وقفة مع كتاب ° آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي ° تنبيه على انحرافات ودعوة °
وقفة مع كتاب:
(آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)
كتبها:
عبد الله السَّلفي الجَزائِري
- لفتة-
"إذا كانت أعمال الشخص هي التي توضع في ميزان (الكتاب و السنة على فهم السَّلف الصالح-رضوان الله عليهم-) وهي التي تُناط بها الأحكام فهذا من ذاك ولا عتب علينا ولا ملام."
[الآثار(3/540) للإبراهيمي-بتصرف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله؛
وبعد:
هذه وقفة سريعة مع تنبيهات على بعض المخالفات العقدية والمنهجية في كتاب: ( آثار الإمام! محمد البشير الإبراهيمي)، جمع وتقديم: نجله الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وقد اعتمدت في التنبيهات مع هذه الوقفة على الطبعة الأولى لدار الغرب الإسلامي ببيروت-لبنان- سنة (1997م)، وتقع في خمس أجزاء وعلى الغلاف صورة لمحمد البشير الإبراهيمي، و للعلم فإن هذه الطبعة هي أحسن الطبعات التي وقفت عليها من حيث الشكل والترتيب، و بمجرد فتح كل جزء تلحظ صورة في المقدمة مكتوب عليها المدينة والسنة، وهذه الصور تكفي اللبيب الفطن في معرفة الأطوار التي مر بها محمد البشير الإبراهيمي في منهجه و دعوته، فمثلا الجزء الأول صورة في تلمسان سنة (1937م) يظهر فيها بلحية كثة نوعا ما، ثم الجزء الثاني صورة بالجزائر سنة (1949م) نفس الشيئ تقريبا، ثم صورة الجزء الثالث بباريس-عاصمة دولة الكفر فرنسا-سنة(1951م) ويظهر فيها متكستما متكرفطا!، وفي الجزء الرابع صورة بالقاهرة سنة (1952م) يظهر فيها مُتكرفطاً ! وأن لحيته قد نقصت و هي على طريقة: ( البوكلة ) كما يقال عندنا في الجزائر، ثم الجزء الخامس و الأخير من هذه الطبعة تظهر صورته بتونس سنة (1961م) بدون لبسه للكرافات ولكن مع البوكلة!، واعلم أيها القاري أن كل صورة تعبر عن مرحلة زمنية وطورا من الأطوار المنهجية و الدعوية، و المتأمل في آثاره مع الفهارس وصوره يجد كملاحظات عامة أن حال البشير الإبراهيمي كالتالي:
- مع الكفار يتكلم بلسان الحرية و الديمقراطية و الإنسانية!..
- ومع الطلبة والتلاميذ بلسان الأبوة و الزعيم الثوري كتأييده لإضراب الطلبة الزيتونيين مع التهييج وغير ذلك..
- ومع رؤساء الدول الإسلامية وغيرها كأنه سفير أو رئيس دولة!..
- ومع حاكم و ومفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ-رحمه الله تعالى-يتكلم بلسان السَّلفية! لتحقيق الدعم المالي للثورة وجبهة التحرير الجزائرية!...
فتنبه! ..والله المستعان.
والمهم أن هذه الوقفة جاءت لتكون باعث لطلبة العلم المتمكنين و أهل الحق السلفيين، بأن ينهضوا للقيام بواجب التصفية و التربية، والرد على كل مخالف لعقيدة ومنهج السلف الصالح-رضوان الله عليهم-، أو من ادعى أو أدُعيَ له أنه على منهجهم وعقيدتهم، ورجال "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" ممن أدُعِيَ لهم السير على عقيدة ومنهج السلف الصالح، فإلى الله المشتكى من حال الغشاشين المتلونين و الملبسين على الشباب السلفي، ولا أقصد العلماء الذي لم يقرءوا آثارهم وكتبهم وزكوهم بناء على خبر الثقة!..
لا..
لا.. فاعلم!..
و إلى بعض التنبيهات:
1- الجزء الأول/ صفحة (67): تجويزه للتمثيل حيث قال: ( التمثيل و الخطابة عند الأمم الحية توأمان، وأخوان شقيقان. وأن منزلتهما من دواعي التهذيب و التربية الفاضلة لأرفع منزلة، وأن مكانتهما من بين مقومات الأخلاق لمنزلة الطعام والشراب من بين المقومات الجسدية...).
2- الجزء الأول/ صفحة (125): أثناء رده على من اتهمهم بالوهابية لمز الدعوة السَّلفية للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله تعالى- بأن عندهم غلو في الحق، فما أشبه الليلة بالبارحة!، قال: (إننا نجتمع مع الوهابيين في الطريقة الجامعة من سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وننكر عليهم غلوّهم في الحق كما أنكرنا عليكم غلوكم في الباطل فقعوا أو طيروا فما ذلك بضائرنا وما هو بنافعكم.)
3- الجزء الأول/ صفحة (160): عبارة سيئة في حق كتاب الله-جل وعلا-، قال: (ولكن ليس القرآن في هذا الحفظ الجاف الذي نحفظه، ولا في هذه التلاوة الشلاء التي نتلوها،...).
4- الجزء الثاني/ صفحة (341-إلى-343): استحسانه و تجويزه لبدعة الاحتفال بالمولد النبوي، قال صفحة (341): (ونحن نحتفل بالمولد على طريقة غير تلك الطريقة، وبأسلوب غير ذلك الأسلوب، فنجلي فيه السيرة النبوية، والأخلاق المحمدية، ونكشف عما فيها من السر،...)، وقال صفحة (343): (إحياء ذكرى المولد النبوي إحياء لمعاني النبوة، وتذكير لمعاني النبوة، وتذكير بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم من هدى، وما كان عليه من كمالات نفسية، فعلى المتكلمين في هذه الذكرى أن يذكروا المسلمين بما كان عليه نبيهم من خلق عظيم، وبما كان لديهم من استعلاء بتلك الأخلاق. لهذه الناحية الحية نجيز إقامَ هذه الاحتفالات، ونعدها مواسم تربية، ودروس هداية، والقائلون ببدعيتها إنما تمثلوها في الناحية الميتة من قصص المولد الشائعة. )
5- الجزء الثاني/ صفحة (346): تأييده لإضراب التلامذة الزيتونيين قال: (..جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بجميع شُعَبها ومؤسساتها العلمية واتباعها-تؤيد بكل قواها مطالب التلامذة الزيتونيين، وتعطف عطفا لا حد له على قضيتهم وترجو أن يكون اضرابهم المشروع موصلا إلى الغاية التي يرجونها ونرجوها لهم، وتستنكر تصامم الحكومة-إلى هذا الحد-عن إجابة رغائبهم...). وأنظر الجزء الثالث/ الصفحات (409-410-411-412-413) تجد فيها التأييد للإضراب مع التهييج الواضح على طريقة الحركيين والإخوان المفلسين الآن، عفوا: وهل حزب حماس و الإصلاح وقبل ذلك جبهة (الإفساد.. و الأمل للنجل!.. -المحظوران-) إلاَّ وارث لهم؟!!..وببساطة أقول: (أحمد سحنون) القائل للطلبة الجزائريين في المدينة النبوية: " لا تنسوا شخصيتكم الجزائرية ومذهبكم المالكي وعقيدتكم الأشعرية" كما جاء في (مدارك النظر..) ألم يكن تلميذ بن باديس و الإبراهيمي بل شاعر جريدة البصائر-؟!!..نعم؛ ثمَّ ها هو أحد الحركيين يقول في شريط له بعنوان:(جراح المسلمين): (..أيها الأحبَّة جذور الجبهة الإسلامية للإنقاذ تمتد إلى جمعية العلماء التي أسسها العالم السلفي عبد الحميد بن باديس!!!)، و لذا فإنَّ تلك العصا من العُصيَّة!..والحيَّة لا تلد إلاَّ حيَّة... عذرا على الاسترسال، ولعل هناك بسط في حلقة منفرد-إن شاء الله تبارك وتعالى-، إلى التنبيه السادس.
6- الجزء الثاني/ صفحة (376): كلمة خطيرة في حق الإسلام ووصفه بالديمقراطي، قال: (والأستاذ إنعام الله خان يمثل ديمقراطية الإسلام الصحيحة، فهو يتمنى الخير لجميع الناس بشرط أن يكون حظ المسلمين من ذلك الخير موفورا...).
7- الجزء الثالث/ الصفحة (308-309): سوء أدبه مع الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه-، قال: (لا جرم أن كان خلفاء الدنيا من معاوية وهلم جرًّا يعرفون لهم هذا السلطان الواسع، فيتخذ منه الموفقون منهم عوناً على الخير و الإصلاح فلا يقطعون دونهم رأياً ولا حكماً، ولا يتبرم به المستبدون منهم، لأنهم يرون فيه سلطانا على سلطانهم، فيأخذون في توهينه، تارةً بالمصانعة المرائية والإستيلاف المخادع، وتارة بالمنابذة المكشوفة و التجني المعاند. بايع معاوية لابنه يزيد، وحمل الأمة على البيعة له بالترغيب و الترهيب و المطاولة، فتم له ذلك؛ ولكنه كان يرى تلك البيعة كاللغو، ما لم يبايع العبادلة و الحسن، لمكانتهم في العلم و مكانتهم من الأمة؛ فعمد إلى الحيلة المستظهرة بالسيف؛ وكذلك فعل بنوا مروان كلما تخلف مثل سعيد بن المسيب عن البيعة، وكذلك فعل الخلفاء بعدهم في قضية البيعة أيام اشتداد سلطان العلماء وامتداده... )، الله أكبر! إنها السنن.. لقد أساء الإبراهيمي الأدب مع صحابي جليل وهو من كتاب الوحي، ويظهر لك أخي أنَّ هذا الطعن بنفس نَفَس "سيد قطب" صاحب مقال (كفاح الجزائر) في جريدة الجمعية (البصائر)، وهذا تأثر؟! ولكن من تأثر بمن؟!! .
8- الجزء الثالث/ الصفحة (508): البيئة والظروف جعلت الإبراهيمي يمدح الديمقراطية الكافرة ويخلط بينها وبين حكم الله تعالى، بل دعا لها متحسرا عليها وكأنه باكيا لعدم تحقيقها بقوله: (لك الله أيتها الديمقراطية!..)، وهذا كلامه كاملا قال: (و الديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً، إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى و المساواة-حكماً من الله-وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟ وجاء عمر فلقَّن العالم درساً عملياً في المثل الأعلى للحكم، ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدة في أثمار العقول، وكان من آثار التعصّب فيها للآريّة و المسيحسة أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية، آثرتها في التسمية و النسبة، أما في التطبيق و العمل، فإن هذه الحضارة-وهي حاضنة المتناقضات-اتسعت لرأي ديمقراط و لرأي ميكيافيلي صاحب كتاب ((الأمير))، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول. لم تُظلَم هذه الكلمة ما ظُلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداة خداع في الحرب و السلم، وجاءت الحرب فجندها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقيعة، ولقد كثر أدعياؤها و مدَّعوها و الداعون إليها، والمدعي لها مغرور، والداعي إليها مأجور، والدعيّ فيها لابسٌ ثوب زور. أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية. لك الله أيتها الديمقراطية!...).
9- الجزء الثالث/ صفحة (530-532): سجع الكهان يوقع الإبراهيمي في القسم بغير الله -جل وعلا-وهذا شرك أصغر في آثار الإبراهيمي وبيديه مُسَطَّر، اللهم غفرانك، قال صفحة (530) مع ملاحظة واو القسم!: ( و العتاق الضمر، والعقبان والحمَّر، والهامة ودُمَّر، والزامر إذا زمَّر، والخادع وما دمّر، والعمر إذا عمر، والشامّري إذا شمر، ومن حبس الجيوش جمَّر، ومن دخل ظفار فحمَّر، إن للظماء مآرب في ماء مارب، إنها تلوب على مطلوب، كوَّنه الحيا فكوّن به الحياة، فلا تجد إلا السراب و الخراب و الغراب...)، و قال كذلك تصريحا في صفحة (532): ( أقسم بالذيب الأطلس، والثعبان الأملس، إن المتجر بالأحرار لمُفلس، وإن العاقل بين الأشرار لمُبلس، وإن العربيّ لزنيم إذا بقي في المجلس،...).
10- الجزء الرابع/ صفحة (152): الإبراهيمي والتأثر، ففي العدد (214) السنة الخامسة، 23 جانفي 1953م، قدم البشير الإبراهيمي بكلمة لمقال كتبه (سيد قطب –المبتدع-) في مجلة البصائر تحت عنوان (كفاح الجزائر)، فأثنى الإبراهيمي عليه بثناء عطر ووصفه بـقوله: (تمتزج فكرة الوطن الإسلامي الأكبر بنفس الأستاذ سيد قطب امتزاج الروح بالجسد، والعقيدة بالعقل، فهو حفظه الله لم يفتأ يدعو المسلمين في الشرق و الغرب بكتاباته الضافية إلى السير على ضوء هذه الفكرة في حركاتهم التحررية وكفاحهم العام...-إلى أن قال:-... وقد وجد الأستاذ في صحيفة (البصائر) التي هي اللسان المعبّر عن كفاح الجزائر في سبيل المحافظة على إسلامها وعروبتها وربط نهضتها بالعالم الإسلامي صدى دعوته الصارخة، فأحبها وبادر بإرسال هذه الكلمة البليغة الجامعة إليها، وهي إذْ تحلي صدرها بها إنما تنشر صفحة من جهاد أحد العلماء العاملين من أعلام هذه النهضة التي لن تقف دون أن تصل بالإسلام و المسلمين إلى أهدافهم السامية في طريق كفاحهم من أجل الوحدة و الحرية و الاستقلال)، هنا يكمن جزء من سِّر تمسك الإخوان المفلسين-بفصائلهم- بأن رجال الجمعية منهم وإليهم، و يخدمون منهجهم وأفكارهم، فاحذر الغفلة أو التغافل يا سلفي؟!!..تابع معي النقطة الحادية عشرة.
11- الجزء الرابع/ الصفحة (186-إلى-191): مرة أخرى الإبراهيمي والتأثر؛ وهذه المرة مع المودودي-المبتدع-، قال الإبراهيمي واصفا إياه: ( هو الأستاذ العلامة أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، أصفه وصف العارف الذي قرأ وشاهد، فهو رجل لم تر عيناي كثيرا من مثله،...)، وبدأ في إطرائهِ ومدحهِ ووصفِهِ في خمس صفحات، وبدون أي نقد لاذع أو رد رادع لما صدر منه في كتاباته المطبوعة آنذاك، ككتابه: (رسائل ومسائل) المطبوع سنة (1351هـ/1931م) وما يحتويه من ضلالات، والذي أتيقنه أخي القارئ أن عدم نقد الإبراهيمي لأفكار المودودي مع كثرة إطلاعه على كتاباته و وصفه وصف العارف به لما بينهما من التأثر والتوافق في المنهج و الأفكار المخالفة لنهج السلف الصالح، كيف لا وهو يُصرح بذلك، فلا تتعجل وإلى النقطة الثانية عشرة.
