حذر سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من التماس التبرير لمن يقوم بأعمال إجرامية ويسعى في الأرض فساداً بالقتل والتدمير بغير حق ويروّع الآمنين ويزعزع البلاد الإسلامية مما يسبب فتح ثغرات لأعداء الإسلام للتسلط على بلدان المسلمين وخيراتهم.
وشدد سماحته في معرض حديثه الذي خص به (الجزيرة) بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تنطلق فعالياته اليوم السبت بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة الرياض شدد على ان واجب المسلم انكار هذه الأفعال وتخطئة فاعليها حيث لا يوجد لديهم مستمسك شرعي بل ان نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وعلماء العصر تؤكد ان افعالهم منكرة وباطلة.
وأبدى سماحة المفتي ألمه أن تقع هذه الأفعال الشنيعة بأيدي أبناء المسلمين وتلبس لباس الدين زورا وبهتانا ويسلك في تنفيذها أبشع الطرق حتى ان بعض اولئك يقتلون أنفسهم في سبيل تنفيذ الأفعال. مشيرا إلى أنها أفعال محرمة بل وتعد من عظائم الذنوب ومن السعي في الأرض فساداً.
ونبه سماحته إلى عدم الاغترار بحسن كلام من يقوم بأعمال إجرامية وما يظهرون من تمسك بالدين فيمضي ليبرر فعالهم فيكون انكاره لهذه البدع الشنيعة ضعيفا ومع مرور الوقت والبعد عن سبيل الحق قد يُشرب قلبه هذه البدع فينتحلها ويدافع عنها.
ولفت مفتي عام المملكة النظر إلى ان بعض هؤلاء من يتذرع بوجود منكرات ظاهرة ومخالفات شرعية ويدعي انه يسعى لإزالتها بهذه الأفعال القبيحة.
وقال: إن هذا باطل فإن المنكر لا يزال بما هو أعظم منه ثم ان الواجب على العبد التغيير على حسب استطاعته باللسان والنصيحة والمواصلة على ذلك لأن ولاة الأمر يتقبلون ذلك ولم يكلف العباد بأن كل من رأى منكرا ان عليه ازالته وإلا كان تكليفا بما يشق وما لا تستطيعه النفوس والواجب تقوى الله ولزوم الطريقة الشرعية والفقه في دين الله وعدم الاغترار بما لدى الإنسان من معلومات يظنها حقا وهي باطل او يضع نصوص وأقوال السلف على غير مواضعها جهلا، والله عز وجل يقول {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}ويقول سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}.
وحث سماحته على التواصي بمحاربة الأفكار الخطيرة والسعي في اجتثاث جذورها الفكرية وتبصير الناس بدين الإسلام الحق الذي لا غلو فيه ولا جفاء وان يكون الكلام في دقائق المسائل العقدية وكشف شبهات أولئك موكولا لأهل العلم الراسخين وأما من لا علم عنده فليمسك عن الخوض فيه وليكل علمها إلى عالمها ثم أيضاً يجب علينا متابعة أبنائنا والحرص على تنقية أفكارهم من تلك البلايا العظيمة.
وقال سماحة المفتي ان من الأمور المهمة التي ينبغي التفطن لها ان خوض أهل الباطل وتلبسهم بأمور وألفاظ شرعية لتبرير وتمرير أعمالهم القبيحة لا يسوغ الهجوم على تلك الألفاظ فإن هذا تطرف مضاد بل العدل كله خير فمثلا نجد ان أولئك يسمون أفعالهم القبيحة جهادا في سبيل الله وهذا كذب وزور ونجد ان بعض الجهلة يأتي وينتصب لمحاربة هذه الشعيرة الإسلامية والمطالبة بمحو ذلك من التعليم وغير ذلك من الأساليب ومثل ذلك قل في الولاء والبراء ودار الحرب ودار الإسلام مما يتجاذبه الطرفان والحق ان هذه شعائر وعبادات وعقائد ومصطلحات شرعية هي حق في نفسها جاء بها كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعمل بها سلفنا الصالح ومع ذلك لم نجد منهم من ارتكب هذه الشنائع بل التصريح بمحاربة أمثال هؤلاء من الخوارج ونحوهم.
وأكد سماحة المفتي ان وجود هذه الشعائر والمصطلحات الشرعية ليست سببا في وجود هذه الأفعال وان تذرع فاعلوها وتستروا تحتها زورا وبهتانا وهذا هو شأن أهل الباطل فإنهم لا ينشرون باطلهم واضحا جليا وإلا لعرفه كل الناس وإنما يلبسون على الرعاع والعوام بما يلبسونه من لباس الحق ويتسترون بذلك لتمرير شرورهم فالواجب التنبه لهذا فديننا دين الوسطية لا غلو ولا جفاء وشعائر ديننا توقيفية التلقي ليست خاضعة للمزايدة من تجار الظلام ولا قابلة لمحاربتها وتنحيتها من قبل الجهال والعوام.
وسأل سماحة المفتي المولى عز وجل ان يقي بلادنا وسائر بلاد المسلمين الشرور والآفات وان يعيذنا من شرور أنفسنا والشيطان وان يوفق ولاة الأمر لما يحبه ويرضاه وان تكون عاقبتنا إلى خير.
منقول http://www.al-jazirah.com/
