان, فلم يُحاورهم إلا بإذنٍ منه فرجع منهم مَنْ رجع, وعليٌّ إنَّما جادل الخوارج قبل أنْ يسفكوا الدَّم الحرام, ويستحلوا محارم الله, فإنَّهم لمّا فعلوا ذلك لم يحاورهم بل استعان بالله وقاتلهم, في المسند: "أنَّ عليَّاً بعث إلى الخوارج فقال: بيننا وبينكم أنْ لا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا أهل الذمة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواءٍ, إنَّ الله لا يُحب الخائنين" (25).

    ثمَّ إنَّ الخوارج زمن عليٍّ كانوا يُظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون, أمّا في زماننا فكيف تحاور مَنْ إذا جَدَّت الأمور تَدَثَّر بالتقية؟؟!! وقال: أنا أدين الله بالولاء وأُحب العلماء, ووالله وتالله وبالله نا قلتُ وما فعلتُ وأبرءُ إلى الله من فلانٍ وفلان.

    كيف تحاور مَنْ يُوجَهون عبر القنوات الفضائية, فيقال لهم: استعينوا على حوائجكم بالسِّر الكتمان؟؟!!

    كيف تحاور مَنْ أضجعك لينحرك والسكين في يده, وهو يقول باسم الله وفي سبيل الله اللهم تَقَبَّل قُرباني؟؟!!

    إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, هكذا يفعل الشيطان ببعض أهل الإسلام.

    إنَّ الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوةٌ مشبوهة, ثمَّ إنَّ الحوارَ مع الخوارج قبلَ سفك الدماءِ مُمْكِن, فإنْ فعلوا ذلك فسنةُ عليٍّ وليِّ الأمرِ زمنَ ابن عباس الذي جادلهم واضحةٌ جليةٌ, فقد بعث إليهم فقال: "بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا أهل الذمة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا عليكم الحربَ على سواءٍ, إنَّ الله لا يُحب الخائنين" (26).

    ولهذا قالت هيئة كبارِ العلماء بالمملكة العربية السعودية في آخرِ بياناتها حول الأحداث: (إنَّ مجلس هيئة كبار العلماء تُأيد ما تقومُ به الدولةُ أعزها الله مِنْ تتبعٍ لتلك الفئات الضالة والكشف عنهم, ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين, وحماية ديرتهم, ويجب على الجميع أنْ يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير, لأنَّ ذلك من التعاون على البرِّ والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة: من الآية2). ويُحذر المجلسُ من التستر على هؤلاء أو إيوائهم, فإنَّ هذا مِنْ كبائر الذنوب وداخلٌ في قوله : "لعن الله من آوى مُحْدِثاً"(27), فقد فسَّر العلماءَ المُحْدِثَ في هذا الحديث بأنَّه من يأتي بفسادٍ في الأرض, فإذا كان هذا الوعيد الشديد في مَنْ آواهم, فكيف بمن أعانهم وأيَّد فعلهم). ثمَّ صدر تصريح مِنْ ولاةِ الأمرِ بأنَّ نا ادعيَ من حوارٍ مع هؤلاء لا صحة له جملةً وتفصيلاً, وأنَّه لا تُوجَدُ نيَّةٌ لفتحِ حوارٍ مع أيِّ نوع من الإرهابيين.

    فاللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلالِ والإكرام, اللهم احفظ بلادنا مِنْ كلِّ سوء, اللهم مَنْ أرادنا وعلماءنا وولاةَ أمرنا وجنودَنا اللهم مَنْ أرادهم بسوء فَرُدَّ كيده في نحره, واجعل تدبيره تدميراً عليه, يا سميع الدعاء, اللهم اكفناهم بما شئت.

    (مَنْ السبب في هذا الفكر المنحرف مِنْ تطرف وتكفير وسفكٍ للدماء)

    الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهره على الدِّين كله وكفى بالله شهيداً, وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

    ففي المِحَنِ مِنَح, إنَّ ممَّا يُعجبُ منه أنَّ بعضَ الناس ما صَدَرَتْ منهم كلمة في تأييد عسكر الإسلام في مقاومتهم للباطل, وأُصيبَ منهم مَنْ أُصيبَ , وقُتِلَ منهم مَنْ قُتِلَ, وفُجِّرَ مَنْ فُجِّر, ورُملتْ نساؤهم, ويُتِّمَ أطفالهم, وفقدهم أباؤهم وأمهاتهم, ومع هذه المآسي كأنَّ شيئاً لم يكن عند بعض الناس, بل قد أَجلبوا بخيلهمورَجِلِهم في الدفاع عن أولئك القتلةِ الضلال, وما مِنْ عُذرٍ إلا أتوا به, ولا تبريرٍ إلا طرحوهُ زوراً بهتاناً, فمرةً يقولون السببُ الحكومة, ومرةً يقولون علماؤنا الأخيار, ومرةً يقولون سببُ هذه الجرائم ضياع الحقوق, ومرةً يقولون سببُها عدمُ تحكيم الشريعة, ومرةً يقولون البطانة, ومرةً يقولون كَبْتُ الحريات, ومرةً يقولون وجودُ القواتِ التي استعنا بها على ردِّ عدوان مَنْ أرادنا بسوء, وقد رحلتْ ولله الحمد والمنة, ومرةً يقولون أنَّكم موالون للكفار هذا السبب, ومرةً يقولون لأنَّكم تحاربون الدعاة, ومرةً يقولون مكرٌ مستورد, ومرةً يقولون شبابٌ مُغَررٌ بهم, ومرةً يقولون لا تطاردوهمولا تلاحقوهم ولا تقبضوا عليهم بل حاوروهم, ومرةً يقولون إنَّهم يريدون التعبير عن إنكار المنكر, إنَّهم يريدون التعبير عن إنكار المنكراتِ بطريقتهم الخاصة, ومرةً يقولون اجلسوا أنتم وهم على مائدةِ المفاوضات, ومرةً يقولون إخواننا وفيهم خيرٌ وحصل منهم مجردُ خطأ, إلى غير ذلك من التبريرات الباطلة التي لا تستباح بها دماء المسلمين والمعصومين والتي لا تُستباح بها بلادُ أهل الإسلام والقرآن, يقول الله : {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً..... هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (النساء:109,105).

    ونحن أيضاً سنتكلم هذه المرة ونقول, نقولُ السببُ: السببُ هذا الفكرُ المنحرفُ وهذا التطرف, سببُ هذا الفكرِ المنحرفِ وهذا التطرف والتكفير, السببُ في سفك هذه الدماء باسم الدِّين: هم أولئك الذين شحنوا الشبابَ وهيجوهم عَبْرَ محاضراتهم الصاخبة, وأشرطتهم الملهبة, وإليكم بعض مقولات مَنْ يَدّعون الإصلاحَ الخوارَ والدعوةَ وقيادةَ الصحوة, هذه مقولاتُ مَنْ يُبررون الإرهاب ويضللون الرأيَ العام, ويُثيرون البلبلة بين صفوف أهل الإسلام وجنوده, إنَّهم يًُبررون تلك الأفعالَ المشينةَ لمآربَ أخرى.

    ها هو أحدكم يقول ــ مهيجاً شبابَنا على بلادِنا ــ يقول: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا, وفشى المنكرُ في نوادينا, ودُعِيَ إلى الزنا في إذاعتنا وتلفزيوننا واستبحنا الربا....] إلى آخر كلامه.

    فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا؟! أمّا أكلةُ الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرةً وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنَظِّر, وأما قوله: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا], فأترك التعليق عليه لكم.

    وقال غيرُه في شريطٍ لـه ــ وهو يتحدث عن مجتمعنا ــ: [ إنَّ كثيراً مِنْ مجتمعنا استحلوا الربا ــ ثمَّ حذَّر من انتشار المعاصي ــ وقال: إنَّ الكثيرَ قد استحلوا هذه الكبائر].

    فهل منكم أحدٌ استحلَ كبائرَ الذنوب؟؟ يا معشر العقلاء, إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر, فهو مجتمعٌ كافرٌ كما فهم أولئك الشباب, وعليه حملوا السلاحَ ضدَّ مَنْ اعتقدوا كفرهم.

    وهذا ثالثٌ يُحَرِّضُ على المظاهراتِ الغوغائيةِ فيقول: [ والذي نفسي بيده لقد خرجَ في إحدى الدولِ في يومٍ واحدٍ سبعمائةِ ألفِ امرأةٍ مسلمةٍ متحجبةٍ يُطالبنَ بتحكيم شرع الله].

    يا لها مِنْ مصيبة, شيخُ الصحوةِ يُطالبُ النساءَ بالخروجِ في المظاهرات, ومواجهة رجالِ الأمن بصدرهم, فرفقاً رفقاً رفقاً بالقَوارير, ولك أنْ تتصورَ أثرَ هذا التهييجِ على شبابِنا وبناتِنا.

    واستمعْ لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم ــ كلهم دون استثناء ــ يقول: [إنَّ الرقعةَ الإسلاميةَ أصبحتْ نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغيرِ سلاح, ولا بكاءَ ولا دموعَ على هذه الأرضِ الإسلامية, التي أصبحتْ تُحْكَمُ بالمنافقين]. ثمَّ قال: [وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طولِ بلادِ الإسلامِ وعرضها, طالما رفعض هؤلاء شعارَ الدينِ والحكمِ بالإسلامِ وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عنها قيدَ أُنملة, فإذا هم يُحكمون القبضةَ مِنْ خلالِ هذا الكلام].

    الله أكبر!!! هذا كلامُ مَنْ يُسمُّون بالدعاة من بني جلدتِنا, لكنهم شذوا عن دعوتِنا السلفية المباركة, وأنتم تروْنآثارَ كلامهم وأشرطتهم, قولوا بربِّكم ما أثرُ هذا الكلام على شبابِنا؟؟ وهل العنفُ والتكفيرُ مستوردٌ بعد هذا؟؟

    ها هو أحد المبررين للإرهاب يقولُ بعد فتوى ابن بازٍ وابنِ عثيمينَ وهيئةِ كبارِ العلماءِ في جواز الإستعانة بالقوات لحمايةِ بلادِ الحرمين, هذا الذي هو مِنْ جلدتِنا ويتكلمُ بلسانِنا, يقول عن تلك الأحداث: [ لقد كشفتْ عن عدم وجود مرجعيةٍ صحيحةٍ موثوقةٍ للمسلمين].

    فإذا كان ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ غيرَ موثوقٍ بهم فمن يُوثَقُ به, وهل سيقبلُ الشباب بمحاورةِ هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم, تُسقِطُهم ثمَّ تُطالبُ مِنَ الشبابِ أن يحاوروهم, إنَّ هذه الأحداث يستدعي منا النظر في واقعِ ما يُسمى بالصحوة مع التحفظ على هذا المصطلح, وتستدعي النظرَ في بعضِ الرموزِ التي تُغذي هذا الفكر ـــــ؟؟ـــــ(*) الإسلامية نصحاً لأمةِ محمد .

    (نصيحة إلى الشباب الذي تورط في تفجيرات بلاد الحرمين وسفك الدم الحرام)

    وأمَّا مَنْ تورطَ في هذه التفجيرات وسفكَ الدماءِ وأعان عليها فيقال لهم: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (البقرة:281).

    يا معاشرَ الشباب ها قد فجرتُم في بلاد الحرمين, وسفكتم الدَّم الحرام, فأُزْهِقَتْ أرواح الأطفال والنساء والعجزائز من المسلمين والمعصومين, فما النتيجة؟؟ هل نُصِرَ الدِّينُ وأهلُه بهذا التفجير؟؟ هل تَحَسَّنَتْ صورةُ المسلمين في دول العالم؟؟ مَنْ المتضرر: دولُ الكفرِ أو نحن؟؟ مَنْ الذي أُخِيفَ وأُفزِعَ ورُوِّعَ نحن أم هم؟؟

    يا معاشر الشباب توبوا إلى الله قبلَ الممات, فإنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ إذا تابَ إليه وأناب, أتظنون إنَّ هؤلاء القتلى لنْ يُطالبوا بحقِّهم بين يدي اللهِ يومَ القيامة؟؟ حين يُنصبُ الصراط, حين يُنصبُ الصراط وتُوضعُ الموازين, ويقالُ لا ظلمَ اليوم, فيُقتصُ للمظلوم مِنْ الظالمٍ, وأوَّلُ ما يُقضى بين يدي الناس في الدماءِ كما أخبرَ رسولُ الله , فيؤخذُ للمقتول حقُّه وما ربُّك بظلامٍ للعبيد.

    يا معاشر الشباب إنَّ رسولَ الله نبيُّ الرحمةِ, وهذه الأمةُ أمةٌ مرحومة, قال الله : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الانبياء:107). فأين الشفقةُ والرحمة؟؟ألا ترحمون آباءكم وأمهاتِكم؟؟ فهم واللهِ منذُ فراقِكم ما بين خوفٍ عليكم وخوفٍ منكم, فتُشقي والديك حيَّاً وميتاً.

    يا معاشرَ الشباب توبوا إلى الله واستغفروه, وألقوا السلاح, وكُفُّوا عن الدماء,وتذكروا قصةَ ذلك الرجل الذي قتلَ تسعةً وتسعين نفساً, فسألَ عابداًهل لـه مِنْ توبةٍ؟؟ فقال: "لا", فقتله وكمَّلَ به المئة, ثمَّ سألَ عالماً ــ وهذا هو الواجبُ أنْ تسألَ العالمَ لا العابدَ الجاهلَ بدينه ــ سأل عالماً هل له مِنْ توبةٍ؟؟ قال: "نعم", ومَنْ يحولُ بينه وبين التوبة, ثمَّ أمره أنْ يرحلَ إلى بلدٍ يعبدُ اللهَ فيه, فهاجرَ إليه, فحضره الأجلُ في الطريق, فقبضته ملائكةُ الرحمةِ لمَّا جاء تائباً نقبلاً إلى الله . قال الله : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53).

    ألا ترَوْنَ إلى مَنْ غرَّكم كيف تَبَرَّأ منكم؟؟ فقدتُم صالحَ الإخوان, وواللهِ لنْ تجدوا مِنْ أمرائكم بدلاً.

    يا معاشرَ الشباب إنَّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرة, ومَنْ تابَ تابَ الله عليه, فلا يَغرَّنكم مَنْ يريدُ أنْ يُطيلَ مدةَ شقائكم مُطالباً بالحوار, ومبرراً لتزيدوا مِنْ الإثمِ والعدوان, وهو المستفيدُ لا أنتم.

    (نصيحة إلى الآباء والأمهات وإلى المعلمين والمعلماتوإلى حملة الأقلام ورجال الإعلام)

    وأنتم يا معاشرَ الآباء والأمهات انتبهوا لأبنائكم وانظروا مَنْ يُصاحِبون, وماذا يُملى عليهم في الاستراحاتِ والمخيماتِ البعيدةِ عن الأنظار, وكُتَبَ مَنْ يقرأون وأشرطةَ مَنْ يسمعون.

    وأمَّا المعلمون والمعلمات فعليهم واجبٌ عظيم, اتقوا الله وأحسنوا إلى أبناء المسلمين وبناتِهم, علموهم السنةَ, وحذروهم مِنْ الجماعاتِ الدعويةِ الحزبيةِ المُضلَّة, ورَبُّوهم على لزوم السنةِ وبُغضِ البدعة والنازعة, واربطوهم بالعلماءِ الربانيين, أهلِ الفقهِ والأثرِ والفتيا والعقلِ الراجحِ والدعوةِ إلى منهجِ السلف.

    وأنتم يا حملةَ الأقلامِ ورجالَ الإعلام, فـ{اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (الحشر: من الآية18), ولا تفتحوا البابَ لدعاة الفتنة, ولا تُضخموا مَنْ كان سبباً في هذا الداء, واعلموا أنَّ وضعَ الكلمةِ في هذا الوقتِ أعظمُ مِنْ وقعِ السيف, فتحرُّوا في الأخبار بارك الله فيكم, وتأملوا في مَنْ تُحاورونه وتقدمونه إلى الجماهير, عسى اللهُ أنْ يباركَ في الجهود وينصرَ دينه, ويُعْظِمَ الأجرَ لمن كان مِنْ المصلحين.

    فاللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم إنَّا نسألك بأنَّك أنت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يُولد ولم يكن له كفواً أحد, اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين, وأذلَّ الشركَ والمشركين, ودَمِّرْ أعداءَ الدِّين, واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائرَ بلادِ المسلمين.

    اللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم مَنْ سعى في حفظِ أَمْنِ هذه البلاد, اللهم فاجْزِه خيرَ الجزاء, اللهم اكْتُبْ له أجرَ الشهداءِ الصادقين والمرابطين العاملين يا أرحم الراحمين, اللهم مَنْ ماتَ منهم فاغْفِرْ له, اللهم مَنْ قُتِلَ منهم فاغْفِرْ له, ومَنْ أُصيبَ فاشفه يا أرحم الراحمين,اللهم اجزهم عن أمةِ محمدٍ خيرَ الجزاء, اللهم اكفنا شرَّ الأشرار, وكيدَ الفجار, وما يجري في الليلِ والنهار, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم اسقنا, اللهم اسقنا, اللهم اسقنا, لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنَّا من الظالمين, اللهم صلي وسلمْ وباركْ على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    ليس من الجهاد في شيء !.






    المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
    التنظيمات السرية والتدريبات المشبوهة





    الوفاء بالعهد من أخلاق المسلم حتى في حال الحرب! المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
    التنظيمات

    السرية والتدريبات المشبوهة من طرق أهل البدع قديما وحديثا








    أعدَّ فضيلة الشيخ سلطان العيد إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد في الرياض بحثا علميا قيما بعنوان: " ليس من الجهاد في شيء " جمع فيه النصوص الشرعية والفتاوى العلمية المتعلقة ببعض الشبه التي يثيرها أتباع الجماعات المتطرفة، خصوصا ما يختص بأحكام الجهاد في الإسلام.

    وبين فضيلته في هذا البحث الغاية من الجهاد في الإسلام والوسائل المشروعة لإبلاغ دعوته، كما فند بالحجة والبرهان كل الأباطيل والشبه التي تعلق في أذهان بعض المتحمسين من الشباب.

    " الدعوة " تنشر البحث كاملا في هذا العدد مؤملة أن يكون فيه نفع وفائدة للقارئ.







    إن الإسلام الذي رضيه الله لنا دينا، وبعث به خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم ، إنه والله لدين الوفاء والأمانة، دين العدل والصدق، دين البر والصلة، قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء: 34]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة: 8]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]، وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا··} [النساء: 36]، وقال تعالى: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ·· } [الرعد: 21]، والآيات في ذلك كثيرة بحمد الله·

    وإن دين الإسلام كما يأمر بالأخلاق الفاضلة والآداب العادلة، فإنه يحارب الغدر والجور، والكذب والخيانة، والعقوق والقطيعة·

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " ·

    وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة قاطع " يعني قاطع رحم. وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ·

    إن الوفاء بالعهد من أخلاق الإسلام الفاضل، التي أمر الله بها وحث عليها ورغب فيها، وإن الغدر والخيانة من الأخلاق الذميمة التي حرمتها الشرائع، وتنفر منها الطبائع، وإن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق·

    الأنفس المحرمة

    وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله، وحرم قتلها أربع أنفس: نفس المسلم، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن·

    هذه الأنفس كلها محترمة في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ·

    حرمة نفس المسلم

    أما نفس المسلم فظاهر احترامها، وهو من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، فمن أظهر لنا إسلامه فنفسه محرمة، وإن عمل ما عمل من المعاصي التي لم يدل القرآن والسنة على أنها تبيح قتله، قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]·

    وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب ..(70) } [الفرقان].

    وأما تحريم قتل الذمي والمعاهد، فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " ، رواه البخاري " 1366" ·

    وقال " : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " خرجه البخاري "6862" ·

    وأما المستأمن، فقد قال الله في كتابه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ··} [التوبة: 6]، أي اجعله في حماية منك حتى يبلغ المكان الآمن من بلده·

    وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل " متفق عليه(1)·

    ومعنى الحديث: " أن المسلم إذا أمن إنسانا، وجعله في عهده، فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعا، من أخفرها وغدر بالذي أعطي الأمان من مسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإننا نلعن من لعنه الله ورسوله وملائكته، ونصدق خبره " أنه لا يقبل منه صرف ولا عدل·

    خطورة التفجيرات

    وبذلك تعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في عاصمة بلاد الحرمين، في مكان آهل بالسكان، المعصومين في دمائهم وأموالهم، والذي حصل من جرائه إزهاق للأنفس وسفك للدماء المعصومة، فقتل وأصيب أكثر من مئتين، منهم المسلمون والأطفال والشيوخ والكهول والشباب، وتلف من جراء ذلك أموال ومساكن كثيرة·

    ولا شك أن هذه العملية لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة·

    الأدلة الشرعية على حرمة التفجيرات

    أما الشرع فقد تقدمت النصوص من الكتاب والسنة الدالة على احترام المسلمين في دمائهم وأموالهم، وكذلك الكفار الذين لهم ذمة أو عهد أو أمان، وأن احترامهم من محاسن دين الإسلام: دين العدل والأمانة والوفاء، ولا يلزم من ذلك محبة ولا موالاة، ولكنه الوفاء بالعهد إن العهد كان مسئولا·

    الأدلة الفعلية

    وأما العقل، فلا يقرها أيضا، لأن العاقل لا يأتي أمرا محرما، لأنه يعلم سواء عاقبته في الدنيا والآخرة، ولا شك أن هذه الفعلة الشنيعة لا خير فيها، بل يترتب عليها من المفاسد ما سيأتي ذكره قريبا·

    مخالفته للفطرة

    وأما مخالفة هذه الجريمة للفطرة، فلأن كل ذي فطرة سليمة يكره العدوان وظلم الخلق، فماذ ذنب القتلى والمصابين بهذا الحادث من المسلمين، وما ذنب الآمنين على قرشهم في بيوتهم، وما ذنب المصابين من المعاهدين والمستأمنين، وما ذنب الأطفال والشيوخ والعجائز، إنه لحادث منكر، لا مبرر له، وإنه انجراف فكري، وثمرة من ثمار الجماعات الدعوية الحزبية الوافدة إلى بلاد الحرمين، فقد صرفت بعض شبابنا عن دعوتنا السلفية دعوة الإمام المجدد إلى دعوات حركية بدعية، عمادها التكفير والعداء.

    وأما مفاسد هذه التفجيرات فكثيرة منها:

    أولا: إنها معصية لله ورسوله، وانتهاك لحرمات الله، وتعرض للعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وألا يقبل من فاعله صرف ولا عدل.

    ثانيا: من مفاسده تشويه سمعة الإسلام، فإن أعداء الدين سوف يستغلون هذا الحدث للطعن في الإسلام وتنفير الناس عنه، مع أن الإسلام بريء من ذلك، فأخلاق الإسلام: صدق وبر ووفاء، ودين الإسلام يحذر من هذا العدوان وأمثاله أشد التحذير.

    ثالثا: من مفاسد هذه الفعلة القبيحة أعني التفجير في الرياض: أنها توجب الفوضى في هذه البلاد التي ينبغي أن تكون أقوى بلاد العالم في الأمن والاستقرار، لأن فيها بيت الله الحرام، الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، ولأن فيها الكعبة التي جعلها الله قياما للناس، تقدم بها مصالح دينهم ودنياهم، قال تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ..} [المائدة: 97].

