كلمة عن وفاة الشيخ عبدالله ابن حميد
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة عن وفاة الشيخ عبدالله ابن حميد
خطبة للعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
قال الله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) هذه هي الحقيقة واقعة هذه هي الحقيقة التي يقر بها كل أحد يقر بها كل صغير وكبير يقر بها كل ذكر وأنثى يقر بها كل مؤمن وكافر يقر بها كل مطيع وفاسق يقر بها كل عفيف وفاجر كل أحد يقر بهذه الحقيقة لانه يشهد الناس يحملون حتى يقبرون ويبقون في قبورهم إلى يوم يبعثون هذه هي الحقيقة التي تكفي الإنسان واعظا لمن اتعظ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد كيف تطيب نفسك أن تبقى في هذه الدنيا على معصية الله عز وجل تاركا ما أنت مخلوق له من عبادة الله تاركا ما هو مستقبلك الحقيقي من القدوم إلى ربك من الوقوف بين يديه انك سوف ترحل عن هذه الدنيا إن عاجلا أو آجلا كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول أيها المسلمون إن هذه هي الحقيقة الواقعة إن هذه هي الحقيقة التي يستغرب الإنسان ويتعجب أن ينغمس الإنسان في ترف الدنيا ناسيا الآخرة ناسيا ما فيها من العذاب للمجرمين ومن النعيم للمتقين انه من الغرائب أن ينسى الإنسان هذه الحقيقة التي لا يدري متى يفجأه الموت صباحا أو مساء لا يدري متى يودع أهله لا يدري متى يودع جيرانه لا يدري متى ينقل إلى دار الجزاء التي ليس فيها عمل وانما يجازى الإنسان على ما عمل في دنياه أيها المسلمون اتعظوا بهذا الأمر الواقع فانه والله لا شئ أعظم من واعظ الإسلام والقران والموت كفي بالشيب والإسلام للمرء ناهيا أيها المسلمون إن هذه هي الحقيقة الواقعة ولا حاجة أن أسهب في الكلام في هذا لانه أمر تشاهدون بأعينكم وتسمعونه بآذانكم وتعقلونه بقلوبكم ولكن قست القلوب ومرضت وماتت حتى جمدت وما لجرح بميت إيلام أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتعظين بمواعظ القران والسنة المتعظين بما قضاه الله وقدره على عباده عباد الله عباد الله عباد الله تذكروا اليوم الذي تنقلون فيه من أهلكم وذويكم حتى تودعوا في قبوركم يخرج معكم ثلاثة المال والولد والعمل فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع الأهل والمال ولكن يبقى العمل معك قرينك في قبرك إن كان خيرا فنعم القرين وان كان شرا فبئس القرين ما أعظم جهلنا حيث كنا نعتني اعتناء كبيرا بالأهل والمال ولكننا نهمل كثيرا بالعمل نهمل بالمقارن الذي هو قريننا في الدنيا والآخرة ولكننا ندع ولكننا نعتني اعتناء بالغا فيما نحن مفارقون له أو هو مفارق لنا فاتقوا الله أيها المسلمون وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أيها المسلمون وفي آخر هذا الأسبوع فقدت هذه المملكة حبرا من أحبارها وعالما من علمائها وصالحا لا نزكيه على الله من صلحائها الا وهو الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى رحمة واسعة اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تغفر له اللهم اغفر له اللهم افتح له في قبره اللهم نور له فيه اللهم ارفع درجته في المهديين اللهم اخلفه في عقبه يا رب العالمين اللهم هيئ لهذه البلاد عالما يقوم مقامه ويسد أكثر مما سد يا رب العالمين اللهم انا نسألك أن تتغمده برحمتك وأن تسكنه فسيح جتنك وأن تجبرنا بمصيبته انك على كل شئ قدير عباد الله إن موت العالم في الأمة لخسارة عظيمة فادحة لانه قل أن يعوض العالم بمثله يذهب الصالحون الأمثل فالأمثل ويبقى حثالة كحثالة الشعير لا يبالي بهم الله بالا أيها المسلمون إن الشيطان ليفرح بموت العلماء أكثر مما يفرح بموت