إرشاد الأكياس بأن الشيخ فالحا محق بقوله:الشيخ مقبل لا يرى...
إرشاد الأكياس بأن الشيخ فالحا محق بقوله:
( الشيخ مقبلا-رحمه الله- لا يرى حجية القياس)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد :
اعلم أخي طالب الحق -وفقني الله وإياك لإصابته والعمل به- أن الله جل جلاله يقول في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأَحزاب: 70-71].وفي هذه الآية العظيمة(يأمر تعالى المؤمنين بتقواه، في جميع أحوالهم، في السر و العلانية، ويخص منها، ويندب للقول السديد، وهو القول الموافق للصواب، أو المقارب له، عند تعذر اليقين، من قراءة، وذكر، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وتعلم علم وتعليمه، والحرص على إصابة الصواب، في المسائل العلمية، وسلوك كل طريق يوصل لذلك، وكل وسيلة تعين عليه.) ، إذا علمت وفهمت ما سبق ففي هذا المقال سأذكر لك كلاما للعلامة الشيخ المحدث الإمام مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله وغفر له والفردوس الأعلى أسكنه- يقول فيه أن القياس ليس بحجة وأنه رأي والرأي مذموم؛ ولا أُريد التَّطرق إلى صحة المسألة من عدمها، و تأصيلات العلماء فيها من حيث أن القياس ينقسم إلى صحيح وفاسد...الخ ، لأن العلماء قد اشبعُوا هذه المسألة في كتب الأصول، وطلبة العلم السائرين على نهج سيد المرسلين-صلى الله عليه وآله وسلم- يعلمون هذا ؛ ولكن في هذه الأسطر سأنقل كلامه -رحمة الله عليه- من كتابه: (إجابة السائل على أهم المسائل) حول هذه المسألة تأكيدا لما قاله الشيخ العلامة فالح بن نافع بن فلاح الحربي-حفظه الله تعالى وكان الله له- حيث قال ما مفاده : ( أن الشيخ مقبلا لا يرى حجية القياس وهو يرى بقول ابن حزم )؛ ومعلوم أخي القارئ أننا لا ندعي العصمة لأي أحد من العلماء ولكن لابد من التأدب والتلطف أثناء نصحهم عند حدوث الخطأ منهم، ثم من كان لديه فائدة حول هذه المسألة وهي ( هل الشيخ مقبل رحمه الله يقول بحجية القياس ؟أم أنه يفصل ويفرق بين القياس الصحيح والفاسد ؟ ...) فليبدها لنا ونحن شاكرون له، أما أن يشنع على العلماء عند الرد على بعضهم البعض وينتصر لقول أحدهم بدون نظر وتحقيق فهذه والله طامة كبرى –وأنا أعني ما أقول-.
والمهم أن غايتي في هذا المقال إظهار الحق وتأكيد ما أجاب به شيخنا العلامة فالح الحربي-حفظه الله- عن شبهة ألصقها به الشيخ يحي الحجوري اليمني-وفقه الله - واعتبرها طعنا في الشيخ مقبل-رحمه الله- وعدم انصاف! مع غيرها من الأقوال المنسوبة للشيخ فالح، ورغم أن الشيخ فالحا قد رد -بما يكفي ويشفي- في شريط مسموع إلا أنني أقول للشيخ يحيا-وفقه الله- ما قاله الأخ الفاضل محمد بن على الصومعي البيضاني-حفظه الله ووفقه- صاحب مقال [إرشاد الأكياس...] حيث قال صفحة 1 من مقاله : [ لا يجوز لمسلم أن ينسب لأحد من الناس قولاً حتى يعلم أنه قال ذلك القول وإلا فقد قوَّلهُ ما لم يقل ولذلك نهانا الله تعالى أن نقول ما ليس لنا به علم . فقال جل في علاه {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }الإسراء آيه{36} . وقال صلى الله عليه وسلم (( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )) . ]اهـ
والآن بدون إطالة مع كلام الشيخ مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله -:
قال في كتابه (إجابة السائل على أهم المسائل) ( ص:309) الطبعة الثانية لدار الحرمين المصرية سنة ( 1420هـ/1999م ): [[س157: هل قول من قال: إن من أنكر القياس فقد فاته ثلث الشريعة صحيح؟
ج157: الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ويقول عز وجل(وقد فصل لكم ما حرم عليكم) قد فصل الله سبحانه وتعالى كل شيئ، ثم بعد ذلك في شأن القياس هم أنفسهم-أي أهل القياس- يجعلون: قياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار، وأنت إذا قرأت حديث رسول الله-صلى الله عليه آله وسلم- : ((كل مسكر خمر وكل خمر حرام)) عرفت أنه ما بقي لهذا القياس حاجة، فغالب القياس المتكلف ما بقي له حاجة، يأتي الدليل من عموم الشريعة، وربما دليل ما اطلع عليه أصحاب القياس، والله المستعان.وانصح بقراءة ما كتبه / أبو محمد بن حزم في كتابه (إحكام الأحكام) حول القياس. ]]اهـ