    ومن المعلوم أن الناس لن يصلوا إلى هذا البيت إلا عن طريق المرور بهذه البلاد جميعها من إحدى الجهات، فحسبنا الله على من سعى في زعزعة أمن بلاد الحرمين·

    رابعا: من المفاسد ما حصل بهذه الفعلة من تلف النفوس والأموال، وما حصل للمعصومين من رعب وفزع وخوف، كما شاهد الناس ذلك في وسائل الإعلام، ووالله إن القلوب لتحزن وإن الأعين لتدمع حين يشاهد الإنسان الأطفال والعجائز وهم يخرجون من تحت الأنقاض قتلى، أو على سرر التمريض ما بين مصاب بعينه أو رأسه أو قد بترت يده ورجله، تدور أعينهم فيمن يعودهم، ولا يملكون رفعا لما وقع ولا دفعا لما يتوقع، فهل أحد يقر بهذا أو يرضى به؟

    ووالله لا ندري ماذا يراد من هذه الفعلة: أيراد الإصلاح؟

    إن الإصلاح لا يأتي بمثل هذا، وإن السيئة لا تأتي بحسنة، ولن تكون الوسائل المحرمة طريقا للإصلاح أبدا·

    ثم إن أهل العدل والإنصاف يقرون أن بلاد الحرمين خير بلاد المسلمين اليوم، في الحكم بما أنزل الله، واجتناب سفاسف الأمور ورديء الأخلاق، ليس في بلادنا ولله الحمد قبور يطاف بها وتعبد، وليس فيها خمور تباع وتشرب، وليس فيها كنائس يعبد فيها غير الله، وليس فيها مما هو معلوم في كثير من بلاد المسلمين اليوم، مع ما ننعم به من أمن وعدل واجتماع كلمة، فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين، هل يليق به أن ينقل الفتن إلى بلادنا، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18]·

    لماذا فعلوها؟

    من أسباب تلك الفعلة الشنيعة:

    ما ألصق بالجهاد مما ليس منه، فالجهاد ذروة سنام الإسلام، فيه الوفاء والصدق والعدل، وهو بريء من أفعال أولئك الجهال: فليس من الجهاد في شيء: القيام بالاختطاف والتفجيرات والاغتيالات، قال الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} [المائدة: 33]· وقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه " خرجه البخاري " 6488 " ·

    وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما " خرجه البخاري " 6862 " ·

    من أقوال العلماء في حكم التفجيرات

    وقد تواترت آراء وفتاوى العلماء على تحريم هذه الأفعال فقد جاء في بيان هيئة كبار العلماء حول هذه التفجيرات ما نصه:

    إن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، علمت ما حدث من التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض، وأنه قد ذهب ضحيته نفوس معصومة، وجرح بسببه آخرون، وروع آمنون، وأخيف عبار السبيل، ولذا فإن الهيئة تقرر أن هذا الاعتداء آثم وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس والأموال، والأمن والاستقرار، ولا يفعله إلا نفس فاجرة، مشبعة بالغدر والخيانة، والحسد والبغي والعدوان، وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جرمه وعظيم إثمه(2).

    وصدر عن هيئة كبار العلماء أيضا بيان في استنكار التفجير الذي وقع في مدينة الخبر قبل عدة سنوات، ومما جاء فيه:

    أن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر، فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف، وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يحتسب عمله على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة، والمتمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة (3).

    وقال الشيخ ابن عثيمين في حادث تفجير الخبر:

    لا شك أن هذا العمل لا يرضاه أحد، كل عاقل، فضلا عن المؤمن، لأنه خلاف الكتاب والسنة، ولأن فيه إساءة للإسلام في الداخل والخارج.. ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم، ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون، سوف يعثر عليهم إن شاء الله، ويأخذون جزاءهم، ولكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث، منهج الخوارج الذي استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين " (4) ا·هـ·

    قال العلامة ابن باز ـ غفر الله له ـ: " لا يجوز قتل الكافر المستأمن أدخلته الدولة آمنا، ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم " (5).

    ومما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ، في التحذير من إيذاء المعاهدين أو ظلمهم: قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة " رواه أبو داود وصححه الألباني (6).

    وسئل العلامة ابن باز (7) غفر الله له، عن حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟ فأجاب بقوله: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحا أو عمالا، لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان فلا يجوز الاعتداء عليهم " ا·هـ·

    وقال العلامة ابن عثيمين غفر الله له(8): " إن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله وحرم قتلها: أربع أنفس: نفس المؤمن، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن " ا·هـ·

    قتل النفس في العمليات الانتحارية

    وقد حذر العلماء دوما من قتل النفس حتى ولو بنية الشهادة، فقد سئل العلامة ابن باز غفر الله له (9): عن حكم من يلغم نفسه ليقتل بذلك مجموعة من اليهود؟ فأجاب بقوله: نبهنا غير مرة أن هذا لا يصح، لأنه قتل للنفس، والله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة " ا·هـ·

    وقال الشيخ الألباني غفر الله له (10): " العمليات الانتحارية في الزمن الحاضر الآن كلها غير مشروعة وكلها محرمة·· وقال: هذه العمليات الانتحارية ليست إسلامية إطلاقا " ·

    وقال الشيخ ابن عثيمين غفر الله له(11): " أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة، ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله·

    فهذه فتاوى علماء الدنيا الثلاثة ابن باز، والألباني وابن عثيمين، فمن الناس بعدهم·

    ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالد مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " خرجه الإمام مسلم في الصحيح " 109 " ·

    إن الخروج على ولي الأمر، وقتل رجال الأمن المسلمين من كبائر الذنوب، وليس من الجهاد في سبيل الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حمل علينا السلاح فليس منا " ، رواه مسلم " 98 ـ99 " · وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتاكم وأمركم جميعا على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " وفي رواية: " فاضربوه بالسيف كائنا من كان " رواه مسلم " 1852 " ·

    ولما قيل للعلامة ابن باز: إن الجماعة الإسلامية تقول إنكم تؤيدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السلاح عموما، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله:

    إن كان أحد من الدعاة في الجزائر قال عني، إني قلت لهم يغتالون الشرطة، أو يستعملون السلاح في الدعوة إلى الله، فهذا غلط، ليس بصحيح، بل هو كذب، إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن··· أما الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من سنة أصحابه صلى الله عليه وسلم (12). ا.هـ.

    والتنظيمات السرية والتدريبات المشبوهة

    إن طريق أهل البدع: السرية والخفاء في دعوتهم، كما قال عمر بن عبدالعزيز: إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة·

    فالحذر الحذر من الاجتماعات السرية، التنظيمات الخفية والتدريبات المريبة، وأشرطة ومنشورات الفتنة والخوارج فاحذروها، ولو كانت باسم الدعوة والجهاد.

    الافتيات على الإمام والجهاد دون إذنه

    يشترط للجهاد أن يكون تحت راية بقاتل من ورائها، يقودها إمام المسلمين وهو السلطان، أو من ينبيه، ومن الأدلة على ذلك:

    1ـ ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ·· إنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه ويتقى به " .

    قال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم : " الإمام جنة " أي: كالستر؛ لأنه منع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس ويخافون سطوته· ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : " يقاتل من ورائه " : أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم مطلقا " ا·هـ·

    ومن الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: " الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة، وعصى الإمام وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف " رواه أبو داود " 2155 " وحسنه الألباني.

    ومن الأدلة ما رواه عبدالله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم· قال: ففيهما فجاهد " ، رواه البخاري " 3004" · فهذا الرجل جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فدل على أنه لا بد من إذن الإمام في الجهاد·

    قال الإمام أحمد بن حنبل في أصول السنة: و " الغزو ماض من الأمراء إلى يوم القيامة، البر والفاجر لا يترك " (13)· وقال أبو داود: " قلت للإمام أحمد: إذا قال الإمام ـ يعني السلطان ـ: لا يغزون أحد من أهل عين زربة؟ قال أحمد: فلا يغزون أحد منها " (14).

    وقال الموفق ابن قدامة في كتابه المغنى (15): " وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك " ·

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: " والجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور " (16)·

    وحذر أئمة الدعوة السلفية كما في السنية، ممن يفتاتون على السلطان في أمور الجهاد فقالوا: " رأينا أمرا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو: الاستبداد دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود: إنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، وليس لأحد من الرعية دخل في ذلك إلا بولايته·· " (17) ا·هـ·

    وقال الشيخ سعد بن عتيق: " ومما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغررين: الاستخفاف بولاية المسلمين، والتساهل بمخالفة إمام المسلمين، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان " (18) انتهى من الدرر السنية في الأجوبة النجدية·

    وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: " لا بد له ـ أي الجهاد ـ من شروط، منها: أن يكونوا تحت راية إمام يجاهدون بأمره " (19) ا·هـ·

    وسئل الشيخ الفوزان عن حكم الذهاب للجهاد دون موافقة ولي الأمر مع أنه يغفر للمجاهد من أول قطرة من دمه؟ فأجاب حفظه الله بقوله: لا يكون مجاهدا، إذا عصى ولي الأمر وعصى والديه لا يكون مجاهدا، يكون عاصيا " (20)·

    إذن الوالدين

    ولا بد للجهاد من استئذان الوالدين، فلا يجوز لمؤمن أن يعصيهما في ذلك، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي· قال: أذنا لك؟ قال: لا· فقال صلى الله عليه وسلم : " ارجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما " رواه أبو داود وصححه الألباني (21)·

    وعن معاوية بن جاهمة السلمي، أن جاهمة ـ رضي الله عنه ـ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت استشيرك· فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم· فقال صلى الله عليه وسلم : " فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها " رواه النسائي، وصححه الألباني (22).

    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال جمهور العلماء يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية " (23) ا·هـ·

    وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (24): أن محمد بن طلحة أراد الغزو، فأتت أمه عمر ـ رضي الله عنه ـ، فأمره أن يقيم، فلما ولي عثمان ـ رضي الله عنه ـ، أراد الغزو، فأتت أمه عثمان فأمره أن يقيم.

    وفي المصنف أيضا (25)، أن رجلا أتى ابن عباس ـ رضي الله عنهما فقال: إني أردت أن أغزو وإن أبوي يمنعاني فقال ابن عباس، أطع أبويك واجلس، فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك.

    وعن الحسن البصري قال: " إذا أذنت لك أمك في الجهاد، وأنت تعلم أن هداها عندك في الجلوس فاجلس " (26).

    وقال الإمام أحمد: " إن أذنت من غير أن يكون في قلبها لطخ وإلا فلا تغز " (27).

    وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بازـ رحمه الله ـ: لا يجوز الذهاب للجهاد إلا بإذن الوالدين ورضاهما بذلك، لأن طاعتهما واجبة ومقدمة على غيرها بعد طاعة الله " (28). ورد الشيخ أحمد النجمي على من يخص الاستئذان بوحيد والديه: بأن هذا رد للنصوص بالرأي، ثم إن البر واجب على جميع الأبناء كل بعينه لا يقوم به أحدهم عن الآخر والمقصود من جلوسه عند والديه دفع أذى الغيبة والفراق (29)، فاتقوا الله معاشر الأبناء.

    تنحية فتاوى العلماء الربانيين

    إن الجهاد عبادة والذي يفتي في هذه العبادة هم الذين يفتون في غيرها من العبادات كالصلاة والزكاة والحج، هم العلماء العارفون بالكتاب والسنة، فهم أعلم الناس بأحكام الجهاد وشروطه وضوابطه، وأما ما يدعيه بعضهم: من أنه لا يعلم الجهاد وأحكامه إلا أهل الثغور ومن ذهب إلى ساحات القتال: فهذا القول باطل، الغرض منه تهميش فتاوى العلماء، وتصدير بعض الجهال·

    وقال الشيخ الألباني في رده على هذه الشبهة: " صحيح أن الألباني أو ابن باز يمكن ما يعرفان حمل السلاح، لكن ألا يعرفان أحكام الجهاد؟؟ ما معنى هذا الكلام؟ هذا من توسيل الشيطان لهم، تزيينه لفتاواهم المخالفة للكتاب والسنة " ا.هـ.

    فالواجب على من يجهل أحكام الجهاد، أن يتقي الله في الدماء، ولا يتكلم في دين الله بلا علم، قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} [النحل: 116].

    وكم جر هؤلاء الجهلة على الأمة من المصائب بفتاواهم، فضلوا وأضلوا، وأقحموا الأمة في نزاعات ومصادمات لا فائدة منها، بل الضرر والشر والتضييق على أهل الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا يتنزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " خرجه البخاري "100" · وفي رواية: " فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون " " البخاري 7307" ·

    غاية الجهاد

    ليس من الجهاد في شيء سفك دماء الكفار بدون حق، بل الغاية من الجهاد في الإسلام هو إقامة دين الله في الأرض، وتحكيم شرعه وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [الأنفال: 39].

    قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: " ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله، وأنه ليس المقصود به سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يكون الدين لله تعالى، فيظهر دين الله على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره، وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل المقصود فلا قتل ولا قتال " انتهى " تفسير ابن سعدي ص 98 ط·الرسالة " ·

    وفي الصحيحين (30) من حديث أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

    ولذلك، فإن من قاتل نصرة لمذهب أو رجل أو جماعة إسلامية حزبية ليست على منهاج النبوة وما كان عليه السلف الصالح فإن ذلك ليس من الجهاد في سبيل، ولا من القتال لإعلاء كلمة الله.

    المظاهرات

    وليس من الجهاد في شيء: القيام بالمظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء·

    فقد سئل الشيخ ابن باز ـ غفر الله له ـ (31): عن المظاهرات والاعتصامات، هل هي من الجهاد؟ فقال: لا· هذا غلط غلط، هذا فتنة، وشر لا يصلح.

    وسئل ـ رحمه الله ـ عن المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة، وهل تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة، وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟

    فأجاب بقوله (32): لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكن أرى أنها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق الشرعية... بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئ ومع الأمير ومع السلطان... دون التشهير على المنابر بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان. انتهى.

    وقال العلامة ابن عثيمين ـ غفر الله له ـ (33): " لا نؤيد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيدها إطلاقا، ويمكن الإصلاح بدونها " ·

    وقال الشيخ الفوزان ـ حفظه الله ورعاه ـ (34): المظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ورحمة وانضباط، لا فوضى فيه ولا تشويش ولا إثارة فتن.. والحقوق يتوصل إليها بغير هذه الطريقة بالطرق الشرعية.. والمظاهرات تحدث فتنا وسفك دماء، وتخريب أموال ولا تجوز هذه الأمور. ا.هـ.

    التكليف مناط بالقدرة

    وليس من الجهاد في شيء: إقحام أمة الإسلام في حروب لا طاقة لها بها·

    فإن من فضل الله ورحمته بعباده أنه لم يكلفهم إلا ما يطيقون، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها··} [البقرة: 286]، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم " متفق عليه " البخاري 8827، مسلم 7313 " .

    ولذلك فإن للمسلمين ألا يقاتلوا عدوهم إذا كان يفوقهم عددا وعدة، حقنا لدماء أهل الإسلام، وصيانة للأعراض، وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك:

    فإن الله لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقت الضعف في مكة بقتال قريش؛ لعدم قدرتهم على ذلك.

    وهذا موسى نبي الله عليه الصلاة والسلام، يأمره ربه بالخروج هو ومن معه لما أراد فرعون قتلهم ولم يأمرهم بالجهاد لضعفهم، قال تعالى: {فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون} [الدخان: 23].

    وفي صحيح مسلم (35) من حديث النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر خروج الدجال وقتل عيسى له ثم قال: فبينما هو كذلك، إذا أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فأمره الله بالتحرز والتحصن ولم يأمره بالقتال.

    قال الله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم} [الأنفال: 16].

    قال الحافظ ابن كثير: " إن كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية " ا·هـ.

    قال الشيخ ابن عثيمين (36): " لا بد فيه ـ أي الجهاد ـ من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة، فإن إقحام أنفسهم في القتال: إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة " ا·هـ.

    وقال ـ رحمه الله ـ فيمن يوجب على المسلمين قتال الدول الكافرة التي هي أقوى من المسلمين بكثير: علق ـ رحمه الله ـ على ذلك بقوله: إنه من الحمق·· كيف نقاتل، هذا تأباه حكمة الله ويأباه شرعه " (37)·

    احترام العهود

    وليس من الجهاد أن يعتدي المسلمون على من كان بينهم وبينه عهود ومواثيق·

    قال تعالى: {··وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير} [الأنفال: 72].

    قال الحافظ ابن كثير ـ غفر الله له ـ: يقول الله تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا، في قتال ديني على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم، لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم، وهذا مروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ·ا·هـ·

    وقال الشيخ السعدي في تفسيره: قوله تعالى: {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق}، أي: عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق "(38)·


    مجلة الدعوة

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    التحذير من الطعن في علماء السنة



    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
    ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )



    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

    ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .

    ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ) .

    ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ) .

    أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . وبعدُ :

    أمة الإسلام، أمة القرآن :

    لقد أتت جهود العلماء المخلصين ثمارها فكم بذلوا في سبيل تفقيهِ الأمة والنهوض بها ، وبيان السنةِ وما عليها . لكن ما نراهُ من خيرٍ وإقبال على الدين ، واجتماعٍ وألفةٍ يوشكُ أن يزولَ ، إذ النعم تدوم بالشكر، وتزول بالكفر كمثل قريةٍ من قبلنا ، كانت في خيرٍ ونعمةٍ واطمئنان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.

    ألا وإن من أسباب زوال النعم وذهاب الدين ، الطعن في علماء السنة والتوحيد ، وتطاول الصغار على الكبار ، والجهال على العلماء ، والوقيعة في مشايخ الإسلام وأئمته ِ. قال الإمام ابن المبارك رحمه الله :

    ( من استخف بالعلماء ذهبت أخرته ).

    وقال أبو سنان الأسدي :

    ( إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى ...).

    وهاهو الحافظ ابن عساكر يذكر من أراد النجاة يوم الميعاد فيقول :

    (اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم.)

    الطاعنون في علمائنا لا يضرون إلا أنفسهم ، وهم يستجلبون بفعلتهم الذِلَةَ والصغار إذ الله يدافع عن الذين أمنوا ، وهو جلَ وعلا لا يصلح عمل المفسدين .

    قال الإمام أحمد إمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه ( لُحوم العلماء مسمومة من شمها مَرِض ، ومن أكلها مات ). وقال الحافظ ابن عساكر :

    ( من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ). الطاعنون في علماء التوحيد والسنة أهل مكرٍ وخديعةٍ إن لم يقدروا على التصريح لمحوا ، فتنبهوا يا عباد الله لألا تُخدَعُوا. . وإليكم بعض الأمثلة في قدحهم في علمائنا الكبار. لألا يغترَ بها الجهال. فمنها : أنهم يُعيرون العلماء بأنهم ( فقهاء الحيض والنفاس )

    وما عَلِموا أن الإمام أحمد رحمه الله مكث يتعلمُ مسائل هذا الباب بضعِ سنين، لكن أولئك الجهال شابَهُ الحُيّض اللائى إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك خيراً قط . ثم إن هذا التعبير فيه ما فيه من الاستهزاء بمسائل الدين ، فنسأل الله السلامة والعافية. وتارة يقولون : ( علماؤنا لا يفقهون الواقع ) فيا سبحان الله! كيف يجهل علماؤنا الربانيون فقه الواقع ، ثم يدركه حُدَثاءُ الأسنان، سفهاءُ الأحلام ثم يدعون أنهم يكملون العلماء ، إن هذا لشيءٌ عجاب.

    ولكن إذا عُرِفَ السببُ بُطِلَ العجب ، فهؤلاء القوم أرادوا بهذه الشبهة صرف الناس زمن الفتن والأحداث الكبار عن العلماء ، ليخلوَ الجو لهم في توجيه الناس وسط ما يريدون بدعوى فقههم للواقع ، فوالله لا فقهاً حصلوا، ولا واقِعاً أدركوا. وتارةً يقولون :

    ( علماء السلاطين ، ومشايخ الحكومة ) . وقصدهم في ذلك : أنهم يفتون بغيرِ الحق مراعاة للخلقِ ، الله جل وعلا حسيبهم ، كيف يفترون على علماءِ المسلمين وأئمتهم. ولقد رد الشيخ اللحيدان هذه الفرية فقال : (

    إن لي في القضاء ، وهيئة كبار العلماء أكثر من ثلاثين سنة ، والله ما أُمِرَنا في يومٍ أن نفتي بما يوافق هوى أحدٍ من الناس ، وإنما نفتي بما نراه الحق ) .الله أكبر تشابهت قلوب المبطلين. لما جادل ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا تُجيبوه إنما جاء ينافحُ أن يدافع عن ابن عمه علي بن أبي طالب فطعنوا في نية ابن عباس رضي الله عنهما ،ولكل قومٍ وارث .

    فاللهم احفظ علمائنا من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وافتراء المبطلين يا ارحم الراحمين . وتارة يقولون :

    ( العلماء لا يبينون الحق ) فوالله ما ندري ما الحق الذي لم يبينُ العلماء.

    التوحيدُ بينوه ، والشرك حذروا منه ، والبدعُ حاربوها ، وأركان الإسلام أوضحوها ، وفتاواهم في بيانِ الحلال والحرام منشورةٍ مشكورة .

    لكن بعض الناس يعتقد أمراً الله أعلم بصحتهِ ثم يلزم العلماء ببيانه ِ، وإلا صاروا عنده كاتمين للحق مداهنين . ألا فليعلم أُولئك المندفعون أن علمائنا أهل سنةٍ واتباع ، لا يتـعدون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبديه علانية ، ولكن يأخذُ بيده فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه . خرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة.)

    ومنها أن بعضهم يعتمدُ كلام العلماء في أركان الإسلام كالصلاةِ والصومِ والحجِ وغيرها ، وأما في أمر الدعوة والمنهج فتراهُ معرضاً عن فتاوى العلماء الربانيين ، وكأنها ليست من الدين لظنه أنهم لا يدركون ذلك ، وعندها تقع التخبط والقول على الله بلا علم ، وتصدّر الجهال والاعتداء على حدود الله باسم مصلحة الدعوة ومنها سوء الظن بالعلماء.

    فعلماؤنا رضي الله عنهم وأرضاهم يتبنون الحق بدليله كما أمرهم ربنا جل وعلا رضي وسخط من سخط لكن بعض الناس يوهموا أن لهم مآرب أخرى .فاللهم اهدهم يا ارحم الراحمين . ومن الأمثلة على ذلك فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين غفر الله لهما بتحريم تفجير المسلم نفسه لإرهاب العدو . ومنها أن الاعتزاز بالنفس والتشدد والغلو قد يوقع صاحبه في عظائم الأمور فتراهم يتجرءون أولا على تكفير الحكام ثم يكفرون العلماء الذين يأمرون بطاعةِ أُولي الأمر ، حتى قال أحدهم: (كفر علمائنا مما لا جدال فيه )

    فوالله لو كان أحدهم يعرف قدر نفسه أو مبلغ علمه ما تجرأ على تكفيرِ الأمة والأئمة، ولكنه الجهل بما عليه أهل السنة في معاملة الحكام ، والعجب أن هؤلاء يتحرجون من الإفتاء في دم الحيض والنفاس ثم يتجرءون على الإفتاء في دماء الأمة وعلى مسائل يتحرج منها كبار العلماء . فالله المستعان وعليه التكلان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). ومن ذلك اتهام العلماء بمولاة الكفار لا لشيء إلا أنه أفتى بما يراهُ الحق في مسألةٍ فقهيةٍ تتعلق بجهاد الكفار ، فترى بعضهم يصدرون ويصدرون البيانات والمذكرات والنشرات بتكفير المسلمين ، واتهامهم بمولاة المشركين، فمن لا يعجبهم فهو موالي للكفار مرتد عن دين الله جل وعلا ،فتطاولوا على العلماء والأخيار ، ولبسوا على المسلمين دينهم وحكموا أنفسهم في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم . فلا إله إلا الله ، لا إله إلا الله إذا كان علماؤنا موالين للمشركين فما حكمنا نحن إذاً ،

    اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والقول في دينك بلا علم ، ومنها تناقض بعضهم فتراه يوقرُ رموز الجماعات الحركية المحدثة ، ويتستر على بدعه ، وأما علماء السنة والتوحيد فحديثه عنهم دائر بين القدح واللمز والتشكيك ، ثم يزعم أنه على منهج السلف الصالح . قال أبو حاتم لأبنه :

    إذا رأيت من يحب أحمد بن حنبل فعلم أنه صاحب سنة . وقال قتيبة : ( إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحي بن سعيد وعبد الحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وذكر أقواماً فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فأعلم أنه مبتدع . انتهى كلامه رحمه الله . واليوم إذا رأيت الرجل يحب علماء السنة والتوحيد , كالعلامة ابن بار ، وابن عثيمين ، والألباني ، وآل الشيخ ، والفوزان ، واللحيدان ، والغديان ، وغيرهم ممن هم على منهجهم ، فعلم أنه صاحب سنة ، ومن وقع فيهم فحذر فإنما أخفاه عنك أشنع مما أظهره .

    وتناقض آخر عجيب ترى بعضهم يتحدث عن مآسي المسلمين وجراحاتهم ويملأ الدنيا عويلاً وتبجحاً ، وما هي إلا لحظات وإذا به يهجم على علمائنا ويقدح وجُرحُ الأمة من هذا أشد مضاضةً وألماً ومنها تضخيم أخطاء العلماء ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له :

    ( أسال الله أن يعين العلماء على ما يناله من السنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة . أولاً : أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك . وهذه جناية كبيرة . ثانيا : تضخيم الأخطاء , فهذا خطا وعدوان , فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك أما تضخيم الخطأ ثم وذكره في أبشع حالاته فهذا لا شك انه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ان استطلعت القول لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم لشريعةِ الله , أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد , أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد ؟ انتهى كلامه رحمه الله وغفر له .

    ومنها تجرئ بعض الشباب على إصدار فتاوى في الأمور العظام التي تهم الأمة كلها مع وجود من هو أعلم منهم ، وأجل وأقدر على معرفة ظواهر الأمور وخفاياها فمن كُفِيَ فليحمد الله ويتدبر قول ربنا جل جلاله :

    (( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوهُ إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمر منهم لَعَلِمهُ الذين يستنبطونه منهم )) الآية .

    ومنها عصيان العلماء زمن المحن والفتن ، فإذا ما وقعت الواقعة ، وحلت المصيبة عادوا فعصوا الله وحملوا العلماء نتائجها ، قال الله جل وعلا :

    (( أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة ، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً )) الآية.

    ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ومنها التزهيد في دروس العلماء ومحاضراتهم وأشرطتهم بحجةِ الاعتناء بالتربيةِ فيا سبحان الله أيُ تربية أعظم من لزوم حلق العلماء ، ومجالس الذكر ، وتدريس كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومنها الطعن في العلماء عند وجود منكر ما وكأن قلوب العباد وأمور الكون بأيدي العلماء يغيرون ما يشاءون . فيا هذا اتقِ اللهِ عز وجل.

    فالعلماء ينكرون المنكر فإن استجيب لهم فالحمد لله ، وإلا فقد أدوا ما أمروا به ولا تثريب عليهم بعد ذلك . فمن أسباب الجرأَةُ على الطعن في العلماء: سوء الظن بهم ، فيحسبونهم طلاب دنيا، كاتمين للحق . ألا فاتقوا الظن فإنه أكذب الحديث ، وبالله عليك هل تظن هذا السوء بنفسك يا عبد الله . ومنها الغرور وإعجاب كل ذي رأي برأيه ِ، فيرى أحدهم أنه أهل لتخطئةِ العلماء وتصغيرهم ، والمسكين لا يعرف آداب قضاء الحاجة ، فحسبنا الله على من جرأك على هذا المرتع الوخيم . ومنها اعتقاد بعضهم أنه وحده الغيور على دين الله وجل وعلا ، وهذا المنهج ما هو إلا نفس خارجي حروري ، وإن تدثر بدثار الغيرة على الدين والانتصار له . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .

    ألا فعلموا أن العلماء من أعظم الناس غيرة على حدود الله جل وعلا، ولكنهم ولله الحمد بعيدون عما يظهره بعضهم من هيجان واندفاع، وتهييج . ومنها: قلة الخوف من الله، وإلا لحبس هذا الطعانُ لسانه عن المسلمين قال الله جل وعلا :

    (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ))الآية. وقال الله سبحانه وتعالى :

    (( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) الآية . ومن الأسباب تلبيس أهل البدع ، والغرور خاصةً في زمن الفتن فيألبون ويهيجون الأمة على العلماء ويلقون بالشُبَهِ لتخلوا البلاد لهم .

    ومنها : التقصير في التحذير من هذه الفتنة ، فتنة التعدي على علماء السنة والتوحيد ، فُيخشى والله أن تصير سنة ينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير، فالواجب أن يتصدى المصلحون لها ، وأن يبينوا للناس دينهم ما استطاعوا ، لأن الدين يذهب إذا طُعِنَ في حملته . ومنها : جهل الطاعنين بعواقب فعلتهم ، وثمارها المرة .

    يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :

    طالب العلم له شأنٌ عظيم وأهل العلم هم الخلاصة في هذا الوجود . أمة الإسلام، أمة القرآن الطعن في العلماء عاقبتهُ وخيمة ومآل أهله الذلة والخسران .

    فمن ثمراته : حرمان بركة العلم إذ كيف ينتفع بالعلماء من يقدح فيهم .

    كم من رجلٍ أفنى عمره في طلب العلم ، وحفظه ولكن ما انتفع به ولا نفع ، لأنه كان شديداً على علماء السنة طعناً فيهم . ومنها : موت القلب كما قال ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

    والله لقد رأينا أقوام نعرفهم ويعرفونا كانوا ذوي خير وصلاح ولكنهم كانوا طعانين في العلماء لا تخلوا مجالسهم من همزٍ ولمزٍ فـنُصِحوا وذُكِروا فما استجابوا، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، أما وجوههم فقد ذهب نورها وبهاؤها وأما أعمالهم فما أقبحها الآن تجرأٌ على رؤية المومسات في القنوات وشربٌ علانية للتنمباك وترك للصلوات. صدق ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

    ومنها : التعدي على العلماء هو من الغيبة والهمز واللمز فإن كان فيهم ما تقول فقد اغتبتهم وإلا فقد بهتهم . فالسلامة السلامة ، يا مريد النجاة يوم القيامة . واحذر عقوبة الله جل وعلا فإنه ينتقم ممن تعدى على أولياءه .

    ومنها : أن الطعن في علماء السنة فيه مشابهة للذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . ومنها : الجناية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصرفها عن علمائنا الربانيين لأن القدح فيهم يشكك الأمة في علمهم وأمانتهم فينصرفون إلى رؤوسِ الجهال ؛ فيفتون بغير علم فَيُضِلُون ويُضَلُون ، وفي هذا أيضاً جناية على الشريعة وتجفيف لينابيع الخير والهدى شاء ذلك الطاعنون أم أبوا . وفي الطعن فيهم إسقاطٌ لهيبتهم عند السلاطي ن، فالله المستعان. ومن آثار الطعن في العلماء شد أزر علماء البدع ودُعاتُها ، وكم يفرحون بطعن الأغرار في علماء السنة لأن الذي يصد أهل البدع ويردهم علماء السنة الأخيار فتنبهوا يا أولي الأبصار. وفي الطعن في العلماء أيضاً تقوية للعلمانيين وخدمة لهم فإنهم يسعون من قديم للحط من قدر العلماء وقد وجدوا من يكفيهم ذلك دون مقابل .

    فإن لله وإنا إليه راجعون . ومنها: خذلان الناس للطاعن في العلماء ، فيتخلى عنه أحبابه وأتباعه ، فلا تتم له دعوة ولا جهاد ، ولا إنكار منكر ويسلط الله عليه أقرب الناس إليه ، لأن المؤمنين لا يحبون من يقع في علمائهم .

    ومنها: أن في ذلك مشابهة لأهل البدع فإن من أعظم علاماتهم الوقيعة في علماء السنة . وأختم هذه التذكرة بذكر مواقف تبين أخلاق الأبرار كيف كانوا يوقرون أهل الإسلام هذه المواقف تبين توقير العلماء بعضهم لبعض ، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه . ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه :

    أن أبا محمد البربهاري الحنبلي العالم الزاهد الفقيه ، عطس يوماً وهو يَعِظُ فشمتهُ الحاضرون ثم شمتهُ من سمعه ، حتى شمتهُ أهل بغداد ؛ فانتهت الضجةُ إلى دار الخلافة . وقال المروزي : قدم رجلٌ من طرسوس فقال : كان في بلاد الروم في الغزو إذا هدى الليل رفـعوا أصواتهم بالدعاء يقولون : ادعوا لأبي عبدالله يعني إمام أهل السنة أحمد بن حنبل. وقال حاشر بن إسماعيل : كنت في البصرة فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل يعني الإمام البخاري صاحب الصحيح فلما قدم قال بندار : ( اليوم دخل سيد الفقهاء ).

    وقال عباد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالدٍ الحذاء أحد الأئمة الأعلام ، قال فأتيته أنا وحماد بن زيدٍ فقلنا له :

    مالك أجُننت وتهددناه فسكت . وقال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي. وقال :

    إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

    وقال يحيى بن جعفر : لو قدرت أن أزيد في عُمرِ محمد بن إسماعيل البخاري من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم . وقال الإمام أبو حنيفة في شيخه حماد : ما صليتُ صلاةً منذ مات حماد إلا استغفرتُ له مع والدي وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً .

    وسأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل فقال : عندنا بالمسجد شابٌ يقال له أبو زرعة ، فغضب الإمام أحمد وقال يقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعوا لأبي زرعة ومن كان من أهل العلم ، يقول :

    (( اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم ...اللهم ...في دعاء كثير.)).

    وأما كلام علماء الدنيا الثلاثة في زماننا : ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين، في هذا الباب بعضهم على بعض فعظيم . قال الألباني رحمه الله :

    ( خلت الأرض من عالمٍ وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بذكر منهم : العلامة ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين). وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

    ( لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني ).

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

    ( الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا لكن بعض الناس نسأل الله العافية يكون في قلبه حقد إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ). وقال :

    ( الرجل رحمه الله نعرفه من كتبه وأعرفه بمجالسته أحياناً سلفي العقيدة سليم المنهج ) أ.هـ. فيا عباد الله : اتقوا الله جل وعلا :

    ( اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون) .

    من وقع منه زلة ، أو طعن في أحد من علماء السنة فيتب إلى الله جل وعلا قبل الممات ، وليستغفر لهم في المجالس التي قدحهم فيه .

    اللهم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من إجرامنا ، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ً.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . أهـ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    من خطبة جمعة للشيخ // سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله .( بتصرف يسير )


    الشيخ سلطان العيد

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    وبهذا يهدم الدين !.




    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).


    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .


    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).


    (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ).


    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ).


    أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . وبعدُ :


    أمة الإسلام، أمة القرآن :


    لقد أتت جهود العلماء المخلصين ثمارها فكم بذلوا في سبيل تفقيهِ الأمة والنهوض بها ، وبيان السنةِ وما عليها . لكن ما نراهُ من خيرٍ وإقبال على الدين ، واجتماعٍ وألفةٍ يوشكُ أن يزولَ ، إذ النعم تدوم بالشكر، وتزول بالكفر كمثل قريةٍ من قبلنا ، كانت في خيرٍ ونعمةٍ واطمئنان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.


    ألا وإن من أسباب زوال النعم وذهاب الدين ، الطعن في علماء السنة والتوحيد ، وتطاول الصغار على الكبار ، والجهال على العلماء ، والوقيعة في مشايخ الإسلام وأئمته ِ. قال الإمام ابن المبارك رحمه الله : " من استخف بالعلماء ذهبت أخرته ".


    وقال أبو سنان الأسدي : " إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى ".


    وها هو الحافظ ابن عساكر يذكر من أراد النجاة يوم الميعاد فيقول :


    "اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم ".


    الطاعنون في علمائنا لا يضرون إلا أنفسهم ، وهم يستجلبون بفعلتهم الذِلَةَ والصغار إذ الله يدافع عن الذين أمنوا ، وهو جلَ وعلا لا يصلح عمل المفسدين .


    قال الإمام أحمد إمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه " لُحوم العلماء مسمومة من شمها مَرِض ، ومن أكلها مات ". وقال الحافظ ابن عساكر :



    "من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ". الطاعنون في علماء التوحيد والسنة أهل مكرٍ وخديعةٍ إن لم يقدروا على التصريح لمحوا ، فتنبهوا يا عباد الله لألا تُخدَعُوا. . وإليكم بعض الأمثلة في قدحهم في علمائنا الكبار. لألا يغترَ بها الجهال. فمنها : أنهم يُعيرون العلماء بأنهم " فقهاء الحيض والنفاس ".


    وما عَلِموا أن الإمام أحمد رحمه الله مكث يتعلمُ مسائل هذا الباب بضعِ سنين، لكن أولئك الجهال شابَهُ الحُيّض اللائى إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك خيراً قط . ثم إن هذا التعبير فيه ما فيه من الاستهزاء بمسائل الدين ، فنسأل الله السلامة والعافية. وتارة يقولون : " علماؤنا لا يفقهون الواقع " فيا سبحان الله! كيف يجهل علماؤنا الربانيون فقه الواقع ، ثم يدركه حُدَثاءُ الأسنان، سفهاءُ الأحلام ثم يدعون أنهم يكملون العلماء ، إن هذا لشيءٌ عجاب.


    ولكن إذا عُرِفَ السببُ بُطِلَ العجب ، فهؤلاء القوم أرادوا بهذه الشبهة صرف الناس زمن الفتن والأحداث الكبار عن العلماء ، ليخلوَ الجو لهم في توجيه الناس وسط ما يريدون بدعوى فقههم للواقع ، فوالله لا فقهاً حصلوا، ولا واقِعاً أدركوا. وتارةً يقولون :


    " علماء السلاطين ، ومشايخ الحكومة " . وقصدهم في ذلك : أنهم يفتون بغيرِ الحق مراعاة للخلقِ ، الله جل وعلا حسيبهم ، كيف يفترون على علماءِ المسلمين وأئمتهم. ولقد رد الشيخ اللحيدان هذه الفرية فقال :


    "إن لي في القضاء ، وهيئة كبار العلماء أكثر من ثلاثين سنة ، والله ما أُمِرَنا في يومٍ أن نفتي بما يوافق هوى أحدٍ من الناس ، وإنما نفتي بما نراه الحق " .الله أكبر تشابهت قلوب المبطلين. لما جادل ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا تُجيبوه إنما جاء ينافحُ أن يدافع عن ابن عمه علي بن أبي طالب فطعنوا في نية ابن عباس رضي الله عنهما ، ولكل قومٍ وارث .


    فاللهم احفظ علمائنا من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وافتراء المبطلين يا ارحم الراحمين . وتارة يقولون :


    "العلماء لا يبينون الحق " فوالله ما ندري ما الحق الذي لم يبينُ العلماء.


    التوحيدُ بينوه ، والشرك حذروا منه ، والبدعُ حاربوها ، وأركان الإسلام أوضحوها ، وفتاواهم في بيانِ الحلال والحرام منشورةٍ مشكورة .


    لكن بعض الناس يعتقد أمراً الله أعلم بصحتهِ ثم يلزم العلماء ببيانه ِ، وإلا صاروا عنده كاتمين للحق مداهنين . ألا فليعلم أُولئك المندفعون أن علمائنا أهل سنةٍ واتباع ، لا يتـعدون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :


    "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبديه علانية ، ولكن يأخذُ بيده فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه . خرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ".


    ومنها أن بعضهم يعتمدُ كلام العلماء في أركان الإسلام كالصلاةِ والصومِ والحجِ وغيرها ، وأما في أمر الدعوة والمنهج فتراهُ معرضاً عن فتاوى العلماء الربانيين ، وكأنها ليست من الدين لظنه أنهم لا يدركون ذلك ، وعندها تقع التخبط والقول على الله بلا علم ، وتصدّر الجهال والاعتداء على حدود الله باسم مصلحة الدعوة ومنها سوء الظن بالعلماء.


    فعلماؤنا رضي الله عنهم وأرضاهم يتبنون الحق بدليله كما أمرهم ربنا جل وعلا رضي وسخط من سخط لكن بعض الناس يوهموا أن لهم مآرب أخرى .فاللهم اهدهم يا ارحم الراحمين . ومن الأمثلة على ذلك فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين غفر الله لهما بتحريم تفجير المسلم نفسه لإرهاب العدو . ومنها أن الاعتزاز بالنفس والتشدد والغلو قد يوقع صاحبه في عظائم الأمور فتراهم يتجرءون أولا على تكفير الحكام ثم يكفرون العلماء الذين يأمرون بطاعةِ أُولي الأمر ، حتى قال أحدهم: "كفر علمائنا مما لا جدال فيه ".


    فوالله لو كان أحدهم يعرف قدر نفسه أو مبلغ علمه ما تجرأ على تكفيرِ الأمة والأئمة، ولكنه الجهل بما عليه أهل السنة في معاملة الحكام ، والعجب أن هؤلاء يتحرجون من الإفتاء في دم الحيض والنفاس ثم يتجرءون على الإفتاء في دماء الأمة وعلى مسائل يتحرج منها كبار العلماء . فالله المستعان وعليه التكلان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


    (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). ومن ذلك اتهام العلماء بمولاة الكفار لا لشيء إلا أنه أفتى بما يراهُ الحق في مسألةٍ فقهيةٍ تتعلق بجهاد الكفار ، فترى بعضهم يصدرون ويصدرون البيانات والمذكرات والنشرات بتكفير المسلمين ، واتهامهم بمولاة المشركين، فمن لا يعجبهم فهو موالي للكفار مرتد عن دين الله جل وعلا ،فتطاولوا على العلماء والأخيار ، ولبسوا على المسلمين دينهم وحكموا أنفسهم في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم . فلا إله إلا الله ، لا إله إلا الله إذا كان علماؤنا موالين للمشركين فما حكمنا نحن إذاً ،


    اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والقول في دينك بلا علم ، ومنها تناقض بعضهم فتراه يوقرُ رموز الجماعات الحركية المحدثة ، ويتستر على بدعه ، وأما علماء السنة والتوحيد فحديثه عنهم دائر بين القدح واللمز والتشكيك ، ثم يزعم أنه على منهج السلف الصالح . قال أبو حاتم لأبنه :


    إذا رأيت من يحب أحمد بن حنبل فعلم أنه صاحب سنة . وقال قتيبة : " إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحي بن سعيد وعبد الحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وذكر أقواماً فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فأعلم أنه مبتدع) . انتهى كلامه رحمه الله . واليوم إذا رأيت الرجل يحب علماء السنة والتوحيد , كالعلامة ابن بار ، وابن عثيمين ، والألباني ، وآل الشيخ ، والفوزان ، واللحيدان ، والغديان ، وغيرهم ممن هم على منهجهم ، فعلم أنه صاحب سنة ، ومن وقع فيهم فحذر فإنما أخفاه عنك أشنع مما أظهره .


    وتناقض آخر عجيب ترى بعضهم يتحدث عن مآسي المسلمين وجراحاتهم ويملأ الدنيا عويلاً وتبجحاً ، وما هي إلا لحظات وإذا به يهجم على علمائنا ويقدح وجُرحُ الأمة من هذا أشد مضاضةً وألماً ومنها تضخيم أخطاء العلماء ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له :


    " أسال الله أن يعين العلماء على ما يناله من السنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة ".


    أولاً: أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك . وهذه جناية كبيرة .

    ثانيا : تضخيم الأخطاء , فهذا خطا وعدوان , فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك أما تضخيم الخطأ ثم وذكره في أبشع حالاته فهذا لا شك انه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ان استطلعت القول لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم لشريعةِ الله , أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد , أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد ؟ انتهى كلامه رحمه الله وغفر له .


    ومنها تجرئ بعض الشباب على إصدار فتاوى في الأمور العظام التي تهم الأمة كلها مع وجود من هو أعلم منهم ، وأجل وأقدر على معرفة ظواهر الأمور وخفاياها فمن كُفِيَ فليحمد الله ويتدبر قول ربنا جل جلاله : (( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوهُ إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمر منهم لَعَلِمهُ الذين يستنبطونه منهم )) الآية .


    ومنها عصيان العلماء زمن المحن والفتن ، فإذا ما وقعت الواقعة ، وحلت المصيبة عادوا فعصوا الله وحملوا العلماء نتائجها ، قال الله جل وعلا : (( أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة ، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً )) الآية.


    ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ومنها التزهيد في دروس العلماء ومحاضراتهم وأشرطتهم بحجةِ الاعتناء بالتربيةِ فيا سبحان الله أيُ تربية أعظم من لزوم حلق العلماء ، ومجالس الذكر ، وتدريس كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومنها الطعن في العلماء عند وجود منكر ما وكأن قلوب العباد وأمور الكون بأيدي العلماء يغيرون ما يشاءون . فيا هذا اتقِ اللهِ عز وجل.


    فالعلماء ينكرون المنكر فإن استجيب لهم فالحمد لله ، وإلا فقد أدوا ما أمروا به ولا تثريب عليهم بعد ذلك . فمن أسباب الجرأَةُ على الطعن في العلماء: سوء الظن بهم ، فيحسبونهم طلاب دنيا، كاتمين للحق . ألا فاتقوا الظن فإنه أكذب الحديث ، وبالله عليك هل تظن هذا السوء بنفسك يا عبد الله . ومنها الغرور وإعجاب كل ذي رأي برأيه ِ، فيرى أحدهم أنه أهل لتخطئةِ العلماء وتصغيرهم ، والمسكين لا يعرف آداب قضاء الحاجة ، فحسبنا الله على من جرأك على هذا المرتع الوخيم . ومنها اعتقاد بعضهم أنه وحده الغيور على دين الله وجل وعلا ، وهذا المنهج ما هو إلا نفس خارجي حروري ، وإن تدثر بدثار الغيرة على الدين والانتصار له . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .


    ألا فعلموا أن العلماء من أعظم الناس غيرة على حدود الله جل وعلا، ولكنهم ولله الحمد بعيدون عما يظهره بعضهم من هيجان واندفاع، وتهييج . ومنها: قلة الخوف من الله، وإلا لحبس هذا الطعانُ لسانه عن المسلمين قال الله جل وعلا : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)) الآية. وقال الله سبحانه وتعالى : (( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) الآية . ومن الأسباب تلبيس أهل البدع ، والغرور خاصةً في زمن الفتن فيألبون ويهيجون الأمة على العلماء ويلقون بالشُبَهِ لتخلوا البلاد لهم .


    ومنها : التقصير في التحذير من هذه الفتنة ، فتنة التعدي على علماء السنة والتوحيد ، فُيخشى والله أن تصير سنة ينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير، فالواجب أن يتصدى المصلحون لها ، وأن يبينوا للناس دينهم ما استطاعوا ، لأن الدين يذهب إذا طُعِنَ في حملته . ومنها : جهل الطاعنين بعواقب فعلتهم ، وثمارها المرة .


    يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :


    طالب العلم له شأنٌ عظيم وأهل العلم هم الخلاصة في هذا الوجود . أمة الإسلام، أمة القرآن الطعن في العلماء عاقبتهُ وخيمة ومآل أهله الذلة والخسران .


    فمن ثمراته : حرمان بركة العلم إذ كيف ينتفع بالعلماء من يقدح فيهم .


    كم من رجلٍ أفنى عمره في طلب العلم ، وحفظه ولكن ما انتفع به ولا نفع ، لأنه كان شديداً على علماء السنة طعناً فيهم . ومنها : موت القلب كما قال ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.


    والله لقد رأينا أقوام نعرفهم ويعرفونا كانوا ذوي خير وصلاح ولكنهم كانوا طعانين في العلماء لا تخلوا مجالسهم من همزٍ ولمزٍ فـنُصِحوا وذُكِروا فما استجابوا، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، أما وجوههم فقد ذهب نورها وبهاؤها وأما أعمالهم فما أقبحها الآن تجرأٌ على رؤية المومسات في القنوات وشربٌ علانية للتنمباك وترك للصلوات. صدق ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.


    ومنها : التعدي على العلماء هو من الغيبة والهمز واللمز فإن كان فيهم ما تقول فقد اغتبتهم وإلا فقد بهتهم . فالسلامة السلامة ، يا مريد النجاة يوم القيامة . واحذر عقوبة الله جل وعلا فإنه ينتقم ممن تعدى على أولياءه .


    ومنها : أن الطعن في علماء السنة فيه مشابهة للذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . ومنها : الجناية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصرفها عن علمائنا الربانيين لأن القدح فيهم يشكك الأمة في علمهم وأمانتهم فينصرفون إلى رؤوسِ الجهال ؛ فيفتون بغير علم فَيُضِلُون ويُضَلُون ، وفي هذا أيضاً جناية على الشريعة وتجفيف لينابيع الخير والهدى شاء ذلك الطاعنون أم أبوا . وفي الطعن فيهم إسقاطٌ لهيبتهم عند السلاطي ن، فالله المستعان. ومن آثار الطعن في العلماء شد أزر علماء البدع ودُعاتُها ، وكم يفرحون بطعن الأغرار في علماء السنة لأن الذي يصد أهل البدع ويردهم علماء السنة الأخيار فتنبهوا يا أولي الأبصار. وفي الطعن في العلماء أيضاً تقوية للعلمانيين وخدمة لهم فإنهم يسعون من قديم للحط من قدر العلماء وقد وجدوا من يكفيهم ذلك دون مقابل .

    فإن لله وإنا إليه راجعون . ومنها: خذلان الناس للطاعن في العلماء ، فيتخلى عنه أحبابه وأتباعه ، فلا تتم له دعوة ولا جهاد ، ولا إنكار منكر ويسلط الله عليه أقرب الناس إليه ، لأن المؤمنين لا يحبون من يقع في علمائهم .


    ومنها: أن في ذلك مشابهة لأهل البدع فإن من أعظم علاماتهم الوقيعة في علماء السنة . وأختم هذه التذكرة بذكر مواقف تبين أخلاق الأبرار كيف كانوا يوقرون أهل الإسلام هذه المواقف تبين توقير العلماء بعضهم لبعض ، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه . ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه :


    أن أبا محمد البربهاري الحنبلي العالم الزاهد الفقيه ، عطس يوماً وهو يَعِظُ فشمتهُ الحاضرون ثم شمتهُ من سمعه ، حتى شمتهُ أهل بغداد ؛ فانتهت الضجةُ إلى دار الخلافة . وقال المروزي : قدم رجلٌ من طرسوس فقال : كان في بلاد الروم في الغزو إذا هدى الليل رفـعوا أصواتهم بالدعاء يقولون : ادعوا لأبي عبدالله يعني إمام أهل السنة أحمد بن حنبل. وقال حاشر بن إسماعيل : كنت في البصرة فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل يعني الإمام البخاري صاحب الصحيح فلما قدم قال بندار : " اليوم دخل سيد الفقهاء ".


    وقال عباد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالدٍ الحذاء أحد الأئمة الأعلام ، قال فأتيته أنا وحماد بن زيدٍ فقلنا له :


    مالك أجُننت وتهددناه فسكت . وقال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي. وقال :


    إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .


    وقال يحيى بن جعفر : لو قدرت أن أزيد في عُمرِ محمد بن إسماعيل البخاري من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم . وقال الإمام أبو حنيفة في شيخه حماد : ما صليتُ صلاةً منذ مات حماد إلا استغفرتُ له مع والدي وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً .



    وسأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل فقال : عندنا بالمسجد شابٌ يقال له أبو زرعة ، فغضب الإمام أحمد وقال يقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعوا لأبي زرعة ومن كان من أهل العلم ، يقول : " اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم ...اللهم ...في دعاء كثير".


    وأما كلام علماء الدنيا الثلاثة في زماننا : ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين، في هذا الباب بعضهم على بعض فعظيم . قال الألباني رحمه الله :


    "خلت الأرض من عالمٍ وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بذكر منهم : العلامة ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين". وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :


    "لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني ".


    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :


    "الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا لكن بعض الناس نسأل الله العافية يكون في قلبه حقد إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ". وقال :


    "الرجل رحمه الله نعرفه من كتبه وأعرفه بمجالسته أحياناً سلفي العقيدة سليم المنهج " أ.هـ. فيا عباد الله : اتقوا الله جل وعلا :


    "اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون".


    من وقع منه زلة ، أو طعن في أحد من علماء السنة فيتب إلى الله جل وعلا قبل الممات ، وليستغفر لهم في المجالس التي قدحهم فيه .


    اللهم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من إجرامنا ، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ً.


    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . أهـ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    من خطبة جمعة للشيخ // سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله . ( بتصرف يسير).

    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



    الشيخ سلطان العيد

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الإرهاب بين التدمير والتبرير



    الإرهاب بين التدمير والتبرير الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وبعد، فيقول الله تعالى (ولا تكن للخائنين خصيماً ) (النساء : آية 105) ويقول تعالى (ولاتجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً ) (النساء : 107) ويقول تعالى (هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً) (النساء: آية 109) .

    إن مما لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه : أن قضية الإرهاب أصبحت في عصرنا هذا من أهم القضايا التي دوخت الأوساط الدولية، والدول الإسلامية كغيرها نالها نصيب من الإرهاب على تفاوت بينها ، ونال بلاد الحرمين من ذلك شيء كثير !فما معنى الإرهاب ياترى، وما هي البواعث والأسباب التي تؤدي إليه ، وما حجم الأضرار التي تنتج عن تلكم الممارسات الإرهابية الظالم أهلها.

    إن الإرهاب كلمة لها معنى ذو صور متعددة ، يجمعها : الإخافة والترويع للآمنين بدون حق ، وإزهاق الأنفس البريئة وإتلاف الأموال المعصومة ، وهتك الأعراض المصونة، وشق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم والخروج على إمامهم وتهييج الشباب ضد بلادهم والزج بهم في مواجهات ومصادمات مع ولاة الأمر والعلماء في صور من الإرهاب الفكري مخزية.

    فيعقب ذلك الإرهاب : تغيير النعم لتحل محلها الفتن والنقم ويظهر الفساد في الأرض، وما أحداث الجزائر عنا ببعيد، فقد قتل فيها باسم الجهاد والدعوة أكثر من مائة ألف مسلم ، نعم ، إنها والله ثمرة أشرطة التهييج والهمز واللمز والطعن في العلماء والأمراء وهي ثمرة وشاهد على فساد الجماعات الإسلامية الحركية المحدثة ، والتي أولها أناشيد وتمثيل يسمونه إسلاميا وتهييج ، وآخرها تكفير وتفجير ، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد روعوا العباد ، وكل هذا باسم الجهاد والدعوة إلى تحكيم الشريعة ! فليتهم يحكمون الشريعة في أنفسهم فينبذون جماعاتهم وأحزابهم البدعية وفكر الخوارج الضلال ويعودون إلى الدعوة السلفية المباركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكفون عن دماء المعصومين من المسلمين وغيرهم. ويشتغلون بالعلم والتعليم وتفقيه الأمة والإصلاح بالطرق المشروعة.

    واذا كان الامر كذلك : 1- فما الاختطاف للبشر في المراكب الجوية وغيرها، وما اغتيال الزعماء والتفجير في منشآت الدول بدون حق إلا صورة من صور الإرهاب المنتنة الفاتنة . 2- وما التخطيط الرهيب للانقلابات وقتل رجال الأمن إلا من الإرهاب الآثم. 3- وما عمل الجماعات المسلحة في بعض الأقطار، والتي تصول وتجول باسم الجهاد والدعوة إلى توحيد الحاكمية زعموا ، فتقتل هذا ، وتأخذ مال هذا ، وتروع الأسر والدول ، وتنسف المصالح والمنشآت وتغتال رجال الدولة ونواب ولي الأمر ظلماً وعدوانا وتجد من أدعياء العلم الذين سموهم دعاة ومشايخ صحوة ومفكرين إسلاميين، تجد منهم من يؤيد ويبرر ويرجع تلك الجرائم المروعة إلى تقصير الولاة والعلماء! ، بل قد يصدرون الفتاوى في إباحة دماء الحكام وأتباعهم.فلم يسلم من شرهم أحد من الناس في أوطانهم إلا من كان متقيداً بخطط التنظيم الحزبي الحركي. الله أكبر ، كم من عالم سلفي عاقل ناصح ، قد ناداهم وحذرهم من هذه الطرق المهلكة والمناهج الفاسدة فلم يقبلوا نصحه بل وقعوا في عرضه ، وقالوا في حقه : عميل مداهن ، لا يفقه الواقع ولا يحمل هم الإسلام، ولا يلتف حول الشباب ، ولا يتفهم قضايا الأمة، إلى آخر ما ورد في قاموس الجماعات الحركيات في باب:" سب علماء والسنة والتوحيد وإبعاد الشباب عنهم وربطهم برموز الحركة وقيادتها" وأما ما أوردوه في باب: "تهميش دعوة الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب لتحل محلها الدعوات الحزبية الوافدة الحركية إلى بلاد الحرمين "، فشيء عجيب، والله لو علمت بما عندهم في هذا الباب لفزعت وذهلت ، ولا تعجل فهذه ثمراتهم ومن ثمارهم تعرفونهم: ألا يوجد في شبابنا من يطعن في علمائنا ثم يوقر رموز الجماعات الحركية ويصف قادتها بالشهداء والمنظرين والمصلحين والمجددين والمجاهدين! فإذا ما بين له علماؤنا ما عندهم من بدع وشركيات وخرافات صوفية وضلالات وجهالات، قال أنتم تحسدونهم ويملى عليكم بكرة وأصيلا. ألا يوجد من شبابنا من يكفر بلادنا ويتقرب إلى الله بالتفجير فيها؟ فبمن تأثر ومن قدوته في ذلك؟ أهو ابن باز والألباني وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء ، لا لا وألف لا ، وإنما تأثر أولئك الشباب بكتب من يسمون بالمفكرين الاسلاميين، ومن سار على طريقهم (الثورة والتهيج) من الدعاة الحركيين من بني جلدتنا تحت غطاء : سلفية المنهج وعصرية المواجهة وان اردتم برهاناً على سعي أولئك في تهميش دعوتنا السلفية . فاختبروا بعض شبابنا، اختبروهم في دعوة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب والجماعات الوافدة تكفيرية وصوفية وقطبية وسرورية محترقة، وانظروا لمن ولائهم ، وعمن يدافعون واسألوا عمن يتلقف شبابنا إذا خرجوا من بلادنا ، وإلى مراكز من يتجهون، وفي مساجد من يعتكفون، وفي معسكرات من على التكفير والتفجير يتدربون، وعلى منهج من إذا خرجوا للدعوة أياما معدودات يسيرون، ولمن على الجهاد لتحرير الحرمين يبايعون زعموا. من الذي غرر بشبابنا منذ حرب الخليج ونفرهم من العلماء: بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين ومن معهما من هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة حتى زعم إفكا وزوراً أنه لا توجد عندنا مرجعية علمية موثوقة! ، إذا كان ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء غير موثوق بهم فمن الذي يوثق به .. إلى آخر ما جنته أيدي الحزبيين من إفساد لشبابنا ، ثم يزعمون أن سبب التفجير هو بُعْدُ العلماء عن الشباب ، وأن العلماء في أبراج عاجية وأنهم لا يسمعون للشباب وأنهم وأنهم.. الخ ، حتى صارت هذه الأحداث والتفجيرات الأخيرة فرصة لأولئك الجهال لتصفية حسابات قديمة مع العلماء ! ألا فاعلموا وبلغوا أن السبب هم أولئك الذين أبعدوا ونفروا الشباب من العلماء، وشوهوا صور مشايخنا في أذهان بعض شبابنا وصرفوهم إلى من لا علم عنده ولا بصيرة من دعاة التهريج والتهييج! فصدروا شيخ الصحوة زعموا والمفكر الجاهل بالكتاب والسنة، بل والمهرج. الله أكبر ، أهذا جزاء ابن باز وابن عثيمين والألباني وبقية علمائنا ، هل جزاؤهم وشكرهم أن يحملوا هذا الجرم الفظيع ؟ اللهم إنا نعوذ بك أن نظلم أو نظلم ، ونبرأ اليك ممن يطعنون في علمائنا، اللهم انا نبرأ اليك من أولئك: الذين يغررون ويغشون أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم نقول لمن يطعنون في علمائنا بعد تلك التفجيرات: ما بالكم تذكرون سيئاتهم ولا تذكرون حسناتهم؟ أين منهج الموازانات يا أصحاب الموازنات الحركية التي تكيل بمكيالين وتزن بعشرين ميزاناً إلا الميزان السلفي. 4- ومن الحركات الإرهابية البشعة المخيفة ما قامت به عصابة شر غالية متطرفة ، أصحاب منامات وأماني كاذبات، وكان من خبر هذه الزمرة أنهم دخلوا بيت الحرام في مطلع هذا القرن الهجري ومعهم مهديهم المزعوم فطالبوا حجاج بيت الله الحرام والعاكفين والركع السجود عند بيت الله بمبايعة المهدي المزعوم تحت وطأة السلاح والقتل وطلقات البنادق والرشاشات وترويع الآمنين، فلا اله إلا الله كم سفكوا من الدماء ظلماً وعدواناً ، فأخافوا أهل البيت الحرام، وأفزعوا أهل الإسلام، حتى عطلت الجمع والجماعات في المسجد الحرام أياما عديدة، وتناثرت الجثث والأشلاء عند الكعبة والصفا وزمزم فناداهم العلماء لينزلوا على حكم شريعة الله ويتوبوا إلى ربهم . فأبوا إلا مواصلة السير في طريق الفساد والإرهاب والعصيان والعناد، فاستعان أهل الإسلام بربهم ولجأوا إليه وتضرعوا . فاستجاب الله دعاءهم ومكن جنود الإسلام منهم وطهر بيت الله الحرام، وقبض عليهم فلقوا جزاءهم ، وصدرت فتاوى العلماء في استنكار هذا الإرهاب الآثم. ولقد كان وزير الداخلية صريحاً واضحاً حين ذكر في حديث له في رمضان الماضي أن من أسباب هذه الفعلة تأثر اولئك الشباب بأفكار جماعتي التبليغ والإخوان المسلمين. وإنك لتعجب من بعض الناس ، لما دافع الوزير عن الهيئة -وقد أحسن- أبرزوا كلامه وشكروه وأعادوه، وأما كلامه المتقدم في التحذير من الجماعات الدعوية الوافدة وبيانه لآثارها فيطوي عند أولئك ولا يروى : و{لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون} . 5- ومن صور الإرهاب ما قامت به شرذمة ضالة ، وعصابة ملحدة استهدفت حرم الآمن، وقامت بزرع المتفجرات المدمرة في حج سنة تسع وأربعمائة وألف للهجرة وتم التفجير بالفعل عند بيت الله الحرام يوم السابع من شهر ذي الحجة من السنة المذكورة، فقتل وأصيب عدد من حجاج بيت الله الحرام، فكانت العاقبة حميدة ، فقبض على أولئك المجرمين ونفذ فيهم حكم رب العالمين. 6- ومن صور الإرهاب ما قام به صدام حسين وحزبه الهالك من غزو للكويت وحشد لقواته على حدود بلاد الحرمين ، وإرساله الصواريخ إلى قلب الرياض، فلا إله إلا الله كم من دم معصوم سفك ، وكم من عرض انتهك ، وكم من مال معصوم خرب واهلك، ولكن كانت العاقبة حميدة، فرد الله هذا الظلم على عقبيه وانتقم للمظلومين ، وسلم بلاد الحرمين. 7- ومن صور الإرهاب : ذلك التفجير الآثم الذي وقع بمدينة الرياض بحي العليا سنة ست عشرة وأربعمائة وألف، والذي أخاف وأفزع وروع الآمنين، ثم تفتت قلوب أهل هذه البلاد أسى وكمداً حينما علموا ان الجناة من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، لكنهم تتلمذوا على أشرطة ألهبت مشاعرهم وأوغرت صدورهم ضد بلادهم وعلمائهم وحكامهم ثم كانت العاقبة حميدة ومكن الله منهم . 8- ومن صور الإرهاب ذلك التفجير المروع في مدينة الخبر سنة سبع عشرة وأربعمائة وألف، فهو والله صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم أهله، وكان أشد ضرراً من سابقه الذي كان بمدينة الرياض لكثرة ما نتج عنه من قتل وإصابات في المسلمين والمستأمنين. وستكون العاقبة حميدة بإذن الله وسيعثر عليهم ويلقون جزاءهم ، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين . 9- ومن صور الإرهاب والتطرف هذا التفجير الأخير بمدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد حرسها الله من كل سوء في يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وأربعمائة وألف ، فسفكت فيه دماء المعصومين من المسلمين والمستأمنين ، الله أكبر، ما ذنب أبنائنا الذين ازهقت أرواحهم في هذا التفجير الإرهابي الآثم، وبأي حق ترمل نسائهم ويفقدهم الولد والوالد، الله أكبر كم من أم مكلومة فقدت ابنها في هذا الحادث تدعو الله بالليل والنهار أن ينتقم لها من هؤلاء الظلمة، والله أعلم بما في قلب ذاك الأب من حسرات وهو يستلم جثة ابنه وقد تفحم واحترق، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ويقول صلى الله عليه وسلم : (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) فاللهم انتقم لهؤلاء المؤمنين المظلومين ، اللهم اشف صدورهم ، اللهم أعظم اجورهم واغفر لموتاهم، واخلف لهم خيراً ، اللهم واكتب لموتانا أجر الشهداء واخلفهم في عقبهم وأصلح ذرياتهم من بعدهم، اللهم مكن جنود الاسلام ممن يسعى بالافساد وفي الارض اللهم افضحه واخذله وخذ بحق المظلومين منه ياذا الجلال والاكرام.

    وإنك لتعجب كيف يقدم أولئك الشباب على هذه الجرائم المحرمة شرعاً ، وكيف يستبيحون دماءهم ودماء غيرهم ؟، ثم حلت المصيبة الأخرى وضاقت الصدور وازداد الناس غماً على غم لما ظهر أن من قام بهذه التفجيرات في بلاد الاسلام لا في بلاد الكفار هم من شبابنا ، فكيف يقع ذلك وصار حديث الناس في أسباب هذه الفعلة الشنيعة وكثر والله التلبيس والتضليل وتجهيل الأمة، بل والتبرير المغلف لهذه الأعمال الإرهابية الآثمة : فهل السبب المناهج الدراسية كلا ليست هي السبب ، لأن هؤلاء لا علاقة لهم بمناهجنا فإنهم ينفرون من التعليم النظامي وينفرون أتباعهم منه، ومناهجنا هي التي خرجت العالم والطبيب والسياسي الناصح. هل السبب البطالة كلا والله فهؤلاء يشككون في العمل في وظائف الدولة ويشتغلون بالتجارة ، وانك والله لتعجب من بعضهم كان يحث الشباب على ترك وظائف الدولة والاشتغال بالتجارة ليبقي حراً بزعمه ويقول دلوني على سوق المدينة. واليوم يزعم ان سبب التفجير فقدان أصحاب سوق المدينة للوظائف ؟ فأي تناقض هذا. وأي تلاعب بعقول الأتباع ؟ !

    وهل السبب العلماء : هل السبب ابن باز وابن عثيمين والألباني وهيئة كبار العلماء ؟ لا أظن أن عاقلاً يحترم نفسه يقول ذلك ، ومن تفوه به فاكتبوه في سجل الأفاكين ، واحذروه فانه رجل سوء ولو كان فيه خير لشكر واعترف بفضل من علمه وفقهه، الله أكبر: سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك علماء السنة والتوحيد ، نعوذ بالله من الخذلان . ثم إن كان عندك رأي فاذهب إلى العلماء ليبينوا لك ويعلموك، أما أن تجرم علمائنا أمام العامة فهذا والله جناية على الشريعة وعلى العوام لأنهم إذا فقدوا الثقة بعلمائنا الربانيين فإلى أين يتجهون ومن يستفتون بعد ذلك وهل يرضى أولئك أن يتكلم في فقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ بهذه الطريقة أمام العامة مع ما فيها من تهكم واستعداء ومحاولة إسقاط لا أظنهم يرضون . وهل السبب كتب ابن تيمية لا والله فهو شيخ الاسلام حقاً والمجدد للدعوة السلفية وكتبه تعلن براءته من خوارج العصر الذين يتمسحون به ويحرفون كلامه ليوافق أهوائهم. وهل السبب دعوه الإمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب) ومن معه من أئمة الدعوة السلفية بنجد، لا والله ، فإن آثارهم في البلاد والعباد حميدة . فدعوتهم سلفية نقية فيها العلم والحلم والسمع والطاعة ولزوم الجماعة ، ومن قرأ فتاويهم فيمن افتاتوا على الملك عبدالعزيز وأرادوا الجهاد دون إذنه يعلم أنهم في واد وجماعة التكفير في واد آخر، ولكنه التلبيس والتضليل. وهل السبب الدعوة السلفية المباركة، التي وصلت إلى الدنيا كلها، دعوة على منهاج النبوة وماكان عليه السلف الصالح . كلا والله ليست هي السبب لأنها تحذر من فكر هؤلاء الخوارج وتعلن البراءة منهم ويدل على ذلك عداء أصحاب هذا الفكر المتطرف للدعوة السلفية ومشايخها ، ووصفهم بالأوصاف المختلف للتنفير والتشويه: بازية ، عثيمينية، ألبانية، مرجفون في المدينة، إلى غير ذلك مما يطلقه الثوار على الدعوة السلفية دعوة الامام المجدد رحمه الله وغفر له. ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحوذلك من الألقاب ، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية . ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم. وهل السبب الحكم بغير ما أنزل الله ، لا والله كذبوا ، فإن بلادنا ولله الحمد والمنة خير بلاد الدنيا في تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل ، وتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك والقبور التي تعبد من دون الله فلله الحمد والمنة ، ونعوذ به من كفران النعمة.

    وهل السبب التضييق على الدعوة كما زعم بعض الحركيين في مقابلة له مع إحدى القنوات الفضائية : لا والله ، لقد كذب وافترى ، فإن الدعوة في بلادنا قائمة على قدم وساق ومكاتب الدعوة والجاليات ، والمحاضرات والندوات ، والدروس العلمية في كل مكان فماذا نريد بعد ذلك ؟ أما إيقاف من فيه شر وإفساد حماية للمجتمع من أفكاره فهذا من حق ولي الأمر كما يقول العلامة ابن باز ، بل قد يجب على ولي الأمر ذلك إن لم يندفع شره نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ‍‍!والعجب أن هؤلاء أصبحوا ينادون بعد التفجيرات بالحوار ، فيقال أهلا وسهلا ، تعالوا نتحاور في فكر سيد قطب التكفيري الثوري وأثره على شباب بلاد الحرمين، ولنتحاور في فكر الخوارج الذين سرى إلى شبابنا، من الذين مهد له منذ حرب الخليج وما صاحبها من أشرطة استعداء للشباب على الدولة وتهييج . ولنتحاور في فكر الإخوان المسلمين الذي يصدق عليه أنه( لا يرد لامس بدعي) وفكر جماعة التبليغ الصوفي المفسد . هكذا فلنتحاور إن كنتم تريدون الحوار حقاً للوصول إلى الحق .

