المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التشكيك بالصحابة وأعمالهم


كيف حالك ؟

أبو فاطمة
02-13-2006, 10:03 AM
ع/84 التشكيك بالصحابة وأعمالهم 1/32

نظرت اللجنة في المقال الذي نشرته إحدى المجلات بعنوان ( وعادت الأمانة).[29]

إن هذه القصة لم ترد إلاًّ في كتب الأدب غير الموثقة من الناحية العلمية، وهذا الأسلوب من الطعن في الصحابة رضوان اللّه عليهم أسلوب يفرق بين المسلمين، ويشكك في هذا الدين جملة وتفصيلاً، وهذه القصة تناولت الطعن في سيرة ستة مـن الصحابة، وهـم: معاوية وأبـو هريرة وأبـو الدرداء وعبد اللّه بن سـلام والحسين بـن علي بن أبي طالب وأبو سفيان رضي اللّه عنهم أجمعين، ومما يدل على التحامل أنه وصف أبـا سفيان رضي اللّه عنه بأنه أعدى أعـداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونسي أن الإسلام يَجُبُّ ماقبله، وأن أكثر الصحابة كانوا قـبل إسلامهم على الكفر باللّـه وعبادة الأوثان ومعاداة دعـوة الإسلام ورسولها، وذلك أعظم الذنوب، فغفر اللّه لهم بإسلامهم وجهادهم بين يدي رسـول اللّه صلى اللـّه عليه وسلم وبعـد وفاته، وجعلهم بذلك خير أمـة أخرجت للناس، كمـا نسي الكاتب موقف أبـي سفيان في موقعة اليرموك حيث وقف أبو سفيان يحرض الناس على الجهاد، وكان ابنه يزيد من قواد المسلمين في فتح بلاد الشام، ثم إن التحامل على معاوية رضي الله عنه ظلم وأي ظلم، فإنه كان كاتب وحي لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما أنه حمل راية الجهاد في سبيل اللّه في البر والبحر، حتى إن رقعة دار الإسلام اتسعت في عهد خلافته بما لم تتسع في عهد غيره ممن جاء بعده، وقال الإمام أحمد رحمه اللّه في معاوية رضي الله عنه: تراب في أنف معاوية خير من عمر بن عبدالعزيز، وقال: ما تنقّص أحدُ أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا وله داخلة سوء، وقال عبدالله بن المبارك عن إبراهيم بن ميسرة: ما رأيت عمر بن عبدالعزيز ضرب إنساناً إلا إنساناً شتم معاوية، فإنه ضربه أسواطاً، وكذلك لا يتصور إقدام صحابي مهما كان على تخبيب (إفساد) امرأة على زوجها وهي في عصمته، مع أن الإسلام يحرم خطبة المعتدة ولا سيما إن كانت في طلاق، بل حرم التعريض لها إن كانت في عدة طلاق، وإذا كانت هناك بعض الخلافات بين الصحابة فالأدب يقتضي أن لا نثيره، وأن نكف عما جرى بينهم، ونعتقد أنهم كانوا مجتهدين في اختلافهم، كل منهم يريد الحق، فإن اللّه تعالى أوصانا أن نتقي الفتن، وتلك فتن قد خلت، كما قال سبحانه وتعالى: { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون (134) } (1). ومن المستبعد وقوع مثل هذه الحادثة تاريخياً، فإن عبدالله بن سلام توفي سنة 43 هجرية وتولى معاوية الخلافة سنة (41) هجرية فمن المستبعد منه وهو المحنك الذي يضرب به المثل في السياسة أنه يبدأ عهده بما يثير الناس عليه ويبغضهم إليه بما يخالف حكم الشرع.

كما أن من المستبعد انخداع الصحابي الجليل عبدالله بن سلام بمثل هذه الحيلة التي يتنبه لها أقل الناس فطنة وذكاء.

ومما يدل يقيناً على أن القصة مختلقة لا أساس لها من الصحة وأن كلاً من مختلقها والكاتب الذي تابعه عن جهل أو عن هوى، أنها ذكرت أن اللذين توليا تنفيذ المؤامرة وأقنعا عبد الله بن سلام بطلاق امرأته هما أبو هريرة وأبو الدرداء رضي اللّه عنهما، والمعروف تارخياً أن أبا الدرداء توفي عام 32 للهجرة قبل أن يتولى معاوية الخلافة بتسع سنوات فمتى حصلت القصة؟ وأيضاً فإن الكاتب يذكر أن عبد اللّه بن سلام ولاه معاوية على العراق والقصة حصلت بعد ذلك، فهل قام أبو الدرداء من قبره لينفذ هذه المؤامرة في خلافة معاوية.

وأيضاً فإن يزيد بن معاوية الذي ذكر الكاتب أنه هوي امرأة عبد الله بن سلام وأن معاوية خطبها له كان عمره يوم مات أبو الدرداء سبع سنين فقط لأن يزيد ولد سنة 25 للهجرة، فهل مثل يزيد في هذا السن يتصور أنه يجري منه ماأورده هذا الكاتب! .

فهذه القصة إذن من الكذب المختلق المفضوح، ويكفي أنها لم تذكر في شيء من الكتب المعتمدة ولا رويت بسند صحيح أو حتى ضعيف، فهي من قبيل أحاديث الخرافة والتفكه. لكن ليس لأحد التفكه بمـا يؤذي المؤمنين والمؤمنات قـال اللّـه تعالى: { والذين يـؤذون المؤمنين والمؤمنـات بغير مـا اكتسبوا فقـد احتملوا بهتانا وإثمـا مبينـا(58) }(1)، وقـال: { ومن يكسب خطيئة أو

إثما ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتانا وإثماً مبيناً(122)} (1)، فكيف إذا كان من تتعرض له بالأذى بعض صحابة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ممن آمن باللّه ورسوله وجاهد في سبيل اللّه حتى بلّغ دين اللّه تعالى إلى أقاصي الأرض، ودخل الناس بدعوته في دين اللّه أفواجاً، بل كيف يفعل ذلك بهم وهم غائبون، والاغتياب من أكبر الذنوب قال اللّه تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا اللّه } (2)، كيف وقد ماتوا وأفضوا إلى ربهم وهم لايستطيعون الدفاع عن أعراضهم ممن ينهشها، وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: " ذروا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ماقدموا " .

و(يزيد) الذي ادعى الكاتب أن التاريخ قال في حقه كلمة صريحة أنه كان يشرب الخمر، وكان له في القصر صبوات وسهرات، هو أول من قاد جيش المسملين حتى وقف على أسوار القسطنطينية عاصمة أعظم دولة في زمانها وركز أمامها راية الإسلام خفاقة، وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ( أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم) فالواجب على كل مسلم رعاية النبي صلى اللّه عليه وسلم في أصحابه، ورعاية حق أصحابه على من بعدهم من المسلمين، قال اللّه تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } (3).

هـذا وإن الكاتب أضاف من (عندياتـه) علـى القصـة المختلفة. ما لايناسب حال الصحابة رضي اللّه عنهم من الدين والتقوى، من ذلك مثلاً أنه قال: إن عبد اللّه بن سلام انحنى أمام الخليفة، وهذا لايليق، لأن الصحابة جاهدوا في اللّه ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة اللّه، وقال: إن امرأة عبد اللّه بن سلام كانت تعبده، ووصف مفاتن جسمها، وقال أيضاً: إن جارية حسناء كانت تأتي عبد اللّه بن سلام بالقهوة من عند معاوية، فأي قهوة تلك ! ولم تعرف القهوة إلا في عصرنا الحاضر.

فكان على الكاتب ان يختار موضوعاً إيجابياً يبني ولا يهدم، ويعود على المسلمين بالخير والوفاق بدلاً من موضوع يسعى إلى الفتنة والشقاق.

والأمل أن المجلات التي حملت على عاتقها التبصير إلى الحق لاتنساق في مثل هذا التيار الذي يريد أن يشكك في حملة الإسلام وخبر القرآن وقادته ورواته، فتتحرى في كل ما ينسب إليهم، وتتروى وتأخذ بما يوثق به من العلم، لا بأقوال المغرضين و تخرصان المتخرصين وإفك الأفاكين ومتبعي الأهواء، خاصة وأن المهمة التي وكلتها إليها وزارة الإعلام لا تقتضي غير التنوير والتبصير للجمهور في شؤون دينهم ودنياهم.

ويكفي المسلمين ماهم فيه من فتن ظاهرة وباطنة لايعلم مداها إلاًّ اللّه، ومن يتولى إثارة الفتن فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين. والله أعلم. وصلًّى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

ونرجو أن تنشر المجلة هذا الرد في أول عدد يصدر توضيحاً للحق وبياناً لمن قد يغتر بمثل ماأوردته مما لاينبغي الاغترار به.

* * *

4/83/79 شفاعة الأولياء والصالحين

[30] عرض على اللجنة السؤال المقدم من المدعو/ يعقوب، من غانا وهو:

هل شفاعة الأولياء لأهلهم؟

* أجابت اللجنة:

أن الصالحين لهم شفاعة يوم القيامة ولكن لايشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه، ولايشفعون إلاًّ بإذن اللّه لهم بالشفاعة. واللّه أعلم.

* * *

12d8c7a34f47c2e9d3==