المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سمات منهج السلف الصالح / للشيخ عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان


كيف حالك ؟

أبوعكاشة الأثري
08-27-2005, 06:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيدنا محمد، وعلى آله صحابته أجمعين، والتابعين إليه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن منهج السلف الصالح هو المنهج الذي أمر كل مسلم أن ينتهجه وأن يتبعه وأن يلزم هذا المنهج.
واللزوم والعمل بهذا المنهج.
والمنهج الطريق.
والسلف الصالح هم في اللغة كلمة سلف أي تقدم، فكل ما تقدمك أو تقدم عليك أو تقدم قبلك من عمل أو ما تقدم من آبائك أو أجدادك فكلهم سلف لك؛ أي تقدموك.
والاصطلاح في السلف الصالح الذين أُمرنا أن نتبع منهجهم هم الصحابة والتابعون؛ أي هم أهل القرون الثلاثة الذين امتدحهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الذين يقتدون بالكتاب والسنة ويعملون بما فيهما نصا وروحا، بخلاف أهل البدع والضلال من الخوارج والقدرية والمعتزلة ومن وافقهم فإنهم يعيدون كل البعد عن هذا المنهج الذي أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باتباعه وانتهاجه.
فالقرون الثلاثة هم القرون المفضلة، فيجب علينا أن نقتدي بهم.
فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين لنا فضل الصحابة رَضِيَ اللهُ عنْهُم قال «لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» فامتدحهم بهذا المدح، وأثنى عليهم بهذا الثناء الجميل، وأمر باتباع الخلفاء الراشدين المهدين فقال «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة»، وقال «اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر».
والصحابة رَضِيَ اللهُ عنْهُم ساروا على هذا النهج؛ نهج الأئمة المهديين، ثم انتهج التابعون هذا المنهج.
إذن فعلينا جميعا أن نقتدي بهم ونلزم طريقتهم.
وسماتهم أنهم يخالفون أهل البدع لكونهم يتمسكون بنص الكتاب والسنة فلا يحرفون ولا يشبهون ولا يعطلون، وإنما يؤمنون بما جاء النهي عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حسب ما يفهمون من ذلك الفهم الصحيح الموافق للغة العرب، بخلاف الذين يؤولون التأويل الذي يعتبر من باب التحريف.
فهم يقسمون التوحيد إلى قسمين:توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية، ويثبتون الأسماء والصفات حسب ما جاء في النصوص.
وهم أيضا يتابعون أو يؤمنون في باب الأمور الغيبية يؤمنون بما جاء في النصوص فيؤمنون بكل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يؤمنون بذلك من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فيؤمنون كما جاءت عن الله وعن رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حسَب ما جاء في هذه النصوص يؤمنون به ولا يخرجون عن ذلك قيد أنملة.
كما أنهم يؤمنون بوجوب السع والطاعة لمن ولاّه الله أمرهم في الأحاديث الصحيحة وفي قول الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾[النس اء:59]، وفي قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «من يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله» في نصوص كثيرة، إنهم يؤمنون بالنصوص التي جاءت في هذا الباب حتى مع الاستئثار، ومع وجود نوع من الظلم مثلا.
فهم يؤمنون -كما جاء في النصوص- يؤمنون بوجوب السمع والطاعة في اليسر والعسر في المنشط والمكره والأثرة، ولا يفعلون كما يفعل الخوارج المتقدمون والذين انتهج نهجهم الخوارج المعاصرون.
فالخوارج المتقدمون هم الذين خرجوا على عثمان رَضِيَ اللهُ عنْهُ، وضربوا بالنصوص عرض الحائط، فلم يسمعوا ويطيعوا حتى في حال الأثرة؛ بل خرجوا على عثمان رَضِيَ اللهُ عنْهُ بشبهة الاستئثار في المال والمناصب.
وهذا المخالف للنصوص الصحيحة الصريحة في وجوب السمع والطاعة حتى مع وجوب ذلك.
ثم خوارج علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ، خرجوا عندما كفّروه وكفّروا من معه من صحابة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشبة باطلة، وهي أنه لم يحكم الكتاب والسنة؛ بل حكم في دينه الرجال كما يزعمون، وهذه شبهة يتعلق بها خوارج العصر، فإنهم يكفرون بالمعاصي ويفعلون كما فعل أسلافهم من خوارج علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ، ويقولون بالحاكمية ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ;[المائدة:44]، ولا يفصلون في ذلك كما فصله سلف الأمة وأئمتها وأجمع عليه أهل السنة والجماعة.
فالتكفير بالذنب لا يفعله إلا أهل البدع كالخوارج ونحوهم.
أما أهل السنة والجماعة وسلف الأمة فهم لا يكفرون بالذنب حتى من حكم بغير ما أنزل الله إذا لم يكن قد اعتقد أنه يجو له ذلك وهو أن يحكم بغير ما أنزل الله أو أن هذه الأحكام ماثلة لحكم الله أو أنها أحسن من حكم الله.
ومن فعل ذلك لشهوة في نفس أو لغرض دنيوي مع اعتقاده أن حكم الله أحسن وأنه لا يجوز لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله، فإن هذا لا يكفر وإنما مذنب مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، كما نقل ابن عبد البر إجماع العلماء من أهل السنة والجماعة على أن قوله عز وجل ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ;[المائدة:44]، فإن هذا كفر العمل لا كفر الاعتقاد، وكما قال عبد الله بن بعباس رَضِيَ اللهُ عنْهما قال: ولم يقل بذلك إلا أهل البدع المعتزلة والخوارج والجهمية. هذا ما قاله هو وما نقله غيره وقد أوضحنا هذا في محاضرة سابقة.
ونحن في هذا اللقاء نختصر اختصارا حتى نتيح الفرصة للأسئلة التي توجه من قبل الحاضرين في هذا المكان وفي الأمكنة المرتبطة بهذا اللقاء.
سمات المناهج المخالفة.
أما المناهج المخالفة فلاشك أنهم كما قلنا يكفّرون بالذنوب وأيضا يخرجون على الأئمة، كما فعل الخوارج في هذا العصر، يخرجون على السلاطين والأئمة بشبه باطلة واهية ويفعلون كما فعل أهل البدع والخوارج والمعتزلة الذين يرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على الأئمة؛ لكن أهل السنة والجماعة سلف الأمة السلف الصالح لا يفعلون ذلك ولا يقرون به، وهم يخالفون أهل البدع ولا يكفرون معينا حتى ولو قالوا بالتكفير بما هو كفر حقيقة، لا يكفرون معينا إلا إذا توفرت فيه الشروط وانتفت فيه الموانع.
وأيضا إذا قامت عليه الحجة عاند وكابر، من الذي يقيم الحجة؟ ومن الذي يقيم عليه الحجة؟ هو الإمام أو نائبه أي القضاء ما نص على ذلك فقهاء الإسلام في كتاب باب أحكام المرتد، وهم الذين يقومون بمناقشة من ارتكب مكفرا من المكفرات، ثم يستتيبون كما أمر عمر رَضِيَ اللهُ عنْهُ ثلاثة أيام، ويحسنون إليه لعله أن يراجع نفس ولعله أن يرجع إلى درين الإسلام، فإذا أصر بعد الثلاثة أيام، وعند ذلك حكم بقتله من قبل القاضي، ثم نفذّ فيه حكم الله عز وجل «من بل دينه فاقتلوه».
أما أن يقوم كل أحد بهذه المهمة وأن يكفر المعين دون إقامة الحجة وبدون توفر الشروط وانتفاء الموانع، حتى ولو توفرت الشروط لابد من انتفاء الموانع، قد تتوفر الشروط ولكن لا تنتفي الموانع.
فقد يكون الذي توفرت فيه شروط التكفير قد يكون جاهلا والجهل مانع، قد يكون مكرها والإكراه مانع، قد يكون متأولا والتأويل مانع أيضا من تكفيره، كما أن الذي شك في قدرة الله عز وجل عندما قال لأولاده: احرقوا جسدي وذروه في اليم. الله عز وجل غفر له -ونختصر الحديث- وهو قد شك في قدرة الله، والشك في قدرة الله كفر؛ ولكن لما توفر هذا الشرط انتفى المانع وهو الجهل، فعذره الله عز وجل بجله وغفر له، والله لا يغفر لمشرك ولا لكافر كما في نص القرآن الحكيم ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾[النسا ء:48،116]، ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ ;[الزمر:65].
فإذن تكفير المعين لابد له من هذه الأمور وهم يخالفون في هذا.
بقي عندنا جزئية مهمة جدا، وهي الفرق بين منهج السلف والمناهج الأخرى كفتنة خلق القرآن؟
نجد أن سلف هذه الأمة وأئمتها كالإمام أحمد وأئمة السنة والجماعة رَضِيَ اللهُ عنْهُ وعفا عنه نجد أنه وقف وقفة قوية في فتنة خلق القرآن، وهي التي تولى كبرها علماء سوء وأقنعوا بها سلاطين الدولة العباسية، فأخذوا على عاتقهم إلزام الناس بهذا القول -القول بخلق القرآن- والقول بخلق القرآن كفر.
ومع هذا فإن إمام أهل السنة والجماعة صد لهذا الباطل، ولهذه الفتنة فبين أن هذا لا يجوز وأن ليس من المنهج الصحيح، وكلامه منزه غير مخلوق منه نزل وإليه يعود.
ثم لم يقل برفع السيف على هؤلاء الذين قالوا بهذا القول ودرأ الفتنة بالنصح والإرشاد والدعوة إلى الرجوع إلى مذهب السلف، حتى أن علماء بغداد اجتمعوا فطلبوا منه الخروج، فرفض ذلك وقال ما قال: إنه يترتب على هذا أن تسف الماء، وتنتهك المحارم، وتنقطع السبل فأمر بالصبر على هذا الجور وعلى هذه الفتنة، قال حتى يستريح بر ويُستراح من فاجر.
هذه وقفة إمام أهل السنة والجماعة الذي يفهم النصوص الفهم الصحيح ويفهم المنهج الفهم الصحيح، وليس الذين يقومون بتكفير المسلمين وتكفير المجتمعات الإسلامية، ويزعمون أنهم هم الذين على الصراط المستقيم، ثم يسوغون لأنفسهم الخروج ونشر الفتن وزعزعة الأمن، وإضعاف المسلمين بهذه الزعازع، وبهذه الأعمال فإن هؤلاء في الحقيقة لا يدرون المصالح ولا يبعدون الأمة الإسلامية عن المفاسد، فهؤلاء أبعد الناس عن هذا المنهج الذي هو مراعاة المصالح ودرء المفاسد والنصح للأمة وارتكاب أنى المفسدتين لدرء أعلاهما، ومحاولة الإصلاح بالطرق السليمة التي توصل إلى الخير وتدفع الشر بدون إثارة الفتن، وبدون تحكيم العواطف والشهوات ورغبات النفوس.

شكر الله لصاحب الفضيلة عبد المحسن بن ناصر العبيكان المستشار بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية هذه الإيضاحية الموجزة في المنهج السلف الصالح ولزوم هذا المنهج.
وأترك المجال للمقدم إذا لديكم بعض الأشياء قبل أن نبدأ إن شاء الله بفتح الحوار.
قبل أن نعرض الأسئلة، نستأذن الشيخ بأن نعرض نتائج المسابقة العلمية بين حلقات التحفيظ أتركها للشيخ سليمان.
بسم الله الرحمن الرحيم، بالمناسبة قبل قراءة النتائج حديث صاحب الفضيلة الشيخ عبد المحسن سيكون كالمعتاد عليه بعض الأسئلة الذين تابعوا بالورقة والقلم ربما سيكون في مقدمة السبق...
إذن نطرح الأسئلة الثلاثة في كل مجلس علمي وفي كل لقاء من لقاءات الإجابة مختصرة ومن واقع ما استمعتم إليه من صاحب الفضيلة عبد المحسن:
1- ما شبهة الخوارج المتقدمين الذين خرجوا على عثمان رَضِيَ اللهُ عنْهُ؟
2- ما موضع الاتفاق بين الخوارج الذين خرجوا على علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ وبين خوارج هذا العصر الخوارج الجدد؟
3- ما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة؟
هذه ثلاثة أسئلة.
= 625;

الأسئلة
جمعية إحياء التراث من الكويت
ومقدم الأسئلة الشيخ علي الوسمي إمام وخطيب وزارة الأوقاف فليتفضل:
الشيخ علي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة ....
س/ هل يكفَّر الحاكم بمجرد تلفظه بعض الألفاظ كقوله مثلا: نؤمن بالديمقراطية، أو نحوها نحترم الدستور ولا نخرج عنه، ونحوها من العبارات؟
ج/ الجواب أنّ المسلم قد يتلفظ بألفاظ لا يريد إلا معنًى يفهمه هو من هذا اللفظ، ولابد أن نحمل من قال هذا القول على منهجه وعلى ما يعتقده وما يُظهره في أقواله التي نستمع إليها دائما.
فالذي يقول: إنا نتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعقيدة الإسلام هي عقيدتنا، لا نؤمن إلا بها، هذا الذي يقول هذا القول، إذا قال كلمة قد لا يُدرك المعنى الذي يقصد الآخرون بها.
وهناك من يفهم الديمقراطية على أنه يُعطى أو تعطى الحرية للناس في بعض الأمور أو كثير من الأمور التي لا تتعارض مع الشرع مثل الانتخابات ونحوها.
فالذي يفهم هذا الفهم لا يجوز لنا أن نقول إنه قد ضل أو كفر عندما قال نؤمن بالديمقراطية.
والذي يفهم بأن الديمقراطية هي الحرية في كل شيء وأنه يسمح للإنسان أن يعتقد ما يشاء ويؤمن بأي دين ولو خالف دين الإسلام فهذا القول باطل، وقد لا يقصده كثير من المسلمين الذين يطالبون بالديمقراطية، وإنما يطالبون بهذه الديمقراطية على فهمهم، وهي الديمقراطية وهي الانتخابات والحصانة وأن ينتخب الناس من يرشحون للمجالس ونحو ذلك، فالذي يفهم هذا الفهم لا يجوز لنا أن نفر ولا أن نضلله.
فإذن كما تقدم فإن أهل السنة والجماعة وسلف الأمة لا يفرون شخصا إلا بتوفر الشروط وانتفاء الموانع، وقلنا أن من الموانع الجهل.
وإذا كان الشخص يجهل كلمة لا يعرف لها معنى إلا يفهمه هو منها، فهذا لا يجوز لنا أن نكفر ولا أن نضلله. والله أعلم.
س/ .مناصحة الحاكم أمام طلبة العلم وأمام العامة؟
ج/ منهج السلف أنهم لا يثيرون الفتن بين عوام المسلمين، وإنما إذا حصل من الحاكم الفسوق والعصيان فإنهم يناصحونه في السر كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديث الصحيح «من أراد أن ينصح بذي سلطان فلا يبده بذي علانية وليأخذ بيده فإن قبل منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه» فمناصحة السلطات تختلف عن مناصحة الآخرين.
