المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة مهمة جدا للشيخ فالح حفظه الله-فيها رد على الدي يهثم بالكم ولا يهتم بالكيف-


كيف حالك ؟

أبو عبدالتواب
08-27-2005, 06:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أصل الإجتماع(خُطبة جُمعة مُفرغة)


لفضيلة الشيخ العلامة الوالد:
أبي عبد الرحمن فالح بن نافع بن فلاح الحربي
-حفظه الله تعالى ونفع به-


تفريغ وإعداد:
محمد بن أحمد الصميلي السَّلفي الجزائري
-غفر الله له و لوالديه وللمؤمنين-

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله، ولو كره المشركون.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }(آل عمران:102)
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }(النساء:1)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُم ويَغْفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَنْ يُطِعِ الله وَرسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوزاً عَظِيماَ } (الأحزاب:70-71)
أمـا بـعـد:
معشر الإخوة؛ لقد أرسل الله إلينا هذا النبي الكريم عليه الصلاة و السلام، فجمعنا به بعد الفرقة، وألف بين قلوبنا على ما جاء به صلى الله عليه و سلم {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(التوبة:128) هذا النبي الكريم جاءنا برسالةٍ كلها الخير، وكلها الرحمة، رسالة تجمع و لا تفرق، وهي أساس الجمع، وهي نبراس الأدواء وعلاجها- أدواء القلوب-، فإن القلوبَ تمرض، ومرضها أشد من مرض الأجسام، فما جاء به صلى الله عليه و سلم هو علاجها، وفيه تطبيبها، وما اجتمعت القُلوب إلاَّ على ما جاء به صلى الله عليه و سلم من هدى، ومن نور، من وحيٍّ من عند الله سبحانه و تعالى، لا نجد فيه نقصاً، ولا نجد فيه اختلافاً، ولا نجد (تباعدا) بين كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه و سلم، فهما في الحقيقة أصل الاجتماع، وعليهما الافتراق، وهما آصرة الأُخُوة ورابطة القرابة، ولهذا فإننا نجد كثيراً في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه و سلم نجد كثيراً وصف المُؤمنين بالأُخوة، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات:10)، [المسلم أخوا المسلم]، تجد هذا كثيراً في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، يربط بين المُؤمنين بهذا الرباط الوثيق، هذا الرباط المتين، على تلكم العروة التي لا تنفصم، على صراط الله المستقيم، {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }(الأنعام:153)، أرسل الله إلينا هذا الرسول، وأنزل عليه الكتاب، واختط لنا صراطاً مستقيماً وأوجب علينا أن نتبعه، وأن نسير فيه، وحذرنا من السُبل، ومن الطرق ومن بُنيَّت الطريق، ولم يجعل لأحد علينا سبيلا، ولا لهُ إلينا طريقاً، ولم يجعل إتباع أحد عصمةً لنا، وإنما جعل عصمتنا في كتابه وفي سُنًّة نبيه صلى الله عليه و سلم، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: [إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم]، يُفهم من هذا الحديث الشريف أننا ما إن تمسكنا بكتاب الله و بسنة رسوله صلى الله عليه و سلم عُصمنا من الضلال، والانحراف، واستقمنا على الطريق الحق، وما لم نتمسك بهما فإننا سنضل، ولم يضمن لنا ربُنا سبحانه و تعالى العصمة.
أقول هذا أيها الإخوة، وأيها المسلمون، لما ترونه و يراه كلُّ ذي عينين في هذا العصر، وفي هذا المُجتمع بالذات، نجد النَّاس يلهثون و يجرون وراء أشخاصٍ يُصيبون ويخطئون، وراء أُناسٍ ربما يُريدون الخير ولم يُوفقوا إليه، أو يريدون الخير و يسعون إليه ويُوفقون، ولكن نحن وإياهم جميعاً ضمانُ العصمة لنا إنما هو بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وأنتم ترون معي العجب العُجاب في هذه الأيام، حتى إنَّ أحد أئمة الهُدى وعُلماء المُسلمين، ومن هُم من منطلق مسؤوليتهم ومكانتهم، ومن واجب النصيحة يُوجهون المُسلمين عامة، وربما لم يخطر ببالهم أنما يُوجهون كلامهم و نصيحتهم التي أوجبها الله عليهم إلى هذه الجزيرة، وإنما وجهوها إلى المسلمين عامة، إلى المسلمين كافة، إلى جميع الذين يحتكمون إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه و سلم،{ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }(النساء:59).
عجبٌ -والله-؛ ثم نجدُ من يلوي عُنقَ هذه النصيحة ويأخذ بها إلى الدفاع عن أشخاصٍ معدودين، يُعدون على الأصابع، من (لوى) عُنُقها و يقصرها على بلد مُعيَّن على مدينة مُعيَّنة، في بلد معيَّن، بل ونجد من يُحدِّدُ أولئك الأشخاص المعدودين -الذين نسأل الله لهم التوفيق و السداد، ولا يُزكَوْن و لا يُزكى غيرهم على الله جلَّ وعلا، وأمر العباد إلى الله، هو الذي يعلم سرائرهم-، يُحدد أن أولياء الله إنما هم الأشخاص الذين حددهم ولوى عُنق النصيحة، وقصرها عليهم،
يا سُبحان الله!:

