تنبيه الأفاضل على أن وجوب تبييت النية يكون في صيام الفرض لا في النفل

تنبيه الأفاضل على أن وجوب تبييت النية يكون في صيام الفرض لا في
النفل

كتبه أخوكم أبو عبد الخالق
مراد أولبصير


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد .
فإنّ أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النّار .

جاء في سنن الترمذي
كِتَاب الصَّوْمِ
33- بَاب مَا جَاءَ لا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَعْزِمْ مِنْ اللَّيْلِ

عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له .
"قال أبو عيسى حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح وهكذا أيضا روي هذا الحديث عن الزهري موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى بن أيوب وإنما معنى هذا عند أهل العلم لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان أو في صيام نذر إذا لم ينوه من الليل لم يجزه وأما صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعد ما أصبح وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق". ( وانظر تخريجه في الإرواء : 914 ).
وتعقبه شيخنا الألباني رحمه الله في الإرواء 4 : 26 : قائلا : "قلت : وفي قوله الأخير نظر ، فقد رفعه ابن لهيعة كما سبق ، ورفعه آخرون ..."
ورواه الدارمي (في سننه ج: 2 ص: 12) و قال عقبه :" في فرض الواجب أقول به".
وثبت عن ابن عمر من قوله ، رواه الإمام مالك في الموطأ ج: 1 ص: 288
"عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر".
ولايريد به صيام النفل بدليل ثبوت الأثرالذي رواه ابن أبي شيبة في المصنف : ج: 2 ص: 289 : حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر قال الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار . ( قلت : إسناده صحيح ) . ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج: 4 ص: 277. وأما قول الأستاذ الشيخ محمد علي فركوس في سلسلته : فقه أحاديث الصيام : حديث تبييت النية ، ص :30 : " ولا يمكن الاحتجاج بمذهب الصحابي في هذه الحال ، لأنه ظهر له مخالف من الصحابة " ، أقول يحتاج إلى إثبات هذه الدعوى .
وممن فعله من الصحابة : عبد الله بن عمر ( وقد تقدم الأثرعنه ) وأبو طلحة وأبو الدرداء وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة ومعاذ بن جبل وأبو أيوب الأنصاري وأنس وعائشة أم المؤمنين وابن مسعود وعثمان بن عفان و علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .

2 أما أثر أبي طلحة
فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج: 2 ص: 291
9107 : حدثنا الثقفي ويزيد عن حميد عن أنس أن أبا طلحة كان يأتي أهله فيقول هل عندكم من غداء فإن قالوا لا قال فإني صائم زاد الثقفي وإن كان عندهم أفطر. ( قلت : إسناده صحيح ، وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد بن الصلت ، ويزيد هو ابن هارون ، وحميد هو الطويل ).
وأخرجه البيهقي ( سنن البيهقي الكبرى ج: 4 ص: 204 بنحوه ) وابن حجر في تغليق التعليق ج: 3 ص: 146 وقال :" رواه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون وعبدالوهاب الثقفي كلاهما عن حميد به. رواه البزار في مسنده بإسناد آخر إلى أنس ورواه عبدالرزاق عن عثمان عن سعيد عن قتادة ". وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 57 عن قتادة عن أنس بن مالك به .
3وأما أثر أبي الدرداء :
فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج: 2 ص: 292
حدثنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أم الدرداء قالت كان أبو الدرداء يغدو أحيانا فيجيء فيسأل الغداء فربما لم يوافقه عندنا فيقول إني إذا صائم . ( قلت : إسناده صحيح ، أبو قلابة صرح بالتحديث عند الطحاوي والبيهقي ) . والطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 57 من طريق أيوب به . وأخرجه البيهقي ( السنن الكبرى رقم 7708 ) وابن حجر في تغليق التعليق ج: 3 ص: 145 وقال:" رواه ابن أبي شيبة عن عبدالوهاب عن أيوب نحوه ، ورواه عبدالرزاق في جامعه عن معمر عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني وعن معمر عن أيوب به ، وعن ابن جريج عن عطاء عن أم الدرداء به ". وأخرجه الشافعي ( المسند ج: 1 ص: 86)
أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يأتي أهله حين ينتصف النهار أو قبله فيقول هل من غداء فيجده أو لا يجده فيقول لأصومن هذا اليوم فيصومه وان كان مفطرا وبلغ ذلك الحين وهو مفطر قال ابن جريج أخبرنا عطاء وبلغنا أنه كان يفعل مثل ذلك حين يصبح مفطرا حتى الضحى أو بعده ولعله أن يكون وجد غداء ولم يجده . وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 57 ، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق : 29: 136، قال الطحاوي : حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة قال سمعت أبا الفيض قال سمعت عبد الله بن سيار الدمشقي قال ساوم أبو الدرداء رجلا بفرس فحلف الرجل أن لا يبيعه فلما مضى قال تعال إنى أكره أن أوثمك إني لم أعد اليوم مريضا ولم أطعم مسكينا ولم أصل الضحى ولكني بقية يومى صائم. ( إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن سيار ، ووهب هو ابن جرير بن حازم ، وأبو الفيض هو موسى بن أيوب ).