العباد يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما انه ذكر أن جنود الشيطان قالوا له يا سيدنا انك تفرح بموت العالم اكثر مما تفرح بموت العباد فقال نعم دعوني أريكم فذهب إلى عابد من العباد مشتغلا بعبادته ليلا ونهارا فسأله فقال أيها الرجل هل يقدر الله تعالى أن يخلق ربا مثله هذا العابد جاهل فال العابد لا أدري فبهذه الكلمة كان كافرا لان من شك أن الله يقدر على أن يخلق مثله فهو كافر لان الله تعالى ليس كمثله شئ ثم قال هلموا فذهب إلى عالم عند أصحابه يضحك معهم ويمزح إليهم وهم مسرورون بجلستهم معه فقال أيها الرجل هل يقدر الله تعالى أن يخلق مثله فقال كذبت لا يمكن ذلك هذا أمر مستحيل فان المخلوق لا يمكن أن يكون مثل الخالق ليس كمثله شئ وهو السميع البصير فقال الشيطان لجنوده انظروا كيف كذب الاول بجهله وانظروا كيف أعتصم الثاني بعلمه وكيف اهتدى بكلمته أناس كثيرون ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب أيها المسلمون وبخصوص أيها الشباب إني أحثكم حثا بليغا على أن تقبلوا على العلم على العلم الشرعي الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) فإذا فقه الإنسان في دين الله وكان عالما بما عمل علم أن الله تعالى أراد به خيرا فيا أيها الشباب بل يا جميع الناس المسلمين اني أحثكم على الإقبال على طلب العلم الشرعي الذي هو رفعة دينكم الذي هو رفعتكم في الدنيا والآخرة (يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) وإن الأمة إذا فقد علماؤها الذين رزقهم الله العلم والعمل فإنها بذلك تفقد أعظم مما تفقد من ينابيع الماء ومن محصولات القمح ومن كل شئ من الدنيا لان الدنيا بل الأمة بها الحياة إذا كان علماؤها أحياء ويقضى عليها بالموت إذا مات علماؤها حسا أو معنى أسأل الله تعالى أن يهيئ للمسلمين علماء عاملين وقادة مصلحين يكونون دليلين لهم على شريعة الله وعلى كتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم أسأل الله تعالى أن يوفق شباب المسلمين للإقبال على تعلم العلم وعلى الأخذ بمناهله وأن يعلموا علم اليقين أن بذلك رفعتهم ورفعة أمتهم وإننا لو أردنا أن نبرهن على أ، كل العلوم لا تنفع الأمة إذا لم تكن مصحوبة بالعلم الشرعي والعمل الصالح إذا أردنا أن نبرهن فإننا نقول انظروا ولو نظرة خاطفة إلى حال المسلمين اليوم على كثرة ما لديهم من العلوم الدنيوية فهم متأخرون تأخرا عظيما عن أفسق الأمم وعن ارذل الأمم حتى اليهود حصل منهم ما حصل وحصل للعرب الذين يقاتلونهم باسم العروبة لا باسم الإسلام ولا باسم الدين حصل لهم من الذل ما هو معلوم للجميع ولكننا نقول إن العرب وجميع المسلمين لا يمكنهم أن يستردوا القدس ولا أن يقضوا على اليهود و لا على غيرهم من الكفار إلا إذا قاموا بدين الله أولا في مجتمعاتهم وفي رعيتهم وفي أنفسهم ثم بعد ذلك يدعون إلى دين الله من على البسيطة وهم إذا قاموا بذلك فسوف يكونون منتصرين بلا شك أيها المسلمون إنني أقول لكم ولا احب الإطالة عليكم إنه لا يمكن لنا أن نعتز ولا أن ننتصر انتصارا حقيقيا لا انتصارا وقائيا إلا إذا رجعنا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإن ذلك لسهل يسير علينا إذا يسره الله لنا وأقبلنا على الله بصدق واخلاص (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر) اللهم اصلح لنا ولاة أمورنا وأصلح لنا رعيتنا واجعلنا هداة مهتدين وقادة مصلحين ووفقنا لما تحب وترضى يا ر ب العالمين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون أيها الاخوة لقد جاءنا من ولاة أمورنا أن نقيم الصلاة على من نرجو له الرحمة والمغفرة الشيخ عبد الله بن حميد
