المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المراد بالفرقة الناجية أهل السنَّة والجماعة


كيف حالك ؟

قاسم علي
08-21-2005, 05:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة واحدة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الأنبياء/ 92].‏

وكم حاول اليهود والمنافقون تفريق المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستطيعوا قال المنافقون‏:‏ ‏{‏لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا‏}‏ ‏[‏المنافقون/ 7].‏

فرد الله عليهم بقوله‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ‏}‏ ‏[‏المنافقون/].‏

حاول اليهود تفريق المسلمين وارتدادهم عن دينهم‏:‏ ‏{‏وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران/ 72].‏

لكن الخطة لم تنجح لأن الله كشفها وفضحها‏.‏ حاولوا مرة ثانية فأخذوا يذكرون الأنصار ما جرى بينهم من عداوة وحروب قبل الإسلام وما تقاولوا به من أشعار الهجاء فيما بينهم فكشف الله خطتهم بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران/ 100].‏

إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران/ 106].‏

وجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار فوعظهم وذكرهم بنعمة الإسلام واجتماعهم به بعد الفرقة فتصافحوا وتعانقوا ‏(2)‏‏.‏ وفشلت خطة اليهود وبقي المسلمون أمة واحدة، والله تعالى أمرهم بالاجتماع على الحق ونَهَاهُم عن الاختلاف والتفرق فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ‏}‏ ‏[‏آل عمران/ 105].‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏}‏ ‏[‏آل عمران/ 103].‏

وقد شرع لهم سبحانه الاجتماع في أداء العبادات في الصلاة والصيام والحج وطلب العلم‏.‏ والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على اجتماع المسلمين وينهاهم عن التفرق والاختلاف وكان صلى الله عليه وسلم يخبر خبرًا معناه الحث على الاجتماع والنهي عن التفرق، فكان يخبر بحدوث تفرق في هذه الأمة كما حصل للأمم قبلها حيث قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي‏)‏ (3)

وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قلنا‏:‏ من هي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي‏)‏ (4)

وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم فتفرقت الأمة في أواخر عصر الصحابة ولكن هذا التفرق لم يؤثر كثيرًا في كيان الأمة طيلة عصر القرون المفضلة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ ‏(‏خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم‏)‏ ‏(5).‏

قال الراوي‏:‏ لا أدري ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة‏.‏ وذلك لوفرة العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء بما فيهم علماء التابعين وأتباع التابعين والأئمة الأربعة وتلاميذهم ولقوة دولة الإسلام في تلك القرون‏.‏ فكانت الفرقة المخالفة تجد الجزاء الرادع بالحجة والقوة‏.‏ وبعد انقضاء عصر القرون المفضلة‏.‏ اختلط المسلمون بغيرهم من أصحاب الديانات المخالفة وَعُرّبَت علوم أهل الملل الكافرة واتخذ ملوك الإسلام بعض البطانات من أهل الكفر والضلال فصار منهم الوزراء والمستشارون فاشتد الخلاف وتعددت الفرق والنحل ونجمت المذاهب الباطلة‏.‏ ولا يزال ذلك مستمرًّا إلى وقتنا هذا وإلى ما شاء الله‏.‏

ولكن بحمد الله بقيت الفرقة الناجية أهل السنَّة والجماعة متمسكة بالإسلام الصحيح تسير عليه وتدعوا إليه ولا تزال بحمد الله مصداقًا لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء هذه الفرقة واستمرارها وصمودها وذلك فضل من الله سبحانه من أجل بقاء هذه الدين وإقامة الحجة على المعاندين‏.‏

إن هذه الطائفة المباركة تمثل ما كان عليه للصحابة رضي الله عنهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم في القول والعمل والاعتقاد كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي‏)‏ ‏(6).‏

إنهم بقية صالحة من الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏هود/ 116].‏
"‏ أسماء الفرقة الناجية ومعناها ‏"‏

لما كانت هذه الفرقة هي الفرقة السالمة من الضلال تَطَلَّبَ الأمر معرفة أسمائها وعلاماتها لِيُقْتَدَى بها فلها أسماء عظيمة تميزت بها من بين سائر الفرقة، ومن أهم هذه الأسماء والعلامات‏:‏ أنها الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، أهل السنَّة والجماعة ومعانيها كما يلي‏:‏

1 - أنها الفرقة الناجية‏:‏ أي الناجية من النار حيث استثناها النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفرق وقال‏:‏ ‏(‏كلها في النار إلا واحدة‏)‏ (7)‏.‏ يعني ليست في النار‏.‏

2 - أنها تتمسك بكتاب الله وسنة رسوله‏:‏ وما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار حيث قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي‏)‏ (8).‏

3 - أن أهلها هم أهل السنَّة والجماعة‏:‏ فهم يتميزون بميزتين عظيمتين‏.‏ الميزة الأولى‏:‏ تمسكهم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى صاروا أهلها بخلاف سائر الفرق فهي تتمسك بآرائها وأهوائها وأقوال قادتها فهي لا تُنْسِبُ إلى السنَّة وإنما تُنْسَبُ إلى بِدَعِهَا وضلالاتها كالقدرية والمرجئة‏.‏ أو إلى أئمتهم كالجهمية‏.‏ أو إلى أفعالهم القبيحة كالرافضة والخوارج‏.‏ والميزة الثانية‏:‏ أنه أهل الجماعة لاجتماعهم على الحق وعد تفرقهم‏.‏ بخلاف الفرق الأخرى لا يجتمعون على حق وإنما يتبعون أهواءهم فلا حقّ يجمعهم‏.‏

4 - أنها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة‏:‏ لأنها نصرت دين الله فنصرها الله كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ‏}‏ ‏[‏محمد/ 7].‏

ولهذا قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهم على ذلك‏)‏ (9).‏
كتاب(محاضرات في العقيدة والدعوة )للعلامة الشيخ صالح الفوزان

12d8c7a34f47c2e9d3==