المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير آيات الفاتحة‏


كيف حالك ؟

قاسم علي
08-17-2005, 11:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير آيات الفاتحة‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ‏}‏ الحمد هو‏:‏ الثناء على الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه يُحمد بمعنى‏:‏ يُثنى عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى‏.‏ والحمد أعم من الشكر؛ لأن الشكر لا يكون إلا على الأفعال، وأما الحمد فيكون على الأسماء والصفات وعلى الأفعال، فالحمد أعم من الشكر‏.‏

وهذا هو الفرق بين الحمد والشكر‏.‏

و ‏"‏أل‏"‏ في قوله‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ‏}‏، للاستغراق أي‏:‏ جميع المحامد لله سبحانه وتعالى ملكًا واستحقاقًا‏.‏ فلا يستحق الحمد على الإطلاق إلا الله جل وعلا؛ لأنه هو المنعم ذو الإنعام المطلق، فله الحمد المطلق سبحانه وتعالى، ففي قوله‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ‏}‏، أي‏:‏ جميع المحامد لله سبحانه وتعالى‏.‏

وأما المخلوق فإنه يحمد على قدر ما يجري منه من الخير، ولكن الله هو الذي جعل فيه هذا الخير، فأصل الحمد، لله عز وجل‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏رَبِّ العَالَمِينَ‏}‏، الرب هو‏:‏ المربي لخلقه سبحانه وتعالى بنعمه، وهو المالك لهم، فالرب‏:‏ يطلق ويراد به المربي، ويطلق ويراد به المالك، والله هو مالك جميع الخلق، ويطلق ويراد به المصلح، والله سبحانه وتعالى هو الذي يصلح أحوال عباده ويتولاهم‏.‏

ولا يطلق لفظ الرب إلا على الله سبحانه وتعالى، أما إطلاقه على غير الله فلا بد أن يقيد بالمضاف إليه، فيقال‏:‏ رب الدار، رب الإبل، أي‏:‏ صاحبها ومالكها‏.‏

أما إذا أطلق الرب أو رب العالمين، فإنه خاص بالله سبحانه، لا يجوز وصف غيره به‏.‏

و‏{‏العَالَمِينَ‏}‏‏:‏ جمع عالم، وهو‏:‏ كل ما سوى الله سبحانه وتعالى‏.‏ والعوالم في الكون كثيرة، لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ومنها‏:‏ عالم الإنس، وعالم الجن، وعالم الملائكة، وعالم الجمادات، وعالم الحيوانات، كل أجناس الخلق يقال لها عوالم، وربها هو الله جل وعلا، لا أحد يخرج من ربوبيته سبحانه وتعالى‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}‏ عرفنا تفسيرهما في شرح البسملة‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَومِ الدِّينِ‏}‏ في قراءة ‏(‏مالك‏)‏ بالألف، وفي قراءة ‏(‏ملك‏)‏، وكلا القراءتين صحيح، فهو سبحانه مالك وملك‏.‏

‏{‏يَومِ الدِّينِ‏}‏‏:‏ المراد بالدين هنا‏:‏ الحساب والجزاء، قال تعالى‏:‏ ‏{‏كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ‏}‏ ‏[‏الانفطار‏:‏ 9‏]‏ أي الحساب والجزاء‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ‏}‏ ‏[‏الماعون‏:‏ 1‏]‏ يعني‏:‏ يكذب بالجزاء والحساب، والبعث والنشور‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ‏}‏ ‏[‏التين‏:‏ 7‏]‏ أي‏:‏ بالحساب والجزاء والمجازاة يوم القيامة‏.‏ فيوم الدين هو يوم القيامة، سمي يوم الدين؛ لأنه يوم الجزاء والحساب‏.‏

لماذا قال‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَومِ الدِّينِ‏}‏ مع أنه مالك يوم الدين وغيره‏؟‏

خص يوم الدين بالذكر؛ لأنه لا ملك في ذلك اليوم إلا لله سبحانه وتعالى، كما قال‏:‏ ‏{‏لمن الملك اليوم‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 16‏]‏، فالملوك وأفراد الناس سواء في هذا اليوم، ليس لأحد ملك إلا الله جل وعلا، فلذلك خصه به في قوله‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَومِ الدِّينِ‏}‏ وإن كان مالكًا لغيره – سبحانه وتعالى – لزوال ملك غيره فيه؛ ولهذا جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏إن الله سبحانه وتعالى يقول‏:‏ أنا الملك، أين المتكبرون‏؟‏ أين الجبارون‏؟‏‏)‏ ‏(17) وهذا كما في قوله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 16‏]‏‏.‏

يتساوى في هذا اليوم جميع الناس‏:‏ ملوكهم وعبيدهم، فقراؤهم وأغنياؤهم وأشرافهم، لا أحد يتميز عن أحد إلا بالعمل الصالح‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏

‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏ أي‏:‏ نخصك بالعبادة، وقدم إياك؛ للدلالة على الاختصاص وأنه لا يستحق العبادة أحد إلا الله سبحانه وتعالى‏.‏ وهذا من باب الحصر؛ لأن تقديم المعمول على العامل يفيد الحصر، أي‏:‏ لا يستحق العبادة إلا أنت‏.‏

‏{‏وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ أي‏:‏ نطلب الإعانة‏.‏ والاستعانة نوع من العبادة، فلماذا أفردها مع أنها داخلة في قوله‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏‏؟‏

قالوا‏:‏ هذا من عطف الخاص على العام؛ وذلك لأن العبادة حق لله جل وعلا، والاستعانة حق للمخلوق؛ إذ هو الذي يستعين بالله عز وجل ويطلب منه حوائجه‏.‏

وكرر ‏{‏إِيَّاكَ‏}‏ ولم يقل‏:‏ ‏"‏إياك نعبد ونستعين‏"‏؛ لتأكيد الاختصاص، وأنه لا يستحق العبادة ولا يستحق الاستعانة أحد إلا الله سبحانه وتعالى، فهو المعين وحده وكل الدين يدور على العبادة والاستعانة، على هاتين اللفظتين العظيمتين‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ‏}‏ هذا دعاء وهو دعاء مسألة، والذي سبق في أول السورة، وهو قوله‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ‏}‏ دعاء عبادة؛ لأن الدعاء ينقسم إلى قسمين‏:‏

دعاء عبادة، وهو‏:‏ الثناء على الله، فالثناء على الله دعاء، وهو دعاء عبادة‏.‏ ودعاء مسألة، ومنه قوله‏:‏ ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ‏}‏ إلى آخر السورة‏.‏

‏{‏اهْدِنَا‏}‏، الهداية هي‏:‏ الدلالة والإرشاد، أي‏:‏ دلنا وأرشدنا‏.‏

والهداية أربعة أقسام، لكن أهمها قسمان‏:‏

القسم الأول‏:‏ هداية الدلالة والإرشاد، وهذه عامة من جهتين‏:‏ من حيث الهدى فهي تحصل للمؤمن والكافر، والله قد هدى الكافر، بمعنى أنه دله وأرشده وبين له الطريق الحق؛ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 17‏]‏ أي‏:‏ أرشدناهم‏.‏ وهي أيضًا عامة من حيث الهادي والمرشد، فيدخل فيها الرسول ومن اتبعه‏:‏ ‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 52‏]‏

القسم الثاني‏:‏ هداية التوفيق لقبول الحق، وهذه خاصة أيضًا من جهتين‏:‏ لا تحصل إلا للمؤمن‏.‏ وهي من خصائص الله سبحانه وتعالى، ولذا نفاها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ‏}‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏اهْدِنَا‏}‏ يعم الهدايتين‏:‏ هداية الدلالة والإرشاد، وهداية التوفيق، دلنا وأرشدنا، وثبتنا ووفقنا‏.‏

‏{‏الصِّرَاطَ‏}‏ هو في اللغة‏:‏ الطريق والجادة، التي يمشي عليها الناس والحيوانات‏.‏ والمراد بالصراط هنا‏:‏ الإسلام والقرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وسمي كل من هؤلاء صراطًا وطريقًا؛ لأنه يوصل إلى الله سبحانه وتعالى‏.‏

