السؤال العاشر: ما الحكم فيمن باع ذهبا على صاحب المحل ثم يشتر يذهبا أخر من صاحب المحل بمبلغ مقارب للمبلغ الذي باع عليه به مثلا, ثم يسدد له قيمة الذهب الذي اشتراه من قيمة الذهب الذي باعه وهو لم يستلمها ؟
الجواب : هذا لا يجوز , لأنه إذا باع شيئا بثمن لم يقبض واعتاض عن ثمنه ما لا يحل بيعه به نسيئة, فقد صرح الفقهاء بان هذا حرام ,لأنه قد يتخذ حيله على بيع ما لا يجوز فيه النسيئة بهذه الصفة بدون قبض,وإذا كان من جنسه صار حيلة على ربا الفضل(1) وربا النسيئة(2) .
***
السؤال الحادي عشر: ما حكم من اشتري ذهبا وبقي عليه من قيمته وقال أتي بها عليك متى تيسر ؟
الجواب: لا يجوز هذا العمل, وإذا فعله صح العقد فيما قبض عوضه, وبطل فيما لم يقبض, لان النبي صلي الله عليه وسلم قال في بيع الذهب بالفضة: ( بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ ) (3)
***
السؤال الثاني عشر: ما الحكم فيمن اشتري ذهبا وتم البيع عليه ثم سدد القيمة وبقي عليه جزء من المبلغ فهل يجوز أن يذهب إلي أي مكان ليأتي بالباقي بعد قليل مثلا من ( السيارة أو البنك ) ولم يستلم الذهب الا بعد أن أتي بالباقي, فهل يصح هذا العمل ؟ والا يلزم إعادة العقد بعدما أتي بالباقي ؟
الجواب: الأولي أن يعاد العقد بعد أن يأتي بالباقي, وهذا لا يضر ماهو الا إعادة الصيغة فقط مع مراعاة السعر إن زاد أو نقص, وإن تم العقد على السعر الاول فلا باس, وإن ترك العقد حتى يأتي بباقي الثمن كان أولي, لأنه لا داعي للعقد قبل إحضار الثمن, والله الموفق.
***
السؤال الثالث عشر: هنالك بعض أصحاب محلات الذهب يذهب إلي تاجر الذهب ويأخذ منه ذهبا جديدا بوزن كيلو مثلا, ويكون هذا الذهب مخلوطا به فصوص سواء كانت من أحجار كريمة المسماة بالماس أو الزراكون أو غيرها, ويعطيه المشتري مقابل هذا الكيلو ذهبا صافيا وزنا بوزن, ولكنه ليس فيه فصوص, ثم إن البائع يأخذ زيادة على ذلك تسمي أجرة التصنيع.فيكون عند البائع زيادتان أولهما زيادة ذهب مقابل وزن الفصوص, وثانيهما زيادة أجرة التصنيع لأنه تاجر ذهب وليس مصنع ذهب. فما حكم هذا العمل وفقكم الله ؟
الجواب:هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا.والربا فيه كما ذكر السائل من وجهين: الوجه الاول زيادة الذهب حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهبا وهو شبيه بالقلادة التي ذكرت في حديث فضالة بن عبيد حيث أشتري قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر دينارا, ففصلها فوجد فيه أكثر,فقال النبي صل الله عليه وسلم:(لا تباع حتى تفصل)(1)
أما الوجه الثاني: فهو زيادة أجرة التصنيع, لان الصحيح إن زيادة أجرة التصنيع لا تجوز, لان الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل, وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم أن يشتري صاع التمر الطيب بصاعين من التمر الردئ (2) والواجب على المسلم الحر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب
***
السؤال الرابع عشر: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع ؟
الجواب: العمل عند هولاء الذين يتعاملون بالربا أو بالغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة, العمل عند هولاء محرم, لقول الله تعالي: ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) (المائدة 2 ) ولقوله: ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم )(النساء: 140)
ولقول النبي صلي الله عليه وسلم: ( من رأي منكم منكرا فلغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه, فان لم يستطع فبقلبه )(3) . والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فيكون عاصيا للرسول صلي الله عليه وسلم.
