المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمة محمد صلى الله عليه وسلم / شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله


كيف حالك ؟

هادي بن علي
03-20-2006, 04:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وأما أمة محمد فإن الله هداهم لما اختلف فيه الأمم قبلهم من الحق بإذنه وهذا بين فإنهم على الحق والعدل الوسط بين طرفي الباطل وهذا ظاهر في اتباعهم الحق الذي اختلفت فيه اليهود والنصارى في التوحيد والأنبياء والأخبار والتشريع والنسخ والحلال والحرام والتصديق والتكذيب وغير ذلك{ أما التوحيد فإن اليهود شبهوا الخالق بالمخلوق فوصفوا الرب سبحانه بصفات النقص الذي يختص بها المخلوق فقالوا إن الله فقير وبخيل وإنه يتعب وغير ذلك} والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق صفات الكمال الذي يختص بها الخالق فقالوا عن المسيح إنه خالق السموات والأرض القديم الأزلي علام الغيوب القادر على كل شيء و
{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ^ الآية }والمسلمون هداهم الله لما اختلفوا فيه من الحق فلم يشبهوا الخالق بالمخلوق ولا المخلوق بالخالق بل أثبتوا لله ما يستحقه من صفات الكمال ونزهوه عن النقائص وأقروا بأنه أحد ليس كمثله شيء وليس له كفوا أحد في شيء من صفات الكمال فنزهوه عن النقائص خلافا لليهود وعن مماثلة المخلوق له خلافا للنصارى{ وأما الأنبياء عليهم السلام فإن اليهود قتلوا بعضا وكذبوا بعضا كما قال تعالى } ^ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ^ } والنصارى أشركوا بهم وبمن هو دونهم فعبدوا المسيح بل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وجعلوا الحواريين رسلا لله وزعموا أن الإنسان يصير بطاعته بمنزلة الأنبياء وصوروا تماثيل الأنبياء والصالحين وصاروا يدعونهم ويستشفعون بهم بعد موتهم وإذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تماثيلهم} وفي الصحيحين أن النبي ذكر له كنيسة
بأرض الحبشة وذكر من حسنها وتصاوير فيها فقال أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة}وأما المسلمون فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق بإذنه فآمنوا بأنبياء الله كلهم ولم يفرقوا بين أحد منهم ولم يغلوا فيهم غلو النصارى ولا قصروا في حقهم تقصير اليهود وكذلك قتل اليهود الذين يأمرون بالقسط من الناس والنصارى يطيعون من يأمر بالشرك وإن الشرك لظلم عظيم ويطيعون من يحرم الحلال ويحلل الحرام والمسلمون يطيعون من يأمر بطاعة الله ولا يطيعون من يأمر بمعصية الله والنصارى فيهم الشرك بالله واليهود فيهم الاستكبار عن عبادة الله كما قال تعالى في النصارى{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } وقال في اليهود{أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون }والإسلام هو أن يستسلم العبد لله وحده فيعبده وحده بما أمره به فمن استسلم له ولغيره كان مشركا والله لا يغفر أن يشرك به ومن
لم يستسلم له بل استكبر عن عبادته كان ممن قيل فيه {ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } فلهذا كان جميع الأنبياء وأممهم مسلمين لله يعبدونه وحده بما أمرهم به وإن تنوعت شرائعهم فالمسيح لم يزل مسلما لما كان متبعا لشرع التوراة ولما نسخ الله له نسخة منها # ومحمد لم يزل مسلما لما كان يصلي إلى بيت المقدس ثم لما صلى إلى الكعبة ولما بعثه الله إلى الخلق كانوا كلهم مأمورين بطاعته وكانت عبادة الله طاعته فمن لم يطعه لم يكن عابدا لله فلم يكن مسلما وأما التشريع فإن اليهود زعموا أن ما أمر الله به يمتنع منه أن ينسخه والنصارى زعموا أن ما أمر الله به يسوغ لأكابرهم أن ينسخوه فهدى الله المؤمنين لما اختلفوا فيه من الحق فقالوا إن الله سبحانه له أن ينسخ ما شرعه خلافا لليهود وليس للمخلوق أن يغير شيئا من شرع الخالق خلافا للنصارى وأما الحلال والحرام والطهارة والنجاسة فإن اليهود حرمت عليهم الطيبات وشددت عليهم من أمر النجاسات حتى منعوا من
مؤاكلة الحائض والجلوس معها في بيت ومن إزالة النجاسة وحرم عليهم شحم الثرب والكليتين وكل ذي ظفر وغير ذلك # والمسيح عليه السلام أحل لهم بعض الذي حرم عليهم فقابلهم النصارى فقالوا ليس شيء محرم لا الخنزير ولا غيره بل ولا شيء نجس لا البول ولا غيره وزعموا أن بعض أكابرهم رأى ملاءة صور له فيها صور الحيوان وقيل له كل ما طابت نفسك ودع ما تكره وأنه أبيح لهم جميع الحيوان ونسخوا شرع التوراة بمجرد ذلك فالحلال عندهم ما اشتهته أنفسهم والحرام عندهم ما كرهته أنفسهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق فأحل لهم الله الطيبات وحرم عليهم الخبائث وأزال عنهم الآصار والأغلال التي كانت على بني إسرائيل خلافا لليهود وأمرهم بالطهارة طهارة الحدث والخبث خلافا للنصارى والمسيح عليه السلام جعلته اليهود ولد زنا كذابا ساحرا وجعلته النصارى هو الله خالق السموات والأرض فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه
فشهدوا أنه عبدالله مخلوق خلافا للنصارى وأنه رسول وجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين خلافا لليهود وأما التصديق والتكذيب فإن اليهود من شأنهم التكذيب بالحق والنصارى من شأنهم التصديق بالباطل فإن اليهود كذبوا من كذبوه من الأنبياء وقد جاءوا بالحق كما قال تعالى { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} والنصارى يصدقون بمحالات العقول والشرائع كما صدقوا بالتثليث والاتحاد ونحوهما من الممتنعات
منقول من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح للشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

12d8c7a34f47c2e9d3==