وتذوب الدعوات الأخرى وتبقى دعوة الحق وحدها .
[grade="00008B DC143C 008000 4B0082"]
بسم الله الرحمن الرحيم
[/grade]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ، ومصابيح الدجي ، وفرسان الدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فأقول أيها الإخوة الكرام : إذا ألقينا نظرة سريعة على الساحة الدعوية اليوم ، نجد الكثير من الدعوات الباطلة ، والتي تصارع من أجل من أجل البقاء ، معتمدة على التضليل والتدليس والتلبيس ، وبعضها قد يلجأ إلى تغير الشكل ، أو تغير الشعارات أو الرموز ولكنها هي هي ، وقديماً قيل : لا تلد الحية إلا حية .
ومعظم هذه الدعوات على وشك الانقراض وقد انقرض بعضها مثل دعوة الحداد ، ولعلنا نلقي الضوء على بعض تلك الدعوات الباطلة ، مع ذكر مميزاتها .
أولاً :- دعوة محمود الحداد وأهم مميزاتها :
1- من أهم مميزات دعوة الحداد أنها دعوة اعتمدت على الأنانية والعجب بالنفس ، ولم يكن يدعو الناس إلى كتاب وإلى سنة بل كان يدعو إلى نفسه ، حيث يقول في كتابه عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة ص6 : (( أعلم أني لست في الميدان وحدي ، ولا أنا برائده وطليعته ، ولكن الصيحات المتفرقة متي تتجتمع على علم واحد ، [ رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ] اهـ .
قلت : ولقد انتبه شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله إلى هذا الضرب من الدعاة فقال في هذه الآية [ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله ] : فيه الإخلاص فإن كثيراً من الناس إنما يدعو إلى نفسه ، ولا يدعو إلى الله عز وجل )). اهـ [
دعاة على أبواب جهنم ص8 ]
2- ازدراء أهل العلم واحتقارهم ومقتهم حيث يقول في ص 4 من كتابه عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة : (( فضل الناس ضلالاً مبيناً في الدين والدنيا معاً حتى عبدوا القبور واستحلوا تبرج النساء وكفروا أهل السنة ، وحتى من نُسب إلى العلم وكان في باطن أمره من أهل السنة نافق أو داهن أو جبن أو زل ، فلم يعرف الناس منه في هذا شيئاً )) اهـ .
3- دعوة اعتمدت على القسوة والغلو والإسراف في التبديع حيث يقول في ص 93-49 من كتابه السابق : (( ومن الإرجاء تجرأ العامة على ترك الدين ظواهره وشعائره ، بل وأركانه وعقائده ،فصارت شعائر الكفر تغلب على عامة بلاد المسلمين )) اهـ .
4- له خبرة طويلة في بتر وتحريف النصوص لكي توافق غرضه وهواه ، وهذه ميزة أهل البدع من لذن السلف إلى يومنا هذا .
ثانياً :- دعوة محمد سرور القطبية ومن أهم مميزاتها :
1- دعوة محمد سرور القطبية تميزت بمحاربة العلماء ، وتسفيههم ، ونبزهم بالألقاب فهذا جامي وهذا مدخلي ، وهذا من المباحث ، وهذا لا يفقه الواقع ، وهذا له سبق في فقه الحيض والنفاس ، واسمع إلى الأدهى والأمر حيث يقول عن علماء التوحيد في مجلته البدعة ( السنة ) العدد السادس والعشرون جمادى الأولى 1431هـ 1993م في الافتتاحية ((أما اليوم فالرق معقد، ولا ينقضي عجبي من الذين يتحدثون عن التوحيد، وهم عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد، وسيدهم الأخير نصراني اهـ .
ويقول في العدد الثالث والعشرون في ص 29 : فإذا استعان السادة بالأمريكان انبرى العبيد إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل ، ويقيمون النكير على كل من يخالفهم وإذا اختلف السادة مع إيران الرافضة تذكر العبيد خبث الرافضة وانحراف مناهجهم وعداوتهم لأهل السنة ، وإذا انتهى الخلاف سكت العبيد وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أعطيت لهم !!!
2- وقال أيضاً عن العلماء أنهم في أبراج عاجية وأنهم لا يسيرون إلا في مواكب أمنية ، وأنهم لا يعرفون السياسة يقول في العدد السادس والثلاثين ص 3 : (( ومن المؤسف أن بعض الدعاة ملمون بالعلوم الشرعية بينما نجد اطلاعهم ومعرفتهم بالعلوم السياسية وغيرها من قضايا العصر دون الحد الأدنى )) اهـ .
3- بقي أن تعلم أيها الأخ الحبيب أن محمد سرور ليس وحده في هذا الخندق ، بل معه إخوانه من أمثال عائض القرني و الحوالي وناصر العمر وسلمان وعبد الحمن عبد الخالق وتلميذه الشايجي صاحب الخطوط العريضة وعبد الله السبت وغيرهم وغيرهم ، وجوه ذهب نورها وبهائها ، وجوه تشبعت بالبدعة ، وارتوت بنار الفتنة والفرقة ، نسأل الله السلامة والعافية .
ثالثاً :- دعوة الإخوان المفلسين :
1- تميزت هذه الدعوة بالجرأة على الله ، وبمحاربة السنة ، واعتمدت في مجملها على رأي محض عاري عن الدليل ، أو على بتر النصوص وسوء الاستدلال ، تربوا على كتب الزنادقة والملحدين ومن نحا نحبهم وسلك سبيلهم .
من نماذج الجرأة على الله:
1- القرضاوي أهلكه الله في خطبة الجمعة بعد فوز حزب الليكود في الوصول إلى السلطة في الدولة اليهودية يقول : (( لو أن الله عرض نفسه على أهل الأرض ما حصل هذه النسبة 99% )) اهـ .
2- الترابي ( قال : في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم أن يبدل دينه كما يجوز للمسيحي )) اهـ .
3- الغزالي المعتزلي الهالك اشتهر بعقلانيته وبعدائه الشديد لأهل السنة حيث يقول في كتابه مشكلات في طريق الحياة الإسلامية ص 118 عليه من الله مايستحق : (( وفي الجهة المقابلة نجد صنفاً آخر يدعي التفويض والسلفية ، ويتبع الأخبار التافهة ذات الأسانيد المظلمة ، ويستقي منها العقائد ، ويجري وراء نص هنا وهناك ، فيطوي المسافة بينهما ليخرج آخر الأمر بضرب من التجسيم لا يعرفه المسلمون من سلف أو خلف اهـ .
واسمع إلى هذه الطامة والتي هي أكبر من أختها حيث يقول في كتابه سر تأخر المسلمين ص 54 : (( إن نفراً من العمال والحمالين والفلاحين فرطوا في أعمالهم الحرفية والفنية مكتفين في إثبات تدينهم بثوب قصير ولحية مشوشة ، وحمل العصا حيناً وارتداء عمامة ذات ذنب عندما تكون المشيخة قد ثبتت لصاحبها )) اهـ
ونكتفي بهذا المثال حيث يقول في كتابه سر تأخر المسلمين ص 82 : (( العلم المغشوش يهز الأمة ويخدم الاستعمار ، الصحوة الإسلامية مهددة من أعداء كثيرين والغريب أن أخطر خصومها نوع من الفكر الديني يلبس ثوب السلفية وهو أبعد الناس عن السلف ، إنها ادعاء السلفية
وليست السلفية الصحيحة اهـ .
رابعاً :- دعوة الخوارج :
1- دعوة اعتمدت على التهييج والتهريج والتكفير ، دعوة بدأت بالتسبيح بالحصى وانتهت بالقتال بالسيوف ، دعوة يتحرج أهلها من الإفتاء في مسائل الصلاة والصيام والحج بحجة قلة العلم والورع ، ويتجرأون في الإفتاء في إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات ، وهذا يتذكرونا بصنيع أسلافهم حيث كانوا يتحرجون من قتل البعوض والحشرات ، ويستحلون دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم .
2- دعوة تعتمد على التناقض والاضطراب وتصدير الحمقى والمغفلين وشحنهم بالأنفس الحرورية .
3- دعوة تعتمد على القسوة والإرهاب ومحاربة السنة .
4- دعوة تعتمد على عصيان العلماء في أوقات الفتن والمحن .
5- دعوة تتهم العلماء بمولاة الكفار والملحدين .