***
السؤال الخامس عشر: ما حكم التعامل بالشيكات في بيع الذهب إذا كانت مستحقة السداد وقت البيع حيث إن بعض أصحاب الذهب يتعامل بالشيكات خشية على نفسه ودراهمه أن تسرق منه ؟
الجواب : لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب أو الفضة , وذلك لان الشيكات ليست قبضا وإنما هي وثيقة حوالة فقط بدليل إن هذا الذي اخذ الشيك لو ضاع منه لرجع على الذي أعطاه إياه , ولو كان قبض لم يرجع عليه .
وبيان ذلك إن الرجل لو اشتري ذهباً بدراهم فاستلم البائع الدراهم فضاعت منه لم يرجع على المشتري, ولو انه اخذ من المشتري شيكا ثم ذهب به ليقبضه من البنك ثم ضاع منه فانه يرجع علي المشتري بالثمن.وهذا دليل على الشيك ليس بقبض, وإذا لم يكن قبضا لم يصح البيع, لان النبي صلي الله عليه وسلم أمر أن يكون بيع الذهب بالفضة يدا بيد. الا إذا كان الشيك مصدقا من قبل البنك واتصل البائع بالبنك وقال ابقي والدراهم عندك وبيع لي, فهذا قد يرخص فيه. والله اعلم.
***
السؤال السادس عشر ما حكم بيع الذهب الذي يكون فيه رسوم أو صور مثل فراشة أو راس ثعبان أو ما شابه ذلك ؟
الجواب: الحلي الذهب أو الفضة المجعول على صورة حيوان حرام بيعه وحرام شراءه وحرام لبسه, وحرام اتخاذه, وذلك لان الصور يجب على المسلم أن يطمسها ويزيلها. كما في صحيح مسلم, عن أبي الهياج إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له: ( الا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ : الا تدع صورة الا طمستها, ولا قبرا مشرفا الا سويته )(1) وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة(2) . وعلى هذا فيجب على المسلمين أن يتجنبوا استعمال هذا الحلي وبيعه وشراءه.
***
السؤال السابع عشر ما حكم حجز الذهب وذلك بدفع بعض قيمته وتأمينه عند التاجر حتى تسدد القيمة كاملة ؟
الجواب: ذلك لا يجوز لأنه إذا باعها فإن مقتضى البيع أن ينتقل ملكها من البائع إلي المشتري بدون قبض الثمن, وهذا حرام لا يجوز, بل لا بد أن يقبض الثمن كاملا ثم إن شاء المشتري أبقاها عند البائع وان شاء أخذها. نعم لو سامه منه ولم يبع عليه ثم ذهب وجاء بباقي الثمن ثم تم العقد والقبض بعد ذلك, فهذا جائز لان العقد لم يكن الا بعد إحضار الثمن.
***
السؤال الثامن عشر: ماحكم إخراج الذهب قبل استلام ثمنه, وإذا كان لقريب يخشى من قطيعة رحمه مع علمي التام انه سيسدد قيمتها ولو بعد حين,
الجواب:يجب أن تعلم القاعدة العامة بل إن بيع الذهب بدراهم لا يجوز أبدا الا باستلام الثمن كاملا, ولا فرق بين القريب والبعيد, لان دين الله لا يحابي فيه احد. وإذا غضب عليك القريب في طاعة الله عز وجل فليغضب, فانه هو الظالم الآثم الذي يريد منك أن تقع في معصية الله عز وجل وأنت في الحقيقة قد بررت حين منعته أن يتعامل معك المعاملة المحرمة, فإذا غضب أو قاطعك لهذا السبب فهو الآثم وليس عليك من إثمه شئ.
***
السؤال التاسع عشر: ما حكم اخذ التاجر ذهبا مقابل ذهب يريد المشتري أن يشاور عليه, وهذا الذهب الذي أخذه التاجر رهن إلي أن يرد المشتري ما اخذ منه مع العلم انه لابد من اختلاف في الوزن بينما ما أخذه ورهنه ؟
الجواب : هذا لا بأس به مادام إنه لم يبعه إياه وإنما قال : هذا الذهب رهنا عندك حتى اذهب وأشاور ثم أعود إليك ونتبايع من جديد , ثم إذا تبايعنا سلمه الثمن كاملا واخذ ذهبه الذي أخذه رهنا عنده .
