المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة التوحيد وسهام المغرضين ... للعلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله


كيف حالك ؟

الحارث بن عبد الله
12-20-2005, 01:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة محاضرات علماء الدعوة السلفية (5)

دعوة التوحيد وسهام المغرضين

للعلامة المحقق الدكتور صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -

نص المحاضرة :

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
العنوان كما سمعتم « دعوة التوحيد وسهام المغرضين »
والتوحيد: هو إفراد الله جل وعلا بالعبادة ، بأن يُجعل المعبود واحداً هذا هو التوحيد .
وحد توحيداً أي جعل المعبود واحداً وهذا هو الذي خلق الله الخلق من أجله .قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الجِّنَ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} فالحكمة من خلقه سبحانه للخلق ، للجن والإنس ليأمرهم بعبادته {إلا ليعبدون} أي: إلا لآمرهم بعبادتي ومصلحة ذلك راجعة إليهم ، فإنهم إذا عبدوا الله وحده فإن ذلك ينجيهم من عذاب الله ويدخلهم الجنة ويُدِّرُ عليهم الخير في الدنيا والآخرة ، فمصلحة العبادة ليست راجعة إلى الله لأن الله غني عنهم وعن عبادتهم ، لو كفروا جميعاً ما نقصوا من ملكه شيئاً ولو أطاعوا جميعاً ما زادوا في ملكه شيئاً {وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيد}( ) وقال الله جل وعلا في الحديث القدسي: « يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وجنكم وأنسكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ولو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً »( ) فإن الله جل وعلا غني عنا وعن عبادتنا وإنما نحن المحتاجون إلى عبادة الله لتقربنا إليه ولأجل أن تصلنا بربنا عز وجل وتعرفنا به فنحصل على سعادة الدنيا والآخرة فالله جل وعلا أمرنا بعبادته لمصلحتنا ولدفع المضرة عنا هذه هي الحكمة من أمره بعبادته سبحانه وتعالى وضد التوحيد الشرك بالله عز وجل والشرك هو عبادة غير الله مع الله أن يجعل شيء من أنواع العبادة لغير الله جل وعلا كالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة والخوف والخشية والرغبة والرجاء وغير ذلك فإذا جعل شيء من أنواع العبادة لغير الله فهذا هو الشرك لأنك جعلت لله شريكاً في عبادته.
وأول ما حدث الشرك في الأرض في قوم نوح حينما غلو في الصالحين، كانوا في الأول على التوحيد من عهد آدم عليه السلام إلى قوم نوح كانوا على التوحيد وكان فيهم رجال صالحون علماء عباد علماء صالحون يحبونهم حباً شديداً فماتوا في عام واحد مات هؤلاء الصالحون في عام واحد فحزن عليهم قومهم فجاء الشيطان إليهم وقال لهم صوروا صورهم وانصبوها على مجالسهم من أجل أن تتذكروا العبادة إذا رأيتم صورهم تذكرتم العبادة ، جاءهم من طريق النصيحة والتشجيع على الخير ولم ينظروا إلى العواقب ولم يفطنوا لكيد عدوهم فأطاعوه لأن هذا أمر ظاهره أنه خير ، يصورون صورهم وينصبونها على المجالس ويناظرونهم ويتذكرون أحوالهم وينشطون على العبادة فعلوا ذلك ولم يحدث شرك في أول نصب هذه الصور لأن فيهم العلماء ولم يتجاسر الشيطان على أن يقول لهم إن هذه الصور تنفع وتضر لأن العلماء ينكرون هذا ، فلما مضت مدة مات العلماء في قوم نوح ماتوا لم يبقى منهم علماء نسخ العلم ولم يبقى إلا جهلة فجاء الشيطان إليهم وقال: إن آبائكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليعبدوها وبها كانوا يسقون المطر فدخل ذلك في عقولهم لجهلهم ولم يكن هناك من العلماء من يرد هذه الشبهة وهذا الكيد فهذا أول سهام المغرضين على التوحيد فعبدوهم من دون الله عبدوا هذه الصور فبعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام فيهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة هذه الأصنام ليردهم إلى الأصل الذي خلقوا من أجله وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده أنه لا يتركهم بأيدي عدوهم بل يرسل إليهم من ينبههم وينقض الشبهات التي تروج بينهم هذا من رحمة الله جل وعلا بعباده أنه يرسل الرسل وينزل الكتب لبيان الطريق الصحيح الموصل إلى الله جل وعلا والذي يبين الشرك وطرقه ووسائله فلم يترك عباده هملاً ولم يتركهم للشيطان، فأرسل الله نوحاً عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى الله عز وجل ، ويريد ردهم إلى الأصل الذي هو التوحيد الذي خلقوا من أجله ولبث فيهم كما قال الله جل وعلا ألف سنة إلا خمسين عاماً ، ألف سنة إلا خمسين عاماً شوف الشر إذا دخل في القلوب صعب إخراجه الشبه إذا تغلغلت صعب مقاومتها ألف سنة إلا خمسين عاماً ونبي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام يعاني من هذه المشكلة ويعالجها ويدعو إلى الله عز وجل، كما ذكر الله ذلك في كتابه ومن ذلك سورة نوح سورة كاملة في قصة نوح مع قومه { بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {2} أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَ أَطِيعُونِ {3} يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُون}( )