12- الجزء الرابع/ الصفحة(340): تصريح الإبراهيمي بدراسته وتأثره بشخصيات ومفكرين، حقيقتهم دعاة سياسة و أصحاب مناهج وعقيدة تخالف عقيدة السلف مثال: (حسن البنا المصري) وهو المبتدع الصوفي مؤسس حزب الإخوان المسلمين، قال البشير الإبراهيمي: (درست أبا الأعلى المودودي وسليمان الندوي وعبد الغفار خان من باكستان وكتبت عنهم مذكرات ودرست جماعة من العلماء العاملين في العراق و الشام ومصر من الأحياء وممن تأخر موتهم، ودرست أمين الحسيني وحسن البنا و الفضيل الورتلاني عياناً في الحيين وشبه عيان في الميت لاستضافة شهرته في جميع الأوطان التي زرتها ولخلود الأهرامات التي بناها في النفس لا من الحجر، ودرست بعض رجال الثورات المادية، ...إلخ)، أخي السَّلفي قد ظهر لك جليا أن الإبراهيمي لم يتأثر بدعوة الشيخ العلامة الإمام السَّلفي محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-؛ وإلاَّ لذكره وأثنى على دعوته، ولم يصفها بالغلو في الحق، ولصرح بأنه تأثر بها وبدعوتها، ولكن في السماء طيور اسمها بقع، و على أشكالها تقع...
13- الجزء الرابع/ الصفحة (320): جمعية العلماء الجزائريين و جمعية الإخوان المسلمين المصرية عند الإبراهيمي هيئات حرة إسلامية عاملة لإحياء الروح الإسلامية...قال البشير الإبراهيمي: (حث الأستاذ الورتلاني الحكومتين في آخر الرسالة على لزوم الإتصال الوثيق بالهيئات الإسلامية الحرة العاملة لإحياء الروح الإسلامية وإثارة النخوة الإسلامية وبيان الحقائق الإسلامية العليا بالتربية و التعليم وبعث المجد الإسلامي من جديد، وسمى الموجود الصالح من تلك الهيئات، ومنها جمعية العلماء الجزائريين و جمعية الإخوان المسلمين، و أن ما ذكره الأستاذ في هذا الصدد هو محض النصيحة للحكومتين...إلخ )، و لمن أراد معرفة المزيد عن علاقة البشير الإبراهيمي بجمعية الإخوان المسلمين وعقده للمحاضرات و اللقاءت في مركزهم فليرجع إلى آثاره.
14- الجزء الخامس/ الصفحة 117: تهوينه من شأن إقامة الأضرحة والقباب على الأولياء، حيث قال: (هذه إلمامة بالعهد التركي في الجزائر، وتاريخ هذا العهد حافل بالأحداث، ملون بألوان الولاة، إذ كان منهم الظالم لنفسه وللناس، ومنهم المقتصد، ومنهم الصالح، ولكن صلاح الصالح منهم كان من ذلك النوع التركي الذي يظهر في بناء مسجد حيث تكثر المساجد، فلا يكون جامعا بل مفرقا، أو بناء ميضأة للوضوء أو سبيل للشرب أو إقامة ضريح أو قبة لولي حقيقي أو وهمي، أو وقف مال على سبيل الخير، وهذا النوع هو أنفع أعمالهم لو دام).
آخر المطاف:
في آخر المطاف لا يسعني أخي القارئ إلاَّ أن أقول لك:
-هل هذه المخالفات تصدر من أحد رجال أئمة الدعوة السَّلفية؟!!
-وهل صدرت مثل هذه المخالفات من إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو أحفاده وتلاميذه ممن نهجوا منهج السلف؟!!
-ولو صدرت من أحدهم هل يسكت العلماء عن البيان والرد بعد علمهم بالمخالفات؟!!
-وهل...وهل...وهل...سبحان الله العظيم.
- دعوة:
أدعوا كل أخٍ سلفي طالب حق، متمكن من العلم الشرعي، أن يدرس هذه الشخصية دراسة دقيقة، ويتحفنا برد علمي رزين ويعرضه على العلماء، وعندها سيفتضح القوم ومن زكاه وهم!، ويُعلم من بكى ممن تباكى، وينجلي الغبار، و يُقال للإقليمين أصحاب:" جزأرة السَّلفية " ليس هذا عُشكم فادرجوا.
ثم أعلم أخي القارئ أنني في هذه الوقفة العاجلة، تركت بعض الأمور كمسألة إلغاء الرِّق وقد وافق فيها الإبراهيمي رأي سيد قطب الفاسد الكاسد، وقوله عن اللحية من القشور، وقوله بحرية الفكر واحترام الأديان، ومدحه وتمجيده لرؤوس الصوفية و الإباضية والمعتزلة، ودندنته حول الديمقراطية، و الدعوة للإتحاد و التعاون مع الأحزاب الإشتراكية، ولمزه للمشتغلين بعلم الحديث روايةً بأنهم مجانين الرواية، وقوله عن القرآن أنه ظاهرة كونية، واحتفاله بالذكريات والموالد البدعية، و تهوينه أثناء سرده لتاريخ الجزائر في العهد التركي من شأن بناء الأضرحة والقباب على الأولياء...إلخ، ورب الأرض و السَّماء كل هذا مسطَّر ومدوَّن في آثاره، ومن أراد اللجاج والمجادلة بالباطل بقوله مثلا: (أنسيت ردود الإبراهيمي المحرقة على الطرقية و..) فأجيبه: لا تكمل؛ و خُذها صاعقة أثريَّـة سلفيَّة مرسلة لك ولأمثالك:
قال محمد البشير الإبراهيمي يوم الجمعة 22 ربيع الأول 1355هـ بجريدة البصائر السنة الأولى العدد(23)، في المؤتمر الإسلامي الجزائري؛ قال: (لم يمض على الجزائر الإسلامية في تاريخ ارتباطها السياسي بفرنسا يوم أغر محجل تمثلت فيه الأمة روحا وجسما، وتلاشت فيه الفوراق الاعتبارية كهذا اليوم ـ ففيه التقى ـ عن الفكرة و العقيدة ـ الجزائري بأخويه القسنطيني و الوهراني وفيه اجتمع ـ على تلك الفكرة ـ المصلحون والطرقيون وعلماء الدين والسياسة، والشيوخ و الشبان والتجار والفلاحون و العمال، جمعت الكل صفتا الإسلام و الجزائرية، وحدتهم قسوة الأيام، وألفت بينهم المحن والهموم، فاندفعت ألسنتهم تعبر عن رغائب الدين بلغة الدين وعن رغائب الدنيا بلغة السياسة. والنقطة التي يلتقي فيها عندها الكل هي الإسلام و الجزائرية، لذلك كان ضروريا أن يكون مدار البحث على الإسلام ولسانه و المسلم وحقوقه في الحياة. ).
وعليه فأي نقد لهم بعد هذا فهو سياسة، و للمَزيد أنظر الجُزء الخامس من الآثار صفحة (304).
ختاماً:
"إذا كانت أعمال الشخص هي التي توضع في ميزان (الكتاب و السنة على فهم السَّلف الصالح-رضوان الله عليهم-) وهي التي تُناط بها الأحكام فهذا من ذاك ولا عتب علينا ولا ملام." [الآثار(3/540) للإبراهيمي-بتصرف]؛ فهل يصح القول-الآن- بأنَّ الشيخ محمد البشير الإبراهيمي إمام وعالم سلفي؟!!...
أم مجرد أديب ومفكر سياسي؟!!...إن لم تقتنع أخي فترقب مزيد بيان.
ربَّنا اغفرْ لنا ولِإِخوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإيمَان ولا تجعل في قلوبنَا غلّاً لِّلَّذِينَ آمنوا ربَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.
والحَمْدُ لله ربِّ العَالمَين.
وكتبَها في عدَّة مجالسٍ آخرهَا يومَ الثُلاَثاء:25/ رجب/1426من هِجْرة المُصْطفَى-صلَّى الله عليْهِ و عَلَى آلهِ وسَلَّم- النَّاصِحُ لِلَّهِ-جَلَّ جَلاَلُه-الفقير لرَحْمَتِهِ وَ غُفْرَاِنه: عبدُ اللهِ السَّلفِي الجَزَائِري.