وقال رحمه الله في نفس المصدر السابق ص (310 – 311)[[ الذي أنصح به إخواننا إذا أرادوا الراحة لأنفسهم والسلامة من تبلبل الأفكار فأنصحهم أن يأخذوا بالظاهر، لكن ليست بظاهرية أبي محمد بن حزم، لكن بظاهر النصوص، إما أن تأخذ بظاهرية أبي محمد بن حزم وتقول: البول نجس والغائط ليس بنجس، وهكذا من هذه الأمور هذه ظاهرية مرفوضة و لا يقبلها، ثم بعد ذلك تهجُّمه على الأئمة لا نقبله، كون أبي محمد بن حزم لا يقول بالقياس وأنا أيضا لا أقول بالقياس؛ لا أقول: إنه حجة فلست مقلدا لأبي محمد بن حزم بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم(( وما اختلفتم فيه من شيئ فحكمه إلى الله)) ويقول (( فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم اللآخر)) ... - ثم سرد بابا من أبواب البخاري في صحيحه في ذم القياس والرأي ثم قال بعد أن أحال على فتح الباري-القياس نوع من الرأي، والحديث فيه ذم الرأي،...- ثم ذكر حججه وأدلته من أحاديث نبوية ثم قال ص313:- والحافظ ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين) قد استفاض من نحو هذه الأدلة يحتج بها على القياس وليس فيها دليل على هذا، والله المستعان.فها نقول: إن الإمام البخاري ظاهري أم لا؟ لا نقول هذا، ثم بعد ذلك القياس لا يقال: إنه لا يجوز لأحد أن يقيس لكن لا يجوز لأحد أن يدعي أنه دين الله، لك أنت أيها العالم الجليل الذي قد (تضعلت) من علم الكتاب و السنة أن تقيس، لكن لا تقل: هو دين الله لا تلزم به المسامين وتقول: الأدلة عندنا كتاب وسنة وإجماع و قياس. الصحيح الأدلة كتاب وسنة وإجماع فحسب والله المستعان. ]] اهـ
وقال –رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى- في نفس المصدر السابق ص:( 556):[[ س312: سمعت لفضيلتكم في شريط كاست ما معناه أن أفضل كتب الأصول كتاب (إحكام الحكام) لابن حزم هل هذا مطلق أم بعد المخالفة في مسألة القياس؟
ج312: كتاب ابن حزم في أصول الفقه يعتبر أحسن الكتب من حيث إنه كتاب يذكر الأدلة و كتاب جرح وتعديل وكتاب تصحيح وتضعيف ولسنا نقول إن ابن حزم يتبع على اخطائه، أما مسألة القياس فالذي نعتقده وندين الله به أنه ليس بحجة.الله عزو جل يقول في كتابه الكريم(( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم((ما فرطنا في الكتاب من شيئ)) أي يحتاج إليه المسلمون. النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-كان ينزل عليه الوحي ولم يقل برأي ولا قياس كما ذكره البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام أنه يسأل عن المسألة فيتأخر نزول الوحي ولم يقل النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- برأي ولا قياس بل جاء عن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- ذم الرأي وذم القياس فهو يغتبر من الرأي الذي يجوز للعالم البصير بقواعد الشريعة أن يقيس لكن لا يكون مازما لغيره و يجوز له أن يقيس ويجوز له أن يتأخر وأنصح الأخ السائل بمراجعة كتاب الإعتصام من صحيح البخاري حتى يعرف أن المسألة قديمة وليس ابن حزم رحمه الله تعالى هو المتفرد في إنكار القياس وقد ذكرت شيئا من هذا في (إرشاد ذوي الفطن لإخراج غلاة الروافض من اليمن) والحمد لله]] اهـ
ومن كانت له زيادة فائدة حول الموضوع، أو أي نقد علمي أو توجيه سلفي لكلام الشيخ-رحمه الله- فليكن بأدب وليعرف قدر نفسه، فكم طاشت وبغت أفواه وأقلام بالزُور و الكذب والبُهت وسُوء الأدب في علماء أجلاء فضلاء، الأموات منهم و الأحياء؛ والله حسيب كل أحد وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
وكتبه
محمد بن أحمد الصميلي السَّلفي الأثري
غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات
الجزائر بتاريخ : 18/ذو القعدة/1425هـ
