أخي أبو المهاجر :
ما هكذا يا سعد تورد الإبل...
نقلت عن الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله رواية ابن القاسم لرواية الإمام مالك بن أنس رحمه الله و هي قوله : ( روى ابن القاسم عن مالك إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه مثل عمر بن عبد العزيز فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما)أحكام القران لابن العربي المجلد الرابع صفحة 153.
و أنقل لك أولا الكلام برمته من كتاب ( أحكام القرآن ) للإمام ابن العربي المالكي رحمه الله :
((المسألة العاشرة : لا تقاتل إلا مع إمام عادل يقدمه أهل الحق لأنفسهم ، ولا يكون إلا قرشيا ، وغيره لا حكم له ، إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي ; قاله مالك ; لأن الإمامة لا تكون إلا لقرشي .
وقد روى ابن القاسم ، عن مالك : إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه ، مثل عمر بن عبد العزيز ، فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما . قال الله تعالى : { فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا } .
قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان الأول عدلا ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم إذا كان بويع لهم على الخوف . [ ص: 130 ] قال مالك : ولا بد من إمام بر أو فاجر .
وقال ابن إسحاق في حديث يرويه معاوية { : إذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا أحدهما ; وقد بلغني أنه كان يقول : لا تكرهوا الفتنة فإنها حصاد المنافقين } ))إنتهى.
قلت : ليتك أخي رجعت للكتاب و نقلت الكلام برمته دون الإعتماد على نقول المبتدعة و أهل الأهواء الذين يشبهون و يلبسون على الأمة و يفترون على الأئمة بهذه الرواية عن الإمام مالك التي نقلها ابن العربي رحمهما الله و يبنون على ذلك مذهبهم في جواز الخروج على الإمام الظالم و أنها مسألة خلافية إجتهادية بين السلف و يضربون بذلك عرض الحائط الأيات و الأحاديث الصحاح و أقوال السلف و الأئمة و العلماء و قبل ذلك الإجماع الذي إنعقد في عدم جواز الخروج على الحكام الظالم رحم الله الجميع و اسكنهم فسيح جناته , و أنت ترى أنهم لم ينقلوا تتمة رواية الإمام مالك رحمه الله التي نقلها عنه ابن العربي في قوله : (ولا بد من إمام بر أو فاجر ) لأنه سيسقط إستدلالهم من رأسه و أما قول الإمام مالك رحمه الله : ( لأن الإمامة لا تكون إلا لقرشي ) فهذا لم ينقلوه لأنه لا يساعدهم و لا يخدم مذهبهم لأن أكثرهم ممن يريد أو يدعي الخلافة ليس من قريش و هذا الكلام الذي جاء عن الأئمة مقيد و ليس على اطلاقه كما بينه العلماء و يوضحه قول النبي صلى الله عليه و سلم : (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين) رواه البخاري.
و قال الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله تعالى؛ هل تصح الإمامة في غير قريش؟
* * *
الجواب:
الذي عليه أكثر العلماء؛ أنها لا تصح في غير قريش - إذا أمكن ذلك -
وأما إذا لم يمكن ذلك، واتفقت الأمة على مبايعة الإمام، أو اتفق أهل الحل والعقد عليه؛ صحت إمامته، ووجبت مبايعته، ولم يصح الخروج عليه.
وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي... الحديث).
[الدرر السنية: ج9/ ص 6 – 7]
و للكلام بقية نسال التوفيق و السداد.