-
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني :( قال أحمد ما سمعنا أحدا من أهل الإسلام يقول إن الإمام إذا جهر بالقراءة لا تجزئ صلاة من خلفه إذا لم يقرأ وقال هذا النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه والتابعون وهذا مالك في أهل الحجاز وهذا الثوري في اهل العراق وهذا الأوزاعي في أهل الشام وهذا الليث في أهل مصر ما قولوا لرجل صلى وقرأ إمامه ولم يقرأ هو صلاته باطلة ولأنها قراءة لا تجب على المسبوق فلم تجب على غيره كالسورة فأما حديث عبادة الصحيح فهو محمول على غير المأموم وكذلك حديث أبي هريرة 000 وحديث عبادة الآخر فلم يروه غير ابن إسحاق كذلك قاله الإمام أحمد وقد رواه أبو داود عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري وهو أدنى حالا من ابن إسحاق فإنه غير معروف من أهل الحديث وقياسهم يبطل بالمسبوق )0
-
فإن قيل ما وجه قول ابن قدامة رحمه الله : (وحديث عبادة الآخر فلم يروه غير ابن إسحاق كذلك قاله الإمام أحمد ) " وقد صرح ابن إسحاق بالسماع
فالجواب :
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في تأريخ بغداد :( وقد احتج بروايته في الاحكام قوم من أهل العلم وصدف عنها آخرون وأنا ذاكر ما حفظت من قول العلماء في عدالته واختلافهم في الاحتجاج بروايته)0
وقال الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ :( والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية مع أنه يشذ بأشياء وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام نعم ولا بالواهي بل يستشهد به)0
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في مقدمة فتح الباري :( محمد بن إسحاق بن يسار الإمام في المغازي مختلف في الاحتجاج به والجمهور على قبوله في السير قد استفسر من أطلق عليه الجرح فبان أن سببه غير قادح )0
والجرح المذكور رمي من رماه من العلماء بالكذب بينه غير واحد من العلماء
قال الذهبي رحمه الله في ميزان الإعتدال :( وثقه غير واحد، ووهاه آخرون كالدارقطني
وهو صالح الحديث، ماله عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الاشياء المنكرة المنقطعة والاشعار المكذوبة000وقال أحمد بن حنبل حدثنا يحيى، قال: وقال هشام بن عروة أهو كان يدخل على امرأتي - يعنى محمد بن إسحاق / وامرأته فاطمة بنت المنذر.
قلت: وما يدرى هشام بن عروة ؟ فلعله سمع منها في المسجد، أو سمع منها وهو صبى، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فأى شئ في هذا ؟ وقد كانت امرأة قد كبرت وأسنت000وقال أحمد: هو كثير التدليس جدا.قيل له: فإذا قال أخبرني وحدثني فهو ثقة ؟ قال: هو يقول أخبرني ويخالف)0
وفي تأريخ ابن معين رواية الدوري قال الدوري :( سمعت أحمد بن حنبل يقول وهو على باب أبي النضر وسأله رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في محمد بن إسحاق وموسى بن عبيدة الربذي فقال أما موسى بن عبيدة فكان رجلا صالحا حدث بأحاديث مناكير وأما محمد بن إسحاق فيكتب عنه هذه الأحاديث يعنى المغازي ونحوها فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا قال أحمد بن حنبل بيده وضم يديه وأقام أصابعه الإبهامين )0
ويأتي مزيدا إن شاء الله في ما بعد 0
-
ومما يتعلق بتتمة الجواب عن كلام الإمام البيهقي رحمه الله :
روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :( عن أبي هريرة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال
من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم انصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)0
وقال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ:( باب ما جاء فى الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب) : وذكر فيه :( عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ». وذكر فيه أيضا :( عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبى مالك القرظى أنه أخبره أنهم كانوا فى زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون - قال ثعلبة - جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد. قال ابن شهاب فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام)0 وذكر فيه أيضا :( أن عثمان بن عفان كان يقول فى خطبته قلما يدع ذلك إذا خطب إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا فإن للمنصت الذى لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة. ثم لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر)0
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في المطالب العلية باب الإنصات للخطبة :( قال إسحاق ، أخبرنا أبو عامر العقدي ، حدثني عبد الله بن جعفر من ولد المسور ، عن إسماعيل بن محمد بن محمد بن سعد ، عن السائب بن يزيد ، قال : « كنا نصلي في زمن عمر يوم الجمعة ، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر قطعنا الصلاة ، وكنا نتحدث ويحدثنا فربما سأل الرجل الذي يليه عن سوقهم وحدائقهم ، فإذا سكت المؤذن خطب فلم نتكلم حتى يفرغ من خطبته » . هذا إسناد صحيح موقوف)0
-
6-و قال ابن التركماني رحمه الله في الجوهرالنقي: (والكلام في ابن إسحاق معروف، والحديث مع ذلك مضطرب الإسناد)0
-
قال البيهقي رحمه الله في القراءة خلف الإمام : وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي ، ثنا أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي ثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس ثنا محمد بن يحيى الصفار والد إبراهيم الصيدلاني ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هاني وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الطيب محمد بن أحمد الذهلي قالوا : ثنا محمد بن سليمان بن فارس ، حدثني أبو إبراهيم محمد بن يحيى الصفار وكان جارنا ثنا عثمان بن عمر ، عن يونس ، عن الزهري ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام » قال أبو الطيب : قلت لمحمد بن سليمان : خلف الإمام قال : خلف الإمام وهذا إسناد صحيح والزيادة التي فيه كالزيادة التي في حديث مكحول وغيره فهي عن عبادة بن الصامت صحيحة ومشهورة من أوجه كثيرة ، )0
والجواب عن هذه الزيادة من وجوه
1- أن الحديث قد رواه الحفاظ الأثبات عن الزهري وليس فيه هذه الزيادة فمن ذلك 1- قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :( حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهرى عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب »
2- قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :(حدثنى أبو الطاهر حدثنا ابن وهب عن يونس ح وحدثنى حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب أخبرنى محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقترئ بأم القرآن ».