‏{‏المُسْتَقِيمَ‏}‏ معناه‏:‏ الذي لا اعوجاج فيه ولا خفاء، مستقيم واضح لا يضل من سار عليه، بخلاف الطرق المعوجة المختلفة فإن من يسير عليها يضل، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 153‏]‏ فصراط الله واحد لا انقسام فيه، ولا اعوجاج ولا خفاء‏.‏ أما الصراط المعوج فهذا طريق الضلال، والعياذ بالله‏.‏ ولهذا لما قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ‏}‏ خط -صلى الله عليه وسلم- خطًا مستقيمًا وخط على يمينه وشماله خطوطًا كثيرة، وقال‏:‏ ‏(‏هذا صراط الله‏)‏ للخط المعتدل، وقال عن الخطوط الأخرى‏:‏ ‏(‏وهذه السبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه‏)‏ ‏(18)

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏ الصراط تارة يضيفه الله لنفسه، مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 153‏]‏ وقوله‏:‏‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏.‏ صِرَاطِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 52 - 53‏]‏ يضيفه إلى نفسه سبحانه وتعالى؛ لأنه هو الذي شرعه، ودل عليه، ووضحه للناس، ولأنه الصراط الذي يوصل إلى الله جل وعلا، فأضافه إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، ودلالة على أنه يوصل إلى الله سبحانه وتعالى‏.‏

وتارة يضيفه إلى أهله، كما في هذه الآية‏:‏ ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏ إضافة إلى الذين أنعم عليهم؛ لأنهم هم الذين يسيرون عليه بخلاف أهل الضلال فإنهم يسيرون على طرق ضالة‏.‏

‏{‏الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏‏:‏ حيث هديتهم إلى سلوك هذا الصراط ووفقتهم له، وهذه أعظم نعمة من الله سبحانه وتعالى‏.‏ ومن هم الذين أنعم الله عليهم‏؟‏ بينهم الله في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 69‏]‏

فهذا الصراط من الذي يسير عليه‏؟‏ يسير عليه الذين أنعم الله عليهم‏:‏ من النبيين، هذا الصنف هم أول من يسير عليه، والصديقين؛ لأن الصديقين هم أفضل الخلق بعد الأنبياء، والشهداء في سبيل الله بعد مرتبة الصديقين والصالحين وهم سائر المؤمنين‏.‏

فالذين يسيرون على هذا الصراط المستقيم طبقات‏:‏ أول طبقة هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم الصديقون، ثم يليهم الشهداء، ثم يليهم الصالحون من كل أمة‏.‏

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم نسير على هذا الطريق المستقيم في مرافقة هؤلاء ‏{‏وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً‏}‏ والإنسان في هذه الدنيا -وهو يسير على الطريق المستقيم- يجد مضايقات وشدائد وأذى، ويحس بغربة بين الناس، وربما نالوا منه بالضرب والتهكم، والتهديد والتنقص‏.‏

فإذا تذكر أن رفقاءه هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فإنه يطمئن ويصبر على ما يناله في سلوك هذا الصراط‏.‏

والسير على هذا الصراط محفوف بالمكاره، محفوف بالشدائد والمشاق، ليس مفروشًا بالورود، فلذا كان لا بد لسلوكه من صبر طويل، وعزم أكيد، ومما يعينك على سلوكه ويهون عليك شدائده تذكرك أنك ترافق هؤلاء، لكن هذا يحتاج إلى إيمان، وقل من يوفق لذلك ‏{‏وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 35‏]‏ فالذين أنعم الله عليهم هم‏:‏ أهل العلم النافع والعمل الصالح، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏}‏ من هم المغضوب عليهم‏؟‏ هم الذين علموا ولم يعملوا، تعلموا العلم النافع وفقهوا ولكنهم لم يعملوا بعلمهم، فهؤلاء مغضوب عليهم؛ لأنهم عصوا الله على بصيرة‏.‏ وهذا يشمل كل من لا يعمل بعلمه فإنهم مغضوب عليهم، وفي مقدمة هؤلاء اليهود؛ لأن اليهود عندهم علم، وقد سماهم الله أهل الكتاب وأهل العلم، ولكنهم لما لم يعملوا بعلمهم غضب الله عليهم، وليس هذا خاصًا بهم، بل هو عام لكل من سلك طريقهم ممن تعلم العلم ولم يعمل به‏.‏

