( أنَّ )[46] : على وجهين :
[ الأول ]: أن تكون حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر ، وهي موصول حرفي تؤول مع معموليها بمصدر ، فإن كان الخبر مشتقاً فالمصدر من لفظه مضافاً إلى اسمها ، مثل : بلغني أنَّك قائم ، أي قيامك ، وإن كان جامداً قدِّر بالكون ، مثل : بلغني أنَّك زيدٌ ، أي كونك زيداً .
الثاني : أن تكون لغةً في (لعلَّ) .
( أم )[47] : على أربعة أوجه :
[ الأول ] : أن تكون متصلة ، وهي التي لايستغني ماقبلها عن مابعدها ، وتقع بعد همزة التسوية ، نحو : سواء علي أقمت أم قعدت ، وبعد همزةٍ يطلب بها وبـ(أم) التعيين ، نحو : أزيدٌ قائم أم عمرو ، فالواقعة بعد همزة التسوية لاتستحق جواباً والكلام معها قابل للتصديق والتكذيب ولابد أن تكون بين جملتين في تأويل مفردين كما في الآية [48] والتقدير : سواء عليهم استغفارك لهم وعدمه . والواقعة بعد همزة التعيين بخلافها فيما ذكر ، فتقع بين مفردين كالمثال ، أو جملتين ليستا في تأويل المفردين ، كقوله :
6-
لَعَمْرُكَ مَا أَدْري وَإنْ كُنْتُ دَارياً
شُعَيثُ بنُ سَهْمٍ أَمْ شُعَيثُ بنُ مِنقَرِ[49]
الوجه الثاني : أن تكون منقطعة ، وهي التي لايفرقها الإضراب وتقع في الخبر المحض ، كقوله تعالى : {تنزيل الكتاب لاريب فيه من رب العالمين* أم يقولون افتراه }[50] وفي استفهام بغير الهمزة ، كقوله تعالى : {قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور}[51] ، وفي استفهام بالهمزة إذا خرج عن معناه الأصلي ،كقوله تعالى :{ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها }[52] لأن الهمزة هنا للإنكار ، وقال أبو عبيدة[53]: إنها قد تفارق الإضراب للاستفهام المجرد .
الثالث : أن تقع زائدةً ، كقوله :
7- يَالَيتَ شِعْري وَلامَنجَامِنَ الهَرَمِ
أَمْ هَلْ عَلَى العَيشِ بَعْدَ الشَّيبِ مِنْ نَدَمِ[54]
الرابع : أن تكون للتعريف كما نقل عن حمير وطيء مثل : أَمْقَمَر .
( أل )[55] : على ثلاثة أوجه :
[ الأول ]: أن تكون اسماً موصولاً مشتركاً ويوصل بها اسم الفاعل واسم المفعول دون الصفة المشبهة واسم التفضيل ، وقد توصل بظرف أو جملة اسمية أو فعلية فعلها مضارع وذلك خاص بالشعر .
الثاني : أن تكون حرف تعريف إما للعهد أو للجنس ، والعهد إما ذكري أو ذهني أو حضوري ، والجنس إما لاستغراق الأفراد ، او استغراق خصائص الأفراد ، أو لتعريف الماهية .
الثالث : أن تكون زائدة ، إما لازمة كالتي في الأسماء الموصولة ، والمقارنة للأعلام كـ(اليسع) ، وإما للمح الأصل كالداخلة على الأسماء المنقولة من مجرد صالح لها كـ(حارث) و(عباس) ، وهذا النوع سماعي فلا يقال : المحمـد ، وإما للضرورة ، كقوله :
8- رَأَيتُ الوَلِيدَ بنَ اليَزِيدِ مُبَارَكاً [شَدِيداً بِأَعْبَاءِ الخِلافَةِ كَاهِلُه][56] وإما شذوذاً كقولهم : ادخلوا الأول فالأول ، وجاؤا الجماء الغفير[57].
( أمَا )[58] : على وجهين :
[الأول] : أن تكون حرف استفتاح كـ(أَلاَ) ، وتكثر قبل القسم ، كقوله:
9-
أَمَا وَاللهِ إنَّ الظُّلمَ شُومُ [وَمَا زَالَ المُسِيءُ هَوَ الظَّلُومُ][59]
الثاني : أن تكون بمعنى حقاً أو أحقاً ، فالصواب أنها كلمتان ؛ الهمزة و(ما) بمعنى حق ، وموضعها نصب على الظرفية ، وأنَّ وما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ ، مثل : أمَا أني بك مغرم ، وقال المبرد : موضعها نصب مصدراً لِ(حُقَّ) محذوفاً و(أن) ومابعدها فاعل به .
وزاد بعضهم لها معنى ثالثاً : وهو العرض ، فتختص بالأفعال ، نحو: أمَا تقوم .
( أمَّا )[60] : ويقال : أيما ، حرف شرط وتفصيل وتوكيد ، وقد لا تكون للتفصيل ، كما في قولك : أمَّا زيدٌ فمنطلقٌ ،وسُمع : ‘‘أما قريشاً فأنا أفضلها’’ . وهو دليلٌ على أنَّه لايلزم أن يقدر في(أمَّا) : مهما يكن من شيء ، بل يقدر ما يليق بالمحل ، فالتقدير هنا : مهما ذكرت قريشاً.. إلخ
( إمِّا )[61] : ويقال : إيما . وهي حرف عطف عند الأكثر في نحو : جاءني إمازيدٌ وإما عمرو ، وقيل لا ونقل الإجماع عليه .
ولها خمسة معانٍ :
أحدها : الإبهام ، كقوله تعالى : {إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}[62].
الثاني : الشك ، نحو : جاءني إما زيد وإما عمرو .
الثالث : التخيير ، نحو: {إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً}[63].
الرابع : الإباحة ، نحو : تعلم إما فقهاً وإما نحواً .
الخامس : التفصيل ، كقوله تعالى : {إما شاكراً وإما كفوراً}[64].
( أو )[65] : العاطفة ، لها اثنا عشر معنى ؛
الأول : الشك ، نحو : {لبثنا يوماً أو بعض يوم}[66].
الثاني : الإبهام ، {وإنَّا أو إياَّكم لعلى هدى}[67].
الثالث : التخيير ، وهي التي تقع بعد الطلب وقبل ما يمتنع فيه الجمع [مثل]: تزوج هنداً أو أختَها .
الرابع : الإباحة ، وهي التي تقع بعد الطلب وقبل مايجوز فيه الجمع [مثل]: جالس العلماء أو الزهاد ، فيباح الجميع ، فإن تقدمها (لا) الناهية امتنع الجميع ، كقوله : {ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً}[68].
الخامس : الجمع المطلق كالواو ، كقوله :
9-
[وَقَد زَعَمَتْ ليلى بِأنِّيَ فاجرٌ] لِنَفسي تُقَاهَا أَو عَلَيهَا فُجُورُهَا [69]
السادس : الإضراب كـ(بل) ، بشرطين : إعادة ا لعامل ، وتقدم نفي أو نهي [مثل] : ما قام زيدٌ أو ماقام عمروٌ . لايقم زيدٌ أو لايقم عمرو ، وقال الكوفيون[70] : تأتي للإضراب مطلقاً كقوله :
10-
كَانُوا ثَمَانِينَ أَوْ زَادُوا ثَمَانِيَةً [لَوْلا رَجَاؤكَ قَدْ قَتَّلْتُ أَولادي][71]
السابع : التقسيم ، [نحو]: الكلمة اسم أوفعل أو حرف .
الثامن : أن تكون بمعنى (إلا) الاستثنائية فينتصب المضارع بعدها ،مثل : لأقتلنَّه أو يسلمَ .
التاسع : أن تكون بمعنى (إلى) فينتصب المضارع بعدها أيضاً ، نحو: لألزمنَّك أو تقضيَ دَيني .
العاشر : التقريب ، نحو : لا أدري أسلَّم أو ودَّع .
الحادي عشر : الشرطية ، نحو : لأقولَنَّ الحقَّ رضي الكافر أو سخط .
الثاني عشر : التبعيض ، نقله ابن الشجري[72] عن بعض الكوفيين ، والتحقيق أن (أو) موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء .
وقد تخرج إلى معنى (بل) أو الواو وبقية المعاني مستفادة من غيرها ، والمعنى العاشر الذي هو التقريب فاسد فـ(أو) فيه للشك ، وكذلك المعنى الحادي عشر، والحق أنَّ الفعل الذي قبلها دالٌّ على معنى الشرط، فيكون ماعطف عليه كذلك .