ومن العجائبِ والعجائبُ جمةٌ *** قُربُ الحبيبِ وما إليه وصولُ
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ *** والماء فوقَ ظهورها محمولُ

من أين لك يا عبد الله أن تُعيِّنَ نفسك، أو أن تُعيِّن عبداً من عباد الله، المُطيعين أو الخاطئين على أن هذا عدوا لله، وأن هذا وليا لله، إذا كانوا جميعاً من المسلمين عقيدة سلف الأمة، والعقيدة التي جاء بها هذا الكتاب، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما جاءت ها سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، أن لا يشهد العبد لغيره لا بجنة ولا بنار، بل يرجوا للمحسن الخير، ويخاف على العاصي معصيته، ويرجوا للمُحسن الخير بسبب إحسانه، وبسبب طاعته، أمَّا أن يُعيِّن نفسه أو أن يُعيِّن غيره، على أنه وليٌ لله أو أنه عدوٌ لله، وكل هؤلاء من المسلمين، ولا يعلم حقيقتهم إلاَّ الله، ربما ترى العبد في ما يظهر لك مُطيعاً ولكنه عدو لله لأنَّ الله الذي يعلم حقيقته، ربما تراه عاصياً ولكنه ولياً لله ولكنهُ يحبُ الله، ومعصيته هذه ربما ذابت في بحر حسناته مما عنده من حسنات، وربما عفا الله عنه، ليس هذا إليك يا عبد الله، الذي يعلم حقيقة العباد إنما هو الله سبحانه و تعالى، الذي {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ }(غافر:19)، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }(التغابن:4- آل عمران:154)، { وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }(البقرة:216- البقرة232- آل عمران66- النور19)، قول الله عن نبيه{ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ } (الأعراف:188)، وبعد أن يقول عمر رضي الله عنه، عمر ابن الخطاب الذي شهد له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وبعد أن يقول لحُذيفة: [أسألك بالله يا حُذيفة أذكرني رسول الله صلى الله عليه و سلم في المُنافقين]، عمر يخاف على نفسه وقد بُشر بالجنة، وقد نزلت آيات كثيرة من القرآن عندما رأى عمر رأياً، إن الله قد سدده، ونزل القرآن وفق ما قال عمر، وعمر الذي يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم في حقه: [إنَّ الله قد جعل الحق على قلب عمر (ولياً) ] هذا حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم، عمر الذي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [اقتدوا بالذي من بعدي؛ أبي بكر وعمر]، ثاني اثنين بعد أبي بكر، ويقول هذا ويقول:" لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت، لأن الله يقول: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }(المائدة:27) "، أَوَ بعدَ هذا يأتي من المُسلمين، بل من طلبة العلم مع الأسف -ونسأل الله له التوفيق و التسديد – فيجهل هذه الحقيقة، فيقول:(إن لم يكن فلان و فلان أولياء لله فلا نعلم لله ولياً!!!) يا سبحان الله!،
يا هداك الله يا أخي!، راجع منهج أهل السنة و الجماعة، راجع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، لتعرف حقيقةً ربما غابت عنك، وأنت في حال انفعال، حينما قُلت هذا القول، وهي أنك لا تشهدُ لنفسك ولا تشهدُ لغيرك بأنه ولي، أو أنه من أهل الجنة، أو أنه من أهل النار، بل تعيش أنت وغيرك، بين الخوف و الرجاء، تخاف على نفسك، وترجوا رحمة ربك، وكذلك إخوانك الآخرون، يفرضُ عليهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، اللَّذان يجبُ أن تجتمع عليهما القلوب يفرضان هذا.