4وأما أثر أبي هريرة :
أورده ابن حزم في المحلى ج: 6 ص: 171:
" من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عبيد الله بن عمر قال إن أبا هريرة كان يصبح مفطرا فيقول هل من طعام فيجده أو لا يجده فيتم ذلك اليوم". (قلت : إسناده منقطع بين عبيد الله بن عمر هو العمري وبين أبي هريرة ). وله شاهد يتقوى به رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ج: 1 ص: 382 :
حدثنا حبيب بن الحسن ثنا أبو مسلم الكشي ثنا أبو عاصم عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن نجيح عن سعيد بن المسيب قال رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق ثم يأتي أهله فيقول هل عندكم من شيء فإن قالوا لا قال فإني صائم . ( قلت : إسناده ضعيف لضعف القزاز- لكنه توبع من قبل أبي عمرو بن نجيد عند البيهقي- و جهالة عثمان بن نجيح ) . ومن طريقه : ابن حجر (تغليق التعليق ج: 3 ص: 146 ) ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج: 4 ص: 204 : 7707 من طريق عثمان بن نجيح .
5وأما أثر ابن عباس
ففي تغليق التعليق ج: 3 ص: 146
"فقال عبدالرزاق أنا معمر عن قتادة عن ابن عباس قال الصائم بالخيار مالم يحضر الغداء . ( قلت : وإسناده منقطع بين قتادة وبين ابن عباس لكن يشهد له ما بعده ) وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار حدثنا ابن أبي داود هو إبراهيم ابن سليمان ثنا الوحاظي ثنا سليمان بن بلال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يصبح حتى يظهر ثم يقول والله لقد أصبحت وما أريد الصوم وما اختلفا من طعام ولا شراب منذ اليوم ولأصومن يومي هذا ". ( قلت : إسناده صحيح ).
6وأما أثر حذيفة
ففي تغليق التغليق : 3 : 146 : ( بإسناده إلى) " سفيان عن الأعمش عن طلحة ابن مصرف عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي أن حذيفة بدا له الصوم بعدما زالت الشمس فصام . وقال البيهقي أنا أبو طاهر الفقيه أنا (أبوطاهر) المحمد أباذي ثنا أبو قلابة ثنا روح بن عبادة ثنا سفيان هو الثوري به مثله.
وهكذا رواه عبدالرزاق في جامعه عن الثوري . ورواه ابن أبي شيبة عن يحيى القطان عن سفيان به ". ( قلت : وإسناد البيهقي حسن ، وأبو طاهر المحمد آباذي هو الإمام الحافظ محمد بن الحسن بن محمد ، وأبو طاهر الفقيه هو محمد بن محمد بن محمش الفقيه العلامة . وإسناد عبد الرزاق صحيح وكذلك إسناد ابن أبي شيبة ) ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 56 : حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان به .
7وأما أثر عبد الله بن مسعود :
فأخرجه عبد الرزاق في المصنف ج: 4 ص: 275:
عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت رجلا يقول قال ابن مسعود أنت بالخيار إلى نصف النهار. وأخرج نحوه ابن أبي شيبة في المصنف ج: 2 ص: 289 : حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمارة عن أبي الأحوص قال قال عبد الله أحدكم بأحد النظرين ما لم يأكل أو يشرب . ( قلت : إسناده صحيح ، أبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي ، وعمارة هو ابن عميرالتيمي ) . وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج: 4 ص: 204 بنحوه وقال :"وقال الشافعي :هم يعني العراقيين هذا يزعمون أنه لا يكون صائما حتى ينوي الصوم قبل زوال الشمس وأما نحن فنقول المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام ".
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 56
من طريق أبي إسحاق عن أبى الأحوص عن عبد الله ".وذكر نحوه. وأخرجه مطولا ج: 2 ص: 56: حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن المستورد رجل من بنى أسد عن رجل منهم أنه لزم غريما له فأتى ابن مسعود رضي الله عنه فقال إنى لزمت غريما لي من مراد الى قريب من الظهر ولم أصم ولم أفطر قال إن شئت فصم وإن شئت فأفطر. ( قلت : إسناده صحيح ، روح هو ابن عبادة ، وابن مرزوق هو إبراهيم أبو إسحاق البصري ، والمستورد هو ابن الأحنف الكوفي ).

8 وأما أثر أنس :
فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج: 2 ص: 289
حدثنا معتمر بن سليمان عن حميد عن أنس قال من حدث نفسه بالصيام فهو بالخيار ما لم يتكلم حتى يمتد النهار. ( قلت : إسناده صحيح ).
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 56 بلفظ:
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن أبى بشر قال قال رجل لأنس بن مالك إنى تسحرت ثم بدا لي أن أفطر قال إن شئت فأفطر كان أبو طلحة يجئ فيقول هل عندكم من طعام فان قالوا لا قال إنى صائم . ( قلت : إسناده صحيح ، وأبو بشر هو بيان بن بشر ).

9وأما أثر عائشة :
أورده ابن حزم في المحلى ج: 6 ص: 170قال :
"ومن طريق حماد بن سلمة حدثتني أم شبيب عن عائشة أم المؤمنين قالت إني لأصبح يوم طهري حائضا وأنا أريد الصوم فأستبين طهري فيما بيني وبين نصف النهار فأغتسل ثم أصوم ". ( قلت أم شبيب : ثقة وثقها يحيى بن معين (من كلام أبي زكريا في الرجال ج: 1 ص: 105) وحماد لا يسأل عنه ).

10وأما أثر أبي أيوب :
فأورده ابن حزم في المحلى ج: 6 ص: 170 قال :
" كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني وعبد الله بن أبي عتبة قال ثابت عن أنس ابن مالك إن أبا طلحة كان يأتي أهله من الضحى فيقول هل عندكم من غداء فإن قالوا لا قال فأنا صائم وقال ابن أبي عتبة عن أبي أيوب الأنصاري بمثل فعل أبي طلحة سواء سواء".
قلت :أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 57:
حدثنا علي قال ثنا روح قال ثنا حماد عن ثابت عن عبد الله بن عتبة أن أبا أيوب كان يفعل ذلك أيضا .( قلت : إسناده صحيح ، علي هو ابن شيبة بن الصلت بن عصفور قال البغدادي في تاريخه ج: 11 ص: 436 : روى عنه عبد العزيز بن احمد الغافقي وغيره من المصريين أحاديث مستقيمة) .

11 أما أثر علي :
فأخرجه عبد الرزاق في المصنف ج: 4 ص: 274
عن معمر عن أبي إسحاق أحسبه عن الحارث أن عليا قال هو بالخيار إلى نصف النهار ما لم يطعم الطعام أو يكون قد فرضه من الليل . (قلت :رجاله ثقات إلا الحارث وهوابن عبد الله الأعور، لين ، لكن اعتضد بمجيئه من طريق مرسلة صحيحة وسيأتي). ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 56 :" حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق عن الحارث الأعور عن على رضي الله عنه.مثله" .
وفي مصنف عبد الرزاق ج: 4 ص: 274:
عن ابن جريج قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلا أتى علي بن أبي طالب فقال أصبحت ولا أريد الصيام فقال أنت بالخيار بينك وبين نصف النهار فإن انتصف النهار فليس لك أن تفطر. ( إسناده مرسل صحيح ، جعفر بن محمد هو الصادق ، وأبوه هو أبو جعفر الباقر ، وروايته عن علي مرسلة ).

