بعض غرائب العبيكان (موقفه من الدرر السنية و مسائل التكفير )
قال العتيبي في رده على سلطان العيد :
الوقفة الحادية والعشرون والأخيرة:
أن حصر غرائب العبيكان مع مسارعته اليومية للخروج عبر وسائل الإعلام، يتطلب مقاماً أوسع من هذا المقام، ولكن لعلي أذكر ما لم يرد ذكره فيما سبق، وذلك من خلال "مكاشفاته" التي صرح بها
للملحق الرسالة في جريدة المدينة، ولن أطيل التعليق على ما فيها، وإنما أكتفي بالإشارة
السريعة ومن ذلك:
١] سئل العبيكان في "مكاشفاته!" في حلقتها الأولى عن الغلو في التكفير (بزعمهم) الموجود في "الدرر السنية" وتكفير ابن عفالق وابن فيروز، بينما غيرهم يترحم عليهم...
فأجاب العبيكان!!: (...ليس كل ما يذكر في "الدرر السنية" مما نعتقده، هناك أقوال دونت لبعض العلماء لا نوافق عليها، وهناك بعض الأقوال تخالف آراء الآخرين، والشيخ عبدالرحمن بن قاسم جمع الأقوال جمعاً، كأي موسوعة فقهية!، أو كتاب في الفقه المقارن، أو كتب العقيدة التي يذكر فيها قول المعتزلة والخوارج والمرجئة، تذكر الأقوال وتجمع جمعاً...).
ثم قال السائل: من كلامك الأخير هناك اعتراف بوجود التكفير في تراثنا السلفي! أليس من الواجب على كبار العلماء في بلادنا وممن يحملون العلم الشرعي التصدي لتصحيح مثل هذه الأخطاء، كي لا يقع في شبهتها الشباب ضعاف العلم وذوو الهوى؟.
فأجاب العبيكان: (لاشك أنها عدة كتب تحوي مجموعة أقوال، والناقل أمين، فالذي ينقل لا يحاسب على نقله بل يحاسب على عدم أمانته في النقل، و"الدرر السنية" مما جمعه الشيخ عبدالرحمن بن قاسم يرحمه الله، فيها مجموعة أقوال فيها الراجح والمرجوح، والخطأ والصواب، ولابد من تصحيح الأخطاء)
قلت: فانظر كيف ضعف العبيكان حيث تهرب من الإجابة عن أصل السؤال، ثم تكلم بعمومات، وهرب من قضية تكفير ابن فيروز وابن عفالق، وجنح إلى الكلام عن مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، وموالاة الكفار، وترك أصل السؤال الذي أخذ منه السائل اعترافاً من العبيكان بوجود الغلو في التكفير عند أئمة الدعوة، أو بعضهم!!.
فليتكرم العبيكان!! -وإن شاء تلميذه أن يشارك فليشارك- بضرب أمثلة على .( الغلو في التكفير عند أئمة الدعوة( 1)
ويبين لنا صور الغلو في التكفير الموجود في "الدرر السنية" الذي يرى العبيكان بأنه لابد من تصحيحه!.
ويبين لنا وسطية الشيخ عبداللطيف آل الشيخ في باب التكفير، كانت ضد ميل أي من أئمة الدعوة؟!، فليميزه لنا حتى نعرف من يريد من أولئك الذين لهم مقالات في كتاب "الدرر السنية".
بكل اختصار: تكرم أنت يا عبدالمحسن العبيكان واستخرج لنا هذه الأخطاء، حتى نعرف مبلغ دينك، وصدق اعتراضك!!.
٢] ومثل ما قاله في الحلقة الأولى من "مكاشفاته!" قاله في الحلقة الثانية!، فقد سأله المحرر سؤالاً قال فيه: (وإذًا ألست معي أن تراث وكتب أئمة الدعوة السلفية تحتاج إلى إعادة نظر وتصحيح وتبيين الصواب منها والخطأ، ف"الدرر السنية" مليئة بالتكفير كتكفير الدولة العثمانية!!، وبعض تراث العلماء الذي به أحكام غالية كانت مرتهنة لظرفيها الزماني والمكاني، وتداخل فيها التاريخ والسياسة، أضرب لك مثلاً بتكفير القذافي، وجملة من الأمور التي تؤخذ على منهجنا السلفي وتحسب عليه)انتهى السؤال.
فما الظن بالعبيكان أن يجيب به بعد هذه الاتهامات للدعوة السلفية، ولكتاب "الدرر السنية" والتشكيك في كفر الدولة العثمانية الصوفية، وتكفير القذافي، وجعل التكفير خاضع للأوضاع الزمانية والمكانية لا للنص الشرعي ومخالفته؟!.
أجاب العبيكان بجواب يزيد الطين بِّلة، ولا يسمن ولا يغني من جوع، بل ربما أخذ منه موافقته لما طرحه السائل!، فقال: (أنا أدعو إلى تشكيل هيئة علمية بمستوى عالٍ من العلماء المعتدلين!!!، وتكون عليها مسؤولية بيان المنهج الحق في المسائل الحادثة والنوازل وبيان المنهج الصحيح السلفي في كتيب صغير متداول ويطبع بعدة لغات، وينشر في أنحاء العالم، ويقال: "هذا منهجنا الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة" أنا معك يا أخ عبدالعزيز أن البعيد عن العلم والإسلام لا يستطيع التمييز وربما وقع على رأي فيه تكفير وغلو وتطرف فنسبه إلى جميع المسلمين والإسلام
ظلماً...)(1)
قلت: فتأمل هذا الجواب الهزيل، بل وما فيه من لمزٍ للكتاب المسؤول عنه "الدرر السنية" بأن البعيد قد يقع فيه على: ( رأي فيه تكفير وغلو وتطرف!!).
ثم ما هذا الكتيب الذي يريد نشره العبيكان؟!.
ألم يكن في كتب العقائد والتوحيد التي صنفها علماؤنا غنية وكفاية؟!.
ألا يغنينا عن كتيبه الذي يريد نشره في أنحاء العالم ليبين منهجنا "كتاب التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، و"العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، و"العقيدة الصحيحة وما يضادها" لشيخنا الإمام عبدالعزيز بن باز رحمهم الله أجمعين.
إن لم يعارض؛ فمضمون هذه الكتب هو الذي في "الدرر السنية" ولا غلو فيها ولا تطرف ولا تكفير بغير حق. وإن عارض فقل على دعوى السلفية يا عبيكان السلام!.
وإلا فما هو الكتيب الذي يريد العبيكان نشره في أنحاء العالم؟!.
أيريد أن يقول للناس فيه: منهجنا الذهاب إلى السحرة، والاستعانة بالجن في التداوي؟!.
أيريد أن يقول للناس فيه: منهجنا الرقص على الطبول في الحفلات؟!.
أيريد أن يقول للناس فيه: احذروا من "الدرر السنية" ففيها غلو وتكفير
وتطرف، وأخطاء نخالفها ولا نوافق أهلها عليها؟!.
سبحان الله العظيم، ونعوذ بالله من الخذلان.
الحاشية :
١) "مكاشفات العبيكان" الحلقة الأولى،ملحق الرسالة بجريدة المدينة يوم الجمعة ١٠ صفر ١٤٢٩ ه.
١) ودعوى غلو علماء الدعوة النجدية في التكفير من الدعاوى المزيفة التي تلقفها بعض الجهال من كتب أهل الضلال ضعفاً ) ورعونة، وتكلموا بكلامٍ كشف حقيقة موقفهم من دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب السلفية، وللوقوف على فساد هذه الدعوى ليتكرم الناظر الكريم بمراجعة مقالي المسمى ب"كشف المكر والتزييف في الموقف من دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في كلام
حاتم الشريف"، وهو منشور في شبكة الإنترنت في عدد من المواقع.
١) "مكاشفات العبيكان" الحلقة الثانية ملحق الرسالة بجريدة المدينة يوم الجمعة ١٧ صفر ١٤٢٩ ه.
٤] دعا العبيكان الشيعة! وسائر طوائف الإسلام إلى تحكيم شرع الكتاب ]
والسنة والرجوع إلى الأحاديث الصحيحة، وهذا أمر محمود منه، ولكنه دعا إلى الاجتماع بهم، والبحث معهم في تصحيح التراث عن رسول الله و أصحابه حتى لا يحصل نزاع بيننا وبينهم!!
فقال: (أنا أعتقد لو اجتمنا نحن وإياهم في أن نصحح هذا التراث عن الرسول و عن الأئمة و ما ينقل عن الصحابة لما حصل نزاع ولاتحدت الأمة!!، هم داخلون في عموم المسلمين، والتكفير أو التفسيق ليس بالتعيين لأنه يحتاج إلى تحقق الشروط وانتفاء الموانع).
قلت: رام العبيكان أن يجمع بين أحدٍ ورضوى، ولسنا بحاجة إلى الاجتماع بهم في تحقيق التراث وتصحيحه، وإنما علينا البلاغ والبيان والرد وكشف الشبه، والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ومن علم الله فيه خيرًا ساقه إلى التوحيد والسنة، ومن لم يرد الله به خيرًا فلن تنفعه موعظة واعظ، ولا حجة عالم.
ثم قال محرر الجريدة!: (إذن أنت يا شيخ تدخل طائفة الشيعة في عموم المسلمين، غير أن إخواننا هؤلاء يشتكون بأنكم تكفرونهم؟!).
فقال العبيكان: (ليس بصحيح!!، هم يدخلون في عموم المسلمين!، ولكن قد يرتكب بعضهم بعض المكفرات!!!، فنقول هذا العمل أو القول كفري ولا نكفر العامل به أو قائله إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع!، كما نطبق هذا في أهل السنة الذين نرى أنهم ارتدوا، هذا قول محققي العلماء)( ١
قلت: وكذب والله، ما هو قول محققي العلماء، بل الشيعة كفار ولا يراد بهم إلا الرافضة، وقد أخرجهم محققوا أهل السنة من دائرة الإسلام، ونقل كلامهم يطول.
وزعم العبيكان بأن الكفر في بعضهم زيف من القول وهمط، بل عامة الرافضة ما ركب عليهم اسم الرفض إلا لما وقعوا في غير باب من أبواب الكفر، مِن صرفِ العبادة لغير الله، وتعظيم المشاهد والحج لها، والطعن في القرآن والسنة الصحيحة، وفي صحابة رسول الله صلى عليه و سلم، وهؤلاء كفار كيفما كانوا بالعموم والأعيان، وهذا مذهب r صحابة رسول الله المحققين صدقاً وعدلاً لا كما يزعمه العبيكان.
**************
١) "مكاشفات العبيكان" الحلقة الثانية، ملحق الرسالة بجريدة المدينة يوم الجمعة ١٧ صفر ١٤٢٩ ه.
***********
وقال العبيكان في الموطن نفسه: (القول بالتكفير والاستتابة بشكل عام خطأ، ولهذا يقول جمع من المحققين: إن تكفير المعين لا يجوز إلا بعد أن تقام عليه الحجة ويعاند ويكابر!!، كما نرى بعض أهل السنة والجماعة يطوفون على القبور ويسألون أصحابها تفريج الكربات وقضاء الحاجات هؤلاء عملهم كفري!!، لكن لا نكفر من كان منهم جاهلاً، لوجود مانع الجهل وهذا يطبق على الجميع)( ١
قلت: وهذا من عظيم الخلط في باب الأحكام على المرتدين، فليس من الشرط المكابرة والعناد لإيقاع الكفر على من وقع منه الكفر، كما أن الجهل لا يعد مانعاً من موانع الكفر في الأمور الضرورية الظاهرة ومنها ما ذكره العبيكان من الطواف بالقبور وسؤال الموتى قضاء الحاجات، وتفريج الكفرات، ومن فعل ذلك ليس من أهل الإسلام بلْه أن يكون من أهل السنة والجماعة.