    وهل السبب وجود المنكرات: والجواب أن يقال : إن المنكرات كانت في الدول الإسلامية من قبل : الأموية والعباسية وغيرهما ، فلم يكن ذلك مبرراً للإفساد وسفك الدماء والخروج على ولاة الأمر، بل الواجب الإصلاح والنصيحة بالتي هي أحسن، بل لقد وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل زنا فرجم وهو ما عز رضي الله عنه، ثم الغامدية ورجمت رضي الله عنه ، وسرقت امرأة مخزومية

    فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وجيئ برجل قد شرب الخمر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلده وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى عليه بقية الناس ، فعل ذلك زجراً وتأديباً فماذا تقولون بعد ذلك ؟.

    وهل السبب أن العلماء أغلقوا أبوابهم في وجوه الشباب ولم تتسع صدورهم لهم لا وربي ما كان ذلك وما يكون إن شاء الله ، وبرهان ذلك بين لكل ذي عقل وعينين فبيوت العلماء ومجالسهم مفتوحة للصغير والكبير ، وطالب العلم وغيره ، ودار الإفتاء ولله الحمد تستقبل من أراد العلم والفتيا والرأي السديد ، وتأدب مع العلماء ، وأما الغوغائية فلا مكان لها عندهم ، وينبغي أن يكرم أهل العلم عن ذلك .

    ألا فأعلموا أن دار الإفتاء : كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نصرة الدين وبيان الحق للخلق ، ومن يطعن في الأولى سلفه وشيخه من يطعن في الثانية ، فاحذروهم بارك الله فيكم ولا تفتحوا الباب للعلمانيين والجهال ، واحذروا أن يؤتى الإسلام من قبلكم ، فإن العلمانيين يفرحون بطعن الأغرار في علماء الإسلام , واعملوا أن الإمام أحمد يقول : لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات . وقال الناصحون : من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب .

    ومن تحايل بعض الحزبيين الطاعنين في العلماء عبر القنوات الفضائية : زعمه أن ذلك من باب الصراحة والنقد والنصيحة فيقال له : نحن ننتظر منك إذاً : النصيحة والنقد لفقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ودعاة الحزبية ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ وصاحبهم محمد سرور ...إلخ حتى نعلم هل ذلك منك نصيحة للعلماء أم فضيحة . وزعم بعضهم أن السبب فقدان الشورى وليس هذا بشيء ، فإن الشورى عندنا لها مجلس يخصها يضم نخبة من أهل العلم والخبرة والمشورة .

    وليعلم أن ولي الأمر له أن يفعل الأمر أحيانا دون مشورة فلا يجب عليه أن يشاور في كل أمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح ولم يخبر أحدا بوجهته سوى ابي بكر رضي الله عنه حتى يفاجأ كفار مكة ولم يستشر أحدا في ذلك ، صلوات الله وسلامه عليه ، ثم إذا شاور ولي الأمر فلا يلزمه قبول المشورة إن رأى الأصلح في غيرها . ففي غزوة بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم عمر في أسارى بدر فأشار عليه بقتلهم ، فلم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورته ، ولما عزم أبو بكر على قتال المرتدين أشار عليه عمر بترك قتالهم لهم فلم يأخذ أبو بكر بمشورة عمر الفاروق وقاتلهم وحصل من ذلك خير عظيم ودحر لأهل الباطل . وهل السبب أن هؤلاء الشباب اجتهدوا فأخطأوا ، هكذا .. أخطأوا ؟ فيقال : وهل هم من أهل الاجتهاد حتى يجتهدوا ، بل الواجب أن يتورعوا وأن يحذروا القول على الله بلا علم ، والجرأة على الفتيا في هذه الأمور العظام ، ثم يقال : وهل سفك الدم الحرام ( دماء المعصومين من المسلمين والمعاهدين ) هل هو محل اجتهاد ، وهل قتل رجال الأمن الموحدين في البلد الحرام مكة : هو أيضاً اجتهاد ؟ نعم .. إنه اجتهاد الجهال وفتوى المضللين! وأما الاعتذار لهم بصغر السن فيقال:إن النصوص دلت على أن القلم مرفوع عن الصبي حتى يبلغ وهؤلاء كلهم بالغون مكلفون ، ثم لو أنهم فعلوها وفجروا الأسواق والعمارات في مكة وغيرها لقال عنهم المفتونون إنهم أبطال كأسامة بن زيد الذي قاد الجيوش وهو دون العشرين.

    فالحذر الحذر معاشر الإخوان ، فإن هذه الأسباب المدعاة تفتح الباب لدعاة الفتنة ، وتعطيهم المبرر لتكرار هذه الجرائم المروعة ، ولننظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج لقد أمر بقتلهم وأخبر أنهم شر قتلى تحت أديم السماء ووصفهم بأنهم كلاب النار مع شدة عبادتهم وزهدهم وبكائهم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراءتكم عند قراءتهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وقاتلهم علي رضي الله عنه ومن معه من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ، فقتلوهم شر قتلة يوم النهروان فهذا حكم الله فيهم لعظيم شرهم وذلك أنهم يكفرون المسلمين بالكبائر ، ويردون السنة بظاهر القرآن ، ويستبيحون دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فيا شباب الإسلام : اتقوا الله في أنفسكم واحذروا دعاة الباطل ، فها هم بعض شبابنا لما أصغوا اليهم أوردوهم المهالك ، فالنجاء النجاء .. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، إلا واحدة فقط جعلنا الله منها ، وهؤلاء هم أهل السنة السلفيون ، المتمسكون بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار .

    فاحذروا دعاة الحزبية والفتنة ، الذين يصرفون الشباب عن العلم والعلماء إلى طريقة الحرورية السفهاء : باسم الفكر الإسلامي والدعوة والجهاد وإنكار المنكر ، فإلى متى إلى متى يا أخي ؟؟

    إن الله جل وعلا ، باعثك ، وسائلك عن شبابك وعمرك فيم أفنيته ، وإن من خير ما تأتي به يوم القيامة التمسك بالسنة في زمن كثرت فيه الأهواء والفتن وعظمت فيه غربة المنهج السلفي ، قال رسول الله عليه وسلم : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء " والغرباء حقاً : هم أهل السنة ، الذين يصلحون إ ذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس من السنة .

    فلا تغتر بهذه الدعوات المضللة ، ولو كثر أتباعها ، والزم أهل السنة وعلمائهم ، وتفقه في منهج السلف واعرف طرق الحزبيين الضلال حتى لا تقع في حفرهم وتهلك كما هلك أولئك . الحلم الحلم يا شباب الإسلام ، والعقل العقل ، عليكم بالعلم فإن الله يرفع به العبد وينجيه به من الفتن ، فخذوا العلم ممن عرف بسلامة المعتقد وصحة المنهج والبعد عن طرق المفتونين , وخذوا بقول العبد الصالح محمد بن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .

    كم من شاب غرته فتاوى الظلام والعنف والتكفير فترك علماء المسلمين وجماعتهم إلى من لا يعرف ما علمه ولا يدري من هو ، واذا وقعت الواقعة قال إنه بريء منهم ، فعليكم بتصحيح المنهج والرجوع إلى العلماء والالتفاف حول ولاة الأمر وأهل العلم لأن هذه هي طريقة شباب السنة السلفيين الأخيار وشيبهم . وأما أسباب هذه التفجيرات وغيرها من عمليات الإرهاب فقد ألمحت إليها ، ولها وقفة أخرى اسأل الله أن ييسرها وينفع بها.إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب . ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فعليه بكتاب " الإرهاب " للشيخ : زيد المدخلي ، حفظه الله ورعاه ، فإنه من خير ما ألف في هذا الباب ، ومنه اقتبست وأفدت .


    الشيخ سلطان العيد
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوحذيفة المدني ; 05-15-2006 الساعة 02:38 PM

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الغيبـــــــــة


    الخطبة ( 1 )

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله (( ياأيها الذين أمنوا أتقوا الله حق تقاته ولاتموتن الا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وأتقوا الله الذي تسائلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا )) ((يا أيها الذين أمنوا أتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) اما بعد ويقول الله سبحانه وتعالى ممتنن على عباده ( ( الم نجعل له عينين ولساناً وشفتين )) : إن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه العجيبة صغير جُرْمهِ عظيم طاعته وجُرمهُ ؛ إذ لايستبين الكفر والايمان إلا بشهادة اللسان ؛ بااللسان يطاع الله وبه يُعصى قال نبينا محمد  الحمد لله تملئا الميزان وسبحان الله والحمد لله تملئان أو تملئا ما بين السماء والارض : وقال  كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الي الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم : وحث رسول الله  على الصدق فقال عليكم بالصدق فأن الصدق يهدي الي البر وإن البر يهدي الي الجنة ؛ ومازال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا ؛ وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي الي الفجور وإن الفجور يهدي الي النار وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا : فال حذيفة  سمعت النبي  يقول (لايدخل الجنة نمام ) : اللسان رحب الميدان ليس له مرد ولا لمجاله منتهى وحد ؛ فمن أطلق عذبة لسانه وأهمله سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه الي جرف هار وهل يُكَبْ الناس في النار على وجوههم الاحصائد السنتهم ؛ لاينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع فلا يُطْلِقهُ إلا في ما ينفعه في الدنيا والآخرة ؛: تقويم اللسان على شرع الله ثقيل عسير ذلك أن أعصى الاعضاء على الانسان اللسان ؛ فأنه لاتعب في إطلاقه ولا مؤنة في تحريكه وقد تساهل كثير من الخلق في الاحتراز من آفاته وغوائله والحذر من مصائده وحبائله ولانجاة من ضرر اللسان الا بالعمل بوصية رسول الله  : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيراً أو ليسمت ) وقال عبد الله ابن مسعود  والله الذي لا اله الا هو ما شيء أحوج الي طول سجناً من اللسان وقال وهب إبن منبه في حكمة : حق على العابد أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شأنه : وقال الحسن البصري رحمه الله ما حفظ دينه من لم يحفظ لسانه : وقال محمد ابن واسع حفظ اللسان أشدْ على الناس من حفظ الدينار والدرهم ؟ آفات اللسان كثيرة فمنها الكذب والنميمة والمراء وتزكية النفس والخصومة وغيرها والبلية أن لهذه الآفات حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان ؛ والخائض قلْ ما يقدر أن يُمسك لسانه كان وهيب أبن الوردي يقول والله لترك الغيبة عندي أحبُ الي من التصدق بجبل من ذهب ؛ الغيبة وما أدراك ما الغيبة ؟ فاكهةُ كثيراً من المجالس الا ما رحم ربك ؛ ما سلم منها الا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى : الغيبة عرْفها أهل العلم بأنها ذكر العيب بظهر الغيب : قال نبينا  أتدرون ما الغيبة فقالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قال أرايت إن كان في أخى ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن لم يكن فقد بهته ) خرجه الامام مسلم في الصحيح إذا أردت أن تُدْرك قبح الغيبة فقدر أن الذي أغتيب هو أنت ؟ أترضى أن يقع الناس في عرضك فتكون حديث المجالس يقول ربنا جل جلاله ( ولايغتب بعضكم بعضا ايحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) كان نبينا  يحذر من الغيبة قال جابر  كنا مع النبي فارتفعت ريح منتنة قال  أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين رواه الامام احمد في مسنده الغيبة سلعة رائجة فأن لله وإن اليه راجعون ؛ الزوجة تغتاب زوجها والزوج يغتابها ؛ والطالب يغتاب معلمه والموظف يغتاب رئيسه ورفقائه في العمل والقريب قد آذا قريبه ؛ وحدث ولا حرج كغيبة الجار لجاره والاجير لرب العمل والرعية للحاكم : من عقوبة الغيبة التعذيب في القبر فعن أبي بكرة  قال مر النبي  بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فيعذب في البول وأما الاخر فيعذب في الغيبة رواه الامام احمد : مر عمرابن العاص على بغل ميت فقال لبعض أصحابه لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملاء بطنه خيراً له من أن يأكل لحم رجل مسلم : كان السلف يعدون ترك الغيبة من صالح الاعمال ؛ قال وهيب أبن الوردي والله لترك الغيبة عندي أحب الي من التصدق بجبل من ذهب ؛ وقال عمر  عليكم بذكر الله فأنه شفاء ؛ وإياكم وذكر الناس فأنه داء ؛ قال الحسن البصري يا أبن أدم إنك لن تصيب حقيقة الايمان حتى لاتعيب الناس بعيب هو فيك ؛ كان أصحاب النبي  كانوا يتلاقون بالبُشْر ولايغتابون عند الغيبة ويرون ذلك أفضل الاعمال ؛ ويرون خلافه عادة المنافقين ؛ قال بعضهم أدْركنا السلف وهم لايرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في الكف عن أعراض المؤمنين ؛: كان سلفنا الصالح أهل التقى والورع يُبغِضون الغيبة ويذمون أهلها أشد الذم ؛ سمع علي أبن الحسين رجل يغتاب آخر فقال له أياك والغيبة فأنها إدام كلاب الناس ؛ وقال أبو عوف دخلت علىمحمد ابن سيرين رحمه الله فنلت من عرض الحجاج ابن يوسف عنده وكان الحجاج حاكماً ظالماً فقال لي محمد ابن سيرين يا أبا عوف إن الله حكم عدل فكما ينقم من الحجاج كذلك ينتقم للحجاج ؛: غيبة الناس والوقوع في أعراضهم تسلطهم على حسناتك في يوم الدين .؟ روى الامام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله  قال أتدرون من المفلس إن المفلس إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فأن فنيت حسناته قبل أن يقضىِ ما عليه أُخذا من خطايهم فطرحت عليه ثم طرح في النار : كان الحسن البصري رحمه الله إذا بلغه أن أحداً إغتابه يرسل اليه بهدية ويقول له على لسان الرسول بلغني يا أُخي أنك أهديت الي حسناتك وهي بيقيناً أعظم من هديتي هذه : قال أبو أمامة إن العبدليعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يعملها ؛ فيقول يارب أنا لي بهذا فيقول له هذا بما أغتابك الناس وأنت لا تشعر ؛ كان عبد الله ابن المبارك رحمه الله يقول لو كُنْتُ مغتاباً أحداً لاغتبت والدي لانهما أحق بحسناتي من غيرهما ؛ قال سعيد ابن جبير رحمه الله إن العبد ليعمل الحسنات الكثيرة فلا يراها في صحائفه فيقول يا رب أين حسناتى فيقال له ذهبت بأغتيابك الناس وهم لايعلمون (من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بضلام للعبيد ) ؛ إن كنت جاهلاً لوعيد الله لمن أطلق لسانه في حرمات الله فأنصت ؟ أنصت لهذا الوعيد الذي تنصدع منه الجبال ؛ روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها الي النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ؛ وفي سنن الترمذي وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه الي يوم يلقاه ) وعقاب من نوع أخر رواه المصطفى  لقد روى الامام أبو داوود في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله  قال لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ؛ فيا أيها الموفق المسدد إن كنت ممن يخاف الوقوف بين يدي الجبار إن كنت ممن يوقن بقول الله سبحانه وتعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أوليك كان عنه مسؤلاء ) إن كنت كذلك فأزجر نفسك وأصحابك وجلسائك عن الوقوع في أعراض المؤمنين وغيبتهم والا فأنك شريك لهم لامحالة : روى الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله  قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة : وفي الصحيحين أن رجل قال في مالك أبن الدخشم ذاك منافق لايحب الله ورسوله فرد عليه النبي  وقال لاتقل ذلك الا تراه قد قال لا اله الا الله يريد بذلك وجه الله ؛ وفيهما أن رجل قال في كعب أبن مالك حبسه برداه ونظره في عطفيه ؛ فرد عليه معاذأبن جبل رضي الله عنه وقال بئس ما قلت ؛ والله يارسول الله ما علمنا عليه الا خيرا : ! إعلم أن حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أوخلقه أوبلده أوقوله أو فعله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه وداره ودابته ؟ فمن الغيبة ذكر عيوب الناس كالقصر والطول والبخل أو أن تقول هو مُرائي أومتكبر أوشارب خمر أو ليس باراً بوالديه أو انه يحلق لحيته أوسيي الخُلق أو انه كثير الكلام أن كنت صادقاً فقد اغتبت أخاك وإن كنت كاذباً فقد بهته : وأما ذكر العيب لمن له قدرة على الاصلاح فلا حرج فيه : مما ينبه اليه في هذا الموضع أن الغيبة تكون باللسان تصريحاً وتعريضاً ؛وتكون أيضاً بالفعل والأشارة والايماء والغمز والهمز والكتابة وكل ما يُفهم منه تنقص مسلم ؛ ؟ من ذلك أن يقلد أخاً له ُ في طريقة مشيه أوكلامه ؟جاء في سنن أبي داوود عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت للنبي  حسبك من صفية كذا وكذا قال بعض الرواة تعني قصيرة : فقال النبي  لقد قلتي كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته قال النووي رحمه الله : لو مزجت بماء البحر لمزجته أى خالطته مخالطتاً يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها و قبحها ؛ قال وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أوأعظم أو أعظمها وما أعلم شيئاً يبلغ في الذم لها هذا المبلغ : يا معاشر المؤمنين الموحدين من أخبث أنواع الغيبة غيبة المرائين فيظهر أحدهم الغيبة في صورة توهم النصح للمغتاب والاشفاق عليه ويحرص هذا المرائي أن يظهر من نفسه التعفف عن الغيبة وهو كذاب محتال دجال ؛ ومثال ذلك أن يذكر عنده أنسان فيقول ؛ الله يعفو عنا وعنه أصلح الله الاحوال نسأل الله العافية ؛ أو يقول نسأل الله أن يعصمنا ؛ وإنما قصده من ذلك كله أن يُفْهِمْ عيب ذلك الرجل المذكور ؛ ومنه أن يقول فلان أعتراه فتور ونقص في دينه وأبتلى بما نُبْتلى به أو انه تغير فيمدح نفسه بأنه غير معجب ولامغرور وفي الوقت ذاته يذم رفيقه وهذا من المكر والاحتيال فأحذروه :ومما يحذر منه أيضاً الاصغاء الي الغيبة على سبيل التعجب ؛ فأنه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة فيندفع فيها ؛ وأحياناً يقول لمن يغتاب الناس عنده أسكت وهو راغب في سماع تلك الغيبة ومائل اليها قلبه : يقول نبينا  لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ! تأمل أخي في قول مالك أبن دينار رحمه الله ثم أستمع لأحاديث المجالس : قال رحمه الله كفى بالمرء إثماً الايكون صالحاً ثم يجلس في المجالس ويقع في أعراض الصالحين ؟ نرى بعض الناس سلم منه أهل الفجور والفسق ولم يسلم منه أخوانه الصالحون ؛ يتتبع زلاتهم ويفرح بعثراتهم إذا أراد أن تتجه اليه الأنظار أو أن يرفع نفسه في مجلس ماء لم يجد سبيلاً الا الوقوع في أعراض الصالحين يغتاب العلماء والقضاة والدعاة الي منهج السلف والأئمة والمؤذنين والقراء ويغتاب ولاة الأمر ليرفع نفسه ؛ وللنفس في ذلك حظ؛ فكأنه يقول إن خطاء هؤلاء يبرر أخطائي ويعفيني من المحاسبة على ذنوبي وإجرامي ونسي أن أوليك الابرار إن أخطائوا فخطائهم عن إجتهاد وهم مأجورون ؛ فكيف يساوي بهم المصر على الذنب والفجور ليله ونهاره ؟ أعلموا إن البواعث على الغيبة كثيرة ؛ ومن أسبابها النزاع والمخاصمة فتراه يذكر مساوي خصمه ليشفي غيضه ومن الاسباب مجاملة الرفقاء وموافقة الأقران فيظن أنه لو أنكر عليهم الغيبة أستثقلوه ونفرو منه فيساعدهم ويرى ذلك من حُسن المعاشرة ومن أسبابها أنه يريد رفع نفسه بتنقيص غيره فيقول فلان جاهل أو عِلمهُ قليل وغرضه أن يثبت فضل نفسه وأنه أعلم ؛ ومن الاسباب الحسد فتراه يحسد من يثني عليه الناس ويحبونه ويكرمونه وقد طرح الله جل وعلا له القبول بينهم فيريد زوال تلك النعمة فلا يجد سبيل لذلك الا بالقدح فيه والعجيب في الحسد أنه ربماء صدر من الصديق المحسن والرفيق الموافق من اُبتلي بهذا المرض الخبيث فليتب الي الله جل وعلى قبل أن يفاجئه الموت لأن النبي  قال إنما الاعمال بالخواتيم ؛ وقال نبينا  من مات على شيء بُعِثَ عليه : فيامن لايخلو مجلس له من غيبة و وقوع في أعراض المؤمنين ؛ إتقِ الله جل وعلا وأعلم أنك ناقص القدر عند الله وعند الناس ؛ إن كنت تطلب بالغيبة رضا جلسائك فأعلم أن من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فأشتغل بعيوب نفسك عن عيوب الناس ؛ كل نفس بما كسبت رهينة ؛ اترضى أن يفوز الناس بحسناتك وأجورك وتبوى أنت بالأثم وهم بما نالوه من قِبلك فرحون فأى صفقة أخسر من هذه إذا كنت تغتاب أهل الفضل والسنة لترفع من شأنك فبئس ما صنعت والله ثم والله ليفضحنك الله على روؤس الأشهاد ؛ يقول الله سبحانه وتعالى كما في الحديث القدسي من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب ؛ أين هم الذين أغتابوا وتكلموا في الأمام أحمد أمام أهل السنة ؛ وشيخ الاسلام ابن تيمية ؛ وأبن القيم ؛ والامام المجدد أبن عبد الوهاب ؛ وعلامة هذا الزمان العلامة أبن باز والعثيمين وغيرهما من أهل العلم والفضل ؛ أين أوليئك الذين أغتابوهم فضحهم الله جل وعلا على روؤس الأشهاد وأنجى عباده المؤمنين وخلصهم ؛ أيها العبد المُفرط أياك وسوء الظن بأخوانك وإذا أطلعت على هفوة مسلم فانصحه في السر ولا تفضحه لا يخدعنك الشيطان بغيبة ذلك المسيء وإذا ما وعظته فلاء تعظه وأنت مسرور بأطلاعك على نقصه لينظر اليك بعين التعظيم وتنظر اليه بعين الأحتقار ؛ ولكن عضْ أخاك وقصدك الأحسان اليه وقد أصابك الحزن لما وقع منه من خطاء وإجرام تقصد تخليصه من نار جهنم ؛ عضْهُ وأنت مشفق عليه محب له لاترضى لنفسك بغيبته ؛ فالتوبة التوبة عباد الله إن التوبة من الغيبة واجبة فهي من كبائر الذنوب يقول أبن القيم رحمه الله : وهل يكفي في التوبة من الغيبة الأستغفار للمغتاب أم لابد من أعلامه وتحلله ؛ قال الصحيح أنه لايحتاج الي إعلامه بل يكفيه الاستغفار له وذكره بمحاسن مافيه في المواطن التي أغتابه فيها ؛ وهذا أختيار شيخ الأسلام أبن تيمية وغيره ؛ فإنه أي أعلامه يوغر صدره ويؤذيه ولعله يُهيج عداوته ؛فاأسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ذنوبنا ؟ اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والاكرام اللهم أغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غل للذين أمنوا ربنا إنك رؤف رحيم : أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم



    الغيبـــــة الخطبة ( 2 )

    الحمد لله رب العلمين ولاعدوان الا على الظالمين وأشهد أن لااله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه أجمعين : أما بعد فمن الامور التي لاتدخل في الغيبة المحرمة بل هي من النصيحة ذكر أهل الاهواء والفتنة وبيان مخالفاتهم وتحذير أهل الايمان منهم فليس ذا من الغيبة المحرمة كما يلبس المفتونون : ها هو نبينا e يذكر المسيح الدجال ويبين فتنته ومخرجه وما معه من الأمور العظام ثم يوصي أهل الأسلام بالبعد عنه وعدم مصاحبته و من سمعه فلينأى عنه وليهرب بدينه فهل هذا ياعباد الله من الغيبة : وها هو رجل يستأذن على النبي e فقال إذنوا له بئس أخو العشيرة ؛ فهل هذا من الغيبة أيضاً : ولما قال ذو الخويصرة يا محمد إعدل فأنك لم تعدل قال له النبي e قال النبي في حق هذا الرجل يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراتكم عند قراتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فهل هذا من الغيبة : أم من النصيحة ؟ فرق معاشر المؤمنين بين الغيبة والنصيحة إنما يعرف ذلك أهل العلم قال رجل للامام أحمد وقد سمعه يقع في رجل ويحذر عنه وكان الأمام أحمد شديدا في ذلك فقد قال في حق الكرابيسي ؛ هتكه الله الخبيث ؛ فقال ذلك الرجل للامام أحمد لاتغتاب المسلمين ؛ فقال الامام أحمد إمام أهل السنة : ياهذا إنما نحن نغتاب للمسلمين ؛ ولما وقع قتادة وكان من أئمة السلف لما وقع وتكلم في عمرو أبن عبيد المبتدع وحذر منه قال عاصم الاحول العلماء يقع بعضهم في بعض فقال له قتادة يا أحول وما تدري أن الرجل إذا أحدث ينبغي أن يذكر ليحذر والذي يقول لاتذكروا أهل الاهواء والفتنة ويحتج بأنها غيبة هو أحد رجلين إما جاهل حقه أن يأخذ سبورة ويجالس علماء السنة والتوحيد : وإما أنه رجل سيء القصد يميل اليهم أو هو منهم كما قال عقبة أبن علقمة كنت عند أرطاه أبن المنذري فسئل عن الرجل يماشي أهل السنة فاذا ذُكِرَ أهل الاهواء قال دعونا منهم لاتذكروهم فقال أرطاه أبن المنذري : هو منهم لايلبس عليكم أمره قال فتعجبت من ذلك وذهبت الي الامام الاوزاعي وكان كشافاً عن هذه الامور إذا بلغته فسالته فقال صدق أرطاه القول ما قال :هذا ينهى عن ذكرهم متى يعُلموا ومتى يُحذروا إذا لم يبين ذكرهم وقيل للامام أحمدلما تكلم في أُناس وحذر منهم قيل له ياأمام أحمد أما تخشى أن تكون هذه غيبة قال إذا سكتُ أنا وسكتَ أنت ؛ فمتى يعلم الناس الصحيح من السقيم : فأنتبهوا بارك الله فيكم من تحايل أهلِ الاهواء والبدع ولايستغل هذا الامر وهو تحذير النبي e من الغيبة فأنه كما حذر منها ؟ حذر من أهل الأهواء والفتن بأعيانهم وأوصافهم والله الموفق والهادي الي سوى السبيل ؛ اللهم ياحي يا قيوم ياذا الجلال والاكرام اللهم إنا نسائلك الهدى والتقى والعفاف والغنى ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار


    الشيخ سلطان العيد
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوحذيفة المدني ; 05-15-2006 الساعة 02:44 PM

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    حتى لاتكون فتنة
    اسباب الامن وموانعه


    الحمد لله القائل ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خلق فسوى وقدر فهدى ومن كل شئ أعطى وأصلى وأسلم على البشير النذير والسراج المنير محمد بن عبد الله رسول رب العالمين ، وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد .. فلقد امتن الله على عباده فقال : ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمنا ويتخطف الناس من حولهم ، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون). وذكّر ربنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بنعمة الأمن والعز بعد الخوف والقلة ، فقال جل جلاله (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس ، فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) ومن نعمه أيضا وهو الكريم المنان ، جعلُ البيت الحرام موضعَ أمن وطمأنينة ، قال تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) وقال تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا) . وبين ربنا نعمه العظيمة على سبأ ، بالأمن في أسفارهم فلا يخافون أحداً ، قال تعالى فيهم (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير ، سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) . فعلم مما تقدم أن تحقيق الأمن مما جاءت به شريعة الإسلام ، وهو من أعظم نعم الله : أن يأمن المسلم على دينه فيعبد ربه آمنا مطمئنا ويأمن على نفسه وماله وعرضه وعقله ونسله . ولذلك شرع الله العقوبات الرادعة والحدود لتحقيق الأمن والحفاظ على هذه الضروريات فشرع حد الردة لمن بدل دينه ، وشرع حد الزنا حفاظا على الأنساب ، وشرع حد القذف حفظا للأعراض ، وشرع حد المسكر حفظا للعقل ، وشرع القصاص حفاظا على الأنفس ، وشرع حد الحرابة لدفع ضرر قطاع الطريق وليأمن الناس في أسفارهم ، فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والأمن والإيمان . وإذا أردت أن تعرف ما تحقق بهذا الدين من أمن ورخاء ، فتأمل حال أهل الجاهلية في جزيرة العرب ، كيف كانوا قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما حالتهم الدينية ، فكانت من أسوأ الحالات وأشدها اضطرابا ، فكانوا يعبدون الأوثان ، كاللات والعزى ومناة ، وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها : ثلاثمائة وستون صنماً، بل كان لأهل كل دار بمكة صنم يعبدونه ، وإذا أراد أحدهم سفرا أو قدم منه تمسح به ، بل كان الرجل إذا سافر فنزل منزلا ، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها ، فاتخذه ربا، وجعل الثلاثة الباقية أثافي لقدره ، وكانوا إذا لم يجدوا أحجاراً ، يجمعون الرمل ثم يحلبون عليه الشاة ثم يطوفون به ، تبركاًُ وتعظيماً له ، وكانوا يطوفون بالكعبة عراة ، حتى كانت المرأة كما في صحيح مسلم : تطوف بالبيت عريانة وتقول : اليوم يبدو بعضه أو كله ، وما بدأ منه فلا أحله ، وكانوا يقولون في طوافهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . وكانوا يقتلون أولادهم ، ويسيبون أموالهم تقربا للأصنام، كما قال تعالى : " قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله " . وأما حالتهم السياسية : فكانت أسوأ حالة أيضاً ، حيث تسودها الفوضى والاضطراب ، وتسلط القوي على الضعيف ، والقبائل يعتدي بعضها على بعض بالقتل والنهب والسلب ، بل قد تقوم الحروب الطاحنة لأتفه الأسباب ، وكان فريق منهم تحت سلطة الفرس المجوس أو الروم النصارى ، فلم يكن لأهل الجزيرة رابطة تجمعهم . وأما حالتهم الاقتصادية فإنها تقوم على أكل المال بالباطل والظلم ، والمعاملات الربوية ، وأكل الخبائث وكانت تجارة الخمور رائجة . وأما حالتهم الأسرية : فكانوا يئدون بناتهم خوف العار ، ويقتلون أولادهم خشية الفقر ، وكان أحدهم يتزوج من النساء ما شاء ،دون تقيد بعدد ولا التزام بحقوق الزوجية ، وكانوا يحرمون النساء والصبيان من الميراث ، بل كانوا يرثون زوجة الميت من بعده كما يرثون ماله . هذا مجمل حال العرب في الجاهلية . فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، انكشفت الكربة ، وانجلت الغمة ، وأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ، كما قال تعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ) ، وقال تعالى (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) . وذكّرهم ربنا بنعمة عليهم فقال : (واذكروا نعمة عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " . وبذلك صارت جزيرة العرب بعد أن دخل أهلها في الإسلام : صارت بلادا يسودها الأمن ويحكمها الوحي الإلهي ، وتظللها راية التوحيد ، فلم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عليه قوله (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). وقد بين الله مقومات هذا الأمن وأسبابه التي يتحقق بتوفرها ، ويزول بزوالها . فمن أسباب تحقيق الأمن : أولا : إصلاح العقيدة ، بإخلاص العبادة لله ، وترك عبادة ما سواه ، والبراءة من الشرك وأهله وملازمة العمل الصالح . قال تعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون). فعلق سبحانه حصول هذه المطالب العالية : الاستخلاف في الأرض والتمكين للدين وإبدال الخوف بالأمن علق ذلك كله ووعد به إن تحقق أمران هما : عبادة الله سبحانه وتعالى ، وترك الإشراك به : " يعبدونني لا يشركون بي شيئاً " . وهذا هو الذي بعث الله برسله كلهم ، قال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )، وهو حق الله على عباده ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " . ونحن في هذه البلاد بلاد الحرمين أعزها الله بالإسلام ، قد أنعم الله علينا بدعوة سنية سلفية ، دعوة التوحيد التي قام بها الإمامان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود . فكان من ثمراتها زوال البدع والشركيات ، وظهور السنة وأهلها وتحقيق التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، وقيام دولة تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح ، فذاق الناس طعم الأمن ونعموا به بعد سنوات الخوف والفرقة في جزيرة العرب ، واجتمعت القلوب بعد تباغض ، وعبد الناس ربهم فعمرت المساجد ووفد الحجاج إلى بيت الله الحرام من كل فج عميق في أمن ورخاء وطمأنينة ، فاللهم لك الحمد على نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة ، اللهم لك الحمد على نعمة الأمن والإيمان ، اللهم من أرادنا وعلمائنا وولاة أمرنا وبلادنا بسوء وفتنة اللهم رد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء . فاحرصوا بارك الله فيكم على دعوتكم السلفية، وثمارها الزكية ، واحذروا الأفكار الدعوية الوافدة ، والمناهج الحزبية المستوردة ، فإنها شر وبلاء وهي من أسباب زوال النعم ، ولو كان فيها خير لأصلحت بلادها وحاربت ما فيها من بدع وشرك صراح ، ويل لمن سعى للإفساد في الأرض بعد إصلاحها بالتوحيد والسنة وويل لمن سعى في التفريق بين المؤمنين وسفك الدم الحرام ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة : (ملحد في الحرم ، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه) رواه البخاري (6488) . وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" رواه البخاري ( 6862) . وقال صلى الله عليه وسلم: " أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء " متفق عليه . ( بخاري 6864 مسلم 1678) . وقال صلى الله عليه وسلم : " من قتل معاهدا لم يجد رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " رواه البخاري ( 3166) . قال الله جل وعلا : " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جمعياً" فاللهم احفظ علينا أمننا واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وما يجري بالليل والنهار يا عزيز يا غفار . ثانياً : من مقومات الأمن وأسباب تحقيقه بعد التوحيد : إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى : " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) . فربط سبحانه وتعالى حصول النصر على الأعداء الذي يتوفر به الأمن للمسلمين ربط ذلك بإقام الصلاة التي هي ثاني أركان الإسلام ، وإيتاء الزكاة . وكما أن هذه الأمور هي من أهم أسباب النصر والأمن في الدنيا ، فهي كذلك من أسباب الأمن في الدار الآخرة : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) وقوله : (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي لم يخلطوا عبادتهم بشرك بل أخلصوا الدين لله رب العالمين وقال تعالى فيهم : (إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون) . وقال تعالى : (وهم في الغرفات آمنون) جعلنا الله منهم أجمعين . ثالثاً : من أسباب تحقق الأمن : اجتماع الكلمة والحذر من التفرق وطاعة ولاة الأمور بالمعروف . قالت تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ، وقال تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، وقال تعالى " ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون " . ولهذا حرم الله معصية ولي الأمر إذا لم يأمر بمعصية ، لما في ذلك من المفاسد ، وحرم الخروج على إمام المسلمين وتفريق الكلمة وأمر بردع من سعى في ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر " رواه مسلم (1844) وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " رواه مسلم (1852) . رابعاً : من مقومات الأمن وأسبابه : شكر النعمة ، ومن أسباب زواله كفرها , قال تعالى : " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " . وقال تعالى : (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . وقال تعالى : (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). وقال تعالى : (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين ، فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ، إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) . وإذا كان لتحقيق الأمن أسباب ، فإن لزواله أسباباً أيضا ، ينبغي الحذر والبعد عنها . فمن أسباب زوال الأمن : الطعن في العلماء ، وتصدر الجهال ودعاة الفتنة والإصغاء إليهم ، ووجود الشرك والبدع ، ومنها : التفريط في أداء الصلاة والزكاة ، ومنها فشو المنكرات واختلاط الرجال بالنساء وتساهل الآباء والأزواج في حفظ من تحت أيديهم . ومن الأسباب التي تفسد الأمن ، وتحرض على الفتنة وشق عصا المسلمين ، وتوغر الصدور على علماء أهل السنة وولاتهم وبلادهم : تلك الكتب الفكرية الحركية فإنها أصل البلية ، وهي ينابيع الشر والتكفير والعنف والفرقة .

    وإليكم بعض ما في تلك الكتب التي يسمونها كتب الفكر الإسلامي ، لتعلموا خطرها وأثرها السيء على شبابنا : فمما في تلك الكتب : أولا : تكفير الدول الإسلامية الموجودة الآن كلها بلا استثناء : - يقول أحد المفكرين الإسلاميين في تفسيره للقرآن( في ظلال القرآن 4/2122) : إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي " . فهل غاب عن فكر هذا المفكر تحكيم بلاد الحرمين حرسها للشريعة أم أنه جنون التكفير - وقال ذلك المفكر أيضاً(في ظلال القرآن 3/1634 ) : " إن المسلمين اليوم لا يجاهدون ، ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون" . - وقال أيضا ساخراً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم (في ظلال القرآن 2/1057 ): " ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله - وقال أيضا محرضاً على أهل الإسلام ( الظلال 4/2009 ): " إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم " . فما أثر هذه الكلمات على شبابنا، وأي فكر سيحملونه بعد ذلك ، وأي عنف سيتبنونه؟ ثانياً : مما تنضح به كتب المفكرين الإسلاميين : تربية الشباب على القيام بالانقلابات والثورات والتفجير والعنف : - فها هو أحدهم يثني على أولئك الثوار الأشرار الذين قتلوا إمام المسلمين وخليفتهم المبشر بالجنة عثمان بن عفان ، فيقول ذاك المفكر في هذه الفعلة الشنيعة : " إن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام "(العدالة الاجتماعية لسيد قطب ص160 ). وقال أحد كبار المفكرين الإسلاميين في تفسيره للقرآن(الظلال 3/1451 ) ، حاثاً الشباب على الخروج والفتنة : يقول : " إنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم ، بإحداث الانقلاب المشهود ، والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها " . - بل وصل الحال بأحد أولئك المفكرين المكفرين إلى ترك صلاة الجمعة مع المسلمين , فلما سئل عن ذلك قال : " إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة ، وإنه لا جمعة إلا بخلافة"(ذكره علي عشماوي في كتاب التاريخ السري للاخوان المسلمين في نقاشه لسيد قطب ص 112 ) - فما أثر ذلك على شبابنا معاشر العقلاء ، وما الفكر الذي سيحملونه بعد ذلك ، فرحم الله من سعى في نشر السنة ، ومحاربة البدع ، وتجفيف ينابيع الشر والتكفير والفتنة والتفجير والتخريب. حفظ الله شباب المسلمين من كل سوء ، وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وزقهم العلم النافع والعمل الصالح وجعلهم قرة أعين لوالديهم وبلادهم . ( )


    الشيخ سلطان العيد

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    شهيد الدار


    مقدمة:

    فهذا المنهج الخفي يعمل به دعاة الفتنة فأفسدوا من أفسدوا من العوام والشباب والأحداث الأخيرة شاهده على ذلك هذا المنهج قائمآ على أصول سبعة فحفظوها وأحذروها فإن معرفة سبيل وأوصاف بني الباطل تسلمك من شرورهم بإذن الله عزوجل "ولتستبين سبيل المجرمين" وبهذا جاءت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم, في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله عنه دعاة الفتنة وإن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم فقال حذيفة رضي الله عنه صفهم لنا يا رسول الله فطلب حذيفة صفات دعاة الفتنة ليحذرهم فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, وقال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. متفق عليه



    مقدمة:
    فهذا المنهج الخفي يعمل به دعاة الفتنة فأفسدوا من أفسدوا من العوام والشباب والأحداث الأخيرة شاهده على ذلك هذا المنهج قائمآ على أصول سبعة فحفظوها وأحذروها فإن معرفة سبيل وأوصاف بني الباطل تسلمك من شرورهم بإذن الله عزوجل "ولتستبين سبيل المجرمين" وبهذا جاءت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم, في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله عنه دعاة الفتنة وإن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم فقال حذيفة رضي الله عنه صفهم لنا يا رسول الله فطلب حذيفة صفات دعاة الفتنة ليحذرهم فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, وقال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. متفق عليه

    في صفات دعاة الفتنة وما منهجهم الخفي, هذا المنهج يقوم على سبعة أصول وهي كالآتي:

    أولآ: إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها

    إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها فلا ينسب إليهم خير مما يكون في البلد من إقامة الصلوات وحماية الثغور والقيام في خدمة الحرمين وحجاج بيت الله الحرام والسعي في استدباب الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم الشريعة والإنفاق على الدعوة والدعاة إلى غير ذلك من الأمور المحمودة " فأهل الفتنة لا يحفظون لأحد فضلا, قد خالفوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله عزوجل ) فهم يكتمون المحاسن لئلا يكون في النفوس محبة لولاة الأمر وإجتماع وإلتفاف حولهم.

    ثانيآ: إظهار عيوب ولاة الأمر والتشهير بهم

    إظهارعيوب ولاة الأمر والتشهير بهم على المنابر وفي المجالس بل ونسبة كل شر إليهم وإيهام عوام المسلمين أن سبب مآسي المسلمين وسبب مصائبهم هم الولاة وأن كل مصيبة تقع فهم أصلها وأن الفجور قد عم حتى يشعر الشاب أن كل ما حوله منكرات ومعاصي وأنه يعيش في جاهلية سببها ولاة الأمر بل يصل الأمر إلى التكفير المبطن فتوصف بعض قرارات البلاد بأنها قرارات علمانية, والعلمانية كما تعلمون ردة وكفر بالله تعالى ويوهمون الناس بأن ولاة أمرهم ضد الدعوة والإصلاح ولو كانوا يقيمون الصلاة ويحكمون شرع الله عزوجل ثم يوهمون الشباب والعوام أنهم مظلومون مضطهدون قد سلبت حقوقهم وأن الظلم قد عم ولا بد من إنكار المنكر وقد آن أن يضحي المسلم بنفسه لنصرة الحق والصدع به وإبراء الذمة, والمطالبة بالحقوق عند ذلك يهيأون أؤلئك الجهال للخروج وحمل السلاح ويفسدون ولا يصلحون ويهلكون الحرث والنسل ويخالفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الآمر بالصبر ولزوم الجماعة والسمع والطاعة وأن حصل ذيم وظلم خوفآ من وقوع الفتنة وسفك الدماء كما قال الإمام مالك: " حاكم غشوم ظلوم ولا فتنة تدوم " وكان عبدا لله بن سبأ رأس الفتنة زمن عثمان رضي الله عنه كان يقول لأتباعه انهضوا بهذا الأمر بالطعن في أمرائكم.

    ثالثآ: تبني مآسي وجراحات المسلمين وإظهار المناصرة

    تبني مآسي وجراحات المسلمين وإظهار المناصرة لهم ويوهمون الناس بأنهم القائمون على ذلك ويصدرون البيانات والتوقيعات الجماعية في النفير والقطمير والصغير والكبير قد جعلوا أنفسهم أوصياء على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما علموا أنهم قد خالفوا في ذلك سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بفتيائهم على ولاة أمرنا وعلمائنا الكبار لأن هذه القضايا الكبرى لا يقدر على معرفة خفاياها وحقائقها وعلاجها إلا أولي الأمر لذا ذم الله المفتاتين على ولاة الأمر في ذلك فقال: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إلا قليلا ) وهؤلاء إنما يتبنون جراحات المسلمين ويظهرون مناصرتهم ليجمعوا الناس حولهم وليتشبعوا بما لم يعطوا ويهمشون في الوقت ذاته نصرت ولاة الأمر لقضاء المسلمين بل قد يزعمون خلاف ذلك فيشعرون الجهال بأن ولاة الأمر قد خذلوا قضايا الأمة ولم ينصروا إخواننا المسلمين ويصل الأمر بهم إلى اتهام حكامنا بموالات الكفار ومناصرتهم على إخواننا المستضعفين وهذا من الكذب الذي سيسألهم الله عنه يوم القيامة ومن جهلهم أنهم يلزمون الولاة بنصرة المستضعفين مطلقآ ويحتجون بقوله تعالى: ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) ولو أنهم أتموا الآية لعلموا أن المناصرة مقيده بشرط ذكره الله تعالى, ذكره الله في تمامها بقوله: ( إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ) ولأجل ذلك لا تجب نصرتهم وفاء بالعهد والميثاق كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية حيث أنه لم ينصر أبى جندل وأبى بصير ومن معهم من المستضعفين لما كانوا على سيف البحر يقاتلون قريشآ وفاء بالعهد الذي بينهم وبين كفار قريش, ثم يقال لهؤلاء المفتونين فما بالكم تتباكون على جراحات المسلمين وتناصرونها وأما قضايانا ومآسينا فلا بكاء ولا دموع ولا استنكار لماذا تتباكون على قتلى المسلمين في أقصى الدنيا ثم لا تتباكون على قتلانا من الأطفال والشباب والعجائز ورجال الأمن الموحدين عنيتم بقضايا الأمة شرقآ وغربآ وملأتم الدنيا بكاء وتوجعآ وتفجعآ فلما أصبنا واستهدفنا في أمننا وأعراضنا وعقيدتنا سكتم كأن لم يكن شئ بل صرتم تبررون وتخذلون الناصحين أين الصدع بكلمة الحق لماذا لا تبينون للناس حال هؤلاء الخوارج وتحذرون من أفعالهم ومناهجهم ألسنا مسلمين ألسنا إخوانكم ما هذه الإتقائية في التعاطف والتباكي على جراحات المسلمين, أن تباكيكم على مآسي المسلمين وجراحاتهم إنما هو تحايل منكم لتحقيق كسب سياسي يقود الجماهير إليكم, وبعد فالحق أنكم من أسباب جراحات المسلمين ومآسي المسلمين لنشركم هذا المنهج الثوري الخارجي في بلاد الإسلام باسم الجهاد والإصلاح والدعوة إلى الحاكمية وإعادة الخلافة فأشعلتم الفتن في أماكن شتى وأوردتم المسلمين المهالك وضربتم الرعية بالراعي فثارة الفتن وسفكت الدماء, نعم في بلد مسلم واحد قتل أكثر من مئة ألف مسلم خلال عام عشر سنوات تقريبآ قتل بعد أن طبق هذا المنهج الخبيث هذا المنهج الخفي وما زالت جراحات المسلمين تنزف وأرواحهم تزهق بأيدي خوارج العصر فإنا لله وإنا إليه راجعون

    رابعآ: وهو إسقاط كبار العلماء

    وهو إسقاط كبار العلماء الناصحين واللجنة الدائمة وهيئة العلماء بدعوى عدم فقههم بالواقع وأنهم مغيبون نحو ثلاثين سنة وإنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب ولم ينزلوا للساحة والميدان كما يقولون وإنهم في أبراج عاجيه وإنهم علماء السلطان فلا ينطقون بالحق وإنهم لجنة رسمية حكومية وانه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقه إلى آخر ما ينطقون هؤلاء الأفاكون يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلوا لهم الجو وانظروا كيف أن اؤلئك المفتونين أطاعوا رؤوس الفتنة وعصوا العلماء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوا عثمان رضي الله عنه واليوم ما من فتوى في قضايا الأمة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح إلا ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة ثم يفاجأ الناس بعد التشكيك عاملة التهميش لفتاوى علمائنا الكبار يفاجأون ببيانات أخرى يصدرونها أصحاب التوقيعات الجماعية بيانات فيها إفتيات على العلماء الذين أوكل إليهم ولي الأمر النظر في أمور الدولة العظمى وإصدار الفتاوى فيها ليعمل بها لتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النزاع والخلاف فلهؤلاء العلماء سلطان لا يتعدى عليه كما أن القاضي له سلطان لا يتعدى وبفتيات عليه وألا سيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع.