فمناصحة عوام الناس قد تكون بالعلن، وقد تكون بالسر.
فالشخص الذي يخفي معصيته ويستحيي أن يظهرها بين الناس، فهذا لا يجوز لأحد أن يناصحه علنا، فإن هذا من التشهير وليس من النصح، وقد ذكر الإمام ابن رجب رحمه الله في الفرق بين النصيحة والتعيير، هذا كتاب جيد، في الفرق بين النصيحة والتعيير ذكر هذه الضوابط.
الذي ينصح لا يشهر بالناس، ولا يُظهر معايبهم، وإنما يناصح أخاه المسلم الذي ارتكب معصية فيما بينه وبين غيره.
إنما هناك أمر يجوز أن يعلن أو أن تُعلن مناصحة هذه المعصية فيما لو أظهرها وفاخر الناس بارتكابها وأظهر الفجور، فإن هذا لا بأس من التشهير به، وكما جاء الذي رواه الطبراني بإسناد حسن «أترعوون عن ذكر الفاجر أذكروا بما فيه حتى يحذره الناس»، وجاء أيضا من قول الحسن البصري رحمه الله، وأيضا يدل عليه ما استدل به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من حديث الجنازتين اللتين مرتا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأثنوا على إحداهما خيرا فقال «وجبت» أي له الجنة، وأثنوا على الأخرى شرا فقال «وجبت» أي له النار وقال «أنتم شهداء الله في الأرض»، أو كما جاء في الحديث.
فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرّ من أثنوا الشر على تلك الجنازة، وهو رجل قد مات فإذن عوام الناس يجوز أن يُناصحوا بهذين الطريقين، أما ولي الأمر فلا يجوز إلا سرا، لماذا؟ لأن مناصحة شخص فاجر قد أعلن فجوره واستهتر بحرمات الله، التشهير به قد يردعه ويحمل الآخرين على مجانبة هذا السلوك.
وأما الحاكم فإن التشهير به يضعف قوته وقدره عند الناس، ويحمل الناس على الخروج عليه، فتقع الفتنة التي أمر الشرع بإخمادها ومجانبة المسلمين لها.
ولهذه العلة قد فرق الشارع الحكيم بين مناصحة عوام المسلمين وبين مناصحة ولاة الأمر، فلا يجو مناصحة ولاة الأمر إلا سرا، لما يترتب على إظهار معايبهم بين الناس، التي يترتب عليها بين الناس التي تربو على مفسدة فعلهم وفسقهم.
وفي القاعدة الأصولية: تُرتكب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما.
أما ما جاء في بعض الأحاديث التي يستدل بها البعض من أن الصحابة أنكر علنا مثل أبي سعيد، فإن أبا سعيد رَضِيَ اللهُ عنْهُ أولا هو رأي صحابي، ثانيا أراد أن يزيل منكرا حاضرا وهو تقديم الخطبة على الصلاة، فأمر بتقديم الخطبة على الصلاة في لك الوضع الذي لابد منه؛ لأنه تفوت المصلحة بفوات الوقت وقت الصلاة، فإنه لا يمكن أن يؤخر هذا الإنكار لترك السنة.
فبين لهذا الخليفة والأمير وبين للناس أن السنة هي كذا؛ ولكنه في الحقيقة لم يكن من باب المناصحة العلنية التي تترتب عليها المفاسد، وإنما هو أراد يقيم سنة وأن يبين للناس السنة حتى لا يفهم الناس أن هذا الذي يفعله الأمير من السنة.
كذلك ما نُقل عن بعضهم أنه يستدل بفعل بعضهم مع معاوية رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فإن هذا أيضا هو في الحقيقة مناصحة له فيما بينه وبينه، ولا يترتّب عليه أي مفسدة، وعلى كل حال فإن هذا هو المنهج السليم في المناصحة. والله أعلم.
س/ بعض الإخوة عندنا في الكويت أشكل عليه جوابكم اليوم في قناة mbc حول مشاركة المرأة أو عمل المرأة مع الرجل في المكان الواحد، حيث فهم من فضيلتكم أنكم تقولون بالجواز،نرجو توضيحا؟
ج/ لم نقل بالجواز، إنما لما سألت السائلة عن أنها تقوم بعمل وأنها تختلط برجال.
فقلنا: إذا كان الاختلاط بمثل ما يفعله النساء اللاتي يحتجبن، ويحصل منهن البيع والشراء، وهذا أمر لا ينكره المسلمون، تجد نساء يجلسن في الأسواق يبعن بعض الأشياء، فتبيع للرجال أو تخاطب الرجال في مثل البيع والشراء، المرأة تذهب إلى السوق مثلا فتفاصل البائع تشتري منه.
فإن كان بهذه المثابة قلنا فهذا مع الاحتجاب والاحتشام لا مانع منه.
أما الذي يترتب عليه المفاسد من خلو الرجل بالمرأة أو الملامسة أو حصول الضحك أو حصول المحظورات، هذا لم نقل بإباحته؛ بل قلنا للمرأة يجوز لك أن تبقي في بيتك وأن تأخذي وتتقاضي الراتب؛ لأنك ابتعدت عن فتنة ومفسدة، وأنت قد أحسنت في هذا ولم تقصّري في عملك حتى يقال لا تأخذي ما تتقاضينه من راتب؛ لأن هذا رزق من بيت المال قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن ما يؤخذ من بيت المال فمن باب الرزق. فهي أرزاق وليس بأجرة.
فهذه تأخذ رزقا مقابل ما تقوم به من عمل، وهي لم تصل في هذا العمل وإنا ابتعدت عن فتنة حصلت لم تستطع أن تتجنبها فعلى من أثار الفتنة عليها أن يزيلها حتى تقوم هي بعملها، أو أنها تأخذ أعمالها إلى بيتها أو إلى مكان بعيد عن الرجال، فتقوم بهذا العمل.
فلم نبح أبدا، ولا يجوز لنا أن نبيح اختلاط الرجال بالنساء إلا فيما يحصل من اجتناب المحظورات، فنجد أن النساء والرجال يطفن بالكعبة، وليس هذا الاختلاط المحرم، ونجد أن النساء يدخلن الأسواق يطرقن الشوارع والطرق والسكك وهناك رجال فيها؛ ولكن مع عدم الخلوة ومع الاحتشام والاحتجاب وليس مثل الاختلاط الذي فيه المفاسد والضحك والعبارات المتبادلة ومن الملامسة ومن المحظورات المعروفة والله أعلم.
س/ هل يجوز التعاون مع الرافضة في سد منكر متفق عليه كالاختلاط مثلا؟
ج/ فالتعاون مع الذين ليسوا على منهج سليم في دفع شر هذا لا بأس به ولا حرج فيه إن شاء الله، ولا أعرف دليلا يمنع مثل ذلك والله أعلم؟
س/ هل يؤجر المبتدع على بدعته إن كان استفرغ وسعه في الوصول إلى الحق؟
ج/ كأني فهمت السؤال: هل يُعذر المبتدع في بدعته إذا استفرغ وسعه في البحث؟
الإنسان وطالب العلم المطلوب منه أن يسأل العلماء السلفيين الذي يعرفون الحق وينتهجون المنهج السلفي، فإذا قام بهذا وسألهم فهو معذور ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[ النحل:43، الأنبياء:7].
أما أنه يقال بذل وسعه، كيف بذل وسعه؟ هل يجتهد؟ ما يجتهد، إلا إذا كان من أهل الاجتهاد، أما الذي ليس من أهل الإجتهاد فإنه يسأل العلماء السلفيين. والله أعلم .
س/ يسأل عن هذه العبارة يقول ذكرها بعض المشايخ، فما رأيكم في صحتها، يقول: وخير الهدي هدي السلف؟
ج/ لعل صاحب القول يقول: وخير الهدي هدي السلف؛ لأنهم يهتدون بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وينبغي أن يقال هذا، ولا يقال هدي السلف، وإن كان المعنى لا يختلف إذا قصد هدي السلف؛ لأنهم يهتدون بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله أعلم.
س/ ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحث على لزوم الجماعة فالمقصود بذلك؟ وما الفرق بين لزوم الجماعة والتحزب؟
ج/ لزوم الجماعة أي جماعة المسلمين.
وجماعة المسلمين هم أهل الحق وإن كان واحدا، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين»، فهذه الطائفة المنصورة الناجية هم الذين يقتدى بهم.
ويجب على المسلم أن يلزم هذه الجماعة.
فهذا هو المقصود.
أما التحزب فهذا نهى عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونهى الله عز وجل عنه، وأمر باتحاد الكلمة ونهى عن الفرقة في نصوص كثيرة.
وقد طُلب مني أن أختصر وأوجز في الإجابة لكثرة الأسئلة، فلهذا قد يعذرني بعض الأخوة عن ذكر بعض النصوص لأجل الاختصار.
منطقة الجوف
نستسمح الشيخ بالانتقال إلى منطقة الجوف إلى جامع ابن تيمية مع الشيخ طارق السلامة فليتفوا بالأسئلة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
س/ نسمع كثيرا تقريرات في موضوعات البدعة والمبتدعة؛ ولكن عندما يأتي التطبيق يحصل التناقض مما يدل أن الأمر لا ينطلق من أصوله إنما من هوى، لماذا يردد البعض عظم البدعة وحال أهلها، ثم إذا صدرت من شخص معم عند الناس لم ينكرها، وما رأي فضيلتكم فيمن يثني في من يقول.............. ج/ البدعة قد تكون مفسقة وقد تكون مكفرة، والبدعة هي الاختراع في الدين والإتيان بشيء على خلاف مثال سابق في الشريعة.
فالذي يبتدع في دين الله عز وجل لا شك أنه مبتدع، وبعض العلماء قد يطلق الابتداع على أمور يسيرة، كما قال بعضهم كصاحب المبدع أن من أمرك ألا ترفع يديك في الصلاة فهو مبتدع، مع أن رفع اليدين في الصلاة هو من سنن الصلاة وليس من واجباتها.
ولا شك أن من خالف نهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته والتابعين لهم بإحسان لا شك أنه مبتدع؛ ولكن قد تكون بدعته مفسقة فقط وقد تكون مكفرة.
فالذين يقولون بأقوال كفرية أو يفعلون أفعالا كفرية، فلا شك أن هؤلاء مبتدعة ويكفَّرون بهذه البدع المكفرة.
أما الذين ينتهجون مناهج مخالفة لمنهج السلف؛ ولكنهم لا يفعلون مكفِّرا من المكفرات، وإنما يفعلون مفسقا من المفسقات، فهؤلاء مبتدعون بدعة مفسِّقة، كالأشاعرة مثلا فإنهم مبتدعة ولا شك، فالذي يحرف النصوص ويؤول النصوص الصفات -صفات الرب جل وعلا- لا شك أن هؤلاء مبتدعة ولكن لا نستطيع أن نقول هم كفار خارجون عن الملة.
والذي يكفِّر المسلمين هو مبتدع ضال، وأعظم منه الذي يكفر المجتمعات الإسلامية ويقول إنّ المساجد هي -يعني يجعلها كالمعابد الوثنية- وحتى إن المؤذن عندما يقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله هو كافر أيضا؛ لأنه يقول بقول لا يقوم بالعمل بمقتضاه.
فهذا والعياذ بالله من أضل الناس، ولا يجوز لمسلم لا عالم ولا غير عالم أن يعظم أهل البدع، ولا أن يعظم من يقول بهذا القول أو الذي يقول بمثل هذا القول، الذي يكفر المسلمين بدون أن يكون له حق في التكفير، والذي يأمر الناس بالخروج على الولاة والسلاطين ويثير الفتن، هذا والعياذ بالله من أضل الناس.
هل يجوز لنا كمسلمين وكمتبعين لهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته والتابعين لهم بإحسان، هل يجوز لنا أن نعظم الخوارج، لا يقول بهذا أحد من أهل العلم ولا من يفهم النصوص، فإذا وجد خارجي كقطري بن الفجاءة مثلا أو غيره من أئمة الخوارج هل يقول أحد من أهل السنة: إن هذا إمام من الأئمة، وإن هذا من أهل العلم وأهل الدين وأهل التقى والخير والصلاح. هذا من يقول بهذا القول هو يصادم قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يخرج قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.. أقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة» يأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتلهم ويقول «هم شر قتلى تحت أديم السماء» هؤلاء الذين يصفهم الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بهذا الوصف، وينفر من سلوك سبيلهم، ويأمر بقتلهم ويحذر من منهجهم، ويصفهم بهذه الصفات، ويقول إنهم كلاب النار، يأتي شخص فيقول: هؤلاء الأتقياء الصالحون، هذا لا يفهم الدين حقيقة، هذا قد يكون جاهلا بحقيقة الدين أو أنه متجاهل، أو أنه قد فهم من الدين فهما خاطئا، عندما يعظم الخوارج، أو عندما يعظم من ينهج منهج الخوارج.
ما هو فعل الخوارج؟ هو الخروج عن الأئمة، وأيضا تكفير صاحب الكبيرة، فإذا وجدنا شخصا يكفّر من حكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق، فهذا والعياذ بالله لم ينتهج منهج أهل السنة والجماعة عموما؛ لأن أهل السنة والجماعة كلهم يقولون لا يكفر بمجرد التحكيم -كما ذكرنا في أول هذا اللقاء- وإنما هو كفر العمل لا كفر الاعتقاد، إلا بالشروط التي ذكرناها فالذي يقول بهذا القول هو يقول بقول الخوارج في تكفير علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ ومن معه.
والذي يصوغ أو يأمر بالخروج عن الأئمة هو أيضا ينتهج منهج الخوارج في أمرهم بالخروج عن الأئمة.
إذن هو ينتهج منهج الخوارج المكفرين، ومنهج الخروج على الولاة، هل يسوغ لأحد أن يعظم هذا، أو أن يترحم عليه، أو أن يثني عليه، ومن فعل ذلك فإنه يناصح، إن وجدنا أحدا فعله فإننا نناصحه، إن وجدنا أحدا يثني على من يقول بهذا القول فإننا نناصحه ونبين له الحق والله المستعان.
س/ يذكر بعض أهل العلم أن من موانع التكفير مثلا الشبهة والتأويل السائغ والإكراه، فأرجو ضبط هذه المسألة، متى يكفر صاحب الشبهة أو من وقع في التأويل أو المكره؟
ج/ الذي فهمت الـتأويل السائغ، قد يفهم من بعض النصوص فهما خاطئا؛ ولكن له فهم ممكن، فبعض النصوص تجد أنها صريحة واضحة، فلا يقبل من أحد أي فهم غير الظاهر منها أبدا، وقد تكون بعض النصوص تحتمل أمرين فيؤول هو تأويلا سائغا مقبولا وإن كان مرجوحا، مادام أن فهم فهما صحيحا وإن كان مرجوحا، والفهم الأصح هو الفهم الآخر، هذا نقول له نقول إنه تأول تأويلا سائغا، نعذره في كونه أوّل هذا التأويل، هو قال التأويل السائغ.
الشبهة كما قلنا مثلا الجهل، هذه شبهة مثل من غفر الله له عز وجل عندما ظن واشتبه عليه الأمر وظن أن الله عز وجل لا يستطيع أن يجمع بدنه، هذه شبهة حصلت له والشبه كثيرة.
فالتأويل السائغ هو الذي يحصل للإنسان من فهمه للنص، والشبهة هو أن يفهم أيضا فهما خاطئا ويعمل بعمل لا يأمر به الشرع، فحصلت له مثل هذه الشبهة.
الشبهة إنما تأتي في بعض الأحيان من التأويل غير السائغ، تحدث له شبهة في فهم سقيم.
أما التأويل السائغ هو الفهم الصحيح وهناك ما أصح منه.
والشبهة هو الفهم الذي غير صحيح ولكن بشبهة الجهل عنده عذر؛ يعني شخص جاهل فعذر كما حصل لمن شك في قدرة الله.
والإكراه شخص كما قال عز وجل ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل:106]، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمار بن ياسر «إنْ عادوا فعد»، أي لسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاشك أنه كفر؛ ولكن لما أكره على ذلك أمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتّقي الشر والضرر بارتكاب مثل هذا العمل، فهذا إكراه، فمن أكره فهو معذور في هذا الإكراه، والله أعلم.
س/ بعض الناس ليقولون لا نريد التكفير في بلاد المسلمين، ولكن ندعو لأسامة بن لادن بالنصر ما رأيكم ؟
ج/ مثلا يدعو لأسامة بن لادن بالنصر، إذا كان يقول أنني أدعو بالنصر على أعداء الإسلام والمسلمين، فلاشك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبقوم لا خلاق لهم».
وأنا لا أقول هذا الحديث أصف أحدا بالفجور لا يفهم مني أحد هذا؛ ولكني ذكرت الحديث لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إن الدين قد يتأيد بالرجل الفاجر، إذا رأينا شخصا كافرا يناصر المسلمين فإننا ندعو أن ينصره الله على أعداء المسلمين مادام أنه يناصر المسلمين لهذا قال الله عز وجل ﴿الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء﴾[الروم :1-5]، فرح المسلمون بنصر النصارى على المجوس، وإن كانوا مخالفين لنا في الدين، فرح المسلمون بنصر الذين لهم كتاب على الذين لا كتاب لهم، نحن نفرح بنصر من يناصر المسلمين.
فنحن إذا قلنا مثلا إننا ندعو بالنصر على أعداء الإسلام والمسلمين، فإننا قد فعلنا حسنا.
أما إذا قلنا ندو الله أن ينصره هو وأتباعه والذين يقولون بقتل المستأمنين هنا والمعاهدين والمسلمين من رجال الأمن وغيرهم، وندعو أن ينصره الله في زعزعة الأمن في بلاد الإسلام، لا والله، هذا لا يجوز. ولا ندعو له بذلك؛ لأنه هدانا الله وإياه نحن لا يفهم أحد أننا نفسقه أو نفجره أو نحو ذلك، لا والله، وإنما ذكرنا الأحكام الشرعية فيمن يناصر المسلمين كحكم عام.
هذا أسامة بن لادن هدانا الله وإياه، إذا كان يقاتل قتالا صحيحا في نصرة الإسلام والمسلمين فنحن ندعو له بالتوفيق والنصر؛ ولكن لا يمكن أن ندعو أن ينصره الله مع أتباعه وهو يأتي في وسائل الإعلام في أشرطة عُرضت بالصوت والصورة في بعض القنوات وهو يبارك عمل الذين يقومون بالتفجيرات في بلاد الحرمين.
فهل نقول: إنه يسوغ أن يقول أحد اللهم انصره في هذا العمل الذي يؤيده هو، وهم لا شك أتباعه الذين يقومون بهذه الأعمال جزء كبير منهم من أتباعه، وهو يصرح ويعترف بأنه يناصر هؤلاء وبارك عملهم، ويرى أنهم من الشهداء والمجاهدين.
فلا يجوز لنا إخواننا أن ندعو له إذا كان يناصر هؤلاء. والله أعلم.
منطقة عرعر
ننتقل إلى منطقة عرعر مسجد عبد العزيز بن مساعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س/ يردد البعض أن حديث المشايخ والعلماء قد كثر في هذه المسائل في مسائل البيعة والإمامة والتكفير والخروج وقتل المعاهدين، وأنهم أغفلوا جوانب النصيحة في إنكار المنكرات الظاهرة، وكذلك جانب الوعظ وترقيق القلوب.
فبماذا يجاب عن مثل هذا الإشكال حفظكم الله؟
ج/ نقول: إن العالم أو الداعية لاشك أنه يركز على الأمور الهامة التي يعاني منها المسلمون في وقتم وعصرهم وحاضرهم.
من يقول: إنه ترك مسألة الوعظ والترقيق. خطب الجمعة في كل أسبوع خطبة، وفي كل مسجد خطبة جمعة أسبوعية، وهي تعالج مسائل كثيرة، وفيها الأمر بتقوى الله والترقيق وذكر الجنة والنار، والحث على الطاعة والبعد عن العصية وهذه موجودة ومتواصلة ولم تنقطع، وهناك محاضرات أيضا يقوم بها بعض الدعاة فيها الجانب الوعظي وهي قائمة ومستمرة.
ولكن هناك الكثير الذين لا يتعرضون لموضوع البيعة والإمامة والسمع والطاعة الذين يتعرضون لها قلة، ويندر أو يعتبر عددهم قليل جدا الذين يتكلمون في هذه المواضيع، مع أهميتها، مسألة الوعظ مستمر منذ سنين وقرون، والناس عندما يحتاجون للوعظ مستمرون في وعظهم.
وأيضا مع الوعظ لابد أن نراعي جانب هذه المصائب والكوارث التي حلت في المسلمين، ولابد أن تعالج نتجت هذه الحوادث وهذه الفتن نتجت عن شبه حصلت لهؤلاء القوم الذين قاموا بهذه الأعمال، نتجت عن:
عدم فهمهم للسمع والطاعة.
وأيضا عدم فهمهم لحكم التكفير وتكفير المسلمين.
عدم فهمهم لعدم إخراج المشركين من جزيرة العرب.
عدم فهمهم لموالاة والمظاهرة للمشركين.
فعندما أقوم أنا وقلة من بعض طلبة العلم أمثالي أو العلماء الربانيين، عندما يقوم الجميع بهذا العمل فهو في الحقيقة عمل قليل جدا بالنسبة لأهمية الموضوع، والأكثرون لا نجد أنهم يتعرضون لهذا، وقل ما تجد أنهم يتكلمون عن هذه المواضيع.
وأنا لو حسبت عدد الذين تكلموا في هذا لاستطعت أن أعدهم على الأصابع بينما العلماء كثر وبينما الدعاة أكثر.
ولكن المسألة الآن هي في غاية الأهمية، والناس يحتاجون؛ لأن يتفقهوا في دينهم في هذا الجانب، نحن نتكلم منذ سنين في تعريف الناس بالصلاة والصيام وواجباتها وأركانها والزكاة كذلك والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام إلى غير ذلك، نتكلم دائما وأبدا؛ ولكن في هذا الوقت احتاج الناس إلى التركيز الشديد على هذه المسائل لأنها يترتب عليها فتنة قد تعم الناس جميعا إذا لم يفقهوا دينهم في هذه المسائل العظيمة فهذا هو الداعي للتركيز على المواضيع. والله أعلم.
