(( كيف تؤجر على كل خطوة عبادة سنة ؟ ))
(( كيف تؤجر على كل خطوة عبادة سنة ؟ ))
من فضل الله تعالى العظيم أن من عليّ بحب السنة المطهرة ومعرفة أكثر ما صح منها مما لم يصح معرفة تجعلني بإذن الله تعالى قادراً على التمييز بين ما هو موضوع وما هو صحيح على الفور ؛ فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأسأله سبحانه وتعالى المزيد من فضله ، وأن يحفظني من كل سوء ومكروه حتى ألقاه سبحانه على عقيدة السلف الصالح ومنهجهم 0
وبهذه المناسبة فإني سوف أقدم إليكم أيها القراء أعظم حديث وقفت عليه في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة الثواب والأجر ؛ حتى إني لا أعلم حديثاً يفوقه في كثرة الثواب المترتب على العمل الذي ورد فيه !
روى أبوداود في ( السنن ) برقم ( 345 ) ، والترمذي في ( السنن) برقم ( 496 ) ، والنسائي في ( الصغرى ) 3 / 95 - 96 ، وفي ( الكبرى ) 1 / 524 - 525 ، 529 ، وكذا ابن ماجة برقم
( 1087 ) ، وأحمد في (المسند ) 4 / 8 - 10 ، 104 ، وابن أبي شيبة في ( المصنف ) 2 / 93 ، وابن خزيمة في
( صحيحه ) برقم ( 1758 ، 1767 ) ، وكذا ابن حبان في
( صحيحه ) برقم ( 2781 ) ، وابن سعد في ( الطبقات الكبرى ) 5 / 511 - 512 ، والطحاوي في ( شرح معاني الآثار ) 1 / 368 - 369 ، والبيهقي في ( الكبرى ) 3 / 227 ، 229 ، وفي ( معرفة السنن والآثار ) برقم ( 6591 ) ، والمروزي في ( كتاب الجمعة ) برقم ( 52 ) ، والحاكم في
( المستدرك ) 1 / 281 ، 282 ، وابن قانع في ( معجم الصحابة ) 1 / 27 ، وعبد الرزاق في ( المصنف ) برقم ( 5570 ) ، والطيالسي في ( المسند ) برقم ( 1114 ) ، والدارمي في
( المسند ) - على الصحيح لا ( السنن ) كما هو مشهور عند كثير من طلاب العلم ! - برقم ( 1555 ) ، والبغوي في ( شرح السنة ) برقم ( 1064 ، 1065 ) ، وأبو القاسم الأصبهاني في ( الترغيب والترهيب ) 1 / 500 ، 511 برقم ( 900 ، 920 ) ، والطبراني في ( الكبير ) برقم ( 581 - 186 ) ، وفي ( معرفة الصحابة ) برقم ( 986 - 989 ) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) ج9 / 309 - 402 ، ج45 / 281 ،ج 64 / 107 ، وتمام الرازي في
( الفوائد ) برقم ( 443 - 447 ) من طرق ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( من غسّل يوم الجمعة واغتسل ، ثم بكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغُ
: كان له بكل خطوة عمل سنة ؛ أجر صيامها وقيامها ) 0
وهذا إسناد صحيح غاية ، وفيه من الفضل العميم الشيء الذي يحرك أكسل الناس للمسارعة إلى تطبيقه للحصول على هذا الثواب الذي قال عنه بعض العلماء ( وهو الحافظ أبو زرعة العراقي فيما رواه عنه أبوه الحافظ أبو الفضل العراقي ، وعنه الحافظ ابن حجر العسقلاني قال ( أبو زرعة ) : ( لا أعلم حديثاً كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث : ( من بكر وابتكر وغسل واغتسل ودنا وأنصت كان له بكل خطوة يمشيها 000 ) 0 ( الضوء اللامع ) للحافظ السخاوي 1 / 342 0
ووالله ! لقد صدق الحافظ العراقي ؛ فلم أقف على حديث فيه من الفضل مع قلة العمل مثل ما في هذا الحديث الصحيح 0
فالبدار البدار للعمل بهذا الحديث ؛ فقد نقل العلامة علي القاري في
( مرقاة المفاتيح ) 3 / 484 عن بعض الأئمة قولهم : ( لم نسمع من الشريعة حديثاً صحيحاً مشتملاً على مثل هذا الثواب ) 0 ثم أضاف القاري : ( أي فيتأكد العمل لينال الأمل ) 0
وأما معنى الحديث : فقد وضحته رواية أبي داود برقم ( 346 ) ، ففيها : ( من غسل رأسه واغتسل 000 ) الحديث 0
