المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قول أهل السنة في آيات الصفات


كيف حالك ؟

قاسم علي
10-06-2005, 10:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قول أهل السنة في آيات الصفات

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ تعالى ‏(112)‏ ‏:‏ ما قول السادة العلماء أئمة الدين في آيات الصفات؛ مثل قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 5‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 59‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 11‏]‏، إلى غيره ذلك من آيات الصفات وأحاديث الصفات‏؟‏ كقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن‏)‏ ‏(113)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏يضع الجبار قدمه في النار‏)‏ ‏(114) إلى غير ذلك، وما قالت العلماء فيه ‏؟‏

فأجاب ـ رضي الله عنه ـ بقوله‏:‏ الحمد لله رب العالمين‏.‏ قولنا فيها ما قاله أئمة الهدى الذي أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم‏.‏ وهذا هو الواجب على جميع الخلق في هذا الباب وغيره؛ فإن الله عز وجل بعث محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهدى ودين الحق؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد‏.‏‏.‏ وشهد له بأنه بعثه داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، وأمره أن يقول‏:‏ ‏{‏قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي‏}‏ فمن المحال أن يكون السراج المنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وأمر الناس أن يردوا ما تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى ما بعث به من الكتاب والحكمة، وهو يدعو إلى الله وإلى سبيله بإذنه على بصيرة، وقد أخبر الله بأنه أكمل له ولأمته دينهم وأتم عليهم نعمته‏.‏ محال مع هذا وغيره أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبسًا مشبهًا ‏!‏ ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه وما يمتنع عليه أي‏:‏ ما يجب أن ينزه عنه؛ فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس وأدركته العقول‏.‏ فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا ‏؟‏

ومن المحال أيضًا أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة ‏(115)‏ يعني آداب قضاء الحاجة، وقال‏:‏ ‏(‏تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك‏)‏ (116) وقال فيما صح عنه أيضًا‏:‏ ‏(‏ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم‏)‏ ‏(117)‏، وقال أبو ذر‏:‏ ‏(‏لقد توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منع علمًا‏)‏ ‏(118)، وقال عمر بن الخطاب‏:‏ قام فينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقامًا فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه‏.‏ ورواه البخاري ‏(119)‏.‏ ومحال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف وعبادته أشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب‏.‏

بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية؛ فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان ورحمة، أن لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غاية التمام‏؟‏ ثم إذا كان قد وقع ذلك منه فمن المحال أن يكون خير أمته وأفضل قرونها قصروا في هذا الباب زائدين فيه، أو ناقصين عنه‏.‏ ثم من المحال أيضًا أن تكون القرون الفاضلة - القرن الذي بعث فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم - كانوا غير عالمين، وغير قائلين في هذا الباب بالحق المبين؛ لأن ضد ذلك إما عدم العلم والقول، وإما اعتقاد نقيض الحق، وقول خلاف الصدق، وكلاهما ممتنع‏.‏

ثم بين الشيخ ـ رحمه الله ـ وجه امتناع ذلك فقال‏:‏ أما القول ـ وهو ألا يكون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد بين - فلمن في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم، أو نهمة في العابدة، يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه، ومعرفة الحق فيه أكبر مقاصده وأعظم مطالبه، أعني بيان ما ينبغي اعتقاده، لا معرفة كيفية الرب وصفاته، وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر‏.‏

وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجودية؛ فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى الذي هو من أقوى المقتضيات؛ أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم‏؟‏ هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق وأشهرهم إعراضًا عن الله وأعظمهم إنكبابًا على طلب الدنيا والغفلة عن ذكر الله تعالى؛ فكيف يحق في أولئك ‏؟‏

وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه؛ فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف حال القوم‏.‏ انتهى ما نقلناه من كلام الشيخ ـ رحمه الله ـ وهو يتلخص في أمور‏:‏

أولًا‏:‏ أن الواجب علينا اعتقاده في أسماء الله وصفاته‏:‏ هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أنها حق على حقيقتها ومدلولها‏.‏ لا ما يعتقده علماء الكلام من أنها مجرد ألفاظ لا تدل على معان، أو أن لها معاني لا يعلمها إلا الله‏.‏ أو أنها يجب تأويلها وصرفها عن ظاهرها إلى معان مجازية ما أنزل الله بها من سلطان‏.‏

ثانيًا‏:‏ أنه محال أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يبين لأمته ما يعتقدونه في الله وفي أسمائه وصفاته، حتى يأتي هؤلاء الخلوف ويتكلفون لها أنواع التأويلات وغرائب المجازات ‏!‏

ثالثا‏:‏ أنه محال أن لا يكون سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين قد تلقوا بيان ذلك عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبلغوه لمن بعدهم كما تلقوه عن نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ ومن هذا يتبين أنه يجب علينا اعتقاد ما دلت عليه هذه النصوص على ظاهرها لا نتدخل بعقولنا ولا نحكم أفهامنا القاصرة في آيات الله وأحاديث رسوله ولا نحيد عن منهج السلف ومن أراد أن يمشي معنا على هذا الطريق الواضح فعلى الرحب والسعة، ومن أراد غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا‏.‏
أضواء من فتاوى ابن تيمية
سماحة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

قاسم علي
10-09-2005, 07:04 PM
لللللللللرفع

12d8c7a34f47c2e9d3==