س/ أكثر من سؤال ورد عن حكم الاكتتاب في شركة (دافكو) الجديدة التي طرحت من قريب الأسهم، ما رأي فضيلتكم حفظكم الله؟
ج/ بالنسبة لهذه الشركات فإنه لا يستطيع الحقيقة الإنسان أن يُفتي حكم المساهمة في شركة إلا إذا عرف حقيقة هذه الشركة وحقيقة نظامها والإطلاع على عملها.
وأنا أجهل هذه الشركة وأجهل تعاملها، سمعت أنهم فقط ربما اكتفوا يعني البيع أو صناعة الألبان ونحو ذلك، وهناك من يقول إنهم يفعلون أشياء مخالفة.
أنا لا أستطيع أن أبين الحكم لأنني أجهل حقيقة هذه الشركة.
والواجب هو أنّ دار الإفتاء واللجنة الدائمة هم يقومون بدراسة مثل هذه الشركات ويطلعون على أنظمتها وأعمالها ثم تصدر الفتوى بعد ذلك بعد الدّراسة، وبعد سؤال أهل الإختصاص والجهات المختصة عن حقيقة هذه الشركات فلذلك يسأل دار الإفتاء عنها، فَهُم ربما الذين تجد عندهم الخبر اليقيني عنها. والله أعلم.
س/ يقول أنه يعمل ممرضا نفسيا، يقول: ويطلب المرضى النفسانيون يطلبون منهم أنهم يعطونهم الدخان ويعتبر هذا كجزء من العلاج يحسن أن يتركونهم بدون مشاغبة. يقول: هل نعطوهم على أنه جزء من العلاج ؟
ج/ أنا أشك في أن فعل ما حرم الله عز وجل يكون علاجا، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخمر «إنها داء وليست بدواء» وقال «تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام»، فلا يمكن أن يكون ارتكاب المحرم، لا يمكن أن يكون علاجا، فلذلك أشك في هذا القول بأنه نوع من العلاج أبدا. والله أعلم.
مدينة جدة
ننتقل فضيلة الشيخ إلى مدينة جدة وإلى جامع الحموري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
س/ كثر لدينا في جدة المرقون، فأحيانا تجد من يعرف في الدين ومن لا يعرف، وأصبح كل يجتهد في أمر رقيا الناس، وكثر عليهم الطلب وأصبحوا يطالبون بمبالغ كبيرة.
فما توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرا؟
ج/ في الحقيقة أن الرقية لها شروط:
وهو أن تكون رقيته بكتاب .
وبالسنة الصحيحة الصريحة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأيضا يجوز أن يرقي بما لا يخالف النصوص، كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «اعرضوا علي رقاكم لا باس بالرقى ما لم تكن شركا».
فالأصل في الرقية والأصل في الدواء، والأصل الحل إلا ما جاء في نص صحيح صريح تحريمه.
فالذين يقومون بهذا العمل إذا كانوا لا يخالفون الكتاب والسنة ولا يفعلون محرما، وإنما يقومون برقية الناس فهذا لا بأس؛ ولكن ينبغي أن يحصل الجزع عند بعضهم فيطالب بالأموال الكثيرة، وأيضا ربما قرأ في ماء أو زيت فطلب ثمنا لهذه القارورة أضعاف قيمتها الأساسية، وهو لم يفعل شيئا سوى ونفث في غيرها نفثة واحدة أو بعض نفثات ولا تكلفه شيئا كثيرا ويطلب مبالغ كبيرة.
فهذا ينبغي أن يوضع له حد، فإنني أطالب الجهة المسؤولة أن تنظم هذا العمل، وتمنع الجشع، وأيضا أن تراقب هؤلاء من جميع النواحي من عدم خالفتهم للشرع، وأيضا من عدم مخالفتهم استغلالهم للناس في أخذ الأموال الكثيرة، واستغلال ضعفهم ومرضهم. والله أعلم.
س/ ما رأيكم في من يقول أن العلماء قد توسعوا في القاعدة الفقهية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. مثلا كتحريم الإنترنت وبعض الأمور المحدثة؟
ج/ أولا العمل بهذه القاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لاشك أن العمل بها واجب، وهو عمل العلماء والفقهاء.
ولكن البعض لا يفهم معنى درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لا يفهم المعنى، فلا يطبق القاعدة تطبيقا صحيحا.
فربما يقول: إن في هذا مفسدة ولا يترتب عليها مصلحة، أو ربما مصلحتها أعظم من مفسدتها أعظم من مصلحتها، والواقع غير صحيح.
فشيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم وهو كتاب له وأيضا ابن القيم وأيضا عبد الرحمن بن سعدي يقولون: إذا أشكل عليك أمر فلم تعرف أحلال هو أم حرام، فانظر مصالحه ومفاسده فإذا غلبت مصالحه مفاسده فاعلم أنه حلال، وإذا غلبت مفاسده مصالحه فاعلم أنه حرام.
إذن قد يكون في العمل مفسدة ومصلحة؛ ولكن هذه المصلحة لا تحصل إلا بمفسدة، فلاشك أنّ درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، إذا كانت المفسدة حاصلة ولابد.
فمثلا شخص -هنا الفرق- شخص يقول سوف أشاهد التلفاز أشاهد المحرم وأشاهد الأخبار والبرامج الدينية والثقافية يقول سوف أفعل هذا كله.
وهناك آخر يقول سوف أقتني هذا الجهاز وسوف لا أشاهد إلا ما أحل الله عز وجل.
فإذا كان الشخص سوف يقتنيه لأجل أن لا يشاد إلا ما أحل الله عز وجل فلا يقال إن هذا الجهاز فيه مفسدة وفيه مصلحة والمفسدة مقدمة على جلب المصلحة؛ لأن هذا لن يستعمله إلا فيما أحل الله فليس فيه مفسدة قطعا.
أما الذي يجزم بأنك إن أعطيته سوف يستخدمه في المعصية مع الطاعة، هذا الذي أنت تمنعه لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، إذا كان تتيقن أنه سوف ترتكب هذا المحرم وسوف يشاهد ما حرم الله عز وجل، فتحصل المفسدة حقيقة وتتيقن حصولها مع المصلحة فأنت تدرأ المفسدة، فتقول: لا أسمح لك بارتكاب المصلحة لأنك سوف ترتكب معها المفسدة يقينا.
هذا الذي يعمل بقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
أما الذي يقول: أنا أحرم عليك الجهاز لأنه ربما ترتكب فيه معصية، هذا ما طبّق القاعدة تطبيقا صحيحا. والله أعلم.
جنوب الرياض
ننتقل جنوب الرياض جامع الإمام أحمد بن حنبل
السلام عليكم وحمة الله وبركاته...
س/ شيخنا الفاضل: ما حكم من يسهر في عمل خير ثم تفوته صلاة الفجر؟
ج/ الذي يقوم بعمل ولو كان واجبا من الواجبات ويترتب عليه فرط فرض وهو أعظم من هذا الواجب لا يجوز له أن يقوم بهذا الواجب ويترك ما هو أوجب.
فكيف بمن سأل عنه السائل بأنه يقوم بعمل ما، قد يكون هذا العمل ليس من الواجبات، وقد يكون من المستحبات، وقد يكون أيضا من الملهيات، هذا لا يسمح له ويقرّ على هذا العمل الذي يقوم به ما دام أنه يترتب عليه فريضة من الفرائض، وهي أعظم أركان الإسلام وألا وهي الصلاة ونحن نناصحه بالقيام بعمله وهو المحافظة على الصلاة، وقد يستطيع أن يقوم به بدون سهر. والله أعلم.
س/ هل الخلاف الفقهي الذي قد يحدث بين من ينهج منهج السف الصالح هل يجد ذلك المعاداة، ومتى تكون المعاداة بين الأخوة؟
ج/ الذي يخالف في الفروع الفقهية لا يجوز له أن يعادي من خالفه.
فالأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الدين كانوا متحابين متآلفين يعظم بعظم بعضا ويثني بعضهم على بعض، وهم يختلفون في كثير من الفروع.
فالخلاف في الفروع أمر واقع.
وقد أقر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحابة رَضِيَ اللهُ عنْهُم على اختلافهم في الفهم كفهم الذين قالوا: إننا نؤخر الصلاة إلى أن نصل إلى بني قريضة ولو فات وقت الصلاة. أخذا بظاهر النص.
ومنهم من قال: إننا نفهم من النص حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الإسراع ولكن لا يمكن أن نفوت وقت الصلاة لأنه يحصل حتى مع الإسراع.
فأقر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفريقين على فمكل منهما، وإن كان أحد الفريقين أصوب رأيه أصوب وأرجح، إلا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقر الفرقين.
فالاختلاف في الفروع أمر مشروع وسائغ مادام كل يعمل باجتهاده وفهمه للكتاب والسنة فلا يجوز المعاداة ولا يجوز التشنيع والتجهيل والسب والشتم لمن خالفك في فرع من فروع الدين.
أما المعاداة فهي أعظم وأشد أن تعادي شخص وهو خالفك في فرع من فروع الدين، هذا لا يجوز لك أن تعاديه، وإنما تناصحه وترد عليه وتبين له رأيك في هذه المسألة وأنه أصوب بالدليل من الكتاب والسنة مثلا لكن بدون معاداة والله أعلم.

ننتقل فضيلة الشيخ لأسئلة الحضور الكرام
شكرا لإخواننا في المحطات التي تحدث أصحابها إلى صاحب فضيلة الشيخ عبد المحسن وكما يقال:
تكاثرت الذئاب على خراش فلا يدري خراش ما يصيد
أنتقي من بين هذه الأسئلة ما جاءنا عبر الأنترنت من دول في العالم كله من الجزائر والنرويج وليبيا وكذلك أيضا من فرنسا والإمارات العربية المتحدة ولو تكرمت بإيجاز في الإجابة، فنا أعرف حرصكم على الوقت وحرصكم على الحضور وإجابة أسئلتهم.
س/ من الجزائر، يقام في بلدنا قبل خطبة الجمعة درس علمنا من بعض المشايخ أن هذا محدث، فهل يجوز لنا حضور هذا الدرس بقصد الصلاة في الصفوف الأولى؟
ج/ يجوز إذا كان بنية الحضور للصلاة. والله أعلم؟
س/ مهنتي كانت بالصحافة قبل انتهاجي لمنهج السلف وكنت محررا في بعض الصحف الرياضية الآن أفكر في الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام هل يجوز لي العمل في بلاد الإسلام لكسب العيش لي ولأسرتي ما الضابط؟
ج/ الضابط إذا كان يقوم بهذا العمل بدون أن يرتكب محظورا من المحظورات، إذا كان في نقل أخبار ونحو ذلك ما في مانع ؟
س/ الشيخ محسن نحبكم في الله، البعض عندنا يجوز لنفسه سرقة مال الدولة بحجة هي الأمر عنهم في ليبيا غير مطبق لحكام الشريعة فكيف نرد عليهم؟
ج/ نقول أحبك الله الذي أحببتنا فيه وأما مسألة عدم تطبيقه للشرع في هذا المال، فإن الإثم يعود عليه وأنت أيضا لا تشاركه في ارتكاب المحرم فتسرق المال وهو مال المسلمين جميعا أو مال المسلمين في ذك البلد، فأنت مسؤول عن فعلك وهو مسؤول عن فعله، ولا يجوز أن تفعل ما حرمه الله عز وجل.
س/ من فرنسا، يقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «غسل الجمعة واجب على كل محتلم»، هل يكون واجبا حتى على المرأة حتى ولو كانت تصلي في بيتها ؟
ج/ هذا الحديث واجب ليس بمعنى الوجوب المعروف وإنما هو كما يقال حقك واجب علي كما صرح به المحقق من أهل العلم وغسل الجمعة مسنون وهو مسنون لكل أحد؛ للرجل والمرأة والجميع؟
س/ ما حكم العمل في مهنة تدريس الموسيقى في المدارس، وإذا كان لا يجوز، فما حكم الرواتب التي استملت عن ذلك؟
ج/ لا يجوز، ولا تؤخذ الرواتب علىهذا العمل.
إخواننا في المسجد وفقهم الله لهم بعض الأسئلة.
س/ من كان في سابقه على هذا المنهج وهو تكفير الحكام كان يعد العدة لقتالهم وذلك لقلة علمه وجهله ولما علم الحقيقة والعلم الشرعي في هذه المسألة رجع ورجع إلى الحق، ماذا يكون عليه فيما سبق؟
ج/ مادام أنه رجع إلى الحق فالحمد التوبة تجبّ ما قبلها والإسلام يهدم ما قبله والصحابة منهم من كان يشرك بالله، فلما تاب كان من أفضل الناس، فالحمد مادام أنه تاب ومن تاب تاب الله عليه.
س/ ثلاثة أسئلة تتعلق بالسحر.
واحد منها يقول: هل يجوز فك السحر بالسحر؟
والثاني: هل صحيح ما نسب إليكم أنكم تجيزون حل السحر بالسحر، كيف تجيبون عن حديث «إن الله لم يجعل شفاء أمتي ما حرم عليها»؟
والثالث: ما الحكم إذا ذهب الإنسان للساحر فيعالج من السحر؟
ج/ أولا (إن الله لم يجعل شفاء أمتي في ما حرم عليها) إذا كان استخدام هذا الدواء استخدام دواء، لتأخذ دواء محرما لتشربه؛ لكن بالنسبة لفك السحر إنما هو إزالة أذى شيء مربوط فتزيل، مثل شخص مقيد كيف تعالجه بفك قيده، وهذا حل السحر بهذا المعنى، هو أن تزيل الشر عنه.
ولكن الذي يقيم بإزالة الشر عنه هو شخص ساحر؛ لكن أنت إنما تفعل هذا ضرورة والذي يفعله هو الذي يقوم بعمله، وهو محاسب عند الله عز وجل إذا كان يعني يعمل أعمالا شركية ونحو ذلك وأنت مضطر.
وفتواي مبنية على قول الفقهاء الحنابلة وغيرهم فجميع فقهاء الحنابلة في كتبهم المختصرات والمطولات تنص على يجوز بحل السحر بسحر مثله ضرورة بهذا النص.
وأيضا الإمام البخاري هذا الرأي، ولما أورد حديث قول عائشة رَضِيَ اللهُ عنْها في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا ترى الشر. لم ينكر عليها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبخاري رأى هذا الرأي وأتى بهذا الحديث، وابن حجر وافقه، وأيضا سعيد ين المسيب والحسن البصري وابن الجوي، وعلماء كثر ولله الحمد، وكان يفتي بذلك عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين يفتون من سألهم عن هذه المسألة يعني أفتوا عددا من الناس فيما بينهم أنه يجوز هذا ضرورة.
والناس اليوم ابتلوا بهذا الشر، حتى بعضهم ما يستطيع أن يصلي، بعضهم ما يستطيع أن يقرب أهله، بعض النساء منعن من الزواج بسبب هذا السحر، وأضرار كبيرة جدا حصلت بسبب هذا السحر، ولا يحل هذا السحر كما يقول حسن البصري إلا ساحر.
فالمسألة هي خلاف وفيها أقوال قوية للعلماء كما ذكرنا وأئمة رأوا هذا الرأي، فلست الوحيد الذي انفرد بهذه الفتوى. والله اعلم.
س/ شيخي يعلم الله أني أحبك في الله، أطلب منك يا شيخ أن تحللني فقد تكلمت فيك كثيرا وفقك الله لكل خيرا.
ج/ أحبك الله الذي أحببتني فيه، وأحل الله على ما بدر منك.
س/ اشترى رجل جاكيت واتّضح له بعد شرائها أنها من جلد الخنزير، ما حكم اللبس إن حل له وما حكم بيعها إن حرم عليه، ما يفعل بعد ذلك؟
ج/ اختلف العلماء في جلود السباع غير جلد الكلب والخنزير.
والصحيح جواز استخدامها بعد الدبغ بالنسبة للسباع غير الكلب والخنزير، هذا هو الصحيح وقد قررناه في كتاب غاية المرام شرح ..الأفهام، لحديث «أيما إيهاب دبغ فقد طهر».
أما الكلب والخنزير وإن كان الإمام مالك رحمه الله وبعض الفقهاء يرخّصون فيه إلا أننا لا نرى جواز استخدام جلد الخنزير ولو دبغ ولا الكلب. والله أعلم .
سؤال موجه لي شخصيا يقول: لماذا لا ينقل هذه الدروس والمحاضرات في أوقات مناسبة وكما هو الحال ينقل في وقت غير ناسب جدا؟
ج/ ننقله ولكن غير موفقين في اختار الوقت، أرجو إن شاء الله في الدورة القادمة في التلفزيون أن يكون أختير له وقت مناسب ما بعد الرابعة عصرا إن شاء الله.
س/ هل هناك تنافي بين الاحتياط والورع في الفتوى، وبين التيسير على الناس بما يخالف النص الشرعي؟
ج/ الروع هو ترك المشتبهات وليس الورع ترك الواضحات، وإنما هو تنطع وتكلف وتعمق.
ولهذا الإمام أحمد لما سئل عن الكتابة والدواة وفيها حبر قال: هذا من الورع المظلم.
الورع الذي قال عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» الذي تشك في حله.
أيضا من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
وقال «كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه» الذي هو حول الحوض.
أما الذي يتيقن أنه يفتي بشيء حلال في ظنه قطعا، هذا لا يسوغ له أن يقول كل شيء حرام، التحليل مثل التحريم كما أنه لا يجوز لك أن تحرم شيئا بمجرد الاحتياط.
فأيضا أنت لا تحله من باب الورع وأيضا لا ترحمه من باب الاحتياط؛ لأنه لا يجوز لك أن تحلل وتحرم بنص صريح ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ﴾[ال نحل:116]، فالذي يحلل بعض الناس يرى التحليل صعب ولكن التحريم سهل، حرا حرام، لا يجوز أن تقول على الشيء حراما إلا وهو حرام قطعا، كما أنه لا يجوز أنتقول حلال إلا وهو حلال قطعا.
كلا الأمرين في كفة واحدة.
س/ بعض الدعاة يشنع على من كان له رأي في بعض المسائل الخلافية المعاصرة، فهل من تمثيل ووصف باختصار؟
ج/ مسألة التأمين وقد ذكرها الأستاذ، مسألة التأمين مسألة خلافية بين علماء العصر، وأيضا قد تكون فك السحر بسحر مثله أيضا من المسائل الخلافية وإن كان الأكثر على الجواز.
س/ قال ابن القيم رحمه الله بما عرّف به الإخلاص هو ما لا يعرفه ملك فيكتبه، هل الملائكة الحفظة لا تعلم بالنية، وماذا يقصد رحمه الله؟
ج/ لاشك أن الملائكة لا يعلمون إلا ما علمهم الله عز وجل، والغيب لا يعلمه إلا رب العباد، وقد يخبر بعض خلقه بذلك. والله أعلم.
س/ لا يخفى على فضيلتكم أثر الإعلام في نهوض الأمة ولا ينكرها عاقل، قناة السعودية من جهود مباركة في جانب الدعوة ونشر الخير ما نصيحتكم إليها وفي ضوء ما نسمعه من دعاوى التحرر ومجاراة العصر.
ج/ أما ما يذكره عن الأخ القناة الأولى فلاشك أن الأخ سليمان جزاه الله خيرا حريصين على كل خير، فإن حصل خطأ فمن غيره، ولا أقول هذا لأنه موجود الآن ولكنني أعرف أنه يحرص أن يجنب هذه القناة كل مخالفة؛ ولكن قد لا تكون عنده الصلاحيات الكاملة؛ ولكن نناصح من هم أعلا منه في المسؤولية أن يجنبوا المسلمين ما يَضيرهم في سلوكم أو عقائدهم أو نحو ذلك في هذه الوسيلة الخطرة، والله أعلم.
س/ هل الكلام في السلاطين يعبر خروجا إذ أنه يسبق الخروج بالسيف، وهل من تكلم بهذا الكلام يصدق عليه الو المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخوارج بارك الله فيكم؟
ج/ الكلام الذي له تأثير على الناس، الكلام هو بداية رفع السيف، الكلام ثم الفعل، وهذا أيضا ما قاله علماء، وهذا أيضا ما سمعته من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يقول: الكلام ثم بعد ذلك السيف؛ يعني رفع السلاح، ولاشك أنه بداية رفع السلاح الكلام، ولهذا الخوارج أول ما بدؤوا الكلام ثم بعد ذلك حملا السلاح فحصل ما حصل.
س/ إذا كان في بلد الإسلام هيئة للإفتاء فهل لطالب العلم أن يفتي أم لا؟
ج/ هو ليس هناك تحجير في الفتوى، فلا يقال أهل هذا البلد لا يفتي لهم إلا علماؤهم، هذا الكلام باطل، وهذا الكلام لا يقوله عالم يفهم الدين حقيقة، يقول لا يفتي أهل البلد إلا مفتوهم، هذا الكلام باطل.
والعلماء قديما وحديثا يفتون كل من سألهم بما يعلمون، والذي يأتي بهذه البدعة ويقول: لا يفتي علماء البلد إلا أهله. هذا أتى بقول مخترع ولم يقله أحد من أهل العلم السابقين أبدا، ولا تقره الشريعة ، الله يقول ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[ النحل:43، الأنبياء:7]. ما قال: اسألوا أهل الذكر من بلدكم واسألوا علماء بلدكم، هذا كلام باطل، فالعلماء من علماء المسلمين يفتون جميع المسلمين، وكل مسلم يسأل العالم الذي يثق في دينه وعلمه من أي بلد كان،كلنا مسلمون، فلا ينبغي أن نفرق المسلمين ونقول لكل المسلمين لهم مفتون متخصصون هذا الكلام باطل لا يسوغ .
س/ أثر الطواغيت كثير ورؤوسهم خمسة، هل هو عن عبد الله بن عباس أم هو مرفوع؟
ج/ الذي أعرف أنه أثر وليس بحديث مرفوع عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
شكر الله لصاحب الفضيلة عبد المحسن بن ناصر العبيكان الحقيقة هذه الجلسة المباركة معه ونطرح الأسئلة من جديد ونأخذ الإجابة وسيقوم فضيلته بتسليم الجوائز على الإخوة الحضور.

-شريط مفرغ-

قاسم علي
11-15-2005, 06:09 PM
جزاك الله خيرا

الموحد
12-06-2009, 08:29 AM
يرفع رفع الله قدر الشيخ

12d8c7a34f47c2e9d3==