فالمقصود بغسل الأولى في لفظ الحديث : هو غسل الرأس كما تقدم في رواية أبي داود وغيره بإسناد صحيح ، لولا ما يخشى من اختلاط سعيد بن أبي هلال ؛ فإني رأيت شيخنا يعل بذلك بعض الأسانيد ، مع كونه جزم في ( صحيح الترغيب ) برقم ( 690 ) بصحة سنده ، وكذا في ( صحيح أبي داود ) - غراس للنشر والتوزيع - 2 / 177 - 178 ، لكن وقع تحريف في ( صحيح الترغيب ) أو سبق قلم منه رحمه الله فقال ( وإسنادها صحيح كما في ( صحيحه ) 373 ! ) فالصواب ( سننه ) برقم ( 346 ) لكن ذلك لا يؤثر في النتيجة من كون المراد هو غسل الرأس كما تبينه رواية ابن عباس وأبي هريرة قريباً ، وهو يبين بجلاء خطأ بعض من فسر
( غسل ) بإصابة الزوجة كما جزم شيخنا المحدث الألباني رحمه الله تعالى في ( صحيح الترغيب ) برقم ( 690 ) ، وبرقم
( 691 ) فقال : ( وغسل الرأس هو الذي ينبغي أن يفسر به الحديث ؛ لحديث ابن عباس هذا - اغتسلوا يوم الجمعة ، واغسلوا رؤوسكم ، وإن لم تكونوا جنباً ، ومسوا من الطيب - ولتصريح رواية أبي داود بذلك 000 ولحديث أبي هريرة - برقم ( 705 ) من
( صحيح الترغيب ) ولفظه : ( إذا كان يوم الجمعة ، فاغتسل الرجل ، وغسل رأسه 000 ) - انتهى المقصود من كلام شيخنا 0
وقوله : ( وبكر وابتكر ) هو على ظاهره الذي يراد به التوكيد ، وهذا يؤكده أيضاً قوله : ( ومشى ولم يركب ) 0
قلت : وقد روى الطبراني هذا الحديث في ( المعجم الكبير ) ا / 183 - 186 ، وفي بعض ألفاظه برقم ( 587 ) : ( إذا كان يوم الجمعة فغسل أحدكم رأسه واغتسل ، ثم غدا وابتكر ، ودنا واستمع وأنصت : كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيام سنة ) وإسناده لا بأس به في المتابعات ، وهو عند عبد الرزاق في
( المصنف ) برقم ( 5566 ) ومن طريقه رواه الطبراني 0
وللحديث شاهد عند الإمام أحمد في ( المسند ) 2 / 209 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه بإسناد فيه : عثمان الشامي ، ويبدو أنه ليس ابن أبي سودة كما قال شيخنا الألباني رحمه الله في ( صحيح الترغيب ) برقم ( 693 ) ؛ فإن ذاك ثقة ، والشامي مجهول كما قال الحاكم وأقره الذهبي ومن بعدهما الحافظ في ( لسان الميزان ) 4 / 186 ، لكن يعكر عليه أن الراوي عن ابن أبي سودة هو ثور بن يزيد كما جزم المزي في ( تهذيب الكمال ) 4 / 419 وليس للشامي ذكر في من روى عنه ثور ؛ إلا أن يقال بأنهما شخص واحد كما قال الألباني ، فيكون الإسناد صحيحاً كما قال رحمه الله تعالى ، وهذا ما أميل إليه 0
وشاهد آخر عند الطبراني في ( المعجم الأوسط ) 5 / 209 برقم
( 4411 ) لكنه مما لا يفرح به ؛ ففيه : عطاء بن عجلان ، وهو كذاب كما قال الهيثمي في ( المجمع ) 2 / 172 0
وشاهد رابع عند الخطيب في ( تاريخ بغداد ) 6 / 200 من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، وهو كسابقه مما لا يفرح به ففيه : إبراهيم بن هدبة ، وهو كذاب ! ( لسان الميزان ) 1 / 220 - 221
وخامس عند الطبراني في ( الكبير ) 5 / 107 برقم ( 4726 ) من رواية أبي طلحة رضي الله عنه ، وفيه : من لم يعرفه الهيثمي 0
( المجمع ) 2 / 178
وسادس عند البخاري في ( التاريخ الكبير ) 1 / 374 من حديث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بإسناد فيه من لم يسم 0
تنبيه : لم يتفرد أبو الأشعث بالرواية في هذا السند عن أوس ، بل تابعه عبادة بن نُسي عند أبي داود كما تقدم ، وتابعه عند الطيالسي وغيره : محمد بن سعيد المصلوب الكذاب !
والخلاصة هي كونه حديثاً صحيحاً لا مرية فيه ، وليس حسناً كما قال النووي في ( المجموع ) 4 / 524 تبعاً للترمذي والبغوي !
وكم هو مؤسف ألا تجد كثيراً من العلماء يذكر هذا الحديث في فضائل يوم الجمعة مما جعله حديثاً شبه منسي عند الناس !
أسأل الله تعالى أن يجعل من مقالتي هذه دعوة للعمل بهذا الحديث الصحيح ، وأن ينفعني بذلك في يوم ( لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) 0
كتبه \\الشيخ علي رضا