هكذا يدعوهم إلى الله بالحجج والبراهين وبالملاطفة واللين والموعظة لعلهم يستجيبون ثم إنهم زادوا شراً {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا {5} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا {6} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}ما يحبون يسمعون صوت رسول الله { جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} تلفلفوا بثيابهم لئلا يروا نبي الله عليه الصلاة والسلام كأنه عدو لهم {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا }( ) استكبروا عن دعوة الحق ولم يقبلوها { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا {8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {9} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا {10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {12}}شوف الدعوة إلى الله عز وجل {مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ ِللهِ وَقَارًا} ( ) يعني ما لكم لا تعظمون الله عز وجل وتوحدونه لأن الشرك تنقص لله عز وجل حيث سويتم به من لا يساويه عبدتم معه من خلقه من هم مثلكم بل أنتم أحياء وهم أموات أنتم تمشون وتكتسبون وهم أموات ، أموات في القبور ، {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا {13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا {14} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا {15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {16} وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا {17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا {18} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} ( ) يذكرهم بآيات الله الكونية ونعمه الظاهرة والباطنة أما هؤلاء الأموات ماذا قدموا لكم خلقوا السماوات خلقوا الأرض أدروا عليكم الأرزاق أنزلوا عليكم المطر لأي شيء تتعلقون بهم{وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا {17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا {18} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا{19} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا {20} }( ) ما أجدى فيهم هذا كله{ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا {21}} تركوا رسول الله وتبعوا دعاة الشرك المغرضين ،وسهام المغرضين { وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا {21} وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا {22} وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا {23}} هؤلاء هم الرجال الصالحون الذين ماتوا وصورا صورهم هذه أسماؤهم{ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا {23}}تواصوا بأن يبقوا على عبادة الأصنام وأن يرفضوا دعوة التوحيد وأن يطيعوا دعاة الضلال وأن يرفضوا دعاة التوحيد ودعاة التوحيد تواصوا بهذا وهذه كلمة يقولها الكفار والمشركون في وجه الأنبياء على مدار التاريخ ،يقولون كما قال قوم { أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ {36} }{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ {5} } [ص:5] ،يعني الشرك ما هو عجاب ،التوحيد هو الذي عجاب { مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} يعني في ملة آبائنا{إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} كذب ،يكذب عليكم ، والذي يدعوا إلى الشرك هذا صادق ،والرسول كاذب ، هكذا العقول إذا مرجت تتصور الحق باطلا والباطل حقا والعياذ بالله ،يجعلون الرسول خائن وكاذب الذي هو أنصح الخلق وأعلم الخلق يجعلونه كاذبا ويجعلون دعاة الضلال ودعاة الشرك صادقين وناصحين هكذا إذا أعمى الله البصيرة فإن هذا ما يصدر عنها وتواصوا بهذا في مختلف تاريخ الأمم { قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{70} } دعاهم أن يعبدوا الله وحده قالوا أنت تريد أن نعبد الله وحده ونترك