:وقال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :( حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن سفيان - قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة - عن الزهرى عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبى -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ».
وقد رواه الدارمي عن عثمان بن عمر موافقا لرواية الحفاظ
قال الدارمي رحمه الله في السنن :( أخبرنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من لم يقرأ بأم الكتاب فلا صلاة له )0
ويأتي مزيدا إن شاء الله 0
-
ورواه صالح بن كيسان ومعمر عن الزهري وليس فيه هذه الزيادة
-
وتحصل مما سبق أيضا
أن ما رواه الدارمي عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري يوافق ما رواه ابن وهب عن يونس عن الزهري وليس فيهما زيادة0
بخلاف ما ساقه البيهقي عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري وذكر الزيادة0
-
وقال الدارقطني رحمه الله في السنن :(1238 - حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا سوار بن عبد الله العنبرى وعبد الجبار بن العلاء ومحمد بن عمرو بن سليمان وزياد بن أيوب والحسن بن محمد الزعفرانى - واللفظ لسوار - قالوا حدثنا سفيان بن عيينة حدثنى الزهرى عن محمود بن الربيع أنه سمع عبادة بن الصامت يقول قال النبى -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ». وقال زياد بن أيوب فى حديثه « لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب ». هذا إسناد صحيح0
1239 - حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب أخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثنى محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ». وهذا صحيح أيضا. وكذلك رواه صالح بن كيسان ومعمر والأوزاعى وعبد الرحمن بن إسحاق وغيرهم عن الزهرى.
-
وقال أبوداود رحمه الله في السنن :( حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا حدثنا سفيان عن الزهرى عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا ». قال سفيان لمن يصلى وحده)0
-
قال البيهقي رحمه الله في القراءة خلف الإمام في باب الدليل على أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب يجمع الإمام والمأموم والمنفرد بعد أن ساق بأسانيده رحمه الله من روى عن سفيان عن الزهري فذكر :(الحسن بن محمد الزعفراني والحميدي وقال البيهقي رحمه الله رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره كلهم عن سفيان بن عيينة
ثم ذكر رواية :( زياد بن أيوب وأشهب بن عبد العزيز عن سفيان بمعناه ) وليس في رواية أحد منهم زيادة :( خلف الإمام )0
ثم ذكر رواية يونس عن الزهري فقال رحمه الله :( 19 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر أحمد بن الحسن قالوا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : أخبرك يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن » رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن أبي الطاهر عن حرملة عن ابن وهب
20 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أنا أبو العباس الأصم ، أنا الحسن بن مكرم ، أنا عثمان بن عمر ، نا يونس ، عن الزهري ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن »
ثم ساق بأسانيده رحمه الله رواية صالح بن كيسان عن الزهري ومالك عن الزهري ورشدين ، عن قرة بن عبد الرحمن ، وعقيل ، ويونس عن الزهري 0 ثم ساق رواية معمر عن الزهري وفيها زيادة فصاعدا ثم ساق رواية عبدالرحمن بن إسحاق عن الزهري نحو رواية معمر ثم ساق رواية الأوزاعي ، وشعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري وفيها فصاعدا وقال : كذا أتى بهذه الزيادة 0 ثم ساق رواية الأوزاعي عن الزهري بدون فصاعدا0
وفي كل هذه الروايات ليس فيها ذكر زيادة :خلف الإمام
وكذلك رواية الحسن بن مكرم عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري موافقة لرواية الدارمي عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري موافقة لما رواه ابن وهب عن يونس عن الزهري وليس فيها :( خلف الإمام)0 وكذلك موافقة لرواية رشدين ، عن ويونس عن الزهري 0
بخلاف ما ساقه البيهقي عن محمد بن يحيى الصفار عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري وفيها ذكر خلف الإمام 0
-
وقال البخاري رحمه الله في القراءة خلف الإمام : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن )0
-
وتحصل مما سبق
أن ابن وهب والليث بن سعد ورشدين رووه عن يونس عن الزهري وليس في رواياتهم ذكر : خلف الإمام 0
كما رواه الدارمي والحسن بن مكرم عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري وروايتهم موافقة لمن سبق ذكره ممن رواه عن يونس عن الزهري وموافقة أيضا لرواية سفيان بن عيينة ومعمر والأوزاعي وصالح بن كيسان ومالك وقرة بن عبدالرحمن وعقيل وعبدالرحمن بن إسحاق عن الزهري 0
وليس في رواياتهم جميعا ذكر خلف الإمام 0
-
وقد سبق قول سفيان بن عيينة وهو واحد ممن مدار الحديث عليه عن الزهري أن معنى الحديث إذا كان وحده 0
بل ومذهب الزهري متفق عليه بين أهل العلم أنه لا يقرأ أحد فيما جهر به الإمام سمع قراءة الإمام أو لم يسمع 0
وقد روى الزهري حديث عبادة وحديث أبي هريرة مالي أنازع القرآن ولخص ما عنده بهذا الأثر عنه رحمه الله كما رواه أبو داود في المراسيل فقال رحمه الله : باب في القراءة
40 حدثنا محمد بن سلمة المرادي ، حدثنا ابن وهب ، عن يونس الأيلي ، عن ابن شهاب ، قال : " سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالقراءة في صلاة الفجر في الركعتين كلتيهما ، ويقرأ في الركعتين الأوليين في صلاة الظهر بأم القرآن وسورة سورة في كل ركعة سرا في نفسه ، ويقرأ في الركعتين الأخريين من صلاة الظهر بأم القرآن في كل ركعة سرا في نفسه ، ويفعل في العصر مثل ما يفعل في الظهر ، ويجهر الإمام بالقراءة في الأوليين من المغرب ، ويقرأ في كل واحدة منهما بأم القرآن وسورة سورة ، ويقرأ في الركعة الآخرة من صلاة المغرب بأم القرآن في كل ركعة وسورة سورة ، ويقرأ في الركعتين الآخرتين في نفسه بأم القرآن ، وينصت من وراء الإمام ويستمع لما جهر به الإمام من القرآن لا يقرأ معه أحد ، والتشهد في الصلاة حين يجلس الإمام والناس خلفه في الركعتين الأوليين
-
قال الترمذي رحمه الله في السنن :(وأما أحمد بن حنبل فقال معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إذا كان وحده
واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن قلم يصل إلا أن يكون وراء الإمام
قال أحمد فهذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم تأول قول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب أن هذا إذا كان وحده )0
00000000000000000000000000000000
