المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد


كيف حالك ؟

قاسم علي
11-16-2005, 06:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد
حديث ابن مسعود : إن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد
قوله : ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعاً " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون القبور مساجد " ورواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه .
قوله : إن من شرار الناس بكسر الشين جمع شرير .
قوله : من تدركهم الساعة وهم أحياء أي مقدمتها ، كخروج الدابة ، وطلوع الشمس في مغربها . وبعد ذلك ينفخ في الصور نفخة الفزع .
قوله : والذين يتخذون القبور مساجد معطوف على خبر إن في محل نصب على نية تكرار العامل ، أي وإن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد أي بالصلاة عندها وإليها ، وبناء المساجد عليها ، وتقدم في الأحاديث الصحيحة أن هذا من عمل اليهود والنصارى وأن النبي صلى الله عليه وسلم لعنهم على ذلك ، تحذيراً للأمة أن يفعلوا مع نبيهم وصالحيهم مثل اليهود والنصارى . فما رفع أكثرهم بذلك رأساً ، بل اعتقدوا أن هذا الأمر قربة لله تعالى ، وهو مما يبعدهم عن الله ويطردهم عن رحمته ومغفرته . والعجب أن أكثر من يدعى العلم ممن هو من هذه الأمة لا ينكرون ذلك ، بل ربما استحسنوه ورغبوا في فعله ، فلقد اشتدت غربة الإسلام وعاد المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، تنشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير .
قال شيخ الإسلام : أما بناء المساجد على القبور فقد صرح عام الطوائف بالنهي عنه ، متابعة للأحاديث الصحيحة . وصرح أصحابنا وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه ، ثم ذكر الأحاديث في ذلك إلى أن قال وهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين ، أو الملوك وغيرهم تتعين إزالتها بهدم أو غيره . هذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعرفين .
وقال ابن القيم رحمه الله : يجب هدم القباب التي بنيت على القبور ، لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد أفتى جماعة من الشافعية بهدم ما في القرافة من الأبنية ، منهم ابن الجميزي والظهير التزميني وغيرهما .
وقال القاضي ابن كج : ولا يجوز أن تجصص القبور ، ولا أن يبنى عليها قباب ، ولا غير قباب ، والوصية بها باطلة .
وقال الأذرعي : وأما بطلان الوصية ببناء القباب وغيرها من الأبنية وانفاق الأموال الكثيرة ، فلا ريب في تحريمه .
وقال القرطبي في حديث جابر رضي الله عنه نهى أن يجصص القبر أو يينى عليه وبظاهر هذا الحديث قال مالك ، وكره البناء والجص على القبور . وقد أجازه غيره ، وهذا الحديث حجة عليه .
وقال ابن رشد : كره مالك البناء على القبر وجعل البلاطة المكتوبة ، وهو من بدع أهل الطول ، أحدثوه إرادة الفخر والمباهاة والسمعة ، وهو مما لا اختلاف عليه .
وقال الزيلغي في شرح الكنز : ويكره أن يبني على القبر . وذكر قاضي خان : أنه لا يجصص القبر ولا يبني عليه . لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التجصيص وللبناء فوق القبر . والمراد بالكراهة ـ عند الحنفية رحمهم الله ـ كراهة التحريم . وقد ذكر ذلك ابن نجيم في شرح الكنز .
وقال الشافعي رحمه الله : أكره أن يعظم مخلوق ، حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس . وكلام الشافعي رحمه الله يبين أن مرده بالكراهة كراهة التحريم .
قال الشارح رحمه الله تعالى : وجزم النووي رحمه الله في شرح المهذب بتحريم البناء مطلقاً ، وذكر في شرح مسلم نحوه أيضاً.
وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة إمام الحنابلة صاحب المصنفات الكبار كالمغنى ، والكافى وغيرهما رحمه الله تعالى : ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور . لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود والنصارى ... " الحديث وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام : تعظيم الأموات واتخاذ صورهم ، والتمسح بها والصلاة عندها ، انتهى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما المقبرة فلا فرق فيها بين الجديدة والعتقية ، انقلبت تربتها أو لم تنقلب . ولا فرق بين أن يكون بينه وبين الأرض حائل أو لا ، لعموم الاسم وعموم العلة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا تنجس .