عبادة الأصنام هذا مستحيل ولا يمكن وهكذا الشر وهكذا الأفكار الخبيثة إذا عششت في الرؤوس وتأصلت في القلوب فإنه يصعب إقتلاعها خصوصا ممن تمرس في الشر وتمكن منه الشر صعب علاجه أما من كان فيه بقية من حياة أو فطرة واتى الأمور عن جهل فإنه يُرجى إذا بين له الحق أن يتقبله لكن من تمادى في الضلال فإنه لا يتراجع أبدا ،ولكن هذا لا يعني أننا نترك الدعوة أن ندعوه إلى الله وإن تمادى لأجل إقامة الحجة عليه ولأجل إبطال شبهته ولأجل أن لا يغتر به غيره فنحن لا نترك بيان الحق وإن كان كثير من الناس لا يقبلونه بل نبين الحق من قبله فالحمد لله وهذا هو المطلوب ومن لم يقبله فإننا نقيم الحجة عليه ونبرئ ذمتنا .قالوا :{ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {164}}( )فطريقة المشركين واحدة ، أنهم لا يريدون أن يتزحزحوا عن شركهم وآلهتهم {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ {78}} هكذا قالوا لموسى وهارون عليهما السلام، يقولون أنت جئتنا لنترك آلهتنا ، ولو غرضك النصيحة لنا غرضك أنك تبغي الكبرياء في الأرض تريد الرئاسة علينا ، إن هو إلا رجل يريد أن يتفضل عليكم ،هكذا يتهمون الرسل عليهم الصلاة والسلام ،فلا تستغربوا إذا اتهم الدعاة بشيء من هذا فقد اتهم الرسل عليهم الصلاة والسلام { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }بل إن فرعون قال :{ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ {26} }( )شوف جاءهم بطريق النصيحة ،موسى يبدل دينهم ويظهر في الأرض الفساد دينهم الشرك يسمونه دين مع أن الدين الصحيح هو التوحيد لكن سموا الشرك دينا هو دين باطل ،ودين الحق هو التوحيد الذي خلق الله الخلق من أجله وقال قوم فرعون { أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك}{ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ }فوصفوهم بأنهم يفسدون في الأرض وصفوا العلماء ووصفوا الصالحين بأنهم يفسدون في الأرض{ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك} هكذا جلساء السوء وهكذا وساطة الشر تشير على الملك أو على الرئيس أو على ولي الأمر تشير عليه بأن يعرض عن دعوة الحق،وأن يبعد دعاة الحق لأنهم مفسدون في الأرض يسمونهم مفسدين في الأرض لأن فطرهم فاسدة أو انهم يريدون بذلك صرف الناس عن دعوة المصلحين ،فيصفون المصلحين بالمفسدين في الأرض فهذا في كل زمان ومكان ، وهذه من سهام المغرضين ضد دعوة التوحيد في كل زمان ومكان .
المشركون الذين يعبدون الأصنام ما كانوا يعتقدون أنها تخلق أو ترزق أو تحيي أو تميت لأن هم يعلمون أنها لا تقدر على ذلك وأن هذا لا يقدر عليه إلا الله{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}( ){وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه}( ) {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ}( ) فهم يعترفون بتوحيد الربوبية وأنه لا يقدر على هذه الأمور إلا الله وأن أصنامهم لا تقدر على شيء من ذلك إذاَ لماذا عبدتموها؟ لماذا عبدتموها؟ قالوا: شفعاؤنا عند الله ما عبدناهم أنهم يخلقون ويرزقون أو يدبرون لكن شفعاؤنا عند الله وسطاء يقولون وسطاء يتوسطون لنا عند الله ، الله أغلق بابه عن الدعاء وأغلق بابه عن عباده حتى يحتاج إلى وسطاء ؟ الله قد فتح بابه للسائلين ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه يجيب المضطر ويعطي السائل ، ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: « هل من سائل فأعطيه هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له »( ) ، هذا يحتاج إلى أنك تأخذ بينكم وبينه واسطة ! أو أنك تمد يديك إليه سبحانه وتعالى بقلب حاضر وتطلب منه ما تشاء تطلب منه الدنيا والآخرة لأنه غني كريم سبحانه وتعالى ما هو بحاجة إلى أن تجعل بينك وبينه واسطة هذا ملوك الدنيا فهم قاسوا الله على ملوك الدنيا،ملوك الدنيا ما توصلوا إليهم إلا بواسطة وبشفعاء أما الله جل وعلا فإنه سميع مجيب قريب لمن دعاه ليلاً ونهاراً بابه مفتوح يسمع ويرى سبحانه وتعالى، فليس بحاجة إلى أن تجعل بينك وبينه شفيع {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ}( ) يشفعون لنا عند الله {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}( ) طيب لماذا لا تتقرب أنت إلى الله؟ لماذا لا تتقرب أنت إلى الله زلفى؟ هل الله بعيد عنك؟ لا يسمعك ولا يراك هل الله بخيل؟ ما يعطيك إذا طلبت منه؟ لماذا يقربونك إلى الله؟ الله أغلق بابه عنك فهذا من شبهات الشيطان التي يلقيها في قلوب هؤلاء، وإذا تمكنت الشبهة من القلب صعب اقتلاعها.