    خامسآ: التلميع لرموزهم

    التلميع, نعم من منهجهم, تلميع من يجيد الطرق الأربعة المتقدمة وهي كتمان المحاسن وإظهار المعائب وتبني جراحات المسلمين والفتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم وتبني جراحات المسلمين من أجل تلك الأغراض الحزبية فإذا كان كذلك فإنه يصبح عندهم شيخ الإسلام وقائد الجيل وربان الصحوة والمفكر الإسلامي وابن تيمية الصغير وبقدرة قادر يصبح هذا الرجل حفظ الصحيحين بل الكتب الستة في ليلة فهذا عندهم الناصح الناطق بالحق المنكر للمنكر الذي لا يخاف فالله لومة لائم فهو عندهم رجل ميدان قد نزل إلى الساحة ويلقبونه بالمربي ومفتي الشباب, مفتي شبابهم الذين تربوا على المنهج الخفي ويقولون هذا أقرب إليك أيها الشاب من العارم تراهم ينفرون من مجالس العلماء الكبار إلى هؤلاء الملمعين فيستفتونهم في الأحداث الكبار دون العلماء ويربطون الشباب بهم وإن نظرت إلى حال هؤلاء الملمعين فإنك تراهم لا يخرجون عن أحدى طريقتين أما التهييج أو التهريج ولو أن هذا الملمع خالفهم وأثنى على ولاة الأمر وبين حقوقهم الشرعية من السمع والطاعة وعدم الفتيات عليهم في قضايا الجهاد والحرص على جمع القلوب وذكر ما في العلماء من خير أجراه الله على أيديهم وإنهم هم قادة الدعوة إلى الله عزوجل وان هذا الخير وما يسمى بالصحوة إنما كان بسببهم بعد توفيق الله عزوجل وقدمهم على نصرت قضايا المسلمين ورجع إليهم في ذلك واستفتاهم وأعاد أمر الفتيا في قضايا الواقع لهؤلاء العلماء الكبار لو فعل ذلك لنبذه الأصحاب المنهج الخفي نبذ النواة ولا كرامة له عندهم ويبعدون الشباب والعوام عنه قائلين الله المستعان الشيخ الفلاني تغير فيظن العوام أنه تغير إلى الأسوأ وهو والله إنما تغير وانتقل من الباطل إلى الحق والسنة ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب يتقلبون ).

    سادسآ: وهو لي أعناق النصوص

    وهو لي أعناق النصوص لتوافق أهواء القوم وهم يعتقدون أولآ ثم يستدلون على سبيل المثال يربون الشباب التابع لهم على أن ولاة الأمر موالون للكفار طواغيت قد غيروا دين الله, وبعد أن يتشرب بهذا الفكر التكفيري الخارجي تراه يبحث عن أي دليل يسعفه ويلبس به, فإذا أتيتهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة للأمراء وأن الجهاد يكون خلفهم وبإذنهم وأنه يحرم التحريض عليهم والسعي في شق العصا عند ذلك ترتف المتملص المخزي من هذه النصوص وتأويلها أو يقرون بها ويقولون هي للخلفاء الراشدين الأربعة وللقرشي أو لمن لا معصية عنده بل قد يتجرءون ويقولون للحاكم المسلم وليس لولاة أمرنا وفي هذا الكلام ما فيه فنعوذ بالله من هؤلاء المفتونين.

    سابعآ: وهو التقية

    وهو التقية فقد كانوا مثيرين الفتنة في زمن عثمان إذا أحضروا عند الأمير اظهروا التوبة والإقلاع ( وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون ) وقد قال سعيد بن العاص لعثمان رضي الله عنه "يا عثمان أن هذا أمر مصنوع يلقى في السر فيتحدث به الناس" فتنظيمهم حزبي سري سياسي لا يرتقي فيه إلا ذو وجهين فيظهروا الولاء والبراء للأمراء والمحبة للعلماء تقية لكن كلامهم في المجالس الخاصة يخالف ما يظهرون ومن تاب منهم يشهد عليهم في ذلك والله عزوجل فاضحهم ومخزيهم كما أخزى من أثار الفتنة زمن عثمان رضي الله عنه قال بعض السلف " ما سر أحد سريرة إلا وأظهرها الله على صفحات وجه وفلتات لسانه ".............

    وأخيرآ

    فإذا عرفت أيها الموفق منهجهم الخفي القائم على الأمور السبعة وهي كتمان المحاسن وإظهار المعائب وتبني جراحات المسلمين لتحقيق أغراض حزبية والفتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم والتلميع لرموزهم ولي أعناق النصوص والتقية فإنك ستعرف إن شاء الله أهل هذا المنهج وتحذرهم ولن يغرروا بك بإذن الله وليس الواجب ذلك فحسب بل عليك أن تحذر منهم وتبين للناس شرهم لئلا يغتر بهم الجهال الأغرار فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله للأئمة المسلمين وعامتهم ) وبعد أن تبين لك المنهج الخفي الذي يسلكه هؤلاء لإثارة الفتن والتحريض على الخروج على ولاة الأمر وإفساد الرعية بعد ذلك ستدرك أن هذه الأحداث الأخيرة وما صاحبها من تكفير وتفجير وإرهاب وتدمير وعداء لأهل السنة حكامآ ومحكومين هي أحدى ثمرات هذا المنهج الخفي وما يدفع الله أعظم اللهم سلم سلم ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) ( وأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قومآ أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )

    مفرغ ومختصر من شريط "شهيد الدار" للشيخ سلطان العيد حفظه الله

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    من مكايد الشيطان زمن الفتن



    الحمد لله القائل في محكم التنزيل (وربك يخلق ما يشاء ويختار) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد(1) *ففي صحيح مسلم وغيره من حديث عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة أنه قال :
    دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون إليه فأتيتهم فجلست إليه فقال :

    كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه، هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع،

    فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر. قال عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: فدنوت من عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقلت: أنشدك بالله، أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي(2) *وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    ( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)(3).

    *وعن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم قال: قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت : يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا فقلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.

    قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (متفق عليه). ولمسلم نحوه وفيه أن حذيفة قال: وما دخنه؟ فقال: قوم لا يستنون بسنتي! وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس! قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع(4) *وفي صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبادة في الهرج كهجرة إلي(5)

    *وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا(6)

    معاشر المؤمنين:

    إذا ظهرت الفتن وتغيرت الأحوال فالواجب على المسلم الرفق والحلم والصبر والأخذ بالآداب الشرعية زمن الفتن من التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والالتفاف حول علمائنا وولاة أمورنا والتثبت فيما يرد من أخبار وتفقد المسلم اخوانه خوفاً عليهم من الزلل إلى غير ذلك من الآداب الشرعية.

    آلا إن الشيطان وحزبه ينشطون زمن الفتن للإفساد بين المؤمنين وإيغار الصدور وتفريق أمة محمد صلى الله عليه وسلم (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم) (التوبة : من الآية 47) ولهذا كان لابد من بيان ما قد يقع من زلل ومخالفة للآداب الشرعية زمن الفتن نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ومحبة لأهل الإيمان والقرآن وتحذيراً لهم من مكايد الشيطان. فمن تلك المخالفات:

    أولاً:

    سوء الظن بالله وتوهم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستهلك ويدال عليها عدوها إدالة مستمرة وأن الغلبة والظهور لأهل الكفر أبداً! وكل ذلك سوء ظن بالله سبحانه وتعالى ذمّه الله عز وجل في كتابه حيث قال (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) (آل عمران: من الآية 154)

    فالظن بربنا جل جلاله وهو الحكيم الخبير القوي العزيز أنه ينصر دينه ويعز أوليائه ويجعل العاقبة للمتقين، وما يجري من تسلط الكفار على أهل الإسلام إنما هو ابتلاء وامتحان ليميز الله الخبيث من الطيب، وليعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. ومن سوء الظن بالله زعم بعضهم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة غائبة! وهذا من جهله وسوء ظنه بربه وإلا فالبشائر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة ولو لم يرد إلا حديث الطائفة الناجية المنصورة الظاهرة إلى قيام الساعة لكفى(7)

    فأحسنوا بالله الظن وأبشروا وأملوا خيراً، أبشروا بعز أمة محمد صلى الله عليه وسلم وكشف الكربة عنها وإهلاك عدوها قال الله عز وجل في الحديث القدسي :

    (أنا عند ظن عبدي بي) وقال سبحانه (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً) (الفتح : 28) والله ثم والله لتنصرن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فأبشروا معاشر المؤمنين إن نصر الله قريب.


    ثانياً:

    قبول الشائعات ونشرها وذلك أن المغرضين المرجفين في المدينة يفرحون بالفتن ليبثوا سمومهم وليتشفوا من إخوانهم المسلمين في هذا الوقت العصيب فأشغلوا العلماء والأمراء والمصلحين، الله أكبر! كم من شائعة انتشرت فلما دقق في الأمر وتحقق: تبين أنها كذب وإفك مبين فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. فاتقوا الله يا أمة الإسلام وتثبتوا في أمركم، أما بلغكم قول الله جل جلاله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات: 6) أما بلغكم قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) (8) فيا شباب الإنترنت اتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تحدثوا بكل ما تسمعون وتقرؤون فإنكم موقوفون بين يدي الجبار في يوم لا تخفى فيه على الله خافية، فاحذروا أن تكونوا دعاة فتنة مرجفين أفاكين (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).

    يا شباب الإنترنت لما زهد بعضكم في طاعة علماء السنة والتوحيد والاقتداء بهم والالتفاف حولهم ابتلاه الله بطاعة من قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس، فاللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وقل مثل ذلك في متابعي قنوات الكذب والشائعات (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

    ثالثاً:

    الاعتقاد في الأحلام والمنامات فعلقوا قلوبهم بها زمن الفتن بل صارت الأحكام الشرعية والقرارات العسكرية تصدر لبعضهم وهو في سابع نومة! فذاك يقول اقرؤا سورة الأنعام يا أهل الخليج في ليلة كذا لرؤيا وقعت، وهذه القراءة الجماعية بدعية محدثة ما أنزل الله بها من سلطان. وثانٍ يقول ولد المهدي لرؤيا رؤيت وغرض الكذاب من ذلك تزهيد المؤمنين في طاعة أولى الأمر وإثارة الفتنة فحسبنا الله ونعم الوكيل. يا أهل الأحلام والمنامات تأملوا في فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما حلت المصيبة بوفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد والناس يبكون وعمر رضي الله عنه يقول ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل أبو بكر إلى حجرة عائشة رضي الله عنها ونظر إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فعلم أنه قد مات فلما تيقن وتثبت خرج إلى الناس وصعد المنبر وما أحالهم على الأحلام والمنامات بل تلا قوله جل وعلا (وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) (آل عمران: 144)

    فكأن الناس لم يسمعوها إلا ذلك اليوم فما منهم من أحد إلا وهو يتلوها وعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فهذا فعل السلف زمن المحن و الشدائد:

    الرجوع وإرجاع الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا إلى الأحلام والمنامات.

    رابعاً:

    ومن المخالفات زمن الفتن الطعن في العلماء وسوء الظن بهم ومحاولة صرف الأمة عنهم بدعاوى كثيرة باطلة(9)

    ومن فضل الله علينا ورحمته أن أمتنا ما زالت مع علمائها تسمع نصحهم وتهتدي بفتاويهم. وإنك لتسر حينما ترى حرص الناس على مصادر تلقي العلم، فصاروا يدققون ويتحرون أهل العلم والفقه والسنة ومن فضل الله تعالى علينا أيضاً أن الناس في زمن المحن والمصائب ما عادوا يقبلون إلا من المرجعية العلمية الموثوقة هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء ومفتي الديار السعودية حفظه الله ورعاه وسدد على الخير خطاه وجزاه وإخوانه العلماء الأبرار عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء. وهذا هو هدي سلفنا الصالح قال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله تعالى: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

    نعم لقد أدرك شبابنا بحمد الله أن علماء السنة والتوحيد كالشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني وسماحة المفتي وهيئة كبار العلماء أدركوا أنهم هم الأئمة حقاً وإليهم الرجوع في الفتيا خاصة في زمن الفتن. وإن من الجناية على الأمة والدعوة تصدر بعض الشباب في هذه الظروف الحرجة وشغفهم بإصدار الفتاوى والبيانات والتوقيعات الجماعية ونشرها على الملأ في الإنترنت وغيره تحت مسمى جديد مشائخ الصحوة!

    أما علموا أن الواجب على طويلب العلم أن يتأدب مع مشايخه، أما علموا أن ولي الأمر الذي تجب طاعته قد أوكل تلك الأمور العظام إلى أكبر مرجعية علمية موثوقة عندنا هيئة كبار العلماء. فمن كفي فليحمد الله الذي أغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم عنه ومن كان عنده رأي فليعرضه على علمائنا وقد برئت ذمته، لأن تلك البيانات والتوقيعات تسبب فوضى علمية وتفرق الأمة وتحدث قلقاً وإزعاجاً نحن في غنى عنه، ومن البشائر ولله الحمد أن أولئك الذين يطعنون في علمائنا الكبار صاروا منبوذين عند الناس مدحورين يشار إليهم بأنهم يهدمون الدين، صدق الله إذ يقول (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور) (الحج: 38).

    ومما ينبه عليه في هذا المقام خطر من يضغطون على العلماء ليصدروا الفتاوى في كل حدث! وهذا خطأ لأن العلماء إن تكلموا تكلموا بعلم وإن سكتوا سكتوا بعلم فليسعك يا أخي ما وسعهم ثم إن العلماء قد يكلون الكلام والبيان في بعض الأمور إلى ولي الأمر إن رأوا المصلحة في ذلك.

    خامساً:

    ومن المخالفات زمن الفتن والمحن ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (من غشنا فليس منا) لأن الواجب على المسلم النصح لأهل الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة .قيل لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فمن النصيحة لأئمة المسلمين وولاة أمورهم طاعتهم في غير معصية الله ومحبة اجتماع القلوب عليهم ورد القلوب النافرة منهم إليهم وعدم الافتيات عليهم فيما يختص بهم وما حملوه من سياسة البلاد والجهاد(10) ومعاهدة الكفار والمشركين ’ومن النصح لهم بغض من يزهد في السمع والطاعة ويريد أن يفرق أمة محمد صلى الله عليه وسلم (11)

    ومن النصح لهم الرجوع إليهم زمن الفتن واستئذانهم في توزيع الأشرطة والمنشورات وغيرها حفاظاً على اجتماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة لله الذي أمر بالرجوع إليهم، قال هشام بن عروة بن الزبير: ما سمعت أبي يقول في شيء قط برأيه، قال : وربما سئل عن الشيء فيقول: هذا من خالص السلطان، رواه ابن عبد البر في الجامع. وروى أيضاً عن ابن هرمز قال أدركت أهل المدينة وما فيها إلا الكتاب والسنة والأمر ينزل فينظر فيه السلطان. قال الحسن البصري في الأمراء: هم يلون من أمورنا خمساً:

    الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن طاعتهم والله لغبطة.

    ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

    (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). اخرجه الإمام أحمد في مسنده (الجزء الخامس ص 183)وصححه الحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى.

    قال الإمام الحسن بن علي البربهاري في كتاب السنة: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى. ويقول الفضيل بن عياض: لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان.ا.هـ . ذكر بدر الدين بن جماعة حقوق ولي الأمر فقال: ومن ذلك أن يعرف له عظيم حقه وما يجب من تعظيم قدره فيعامل بما يجب من الاحترام والإكرام وما جعل الله له من الإعظام ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم ويلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم وعدم الطمع فيما لديهم. قال: وما يفعله بعض المنتسبين للزهد من قلة الأدب معهم فليس من السنة 1.هـ .

    تقدم في حديث حذيفة رضي الله عنه لما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الفتن قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك فقال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. وقال ابن المبارك رحمه الله:


    إن الجماعة حبل الله فاعتصموا+منه بعروته الوثقى لمن دانا

    كم يرفع الله بالسلطان مظلمة+في ديننا رحمة منه ودنيانا

    لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل+ وكان أضعفنا نهبا لأقوانا+



    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

    ينبغي أن نكون عيناً وعوناً لولاة أمرنا. ألا وإن من أخلاق أهل السنة الأوفياء: محبة من ينصر هذه العقيدة السلفية من العلماء والأمراء ومحبة من بذل جاهه وسلطانه في نصر دعوتنا السلفية المباركة دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له والتي أحيا الله بها الأمة في هذه الأزمان المتأخرة.

    يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم إن من أسباب المحبة واجتماع الكلمة والنصر على الأعداء أن يعرف كل منا فضل صاحبه وسابقته في نصرة دعوتنا السلفية المباركة ذلك أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى، قاله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وسلم يا شباب التوحيد والسنة: لقد كان أهل هذه البلاد في تفرق وتناحر وتباغض وتقاتل وخوف عظيم فأذن الله لهم بالفرج لما قام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ومن معه من الأمراء بالدعوة إلى توحيد رب العالمين ونشر عقيدة السلف الصالح ومحاربة البدع والشركيات فلقوا ما لقوا من الابتلاءات وتسلط الأعداء والمرجفين فصبروا حتى أعز الله هذه الدعوة وقامت لأهل الإسلام دولة تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح فتفيأنا جميعاً ظلالها ونعمنا بخيراتها وأمنها وما زلنا ولله الحمد والمنة. ولكن والله ثم والله إن حصل منا تقصير في نصرة دعوتنا السلفية وميل إلى الجماعات الوافدة البدعية الحزبية.(12) والله لنهلكن.

    إن من أسباب النصر على الأعداء: تحقيق التوحيد ونصرة السنة قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) (النور: 55).

    الله أكبر كيف نرجو النصر على الأعداء وفي الأمة من يدعو غير الله ويطلب منه المدد ؟!( 13) كيف ننصر وفينا من ينفي صفات ربنا جل جلاله (14)؟! كيف ننصر وفينا من يسب صحابة رسول الله(15)! وعلماء السنة والتوحيد! كيف ننصر وشبابنا يلقنون طريقة الحرورية باسم الفكر الإسلامي(16)!! فالرجوع الرجوع إلى منهج السلف الصالح(17) لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحح عقيدة أهل الإسلام وهو في زمن الشدة والكرب فقد خرج صلى الله عليه وسلم الى غزوة حنين ومعه أقوام حديثو عهد بكفر فمروا بسدرة للمشركين يعكفون عندها وينوطون بها اسلحتهم فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فعظم صلى الله عليه وسلم الأمر وقال: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة). اللهم يا حي يا قوم اجمع قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم على التوحيد والسنة، اللهم لا تشمت بهم عدواً ولا حاسداً اللهم لا تجعلهم فتنة للقوم الظالمين ونجهم برحمتك من القوم الظالمين، حسبنا الله ونعم الوكيل.

    سادسا:

    ومن المخالفات زمن الفتن الاشتغال بالقيل والقال ونشرات الأخبار والغفلة عن طاعة الله تعالى واللجوء إليه والانطراح بين يديه والتوبة والندم ورفع أكف الضراعة إليه أن يكشف ما حل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم قال الله جل وعلا (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) (المؤمنون: 76) وقال سبحانه وتعالى (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) (الأعراف: من الآية 168).

    فالواجب زمن المحن والمصائب أن يحاسب المسلم نفسه ويتوب إلى ربه عز وجل من ذنوبه ويعلم أن ما أصابه قد يكون عقوبة من الله قال ربنا جل وعلا (وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) (الشورى: 30) وقال تعالى (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (العنكبوت: 40) فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم توبوا إلى الله واستغفروه واعلموا أن العبد إذا اعترف بذنبه ولجأ إلى ربه نال السعادة والمنى في الدنيا والآخرة قال الله تعالى (إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) (يونس: من الآية 98). ومن بشائر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (العبادة في الهرج كهجرة إلي) رواه مسلم، فأكثروا من ذكر الله والاستغفار وارفعوا أكف الضراعة لعل الله يرحمنا وأسألوه وهو الكريم المنان سلوه أن لا يشمت بأمة محمد عدواً ولا حاسداً وأن لا يجعلها فتنة للقوم الظالمين، وأن ينجيها من القوم الكافرين (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) (النمل: من الآية 62).

    سابعاً:

    من الأخطاء زمن المحن والفتن تعدي حدود الله في بيوت الله فإن المساجد إنما بنيت للصلاة وذكر المولى عز وجل والمقصود من اجتماع المصلين بها طاعة الله عز وجل وحصول المحبة والمودة بين المؤمنين وجمع الكلمة فلا يجوز لأحد أن يتعدى على المسلمين في مساجدهم بنشر الشائعات والمنشورات وإيغار الصدور والكلام غير المنضبط ومن أراد أن يخاطب عامة المسلمين في مساجدهم فليأت البيوت من أبوابها وليتدبر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراءٍ(18). فإما أن تكون الأول أو الثاني واحذر أخي أن تكون الثالث.

    معاشر المؤمنين قال النبي صلى الله عليه وسلم (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) إن العاملين لنصرة هذا الدين كثر ولله الحمد والمنة ومنهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين الساهرون على أمنها في القرى والبوادي الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والمصاعب، فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين. ياعسكر الإيمان والقرآن إن أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا فإنكم على عمل صالح يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في صحيح الجامع (19) لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان والقرآن.

    يقول صلى الله عليه وسلم (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة) وقال عليه الصلاة والسلام (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) وفي حديث آخر (وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة (أي: شمم رائحتها) ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله)


    وقال عليه الصلاة والسلام (ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار) وقال صلى الله عليه وسلم (موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.

    فاحمدوا الله تعالى معاشر المؤمنين على ما نعيشه من أمن وأمان وطمأنينة وتحكيم لشرع الله واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء وأعظم أجورهم واغفر لهم ولوالديهم يا أرحم الراحمين.


    وأنتم يا معاشر المعلمين والمعلمات في المدارس والجامعات وحلقات تحفيظ القرآن اتقوا الله في أبناء المسلمين وبناتهم، علموهم السنة وحذروهم من البدع والأحزاب والجماعات المضلة، وذكروهم بحقوق العلماء والأمراء، اتقوا الله تعالى وبينوا لهم أثر الاجتماع في صلاح البلاد والعباد وأنه مما أمر الله به في قوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (آل عمران: من الآية 103) إن صلاح الأبناء والبنات واستقامتهم على منهج السلف الصالح وإبعادهم وتحذيرهم من الفتن والتكفير والعنف ورموزه إن ذلك كله أمانة في أعناق أهل العلم والتربية وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته بين يدي الله.