ويأتي إن شاء الله مناقشة كلام الإمام الترمذي رحمه الله في المسألة
0
-
ومما ذكره الموجبون رحمهم الله كلام الإمام الترمذي رحمه الله في المسألة قال رحمه الله في :باب ما جاء فى القراءة خلف الإمام.:(قال أبو عيسى حديث عبادة حديث حسن. وروى هذا الحديث الزهرى عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ». قال وهذا أصح. والعمل على هذا الحديث فى القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- والتابعين وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعى وأحمد وإسحاق يرون القراءة خلف الإمام)0
وقال الترمذي رحمه الله في باب ما جاء فى ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة بعد أن ذكر حديث أبي هريرة مالي أنازع القرآن:
وليس فى هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام لأن أبا هريرة هو الذى روى عن النبى -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث وروى أبو هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أنه قال « من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج فهى خداج غير تمام ». فقال له حامل الحديث إنى أكون أحيانا وراء الإمام قال اقرأ بها فى نفسك. وروى أبو عثمان النهدى عن أبى هريرة قال أمرنى النبى -صلى الله عليه وسلم- أن أنادى أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب. واختار أكثر أصحاب الحديث أن لا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة وقالوا يتتبع سكتات الإمام. وقد اختلف أهل العلم فى القراءة خلف الإمام فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم القراءة خلف الإمام وبه يقول مالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعى وأحمد وإسحاق. وروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرءون إلا قوما من الكوفيين وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة. وشدد قوم من أهل العلم فى ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام فقالوا لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وحده كان أو خلف الإمام. وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبى -صلى الله عليه وسلم-. وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبى -صلى الله عليه وسلم- خلف الإمام وتأول قول النبى -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب ». وبه يقول الشافعى وإسحاق وغيرهما. وأما أحمد بن حنبل فقال معنى قول النبى -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ». إذا كان وحده. واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا أن يكون وراء الإمام. قال أحمد بن حنبل فهذا رجل من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- تأول قول النبى -صلى الله عليه وسلم- « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ». أن هذا إذا كان وحده. واختار أحمد مع هذا القراءة خلف الإمام وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام.
)0
-
وتفصيل الكلام في ذلك:
أما حديث عبادة الذي حسنه الترمذي رحمه الله فقد سبق الكلام عليه وأكتفي الآن بذكر كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال كما في مجموع الفتاوى ج23 :(والذين أوجبوا القراءة في الجهر احتجوا بالحديث الذي في السنن عن عبادة أن النبي قال إذا كنتم ورائي فلا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب فانه لا صلاة لمن لم يقرأ بها وهذا الحديث معلل عند أئمة الحديث بأمور كثيرة ضعفه أحمد وغيره من الأئمة وقد بسط الكلام على ضعفه في غير هذا الموضع وبين أن الحديث الصحيح قول النبي لا صلاة إلا بأم القرآن فهذا هو الذي أخرجاه في الصحيحين ورواه الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة وأما هذا الحديث فغلط فيه بعض الشاميين وأصله أن عبادة كان يؤم ببيت المقدس فقال هذا فاشتبه عليهم المرفوع بالموقوف على عبادة)0
-
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد بوب عليه أبوداود :(" باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام " وفيه : فانتهى الناسُ عن القراءة ، مع رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جهَرَ فيه النبي- عليه السلام- بالقراءة من الصلوات حين سًمعُوا ذلك من رسول الله، صلى الله عليه السلام 0
وقد أورده البخاري رحمه الله في جزء القارء خلف الإمام وهذا لفظه : رحمه الله :( حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، سمعت ابن أكيمة الليثي ، يحدث سعيد بن المسيب ، يقول : سمعت أبا هريرة ، رضي الله عنه يقول : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة جهر فيها بالقراءة ، ولا أعلم إلا أنه قال : صلاة الفجر ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس ، فقال : « هل قرأ معي أحد منكم ؟ » قلنا : نعم قال : « ألا إني أقول ما لي أنازع القرآن ؟ » قال : فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه الإمام وقرؤوا في أنفسهم سرا فيما لا يجهر فيه الإمام . قال البخاري : وقوله فانتهى الناس من كلام الزهري ، وقد بينه لي الحسن بن صباح قال : حدثنا مبشر ، عن الأوزاعي قال الزهري : فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرؤون فيما جهر . وقال مالك : قال ربيعة للزهري : إذا حدثت فبين كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم)0 قال ابن القيم رحمه الله في تهذسي سنن أبي داود:(وقوله فانتهى الناس عن القراءة من قول الزهري قاله محمد بن يحيى الذهلي صاحب الزهريات والبخاري وأبو داود
واستدلوا على ذلك برواية الأوزاعي حين ميزه من الحديث وجعله من قول الزهري
000 وقوله فانتهى الناس وإن كان الزهري قاله فقد رواه معمر عن الزهري قول أبي هريرة وأي نتاف بين الأمرين بل كلاهما صواب قاله أبو هريرة كما قال معمر وقاله الزهري كما قاله هؤلاء وقاله معمر أيضا كما قال أبو داود فلو كان قول الزهري له علة في قول أبي هريرة لكان قول معمر له علة في قول الزهري وأن نجعل ذلك كلام معمر
0)0
-
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود :(وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث
بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية
الآتية في الكتاب.
وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره:
قال: فانتهى الناس عن القراءة...
وبعضهم جعلها من قول الزهري.
وبعضهم من قول معمر.
وفي رواية عنه قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة- نظن أنها الصبح-... بمعناه إلى
قوله: " ما لي أُنازَع القرآن ".
قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر
به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،!...
وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة:
فانتهى الناس...
