لقد مر الشيخ ربيع بعدة مراحل في مسألة حمل المجمل على المفصل
الأولى:إطلاق منع حمل مجمل العالم على مفصله،وعد ذلك من قواعد أهل البدع وهذا في كتاب "أضواء إسلامية " " وكتاب تنبيه أبي الحسن " وغيرها ، فمما قاله في كتاب التنبيه :
" القول بحمل المجمل على المفصل في ضلالات أهل الباطل يرده القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح".اهـ
[ص 4حاشية (1)]
الثانية:تسليمه بأن ذلك ممكن،إذا كانت القرنية المزيلة للإيهام:هي السياق فقط .قال في جواب على كلام لشيخ الإسلام من المسألة واضح اعترض عليه به : " ونحن نقول لو علم شيخ الإسلام ما يفضي إليه كلامه هذا لم يقله، ولو فرضنا أنه يراه قاعدة، فإنما مراده المجمل الذي يرافقه البيان في نفس السياق وتقييد المطلق في نفس السياق".اهـ
[تنبيه أبي الحسن ص32/حاشية (1)]
الثالثة:تسليمه بأنه قد يُتَأوَّل لبعض كبار العلماء،وليس كل الكبار،فضلاً عمن دونهم .فقد قال :
" وعلى كل حال قد يتسامح مع بعض كبار أئمة السنة فيما يند منهم مخالفاً لمنهجهم وعقيدتهم وعلمهم ودعوتهم وذبهم عن السنة وغير ذلك من القرائن القوية التي تمنع من إرادة المعنى السيىء المخالف لمنهجهم وعقيدتهم الخ.".اهـ
[إبطال مزاعم أبي الحسن ص29]
الرابعة : حمله المجمل على المفصل في غير كلام الله ورسوله ،سواء بقرينة متصلة أو غير متصلة وله عدة عبارات في هذا ومنها قوله في الرد على من يستدل بكلام مشكل لشيخ الإسلام فقال :
"الأولى : كثيراً ما يزج أناس معروفون باتجاه معين بشيخ الإسلام ابن تيمية في قضايا تخالف ما عليه السلف وتضاد ما يكون عليه شيخ الإسلام نفسه .الثانية : وقد ينقلون عنه نقلاً صحيحاً، لكنهم يطوعون تلك النصوص لغايات وأهداف مضادة للغايات والأهداف التي وقف حياته للدعوة إليها والجهاد في سبيلها .الثالثة : وقد يتعلقون بمتشابه من كلامه، ويتركون منهاجه الواضح، ويحيدون عن كلامه الصريح الذي يؤكد ذلك المنهج، ويبين ذلك المتشابه"اهـ
[حوار مع سلمان العودة ص16]
فالشيخ اعترض على صنيعهم بالأخذ بالمتشابه والتعلق به وترك المحكم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
فهذه الاضطرابات والتناقضات من الشّيخ ـ عفا الله عنه ـ تدل على أنه لم يدرس المسألة جيداً وإنما كانت مبنية على ردود أفعال ، ولو أن الشّيخ اقتصر ذلك على نفسه لكان الأمر أهون ولكن جعلها من مسائل الولاء والبراء التي يبدع المخالف فيها ، وقد أدخل الشيخ ربيع المقلدة له في صراعات مع إخوانهم في أشياء لم يتصوروها وقد خالفوا فيها علماء الأمة ، والله المستعان .
تنبيه : كنتُ أظن أن الشيخ ربيعا هو من ابتدع منع حمل المجمل والمفصل في كلام العلماء حتى قرأت رسالة [الجامع في الرد على الشيخ ربيع من خلال أشرطته] حيث قال فيها : " إذا كان الشيخ لا يعرف إلا هذا الذي ذهب إليه في الأصول فهذه مصيبة! لأنه يدل على جهله بلسان العرب والفقه والإجماع وأصول أهل السنة! وهذه المسألة من البدهيات عند العقلاء! لأنها مقتضى اللسان العربي، وقد نص أهل العلم على أن لسان العرب يقتضي حمل المطلق على المقيد، والعام على الخاص، والمجمل على المفسر... الخ، وأنّ عُرْفَ الشارع حُمِلَ على مقتضى لسانهم .
حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نص على أن (تنوع دلالة اللفظ بالإطلاق والتقييد في كلام الله ورسوله وكلامِ كلِّ أحدٍ بيِّنٌ ظاهرٌ لا يمكن دفعه)اهـ
وقال أيضاً في جواب مسألة تتعلق بأوقاف الناس ووصاياهم: (لا يجوز اعتبار الكلام المقيد دون مطلقه، وهذا مما اضطر الله العقلاء إلى معرفته! إلا أن يحول بين البصيرة وبين الإدراك مانع! فيفعل الله ما يشاء)! اهـ
وكنت أظن أن الشيخ ربيعا لم يسبق إلى هذا الذي ذهب إليه حتى وجدت كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يدل على أن له سلفا في هذا الباب، وأن قولهم هذا محدث، قال شيخ الإسلام: (ومما يقضي منه العجب ظن بعض الناس أن دلالة المفهوم حجة في كلام الشارع دون كلام الناس، بمنزلة القياس، وهذا خلاف إجماع الناس، فإن الناس إما قائل بأن المفهوم من جملة دلالات الألفاظ، أو قائل أنه ليس من جملتها، أما هذا التفصيل فمحدث)". اهـ
يتبع ...