المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مرثية في شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية من نظم الشيخ شهاب الدين أحمد بن فضل الله


كيف حالك ؟

الناصر
01-25-2006, 05:07 PM
مرثية في شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية من نظم الشيخ شهاب الدين أحمد بن فضل الله رحمهما الله تعالى ورضي عنهما أهكذا في الدياجي يحجب القمر *** ويحبس النور حتى يذهب المطر
أهكذا تمنع الشمس المنيرة عن *** منافع الأرض أحيانا فتستتر
أهكذا الدهر ليلا كله ابدا *** فليس يعرف في أوقاته سحر
أهكذا السيف لا تمضي مضاربه *** والسيف في الفتك ما في عزمه خور
أهكذا القوس ترمى بالعراء وما *** تصمي الرمايا وما في باعها قصر
أهكذا يترك البحر الخضم ولا*** يلوى عليه وفي أصدافه الدرر
أهكذا بتقي الدين قد عبثت *** أيدي العدى وتعدى نحوه الضرر
إلى ابن تيمية ترمى سهام أذى *** من الأنام ويدمى الناب والظفر
بد السوابق ممتد العبادة لا *** يناله ملل فيها ولا ضجر
ولم يكن مثله بعد الصحابة في *** علم عظيم وزهد ما له خطر
طريقه كان يمشي قبل مشيته *** بها أبو بكر الصديق أو عمر
فرد المذاهب في أقوال أربعة *** جاءوا على أثر السباق وابتدروا
لما بنوا قبله عليا مذاهبهم *** بنى وعمر منها مثل ما عمروا
مثل الأئمة قد أحيا زمانهم *** كأنه كان فيهم وهو منتظر
إن يرفعوهم جميعا رفع مبتدأ *** فحقه الرفع أيضا إنه خبر
أمثله بينكم يلقى بمضيعة *** حتى يطيح له عمدا دم هدر
يكون وهو أماني لغيركم *** تنوبه منكمو الأحداث والغير
والله لو أنه في غير أرضكم *** لكان منكم على ابوابه زمر
مثل ابن تيمية ينسى بمجلسه *** حتى يموت ولم يكحل به بصر
مثل ابن تيمية ترضى حواسده *** بحبسه أو لكم في حبسه عذر
مثل ابن تيمية في السجن معتقل *** والسجن كالغمد وهو الصارم الذكر
مثل ابن تيمية يرمى بكل أذى *** وليس يجلى قذى منه ولا نظر
مثل ابن تيمية تذوى خمائله *** وليس يلقط من أفنانه الزهر
مثل ابن تيمية شمس تغيب سدى *** وما تروق بها الآصال والبكر
مثل ابن تيمية يمضي وما عبقت *** بمسكه العطر الأردان والطرر
مثل ابن تيمية يمضي وما نهلت *** له سيوف ولا خطية سمر
ولا تجاري له خيل مسومة *** وجوه فرسانها الأوضاح والغرر
ولا تحف به الأبطال دائرة *** كأنهم أنجم في وسطها قمر
ولا تعبس حرب في مواقفه *** يوما ويضحك في أرجائها الظفر
حتى يقوم هذا الدين من ميل *** ويستقيم على منهاجه البشر
بل هكذا السلف الأبرار ما برحوا *** يبلى اصطبارهم جهدا وهم صبروا
تأس بالأنبياء الطهر كم بلغت *** فيهم مضرة أقوام وكم هجروا
في يوسف في دخول السجن منقبة *** لمن يكابد ما يلقى ويصطبر
ما أهملوا أبدا بل أمهلوا لمدى *** والله يعقب تأييدا وينتصر
أيذهب المنهل الصافي وما نقعت *** به الظماة وتبقى الحمأة الكدر
مضى حميدا ولم يعلق به وضر *** وكلهم وضر في الناس أو وذر
طود من الحلم لا يرقى له فنن *** كأنما الطود من أحجاره حجر