وقال عبد الله بن محمد الزهري- من بينهم-: قال سفيان: وتكلم
الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس.
(إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس... هو موصول أيضا من قول أبي
هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري... إنما يعني: بإسناده المتصل
لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي- وهو سفيان بن عيينة- معمراً أو
الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما
سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه
سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي) .
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن
خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري:
سمعت ابن أكيمة يحذث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول...
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره:
فانتهى الناس... هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره
أصلاً، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله للزهري.
ويشهد لها رواية أحمد قال (2/240) : ثنا سفيان عن الزهري... فذكره بلى
قوله: " ما لي أنازع القرآن؟! ". قال معمر: عن الزهري:
فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة.
وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري- حفظته
من فيه- قال: سمعت ابن أكيمة... فذكره إلى القول المذكور. قال علي بن
المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا.
وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس عن القراعة فيما جهر فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال علي: قال لي سفيان يوماً: فنظرت في شيء عندي؛ فإذا هو: صلى بنا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح بلا شك.
وأخرجه ابن ماجه والحازمي في "الاعتبار" (ص 72- 73) من طرق أخرى
عن سفيان... به إلى قوله: " ما لي أنارع القرآن "؛ دون قوله: قال معمر...
إلخ. وقال المصنف عقب الحديث:
" قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى
قوله: " ما لي أنازع القرآن ". ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري:
قاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون قيما يجهر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو داود: سمعت
محمد بن يحيى بن قارس قال: قوله: فانتهى الناس... من كلام الزهري "!
وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول:
أولاً: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (2/487) : ثنا
إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق... به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب... به.
أخرجه أحمد (2/285) : ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج.
ثانياً: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (1/128) ، وابن حبان (455) ،
والبيهقي (2/158) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه
سمع أبا هريرة يقول... فذكره!
هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب... خلافاً لجميع الرواة عن
الزهري كما رأيت. ولذلك قال البيهقي عقبه:
" الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث
سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي ".
قلت: وفي رواية لابن حبان (456) من طرق الوليد- وهو ابن مسلم- عن
الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة.
فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيداً، فمرة قال: عن سعيد،
ومرة قال: عمن سمع؛ لم ئسَفه.
ثالثاً: قول ابن قارس: " (فانتهى الناس) من كلام الزهري "!
قلت: وكذلك قال البخاري في "جزء المراءة" (24) ؛ قال:
" وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشئرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري:
قاتعط المسلمون بذلك... "!
وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في "التلخيص "
(1/231) . والعجب من البيهقي؛ حيث قال- عقب رواية الأوزاعي السابقة-:
" حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا
أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة... " إلخ كلامه المتقدم!
فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض
الأخر؟! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر
عدداً؟! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند
المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل
الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية
سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال
عمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: قانتهى الناس...
ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه التقدم عند المصنف: قال
معمر: فانتهى...؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله
ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها،
فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس...
فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما
هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان:
قال معمر عن الزهري: قانتهى الناس... قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة.
ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم
أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس...
ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر
في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره
فانتهى الناس... فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في
غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر.
واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى
الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن
الزهري: قال أبو هريرة.
وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعاً أن سفيان قال:
قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك
الزيادة التي لم أسمعها من الزهري.
فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن
عزاها للزهري فكذلك.
والنتيجة واحدة، وهي: أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة؛ حفظها معمر عن
الزهري، وهو بإسناده عن أبي هريرة.
ومما يؤكد ما قلنا: أن الحديث رواه غير سفيان عن معمر... مثل رواية مالك
عن الزهري فيها الزيادة من أصل الرواية، لم تنسب للزهري ولا لمعمر؛ لأنها من
أصل الحديث في روايته.
فثبت بذلك أن هذه الزيادة هي من أصل الحديث في رواية معمر؛ وكأنه
لذلك- ولوضوح الأمر- لم يحتجَّ بها البخاري والبيهقي على أنها من قول الزهري؛
وإنما احتخا برواية الأوزاعي المتقدمة! وفيها ما سبق بيانه من أن الأوزاعي لم يحفظ
الحديث، فلا ينبغي أن يحتج بما تفرَّد به فيه؛ لا سيَّما وقد خالف مالكاً ويونس بن
يزيد وأسامة بن زيد- كما تقدم- ومعمراً أيضا: الذين جعلوا هذه الزيادة من أصل
الحديث من قول أبي هريرة؛ فثبت بذلك أنها زيادة صحيحة غير مدرجة، وهو
الذي اختاره ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/392) ، وحققه العلامة أحمد
شاكر في تعليقه على " المسند" (12/260- 264) ، وأطال في ذلك جزاه الله
خيراً)0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23[:( قَالَ : فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ الْإِمَامُ قَالَ اللَّيْثُ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَقُلْ : فَانْتَهَى النَّاسُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ قَوْلُ ابْنِ أكيمة وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ . وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ فَهُوَ مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ فِي الْجَهْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَوْ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالسُّنَّةِ وَقِرَاءَةُ الصَّحَابَةِ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَتْ مَشْرُوعَةً وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً تَكُونُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَعْرِفُهَا عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ فَيَكُونُ الزُّهْرِيُّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَا فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا لَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى انْتِفَائِهَا فَكَيْفَ إذَا قَطَعَ الزُّهْرِيُّ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَهْرِ)
-
وبوب عليه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ:(بَاب تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ)0
وقال ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد :(وفقه هذا الحديث الذي من أجله نقل وجاء الناس به ترك القراءة مع الإمام في كل صلاة يجهر فيها الإمام بالقراءة.
ففي هذا الحديث دليل واضح على أنه لا يجوز للمأموم فيما جهر فيه إمامه بالقراءة من الصلوات أن يقرأ معه لا بأم القرآن ولا بغيرها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن فيه شيئا من القرآن)0
وقال ابن عبد البر رحمه الله أيضا في التمهيد :(فقد صحح أحمد الحديثين جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى قوله عليه السلام "إذا قرأ الإمام فأنصتوا" .
فأين المذهب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر كتاب الله عز وجل وعمل أهل المدينة ألا ترى إلى قول ابن شهاب فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة حين سمعوا منه "ما لي أنازع القرآن" .
وقال مالك الأمر عندنا أنه لا يقرأ مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة فهذا يدلك على أن هذا عمل موروث بالمدينة)0
-
وقال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد :(فمن الحجة لمن ذهب هذا المذهب قول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . وهذا عند أهل العلم عند سماع القرآن في الصلاة فأوجب تبارك وتعالى الاستماع والإنصات على كل مصل جهر إمامه بالقراءة ليسمع القراءة ومعلوم أن هذا في صلاة الجهر دون صلاة السر لأنه مستحيل أن يريد بالإنصات والاستماع من لا يجهر إمامه وكذلك مستحيل أن تكون منازعة القرآن في صلاة السر لأن المسر إنما يسمع نفسه دون غيره فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لي أنازع القراءة" يضاهي ويطابق قول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ).
-
وأما قول الترمذي رحمه الله :(والعمل على هذا الحديث فى القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- والتابعين وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق يرون القراءة خلف الإمام)0
فيأتي الكلام عليه إن شاء الله0
وهو على وجهين
الأول :قوله رحمه الله :(والعمل على هذا الحديث فى القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- والتابعين)
والثاني :قوله رحمه الله :(وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق يرون القراءة خلف الإمام)
0
-
وأما قول الترمذي رحمه الله رحمه الله :(والعمل على هذا الحديث فى القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- والتابعين وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعى وأحمد وإسحاق يرون القراءة خلف الإمام)0
و تأمل في كلام الإمام الترمذي رحمه الله :(وروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرؤن إلا قوما من الكوفيينن وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة
وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن خلف الإمام فقالوا لاتجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وحده كان أو خلف الإمام
وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه و سلم
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه و سلم خلف الإمام وتأول قول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب
وبه يقول الشافعي و إسحق وغيرهما
وأما أحمد بن حنبل فقال معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إذا كان وحده )0
تجد فيه بيان الرد على أهل الكوفة الذين يقولون بعدم القراءة خلف الإمام مطلقا
وعندما أراد الجهرية قال رحمه الله :(وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن خلف الإمام فقالوا لاتجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وحده كان أو خلف الإمام
وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه و سلم
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه و سلم خلف الإمام وتأول قول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب )0
وبيان ذلك :
1- نقله رحمه الله عن الأئمة عبد الله بن المبارك ومالك وأحمد وإسحاق 0فعبدالله بن المبارك لا يريد القراءة حال جهر الإمام 0 ولا مالك أيضا ولا أحمد ولا إسحاق: وبيان ذلك فيما يلي :
1- قال الإمام البخاري رحمه الله في القراءة خلف الإمام :(وقال أبو وائل عن ابن مسعود ، « أنصت للإمام » وقال ابن المبارك : « دل أن هذا في الجهر ، وإنما يقرأ خلف الإمام فيما سكت الإمام »
ومع ذلك فعبد الله بن المبارك يقول فيما نقله عنه الترمذي :( وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة )0
2- وقال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط :(وممن مذهبه أن لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به الإمام ، سمع المأموم قراءة الإمام أو لم يسمع ، ويقرأ خلفه فيما لا يجهر به الإمام سرا في نفس المأموم : الزهري ، ومالك بن أنس ، وابن المبارك ، وأحمد ، وإسحاق . وقد كان الشافعي إذ هو بالعراق يقول : ومن كان خلف الإمام فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة فإن الله يقول : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا الآية ، فهذا عندنا على القراءة التي يسمع خاصة ، فكيف ينصت لما لا يسمع ؟ . ثم قال بمصر : فيها قولان : أحدهما لا يجزئ من صلى معه إذا أمكنه أن يقرأ إلا أن يقرأ بأم القرآن ، والثاني يجزيه أن لا يقرأ ويكتفي بقراءة الإمام . وحكى البويطي عنه أنه كان يرى القراءة خلف الإمام فيما أسر به وما جهر )0
3- قال البغوي رحمه الله في تفسيره :(وذهب قوم إلى أنه يقرأ فيما أسر الإمام فيه بالقراءة ولا يقرأ إذا جهر، يروى ذلك عن ابن عمر، وهو قول عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وبه قال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق)0
4- وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي وهو ينقل كلام الخطابي رحمه الله في معالم السنن في إختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام وكان من كلام الخطابي رحمه الله :(وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق يقرأ فيما أسر الامام فيه ولا يقرأ فيما جهر به وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي لا يقرأ خلف الامام جهر أو أسر) ثم قال المباركفوري رحمه الله :(تنبيه قال العيني في شرح البخاري تحت حديث عبادة المذكور ما لفظه استدل بهذا الحديث عبد الله بن المبارك والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود على وجوب قراءة الفاتحة خلف الامام في جميع الصلوات
انتهى
قلت هذا وهم من العيني فإن عبد الله بن المبارك لم يكن من القائلين بوجوب القراءة خلف الامام كما عرفت وكذلك الامام مالك والإمام أحمد لم يكونوا قائلين بوجوب قراءة الفاتحة خلف الامام في جميع الصلوات )
-
وفي مسائل الإمام أحمد لابنه عبدالله :(254 قلت لابي فاقرأ في نفسي الحمد قال لا وقال { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }
255 سمعت ابي يقول اذا صلى الرجل وحده فلم يقرأ الحمد فلا يجزيه ركعة حتى يأتي في كل ركعه بفاتحة الكتاب واذا صلى خلف الامام فقرأ الامام اجزاه ان ينصت له وان لم يقرأ خلفه بشىء
256 سمعت ابي سئل عن الرجل يصلي خلف الامام قال اذا سمع القراءة انصت له واذا لم يسمع يقرأ سألت ابي عن القراءة خلف الامام فيما يجهر وما لم يجهر فقال اذا قرأ ينصت للقرآن ويقرأ فيما لا يجهر سألت ابي عن القراءة خلف الامام فيما جهر اقرا او اسمع فقال تقرأ فيما لا يجهر
سألت ابي عن القراءة خلف الامام فقال يقرأ فيما لا يجهر للقرآن فيما جهر به الامام