‏{‏ولاَ الضَّالِّينَ‏}‏الضالون هم‏:‏ الذين يعملون بدون علم؛ لأنهم ليسوا على هدى مثلهم مثل من يمشي وهو لا يعرف الطريق‏.‏ أليس الذي يمشي في البر وهو لا يعرف الطريق يقال له في اللغة‏:‏ ضال‏؟‏ وأنه على خطر من الهلاك‏؟‏ فالذي يعمل بدون علم ضال في الشرع، والعياذ بالله‏.‏

وإن كان يعمل ويتعب نفسه ويتقرب إلى الله ويبكي ويصيح، يريد الجنة، لكنه لما كان يسير على غير طريق صحيح لم ينفعه ذلك، ويدخل في الضالين‏:‏ النصارى؛ لعملهم بدون علم ويدخل فيها الخرافيون والمبتدعة؛ لأنهم يعملون بدون علم‏.‏

فالمصلي والقارئ لسورة الفاتحة يسأل الله أن يجنبه طريق هذين الصنفين‏:‏ الذين معهم علم ولا يعملون به، والذين معهم عمل ولكن بدون علم‏.‏

وتوجد الآن بعض الجماعات تزهد في العلم وتعلمه، يقولون للناس اشتغلوا بالعبادة والذكر، واخرجوا في سبيل الله، ويعنون بسبيل الله‏:‏ الخروج والسفر والتجول في البلدان، ويزهدون في طلب العلم ويهونون من شأنه وشأن أهله‏!‏ وهذا الطريق ضلال، والعياذ بالله‏.‏ فلا بد من العلم أولاً؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ‏}‏ فبدأ بالعلم قبل القول والعمل‏.‏

وقد دلت الآيات السابقة على أن الناس بالنسبة إلى العلم والعمل ثلاثة أصناف‏.‏

فالذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح هم الذين أنعم الله عليهم‏.‏ الذين تسأل الله –في هذه السورة- أن يهديك صراطهم‏.‏

والذين أخذوا العلم وتركوا العمل، هم المغضوب عليهم من أي ملة ومن أي دين‏.‏

والذين أخذوا العمل وتركوا العلم هم الضالون، وكلا الفريقين خاسر‏.‏ نسأل الله العافية‏.‏

فإذا تأملت هذه السورة أدركت السر في عظمتها، وأن الله ما جعلها تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة إلا لمكانتها وعظمتها بين سائر السور‏.‏

ومن ذلك ما تشتمل عليه هذه السورة من هذا الدعاء العظيم‏:‏ دعاء العبادة في أولها، ودعاء المسألة في آخرها، فهي كلها دعاء، ولهذا يستحب في الصلاة إذا فرغ المصلي من قراءتها أن يقول‏:‏ آمين ‏(‏الإمام والمأموم والمنفرد يستحب لهم ذلك‏)‏، وآمين معناه‏:‏ اللهم استجب، أي استجب هذا الدعاء، فهو تأمين على دعاء هذه السورة‏.‏ وآمين ليست واجبة في الصلاة ويستحب أن يجهر بآمين، في الصلاة الجهرية سواء كان إمامًا أم مأمومًا أم منفردًا‏.‏

أما إذا كان يقرأ سرًا فإنه يسر بها‏.‏
كتاب (دروس من القرآن )الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه اللهhttp://www.alfuzan.net/

قاسم علي
08-19-2005, 10:40 PM
لللللللللللللللللللللرفع

12d8c7a34f47c2e9d3==