الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الهداية إلى الإسلام والسنة من أعظم النعم ، ولهذا يقول أبو العالية رحمه الله وهو من تلامذة الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : ( لقد أنعم الله علي بنعمتين لاأدري أيهما أعظم : أن هداني للإسلام ولم يجعلني حرورياً) أي : خارجياً من أهل الأهواء والبدع .
إذا تقرر هذا فإن الواجب على أهل السنة أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم ألا وهو ( لزوم السنة والحذر من البدع وأهلها ) ولا يكون ذلك إلا بالبروز في وجوه المبتدعة ، وجهادهم بالحجة والبيان ، حتى يثوبوا إلى رشدهم وينتهوا عن غيهم .
ولقد قام علماء أهل السنة والجماعة بهذا الأمر خير قيام ، فنصرواالسنةوقمعواالبدعة
فجزاهم الله خيراً .
وفي عصرنا هذا ظهر أناس تلبسوا بلبوس الدين والتقوى ، ومحبة الخير للناس ، وتظاهروا بمظاهر أهل العلم ، ولكنهم في الحقيقة ( خواء ) علماً ومنهجاً ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
ولكن علماء أهل السنة والجماعة لهم بالمرصاد ، فسبروا حالهم واطلعوا على كتبهم وأشرطتهم ، فبينوا للناس ضلالهم وانحرافهم عن منهج أهل السنة والجماعة ، وهذا مصداق لقول الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه حيث يقول : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ".
وقد وقع في يدي هذه الأيام مجلة تدعى
( المنار) وهي مجلة ( إخوانية) يكتب فيها رموز الإخوان المسلمين ومنهم عائض بن عبدالله القرني الذي عرف بانحرافه عن منهج أهل السنة والجماعة ، وقد بين العلماء السلفييون حال هذا الرجل أحسن البيان وأوضحه . ومن هؤلاء العلماء فضيلة الشيخ / فالح بن نافع الحربي حفظه الله ، فله أشرطة تبين حال هذا الرجل نسأل الله أن يهديه .
ولا ينتهي العجب إذا قرأت لعائض القرني فهو أبو العجائب والغرائب ، ومن عجائبه ماذكره في هذه المجلة وهي ( المنار ) العدد( 80 ) ( ربيع الأول / 1425هـ ) في ( ص 28) تحت عنوان
( المختصرات العلمية ) حيث هون كعادته ومن كان على شاكلته من دعاة الحزبية من المتون العلمية والكتب التي تعنى بتسهيل المسائل العلمية وتقريرها بأبسط الطرق وأقل الكلمات ، حتى يسهل على الطالب الحفظ والفهم ، لا سيما وقد قيل : ( من حفظ المتون حازالفنون ) و ( من حرم الأصول حرم الوصول)
إلى غير ذلك من العبارات التي تحث طالب العلم على الجد والإجتهاد في سبيل حفظ العلم .
فالقرني يحذر طلبة العلم من الأنشغال بهذه المتون العلمية قائلاً :
" حذار على طالب العلم من عكوفه فقط على المختصرات العلمية واشتغاله بها فحسب "ويرى أيضاً ولا حول ولا قوة إلا بالله أن العمر يضيع على طالب العلم في حل
( رموزها ) وشرح
( مغلقها ) وحل
( عويصها ) فنقول :
لايعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
فهذه الرموز التي تدعيها والإنغلاق الذي تذكره والعويص الذي تظنه هو تزهيد للشباب في هذه الكتب العلمية ، والمتون السلفية ، ونريد منك أن تبين لنا أسماء هذه المختصرات التي تنصح طلبة العلم بعدم الإنشغال بها كما تزعم . هل تريد من الشباب أن يعرضوا عن ( كتاب التوحيد ) لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ، أو الأصول الثلاثة ، والقواعد الأربع ، أو متن ( العقيدة الواسطية ) لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ، وغير ذلك من المتون العلمية والمختصرات ، وهل تريد منهم أن يعرضوا عن المختصرات الفقهية مثل : ( عمدة الفقه ) ، و( الروض المربع ) ، و ( زاد المستقنع ) ، و( آداب المشي إلى الصلاة ) و ( الرحبية ) وغير ذلك من المتون العلمية والمختصرات الفقهية ، وهل تريد منهم أن يعرضوا عن ( ألفية العراقي ) و( البيقونية ) وغيرها من مختصرات مصطلح الحديث . والمتأمل في كلام القرني يجزم يقيناً أنه يريد ذلك لأنه ختم مقالته الفاسدة والباطلة بقوله :
" وقل لي بربك كيف يطلب العلم من يريد حفظ مختصرات في الفقه والنحو والأصول والمصطلح والفرائض والتوحيد واللغة وغيرها ؟!"ومن نظر في مقالته الشنيعة يجد أيضاً القدح الواضح والصريح في العلماء المؤلفين لهذه المختصرات ، حيث وصف عملهم بأنه
( تصعيب للعلم ) ،
( وتعسير في المعرفة ) و
( اختزال للمسائل في رموز ) و
( عصر للعلوم في نتف ) حتى أصبحت الجمل
( كالطلاسم)وبعض المقولات
( كالألغاز ) فضاعت الأعمار في اكتشاف مراد صاحب المتن والإطلاع على مغزى كلامه .
ولم يعترف القرني بقيمة هذه المختصرات والمتون من الناحية العلمية فهي عنده ولاحول ولا قوة إلا بالله
( شحيحة في العبارات) و
( مقفلة في المعاني ).
أيها الأخوة : لقد أعاد القرني ما صرح به قديماً من الهجوم الكاسح على علماء السنة ومؤلفاتهم في قصيدته المشهورة ( دع الحواشي واخرج ) في ( ص 47 ) " لحن الخلود " حيث قال فيها متندراً بعلماء المسلمين الشارحين للمتون :
أنت تأليفك للأمـــوات مــــا أنت إلا مدنف حب الكلامـــا
كل يوم تشرح المتن علـــى مذهب التقليــــد قد زت قتامــــا
والحواشي السود أشغلت بها حينما خفت من الباغي حسامــا
فهاهو اليوم يعيد لنا الكرة على علماء المسلمين ومؤلفاتهم ولكن بطريقة نثرية ماكرة ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
وأخيراً وليس آخراً نعلنها للقرني وغيره من دعاة الهوى والحزبية أننا ماضون بحول الله وقوته على حفظ هذه المتون العلمية والمختصرات السلفية ودراستها على علمائنا السلفيين شئت أم أبيت ، ونبشرك أن دروس علمائنا السلفيين في هذه البلاد قد استأنفت ، وفيها شرح للمتون العلمية والمختصرات ، فنسأل الله الإعانة على ذكره وحسن عبادته .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،،،،،