257 سمعت ابي سئل عن الرجل يصلي خلف الامام فلا يقرأ خلفه قال اعجب الي ان يقرا فإن لم يقرأ يجزئه سمعت ابي يقول اذا قرأ الامام فأنصت قلت فالركعتين الاخريين اذا لم يسمع الامام يقرأ فقرأ هو في نفسه قال نعم ان شاء قرأ وان شاء لم يقرأ 000 277 قرأت على ابي قلت ما اقل ما يجزىء من القرآن في الصلاة قال فاتحة الكتاب وسورة قلت فإن قرأ فاتحة الكتاب وحدها قال يجزئه
278 سألت ابي عن رجل صلى فقرأ بسورة مع ام الكتاب وقرأ في الركعه الثانية بأم الكتاب وسورتين قال يجزيه قلت وإن قرأ بأم الكتاب وسورتين في كل ركعة وفي الثانية بأم الكتاب وسورة
قال يجزئه قال وإن قرأ بشيء من القرآن ولم يقرأ بفاتحه الكتاب فلا يجزيه حتى يقرأ بفاتحة الكتاب كل ركعه لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلا صلاة له إلا وراء ا لإمام على حديث مالك عن وهب بن كيسان قال سمعت جابرا يقول هذا قلت فإن صلى خلف إمام ولم يقرأ بشيء قال يجزئه إلا أنه أعجب إلي أن يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر به الإمام فإن جهر أنصت له وذلك لو أنه أدرك الإمام وهو راكع فلم يعلم الناس اختلفوا أنه إذا ركع مع الإمام ان الركعة تجزئه وإن لم يقرأ 279 سألت أبي عن الرجل يصلي الظهر فقرأ في الركعتين الأوليين الحمد وسورة ولا يقرأ في الركعتين الأخريين شيئا قال لا يعجبني يعيد الصلاة قلت لأبي فإن صلى ثلاث ركعات يقرأ فيهن إلا آخر ركعة لايقرأ قال يعيد الصلاة قلت لأبي بأي شيء تحتج قال حديث النبي صلى الله عليه وسلام لا صلاة إلا بقراءة وقال يروى عن جابر بن عبدالله قال في كل ركعة قراءة قال أبي لا يجزيه حتى يقرأ في كل ركعة 280 سألت أبي عن الظهر والعصر وما لا أسمع الإمام يقرأ فيها قال اقرأ في نفسك في كل ما لم يجهر به الإمام فإذا جهر فأنصت واستمع لما يقرأ
)0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القواعد النورانية :(فصل
وأما القراءة خلف الإمام
فالناس فيها طرفان ووسط منهم من يكره القراءة خلف الإمام حتى يبلغ بها بعضهم إلى التحريم سواء في ذلك صلاة السر والجهر وهذا هو الغالب على أهل الكوفة ومن اتبعهم كأصحاب أبي حنيفة ومنهم من يؤكد القراءة خلف الإمام حتى يوجب قراءة الفاتحة وإن سمع الإمام يقرأ وهذا هو الجديد من قولى الشافعي وقول طائفة معه ومنهم من يأمر بالقراءة في صلاة السر وفي حال سكتات الإمام في صلاته الجهرية وللبعيد الذي لا يسمع الإمام وأما للقريب الذي يسمع قراءة الإمام فيأمرونه بالإنصات لقراءة إمامه إقامة للاستماع مقام التلاوة وهذا قول الجمهور كمالك وأحمد وغيرهم من فقهاء الأمصار وفقهاء الآثار وعليه يدل عمل أكثر الصحابة وتتفق عليه أكثر الأحاديث)0
-
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى :(وَأَمَّا السُّكُوتُ عقيب الْفَاتِحَةِ فَلَا يَسْتَحِبُّهُ أَحْمَد كَمَا لَا يَسْتَحِبُّهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ لَا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ لِيَقْرَأ الْمَأْمُومُ . وَذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ عِنْدَهُمْ إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَا مُسْتَحَبَّةٍ بَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَهَلْ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد فَهُوَ إذَا كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَاسْتِمَاعُهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَاسْتِمَاعِهِ لِمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فَيَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُ الْقِرَاءَةِ وَالِاسْتِمَاعِ بَدَلٌ عَنْ قِرَاءَتِهِ فَجَمْعُهُ بَيْنَ الِاسْتِمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّ أَحْمَد وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ قِرَاءَتَهُ فِي سَكَتَاتِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَسْكُتَ سُكُوتًا بَلِيغًا يَتَّسِعُ لِلِاسْتِفْتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ . وَأَمَّا إنْ ضَاقَ عَنْهُمَا فَقَوْلُهُ وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ إنَّ الِاسْتِفْتَاحَ أَوْلَى مِنْ الْقِرَاءَةِ)0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 18 :(مِثْلَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى : { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا } فَإِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ صَحَّحَهَا مُسْلِمٌ وَقَبِلَهُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهَا الْبُخَارِيُّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُطَابِقَةٌ لِلْقُرْآنِ فَلَوْ لَمْ يُرَدْ بِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَوَجَبَ الْعَمَلُ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ مُرَادَةٌ مِنْ هَذَا النَّصِّ . وَلِهَذَا كَانَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ يَسْتَمِعُ لَهَا وَيُنْصِتُ لَا يَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ بِهَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَمَا زَادَ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ . وَأَمَّا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا لَا فِي السِّرِّ وَلَا فِي الْجَهْرِ ؛ فَهَذَا يُقَابِلُهُ قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ كَالْقَوْلِ الْآخَرِ لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا . وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِي وَهُوَ اخْتِيَارُ جَدِّي أَبِي الْبَرَكَاتِ . وَلَكِنْ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَدُلَّانِ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى الْمَأْمُومِ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَقَدْ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا قَرَأَ الْمَأْمُومُ وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ : هَلْ تُبْطِلُ صَلَاتَهُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد )0
-
وأما النقل عن الصحابة رضي الله عنهم فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 23 :(وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ مُتَوَاتِرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَمَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بَلْ وَنَفْيُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُمْ)0
-
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج22 :( وَالْأَمْرُ بِاسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالْإِنْصَاتِ لَهُ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ وَفِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ حُذَّاقِ أَصْحَابِهِ : كالرَّازِي وَأَبِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ مَعَ جَهْرِ الْإِمَامِ مُنْكَرٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ)0