خامساً :- دعوة جماعة التبليغ :
دعوة تعتمد على الجهل المحض ومحاربة العلم والسنة والسرية ، دعوة جلها قائم بالأحلام والخزعبلات والخرافات . وانقل لك مثالاً واحد يدل على شدة جهل تلك الطائفة من كتاب العلامة السلفي حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله حيث نقل الشيخ رحمه الله قصة عجيبة وقعت من كتاب نظرة عابرة اعتبارية حول جماعة التبليغ للأستاذ سيف الرحمن بن أحمد الدهلوي . يقول الشيخ حمود التويجري رحمه الله : (( فقال ما ملخصه : (( وإن من غريب مضار الجهل ما حدث بالهند وباكستان من بعض أهل الدين والصلاح والتقى ، حيث رأوا في المنام أنهم ذبحوا – أو يذبحون – بعض أولادهم الذكور خاصة ، فلما أصبحوا ، ظنوا منامهم إلهاماً وأمراً وابتلاءً لهم من الله ، فقاموا وأنجزوا ما أمروا به في زعمهم فذبحوا أبنائهم من أصلابهم كما يذبح الكبش مطرحاً وهو ينظر ، وأحسنوا دبحتهم في زعمهم ، واحتسبوهم ، وأحسنوا احتسابهم في زعمهم فيا لهول المنظر !! ويالفظاعة الجهل !!
ولما أخذوا ونوقشوا قالوا : لم نأت إمراً ، ولم نحدث نكراً ، وإمنا أنجزنا ما أمرنا به ، واتبعنا فيه سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام !! ولا يعلمون أن منام الأنبياء وحي ، ومنام الصلحاء بشائر أو أضغاث أحلام ومجرد رؤيا منام أو إضلال شيطان .
والسبب في جهلهم هذا قيادتهم الدينية ، فهي المسئولة عن جهل الأتباع )
إلى أن قال : (( ولم نسمع بمثل هذه الأحداث في البلاد العربية ، فيا لكارثة العقول وزيغ القلوب !
ويا لضياع الدين والدنيا معاً ! فإنا لله وإنا إليه راجعون))
ثم علق الشيخ التويجري رحمه تحت هذا الكلام : (( وإذا كانت هذه الكارثة من أفعال الموصوفين
بالدين والصلاح والتقى من التبليغيين ، فما الظن بمن هو دونهم في هذه الخصال ؟!! ))
[ القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ 60-61]
سادساً :- دعوة المأربي :
1- دعوة المأربي اعتمدت على الأنانية كدعوة أخيه الحداد قارن بين قول الحداد السابق وبين قول المأربي : (( أنا والله أجد نفسي غربياً بين هذا المنهج )) وقوله (( انتهى زمن الخوف )) (( نحن لا نقلد أحداً )) .
2- تميزت دعوة المأربي بالجرأة على أهل العلم ، وغمزهم ولمزهم ، وإن لم يستطيع التصريح لمح وأشار .
3- تميزت دعوة المأربي بالغثائة والغوغائية و تصدير الجهال الذين أصبحوا يظنون أنفسهم أنهم في مصاف ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله .
4- دعوة اعتمدت على إساءة الظن بالعلماء والتشكيك بهم .
5- دعوة اعتمدت على تلميع المبتدعة .
وأخيراً :- مثال على دعوة ناجحة :
دعوة الشيخ الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله فلقد كان الشيخ من أئمة هذه الدعوة المباركة ، وكان من الأفراد الذين يقتدى بهم في العلم والعمل والعبادة ، وكان عازفاً عن الدنيا ، راضياً بالقليل ، فإذا تكلم في العلل والأسانيد أتى بفوائد تضرب لها أكباد الإبل ، وقد بلغ الغاية في علم الرجال ، وإليه المنتهى في معرفة صحيح الحديث من سقيمه ، فرحمة الله عليه رحمة واسعة .
ومن أهم أسباب نجاح دعوته :
1- دعوة اعتمدت على الخشية من الله ومراقبته في السر والعلن.
2- دعوة اعتمدت على تعظيم السنة .
3- دعوة اعتمدت على العلم النافع .
4- دعوة اعتمدت على الصدق والشفافية .
5- دعوة اعتمدت على التميز .
6- دعوة اعتمدت على الصبر واليقين .
7- دعوة اعتمدت على محاربة البدع والأهواء .
8- دعوة اعتمدت على غرز القيم والأخلاق .
9- دعوة اعتمدت على الجد والمثابرة .
01- دعوة اعتمدت على الإخلاص .
هذا والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
