المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد أولاًَ يا دعاة الإسلام


كيف حالك ؟

قاسم علي
03-22-2006, 06:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد ابن عبدالوهاب رحمه الله : كتاب التوحيد هذه الترجمة تدل على مقصود هذا الكتاب من أوله إلى آخره , ولهذا استغنى بها عن الخطبة : أي أن هذا الكتاب يشتمل على توحيد الإلهية والعبادة بذكر أحكامه وحدوده وشروطه , وفضله وبراهينه , وأصوله وتفاصيله , وأسبابه وثمراته ومقتضياته , وما يزداد به ويقويه , أو يضعفه ويوهيه وما به يتم ويكمل .
اعلم أن التوحيد المطلق العلم والاعتراف بتفرد الرب بصفات الكمال والإقرار بتوحده بصفات العظمة والجلال , وإفراده وحده بالعبادة , وهو ثلاثة أقسام :
أحدها : توحيد الأسماء والصفات , وهو اعتقاد انفراد الرب جل جلاله بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال والجمال التي لا يشاركه فيها مشاركة بوجه من الوجوه , وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله , من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل , ونفي ما نفاه عن نفسه , أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من النقائص والعيوب , وعن كل ما ينافي كماله .
الثاني : توحيد الربوبية بأن يعتقد العبد أن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربى جميع الخلق بالنعم وربى خواص خلقه وهم الأنبياء وأتباعهم بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة , وهذه التربية النافعة للقلوب والأرواح المثمرة لسعادة الدارين .
الثالث : توحيد الإلهية ويقال له توحيد العبادة وهو العلم والاعتراف بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين وإفراده وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين لله وحده وهذا الأخير يستلزم القسمين الأولين ويتضمنهما , لأن الألوهية التي هي وصفه تعم جميع أوصاف الكمال وجميع أوصاف الربوبية والعظمة , فإنه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والأفضال , فتوحده تعالى بصفات الكمال وتفرده بالربوبية يلزم منه أنه لا يستحق العبادة أحد سواه . ومقصود دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم الدعوة إلى هذا التوحيد .
فذكر المصنف في هذه الترجمة من النصوص ما يدل على أن الله خلق الخلق لعبادته والإخلاص له , وأن ذلك حقه الواجب المفروض عليهم , فجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد , ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد , وخصوصا محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا القرآن الكريم فإنه أمر به , وفرضه وقرره أعظم تقرير , وبينه أعظم بيان , وأخبر أنه لا نجاة ولا فلاح ولا سعادة إلا بهذا التوحيد , وأن جميع الأدلة العقلية والنقلية والأفقية والنفسية أدلة وبراهين على الأمر بهذا التوحيد ووجوبه , فالتوحيد هو حق الله الواجب على العبيد , وهو أعظم أوامر الدين , وأصل الأصول كلها , وأساس الأعمال .

فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

لما ذكر في الترجمة السابقة وجوب التوحيد , وأنه الفرض الأعظم على جميع العبيد ذكر هنا فضله وهو آثاره الحميدة ونتائجه الجميلة وليس شيء من الأشياء له من الآثار الحسنة والفضائل المتنوعة مثل التوحيد فإن خير الدنيا والآخرة من ثمرات هذا التوحيد وفضائله .
فقول المؤلف رحمه الله : " وما يكفر من الذنوب " من باب عطف الخاص على العام فإن مغفرة الذنوب وتكفير الذنوب من بعض فضائله وآثاره كما ذكر شواهد ذلك في الترجمة .
ومن فضائله أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ودفع عقوباتهما .
ومن أجل فوائده أنه يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبة خردل وأنه إذا كمل في القلب يمنع دخول النار بالكلية ومنها أنه يحصل لصاحبه الهدى الكامل والأمن التام في الدنيا والآخرة ومنها أنه السبب الوحيد لنيل رضا الله وثوابه وأن أسعد الناس بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه . ومن أعظم فضائله أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها وفي ترتب الثواب عليها على التوحيد . فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت .
ومن فضائله أنه يسهل على العبد فعل الخير وترك المنكرات ويسليه عن المصيبات : فالمخلص لله في إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي لما يخشى من سخطه وعقابه .
ومنها أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان وجعله من الراشدين , ومنها أنه يخفف على العبد المكاره ويهون عليه الآلام , فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح , ونفس مطمئنة , وتسليم ورضى يأقدار الله المؤلمة .
ومن أعظم فضائله أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم , وخوفهم ورجائهم , والعمل لأجلهم , وهذا هو العز الحقيقي , والشرف العالي , ويكون مع ذلك متألها متعبدا لله لا يرجو سواه ولا يخشى إلا إياه , ولا ينيب إلا إليه , وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه .
ومن فضائله التي لا يلحقه فيها شيء أن التوحيد إذا تم وكمل في القلب وتحقق تحققا كاملا بالإخلاص التام فإنه يصير القليل من عمله كثيرا وتضاعف أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب ورجحت كلمة الإخلاص في ميزان العبد بحيث لا تقابلها السماوات والأرض , وعمارها من جميع خلق الله كما في حديث أبي سعيد المذكور في الترجمة وفي حديث البطاقة التي فيها لا إله إلا الله التي وزنت تسعة وتسعين سجلا من الذنوب , كل سجل يبلغ مد البصر , وذلك لكمال إخلاص قائلها , وكم ممن يقولها ولا تبلغ هذا المبلغ , لأنه لم يكن في قلبه من التوحيد والإخلاص الكامل مثل ولا قريب مما قام بقلب هذا العبد .
ومن فضائل التوحيد أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر في الدنيا والعز والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى , وإصلاح الأحوال , والتسديد في الأقوال والأفعال .
ومنها أن الله يدافع عن الموحدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة , ويمن عليهم بالحياة الطيبة والطمأنينة إليه والطمأنينة بذكره , وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة كثيرة معروفة والله أعلم .
منقول من كتاب القول السديد في مقاصد التوحيد
الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله

الناصر
03-24-2006, 03:13 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك ورفع قدرك في الدارين

قاسم علي
03-26-2006, 04:47 PM
وياك..........

12d8c7a34f47c2e9d3==