الناصر
12-01-2005, 03:11 PM
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في البداية والنهاية:]وقد ذكر ابن إسحاق وغيره قصائد لحسان بن ثابت رضي الله عنه في وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومن أجلِّ ذلك وأفصحه وأعظمه ما رواه عبد الملك بن هشام رحمه الله عن أبي زيد الأنصاري أن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال يبكي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ * منيرٌ وَقد تعفُو الرسومُ وَتمهدُ
وَلا تمتَحى الآياتُ مِن دارِ حُرمةٍ * بها مِنبرُ الهادِي الذي كانَ يَصعدُ
وواضحُ آياتٍ وبَاقي معالمٍ * وَربعٌ لهُ فيهِ مَصلَّى وَمسْجِدُ
بها حُجراتٌ كانَ ينزلُ وَسْطَها * مِن الله نورٌ يُستضاءُ وَيوقدُ
معارفٌ لم تطمسْ عَلى العَهْدِ آيُّها * أَتاها البَلا فالآي مِنها تجدُّدُ
عَرَفتُ بها رَسْمَ الرَّسولِ وَعهدهُ * وَقبراً بها واراهُ في التُّربِ مُلحدُ
ظَللتُ بها أبكي الرَّسولَ فأَسعدتْ * عيونٌ وَمثلاها مِنَ الجنِّ تسعدُ
يُذَكِّرنَ آلاء الرَّسولِ ولا أرَى * لها محصياً نفسِي فنفسي تبلَّدُ
مُفجَّعةَّ قد شفَّها فقد أحمدٍ * فظلت لآلاءِ الرَّسولِ تُعدِّدُ
وما بلغتْ منْ كلِّ أمرٍ عشيرهُ * ولكن لنفْسي بعدُ ما قَدْ توجَّدُ
أَطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جَهدَها * عَلى طَلَلِ القَبرِ الذي فيهِ أَحمَدُ
فَبوركتَ يا قبرَ الرَّسولِ وَبورِكَتْ * بلادٌ ثَوى فيها الرَّشيدُ المُسَدَّدُ
تهيلُ عليهِ التُّربَ أيدٍ وأعينٌ * عليهِ التُرْبَ وقد غارتْ بذلكَ أسعَدُ
لقدْ غَيَّبوا حِلماً وَعِلماً وَرحمةً * عشيةَ عَلُّوهُ الثَّرى لا يوسَّدُ
ورَاحوا بحزنٍ ليسَ فيهمْ نبيُّهمْ * وَقد وَهنتْ منهمْ ظهورٌ وأَعضدُ
ويبكونَ منْ تبكِي السَّمواتُ يومَهُ * وَمن قدْ بكتهُ الأرضُ فالنَّاسُ أكمَدُ (ج/ص:5 /302)
وهلْ عَدَّلتْ يوماً رزيةُ هالكٍ * رزيةَ يومٍ ماتَ فيهِ محمَّدُ
تقطَّعَ فيهِ مَنزلُ الوحي عَنهُمُ * وَقد كان ذا نورٍ يغورُ وَينجدُ
يدلُّ على الرحمنِ من يقتدِي بهِ * وَيُنقذُ مِنْ هولِ الخزايَا ويرشدُ
إمامٌ لهم يهديهُمُ الحقَّ جاهداً * معلمُ صدقٍ إنْ يطيعوهُ يُسعدُوا
عفوٌ عنِ الزَّلاتِ يقبل عذرهمْ * وإنْ يحسنُوا فاللهُ بالخيرِ أجودُ
وإن نابَ أمرٌ لم يقوموا بحملهِ * فمن عنده تيسيرُ ما يتشدَّدُ
فبيناهُمْ في نعمةِ اللهِ وسطهُمْ * دليلٌ بهِ نهجُ الطَّريقةِ يُقصدُ
عزيزٌ عليهِ أن يجوروا عن الهُدَى * حريصٌ على أنْ يستقيمُوا وَيهتدُوا
عَطوفٌ عَليهم لا يثنى جَناحُهُ * إلى كنفٍ يحنُو عليهمْ ويمهِدُ
فبيناهُمْ في ذلكَ النُّورِ إذْ غَدا * إلى نورِهِمْ منهمْ منَ الموتِ مقصدُ
فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً * يبكيه جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
وأمستْ بلادُ الحرمِ وَحشاً بقاعُها * لغيبةِ ما كانَتْ منَ الوحيِ تعهَدُ
قِفاراً سوى معمورةِ اللّحد ضافَها * فقيدٌ يبكيهِ بلاطٌ وغرقدُ
ومسجدُهُ فالموحِشاتِ لفقدهِ * خلاءٌ له فيها مَقامٌ وَمقعدُ
وبالجمرةِ الكُبرى لهُ ثمَّ أوحشتْ * ديارٌ وعرصاتٌ وربع ومولدُ
فبكي رسولَ اللهِ يا عينُ عبرةً * ولا أعْرفنَّكِ الدَّهرَ دمعك يجمَدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمةِ التي * على النَّاسِ منها سابغُ يتَغمَّدِ
فَجودِي عليهِ بالدُموعِ وأعولي * لفقد الذي لا مثلهُ الدَّهرُ يوجدُ
وما فقدَ الماضونَ مثلَ محمَّدً * ولا مِثلهُ حتَّى القِيامةِ يُفقدُ
أعفَّ وأوفى ذِمَّةً بعدَ ذِمَّةٍ * وأقربَ منه نائلاً لا ينكَّدُ
وأبذلَ منه للطريفِ وتالدٍ * إذا ضنَّ معطاءً بما كان يتلَدُ
وأكرمَ صيتاً في البيوتِ إذا انتمَى * وأكرمُ جداً أبطحياً يسوَّدُ
وأمنعَ ذرواتٍ وأثبتَ في العُلا * دعائمَ عزٍ شاهقاتٍ تُشيَّدُ
وأثبتُ فرعاً في الفروع وَمنبتاً * وعوداً غذاهُ المزنُ فالعودِ أغيدِ
رباهُ وليداً فاستتمْ بتمامِهِ * على أكرم الخيراتِ رَبُّ ممجَّدُ
تناهَتْ وصاةُ المسلمينَ بكفِّه * فلا العِلمُ محبوسٌ ولا الرأيُ يفندِ (ج/ص:5/303)
أقولُ ولا يلفي لما قُلتُ عائبٌ * من النَّاسِ إلاّ عازبُ القولِ مبعدُ
وليسَ هوائي نازعاً عن ثنائِهِ * لعلِّي به في جنةِ الخُلدِ مبعدُ
معَ المصطفَى أرجو بذاكَ جِوارَهُ * وفي نيلِ ذاكَ اليومِ أسْعى وَأجهَدُ
وقال الحافظ أبو القاسم السهيلي في آخر كتابه (الروض)، وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يبكي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
أَرقتُ فباتَ لَيلِي لا يزولُ * وليلَ أَخي المصيبةِ فيهِ طولُ
وأَسعدني البكاءُ وذاكَ فيمَا * أصيبَ المسلِمونَ بهِ قليلُ
لقدْ عظُمَتْ مصيبتُنَا وَجَلَّتْ * عشيةَ قيلَ قدْ قُبضَ الرَّسولُ
وَأَضْحَتْ أَرضُنا مما عَراهَا * تكادُ بِنَا جَوانبهَا تميلُ
فَقدْنا الوحيَ والتنزيلَ فينَا * يروحُ بهِ ويغدُو جبرئيلُ
وذاكَ أحقُّ ما سالتْ عَليهِ * نفوسُ النَّاسِ أو كربَتْ تسيلُ
نبيٌ كانَ يجلو الشَّكَ عنَّا * بما يوحى إليهِ وما يقولُ
وَيَهدينَا فَلا نخشَى ضلالاً * علينا والرَّسول لنا دليلُ
أفاطمُ إنْ جزعتِ فذاكَ عذرٌ * وإنْ لم تجزعِي ذاكَ السَّبيلُ
فقبرُ أبيكِ سيدُ كلَّ قبرٍ * وفيهِ سيدُ النَّاسِ الرَّسولُ[ انتهى من البداية والنهاية 0
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ * منيرٌ وَقد تعفُو الرسومُ وَتمهدُ
وَلا تمتَحى الآياتُ مِن دارِ حُرمةٍ * بها مِنبرُ الهادِي الذي كانَ يَصعدُ
وواضحُ آياتٍ وبَاقي معالمٍ * وَربعٌ لهُ فيهِ مَصلَّى وَمسْجِدُ
بها حُجراتٌ كانَ ينزلُ وَسْطَها * مِن الله نورٌ يُستضاءُ وَيوقدُ
معارفٌ لم تطمسْ عَلى العَهْدِ آيُّها * أَتاها البَلا فالآي مِنها تجدُّدُ
عَرَفتُ بها رَسْمَ الرَّسولِ وَعهدهُ * وَقبراً بها واراهُ في التُّربِ مُلحدُ
ظَللتُ بها أبكي الرَّسولَ فأَسعدتْ * عيونٌ وَمثلاها مِنَ الجنِّ تسعدُ
يُذَكِّرنَ آلاء الرَّسولِ ولا أرَى * لها محصياً نفسِي فنفسي تبلَّدُ
مُفجَّعةَّ قد شفَّها فقد أحمدٍ * فظلت لآلاءِ الرَّسولِ تُعدِّدُ
وما بلغتْ منْ كلِّ أمرٍ عشيرهُ * ولكن لنفْسي بعدُ ما قَدْ توجَّدُ
أَطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جَهدَها * عَلى طَلَلِ القَبرِ الذي فيهِ أَحمَدُ
فَبوركتَ يا قبرَ الرَّسولِ وَبورِكَتْ * بلادٌ ثَوى فيها الرَّشيدُ المُسَدَّدُ
تهيلُ عليهِ التُّربَ أيدٍ وأعينٌ * عليهِ التُرْبَ وقد غارتْ بذلكَ أسعَدُ
لقدْ غَيَّبوا حِلماً وَعِلماً وَرحمةً * عشيةَ عَلُّوهُ الثَّرى لا يوسَّدُ
ورَاحوا بحزنٍ ليسَ فيهمْ نبيُّهمْ * وَقد وَهنتْ منهمْ ظهورٌ وأَعضدُ
ويبكونَ منْ تبكِي السَّمواتُ يومَهُ * وَمن قدْ بكتهُ الأرضُ فالنَّاسُ أكمَدُ (ج/ص:5 /302)
وهلْ عَدَّلتْ يوماً رزيةُ هالكٍ * رزيةَ يومٍ ماتَ فيهِ محمَّدُ
تقطَّعَ فيهِ مَنزلُ الوحي عَنهُمُ * وَقد كان ذا نورٍ يغورُ وَينجدُ
يدلُّ على الرحمنِ من يقتدِي بهِ * وَيُنقذُ مِنْ هولِ الخزايَا ويرشدُ
إمامٌ لهم يهديهُمُ الحقَّ جاهداً * معلمُ صدقٍ إنْ يطيعوهُ يُسعدُوا
عفوٌ عنِ الزَّلاتِ يقبل عذرهمْ * وإنْ يحسنُوا فاللهُ بالخيرِ أجودُ
وإن نابَ أمرٌ لم يقوموا بحملهِ * فمن عنده تيسيرُ ما يتشدَّدُ
فبيناهُمْ في نعمةِ اللهِ وسطهُمْ * دليلٌ بهِ نهجُ الطَّريقةِ يُقصدُ
عزيزٌ عليهِ أن يجوروا عن الهُدَى * حريصٌ على أنْ يستقيمُوا وَيهتدُوا
عَطوفٌ عَليهم لا يثنى جَناحُهُ * إلى كنفٍ يحنُو عليهمْ ويمهِدُ
فبيناهُمْ في ذلكَ النُّورِ إذْ غَدا * إلى نورِهِمْ منهمْ منَ الموتِ مقصدُ
فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً * يبكيه جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
وأمستْ بلادُ الحرمِ وَحشاً بقاعُها * لغيبةِ ما كانَتْ منَ الوحيِ تعهَدُ
قِفاراً سوى معمورةِ اللّحد ضافَها * فقيدٌ يبكيهِ بلاطٌ وغرقدُ
ومسجدُهُ فالموحِشاتِ لفقدهِ * خلاءٌ له فيها مَقامٌ وَمقعدُ
وبالجمرةِ الكُبرى لهُ ثمَّ أوحشتْ * ديارٌ وعرصاتٌ وربع ومولدُ
فبكي رسولَ اللهِ يا عينُ عبرةً * ولا أعْرفنَّكِ الدَّهرَ دمعك يجمَدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمةِ التي * على النَّاسِ منها سابغُ يتَغمَّدِ
فَجودِي عليهِ بالدُموعِ وأعولي * لفقد الذي لا مثلهُ الدَّهرُ يوجدُ
وما فقدَ الماضونَ مثلَ محمَّدً * ولا مِثلهُ حتَّى القِيامةِ يُفقدُ
أعفَّ وأوفى ذِمَّةً بعدَ ذِمَّةٍ * وأقربَ منه نائلاً لا ينكَّدُ
وأبذلَ منه للطريفِ وتالدٍ * إذا ضنَّ معطاءً بما كان يتلَدُ
وأكرمَ صيتاً في البيوتِ إذا انتمَى * وأكرمُ جداً أبطحياً يسوَّدُ
وأمنعَ ذرواتٍ وأثبتَ في العُلا * دعائمَ عزٍ شاهقاتٍ تُشيَّدُ
وأثبتُ فرعاً في الفروع وَمنبتاً * وعوداً غذاهُ المزنُ فالعودِ أغيدِ
رباهُ وليداً فاستتمْ بتمامِهِ * على أكرم الخيراتِ رَبُّ ممجَّدُ
تناهَتْ وصاةُ المسلمينَ بكفِّه * فلا العِلمُ محبوسٌ ولا الرأيُ يفندِ (ج/ص:5/303)
أقولُ ولا يلفي لما قُلتُ عائبٌ * من النَّاسِ إلاّ عازبُ القولِ مبعدُ
وليسَ هوائي نازعاً عن ثنائِهِ * لعلِّي به في جنةِ الخُلدِ مبعدُ
معَ المصطفَى أرجو بذاكَ جِوارَهُ * وفي نيلِ ذاكَ اليومِ أسْعى وَأجهَدُ
وقال الحافظ أبو القاسم السهيلي في آخر كتابه (الروض)، وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يبكي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
أَرقتُ فباتَ لَيلِي لا يزولُ * وليلَ أَخي المصيبةِ فيهِ طولُ
وأَسعدني البكاءُ وذاكَ فيمَا * أصيبَ المسلِمونَ بهِ قليلُ
لقدْ عظُمَتْ مصيبتُنَا وَجَلَّتْ * عشيةَ قيلَ قدْ قُبضَ الرَّسولُ
وَأَضْحَتْ أَرضُنا مما عَراهَا * تكادُ بِنَا جَوانبهَا تميلُ
فَقدْنا الوحيَ والتنزيلَ فينَا * يروحُ بهِ ويغدُو جبرئيلُ
وذاكَ أحقُّ ما سالتْ عَليهِ * نفوسُ النَّاسِ أو كربَتْ تسيلُ
نبيٌ كانَ يجلو الشَّكَ عنَّا * بما يوحى إليهِ وما يقولُ
وَيَهدينَا فَلا نخشَى ضلالاً * علينا والرَّسول لنا دليلُ
أفاطمُ إنْ جزعتِ فذاكَ عذرٌ * وإنْ لم تجزعِي ذاكَ السَّبيلُ
فقبرُ أبيكِ سيدُ كلَّ قبرٍ * وفيهِ سيدُ النَّاسِ الرَّسولُ[ انتهى من البداية والنهاية 0