في زماننا هذا مثل عباد القبور اليوم مثل مشركي الجاهلية سواء بسواء، إلا أن مشرك الجاهلية أحذق وأذكى منهم لأن الرسول لما قال لهم : قولوا لا إله إلا الله قالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ {5}}( )فأبوا{وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}( )فهم علموا معنى لا إله إلا الله أن معناه أن تترك عبادة غير الله وأن يفرد الله للعبادة وهم لا يريدون ذلك لا يريدون أن يفردوا الله بالعبادة بل يريدون أن يعبدوا معه غيره ممن يزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى أما عباد القبور اليوم ففيهم غباوة يقولون لا إله إلا الله المشركون أبوا أن يقولوها لأن لا يتناقضوا يقولون لا إله إلا الله ويدعون غيره هذا تناقض وهم لا يريدون أن يتناقضوا فصمدوا على الشرك خشية التناقض، أما البلهاء والمغفلون في هذا الزمان فيعبدون الأموات والأضرحة ويقولون لا إله إلا الله لا إله إلا الله « هُوْ هُو »( ) لا إله إلا الله ويذكرون الله بأنواع من الذكر والليل والنهار أذكار عظيمة ويقولون: يا علي يا حسين يا عبد القادر يا نقشبندي يا فلان أغثني، أعطني وهم يقولون لا إله إلا الله هذا تناقض كيف تقول لا إله إلا الله وتدعو غير الله تذبح لغير الله تنذر لغير الله، هذا تناقض؛ المشركون أبوا أن يقولوا لا إله إلا الله خشية التناقض وهؤلاء ما ألفوا من التناقض يقولون لا إله إلا الله بكثرة ولكن يشركون بكثرة والعياذ بالله ولهذا يقول شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله لما ذكر هذه المسألة قال:( لا خير في رجل،كفار قريش أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله ) فكفار قريش عرفوا معنى لا إله إلا الله وأبوا أن يلتزموا وهؤلاء ما عرفوا معنى لا إله إلا الله قالوها ولم يعرفوا معناه ولذلك يدعون غير الله ويذبحون لغير الله ولا يسمون هذا بالشرك يسمونه بالتوسل توسل يقولون هذا توسل إيش التوسل قولوا نعم الله جل وعلا يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}( ) {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}( ) ، الوسيلة ما هي قالوا نعم الوسيلة الواسطة نجعل بيننا وبين الله واسطة هذه الوسيلة فسروها بغير تفسيرها وبغير مراد الله سبحانه وتعالى منها فسروها بأن الوسيلة معناه الواسطة وهذا لم يقل به أحد من المفسرين... أبداَ .
الوسيلة عند المفسرين هي: ما يقرب إلى الله ... والذي يقرب إلى الله ما هو؟ التوحيد والعمل الصالح هذا الذي يقرب إلى الله سبحانه وتعالى هذه الوسيلة الصحيحة عبادة الله وحده لا شريك له هي الوسيلة والتوسل إلى الشيء هو ما يوصل إليه والحبل يسمى وسيلة لأنه يستنبط به الماء إلى البئر فهو الوسيلة فالوسيلة ما يقرب إلى الله جل وعلا الذي يقرب إلى الله الشرك أو التوحيد؟ الذي يقرب إلى الله جل وعلا هو التوحيد وعبادته وحده لا شريك له فمعنى { اِبْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }( )أي تقربوا إليه بالعبادة تقربوا إليه بالعبادة {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}( )أي: التقرب إليه سبحانه وتعالى بالعبادة هذا معنى الوسيلة وليس معنى الوسيلة ما فسره به القبوريون أنه جعل الواسطة بينك وبين الله.
