وقد تخرج إلى معنى (بل) أو الواو وبقية المعاني مستفادة من غيرها ، والمعنى العاشر الذي هو التقريب فاسد فـ(أو) فيه للشك ، وكذلك المعنى الحادي عشر، والحق أنَّ الفعل الذي قبلها دالٌّ على معنى الشرط، فيكون ماعطف عليه كذلك .

( أَلاَ )[73] : على خمسة أوجه :

[الأول]: أن تكون للتنبيه فتدل على تحقق مابعدها ، وتدخل على الجملتين ، كقوله تعالى :{ ألا إنَّ أولياء الله لاخوفٌ عليهم }[74] ، {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم}[75].

الثاني : التوبيخ والإنكار ،كقوله :

11- أَلاَ ارعِوَاءَ لِمَنْ وَلَّتْ شَبِيبَتُهُ [وَآذَنَتْ بِمَشِيبٍ بَعْدَهُ هَرَمُ][76]

الثالث : التمني ، كقوله :

12- أَلا عُمْرَ وَلَّى مُسْتَطَاعٌ رُجُوعُهُ [فَيَرأَبَ مَا أَثأَتْ يَدُ الغَفَلاتِ][77]

الرابع : الاستفهام عن النفي ، كقوله :

13- ألاَ اصْطِبَارَ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ [إذَا أُلاقِي الذِي لاقَاهُ أَمْثَالي][78]

وهذه الأقسام تختص بالجملة الاسمية وتعمل عمل (لا) الجنسية وتختص التي للتمني بأنَّه لاخبر لها لفظاً ولا تقديراً ، ولا يجوز مراعاة محلها مع اسمها ولا إلغاؤها ولو تكررت .

الخامس : العرض والتحضيض ، والفرق بينهما أنَّ العرض طلب بلين ، والتحضيض بِحثٍ ، وتختص بالفعلية نحو : {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}[79] .

( إلاَّ )[80] : على أربعة أوجه :

[الأول]: أن تكون للاستثناء فينتصب ما بعدها بها في نحو : قام القوم إلا زيداً - على الصحيح -[81] ويرتفع في نحو : {مافعلوه إلا قليلٌ }[82] على البدلية عند البصريين ، وعلى العطف بها عند الكوفيين[83] .

الثاني : أن تكون بمعنى (غير) فيوصف بها جمع منكرٌ أو شبهه ، مثال ذلك:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}[84]، ثم إن كان مابعدها مطابقا لموصوفها فالوصف مختص ، كقولك : جاء رجل إلا زيدٌ ، وإن كان مخالفاً له بإفراد أو غيره فالوصف مؤكد صالح للإسقاط ، فلو قال : عندي له عشرة إلا درهماً ، لزمه تسعة ، ولو قال : إلا درهمٌ لزمه عشرة ، لأنَّ الوصف مؤكد فإن العشرة غير الدرهم ، ويصح أن تسقط إلادرهم ، ومثله الآية[85] ، فيصح أن يقال : لوكان فيهما آلهة لفسدتا . وإذاكانت إلا هذه بمعنى (غير) فإنها تفارقها من وجهين :

أحدهما : أنه لايجوز حذف موصوفها فلا يقال : جاءني إلا زيد .الثاني : أنه لا يوصف بها إلا حيث يجوز الاستثناء ، فلا يجوز عندي له درهم إلاَّ جيِّد .

الوجه الثالث -من أوجه(إلاَّ)-:أن تكون عاطفة كالواو ، أثبته بعضهم[86].

الرابع : أن تكون زائدة ، قاله بعضهم[87].

( ألاَّ )[88] : حرف تحضيضٍ مختص بالجملة الفعلية الخبريةكسائر أدوات التحضيض .

( إلى )[89] : حرف جر له ثمانية معانٍ :

الأول : انتهاء الغاية ، ثم إن دلت قرينة على دخول مابعدها أو خروجه عمل بها ، نحو : قرأت القرآن من أوله إلى آخره . [وقوله تعالى]:{ثم أتموا الصيام إلى الليل}[90]،وإلا فقيل يدخل إن كان من الجنس ، وقيل مطلقاً وقيل لا[يدخل مطلقاً] وهو الصحيح[91].

الثاني : المعية إذا ضممت شيئاً إلى آخر .[ مثل ] الذود إلى الذود إبل .

الثالث : التبيين لفاعلية مجرورها بعدما يفيد حباً أو بغضاً من فعل تعجب أو اسم تفضيل ، مثل :{ أحب إليَّ }[92] .

الرابع : مرادفة اللام ، مثل : { والأمر إليك }[93] وقيل هي للانتهاء .

الخامس : موافقة (في) .

السادس : موافقة (من).

السابع : موافقة (عند) .

الثامن : التوكيد وهي الزائدة. أثبته بعضهم في قوله تعالى:{تهوي إليهم}[94].

( إيْ )[95] : حرف جواب بمعنى(نعم) ، ولاتقع إلا قبل القسم ، نحو : {قل إيْ وربي إنَّه لحق}[96].

( أيْ )[97] : على وجهين :

[الأول] :أن تكون حرف نداء .

الثاني : أن تكون حرف تفسير ، نحو : عندي عسجدٌ أي ذهب ، فما بعدها عطف بيان أو بدل لما قبلها ، ويفسر بها المفرد والجمل ، وإذا وقعت بعد (تقول) وقبل فعل مسند للضمير حكى الضمير ، تقول : استكتمته الحديث أي سألته كتمانه فإن أتيت بـ(إذا) فتحته ، فقلت إذا سألتَه.