    إن الواجب على المعلمين والمعلمات ونحن في زمن كثرت فيه الأهواء والفرق والجماعات المحدثة الواجب عليهم نصرة هذه العقيدة السلفية، وربط الشباب بدعوة التوحيد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وإعلام الشباب بأنهم ولله الحمد امتداد لهذه الدعوة السلفية المباركة، ولا يجوز الانتماء لغيرها مما أحدثه المبطلون (20)علموهم واشرحوا لهم كتب العقيدة السلفية ككتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وكشف الشبهات وثلاثة الأصول والقواعد الأربع والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فهي أزكى وأطيب وخير للشباب من كتب الحركيين المشبوهين،والمفكرين الإسلاميين زعموا.

    وأنتم يا حملة الأقلام ورجال الإعلام إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تنتظر منكم الكلمة الصادقة المنصفة وتحري الحق والعدل والتثبت في الأمور، إن الذي يقرأ لكم ويسمع هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالله الله في هذه الأمة لا يؤتين الإسلام من قبلكم، الله الله في نصرة دينه عز وجل والذب عنه ورد أباطيل وأكاذيب المرجفين الذين يبغون تشويه صورة الإسلام وأهله، تفكروا فيما تطرحونه وفيمن تقابلون وتذكروا دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) وأبشروا بقوله صلى الله عليه وسلم (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر دعاة للهدى.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم احفظ هذا البلد وأهله وسائر بلاد المسلمين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم لا تشمت بأهل الإسلام عدواً ولا حاسداً اللهم اجمع قلوبنا على التوحيد والسنة اللهم من أراد إغواء شباب أهل الإسلام بفتنة أو بعثية أو حزبية أو غير ذلك اللهم فأهلكه اللهم فأهلكه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (21)



    الهامش :
    (1) خطبة الجمعة في يوم 18 /1/1424هـ، بجامع خالد بن الوليد بالرياض، مع زيادات يسيرة. (2 ) رواه مسلم (1844) في الإمارة باب (بيعة الخلفاء الأول فالأول) وأبو داود (4248) والنسائي (7/153). ( 3) رواه البخاري في الإيمان باب (من الدين الفرار من الفتن). (4 ) رواه البخاري (11/30) في الفتن باب (كيف الأمر إذا لم تكن جماعة) ومسلم (1847) في الإمارة باب (وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. وأبو داود (4244) (5 ) رواه مسلم (2948). ( 6) رواه مسلم (118) والترمذي (2196) (7 ) راجع كتاب (أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية :حوار مع سلمان العودة)للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله. ( 8) رواه مسلم(1/18 بشرح الأبي). (9 ) ومن غرائب بعض القصاص في زماننا، قوله لعوام المسلمين بأحد المساجد: عليكم أن تناصحوا العلماء!؟ .. اللهم لا شماتة! .. إذا كان العوام يناصحون العلماء فمن الذي سيناصح عوام المسلمين ويعلمهم أمور دينهم؟ ( 10) ينادي أصحاب التوقيعات الجماعية والبيانات الحماسية بالجهاد والتعبئة والإعداد.. الخ لكنهم وللأسف لا يبينون: خلف من نجاهد؟ ومن الذي له حق إعلان الجهاد؟! قلت : جاء في العقيدة الطحاوية ص381 "والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما". (11 ) وينادي أصحاب التوقيعات الجماعية والبيانات أيضاً، ينادون هذه الأيام بوحدة الصف وجمع الكلمة فنقول: حسن، ولكن على من؟.. إنهم لا يصرحون بذلك قلت: في حديث حذيفة رضي الله عنه : "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"’ ومن مصائب هؤلاء الحركين المفكرين الإسلامين-زعموا – مناداة أحدهم (من شباب الجزيرة!!)بوحدة الصف لا وحدة الرأي وهذه المقوله هي مقولة إمامه حسن البنا:نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه. (12) كجماعة الإخوان المسلمين والتبليغ وغيرهما. (13) فال المرشد الثالث للإخوان المسلمين عمر التلمساني :( فلا داعي إذاً للتشدد في النكير على من يعتقد كرامة الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم الطاهرة والدعاء فيها عند الشدائد.) (شهيد المحراب عمر ابن الخطاب ص ( 14) قال حسن البنا في نصوص الصفات (حديث الثلاثاء ص436-437): "نحن لا نعرف هذه المعاني المقصودة، بل نفوض الأمر لله، فالتفويض في مثل هذه المواقف أسلم وأحكم وأعلم، فلا يكفر بعضنا بعضاً، ولا يطعن بعضنا في بعض لتتوحد كلمة المسلمين!" قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية ص30: "إن قول أهل التفويض (كحسن البنا) الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع" وقال : "إن مذهب التفويض هو مذهب النفاة". ( 15) كقول سيد قطب في عثمان ثالث الخلفاء الراشدين رضي الله عنه :"ونحن نميل الى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين فبلة،وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما "(العدالة الإجتماعية ص172)وقال أيضاً في عثمان المبشر بالجنه رضي الله عنه : ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ضعفت عزيمته عن عزائم الأسلام.! قلت حكم شيخ الإسلام بن تيمية في العقيدة الواسطية على من تعدى على الخلفاء الأربعه بقوله ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله.!؟ وقال سيد قطب في(كتب وشخصيات 242) في صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: : وحين يركن معاوية وزميله (عمرو بن العاص) إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل!". ( 16) قال القرضاوي في كتابه "أولويات الحركة الإسلامية ص110" شاهداً على شيخه سيد قطب بتكفير المسلمين قال: "في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد! سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره والتي تنضح بتكفير المجتمع .. وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة". (17 ) راجع كتاب " منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل" للشيخ ربيع المدخلي رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية سابقاً. ( 18) رواه الإمام أحمد وابن ماجة من حديث ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (7631). ( 19) ترتيب صحيح الجامع (2/13) وما بعده. ( 20) كجماعة التبليغ والإخوان المسلمين والتكفير والهجرة. (21) الخطبة تم تسجيلها لدى تسجيلات منهاج السنة بالرياض بعنوان(الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن)


    الشيخ سلطان العيد

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]




    قال الله تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون منيراً ،بعثه إلى الخلق آمراً المعروف ناهياً عن المنكر ، قال تعالى :{ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر }. وهكذا كان أصحابه ـ رضي الله عنهم ، قال بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون }. 1. المعروف : أسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه ، والإحسان إلى الناس ، وكلِّ ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات .


    [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] قال الله تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون منيراً ،بعثه إلى الخلق آمراً المعروف ناهياً عن المنكر ، قال تعالى :{ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر }. وهكذا كان أصحابه ـ رضي الله عنهم ، قال بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون }. 1. المعروف : أسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه ، والإحسان إلى الناس ، وكلِّ ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات .

    الشيخ سلطان العيد

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    475
    الزواج



    الحمد لله الذي خلقكم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها ليسكن إليها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلقد سنَّ الله الزواج لعمارة الكون، وجعله من آياته الباهرة، فقال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِّتَسْكُنُــــواْ إِليْهَا وَجعَلَ بَيْــنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحـْـــمــَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَـفــَكـَّرُونَ}. فمن وجد ما يتزوج به فليفعل؛خشية الفتنة، وطاعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:{يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لا فالصوم له وِجاء}. خرّجاه في الصحيحين.
    وليعلم المؤمن أن تيسير أمر النكاح بيد الله، فليلجأ إلى ربه وليستعن به وليبشر؛ فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ ثلاثةٌ حق على الله عونهم؛ المُكَاتَبُ يريد الأداء، والناكح يبغي العفاف، والمجاهد في سبيل الله} رواه النَّسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن. فإذا عزم فليستخر الله في ذلك؛ يقدر له الخير -إن شاء عز وجل-.

    ومما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إلى المخطوبة:- فعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا خطب أحدكم المرأة ،فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل}.أخرجه أبو داود. وعن المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه- قال: خطبتُ امرأةً فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:{ هل نظرت إليها؟} قلت: لا، قال:{ فانظر إليها، فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما}.أخرجه النسائي.

    وإذا أراد خطبة امرأةٍ فليراعي أموراً منها:- أن تكون صالحة: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{ تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك}.متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{ إن الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة}. أخرجه مسلم وغيره. وليحرص المسلم أن تكون ولوداً: ويُعرف ذلك بالنظر إلى أمها وأختها؛ وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثرٌ بكم }. أخرجه أبو داود، والنسائي. ثم ليتقدم إلى خطبتها من وليها: ولا يصح النكاح بغير ولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل}. أخرجه أبو داود.

    وعلى وليها أن يراعي أموراً منها:-

    أن يتخير لها من يتوسم فيه الصلاح والتقوى: فإنه إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يهنها؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:{إذا جاءكم من ترضون ديـنه وخلقه فأنكـحوه، إلا تفعلوا تكن فـتنة في الأرض وفسادٌ عريض}. أخرجه الترمذي، وابن ماجه. ومنها أن لا يغالي الولي في المهر:لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{من يُمن المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. قال عمر -رضي الله عنه- " ألا لا تُغلو صُدُقَ النساء؛ فإنه لو كان مَكْرُمةً في الدنيا أوثقها عند الله كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدَق النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه، ولا أُصْدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقيّة، وإن الرجل ليُغنى بصدُقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه". أخرجه الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح. ومنها: أن يأخذ رأي ابنته في ذلك، ويأثم إن أرغمها: لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنه دخلت عليها فتاةٌ فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسِسَته وأنا كارهة، فقالت عائشة: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة،فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم أللنساء من الأمر شيء!". خرجه النسائي. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً{ لا تُنكح الثـيِّب حتى تُستأذن، ولا تُنكح البكر حتى تُستــأمر} قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: {إذنها أن تسكت}. فإذا خطبها فلا يجوز له أن يخلو بها حتى يعقد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ لا يخلُونَّ أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

    فإذا جاء موعد البناء فليفعل ما يلي:- أولاً: يصنع وليمةً؛ عملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنسٌ - رضي عنه-" ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب؛ أولم بشاة ". متفق عليه. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:{ أولِـــم ولـــو بشاة } متفق عليه. ثانياً: أن يدعوا إليها الفقراء والمساكين؛ فإن ذلك أجدر لقبولها إن شاء الله عز وجل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى إليها الأغنياء، ويُترك المساكين}. متفق عليه. ثالثاً: أن يتجنب الإسراف والمفاخرة، والتكلف، وليقصد العمل بالسنة لا مراءاة الناس والترفع عليهم؛ قال الله جل وعلا{ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}. رابعاً: لا يجوز له أن يتساهل في يوم زواجــه؛ فيفعل أو يأذن ببعض المنكرات كاختلاط الرجال بالنساء، والغـناء المحرم والموسيقى والتصوير وجلوسه مع زوجه أمام النساء؛ فإن هذا من المنكرات، ولربما عوقب بفشل زواجه وعـدم التوفيق، قال الله جل وعلا{ وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَنْ أَمْرِهِ يُسْرَاً}. وهذا لم يتق ربه فكيف ييسر أمره؟!.

    وعلى من دعي إلى الوليمة أن يراعي أموراً منها:- أن يُجيب إذا دعي؛لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها}أخرجه البخاري ومسلم. قال أبو هريرة -رضي الله عنه-" من لم يأتي الدعوة فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". متفق عليه. وإذا كان له عذر فلا بأس أن يتخلف؛ لما روى عطاء أن ابن عباس -رضي الله عنهما- دعي إلى طعام وهو يعالج أمر السِقاية فقال للقوم" أجيـبوا أخاكم واقرؤوا عليه السلام وأخـبروه أني مشغول". أخـرجه عبد الرزاق في مصنفه، وقال الحـافظ: إسناده صحيح. ومنها: أنه إذا رأى منكراً فليرجع؛ لحديث عائشة -رضي الله- عنها قالت:" اشتريت نُمرُقة فيها تصاوير، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفتُ في وجهه الكراهية ". متفق عليه. ومنها: أن يدعوا للعروسين بالبركة؛ وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفَّأ الإنسان إذا تزوج قال:{بارك الله فيـك وبارك عـليـك وجمع بينكـما في خـير}. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال:حسن صحيح. وإذا كان يوم الزفاف فلهم أن يضربوا بالدف؛ وفيه فائدتان:- إعلان النكاح* وتطييب خاطر العروس* لقوله صلى الله عليه وسلم:{ فــصل ما بين الحـلال والحرام؛ الدف والصـوت في النكاح}. أخرجه النسائي، والترمذي، وحسنه. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم{ يا عائشة، ما كان معكن له؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو}.خرجه البخاري. ولا يجوز استعمال غير الدف من المزامير وآلات الموسيقى؛لأن الحديث ورد في الإذن بالضرب بالدف لا غير.

    فإن دخل بها فيستحب له أمور منها:-

    أولاً: أن يلاطفها؛كأن يقدم لها شيئاً من الشراب ونحوه؛ لحديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها- في دخـوله صلى الله عليه وسلم بعائشة؛قالت:"فجاء فجلس إلى جنبها، فأُتي بعُسٍ فيه لبن فشـرب، ثم ناولها فخفضت رأسها واستحيت-قالت أسماء- فانتهرتها وقلت لها: خذي من يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت فشربت شيئا ". الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده. ثانياً: أن يضع يده على رأسها ويدعوا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله وليدعو بالبركة، وليقل:اللهم إني أسألك من خـيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعـوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه}. أخرجه أبو داود، وحسنه العلامة الألباني. ثالثاً: أن يصليا ركعتين معاً، قال العلامة الألباني: ( لأنه منقولٌ عن السلف، وفيه أثران: الأول: عن أبي سعيدٍ -مولى أبي أُسَيدٍ- قال:" تزوجتُ وأنا مملوكٌ فدعوت نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم ابن مسعود وأبو ذرٍ وحذيفة-رضي الله عنهم- فعلموني وقالوا:" إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ثم اسأل الله من خير ما دخل عليك وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". والثاني: عن شقيقٍ أنه قال:" جاء رجل يقال له أبو حريفٍ فقال: إني تزوجت جارية شابة بكراً، وإني أخاف أن تفركني-أي تُبغضني- فقال له عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-" إن الإلف من الله، والفِرك-أي البغض- من الشيطان؛ يريد أن يُكرِّه إليكم ما أحل الله لكم، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين" زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود" وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم في، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير، وفرِّق بيننا إذا فرَّقت إلى خير". أخرجه ابن أبي شيبة، وسنده صحيح. ويُنهى عن نشر أسرار الإستنزاع وما يحدث بين الرجل وامرأته:- لقوله صلى الله عليه وسلم:{الحياء كله خير}. متفق عليه. وروى أبو سعيدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وســلم أنه قال:{ إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة؛ الرجل يـُفضي إلى المرأة وتـفضي إليه ثم ينشر سرها}. أخرجه الإمام أحمد.

    وقالت أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-" كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعودٌ، فقال: {لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها}فسكت القـوم، فقلت:إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون،قال صلى الله عليه وسلم:{فلا تفــعلوا؛ فإنما ذلك مثل شـيطانٍ لقي شيطـانةً في طـريق فـغشيهـا والناس ينظرون}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده. وعلى الرجل إن يحرص على أداء حق زوجه في هذه الناحية، ولا يشغله عن ذلك صلاة ولا صوم، فضلاً عن غيرهما وإلا فهو مخالفٌ لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" دخلت علي خُويلة بنت حكيم بن أمية، وكانت عند عثمان بن مظعون – رضي الله عنه- قالت: فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي:{ يا عائشة؛ ما أبذَّ هيئة خولة } قلت: يا رسول الله، امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال:{ يا عثمان، أرغبةٌ عن سنتي!} فقال:لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال صلى الله عليه وسلم:{ فإني أنام وأصلي،وأصوم وأفُطر، وأنكحُ النساء، فاتق الله يا عثمان؛ فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وصوم وأفطر، وصلي ونم }. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وإذا وجدت المرأة زوجها كذلك؛ فالعاقلة هي التي تتزين وتتودَّد إليه * فعند النسائي من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- أن امرأةً قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله؛ إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده".أي ثقلت، وكره النظر إليها. وصحَّ أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تفعل ذلك؛ فقد دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فتخاتٍ من ورِقٍ فقال: { ما هذه يا عائشة؟} قالت: صنعتهن أتزين لك يا رسول. ويحرم عليها أن تمنع حق زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ إذا باتت المرأة هاجرةً فراش زوجـها لعنتها الملائـكة حتى تصبح }. متفق عليه. هذا بعض ما ورد في سنته صلى الله عليه وآله وسلم في النكاح. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ##########

    الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:-

    فمما حض عليه الشارع حسن العِشرة:-

    فعلى الرجل أن يحسن عِشرة زوجه وأن يرفق بها، ولا سيما إن كانت صغيرة السن؛ فعن عائشة-رضي الله عنها- قالت:"والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو". متفق عليه. وذات مرة خرجت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، قالت:"وأنا جاريةٌ ولم أُبدِّن، فقال للناس {تقـدموا} فتقدموا، فقال لي:{تعالي حتى أسابقك} فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللـحم وبدَّنتُ ونسـيت، خرجتُ معه في بعض أسفاره فقال للناس:{تقــدموا} فتقدموا، ثم قـال:{ تعالي حتى أسـابقك}فسـابقته فسبقني،فجعل يضحك -صلى الله عليه وسلم- ويقول:{ هذه بتلك}.أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وقالت عائشة -رضي الله عنها-" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي:{ إني لأعـلم إذ ا كنتِ عني راضــية، وإذا كنتِ عليّ غضـبى} قلت: من أين تعرف ذلك؟ قال:{ أما إذا كنـتِ عنـي راضيةً فإنك تقــولين: لا ورب محـمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم} قالت: أجل يا رسول الله؛ ما أهجر إلا اسمك". متفق عليه.


    ومن أخلاق العقلاء مدارات النساء والصبر عليهن:- فإن المرأة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{خُلقت من ضـلع، وإنَّ أعـوج ما في الضلع أعـلاه، فإذا ذهبت تقيمـه كسرته، وإن تركـته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً}.خرجه الشيخان في صحيحيهما. والغيرة طبعٌ في المرأة جُبلت عليه، فعلى الرجل أن يراعي ذلك ولا يتعفف في تقويمها، وقد كنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم يغِـرن فكيف بغيرهن؟! فعند مسلم من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:" فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول:{ سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت} فقلت: بأبي وأمي؛ إنك لفي شأن، وإني لفي شأنٍ آخر". وعند مسلم-أيضاً-من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:"إلتمستُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلتُ يدي في شعره- يعني ظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه- فأدخلتُ يدي في شعره فقال:{ قد جاءك شيطانك!} فقلت:أما لك شيطان؟ قال:{بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسلم}".

    ويجوز للرجل أن يكذب على امرأته ؛ إرضاءً لخاطرها وتعميقاً للمودة بينهما:- لحديث أم كلثوم بنت عقبة-رضي الله عنها- قالت:" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيءٍ من الكذب إلا في ثلاث؛ كان صلى الله عليه وسلم يقول:{ لا أعده كاذباً؛ الرجل يصلح بين الناس؛ يقول القول لا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدِّث امرأته والمرأة تحدث زوجها}". قال النووي في المراد بالكذب بينهما:" هو إظهار الود، والوعد بما يلزم، والوعد بما لا يلزم، ونحو ذلك. وأما المخادعة؛ في منع حق عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين".

    وأما حقوق الزوج على امرأته فكثيرةٌ جليلة:- وذلك لعظم حقه عليها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:{ لو كنت آمراً أحـداً أن يسـجد لأحد لأمـرت المرأة أن تسجد لزوجها}. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان.

    فمن حقوق الزوج على امرأته: طاعته في غير معصية الله، واستإذانه إن أرادت التطوع بالصوم، وأن لا تُدخل بيت الرجل في غيابه من ليس من المحارم، أو من يكره دخوله وإن كان من المحارم أو النساء. ومن حقه:أن لا تخرج من بيته إلا بأذنه؛قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله وغفر له-" لايحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه، ولا يحل لأحد أن يأخذها إليه ويحبسها عن زوجها، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزةً عاصيةً لله ورسوله، ومستحقةً للعقوبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:{ لا يحل لامرأة أن تأذن في في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره، ولا تطيع فيه أحداً}. أخرجه البيهقي. ويجوز لها أن تشهد الصلاة في المسجد ولا يمنعها، ولكن بيتها خيرٌ لها. وعليها: أن تحفظ مال زوجها ولا تسرف فإنها راعية في بيت زوجها وماله، ومسئولة عن ذلك يوم القيامة. وعليها: أن تخدمه في الدار، وتعينه على أموره، ولا سيما إن كان مشتغلاً بالعلم، وإذا عجزت عن شيء فلا يكلفها فوق طاقتها وليعنها؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويخسف نعله ويصنع ما يصنع الرجل في أهله". أخرجه مسلم. وعليها:أن تشكر لزوجها حسن صنيعه إليها، وأن لا تجحد فضله؛ فإن ذلك مدعاة لسخط الله جل وعلا؛ فقد روى عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ لا ينـظر الله إلى امرأة لا تشكــر لزوجها وهي لا تستغني عنه}. أخرجه النسائي في الكبرى. ومشهورٌ أن أكثر أهل النار النساء؛ لكفرانهن العشير وكثرة اللعن، فلتحذر المؤمنة من كثرة الشكوى وإيذاء الزوج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{ لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحــــــور العين: لا تؤذيه قاتلكِ الله؛ فإنما هو عندكِ دخيلٌ يوشك أن يفارقك إلينا}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

    وأما حقوق الزوجة فكثيرةٌ :-

    منها: أن يكون عوناً لها على طاعة الله؛ فيعلمها التوحيد والعبادات، و يكفها عن الشرك والبدع والمحرمات. ومنها:أن يغار عليها ويحفظها ويبعدها عن مواطن الرِيَب. وليس معنى الغيرة أن يسيء الظن بها، ويتخوَّنها ليلاً ليطلب عثراتها؛ فإن ذلك منهيٌ عنه. ومن حقها: أن يحسن عشرتها ويلبي حاجتها بالمعروف، وأن يرفق بها وينفق عليها وعلى أولادها، ولا يبخل ولا يقـتِّـر عليهم. وعليها أيضاً: أن لا ترهقه من أمره عسراً؛ فقد روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد من حديث أبي سعيد الخُدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{إن أول ما هلك بنو إسرائيل أنّ امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب والصيغ}-أو قال-{من الصيغة ما تكلف امرأة الغني}. والحديث في السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني. ومهما يكن من غضب الزوجة فلا تطلب الطلاق من زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ أيما امرأة سئلـت زوجـهــا الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وعلى أولياء الزوجة أن يتقوا الله جل وعلا،وأن يرشدوا ابنتهم ويحثوها على طاعة الزوج ومعاشرته بالحسنى والصبر وأن لا يتدخلوا في ما لا يعنيهم؛ فقد قال عمر –رضي الله عنه- في وصيته ونصيحته لابنته حفصة-زوج النبي صلى الله عليه وسلم" أي حفصة؛ أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل! قالت: نعم، فقال-رضي الله عنه- قد خبتِ وخسرت؛ أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله فتهـلكي! لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، وسليني ما بدا لكِ". متفق عليه.
    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    596
    الشيخ سلطان العيد بخير وعافية

    وجزاك الله خير أيها الجامع
    "يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيهِ"

    قال سليمان بن موسى: ["إذا كان فقه الرجل حجازيا ، وأدبه عراقيا فقد كمل"]


  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    ////////**///
    المشاركات
    2
    سؤال:

    من الذي قام بهذا المجهود العظيم من التفريغ حتى نتقدم إليه بالشكر.؟

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    1,656
    جزى الله الجامع والمفرغ لهده الاشرطة خير الجزاء في الدنيا والاخرة.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •