ليس يحرم على النساء خضاب شعر الرأس بالحناء

ليس يحرم على النساء خضاب شعر الرأس بالحناء

كتبه أخوكم أبو عبد الخالق
مراد أولبصير

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد .
فإنّ أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النّار .

روى الإمام أحمد (ج: 6 ص: 117) ثنا يحيى بن إسحاق قال ثنا محمد ابن مهزم قال حدثتني كريمة ابنة همام قالت دخلت المسجد الحرام فاخلوه لعائشة فسألتها امرأة ما تقول يا أم المؤمنين في الحناء فقالت كان حبيبي صلى الله عليه وسلم يعجبه لونه ويكره ريحه وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين أو كل حيضة .
قلت : إسناده حسن ، ورجاله كلهم ثقات غير كريمة بنت همام وقد صحح لها الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج: 4 ص: 136وروى عنها جمع من الثقات منهم يحيى بن أبي كثير – ولا يروي يحيى بن أبي كثير إلا عن ثقة كما قال أبو حاتم - وعلي بن المبارك ومحمد بن مهزم وغالب بن خطاف القطان .
وأخرجه الطيالسي في المسند ج: 1 ص: 219 و البيهقي في سنن الكبرى ج: 5 ص: 61 والخطابي في الغريب ج: 2 ص: 346 ، كلهم من طريق محمد بن مهزم . ومن طريق علي بن المبارك : النسائي في سننه( المجتبى) 8 : 142 ، وأحمد : ج: 6 ص: 210. و من طريقه أخرجه المزي في تهذيب الكمال ج: 35 ص: 294 وقال : "رواه أبو داود عن القواريري عن يحيى بن سعيد ورواه النسائي عن إبراهيم بن يعقوب عن أبي زيد سعيد بن الربيع جميعا عن علي بن المبارك بقصة الخضاب ". ومن طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عنها :أبو داود في سننه ج: 4 ص: 76. والزيادة : "ليس بمحرم.. حيضة. " للإمام أحمد ( 6 : 117 )، والزيادة : " وليس بمحرم عليكن أخواتي أن تختضبن": عند الخطابي، والبيهقي .
قال أبو داود تعني خضاب شعر الرأس ( السنن : 4 : 76 ) . وقال آبادي في عون المعبود ج: 11 ص: 148 : " قال أبو داود تعني خضاب شعر الرأس لأن خضاب اليد لم يكن يكرهه صلى الله عليه وسلم كما في الحديثين الآتيين ".
وفي سنن البيهقي الكبرى ج: 5 ص: 61: "وفيه كالدلالة على أن الحناء ليس بطيب فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ولا يحب ريح الحناء ".
وهو ليس من التغيير لخلق الله ، قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار ج: 6 ص: 343 :
"فأما ما لا يكون باقيا كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء" .
وقد جاء عن عائشة وعن التابعين ما يدل على أن خضاب شعر النساء كان معروفا عندهم :
ففي الطبقات الكبرى لابن سعد ج: 8 ص: 487
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي وعارم بن الفضل قالا حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرتنا أم شبيب قالت سألنا عائشة عن تسويد الشعر فقالت لوددت أن عندي شيئا فسودت به شعري . ( قلت : إسناده صحيح ).

وفي شرح السنة للبغوي 12 : 94 :
"وقال معمر عن قتادة قال رخص في صباغ الشعر بالسواد للنساء ".
قلت : الخلاف بين السلف في مسألة خضاب الشعر بالسواد معروف ، والذي يهمنا ذكره الآن هو أن النساء كن يخضبن شعورهن .
وعن التابعين :
ففي تغليق التعليق ج: 4 ص: 479
"عبدالرزاق عن معمر عن الزهري قال يكره للمتوفى عنها زوجها العصب والسواد ولا تلبس الثياب المصبغة ولا تلبس حليا ولا تمس طيبا ولا تمتشط بالحناء والكتم". ( قلت : إسناده صحيح ) فإن مفهومه أن غير المحد يجوز لها أن تستعمل الحناء في شعرها .
وفي مصنف عبد الرزاق ج: 7 ص: 45
عبد الرزاق عن ابن جريج قال قال عطاء إن أصابها ضرورة إلى الإثمد وإلى غيره من الطيب فلتكتحل به ولتداو به قال وتمتشط بحناء وكتم وتدهن بزيت نيء وفي هذه الأدهان الفارسية وأما كل شيء فيه أفواه فلا ولا تمس بيدها طيبا .
وعن الإمام مالك :
وفي المدونة الكبرى ج: 5 ص: 432: "قال مالك ولا تمشط بشيء من الحناء ولا الكتم ولا بشيء مما يختمر في رأسها إن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول تجمع الحاد رأسها بالسدر قال وسئلت أم سلمة أتمشط الحاد بالحناء ؟ فقالت لا ونهت عن ذلك قال مالك ولا بأس أن تمشط بالسدر وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها".
وجاء في تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 305:
"وقال السدي كان شريك لي يقال له مسلم وكان مولى لامرأة حذيفة ابن اليمان فجاء يوما إلى السوق وأثر الحناء في يده فسألته عن ذلك فأخبرني أنه خضب رأس مولاته وهي امرأة حذيفة فأنكرتُ ذلك فقال إن شئت أدخلتك عليها فقلت نعم فأدخلني عليها فإذا هي امرأة جليلة فقلت لها إن مسلما حدثني أنه خضب رأسك فقالت نعم يابني إني من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا وقد قال الله تعالى في ذلك ما سمعت ".
ومن فوائد الحناء :
قال ابن القيم في زاد المعاد 4 : 90 : "وهو ينبت الشعر ويقويه ويحسنه ويقوي الرأس".
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .