المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ طالب العلم و الانتخاب ] لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله تعالى-


كيف حالك ؟

محمد الصميلي
09-02-2005, 08:06 PM
طالب العلم و الانتخاب
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله تعالى-
من شرحه المفرغ على كتاب الطهارة من بلوغ المرام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم به علينا وتفضل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.
أما بعد:
فأسأل الله -جل وعلا- أن يجعلني وإياكم ممن حمل علما نافعا، وعمل عملا صالحا، وبين يدي هذا الدرس ثم طريقة ينبغي لطالب العلم أن يتعاهد نفسه بها، وهذه الطريقة يسميها بعض أهل العلم الانتخاب، ومعنى الانتخاب: أن طالب العلم كثيرا ما يمر عليه مسائل أو فوائد إما في التفسير، أو في الحديث، أو في العقيدة، أو في الأحكام، أو في الآداب من تحرير بعض المسائل، أو بيان بعض أوجه الدلالة من الآية، أو من الحديث، أو نحو ذلك مما يكون فائدة نفيسة يستفيدها طالب العلم، وإذا كان كذلك فإن مرور تلك الفوائد بدون تقييد يضيعها، والمرء يذكر اليوم وينسى غدا  نسي آدم فنسيت ذريته  ؛ ولذلك يفضل أن يكون عند طالب العلم دفاتر خاصة يكتب فيها ما يريد أن يستذكره من العلم، ما يريد أن يحفظه من تحقيق المسائل، أو من النقول عن أهل العلم، أو من الفوائد المختلفة، وهذا هو الذي يسمى الانتخاب.
والانتخاب له طرق ووسائل منها: أن يمر على كتاب من كتب أهل العلم فيستخلص منه الفوائد، وهذه الفوائد التي يستخلصها قد تكون عنده فوائد، وعند من هو أعلى منه وسبقه في الطلب ليست كذلك، وهو لن يتقدم في الطلب، وتكون عنده الفائدة، فائدة حتى يكتب ويستظهر هذه الفائدة حتى تكون واضحة عنده، وبعد زمن لو مر على هذا الكتاب وجد أن من هذه الفوائد التي سجلها ما لا يعد فائدة؛ لأنه من المعروف المشتهر عند أهل العلم ولكتابة هذه الفوائد ولانتخابها يعني بقراءة كتاب سواء كان طويلا أم كان مختصرا لذلك طريقتان:
الأولى : أن يقيد الفوائد في مقدمة الكتاب، في طرة الكتاب، في غلاف الكتاب، يقول: في الصفحة الفلانية بحث كذا، ثم إذا انتهى من الكتاب رجع ونقل هذه الفوائد إلى كراسته أو إلى دفتره.
والطريقة الثانية: أنه يحضر معه أوراق مستقلة في كل ورقة يذكر الجزء والصفحة من هذا الكتاب، أو الصفحة وحدها، ويذكر عنوان المسألة حتى إذا أتم القراءة حتى لا تتقطع عليه القراءة بالنقل وبالكتابة يعود مرة أخرى فيسجل تلك الفوائد، لا شك أن أي طالب علم قد يصيبه ملل بين الحين والآخر من كثرة المطالعة، أو من الحفظ، أو من البحث، أو من المراجعة، فمثل هذه الفوائد وهذه الدفاتر التي تكون عنده في فترة الملل يرجع إليها، فبالتجربة ينشرح صدره لوجودها، ويستذكر بها كثيرا من العلم، ويستفيد، وتكون له كالتكرار.
الطريقة الثانية: أنه ليس شرطا أن يمر على كتاب بأكمله، بل إذا سمع فائدة من عالم، أو من طالب علم، أو من معلم فإنه يذكرها في دفتره الخاص، أو قرأ في كتاب، أو قرأ بحثا في مجلة متخصصة، أو نحو ذلك، فإنه يورده في كتابه، ثم يرجع إليه بعد تقييده مراجعة ودرسا.
المرحلة الثالثة: أنه إذا قيد ذلك حبذا حتى تستقر المعلومات عنده أن يبحث هذه المسائل، يعني أن يراجعها في كتاب آخر، يبحث وينظر ماذا قال العلماء في بحث المسائل هذه؟ وإذا كانت مسألة لغوية ماذا قالوا فيها؟، إذا كانت مسألة في التفسير ماذا قال الآخرون فيها؟، ثم يقيد هذا البحث؛ تتمة لما نقله في البداية، وهذه تثبت المعلومات، ويستفيد طالب العلم مع الانتخاب بحثا وتحريرا، وهذا مهم في الحقيقة أعني الانتخاب لطالب العلم، وأن يحرص على دفاتره، وعلى كراساته هذه أو على كراريسه؛ لأنه يحتاج إليها في المستقبل كثيرا، ولا شك أن العلم صيد والكتابة قيد، فلا بد من تقييده، والذي يسمع ولا يكتب يذهب عنه العلم، ولا يتهيأ له مراجعته، وقد لا تتهيأ له مذاكرته وبحثه وتحريره نعم.


