أنت أصغر من أولادي .. أنت صغير السِن .. روح أطلب الكمال أولاً .. ما هو الميزان !!
الحمد الله والصلاة والسلام عبد الله ورسوله وعلى آله وصحبه ومن سار على منواله إلى يوم الدين .. أما بعد :
دعوة بين منزلتين لإسقاط أحدها
كثّر الجدل حول قضية إنكار المنكر , وما آثارها إلا صنفان من الناس :
1- قوم وقفت حججهم عند باب الدعوة فلم يدخلوا ليعرفوا ما هي حقيقة الإنكار . 2- وقوم وقفوا عند طلب العلم فلم يطلبوه ولم يتركوا غيرهم يطلبه أو يعلمه ما لم يطلبه .( صنف العوام )
تجد هؤلاء القوم يطلبون من المنكِر أموراً أن يكون أحد الأعلام الكبار بل ويكون حافظاً للكتاب تجويدأً ويحفظ العشر القراءات مع الشواذ ويحظ كتب السنة والمسانيد والمتون والاختلافات وأصول الفقه وعلوم اللغة العربية و .. و .. وهيهات هيهات أن تتوفر في جهبذ فضلاً عن صغير مسكين رأى منكراً فأراد إنكاره ليعود الواقع به إلى جادة الحق ... فأين الكمال المزعوم !
وهذه فرصة
ليخفي الفاسد فساده وأصلاً لبقاءه على ما هو الحال عليه مع وقف التنفيذ ..
ونظراً لأن الكتاب والسنة تظافرت الأدلة بهما على إنكار المنكر بالطرق التي بينها الشرع من حديث أبي سعيد الخدري فلا يجوز لأحد كائن من كان أيقاف أو تسكيت أو إخراس أو تمييع المسألة من صاحب دعوى الإنكار إلا بالشروط المعلومة عند العلماء السلفيين ولا يجوز للذي يعلم الكمنكر أن يسكت عند الاستطاعة مع الشروط , أو يكون وجود الإستطاعة كعدمها فيسقط الوجوب مع وجودها كما إذا خاف على نفسه وماله أو خاف مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع فأين هم من يدعون الواقع ويعلمون حكم الشريعة فيه .!
يا صبي لك الحق في الإنكار ولا وجوب عليك !
لو كتب الردود أو كتب العلم الأخرى لوجدت أمراً محموداً جداً ألا وهو أن العمر ليس له شرط في إنكار المعلوم من خطأه إلا أن العلماء يقفون موقف تجاه المجنون ولا يوجبونه تجاه الصبي قال ابن النحاس :
اشتراط شرط التكليف :فإنه شرط لوجوب سائر العبادات فلا يجب الأمر والنهي على مجنون ولا صبي لأن القلم مرفوع ولم يكن لأحد منعه لأنها قربة وهو من أهل أدائها لا من أهل وجوبها ( .. ) ثم ذكر أن النووي وغيره قالوا : ( لا أعلم في ذلك خلافاً أنه ليس لأحد منع الصبي من كسر الملاهي وإراقة الخمر وغيرها من المنكرات والله أعلم )
قال النووي :
( قال العلماء لا يشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون كامل الحال ممتثلاً ما يأمر به مجتنباً ما ينهى عنه بل عليه الأمر وإن كان مخالفاً بما يأمر به وغن كان متلبساً بما ينهى عنه , بل عليه شيئان , أن يأمر نفسه , وينهاها , وأن يأمر غيره وينهاها , وأن يأمر غيره وينهاه , فإذا أخلَّ بأحدهما كيف يحل له الإخلال بالآخر ؟ انتهى شرح مسلم 2/23
قال القرطبي في تفسيره4/47
في أوائل يورة آل عمران : (( ليس من شرط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عدلاً عند أهل السنة , خلافاً للمعتزلة , حيث تقوله لا يغيره إلا عدل , وهذا ساقط , فإن العدالة محصورة في القليل من الخلق , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام في جميع الناس ))
وقفة تنبيه .. الله من وراء المقصد
لا يعني ذلك أنه يجوز للصبي التأليف أو إخراج الكتب والمؤلفات أو جمع المسائل الخلافية التي يجوز فيها الخلاف فيجعلها من أصول الدين التي يقف أمامها جهابذة الأئمة , فهذا ليس مقصودنا وإلا لصار كلاً يكتب ما يشاء وأصبح التعالم سبيل كل متسول ...
استبيان أخير
السلفي الصغير فيه خير كثير لو كان المميع أو العامي يفقه ذلك , أليس هو شاب نشأ في طاعة الله ,ومن طاعة الله تعلمه دينه , وعند التعلم سيعلم المصيب من المخطئ كما في قصة الغلام مع الراهب والكاهن ونشره للتوحيد , فمن استوقف ماذا نسميه ..!
ويجوز للطفل الحافظ القرآن أن يصلي بالناس أو أن يكون وراء الإمام يصحح له خطأه , ويجوز له نشر ما يعرف من حق لغيره كما في قصة ابن عباس من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عندما أخله مجلس الفقهاء والقراء ..
لذلك تسقط ..
شبه واستنكار واستبطال من أنكر على إخوانه واستهزأ بهم وهم ينشرون دعوة الخير ربما حسداً و حقداً منهم عليهم أو أغراض دنيئة أخذوها من أهل الفساد لم تكن تظهر على أهل الصلاح أبداً وإلا فأين مكانة القدوة الحسنة والتواضع لله عند عباده الذي يظهر من صاحب الحق عند الرجوع ..
والحمد الله رب العالمين ..
