4)-اعترض عليه في قوله:"أول من صنف في الصحيح البخاري"فقالوا:أن مالكا متقدم بالتصنيف من البخاري.
وجوابه:أن مالكا وإن تقدم إلا أنه لم يفرد الصحيح و البخاري أفرده ،فإن في كتاب مالك المرسل والمنقطع والبلاغاتحتى قال ابن عبد البر في التمهيد عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره مالك بلاغا وهو قوله:بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة" فقال رحمه الله:كل بلاغات مالك في الموطأ مسندة إلا أربعة أحاديث فإنها لم توجد في شئ من كتب العلماء إلا في الموطأ، أو من نقلها منه كالشافعي في كتاب الاستسقاء عن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا نشأت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها".
والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم:"إني لأنسى أو أنسى لأسن".
والحديث الثالث قول معاذ رضي الله عنه :آخر ما وصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز:"أن حسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل".
والحديث الرابع أنه صلى الله عليه وسلم رأى أعمار الناس أو ما شاء الله منها،فكأنه تقاصر أعمار أمته فأعطاه الله ليلة القدر".
هكذا قال ابن عبد البر وتبعه السيوطي .
أقول بحمد الله أني وجدت من أئمة الحديث من وصل هذه الأحاديث التي عجز عنها ابن عبد البر وغيره والسيوطي تبعا له رحمة الله على الجميع،وهو العلامة الحافظ الأنماطي كما ذكر العلامة الأبناسي في الشذا الفياح،فالحديث الأول ذكره ابن ابي الدنيا متصلا في كتابه:المطر الرعد والبرق ،والحديث الثالث أخرجه ابن ابي الدنيا كذلك في كتابه:التقوى،والرابع أخرجه ابن منده متصلا،والحديث الثاني قال الأبناسي فيه:
قال الأنماطي:بحثت عنه فلم أظفر به غير أن بعض طلبة الحديث ذكر لي أنه وجده مسندا ولم يحضر ما يدل على قوله.انتهى.
قلت:قال الألباني - رحمه الله تعالى -:
( باطل لا أصل له .و قد أورده بهذا اللفظ الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 38 ) مجزوما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم فقال العراقي في " تخريجه " : ذكره مالك بلاغا بغير إسناد , و قال ابن عبد البر : لا يوجد في " الموطأ " إلا مرسلا لا إسناد له , و كذا قال
حمزة الكناني : إنه لم يرد من غير طريق مالك , و قال أبو طاهر الأنماطي : و قد طال بحثي عنه و سؤالي عنه للأئمة و الحفاظ فلم أظفر به و لا سمعت عن أحد أنه ظفر به , قال : و ادعى بعض طلبة الحديث أنه وقع له مسندا . قلت : فالعجب من ابن عبد البر كيف يورد الحديث في " التمهيد " جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع منه , فانظر ( 1 / 100 و 5 / 108 و 10 / 184 ) ? ! . قلت : الحديث في " الموطأ " ( 1 / 161 ) عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأنسى أو أنسى لأسن " . فقول المعلق على " زاد المعاد " ( 1 / 286 ) , و إسناده منقطع ليس بصحيح بداهة لأنه كما ترى بلاغ لا إسناد له , و لذلك قال الحافظ فيما نقل الزرقاني في " شرح الموطأ " ( 1 / 205 ) : لا أصل له .و ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا ينسى بباعث البشرية و إنما ينسيه الله ليشرع , و على هذا فهو مخالف لما ثبت في " الصحيحين " و غيرهما من حديث ابن مسعود مرفوعا : " إنما أنا بشر أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكروني " , و لا ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صلى الله عليه وسلم حكم و فوائد من البيان و التعليم , و القصد أنه لا يجوز نفي النسيان الذي هو من طبيعة البشر عنه صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث الباطل ! لمعارضته لهذا الحديث الصحيح ) . السلسلة الضعيفة: ( رقم: 101 ).