بحر من العلم قد فاضت بقيته *** فغاضت الأبحر العظمى وما شعروا
يا ليت شعري هل في الحاسدين له *** نظيره في جميع القوم إن ذكروا
هل فيهم لحديث المصطفى أحد *** يميز النقد أو يروي له خبر
هل فيهم من يضم البحث في نظر *** أو مثله من يضم البحث والنظر
هلا جمعتم له من قومكم ملأ *** كفعل فرعون مع موسى ليعتذروا
قولوا لهم فال هذا فابحثوا معه *** قدامنا وانظروا الجهال إن قدروا
يلقى الأباطيل أسحار لها دهش *** فليقف الحق ما قالوا وما سحروا
فليتهم مثل ذاك الرهط من ملأ *** حتى يكون لكم في شأنهم عبر
وليتهم أذعنوا للحق مثلهم *** فآمنوا كلهم من بعد ما كفروا
يا طالما نفروا عنه مجانبة *** وليتهم نفعوا في الضيم أو نفروا
هل فيهمو صادع للحق مقوله *** أو خائض للوغي والحرب تستعر
رمى الى نحر غازان مواجهة *** سهامه من دعاء عونه القدر
بتل راهط والأعداء قد غلبوا *** على الشآم وطار الشر والشرر
وشق في المرج والأسياف مصلته *** طوائف كلها أو بعضها التتر
هذا وأعداؤه في الدور أشجعهم *** مثل النساء بظل الباب مستتر
وبعدها كسروان والجبال وقد *** أقام أطوادها والطود منفطر
واستحصد القوم بالأسياف جهدهم *** فطالما بطلوا طغوا وما بطروا
قالوا قبرناه قلنا إن ذا عجب *** حقا وللكوكب الدري قد قبروا
وليس يذهب معنى منه متقد *** وإنما تذهب الأجسام والصور
لم يبكه ندما من لا يصب دما *** يجري به وبما يهمي وتنهمر
لهفي عليك أبا العباس كم كرم *** لما قضيت قضى من عمره العمر
سقى ثراك من الوسمى صيبه *** وزار معناك قطر كله قطر
ولا يزال له برق يغازله ***حلو المراشف في أجفانه حور
لفقد مثلك يا من ماله مثل *** تأسى المحاريب والآيات والسور
يا وارثا من علوم الأنبياء نهى *** أورثت قلبي نارا وقدها الفكر
يا واحدا لست أستثني به أحدا *** من الأنام ولا أبقى ولا أذر
يا عالما بنقول الفقه أجمعها *** أعنك تحفظ زلات كما ذكروا
يا قامع البدع اللاتي تحببها *** أهل الزمان وأهل البدو والحضر
ومرشد الفرقة الضلال نهجهم *** إلى الطريق فما حاروا ولا سهروا
ألم تكن للنصارى واليهود معا *** مجادلا وهم في البحث قد حضروا
وكم فتى جاهل غر أبنت له *** رشد المقال فزال الجهل والضرر
ما أنكروا منك إلا أنهم جهلوا *** عظيم قدرك لكن ساعد القدر
قالوا بأنك قد أخطأت مسألة *** وقد يكون فهلا منك تغتفر
غلطت في الدهر أو أخطأت واحدة *** أما أجدت إصابات فتعتذر
ومن يكون على التحقيق مجتهدا *** له الثواب على الحالين لا الوزر
ألم تكن أحاديث النبي إذا *** سئلت تعرف ما تأتي وما تذر
حاشاك ما شبه فيها وما شبه *** كلاهما منك لا يبقى له أثر
عليك في البحث أن تبدي غوامضه *** وما عليك إذا لم تفهم البقر
قدمت لله ما قدمت من عمل *** وما عليك بهم ذموك أو شكروا
هل كان مثلك من يخفى عليه هدى*** ومن سمائك تبدو الأنجم الزهر
وكيف تحذر من شئ تزل به *** أنت التقي فماذا الخوف والحذر
تمت والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
مأخوذة من العقود الدرية

12d8c7a34f47c2e9d3==