وبالجملة فمن علل النهي عن الصلاة في المقبرة بنجاسة التربة خاصة فهو بعيد عن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لا يخلو أن يكون القبر قد بنى عليه مسجد ، فلا يصلي في هذا المكان سواء صلى خلف القبر أو أمامه بغير خلاف في المذهب : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " وخص قبور الأنبياء لأن عكوف الناس على قبورهم أعظم ، واتخاذها مساجد أشد ، وكذلك إن لم يكن عليه بنى مسجد ، فهذا قد ارتكب حقيقة المفسدة التي كان النهي عن الصلاة عند القبور من أجلها ، فإن كل مكان صلى فيه يسمى مسجداً، كما قال صلى الله عليه وسلم " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " وإن كان موضع قبر أو قبرين .
وقال بعض أصحابنا : لا يمنع الصلاة فيها لأنه لا يتناولها اسم المقبرة ، وليس في كلام أحمد ولا بعض أصحابه هذا الفرق ، بل عموم كلامهم يقتضى منع الصلاة عند كل قبر .
وقد تقدم عن علي رضي الله عنه أنه قال : لا أصلي في حمام ولا عند قبر .
فعلى هذا ينبغي أن يكون النهي متناولاً لحريم القبر وفنائه ، ولا تجوز الصلاة في مسجد بني في مقبرة ، سواء كان له حيطان تحجز بينه وبين القبور أو كان مكشوفاً .
قال في رواية الأثرم : إذا كان المسجد بين القبور لا يصلى فيه الفريضة ، وإن كان بينها وبين المسجد حاجز فرخص أن يصلي فيه على الجنائز ولا يصلى فيه على غير الجنائز . وذكر حديث أبي مرثد عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا تصلوا على القبور وقال: إسناده جيد ، انتهى .
ولو تتبعنا كلام العلماء في ذلك لا حتمل عدة أوراق . فتبين بهذا أن العلماء رحمهم الله بينوا أن علة النهي ما يؤدي إليه ذلك : من الغلو فيها وعبادتها من دون الله كما هو الواقع والله المستعان .
وقد حدث بعد الأئمة الذين يعتد بقولهم أناس كثر في أبواب العلم بالله اضطرابهم ، وغلظ عن معرفة ما بعث الله به رسوله من الهدى والعلم حجابهم فقيدوا نصوص الكتاب والسنة بقيود أوهنت الانقياد وغيروا بها ما قصده الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي وأراد . فقال لتنجسها بصديد الموتى ، وهذا كله باطل من وجوه : منها : أنه من القول على الله بلا علم . وهو حرام بنص الكتاب .
ومنها : أن ما قالوه لا يقتضى لعن فاعله والتغليظ عليه ، وما المانع له أن يقول : صلى في بقعة نجسة فعليه لعنة الله . ويلزم على ما قاله هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين العلة ، وأحال الأمة في بيانها على من يجيء بعده صلى الله عليه وسلم وبعد القرون المفضلة والأئمة ، وهذا باطل قطعاً وعقلاً وشرعاً ، لا يلزم عليه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم عجز عن البيان أو قصر في البلاغ ، وهذا من أبطل الباطل . فإن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين ، وقدرته في البيان فوق قدرة كل أحد ، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم .
ويقال أيضاً : هذا اللعن والتغليظ الشديد إنما هو فيمن اتخذ قبور الأنبياء مساجد ، وجاء في بعض النصوص ما يعم الأنبياء وغيرهم ، فلو كانت هذه هي العلة لكانت منتفية في قبور الأنبياء ، لكون أجسادهم طرية لا يكون لها صديد يمنع من الصلاة عند قبورهم ، فإذا كان النهي عن اتخاذ المساجد عند القبور يتناول قبور الأنبياء بالنص ، علم أن العلة ما ذكره هؤلاء العلماء الذين قد نقلت أقوالهم ، والحمد لله على ظهور الحجة وبيان المحجة . والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
كتاب {فتح المجيد شرح كتاب التوحيد}
الإمام عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
ت 1285 هـ .

إبراهيم يوسف
11-16-2005, 10:29 PM
جزاك الله خيرا

قاسم علي
11-17-2005, 03:20 PM
وياك...............

12d8c7a34f47c2e9d3==