-
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 23 :( وَثَبَتَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ كَمَا قَالَ ذَلِكَ جَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ . وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا لَكِنْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ الثقاة رَوَوْهُ مُرْسَلًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْنَدَهُ بَعْضُهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَه مُسْنَدًا وَهَذَا الْمُرْسَلُ قَدْ عَضَّدَهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَالَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمُرْسِلُهُ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ وَمِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ يُحْتَجُّ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِمِثْلِ هَذَا الْمُرْسَلِ)0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 23 :(وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَانْتَهَى النَّاسُ . فَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ كَانَ تَابِعًا فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَعْلَمُ التَّابِعِينَ فِي زَمَنِهِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي وَالْهِمَمُ عَلَى نَقْلِ مَا كَانَ يُفْعَلُ فِيهَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فَجَزْمُ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْقِرَاءَةَ خَلْفَهُ حَالَ الْجَهْرِ بَعْدَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ : { وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا } وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَاتِحَةً وَلَا غَيْرَهَا . وَتَحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إمَّا ضَعِيفَةُ الْأَصْلِ أَوْ لَمْ يَحْفَظْ رَاوِيهَا لَفْظَهَا وَأَنَّ مَعْنَاهَا كَانَ مِمَّا يُوَافِقُ سَائِرَ الرِّوَايَاتِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْمُحْتَمَلِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ).
-
وقال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد :(فأين المذهب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر كتاب الله عز وجل وعمل أهل المدينة ألا ترى إلى قول ابن شهاب فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة حين سمعوا منه "ما لي أنازع القرآن" .
وقال مالك الأمر عندنا أنه لا يقرأ مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة فهذا يدلك على أن هذا عمل موروث بالمدينة)0
-
وقال البيهقي رحمه الله في القراءة خلف الإمام :(217 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، نا أبو يعلى ، نا المقدمي ، نا عبد الوهاب ، عن المهاجر ، عن أبي العالية ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم « إذا صلى فقرأ أصحابه فنزلت ( فاستمعوا له وأنصتوا ) فسكت القوم وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم » وهذا أيضا منقطع)0
يريد البيهقي رحمه الله أنه مرسل 0 لكن يشهد له قول الزهري وقد رجح ابن القيم والألباني أنه
قول أبي هريرة رضي الله عنه أيضا كما سبق 0وأبو العالية الرياحي من كبار التابعين ويشهد له أيضا
ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قال رحمه الله :(حدثنا يونس بن عبد الاعلى انبا ابن وهب ، ثنا أبو صخر عن محمد بن كعب القرظى : قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي الفاتحة والسورة فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم نزلت : واذا قرئ القران فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فقرأ وأنصتوا)0
-
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني :( قال أحمد ما سمعنا أحدا من أهل الإسلام يقول إن الإمام إذا جهر بالقراءة لا تجزئ صلاة من خلفه إذا لم يقرأ وقال هذا النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه والتابعون وهذا مالك في أهل الحجاز وهذا الثوري في أهل العراق وهذا الأوزاعي في أهل الشام وهذا الليث في أهل مصر ما قالوا لرجل صلى وقرأ إمامه ولم يقرأ هو صلاته باطلة)0
-
قال أبوعمر ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد:( قال أبو عمر:
في قول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} . مع إجماع أهل العلم أن مراد الله من ذلك في الصلوات المكتوبة أوضح الدلائل على أن المأموم إذا جهر إمامه في الصلاة أنه لا يقرأ معه بشيء وأن يستمع له وينصت وفي ذلك دليل على أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" مخصوص في هذا الموضوع وحده إذا جهر الإمام بالقراءة لقول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} . وما عدا هذا الموضوع وحده فعلى عموم الحديث وتقديره لا صلاة يعني لا ركعة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب إلا لمن صلى خلف إمام يجهر بالقراءة فإنه يستمع وينصت )0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23 وهو يتكلم عن القراءة في السرية:( وَالْقَارِئُ هُنَا لَمْ يَعْتَضْ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِاسْتِمَاعِ فَيَفُوتُهُ الِاسْتِمَاعُ وَالْقِرَاءَةُ جَمِيعًا مَعَ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ بِخِلَافِ وُجُوبِهَا فِي حَالِ الْجَهْرِ فَإِنَّهُ شَاذٌّ حَتَّى نَقَلَ أَحْمَد الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ )0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23 :(فَنَذْكُرُ الدَّلِيلَ عَلَى الْفَصْلَيْنِ . عَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ الْجَهْرِ يَسْتَمِعُ وَأَنَّهُ فِي حَالِ الْمُخَافَتَةِ يَقْرَأُ . فَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ : أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ السَّلَفِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ حَالَ الْجَهْرِ)0
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23 :(وهذا إذا كان من كلام الزهري فهو من أدل الدلائل على أن الصحابة لم يكونوا يقرأون في الجهر مع النبي فان الزهري من أعلم أهل زمانه او أعلم أهل زمانه بالسنة وقراءة الصحابة خلف النبي إذا كانت مشروعة واجبة أو مستحبة تكون من الأحكام العامة التي يعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم بإحسان فيكون الزهري من أعلم الناس بها فلو لم يبينها لاستدل بذلك على انتفائها فكيف إذا قطع الزهري بان الصحابة لم يكونوا يقرأون خلف النبي في الجهر )0
-
وفي مسائل أبي داود للإمام أحمد: (سمعت أحمد قيل له: إن فلاناً قال: قراءة فاتحة الكتاب –يعني: خلف الإمام- مخصوص من قوله: ( وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له) [الأعراف:204] فقال: عمن يقول هذا؟! أجمع الناس أن هذه الآية في الصلاة).
