مقولات خاطئة يجب الحذر منها
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم أن الشيطان أحرص ما يكون لإضلال بني آدم ومن سبله في هذا الإضلال وسوسته لبني آدم حتى يغير ما يفهمون به الأمور على حقيقتها ومن هنا يقع اسم الضلال عليهم, ومن ذلك إحداث مقولات ومصطلحات تتداخل فيها مفاهيم مختلفة ليتوسل بها لجر الناس إلى الضلالة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وقد تنبه أئمة السلف لهذا فنهو الناس عن الكلام والإحداث فيه وإن كان مراد المتكلام الرد على أهل الضلال ... ومن هنا يأتي الورع في ترك الكلام والاسترسال فيه فتجد من السلف من ترك التفسير وتجد قلة كلامهم مقارنة بمن أتى بعدهم وتجدهم يعيبون على الذي يسترسل في كلامه قال مالك وهو يعيب كثرة الكلام وكثرة الفتيا : "يتكلم كأنه جمل مغتلم يقول : هو كذا هو كذا : يهدر في كلامه " .
(1)
قول : التكفيريين أو فكر تكفيري وفلان تكفيري
اعلم أن لفظ الكفر والكفار جاء في كتاب الله وجعل الله الخلق منهم مؤمن ومنهم كافر فصار على من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يميز بين الطائفتين ويقوم بما أوجب الله عليه من اعتقاد كفر الكافر وإتباع سنة رسوله في التعامل معهم .
فإذا اطلق هذا القول سيغتر به من لا تمييز لديه في أمور الدين وربما نفره عن المعتقد الصحيح وكذلك من كان من أهل الانحراف يستخدمون هذا القول كما هو شائع بوصف أهل الإيمان بالتكفير .
فالواجب تسمية من أخذ برأي الحرورية بما وصفهم به السلف الصالح بالحرورية .
(2)
قول: جنس العمل , وقول: شرط كمال أو شرط صحة
اعلم أنه لا يصلح أن يقال أن للعمل جنس, فلفظة الجنس يراد بها ما يتجانس وتشاكل مع بعضه كما يقال جنس بني البشر لأنهم يتشابهون ويتشاكلون مع بعضهم, وتطلق هذه العبارة ويراد منها تمميز الجنس المحدد عن غيره فتقول جنس البشر وجنس الشجر وجنس السمك .
فاعرف أنه لا يصلح قرن لفظة جنس مع العمل لأنه ليس للعمل جنس فلا تجانس ولا تشاكل فيه وما الذي يراد تمميزه عن العمل حتى يطلق عليه لفظ الجنس ؟!!
ثم قولهم شرط صحة أو شرط كمال, اعلم أن الشرط يكون خارج عن ماهية المشروط فشروط الصلاة تكون قبل الدخول فيها كشرط الوضوء قبل الدخول في الصلاة وليس من الصلاة, وإذا سألت أحد هؤلاء المتكلمين عن العمل سيقول لك العمل من الإيمان فأجبه إذاً لا يصلح لك أن تقول هو شرط صحة أو كمال لأن الشرط خارج عن ما هية المشروط, فالعمل هو إيمان فأنت عندما تعمل فأنت بعملك هذا تؤمن بالله .
(3)
قول : العذر بالجهل, وقول فهم الحجة
اعرف أن لفظة العذر يراد منها ترك المؤاخذة تقول عذرت فلان فأنت تركت أخذ حقك منه لأمر ما, وترك المؤاخذة في الشرع لم يأتي إلا في أمور وهي الخطأ والنسيان وتحديث النفس والاستكراه كما في قوله ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا ) و قوله ( إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وكما جاء في الحديث من تجاوز الله عن هذه الأمة فيما ذكر .
أما الجهل فلم يرد هكذا لأن الجهل يكون سببه أمور كثيرة ولم يأتي في القرآن سبب منها إلا في مصير الضالمين وبيان حال الكافرين ومن تلك الأمور الاستكبار والإعراض والغفلة وطاعة الكبراء وإتباع الآباء فهذه الأمور تنتج الجهل ولم يأتي في القرآن إلا أخذ أهلها والغلظة عليهم .
فلا يقال عذر بالجهل وإنما يؤمر بالتوبة فكل من بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جاهلين وفي جاهليه ومع هذا كفرهم وأخبرهم بأن مصيرهم النار وقاتلهم حتى تابوا وأسلموا .
وكذلك قول فهم الحجة مرادهم بذلك ترك المؤاخذة حتى يفهم !! وهذه المقولة مركبة على المقولة السابقة ومن تأمل فيها عرف دس الشيطان فيها لتعطيل الدين كله, والله المستعان .
وإنما ينطبق على هذه المستحدثات والتسميات الشيطانية قول الشاعر :
هذي الشقاشق والمخارف والهوى *** والمذهب المستحدث الشيطاني
سميتموا علم الأصول ضلالة *** كاسم النبيذ لخمرة الأدنان
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد