المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النعي أنواعه وأحكامه للأخ الفاضل المرقال حفظه الله


كيف حالك ؟

محب السنة
12-01-2003, 03:53 PM
النعي أنواعه وأحكامه


الحمد لله وكفى ،وسلام على عباده الذين اصطفى،وبعد:
فقد رأيت في بعض المنتديات أن بعض الناس ينكر الإخبار ـ سواء عبر الشبكة العنكبوتية أو وسائل الإعلام ـ بموت فلان بقصد تعزية ذويه وتسليتهم في مصابهم ومواستهم ؛ويعد هذا من النعي المنهي عنه ،فأردت في هذه العجالة المشاركة في بيان الصواب في هذه المسألة ،قارنا القول بدليله سائلا الباري التوفيق والسداد .


*تعريف النعي

تعريفه في اللغة :
"النعي ‎ بفتح النون وكسر العين وتشديد الياء ،‎ ويقال بإسكان العين وتخفيف الياء لغتان والتشديد أشهر "(1)
قال ابن فارس :"النون والعين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على اشاعة الشيء ، منه : خبر الموت" (2).

تعريفه في الاصطلاح :

معنى النعي في الاصطلاح أوسع منه في اللغة ويتضح ذلك مما قاله اهل العلم في تعريفه.
قال ابن الاثير : "نعي الميت ينعها نعياً ، ونِعِياً ، واذا أذاع موته ، وأخبر به ، وإذا نديه"(2).
وقال قليوبي : "وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره"(3).
وقال الحجاوي : "وهو النداء بموته"(4).
وقد ساق المنبحي عدة آثار في النعي ثم قال بعد ذلك : "منها مايدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات ، ومنها مايدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت ، فالظاهر أن كلاهما نعي"(5).
فظهر مما تقدم أن النعي عند أهل العلم منهم من يقصره على النداء بالموت ، ومنهم من يدخل فيه الاخبار بالموت المقرون بمدح الميت وتعديد صفاته ، والذي يظهر لي أنه شامل للأمرين كما أفاده كلام ابن الاثير والمنبجي ، والله أعلم.

*أنواع النعي:


تقدم أن النعي في كلام أهل العلم يطلق على أمرين.
الأول : الاخبار بموت الميت.
والثاني : تعداد محاسن الميت.

1) الاخبار بموت الميت :

الاخبار بموت الميت إما أن يكون بنداء ونحوه ،وإما أن يكون إعلاماً مجرداً عن ذلك ، ولكل منهما حكم.
أـ الاعلام بالموت مجرداً
ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية(6) والمالكية(7) والشافعية(8) والحنابلة(9) وغيرهم(10) إلى جواز الاعلام بالموت من غير نداء لأجل الصلاة ، بل ذهب جماعة إلى استحباب ذلك(11) واستدلوا بما في الصحيحين(12) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي الذيمات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً .

واستدلوا أيضاً بما أخرجاه(13) من حديث أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاب ، ففقدها رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلا كنتم أذنتموني؟" .

وهذان الحديثان ظاهران في اباحة الاعلام بالموت لأجل الصلاة ، بل هما دالان على الاستحباب ، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته .

ومما يدل على جواز إعلام من لم يعلم بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه ما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نعى زيداً وجعفراً وابن رواحه للناس قبل أن يأتي خبرهم، فقال : أخذ الراية زيد فأصيب ، أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابم رواحة فأصيب ، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم".

ففي هذا الحديث نعى النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم ولم يكن ذلم لأجل الصلاة عليهم إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة.

وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له وتحليله وما أشبه ذلك(14) ، وليس ذلك النعي المنهي عنه.

بل إن بعض ذلك مما دلت النصوص على فضله فقد أجمع أهل العلم على أن شهود الجنائز خير وبر وفضل وأجمعوا على أن الدعاء إلى الخير من الخير قال ابن عبدالبر : "وكان أبو هريرة يمر بالمجالس فيقول : "إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته"(15).

وذهب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وجماعة من الصحابة ممن بعدهم(16) ، إلى عدم الاخبار بموت الميت أن يكون نعياً ، فعن حذيفة رضي الله عنه قال : إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً ، إني أخاف أن يكون نعياً ، "فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي " قال عنه الترمذي : حسن(17) .

وقال البيهقي بعد ذكر حديث حذيفة : "ويروى في ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد ثم عن علقمة وابن المسيب والربيع بن خثيم وابراهيم النخعي"(18).

وحمل النووي ما ورد عن هؤلاء على الكراهة(19).

وعند التأمل والنزر يتبين أن هذا النهي الوارد عن النعي لا يعارض ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم فإن المنهي عنه إنما هو عن نعي الجاهلية فـ( الألف والام )في قول حذيفة: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النعي" للعهد الذهني ، وهو ما كان معروفاً في الجاهلية ، "وكان من عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول : نعايا فلان ، أو يانعايا العرب ، أي : هلكت العرب بمهلك فلان ، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء"(20) ، فيكون النهي محمولاً "على النعي لغير غرض ديني مثلاً اظهار التفجع على الميت واعظاام حال موته ، ويحمل النعي الجائز على ما فيه غرض صحيح مثل طلب كثرة الجماعة تحصيلاً لدعائهم.."(21) وما أشبه ذلك.

ولا يرد على هذا التوجيه "قول حذيفة لأنه لم يقل إن الاعلام بمجرده نعي ، وإنما قال : أخاف أن يكون نفياً ، وكأنه خشي أن يتولد من الإعلام زيادة مؤدية إلى نعي الجاهلية"(22).

وعلى هذا فلا حرج في الاخبار بموت الميت لكل غرض صحيح كما تقدم ، والله أعلم.

ب ـ الإعلام بالموت بنداء ورفع صوت :

ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية(23) والمالكية(24) والشافعية(25)والحنابلة(26) إلى كراهية النداء في الاعلام بموت الميت لما تقدم من حديث حذيفة رضي الله عنه ، ولما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والنعي ، فإن النعي من عمل الجاهلية"( 27) قال عبدالله في بيان معنى النعي : أذان بالميت(28).

فالنداء ورفع الصوت في الإخبار بموت الميت من فعل أهل الجاهلية(29).

وذهب جماعة من الحنفية إلى أنه لا يكره النداء على الميت في الأزقة والأسواق إذا كان نداء مجرداً عن ذكر المفاخر(30).

قالوا : لأن فيه تكثير الجماعة من المصلين ، وليس مثله نعي الجاهلية ، بل المقصود بذلك الإعلام بالمصيبة مع ضجيج ضجيج ونياحة(31).

والصواب من هذين القولين قول الجمهور ، لأنه الذي ورد النهي عنه ، فإنهم كانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور الأسواق(32).

والله أعلم وهو الموفق ومنه العون.


...............................................

الهوامش:

(1)"المجموع شرح المهذب"(5/170)
(2) معجم مقاييس اللغة (ص:1036) ، وانظر:لسان العرب (15/334).
(2) "النهاية في غريب الحديث" (5/85).
(3) "حاشية قيلوبي"(1/345).
(4) " الإقناع"(1/331).
(5) "تسلية أهل المصائب" (ص:82).
(6) "فتح القدير" (2/127)
(7) "حاشية الدسوقي" (1/424)
(8) "نهاية المحتاج" (3/20)
(9) "الاقناع" (1/331)
(10) "تحفة الأحوذي" (4/61)،"السيل الجرار" (1/339)
(11) البناية شرح الهداية (3/267)،الخرشي على مختصر خليل (2/139)،الأذكار للنووي (ص:226)،"فتح الباري"(3/116).
(12) البخاري (1327)،مسلم (951)
(13) البخاري (458)،مسلم (956)
(14) نهاية المحتاج (3/20)
(15)الاستذكار (3/26)
(16) الاستذكار (3/26)
(17) أخرجه أحمد (23848)،والترمذي (986)،ابن ماجه (1476)وإسناده ضعيف لانقطاعه بلال بن يحي العبسي الراوي عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ لم يسمع منه كما في "التهذيب"(1/505).
(18) السنن الكبرى للبيهقي (4/74)
(19) المجموع شرح المهذب (5/216)
(20) الأذكار للنووي (ص:226)
(21) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/158)
(22) المجموع شرح المهذب (5/216)
(23) العناية شرح الهداية (3/267)
(24) الخرشي على مختصر خليل (2/139)
(25) المهذب (1/132)
(26) الشرح الكبير (6/287)
(27) تقدم تخريجه
(28) جامع الترمذي (986)
(29) الأذكار للنووي (ص:226)
(30) فتح القدير (2/128)
(31) المصدر السابق
(32) فتح الباري (3/117).

أبو علي السلفي
09-12-2004, 02:15 PM
جزاكم الله خير وبارك الله فيكم

الفاروق
09-14-2004, 12:05 AM
سئل فضيلة الشيخ -محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى-

ماحكم التعزيه بالصحف واحياناً يكتبون آيات كقوله تعالى(ياأيتها النفس المطمئنه)؟

فأجاب فضيلته بقوله :هذا من النعي الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لأن المقصود به إشهار موته وأعلانه , وهذا من النعي الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .


وكذلك سئل الشيخ 0-رحمه الله تعالى-

ماحكم التعزيه بالجرائد؟ وهل هو من النعي المنهي عنه؟

فأجاب فضيلته بقوله: الظاهر لي ان اعلان الموت في الجرائد بعد موت الانسان والتعزيه من النعي المنهي عنه , بخلاف النعي قبل ان يصلى على الميت من أجل الصلاة عليه فلا بأس به,كما نعى النبي صلى عليه وسلم النجاشي حين موته,وأمر الصحابه ان يخرجوا للمصلى فصلى بهم. وأما بعد موته فلا حاجة الى الاخبار بموته لانه مات وانتهى, فالإعلان عنه بالجرائد من النعي النهي عنه.

(فتاوى في احكام الجنائز-الشيخ/محمد بن عثيمين- رحمه الله-ص343

12d8c7a34f47c2e9d3==