-
فتاوى ابن تيميةسئل عن القراءةخلف الامام(( القراءة إذا لم يسمع قراءة الإمام كحال مخافتة الإمام وسكوته فإن الأمر بالقراءة والترغيب فيها يتناول المصلي أعظم مما يتناول غيره فإن قراءة القرآن في الصلاة أفضل منها خارج الصلاة وما ورد من الفضل لقارئ القرآن يتناول المصلي أعظم مما يتناول غيره ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم { من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول : الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف } قال الترمذي : حديث صحيح وقد ثبت في خصوص الصلاة قوله في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا } أي : غير تمام فقيل لأبي هريرة : إني أكون وراء الإمام . فقال : اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال العبد : { الحمد لله رب العالمين } قال الله : حمدني عبدي فإذا قال : { الرحمن الرحيم } قال الله : أثنى علي عبدي فإذا قال { مالك يوم الدين } قال : مجدني عبدي وقال مرة : فوض إلي عبدي فإذا قال : { إياك نعبد وإياك نستعين } قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل } . وروى مسلم في صحيحه عن عمران بن حصين : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه : بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال : أيكم قرأ ؟ أو أيكم القارئ قال رجل : أنا قال : قد ظننت أن بعضكم خالجنيها } رواه مسلم . فهذا قد قرأ خلفه في صلاة الظهر ولم ينهه ولا غيره عن القراءة لكن قال : { قد ظننت أن بعضكم خالجنيها } أي نازعنيها . كما قال في الحديث الآخر : { إني أقول ما لي أنازع القرآن } . وفي المسند عن ابن مسعود قال : { كانوا يقرءون خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : خلطتم علي القرآن } فهذا كراهة منه لمن نازعه وخالجه وخلط عليه القرآن وهذا لا يكون ممن قرأ في نفسه بحيث لا يسمعه غيره وإنما يكون ممن أسمع غيره وهذا مكروه لما فيه من المنازعة لغيره لا لأجل كونه قارئا خلف الإمام وأما مع مخافتة الإمام . فإن هذا لم يرد حديث بالنهي عنه ولهذا قال : " أيكم القارئ ؟ " . أي القارئ الذي نازعني لم يرد بذلك القارئ في نفسه فإن هذا لا ينازع ولا يعرف أنه خالج النبي صلى الله عليه وسلم وكراهة القراءة خلف الإمام إنما هي إذا امتنع من الإنصات المأمور به أو إذا نازع غيره فإذا لم يكن هناك إنصات مأمور به ولا منازعة فلا وجه للمنع من تلاوة القرآن في الصلاة . والقارئ هنا لم يعتض عن القراءة باستماع فيفوته الاستماع والقراءة جميعا مع الخلاف المشهور في وجوب القراءة في مثل هذه الحال بخلاف وجوبها في حال الجهر فإنه شاذ حتى نقل أحمد الإجماع على خلافه . وأبو هريرة وغيره من الصحابة فهموا من قوله : { قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد : { الحمد لله رب العالمين } } أن ذلك يعم الإمام والمأموم . وأيضا فجميع الأذكار التي يشرع للإمام أن يقولها سرا يشرع للمأموم أن يقولها سرا كالتسبيح في الركوع والسجود وكالتشهد والدعاء . ومعلوم أن القراءة أفضل من الذكر والدعاء فلأي معنى لا تشرع له القراءة في السر وهو لا يسمع قراءة السر ولا يؤمن على قراءة الإمام في السر . وأيضا فإن الله سبحانه لما قال : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } وقال : { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } وهذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته فإنه ما خوطب به خوطبت به الأمة ما لم يرد نص بالتخصيص . كقوله : { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } وقوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل } وقوله : { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل } ونحو ذلك . وهذا أمر يتناول الإمام والمأموم والمنفرد بأن يذكر الله في نفسه بالغدو والآصال وهو يتناول صلاة الفجر والظهر والعصر فيكون المأموم مأمورا بذكر ربه في نفسه لكن إذا كان مستمعا كان مأمورا بالاستماع وإن لم يكن مستمعا كان مأمورا بذكر ربه في نفسه . والقرآن أفضل الذكر كما قال تعالى : { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } وقال تعالى : { وقد آتيناك من لدنا ذكرا } وقال تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } وقال : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } . وأيضا : فالسكوت بلا قراءة ولا ذكر ولا دعاء ليس عبادة ولا مأمورا به ؛ بل يفتح باب الوسوسة فالاشتغال بذكر الله أفضل من السكوت وقراءة القرآن من أفضل الخير وإذا كان كذلك فالذكر بالقرآن أفضل من غيره كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر } . رواه مسلم في صحيحه . وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه فقال : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فقال : يا رسول الله هذا لله فما لي قال : قل : اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني فلما قام قال : هكذا بيديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد ملأ يديه من الخير } رواه أحمد وأبو داود والنسائي . والذين أوجبوا القراءة في الجهر : احتجوا بالحديث الذي في السنن عن عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا كنتم ورائي فلا تقرءوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها } . وهذا الحديث معلل عند أئمة الحديث بأمور كثيرة ضعفه أحمد وغيره من الأئمة . وقد بسط الكلام على ضعفه في غير هذا الموضع وبين أن الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم { لا صلاة إلا بأم القرآن } فهذا هو الذي أخرجاه في الصحيحين ورواه الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة . وأما هذا الحديث فغلط فيه بعض الشاميين وأصله أن عبادة كان يؤم ببيت المقدس فقال هذا فاشتبه عليهم المرفوع بالموقوف على عبادة . وأيضا : فقد تكلم العلماء قديما وحديثا في هذه المسألة وبسطوا القول فيها وفي غيرها من المسائل . وتارة أفردوا القول فيها في مصنفات مفردة وانتصر طائفة للإثبات في مصنفات مفردة : كالبخاري وغيره . وطائفة للنفي : كأبي مطيع البلخي وكرام وغيرهما