خامسًا: أعمال أخرى:

تلك المجالات الأربعة السابقة هي أهم مجالات عمل المرأة في بيتها والتي من خلالها تشارك في إعداد الأسرة إعدادًا سليمًا، ولكن هناك أعمال أخرى فيها نفع للأسرة مادّيًّا أو تربويًّا إن بقي لدى المرأة متسع من الوقت – بعد قيامها بالأعمال الرئيسة السابقة – وهذه الأعمال كثيرة لا تنحصر، وهي متجددة حسب الظروف المادية والاجتماعية للأسرة وحسب جهد المرأة وتفكيرها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

ـ خياطة الملابس، كم تنفق الأسرة من المال في هذا الجانب، إضافة إلى آثارها السلبية الأخرى، حيث تقضي المرأة وقتًا طويلاً أمام هذا الخياط الأجنبي وهي تحاول أن تشرح له ما تريد وهو أعجمي في الغالب يفهم بعض الكلام ولا يدرك أكثره، إضافة لما يجلب للبيوت من الموديلات والموضات المخالفة للشرع وللأخلاق والذوق الاجتماعي.

إنه من العجيب أن تخرج المرأة للعمل خارج المنزل لاكتساب بعض الريالات، ثم يصرف هذا الراتب على الخياط، وعلى المربية التي تقوم على الأطفال، ترى لو تفرغت المرأة لتربية أطفالها وما بقي لديها من وقت قضته في خياطة ملابسها كم ستوفر للأمة، ليس مبلغًا من المال إنما حفظ أجيال الأمة وحفظ أخلاقها، وهذا ليس على العموم، فقد مر بنا أن الأمة بحاجة للمرأة العاملة في بعض المجالات التي لا يقوم بها غيرها، لكن فرق أن يكون هذا استثناءً أو هو الحالة العامة.

ـ من الأعمال التي يمكن أن تقوم بها المرأة في البيت صناعة بعض التحف والأشكال الجمالية. إن طلب الجمال أمر مركوز في الفطرة، فحب الإنسان للمناظر الجميلة والأشكال الرائعة أمر مباح، وللإنسان أن يطلبها ويعملها إذا لم يكن فيها إسراف، ولا محذور شرعي كوجود الصور. وإن كثيرًا من تلك الأشكال قد تعملها المرأة. إن بعض الناس مولع بتلك التحف ويبذل كثيرًا من المال لاقتنائها، ماذا لو استغلت المرأة بعض وقتها وعملت شيئًا من تلك التحف ووفرت هذا المال. هذا الجانب من الأعمال ليس ذا أهمية كبيرة، لكن ذكرته لأبين أن أمام المرأة مجالاً للتفكير في استغلال فاضل وقتها فيما ينفعها وينفع أسرتها.

وبعد أن استعرضنا تلك الأعمال الهامة التي تقوم بها المرأة في بيتها وتشارك من خلالها في تربية الأسرة. هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا جلست في بيتها وتفرغت لتلك المهمات تبقى معطلة، وهل تصح مقولة الذين يقولون: إن بقاء المرأة في بيتها يجعل نصف المجتمع عاطلاً عن العمل؟

ما هي المقاييس الصحيحة للبطالة؟ تخرج المرأة لتترك أقدس وظيفة وأخطرها لتؤدي دور كاتب صادر أو وارد، أو ناسخ آلة يؤديها أي شاب من الشباب العاطلين! وتترك المرأة بخروجها رعاية أطفالها وتربيتهم للخادمة والحاضنة! ثم تعود لتنفق هذا المال الذي تركت وظيفتها الأساسية من أجله تعود لتنفق هذا المال على تلك الخادمة وعلى السائق وعلى أماكن الخياطة! ولكن مرض النفوس وانتكاس الفطرة.

إنها انتكاسات البشر حين يحيدون عن منهج الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 125] قد يقول بعض من فرض عليهم الواقع ضغوطه وأصبحوا لا يفكرون إلا من خلال أوضاع اجتماعية معينة يقول هؤلاء: إن هذا كلام عاطفي بعيد عن الواقع العملي.