14- إذَا كَنَيتَ بِـ(أي) فِعْلاً تُفَسِّرُهُ فَضُــمَّ تَاءَك ضَمَّ مُعْتَرِفِ

وَإنْ تَكُنْ بِـ(إذَا) يَوماً تُفَسِّــــرُهُ فَفَتْحَةُ التَّاءِ أَمْرٌ غَيرُ مُخْتَلفِ

( أيّ )[98] : على خمسة أو جه ؛ شرطية واستفهامية وموصولية . قال المؤلف: ‘‘ولا أعلمهم استعملوا الموصولة مبتدأً’’.

الرابع : أن تكون دالةً على معنى الكمال فتكون صفة للنكرة وحالاً من المعرفة ، نحو : مررت برجلٍ أيِّ رجلٍ ، مررت بزيدٍ أيَّ رجل .

الخامس : أن تكون وُصْلَةً لنداء مافيه (أل) [ مثل ]: { يا أيها النبيُّ }[99].

( إذْ )[100] : على أربعة أوجهٍ :

[الأول] : أن تكون اسماً للزمان الماضي فتستعمل ظرفاً ، وهو الغالب ومفعولاً به وتكون غالباً في أوائل القصص ، مثل : {وإذ فرقنا بكم البحر}[101] أي اذكروا وقت ذلك ، وبدلاً من المفعول مثل : {إذ انتبذت}[102] ومضافاً إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه كـ(يومئذ) ، أو غير صالح كـ { بعدإذ هديتنا }[103].

الثاني: أن تكون اسم زمان للمستقبل :{فسوف يعلمون إذ الأغلال}[104].

الثالث : أن تكون للتعليل : {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم}[105] ، وهل هي إذن حرف أو اسم على قولين[106].

الرابع : أن تكون للمفاجأة وهي الواقعة بعد (بينا) أو (بينما) ، كقوله :

15- [اسْتَقْدِرِ اللهَ خَيراً وَارْضَيَنَّ بِهِ] فَبَينَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ[107]

وهل هي ظرف مكان أو زمان ، أو حرف بمعنى المفاجأة ، أو زائدة ؛ على أقوال[108]. وعلى الظرفية فعاملها الفعل بعدها ، وعامل (بين) محذوف يفسره مابعده على أحد الأقوال·.


_____________________________________


الهامش :



[73] - انظر : المغني ص95.

[74] - سورة يونس .الآية : 62.

[75] - سورة هود . الآية: 8.

[76] - هذا بيت من البسيط ، لم أجد قائله ، انظر : شرح التسهيل 2/70 والأشموني 1/266 والدرر 2/232. الشاهد فيه : ( ألا ارعواء ) فقد استعمل (ألا) - جميعها- للتوبيخ والإنكار .

[77] - هذا بيت من الطويل ، انظر شرح التسهيل 2/70 والتصريح 1/245 ، والأشموني 1/266 . الشاهد فيه : (ألا عُمرَ ) حيث استعمل (ألا) للتمني .

[78] - هذا بيت من البسيط ، روي لمجنون بني عامر ، ومن نسبه إليه أبدل ( سلمى ) بـ ( ليلى ) ، وقد رأيته في الديوان (ص157) ، قال : ( إذًا ) . وفسره بتفسير مخالف لمعنى من استشهدوا به على وقوع الاستفهام عن النفي ، هذا مافهمت والله أعلم ، وانظر : شرح التسهيل 2/70 ، والدرر 2/229 .

[79] - سورة النور .الآية : 22.

[80] -انظر : المغني ص98.

[81] - وهو رأي الكوفيين ، انظر : الإنصاف 1/260 ، وشرح المفصل 2/76.

[82] - سورة النساء . الآية : 66.

[83] - انظر : المقتضب 4/402 .

[84] - سورة الأنبياء . الآية : 22.

[85] - آية الأنبياء .

[86] - انظر : الإنصاف 1/266 .

[87] - منهم المازني ، انظر : شرح المفصل 7/107 ، والانتصاف من الإنصاف 1/107.

[88] - انظر : المغني ص102.

[89] - انظر : المغني ص104.

[90] - سورة البقرة . الآية : 187.

[91] - انظر : حاشية الصبان 2/215.

[92] - سورة يوسف . الآية : 33.

[93] - سورة النمل . الآية : 33.

[94] - سورة إبراهيم . الآية : 37. ، انظر : حاشية الصبان 2/214.

[95] - انظر : المغني ص105.

[96]- سورة يونس . الآية : 53.

[97] - انظر : المغني ص106.

[98] - انظر : المغني ص107.

[99] - سورة الأنفال . الآية :65.

[100] - انظر : المغني ص117.

[101] - سورة البقرة .الآية :50.

[102] - سورة مريم . الآية : 16.

[103] - سورة آل عمران . الآية : 8 .

[104] - سورة غافر . الآية :70 - 71.

[105] - سورة الزخرف . الآية :39 .

[106] - انظر : الهمع 1/205.

[107] - هذا بيت من البسيط ، لعثمان بن لبيد العذري ، أو عثير بن لبيد ، انظر : الكتاب 3/528 . و في شرح الشذور وشرح شواهده نسبه إلى عنبر بن لبيد والظاهر أنه تصحيف . وهذا البيت من قصيدة مطلعها :

يا قلب إنَّك من أسماء مغرور * فاذكر وهل ينْفعنْك اليوم تذكير

انظر : شرح شذور الذهب ص144. وشرح شواهد الشذور ص 94 والتي بعدها .

الشاهد فيه : ( فبينما العسر إذ دارت ) حيث جاءت(إذ) للمفاجأة بعد (بينما) .

[108] - انظر : الهمع 1/205.

· والألف في (بينا) للإشباع وبين مضافة إلى الجملة ويؤيده أنها قد أضيفت إلى المفرد . ذكره لك قُبيل بحث حرف الياء .