12 وأما أثر معاذ بن جبل :
فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج: 2 ص: 291
9108 : حدثنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن معاذ أنه كان يأتي أهله بعد الزوال فيقول عندكم غداء فيعتذرون إليه فيقول إني صائم بقية يومي فيقال له تصوم آخر النهار فيقول من لم يصم آخره لم يصم أوله . ( قلت : إسناده ضعيف لاختلاط العلاء و منقطع بينه وبين معاذ ).
9110 : حدثنا الفضل عن أبي مخرم عن أبي قلابة عن أبي الأشعث قال كان معاذ يأتي أهله بعد ما يضحي فيسألهم فيقول عندكم شيء فإذا قالوا لا ، صام ذلك اليوم .( رجاله ثقات إلا أبا مخرم لم أعرفه ، الفضل هو ابن دكين ، وأبو الأشعث هوشراحيل بن آدة الصنعاني ، والأثر حسن بما قبله ) .
وله طريق آخر لكنه مرسل، أورده ابن حزم في المحلى ج: 6 ص: 171قال:
"ومن طريق قتادة أن معاذ بن جبل كان يسأل الغداء فإن لم يجده صام يومه ".
13 وأما أثر عثمان بن عفان :
فأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ج: 2 ص: 56 :
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا إسماعيل بن عياش قال ثنا محمد بن يزيد الرحبي عن شهر بن أبى حبيش ولم يكن بقى ممن شهد قتل عثمان رضي الله عنه غيره أن عثمان رضي الله عنه أصبح في اليوم الذي قتل فيه فقال إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أتيانى في هذه الليلة فقالا لي يا عثمان إنك مفطر عندنا الليلة وإني أشهدكم أني قد أوجبت الصيام . ( رجاله كلهم ثقات إلا شهر بن أبي حبيش لم أجد ترجمته وقد جاء ذكره في المقتنى في سرد الكنى ج: 1 ص: 167: أبو حبيش الأزدى شهد الدار عنه محمد بن يزيد الرحبي ، عبد الله بن يوسف هو التنيسي ، ربيع الجيزي هو ابن سليمان ، ذكره الذهبي في ميزان الإعتدال في نقد الرجال ج: 8 ص: 100 وقال: وثقه ابن يونس ، محمد بن يزيد الرحبي هو الدمشقي ذكره ابن حبان في الثقات ، وذكره ابن عساكرفي تاريخ دمشق :56:276 وبإسناده نا أبو زرعة قال في تسمية نفر ذوي أسنان وعلم محمد بن يزيد الرحبي ) وله شاهد يتقوى به ، أورده ابن كثير في البداية و النهاية : 7 : 184 ورواه ابن أبي عاصم في السنة ج: 2 ص: 593 قال ابن أبي عاصم :
حدثنا الحسن بن علي ثنا شبابة ثنا يحيى بن أبي راشد مولى عمرو بن حريث ثنا عقبة بن أسيد ويحيى بن عبد الرحمن الحرشي( قلت : وفي البداية : الجرشي )كلاهما عن النعمان بن بشير قال حدثتني نائلة بنت فرافصة الكلبية امرأة عثمان قالت لما حصر عثمان صام قبل اليوم الذي قتل فيه فلما كان إفطاره سألهم الماء العذب فأبوا عليه وقالوا دونك ذاك الركي قالت وركي في الدار تلقى فيها النتن قالت فبات من غيرأن يفطر فلما كان في السحر أتيت جارات لي على أجاجير متواصلة تعني السطوح سألتهن الماء فأعطوني كوزا من ماء فلما جئت به نزلت فإذا عثمان في أسفل الدرجة نائما يغط فأيقظته قالت هذا ماء عذب أتيتك به قالت فرفع رأسه ينظر الى الفجر فقال إني أصبحت صائما فقلت من أين ولم أر أحدا أتاك بطعام ولا شراب فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علي من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال اشرب يا عثمان فشربت حتى رويت ثم قال ازدد فشربت حتى رويت ثم قال أما إن القوم سيكثرون عليك فإن قاتلتهم ظفرت وإن تركتهم أفطرت عندنا فدخلوا عليه من يومه فقتلوه . ( قلت : إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن أبي راشد ، ويحيى هذا ذكره ابن حبان في الثقات وسماه يحيى بن راشد ، وعقبة بن أسيد وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات ، وهو مقرون في هذه الرواية ، وشبابة هو ابن سوار، والحسن ابن علي هو الخلال). ولا يقال أنه نواه بالليل لأنه عقده بعد الرؤيا وبعد ما أصبح .
وسلفهم في ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أخرج الإمام مسلم ج: 2 ص: 809 عن عائشة أم المؤمنين قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء ؟ فقلنا لا قال فإني إذن صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل .
قال النووي - رحمه الله - في شرحه على صحيح مسلم ج: 8 ص: 35
"وفيه دليل لمذهب الجمهور أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل زوال الشمس ويتأوله الآخرون على أن سؤاله صلى الله عليه وسلم : "هل عندكم شيء" لكونه ضعف عن الصوم وكان نواه من الليل فأراد الفطر للضعف وهذا تأويل فاسد وتكلف بعيد". قلت : وكيف لا وقد فهم الصحابة أن عموم قوله" فلا صيام له" يخصص منه صوم التطوع . والرجوع إلى أفعال النبي صلى الله عليه وسلم كالرجوع إلى أقواله. فالكل سنة وشرع ، والخاص يقضي على العام لأن " فلا صيام له " عام يشمل صيام الفرض والنفل ، وحديث عائشة خاص بصيام التطوع ، فيستعمل الحديثان ببناء العام على الخاص : " فلا صيام له " خاص بالفرض ، و" فإني إذا صائم " أو " إذا أصوم " : خاص بالنفل ، لأن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب . والعمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما . قال الشوكاني- رحمه الله- في إرشاد الفحول (دار الكتب العلمية ص:410 ) : " ولا يخفاك أن تقديم الخاص على العام بمعنى العمل به فيما تناوله والعمل بالعام فيما بقي ليس من باب الترجيح بل من باب الجمع وهو مقدم على الترجيح ".