وقال كذلك –حفظه الله تعالى- : الحمد لله المحمود بكل لسان المُثْنَى عليه بكل جنان، له الحمد كله أن هيَّأ لنا من أمرنا رشداً، ومَنَّ علينا بالفقه في الدين واتباع سنة سيد المرسلين، فله الحمد كثيراً كما أنعم علينا كثيراً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً أما بعد :
فأسأل الله -جل وعلا- أن يجعلني وإياك ممن إذا أُعطى شكر، وإذا ابتلى صبر، وإذا أذنب استغفر، كما أسأله -جل وعلا- في هذه الساعة المباركة ألا يحرمني وإياك فضل العلم، وألا يكلنا فيه إلى أنفسنا، اللهم ثبت العلم في قلوبنا، ونوِّر بصيرتنا، واجعلنا ممن يحملون العلم الذي تحبه وترضاه إنك سميع قريب، ثم إن من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها العناية بكتبه، والكتب كثيرة في هذا الزمان جداً، وكثرتها أذهبت عند كثيرين حسن العناية بها، وأوجه العناية بالكتاب مختلفة، لكن من أهمها العناية بالتعليق، والكتابة على الكتاب.
فأرى كثيراً من طلبة العلم من لا يحسن كيف يحشي على الكتاب، وكيف يكتب للفوائد على نسخته مما يسمعه من المعلم، أو من العالم، أو مما يقرأه في كتاب، ويبحثه ويريد أن يعلقه على نسخته، ولا شك أنه إنما علَّق وكتب على نسخته ليبقى له ذلك إذا أراد الرجوع إليه استذكاراً، أو أراد الرجوع إليه حفظاً ودرساً.
والإمام أحمد -رحمه الله- وغيره من أئمة أهل الحديث والعلم والسنة نهوا في الكتاب عن أشياء، نهوا أن يكون الخط صغيراً بحيث إنه إذا احتاج إليه في زمن يأتي لا يتمكن من قراءته، وهذا نجده كثيرا في بعض التعاليق على الكتب.
تجد أنه يصغر الخط، ويرص الكلام حتى إذا أراد أن يرجع إليه صار عنده صعوبة في استخراج ما كتب هو، حتى إن بعضهم لا يحسن أن يقرأ خطه؛ لأجل صغر الخط، كذلك نهي عن الاستعجال في الكتابة إذا أراد أن يحشي أو يكتب تقريراً للعالم، فإنه لا يستعجل في الكتابة ؛ لأن الاستعجال قد يبدل الكلام، وقد يفوته بعض الشيء، ولهذا الأنسب من أن يكتب على الكتاب مباشرة أن يكون معه كراسة خاصة يكتب فيها بسرعة ما شاء ثم بعد ذلك ينتخب فائدتها كتعليق وتحشية، ويجعلها على نسخته من الكتاب.
ومن الآداب في التعليق أن ينسب التعليق إلى قائله، وألا يطلق فيقول مثلاً : قال فلان كذا أو سمعت فلاناً من العلماء أو المشايخ يقول كذا، أو يذكر الكلام، ثم يجعل في آخره يقول: انتهى من كلام مثلاً شيخنا فلان، وأشباه ذلك هذا يميز القول؛ لأنه قد يقرأ الكتاب على عالم آخر، وعلى عالم ثالث، وقد يقرأ هو بحثاً فيحرره ويحشيه على الكتاب حتى لا يمتزج الكلام من هذا وهذا دون معرفة للقائل.
والمسائل قد يختلف العلماء في توجيهها، وفى التعليل لها، وفى حسن الاستدلال فينبغي أن يتعاهد أن ينسب كل قول إلى قائله أيضاً من الآداب التي ينبغي أن يعتني بها في الكتابة على كتابه، أن تكون الكتابة إلى أعلى الكتاب لا إلى أسفل، وأن يعتني بذكر الموضع الذي يريد التعليق عليه، ونعنى بالكتابة إلى أعلى لا إلى أسفل أنه مثلاً الآن عندك في البلوغ إذا أردت أن تكتب مثلاً فائدة على حديث فتكون الكتابة من هذا الحديث، وأعلى الصفحة.
أما الكتابة إلى أسفل فإنك لا تدرى ماذا سيأتي من الكلام على الحديث الآخر، وعلى الحديث الذي بعده، وكذلك في التحشية على كتاب نحو أو أصول أو فقه إلى آخر العلوم.
ولهذا ذكر علماء الحديث في المصطلح في كيفية الكتابة ذكروا آداباً عظيمة ينبغي العناية بها، فلعلكم ترجعون إليها في كتب المصطلح؛ لأنها من الآداب المهمة، وكلما اعتنيت بالكتاب الذي معك وبحواشيه، وبالكتابة عليه كلما نفعك في وقت الحاجة.
أيضاً من الآداب أن يعتني طالب العلم بأن تكون كتابته على نسخة صحيحة، واليوم الموجود من الكتب بأيدي الناس منه ما هو معتنًى به، ومنه ما ليس معتنًى به.
ولهذا ينبغي أن يسأل عن النسخة هذه مثلاً البلوغ أيش أفضل نسخة فيه مثلاً، الرد على الزنادقة ما أفضل طبعة له "الموقظة" أنسب طبعة لها أيش السليمة أو الحسنة، فيسأل المعتني بالعلم والكتب من طلاب العلم، ويكون بعد ذلك محصلاً لنسخة صحيحة أو جيدة وتكون تعاليقه عليها محفوظة عنده لوقت الحاجة هذه إشارة ولعلكم تستخرجون ما غاب من الفوائد أو من الآداب مما ذكر نعم.

12d8c7a34f47c2e9d3==