نظم المرجان في بيان حال عيسى بن صالح الجبان
نظم المرجان في بيان حال عيسى بن صالح الجبان
ليست اليراعة الجْوفاء إلا اثبت منه قوّة, وأشد منه. فهو يحسب كل صيحةٍ عليه, وكل هيعة عدواً يقبض على يديه.
عيسى بن صالح تمثال الجُبن, وصورةُ الخوف, ومقرُّ الرُّعب, ومن لو سميت له, الشجاعة لخاف لفظها قبل معناها, واسمها قبل مُسمَّاها. هو من تخُوفّه أضغاثُ الأحلام, فكيف مسموع الكلام إذا ذكرت السيوف لمس رأسه هل ذهب, وإذا ذكرت الرمّاح مسّ جنبه هل ثُقِب. كأنه أسلَم في كتاب الجُبُنْ صبيّا ولُقِن كتاب الفشل أعجميا.
عيسى بن صالح مُنْغَمِس في عيبه, يكذب لذيله عَلَى جيبه. يقول بُهتاً, وزوراً بحْتا. قد مُلئ قلبه زيغاً, وقوله مَيْنا, يدين بالكذب مذهبا, ويستلين الزور مركباً, لا تصغي إلى ما يلفق ويُنمق, ويخْلُف ويزُوق. أقاويله يتمشى الزّور في مناكبها, ويتردد البهتان في مذاهبها أما يخاف الكذوب, أن يذوب؟
عيسى بن صالح معجون من طينة الحسد والمنافسة عيسى بن صالح جسد, كله حسد, وعقل كله حقد، الحسود لا يسود، الحسد آفة الجسد, قلْب نَغِل, وصدر دغل. طويّت معلولة, وعقيدة مدخولة ظاهر منتفخ للناظر, وباطن يسوء الخابر, صديق العيان, عدو المغيب. ما أكذب سَرَاب اخلاقه, وأكثر أسراب نفاقه, صفوه رنق, وبُّره ملق, وودُّه مذق. هو لابس من الغش ثوباً لا ينضوه, ولازم من الفعل سمتاً لا يعدوه, ينتهز الفرصة كيف ينشر أجنحة الاحتيال, وكيف يُعمل أسلحة الاغتيال.
قد مُلئ قلبه رينا, وشُحن صدروه مينا. خبيث النية فاسد الطوية, مقلب لسان الحلق, ساتر بالتخلق وجه الخُلُق. عند الطعام موجود, وعند البلاء مفقود, يمشي الضَراء في الغيلة, ويتنفق بالنفاق والحيلة. يبث حبائل الزُّور, وينصب أشراك الغرور, ويدعي ضروبب الباطل, ويتحلى بما هو عاطل, ويبدي وجه المطابق الموافق, ويخفي نظر المارق المنافق. دأْبه بثُّ الخدائع, والنّفْثُ في عقد المكارة والمكائد. ضميره خُبث, ويمينه حِنْث وعهده نَكْث، فانظر إلى عبيد وما يبث.
أبو عبد الرحمن محمد بن علي الزبيدي