قال ابن القيم -رحمه الله -في الحاشية ج: 9 ص: 243 :
" فإن الصحابة أعلم بمعاني النصوص وقد تلقوها من في رسول الله ".
قلت : هذا ابن عمر- رضي الله عنهما – مرة رواه مسندا ومرة رواه عن حفصة – رضي الله عنها - من قولها ، ومرة قاله هو، ومرة قال :"الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار" . وهذه عائشة – رضي الله عنها - قالت "إني لأصبح يوم طهري حائضا وأنا أريد الصوم فأستبين طهري فيما بيني وبين نصف النهار فأغتسل ثم أصوم " . فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فإني إذا صائم" والرواية الأخرى :"إذا أصوم " أي : أبتدئ نية الصيام . وكذلك سائر من ذكرنا من الصحابة – رضي الله عنهم – فهموا ما فهمه ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهم جميعا - .
وفي إعلام الموقعين 4 : 146 – 147 :
" فإذا وجد فيها قول لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم الذين هم سادات الأمة وقدوة الائمة وأعلم الناس بكتاب ربهم تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وقد شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل ونسبة من بعدهم في العلم إليهم كنسبتهم إليهم في الفضل والدين كان الظن والحالة هذه بأن الصواب في جهتهم والحق في جانبهم من أقوى الظنون وهو أقوى من الظن المستفاد من كثير من الأقيسة هذا مالا يمترى فيه عاقل منصف وكان الرأي الذي يوافق رأيهم هو الرأي السداد الذي لا رأى سواه . وإذا كان المطلوب في الحادثة إنما هو ظن راجح ولو استند الى استصحاب أوقياس علة أودلالة أوشبه أوعموم مخصوص أومحفوظ مطلق
أووارد على سبب فلا شك أن الظن الذي يحصل لنا بقول الصحابي الذي لم يخالف أرجح من كثير من الظنون المستندة إلى هذه الأمور أوأكثرها وحصول الظن الغالب في القلب ضروري كحصول الأمور الوجدانية ولا يخفى على العالم أمثلة ذلك".
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .