المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جديد://:[طالب العلم و المذاكرة] لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله تعالى-...


كيف حالك ؟

محمد الصميلي
11-17-2005, 01:12 PM
طالب العلم و المذاكرة
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله تعالى-

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله -جل وعلا- أن يجمع لي، ولكم بين العلم النافع والعمل الصالح، وإن يفقهنا في الدين، وإن يمنحنا متابعة سنة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما أسأل المولى -جل جلاله- وهو كريم، كثير الجود، كثير النوال- أسأله أن يثبت العلم في قلوبنا، وألا يزيغنا بعد إذ هدانا {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }.
ثم إن هذه الدروس أوشكت على الانتهاء بهذه الدورة، التي أسأل الله -جل وعلا- أن تكون مباركة نافعة لقائلها وسامعها.
لا بد في ذلك من التذكير: بأن حقيقة العلم لا تستقر في القلوب إلا بعد المداومة والصبر، وتعاهد ما استفاده طالب العلم؛ لأن العلم ليس باليسير، ولكنه شديد كما قال الله -جل وعلا- {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } فهو كما قال الإمام مالك: العلم ثقيل؛ لأن القرآن كذلك، فهو قول ثقيل، ولا بد من تعاهد حمله؛ ولذلك يتفلت القرآن على حافظه وتُنسى السنة على حافظها -أيضا- وعلى العامل بها، وكذلك مسائل الكتاب والسنة في جميع العلوم، ربما نسيت؛ لهذا لا بد لطالب العلم من أن يكون مذاكرا للعلم، غير منقطع عنه، ومذاكرة العلم وتثبيته تكون بأشياء:
الأول: أن يتعاهد طالب العلم محفوظه، فإذا كان يحفظ القرآن يتعاهد حفظ القرآن، إذا كان يحفظ شيئا منه، فليتعاهد ذلك، ولا يتركه حتى ينساه، فإن المرء إذا نسي، أو نُسِّي فإنه ربما لم ينشط للمعاودة، والحفظ يكون في زمن قليل في أشهر، ولكن معاهدة القرآن تكون في العمر كله؛ لهذا ينبغي ألا يفوت على نفسه تعاهد ما حفظ من القرآن، سواء أكان قليلا أم كان كثيرا.
وكذلك تعاهد ما حفظ من السنة، بأن يكرر ذلك حفظ شيئا من البلوغ، حفظ شيئا من أي كتاب فأي علم، أو كتاب حفظه، فإن تعهده وتكراره بين الحين والآخر يبقيه.
الثاني: أن تعهد العلم، وتذاكر العلم يحتاج إلى قرين محب للعلم يذاكرك إياه، والقرناء، أو الأصحاب منهم من قد ينشط للعلم، ومنهم من قد لا ينشط لذلك، وقَلّ من الناس مَن يتذاكر العلم مع نفسه فقط، ويستمر على ذلك، ولكن إذا كان له صاحب وقرين يتذاكر معه محفوظه، يتذاكر معه معنى القرآن، معاني السنة، معنى الكتاب، شرح الكتاب في أي علم، فإنه يكون أنشط له؛ لهذا كان العلماء يحضون كثيرا على مذاكرة العلم مع الأقران، وفي ذلك قصص كثيرة، ساقها أهل العلم بالمصطلح، فيما كتبوا من المتقدمين، يعني: ككتاب المحدث الفاضل.. وغيره، المذاكرة مهمة جدا، وأن يختص المرء لنفسه أحباء يتناقش معه في مسائل العلم، مسألة كذا ما استوعبت الشروط، يرد على هذا الإشكال، كيف نحل الإشكال؟ معنى الآية أنا ما فهمته، وجه الاستدلال، هذا الترجيح، أيش وجهه الحفظ، أقرأ عليك حديثا، وتقرأ علي حديثا، ونحو ذلك حتى ينشط طالب العلم.
الثالث: أن العلم في تذاكره وتثبيته لا بد له من تقييد، وتقييده يكون بالبحث تارة، وباقتناص الفوائد تارة، والبحث مهم لطالب العلم أن يبحث مسألة ما، فإذا بحث يقيد ما بحث، بعض الإخوان يبحث بالمطالعة، يعني: يبحث يفتش وهذه هكذا وهذه قيلت كذا، وقد يبحث مدة طويلة نصف ساعة.. ساعة، أو أكثر، ثم لا يكتب ما بحث، أو نتيجة البحث، أو نقولا عن أهل العلم فيما قرأ، وهذه قد يأتي بعد شهر يكون نسي، أو بعد شهرين، أو أكثر يكون نسي ما تحصل له، هذا زمن قضيته وبحثت، وكان عندك همة ونشاط فيه، قد لا ترجع الهمة والنشاط، الهمة والنشاط تأتي في البحث، والتحقيق وتحرير المسائل ومراجعة صحة المسألة، أو الشروط، أو نحو ذلك وكلام أهل العلم في هذا، والجواب عن الإشكالات، فإذا بقي في الذهن دون كتابة مر مع الزمن، ثم احتجته فلم تجده.
لهذا البحث مهم وتقييد ما بحثت -أيضا- مهم، بل هو الفائدة التي تكون معك في المستقبل؛ لهذا تعاهد العلم يكون ببحثه، ببحث المسائل، وتقييد ما ظهر لك من البحث، أما إذا لم تقيد ما ظهر لك من البحث؛ فإن هذا قد يذهب، بل الأكثر أن يذهب مع الزمن.
الرابع والأخير: فيما ينفعك في تعاهد العلم واستذكاره، والمحافظة عليه، وعدم الإخلال بتذكر العلم: أن تكون دائم الصحبة للعلماء وطلبة العلم الذين يعيشون العلم دائما، ويكون همهم العلم واستذكار العلم وشغلهم الشاغل العلم في تعلمه وتعليمه، والبحث؛ لأن هؤلاء يكون العلم معهم دائما إما بصحبة له إن تيسرت، وإن لم تتيسر، فأن تلقاه في الزمن الذي يناسب أن تلقاه فيه، ويكون هناك سؤال وحض، أو بحث مسائل وحض على بحثها، ونحو ذلك، وهذا ينشط الهمة، فأحيانا يكون المرء منا يكسل، فإذا قابل من هو نشيط في العلم وعنده همة وجلد، فينظر إلى نفسه أنه ليس بذاك؛ ولهذا ينشط، ويعود مرة أخرى، ويبحث، ويحقق بعض المسائل، أو يقرأ، أو يطالع، أو يعيد محفوظاته، وهكذا في أحوال شتى؛ لهذا كم من مرة مرت بالإنسان فترة على العلم؟ إما فترة عن القراءة، أو فترة عن الحفظ، أو فترة عن البحث.. إلى آخره.
فإذا قابل من هو نشيط في العلم نشط، إذا حضر دورة نشط أكثر، يكون عنده، ولع في نفسه واشتعال في قلبه في تحصيل العلم وقراءته، والبحث إلى آخره.
لهذا صحبة من ينفعك في العلم من أهل العلم، وطلبة العلم، ومن المشايخ هذه مهمة جدا، ولا تظن أن العلم يكون بمعزل عن لقاء أهله، ولقاء المشايخ وتظن أن يكون بالقراءة ونحو ذلك، هذا ليس بصحيح، ولا يكون، وإنما يكون العلم بملاقاة أهله، بحسب ما تيسر؛ لأن ملاقاتهم تبعث على الهمة، وتبعث على تذكر العلم، وعلى الحرص عليه، وعلى تعلم لغة أهله، وعلى كيفية التعامل مع العلم ومسائله.. إلى آخره، وهذا كله حلقات، بعضها متصل ببعض، ولا تنفك الواحدة عن الأخرى.
أسأل الله -جل جلاله- أن يوفقني وإياكم لما فيه رضاه، وأن يلهمنا الرشد والسداد، وأن يقينا العثار والزلل، إنه سبحانه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

[من شرحه المفرغ على كتاب الطهارة من بلوغ المرام]

سمير الأثري
11-17-2005, 03:41 PM
جزاك الله خيرا

محمد الصميلي
11-23-2005, 12:16 PM
وإياك أخي سمير.

12d8c7a34f47c2e9d3==