***
السؤال العشرون: رجل اشتري قطعة ذهبية بمبلغ مائتي دينار, واحتفظ بها مدة من الزمن إلي أن زادت قيمة الذهب أضعافا فباعها بثلاثة ألاف دينار, فما حكم هذه الزيادة ؟
الجواب : هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج , ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشراءهم يشترون السلع وينتظرون زيادة القيمة , وربما يشترونها بأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جدا ورأوا الفرصة في بيعها باعوها مع إنهم لم يكن عندهم نية في بيعها من قبل , والمهم إن الزيادة متى كانت تبعا للسوق فانه لا حرج فيها فلو زادت أضعافا مضاعفة . لكن لو كانت الزيادة في الذهب بادل به في ذهب أخر واخذ زيادة في الذهب الأخر فهذا حرام لان بيع الذهب بالذهب لا يجوز الا وزنا بوزن ويدا بيد كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم, فإذا بعت ذهبا بذهب ولو اختلافا في طيب يعني احدهما أطيب من الأخر فانه لا يجوز الا مثلا بمثل سواء بسواء يدٍ بيد. فلو أخذت من الذهب عيار (18) مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار (24) فان هذا حرام ولا يجوز, لأنه لابد من التساوي. ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخر القبض في احدهما فانه لا يجوز أيضا, لأنه لابد من القبض في مجلس العقد, ومثل ذلك بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة, فانه إذا اشتري الإنسان ذهبا من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة إذ إن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة, وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض قبل التفرق, لقول الرسول عليه والصلاة والسلام: ( إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد )(1)
***
السؤال الحادي والعشرون: ما حكم بيع الخواتم من الذهب المخصصة بلبس الرجال إذا تيقن التاجر إن المشتري سيلبسها ؟
الجواب: بيع الخواتم من الذهب للرجال إذا علم البائع إن المشتري سوف يلبسها أو غلب على ظنه انه يلبسها, فان بيعها عليه حرام, لان الذهب حرام على ذكور هذه الأمة, فإذا باعه على من يعلم أو يغلب على ظنه انه يلبسه فقد أعان على الإثم, وقد نهي الله عز وجل عن التعاون على الإثم والعدوان, قال تعالي: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)(المائدة 2) . ولا يحل للصائغ أن يصنع الخواتم الذهب ليلبسها الرجال.
***
السؤال الثاني والعشرون: ماهي العلة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم إن دين الإسلام لا يحرم على المسلم الا كل شئ فيه مضرة عليه, فما هي المضرة المترتبة على التحلي بالذهب للرجال ؟
الجواب : اعلم أيها السائل وليعلم كل من يستمع هذا البرنامج(2) أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله , لقوله تعالي : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) (النساء 36 ). فأي واحد يسألنا عن إيجاب شئ أو تحريم شئ دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول العلة في ذلك كافية لكل مؤمن ولهذا لما سألت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت: (كان يصيبنا ذلك فنأمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )(3) لان النص من كتاب الله أو من سنة رسوله علة موجبة لكل مؤمن, ولكن لا باس أن يتطلب الإنسان الحكمة, وان يتلمس الحكمة في أحكام الله, لان ذلك يزيده طمأنينة, ولان ذلك يبين سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها, ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر أخر لم ينص عليه, فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاثة.
ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ: انه ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث, ووجه ذلك إن الذهب أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به, فهو زينة وحلية, والرجل ليس مقصودا له الأمر أي ليس إنسانا يتكمل بغيره أو يكمل بغيره, بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة, ولأنه ليس بحاجة إلي أن يتزين لشخص أخر بخلاف المرأة, لان المرأة ناقصة تحتاج إلي تكميل جمالها, ولأنها بحاجة إلي التجمل بأعلى أنواع الحلي حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها. ولهذا أبيح للمرأة أن تتحلي بالذهب دون الرجل, قال تعالي في وصف المرأة: ( أومن يُنشُؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) (الزخرف 18) .
وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال. وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هولاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب, فإنهم بذلك عصوا الله ورسوله, والحقوا أنفسهم بالإناث, وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها كما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم, فعليهم أن يتوبوا إلي الله سبحانه وتعالي, وإن شاءوا أن يتختموا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك, وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل إلى حد السرف أو الفتنة.
والحمد لله رب العالمين, وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.