ولن أطيل الكلام في هذه المسألة لبعد أطرافها، وتعذر إتمام التوضيح في مثل هذه العجالة( ٢)، ولكن أكتفي بنقلٍ واحدٍ عن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية في زمانه، وبه يكون التمام، فقد قال رحمه الله تعالى: (مسأَلة تكفير المعين: من الناس من يقول: لا يكفر المعين َأبدا، ويستدل هؤلاء بأَشياء من كلام ابن تيمية غلطوا في فهمها، وأَظنهم لا يكفرون إلا من نص القرآن على كفره كفرعون.والنصوص لا تجيء بتعيين كل َأحد. يدرس باب "حكم المرتد" ولا يطبق على َأحد، هذه ضلالة عمياء وجهالة كبرى، بل يطبق بشرط. ثم الذين توقفوا في تكفير المعين في الأَشياء التي قد يخفى دليلها فلا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية من حيث الثبوت والدلالة فإذا ُأوضحت له الحجة بالبيان الكافي كفر سواء فهم، َأو قال: ما فهمت، َأو فهم وأَنكر، ليس كفر الكفار كله عن عناد.
وأَما ما علم بالضرورة َأن الرسول جاء به وخالفه فهذا يكفر بمجرد ذلك ولا يحتاج إلى تعريف سواء في الأصول َأو الفروع ما لم يكن حديث عهد بالإسلام.
والقسم الثالث: َأشياء تكون غامضة فهذه لا يكفر الشخص فيها ولو بعدما ُأقيمت عليه الأَدلة وسواء كانت في الفروع َأو الأُصول ومن َأمثلة ذلك الرجل الذي َأوصى َأهله َأن يحرقوه إذا مات، وإمام الدعوة َألف مؤلفًا في مسأَلة تكفير المعين وهو المسمى "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد" بين ووضح َأنه لا مناص من تكفير المعين بشروطه الشرعية)( ١) إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى، وهو واضح في المطلوب،
يكشف سوء فهم العبيكان لمسائل التكفير، وكلام العلماء فيها.
ثم تكلم العبيكان في تلك الحلقة من "مكاشفاته" بكلامٍ ممجوج عن سعيه للتقارب مع الشيعة، واجتهاده مع حسن الصفار لإصدار وثيقة اتفاقية وفاقية يجتمع عليها السنة والشيعة!!، وبهذا يحقق القاعدة الإخوانية التي تقول: (نجتمع فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) وهذا ينقض مصداقية هجوم العبيكان على فرقة الإخوان المسلمين، فهو يريد أن يجتمع مع الرافضة فيما اتفقوا عليه، وعذرهم فيما وقعوا فيه من الكفريات فلم يكفرهم!! حتى يقيم عليهم حجته!،
ويصروا ويعاندوا، وتنتفي عنهم الموانع وتتحقق فيهم الشروط التي يدندن حولها العبيكان وهو جزماً لا يفقه معناها.
وفي تلك "المكاشفات" مواطن أخرى تحتاج إلى عدة وقفات يضيق المجال عن ذكرها.
وجملة القول: أن عبدالمحسن العبيكان يجب عليه أن يراجع نفسه، وأن يلتحق بمجالس كبار العلماء، ويتفقه على أيديهم، ويكثر النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة السلفية عسى الله أن يزيل عنه تلك الشبه، ويكسر جموحه، ويهديه إلى سواء السبيل.
****************
١) "مكاشفات العبيكان" الحلقة الثانية، ملحق الرسالة بجريدة المدينة يوم الجمعة ١٧ صفر ١٤٢٩ ه. )
٢) وراجع إن شئت "كشف الشبهات" و "مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد" كلاهما للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، ) وكتاب "الانتصار لحزب الله الموحدين" للشيخ عبدالله أبا بطين، وردود الأئمة على داود بن جرجيس، وعثمان بن منصور، ففيها إيضاح هذه المسألة أتم إيضاح.