والتوسل ذكر العلماء أنه أنواع على قسمين التوسل على قسمين :
1. توسل مشـروع
2. توسل مـمنوع .
التوسل المشروع: أن تتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته قال تعالى:{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}( ) تقول يا رحمن ارحمني تقول يا غفور أغفر لي يا رزاق ارزقني أشفني أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك تتوسل إليه بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى هذا معنى الوسيلة بأسمائه وصفاته تتوسل إليه بالأعمال الصالحة تتوسل إلى الله جلا وعلا بالأعمال الصالحة التي تقربك إليه ،بدليل حديث الثلاثة في من قبلنا ،ثلاثة أووا على غار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ليبيتوا فيه فانحدرت صخرة وسدت الغار عليهم فلم يستطيعوا الخروج ولا أحد يعلم عنهم يبي يهلكون بهذا الغار ماذا يفعلون ،قالوا لا ينجيكم إلا أعمالكم الصالحة فتوسلوا إلى الله بها فقال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان كبيران لا أغبق قبلهما أحدا يعني يسقيهم الحليب الغبوق- لا أغبق قبلهما أحدا أقدهما برا بهما فتأخر في ليلة من الليالي يتبع الرعي و جاء متأخرا فوجدا الوالدين قد ناما ومعه الحليب على يده فكره أن يوقظهما وبقي واقفا والحليب بيده وأولاده تحت قدميه يتراغون يريدون الحليب ولكنه لم يسقهما لأنه لا يقدم على والديه أحدا من عظيم بره بهما فطلع الفجر وهو على هذه الحال وهو واقف والحليب على يده فلما استيقظا شربا فقال اللهم إن كنت فعلت هذا تقربا إليك وعبادة لك وبرا بوالدي فافرج عنا فانفرجت الصخرة لكن ما يقدرون يخرجون ،فانفرجت شيئا قال الآخر اللهم إنه كان عندي راعي غنم يرعى الغنم بأجرة فذهب وترك أجرته فقام هذا راعي الغنم فنمى هذه الأجرة وحفظها حتى ملأت الوادي من الأغنام تنامت الأجرة من الأغنام وصارت ماءا كثيرا فجاء الرجل بعد مدة يطلب أجرته قال خذ ما في هذا الوادي كله لك قال اتق الله يا عبد الله ولا تسخر بي قال لا أسخر بك إنه لك فأخذه ولم يترك منه شيئا فقال :اللهم إن كنت فعلت هذا خوفا منك ورغبة في ما عندك فافرج لنا ،فانفرجت الصخرة شيئا إلا انهم لا يستطيعون الخروج فقال الثالث اللهم إنه كانت لي إبنة عم وكنت أحبها وأراودها يعني يريد منها الفاحشة وكانت تمتنع فأصابتها حاجة شديدة فجاءت إليه تقترض منه تريد القرض طلبت منه مائة وعشرين دينارا فقال حتى تمكنيني من نفسك يعني سنحت له الفرصة فالمرأة مضطرة إلى هذا المبلغ فأرادت أن تمكنه من نفسها وهي مكرهة لكن شدة الحاجة والضرورة فلما جلس منها مجلس الرجل من زوجته قالت يا عبد الله إتق الله ، إتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقام الرجل وتركها خوفا من الله وترك ما أعطاها مائة وعشرين دينار من الذهب خوفا من الله فدعا الله بهذا العمل أن يفرج عنهم فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون . ( )فهذا من التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة . تتوسل إلى ربك بأعمالك الصالحة الخالصة .والله جلّ وعلا يقول:{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِين}( ) المؤمنين فينجيهم الله بإيمانهم وعبادتهم وطاعتهم لله عزّ وجل: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ {143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }( ) هذا في قصة يونس عليه السلام لما ابتلعه الحوت وصار في الظلمات نادى ربه في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فتوسّل إلى الله بالتوحيد لا إله إلا أنت وتوسل إليه باعترافه بظلمه وذنبه فنجّاه الله سبحانه وتعالى وفي الآية الأخرى {لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ}يعني كان في حالة الرخاء {كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} يعني من المصلين كان يونس عليه السلام كثير الصّلاة { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ {143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}( ) فأنجاه الله بسبب أنه كان من المسبحين فهذا دليل على أن العمل الصالح ينجّي اله صاحبه إذا وقع في شدة وهذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم تعرف إلى الله يف الرخاء يعرفك في الشدة توسل إلى الله بالأعمال الصالحة هذا هو المطلوب وهذا مشروع{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}( ) {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}( ) توسلوا إلى الله بإمامهم بالرسول صلى الله عليه وسلم فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة هذا ينفع صاحبه إذا وقع في شدة فإن الله يفرّج عنه شدته وليس الهتاف بالأموات ليس الهتاف بالأموات أو بالشياطين أو بالجن كما عليه الآن كثير من المشركين الذين يدعون الإسلام مع السف إذا أصابتهم شدة ما يقولون يا الله يقولون يا عبد القادر يا فلان يا حسين يا عليّ وينسون الله سبحانه وتعالى مع أن المشركين على شركهم في الجاهلية إذا وقعوا في الشدة أفردوا الله في الدعاء {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا}( ) فإذا وقعوا في الشدة عرفوا أنه لا يخلص من الشدة إلا الله فأخلصوا الدعاء لله فنجاهم الله عزّ وجل{ قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}( ) فالمشركون كانوا يخلصون الدعاء لله في الشدة أما الذين يزعمون أنهم مسلمون الآن من القبوريين وغلاة الصوفية فإنهم إذا وقعوا في الشدة يدعون غير الله يدعون ويهتفون بأسماء الجن والشياطين والأموات يا علي يا فلان يا حسين يا عبد القادر وهذا شيء معروف لا ينكرونه ولهذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله « شرك هؤلاء أغلظ من شرك الأوّلين لأن الأوّلين » يشركون في الرّخاء وسيخلصون في الشدة وهؤلاء شركهم دائم في الرخاء والشدة بل إنهم في الشدة يزيد شركهم والعياذ بالله ، يزيد شركهم في الشدة . وينسون الله سبحانه وتعالى لا يأتي لله ذكر على ألسنتهم في الشدة وإنّما يأتي ذكر معبوداتهم من دون الله عزّ وجل الأمر خطير جداً التوحيد الآن خفي على كثير من الناس والذي يدعو إليه يُنبذ ويُتهم ويُرمى بأنه من الخوارج لأن التوحيد عندهم هو عبادة القبور والذي ينكره هذا خارجي من الخوارج هكذا يقولون . الخوارج ما هم بالذين يدعون إلى التوحيد الخوارج الذين يخرجون على ولي الأمر ، الخوارج الذين يكفرون المسلمين هؤلاء هم الخوارج ، أما الذين يدعون إلى التوحيد هذا هو الخوارج هؤلاء خلاصة عباد الله وأولياء الله هؤلاء هم الناصحون وما حملهم على هذا إلا الإخلاص والمحبة للخير والحرص على إنقاذ الناس من الهلاك يتحملون المشاق يتعرضون للأخطار ويصبرون على اللوم والتوبيخ والتهديد لأجل إنقاذ الناس من الظّلمات إلى النور هؤلاء يُقال لهم خوارج هؤلاء أتباع الرسل عليهم الصّلاة والسّلام قال عليه الصلاة والسلام: « والعلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا ديناراًَ ولا درهماً وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر »( ) .
كذلك من التوسل المشروع أن تذكر حالتك وضرورتك إلى الله عزّ وجل وفقرك تذكر هذا في دعائك كما قال{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}( ) توسل إلى الله بحالته وأنه مسه ضرّ ، الضرّ الشديد، وأعرض عنه الناس لأنه أصبح ، أصبح لونه وجسمه منفّراً من شدة المرض و تهرّي جلده من الأمراض فعند ذلك { نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فتوسل إلى الله بشيئين ، لأنه أرحم الراحمين وبحالته التي بلغت إلى هذا الحد .
كذلك من التوسل المشروع طلب الدعاء من الصالحين الحاضرين ، أن تطلب من عبد صالح أن يدعو الله لك ، أو يدعو الله للمسلمين ، فإن هذا من التوسل المشروع والدليل على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أجدبوا يعني إنحبس المطر طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم وأن يدعو الله لهم فيسقون ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم و أجدبوا ذهبوا إلى العباس بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وقال عمر رضي الله عنه: « اللّهم إنا كنا نتوسل بنبيّك فتسقينا وإننا نتوسل بعمّ نبيك فاسقنا فيدعو الله ، قم يا عباس فادع فيقوم العباس رضي الله عنه فيدعو الله وهم يؤمنون فينزل الله المطر عليهم » هذا توسل بدعاء الصالحين فإذا كان عبداً صالحاً حاضراً عندك تطلب منه أن يدعو الله لك هذا توسل مشروع لا بأس به ، فهذه أنواع التوسل المشروع .
أما التوسل الممنوع : فهو جعل الواسطة بين الدّاعي وبين الله في قضاء حاجته هذا ممنوع ، وهذا ينقسم إلى قسمين:
1. إن كان يتقرّب إلى هذه الواسطة ويذبح لها وينذر لها ، فهذا شرك أكبر هذا توسّل شرك أكبر يُخرج من الملة ، كالذين يذبحون للقبور وينذرون لها ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله كحالة المشركين الأوّلين .
2. أما إن كان لا يقرّب شيء من العبادة لهذه الوسيلة وإنما يزعم أنها تتوسّط له عند الله فهذا بدعة ووسيلة إلى الشّرك ، فلابد من هذا التفصيل فليس التوسل لغير الله، التوسل غير المشروع ليس كله شركاً وليس كله مباحاً .
بل لابدّ من هذا التفصيل لأن كثيراً من المغرضين يلبسون الأمر ويقولون أنتم متشددون أنتم خوارج أنتم تشددون على الناس ، هذا من الأسباب هذا من التوسل والله أمر به {وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} فينبغي أن يُعرف هذا،وأن العلماء يبينون للناس هذه الأمور ولا يتركون المغرضين يلبسون عليهم .

حمل المرفقات نسخة جاهزة للطبع مع الملف الصوتي للمحاضرة

الحارث بن عبد الله
12-20-2005, 01:45 PM
سأدخل الملف الصوتي بعد إن شاء الله لسبب تقني .

قاسم علي
12-20-2005, 01:53 PM
جزاك الله خيرا أخي الحارث على مجهدك الطيب وبارك الله فيك

محمد الصميلي
12-20-2005, 06:57 PM
أحسن الله إليك أخي،
ووفقك الله لمزيد من المجهودات و التفريغات للشيخ العلامة صالح الفوزان-حفظه الله تعالى-وغيره من العلماء الأكابر، فأشرطتهم فيها العلم الجم والكثير في شتى العلوم وبخاصة العقيدة الصحيحة وما يضادها، وهذه المحاضرة أقتنيتها مرئية فأعجبني أكثر قوله حفظه الله تعالى : "التوحيد الآن خفي على كثير من الناس والذي يدعو إليه يُنبذ ويُتهم ويُرمى بأنه من الخوارج لأن التوحيد عندهم هو عبادة القبور والذي ينكره هذا خارجي من الخوارج هكذا يقولون . الخوارج ما هم بالذين يدعون إلى التوحيد الخوارج الذين يخرجون على ولي الأمر ، الخوارج الذين يكفرون المسلمين هؤلاء هم الخوارج ، أما الذين يدعون إلى التوحيد هذا هو الخوارج هؤلاء خلاصة عباد الله وأولياء الله هؤلاء هم الناصحون وما حملهم على هذا إلا الإخلاص والمحبة للخير والحرص على إنقاذ الناس من الهلاك يتحملون المشاق يتعرضون للأخطار ويصبرون على اللوم والتوبيخ والتهديد لأجل إنقاذ الناس من الظّلمات إلى النور هؤلاء يُقال لهم خوارج هؤلاء أتباع الرسل عليهم الصّلاة والسّلام قال عليه الصلاة والسلام: « والعلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا ديناراًَ ولا درهماً وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر »"...
فجزاك الله كل خير أخي ونفع الله بعملك ...

هادي بن علي
12-22-2005, 12:38 AM
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==