فإذن معشر الإخوة؛ هذه الرابطة، وهذه الآصرة، وهذه الصلة، هي التي يُجتمع عليها، وهي التي يُحكم بها، وليس الأشخاص، وليس الجماعات، وليس الأحزاب، وليس المناهج، و إنما هو منهجٌ واحد { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}، ويقول رسول الله صلى الله عليه و سلم لحُذيفة-رضي الله عنه- عندما قال وإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام –إمام على الكتاب و السُنَّة، وجماعة على الكتاب و السُنَّة-قال له:[تعتزل تلك الفِرق، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك]، يا سبحان الله، رسول الله ينصح لحذيفة، الذي كثيراً ما يسألُهُ عن الشر مخافة أن يُدركهُ، كان حذيفة وأصحابه كثيري السُؤال لرسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير وعن الشر، ليعملوا الخير وليحذروا الشر، وليبتعدوا عن الشر، لكن حذيفة-رضي الله عنه- كان أكثرهم في ذلك، يقول: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني )، فذكر الحديث وذكر سؤاله للرسول صلى الله عليه و سلم، وأنه استمر يُتابع ويسأل عن الشر، حتى لما أخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الفِرق وعن التفرق فنصحه فاستنصح له أن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، جماعة واحدة، يقول جماعة واحدة لا جماعات، بعض الناس لو استطاع أن يدوسه بأقدامه لداسهُ و والله لو وُضعت (الصمصامة) لقلناها، جماعة واحدة وما عداها فهي فِرق ضالة مُضِلة، وهم على السُبل التي حذرنا الله منها{ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }، هذه وصية الله -سبحانه وتعالى-، ووصية نبينا صلى الله عليه و سلم[فاعتزل تلك الفِرق ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك].
فلنحفظ وصيَّة الله و وصيَّة رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولنتمسك بهما، ولنعضَّ عليهما بالنواجذ، والله نسأل أن يهدينا إلى ذلك، وأن يهدينا إلى مراشد أمورنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول وأستغفر الله تعالى لي و لكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله نحمده تعالى، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده و رسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما بعد:
فأيها الإخوة؛ إنَّ الاعتصام بحبل الله جل و علا، والتمسك ببل الله سبحانه و تعالى، ونصيحة المسلم لنفسه وإخوانه، من أوجب الواجبات، ومن أهم المهمات، يجب أن ينصح المسلم لنفسه، وأن ينصح المسلم لإخوانه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:[الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة] قالها ثلاثة، فكررها لأهميتها، لا يُؤكد رسول الله صلى الله عليه و سلم ويُكرر، أو يُغير حاله حينما يكون على حال مما يدُلُ على الاهتمام أو نحو ذلك، إلاَّ لأهمية الأمر، عندما نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السبع المُوبقات، فقال [اجتنبوا السبع الموبقات]، وعدَّها ثم وصل صلى الله عليه و سلم إلى شهادة الزور، كان متكئاً فجلس، قال: [ألا وقول الزُور، ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزُور، ألا وشهادة الزُور]، حتى قال الصحابة -رضوان الله عليهم- ليته سكت، يدلُ هذا على أهمية الأمر وخطورته، وعندما قال عليه الصلاة و السلام[والله لا يُؤمن، والله لا يُؤمن، والله لا يُؤمن]، قال الصحابة خاب وخسر يا رسول الله، من هو؟، قال:[من لا يأمن جارُهُ بوائقه]، أي غدراته وشُروره، وهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يكرر [ الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة]، الصحابة رضوان الله عليهم أشفقوا، وعلموا أهمية الأمر، وخُطورة الحال، وأن هذه النصيحة هي كل شيء، وجديرة بأن تُعرف حتى يُعمل بها، فقالوا: (لمن يا رسول الله؟)، قال:[لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المُسلمين و عامتهم]، يجبُ على المُسلم أن ينصح، وأن يُوجِه بكتاب الله، وبسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وإن أوذي، وإن أتهم، وإن تُكُلِم في عرضه، وإن رُميَ بما لا يجوز أن يُرما به المُسلم، فإن ذلك لا يظيره، وقد قِيل ذلك عن رسول الله-صلى الله عليه و سلم-، قالوا عن رسول الله إنه لمجنون، وما به والله من جِنَّة، عندما أنذرهم وحذرهم.
فحينما يُقالُ يا جماعة.. يا إخوان.. أيها المسلمون.. أيها المُؤمنون.. يا دُعاة..يا قادة فكر!..يا من يجري ورائكم الشباب..يا من تُوَجهون الناس..وكانت لكم ما كانت من المكانة، إيَّاكُم أن تتكلموا عن الإسلام أو تُوجهوهم بغير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، وكتاب الله وسنة رسول يُوجبان عليكم أن تنصحوا المُسلمين بأن يتمسكوا بهما، وأن يبتعدوا عن هذه الجماعات، وعن هذه الفِرق، وعن هذه الأحزاب، وأن كل واحدٍ منَّا رادٌ ومردودٌ عليه، كما قال مالك-رحمه الله و رضي عنه-"كلٌ مِنَّا رادٌ و مردودٌ عليه، إلاَّ صاحب هذا القبر" يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحاكم يجتهد فيحكم فيُصيب، ويجتهدُ فيحكم فيُخطيء، وهو بين أجر وبين أجرين، والمُسلم يقبل النُصح، ويقبل التوجيه، ويقبل الحق ممن جاء به، لا تٌوجهوا إخوتنا وشبابنا بغير كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وجهوهم بالتمسك بكتاب الله، وبسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، وبأن يزنُوا الناس بميزان الكتاب و السنة، وتنازلوا عن كل ما يُخالف الكتاب و السنة، ومن ذلك إذا أخٌ لك ذكر خطئاً وقعت فيه فليس معناه أنهُ يُشهر بك، أو أنه لا يعترف بما عندك من استقامة، وما لديك من حق، وإنما هكذا و إلاَّ فكيف يُعرف حال المُسلمين، وهكذا صفة المُؤمنين يتنصحون، يُبيِّن بعضهم لبعض، يستدرك بعضهم على بعض، ومن استُدرك عليه وبُيِّن ما عندهُ من خطأ يقبل النصيحة، ويجتنب الخطأ ويبتعد عنه، ويشكر لأخيه، ولا يعتبر ذلك تنقيصاً له، ولا يجوز للمسلم وهو ينصح لأخيه أن ينتقص أخاه، أو أن ينال من أخيه، أو أن يتهمهُ بما هو منهُ براء، ليست هذه –والله- بأخلاق المُؤمنين، وليس هذا –أبداً-شأن المُسلمين، وإنما المُسلم والمُؤمن يُحبُ الخير لأخيه، وينصحُ لأخيه، وإذا كان أخوهُ قد أذنبَ ذنباً أو خالف مخالفةً خفيَّة بينه و بين نفسه فإنه يذهب إليه، ويُريه الشفقة و الرحمة به، ومحبة الخير له، ويُبيِّن له و ينصحُ له، وإذا كان هذا قد أخطأ خطئاً شاع وذاع بين الناس في هذه الأشرطة، أو وسائل الإعلام، أو في الكُتب، فإن النصيحة حينئذ تكون لعامة المسلمين، ولا تتعلق بشخصه فحسب، ولا مانع أن يُنصح لهُ بمفرده ويُنصح له، لكن لا يلزم أن لا يُبيَّن الحق و الصواب حتى يُستأذن أو يُنصح له، وحتى يقبل أو لا يقبل، وعليه هو أن ينتفع وأن يستفيد من النصيحة العامة، أو النصيحة الخاصة، فإذا رُدَّ عليه وبُيِّنَ خطئه في الوسائل التي أخطأ فيها، وانتشر خطئه فيها، يقبل الحق و لا يجعل هذه جناية، ويجعلها قضيَّة، ليس هذا هو خُلق المسلم أبداً، ليست هذه أخلاق المُسلمين أبداً، والتحاكم في ذلك إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه و سلم.
أسأل الله أن يُوفق إخواننا، وأن يحفظنا وإياهم بالإسلام، وأن يقينا الخطل و الزلل، وأن يقينا شر أنفُسنا و الشيطان، وأن يجعلنا هدات مُهتدين على كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، معصومين بهما-بالكتاب و السُنَّة-.
ولنصلي إخوتي على رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقد أمرنا الله بالصلاة و السلام عليه، وحثنا عليها-صلى الله عليه و سلم-، وخُصوصاً في يوم الجمعة، قال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }(الأحزاب:56)، اللهم صلي وسلم على رسولك وعبدك محمد، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
عباد الله؛ إنَّ الله يأمر بالعدل و الإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء و المُنكر و البغي، يعضكم لعلكم تذكرون، {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }(النحل:91)، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

القناص
08-27-2005, 07:11 PM
جزاك الله خيرا .....

12d8c7a34f47c2e9d3==