المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مرثية في شيخ الإسلام للخياط


كيف حالك ؟

الناصر
12-20-2005, 05:30 PM
للشيخ محيى الدين أحمد بن الحسن الخياط الجوخي الدمشقي يرثي شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه أيضا
بمصرعك الناعي أصم وأسمعا *** وصم الصفا من صدمة الحزن صدعا
فكم مقلة جفت جمودا من الأسى *** وكم مهجة سالت مع الدمع أدمعا
وكم ثاكل بالنوح والندب رجعت *** وكم فاضل بالنظم والنثر سجعا
ولم يبق ذو علم وزهد من الورى ***لفقدك إلا كاسف البال موجعا
تنكرت الدنيا على كل عارف *** رأى منك مأهول المنازل بلقعا
جعلت لمن أخلى مضيفا ومربعا *** فؤادي وأجفاني مضيفا ومربعا
فيا أحمد المحمود قد كنت للهدى *** منارا وللشرع الحنيفي مشرعا
وللدين والدنيا ضياء وبهجة *** إذا لاح وجه الخطب أسود أسفعا
رمينا برزء منك لم تستطع له *** يداي شديد الأيد والكيد مدفعا
رحلت عن الأوطان رحلة نازح *** إليهن لم تزمع مدى الدهر مرجعا
لقد كنت عن شر بطيئا ووانيا *** وفي طلب الخيرات عجلان مسرعا
وللحكم طودا راسخا باذخ الذرى *** وللجود والإحسان والعلم منبعا
وركنا لدين الله حين تهدمت *** قواعده منه وهى وتضعضعا
وروض علاء ناضرا عاد ممعرا *** وصوح منه كل ما كان ممرعا
ومجمع شمل شتت الشمل فقده *** وأنواع أشتات النوائب جمعا
وحبرا حوى حيزومه وبنانه *** بحار الندى والجود والعلم أجمعا
سرى ذكره في الأرض شرقا ومغربا ***سرى نشر عرف المندل الرطب ضوعا
وحازت مساعيه الكواكب عدة *** مع القطر إذ فاتت رمالا ويرمعا
فيا موته ما كان في القلب أوجعا *** ويا يومه ما كان في العين أفظعا
ويالك من خطب جليل وحادث *** عدمنا به الشهم الجواد السميدعا
ومن يوم بؤس عابس الوجه كالح *** سبانا هماما يؤمن الروع أروعا
مطيعا لرب العرش لم يعص أمره *** ومنه له في العصر لم نر أطوعا ***
منيبا إليه قائما بحدوده *** إلى حين ولى مذ نشا وترعرعا
هزبرا ومقداما على العرف كله ***مليكا لمنع المنكرات ممنعا
شجاع جلال في جدال بحوثه *** يعيد جبانا كل من كان أشجعا
يصول بسيف العلم في معرك النهى *** وأرماح شرع الجهل أقبلن شرعا
وفي عصره كم من إزالة بدعة *** ومنكر فعل قد أجاد وأبدعا
وما كان إلا الشمس في ليل باطل ***يرينا بنور منه للحق مطلعا
فكم من ظلام الظلم زحزح غيهبا *** بساطع نور العدل من حين شعشعا
وكم من كرامات له ومناقب *** يضيق بها وسع الزمان توسعا
وكم من طريق في المباحث مبهم *** بإيضاحه أضحى لسارية مهيعا
وكم سامها النقصان والخفض حاسد *** وخص كمالا زائدا وترفعا
تولي عن الدنيا حميدا ولم يكن *** لزخرفها المذموم يبدي تطلعا
وعاش إلى ان مات لم يعط نفسه *** بتأميل ما في دار دنياه مطمعا
إمام عليم خاشع متواضع *** لهيبته تغضى النواظر خشعا
سحاب علوم روض الأرض فضله *** وألبسها برد البيان الموسعا
ونضر منها بالفضائل أوجها ***وتوجها تاج المعالي المرصعا
وخلفها من بعد صيب صوبه *** عليها رياضا للعقول وأقلعا
كذا المزن أنى جاد بالوابل الثرى *** وروى صداها حق أن يتقشعا
فلله مفقود فقدناه نافع *** لنا منه غير الله لم نر أنفعا
شغفنا به في الله حبا فلم يدع *** هواه لغير الله في القلب موضعا
عليك أبا العباس أحمد لم يزل *** فؤادي بتذكار الفؤاد مروعا
إلى أن يريني الله وجهك سافرا *** بنضرته يوم المعاد مبرقعا

من كتاب :
(العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية)

12d8c7a34f47c2e9d3==